الموضوع: سورة محمد
عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 28 محرم 1434هـ/11-12-2012م, 12:45 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

قوله تعالى:{فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّىٰ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ۚ ذَٰلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَٰكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ ۗ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4)}


قال محمد بن كثيرٍ العَبْدي (ت:223هـ) عن همّام بن يحيى البصري قال: (قوله عز وجل: {حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء رخص الله لهم أن يمنوا على من شاءوا منهم ويأخذوا الفداء منهم إذا أثخنتموهم} ثم نسخ ذلك في براءة فقال: {اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} ). [الناسخ والمنسوخ لقتادة: 1/47]
قَالَ أَبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ (ت: 320 هـ): (وجميعها محكم غير آية واحدة وهي قوله تعالى: {فإما منا بعد وإما فداء ...} [5 / محمد / 47] نسخ المن والفداء بآية السيف ). [الناسخ والمنسوخ لابن حزم:56- 57]
قالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النَّحَّاسُ (ت: 338 هـ): (باب ذكر الموضع الأوّل منها
قال عزّ وجلّ {فإذا لقيتم الّذين كفروا فضرب الرّقاب حتّى إذا أثخنتموهم فشدّوا الوثاق فإمّا منًّا بعد وإمّا فداءً حتّى تضع الحرب أوزارها} [محمد: 4]
في هذه الآية خمسة أقوالٍ
من العلماء من قال: هي منسوخةٌ وهي في أهل الأوثان لا يجوز أن يفادوا ولا يمنّ عليهم والنّاسخ لها عندهم {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} [التوبة: 5]
ومنهم من قال: هي في الكفّار جميعًا وهي منسوخةٌ.
ومنهم من قال: هي ناسخةٌ لا يجوز أن يقتل الأسير ولكن يمنّ عليه أو يفادى به.
ومنهم من قال: لا يجوز الأسر إلّا بعد الإثخان والقتل، فإذا أسر العدوّ بعد ذلك فللإمام أن يحكم فيه بما رأى من قتلٍ أو منٍّ أو مفاداةٍ .
والقول الخامس: إنّها محكمةٌ غير ناسخةٍ ولا منسوخةٍ والإمام مخيّرٌ أيضًا فممّن قال القول ابن جريجٍ وجماعةٌ معه من ذلك "
ما حدّثنا الحسن بن غليبٍ، عن يوسف بن عديٍّ، قال حدّثنا ابن المبارك، عن ابن جريجٍ، {فإمّا منًّا بعد وإمّا فداءً} [محمد: 4] قال: " نسخها {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} [التوبة: 5] "
قال أبو جعفرٍ: وهذا معروفٌ من قول ابن جريجٍ، إنّ الآية منسوخةٌ وإنّها في كفّار العرب وهو قول السّدّيّ وكثيرٍ من الكوفيّين.
والقول الثّاني: إنّها في جميع الكفّار وإنّها منسوخةٌ قول جماعةٍ من العلماء وأهل النّظر.
وقالوا: إذا أسر المشرك لم يجز أن يمنّ عليه ولا أن يفادى به فيردّ إلى المشركين ولا يجوز عندهم أن يفادى إلّا بالمرأة؛ لأنّها لا تقتل، والنّاسخ لها {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} [التوبة: 5] إذ كانت براءة آخر ما نزل بالتّوقيف فوجب أن يقتل كلّ مشركٍ إلّا من قامت الدّلالة على تركه من النّساء والصّبيان، ومن تؤخذ منه الجزية.

قالوا: والحجّة لنا في قتل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عقبة بن أبي معيطٍ وأبا عزّة .
قيل: فإنّ هذين وغيرهما أهل أوثانٍ وبراءةٌ نزلت بعدها؛ لأنّ عقبة قتل يوم بدرٍ وأبا عزّة يوم أحدٍ، قالوا: فليس في هذا حجّةٌ، فقيل فإن ثبت في هذا حجّةٌ فهو القتل كما هو.

فأمّا الاحتجاج بما فعله أبو بكرٍ وعمر وعليّ رضي اللّه عنهم من المنّ فليس فيه حجّةٌ؛ لأنّ أبا بكرٍ إنّما منّ على الأشعث؛ لأنّه مرتدٌّ فحكمه أن يستتاب وإنّما منّ عمر على الهرمزان؛ لأنّه احتال عليه بأن قال: له " اشرب فلا بأس عليك، فقال له: قد أمّنتني
وعليّ بن أبي طالبٍ إنّما منّ على قومٍ من المسلمين يشهدون شهادة الحقّ ويصلّون ويصومون.
قال أبو أمامة: كنت معه بصفّين فكان إذا جيء بأسير استحلفه أن لا يكثر عليه ودفع إليه أربعة دراهم فخلّاه وكان هذا مذهبه أن لا يقتل الأسير من المسلمين ولا يغنم ماله ولا يتبعه إذا ولّى ولا يجهز على جريحٍ، فكانت هذه سنّته في قتال من بغى من أهل القبلة
قال أبو جعفرٍ: وحدّثنا أحمد بن محمّد بن نافعٍ، قال: حدّثنا سلمة، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، {فإمّا منًّا بعد وإمّا فداءً} [محمد: 4] قال: " نسخها {فشرّد بهم من خلفهم} [الأنفال: 57]
وقال مجاهدٌ
«نسخها {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} [التوبة: 5] » وهو قول الحكم
والقول الثّالث: إنّها ناسخةٌ قول الضّحّاك وجماعةٍ غيره ، كما روى الثّوريّ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، {فاقتلوا المشركين حيث
وجدتموهم} [التوبة: 5] قال: " نسخها {فإمّا منًّا بعد وإمّا فداءً} [محمد: 4]
ومن ذلك ما حدّثناه أبو جعفرٍ قال حدّثناه الحسن بن غليبٍ، عن يوسف بن عديٍّ، قال: حدّثنا ابن المبارك، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ، {فإمّا منًّا بعد وإمّا فداءً} [محمد: 4] قال: «فلا يقتل المشرك ولكن يمنّ عليه ويفادى إذا أسر كما قال جلّ وعزّ»
وقال الأشعث: كان الحسن يكره أن يقتل الأسير ويتلو {فإمّا منًّا بعد وإمّا فداءً} [محمد: 4].
والقول الرّابع: رواه شريكٌ، عن سالمٍ الأفطس، عن سعيد بن جبيرٍ قال: «لا يكون فداءٌ ولا أسرٌ إلّا بعد الإثخان والقتل بالسّيف»
والقول الخامس : قاله كثيرٌ من العلماء
كما حدّثنا بكر بن سهلٍ، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، {فإمّا منًّا بعد وإمّا فداءً} [محمد: 4] قال: «فجعل اللّه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم والمؤمنين بالخيار في الأسارى إن شاءوا قتلوهم وإن شاءوا استعبدوهم وإن شاءوا فادوا بهم»
قال أبو جعفرٍ: وهذا على أنّ الآيتين محكمتان معمولٌ بهما وهو قولٌ حسنٌ؛ لأنّ النّسخ إنّما يكون بشيءٍ قاطعٍ فإذا أمكن العمل بالآيتين فلا معنى للقول بالنّسخ إذ كان يجوز أن يقع التّعبّد إذا لقينا الّذين كفروا قبل الأسر قتلناهم، فإذا كان الأسر جاز القتل والمفاداة، والمنّ على ما فيه الصّلاح للمسلمين .
وهذا القول يروى عن أهل المدينة، والشّافعيّ، وأبي عبيدٍ، وباللّه التّوفيق). [الناسخ والمنسوخ للنحاس: 3/4-12]
قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلامَةَ بنِ نَصْرٍ المُقْرِي (ت: 410 هـ): (الأولى منها قوله تعالى {فإمّا منّاً بعد وإمّا فداء} نسختها آية السّيف وفي نسخة أخرى أنّها نسخت بالآية الّتي في سورة الأنفال وهي قوله تعالى {إذ يوحي ربك إلى الملائكة} إلى قوله {كل بنان}). [الناسخ والمنسوخ لابن سلامة: 165]
قَالَ مَكِّيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : (قوله تعالى: {فإذا لقيتم الّذين كفروا فضرب الرّقاب}، إلى قوله: {أوزارها}:
قال ابن حبيب: نسخها: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} [التوبة: 5] قال: وهي في أهل الأوثان من كفّار العرب، فلا يجوز أن يمنّ عليهم، ولا يفادوا - قاله السّدّي وغيره -.
وقيل: هي عامةٌ في جميع الكفار، وهي منسوخة بالأمر بالقتال في براءة، ولا يجوز أن يمنّ على مشركٍ ولا يفادى به إلاّ من لا يجوز قتله كالصبيّ والمرأة.
وقال الضّحاك: هذه الآية ناسخةٌ لقوله: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم}، - وقاله عطاء - وقالا: لا يقتل المشرك صبرًا ولكن يمنّ عليه أو يفادى به إذا أسر - وهو قول شاذ -.
وعن ابن عباسٍ أنه قال: خيّر النبيّ عليه السلام في الأسرى بين الفداء والقتل والمن والاستعباد يفعل ما يشاء. وعلى هذا القول عامة العلماء - وهو الصواب إن شاء الله - فالآيتان محكمتان.).[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 413-415]
قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): (ذكر الآية الأولى: قوله تعالى: {فإمّا منّاً بعد وإمّا فداءً} فيها قولان:
أحدهما: أنّها محكمةٌ، وأنّ حكم المنّ والفداء باقٍ لم ينسخ، وهذا مذهب ابن عمر والحسن وابن سيرين، ومجاهدٍ، وأحمد، والشّافعيّ.
والثّاني: أنّ المنّ والفداء نسخ بقوله: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} وهذا مذهب ابن جريجٍ والسّدّيّ، وأبي حنيفة.
أخبرنا عبد الوهّاب، قال: أبنا أبو الفضل بن خيرون، وأبو طاهرٍ الباقلاويّ، (قالا) : أبنا ابن شاذان، قال: أبنا أحمد بن كاملٍ، قال: حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي عن أبيه عن جدّه، عن ابن عبّاسٍ {فإمّا منّاً بعد وإمّا فداءً} قال: الفداء منسوخٌ نسختها {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم}.
أخبرنا بن ناصرٍ، قال: أبنا ابن أيّوب، قال: أبنا ابن شاذان، قال: أبنا أبو بكرٍ النجاد، قال: بنا أبو داود السجستاني، قال: بنا ابن السّرح قال: حدّثني خالد بن بزار، قال: حدّثني إبراهيم بن طهمان، عن حجاج ابن الحجّاج الباهليّ عن قتادة {فإمّا منّاً بعد وإمّا فداءً} قال: كان أرخص لهم أن يمنّوا على من شاءوا ويأخذوا الفداء إذا أثخنوهم، ثمّ نسخ، فقال: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم}.
أخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: أبنا عمر بن عبيد اللّه، قال: أبنا ابن بشران، قال: أبنا إسحاق بن أحمد، قال: بنا عبد اللّه بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال: بنا عبد الوهّاب، عن سعيدٍ عن قتادة {فإمّا منّاً بعد وإمّا فداءً} قال: نسخ ذلك في براءةٍ: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم}.
قال: أحمد: وبنا عبد الصّمد، عن همّامٍ عن قتادة، قال: رخّص له أن يمنّ على من يشاء منهم بأخذ الفداء ثمّ نسخ ذلك بعد في براءةٍ، فقال: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم}.
قال أحمد: وبنا حجاج، قال: بنا سفيان، قال: سمعت السّدّيّ، قال: {فإمّا منّاً بعد وإمّا فداءً} قال: نسختها {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم}.
قال أحمد: وبنا حجاج، قال: بنا سفيان، قال: سمعت السّدّيّ، قال: {فإمّا منًّا بعد وإمّا فداءً} قال: نسختها {اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم}.
قال أحمد وبنا معاوية بن عمرو، قال: بنا أبو إسحاق عن سفيان عن ليثٍ عن مجاهدٍ أنّه قال: هي منسوخة لا يفادون، ولا يرسلون.
قال أحمد: وبنا حجاج قال بنا شريكٌ عن سالمٍ عن (سعيدٍ) قال: "يقتل أسرى الشّرك، ولا يفادون حتّى يثخن فيهم القتل").[نواسخ القرآن: 466-468]
قالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنِ الْجَوْزِيِّ (ت:597هـ): ({فإمّا منّاً بعد وإمّا فداءً} فيها قولان
أحدهما أنها محكمة؛ ولأن الحكم المنّ والفداء باقٍ لم ينسخ وهذا مذهب أحمد والشافعي
والثاني أنه نسخ بقوله {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} . وهو قول أبي حنيفة).
[المصَفَّى بأكُفِّ أهلِ الرسوخ: 53]

قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): ( وقال ابن جريج والسدي وغيرهما في قوله عز وجل:
{فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب..} إلى قوله عز وجل: {.. حتى تضع الحرب أوزارها} الآية [محمد: 4] نسخ جميع ذلك بآية السيف، فلا يجوز المن على المشرك ولا الفداء إلا على من لا يجوز قتله كالصبي والمرأة.
وقال الضحاك وعطاء: هذه الآية ناسخة لقوله عز وجل: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} الآية [التوبة: 5] فلا يقتل مشرك صبرا، لكن يمن عليه ويفادى به إذا أسر، وهذا يدلك على أنهم تكلموا في النسخ بالظن والاجتهاد، فمن ثم قال قوم: هو منسوخ، وقال قوم: بل هو ناسخ.
وقال عامة العلماء: بأن لا نسخ، والنبي صلى الله عليه وسلم مخير بين الفداء والمن والقتل والاسترقاق، وروي مثل هذا عن ابن عباس رحمه الله ). [جمال القراء: 1/367-368]

روابط ذات صلة:
- أقوال المفسرين


رد مع اقتباس