عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 3 محرم 1436هـ/26-10-2014م, 08:19 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عزّ وجلّ: {واللّيل إذا يغشى * والنّهار إذا تجلّى * وما خلق الذّكر والأنثى * إنّ سعيكم لشتّى * فأمّا من أعطى واتّقى * وصدّق بالحسنى * فسنيسّره لليسرى * وأمّا من بخل واستغنى * وكذّب بالحسنى * فسنيسّره للعسرى * وما يغني عنه ماله إذا تردّى * إنّ علينا للهدى * وإنّ لنا للآخرة والأولى * فأنذرتكم نارًا تلظّى * لا يصلاها إلّا الأشقى * الّذي كذّب وتولّى * وسيجنّبها الأتقى * الّذي يؤتي ماله يتزكّى * وما لأحدٍ عنده من نّعمةٍ تجزى * إلّا ابتغاء وجه ربّه الأعلى * ولسوف يرضى}
أقسم اللّه تعالى بالليل إذا غشى الأرض وجميع ما فيها، وبالنهار إذا تجلّى، أي: ظهر وضوّأ الآفاق، ومنه قول الشاعر:
تجلّى السّرى من وجهه عن صبيحةٍ.......على السّير مشراقٍ كريمٍ شجونها). [المحرر الوجيز: 8/ 632]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (3)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وما خلق الذّكر والأنثى} يحتمل أن تكون (ما) بمعنى (الذي)، كما قالت العرب: (سبحان ما سبّح الرّعد بحمده). وقال أبو عمرٍو وأهل مكّة: يقولون للرعد: (سبحان ما سبّحت له). ويحتمل أن تكون (ما) مصدريةً، وهو مذهب الزّجّاج.
وقرأ جمهور الصحابة: {وما خلق الذّكر}، وقرأ عليّ بن أبي طالبٍ، وابن عبّاسٍ، وعبد اللّه بن مسعودٍ، وأبو الدّرداء - وسمعها من النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم - وعلقمة، وأصحاب عبد اللّه: (والذّكر والأنثى) وسقط عندهم: (وما خلق).
وذكر ثعلبٌ أنّ من السّلف من قرأ: (وما خلق الذّكر والأنثى) بخفض (الذّكر) على البدل من (ما) على أن التقدير: وما خلق اللّه. وقراءة عليٍّ رضي اللّه عنه: (ومن ذكرٍ) تشهد لهذه، وقال الحسن: المراد هنا بالذكر والأنثى آدم وحوّاء عليهما السلام. وقال غيره: هو عامٌّ). [المحرر الوجيز: 8/ 632-633]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (4)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و(السّعي) العمل، فأخبر اللّه تعالى مقسمًا أنّ أعمال العباد شتّى، أي: مفترقةٌ جدًّا؛ بعضها في رضى اللّه تعالى، وبعضها في سخطه). [المحرر الوجيز: 8/ 633]

تفسير قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم قسّم تعالى الساعين، فذكر أنّ من أعطى - وظاهر ذلك إعطاء المال، وهي أيضًا تتناول إعطاء الحقّ في كلّ شيءٍ؛ قولٍ أو فعلٍ، وكذلك البخل المذكور بعد - يكون بالإيمان وغيره من الأقوال التي حقّ الشريعة ألاّ يبخل بها.
ويروى أن هذه الآية نزلت في أبي بكرٍ الصدّيق رضي اللّه عنه؛ وذلك أنه كان يعتق ضعفة العبيد الذين أسلموا، وكان ينفق في رضى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ماله، وكان الكفار بضدّ ذلك، وهذا قول من قال إنّ السورة كلّها مكّيّةٌ.
قال عبد اللّه بن أبي أوفى: «هذه السورة في أبي بكرٍ الصديق رضي اللّه عنه، وأبي سفيان بن حربٍ». وقال مقاتلٌ: «مرّ أبو بكرٍ رضي اللّه عنه على أبي سفيان وهو يعذّب بلالًا، فاشتراه منه».
وقال السّدّيّ: نزلت هذه الآية بسبب أبي الدّحداح الأنصاريّ رضي اللّه عنه، وذلك أنّ نخلةً لبعض المنافقين كانت مطلّةً على دار امرأةٍ من المسملين لها أيتامٌ، فكان الثّمر يسقط عليهم فيأكلونه، فمنعهم المنافق من ذلك، واشتدّ عليهم، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «بعنيها بنخلةٍ في الجنّة». فقال: لا أفعل. فبلغ ذلك أبا الدّحداح، فذهب إليه واشترى منه النخلة بحائطٍ له، وجاء إلى النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: يا رسول اللّه، أنا أشتري النخلة التي في الجنة بهذه. ففعل ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يمرّ على ذلك الحائط الذي أعطى أبو الدّحداح، وقد تعلّقت أقناؤه، ويقول: «وكم قنوٍ تعلّق لأبي الدّحداح في الجنّة».
وفي البخاريّ أنّ هذا اللفظ كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقوله في الأقناء التي كان أبو الدّحداح يعلّقها في المسجد صدقةً، وهذا كلّه قول من يقول: بعض السورة مدنيٌّ). [المحرر الوجيز: 8/ 633-634]

تفسير قوله تعالى: {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (واختلف الناس في (الحسنى) في هذه السورة؛ فقال أبو عبد الرحمن السّلميّ وغيره: «هي لا إله إلا اللّه». وقال ابن عبّاسٍ، وعكرمة، وجماعةٌ: «هي الخلف الذي وعد اللّه به». وذلك نصٌّ في حديث الملكين؛ إذ يقول أحدهما: اللّهمّ أعط منفقًا خلفًا. ويقول الآخر: اللّهمّ أعط ممسكًا تلفًا. وقال مجاهدٌ، والحسن، وجماعةٌ:« الحسنى: الجنّة». وقال كثيرٌ من المتأولين: الحسنى: الأجر والثواب مجملًا). [المحرر الوجيز: 8/ 634-635]

تفسير قوله تعالى: {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {فسنيسّره لليسرى} معناه: سيظهر تيسيرنا بما يتدرّج فيه من أعمال الخير. وحتم تيسيره قد كان في علم اللّه تعالى أزلًا.
و(اليسرى): الحال الحسنة المرضيّة في الدنيا والآخرة ، و(العسرى) الحال السيّئة في الدنيا والآخرة، ولا بدّ). [المحرر الوجيز: 8/ 635]

تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ومن جعل {بخل} في المال خاصّةً جعل (استغنى) في المال أيضًا؛ لتعظم المذمّة، ومن جعل {بخل} عامًّا في جميع ما ينبغي أن نبذل من قولٍ وفعلٍ، قال: (استغنى) عن اللّه تعالى ورحمته بزعمه). [المحرر الوجيز: 8/ 635]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9)}

تفسير قوله تعالى: {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10)}

تفسير قوله تعالى: {وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى (11)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثمّ وقف تعالى على موضع غناء ماله عنه وقت تردّيه، وهذا يدلّ على أنّ الإعطاء والبخل المذكورين إنما هما في المال.
واختلف الناس في معنى {تردّى}؛ فقال قتادة وأبو صالحٍ: معناه: تردّى في جهنّم، أي: سقط من حافّاتها. وقال مجاهدٌ: {تردّى} معناه: هلك من الرّدى. وقال قومٌ: معناه: تردّى بأكفانه من الرّداء، ومنه قول مالك بن الرّيب:
وخطّا بأطراف الأسنّة مضجعي.......وردّا على عينيّ فضل ردائيا
ومنه قول الآخر:
نصيبك ممّا تجمع الدّهر كلّه.......رداءان تلوى فيهما وحنوط). [المحرر الوجيز: 8/ 635]


رد مع اقتباس