عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 6 ربيع الأول 1440هـ/14-11-2018م, 04:17 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآَتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (24) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (25) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {وله الجوار المنشآت} يعني: السّفن الّتي تجري في البحر، قال مجاهدٌ: ما رفع قلعه من السّفن فهي منشأةٌ، وما لم يرفع قلعه فليس بمنشأةٍ، وقال قتادة: {المنشآت} يعني المخلوقات. وقال غيره: المنشآت -بكسر الشّين- يعني: البادئات.
{كالأعلام} أي: كالجبال في كبرها، وما فيها من المتاجر والمكاسب المنقولة من قطرٍ إلى قطرٍ، وإقليمٍ إلى إقليمٍ، ممّا فيه من صلاحٍ للنّاس في جلب ما يحتاجون إليه من سائر أنواع البضائع؛ ولهذا قال [تعالى] {فبأيّ آلاء ربّكما تكذّبان}.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا موسى بن إسماعيل، حدّثنا حمّاد بن سلمة، حدّثنا العرّار بن سويدٍ، عن عميرة بن سعدٍ قال: كنت مع عليّ بن أبي طالبٍ، رضي اللّه عنه، على شاطئ الفرات إذ أقبلت سفينةٌ مرفوعٌ شراعها، فبسط على يديه ثمّ قال: يقول اللّه عزّ وجلّ: {وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام}. والّذي أنشأها تجري في [بحرٍ من] بحوره ما قتلت عثمان، ولا مالأت على قتله). [تفسير ابن كثير: 7/ 493-494]

تفسير قوله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (28) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({كلّ من عليها فانٍ (26) ويبقى وجه ربّك ذو الجلال والإكرام (27) فبأيّ آلاء ربّكما تكذّبان (28) يسأله من في السّموات والأرض كلّ يومٍ هو في شأنٍ (29) فبأيّ آلاء ربّكما تكذّبان (30)}
يخبر تعالى أنّ جميع أهل الأرض سيذهبون ويموتون أجمعون، وكذلك أهل السموات، إلّا من شاء اللّه، ولا يبقى أحدٌ سوى وجهه الكريم؛ فإنّ الرّبّ -تعالى وتقدّس- لا يموت، بل هو الحيّ الّذي لا يموت أبدًا.
قال قتادة: أنبأ بما خلق، ثمّ أنبأ أنّ ذلك كلّه كان.
وفي الدّعاء المأثور: يا حيّ، يا قيّوم، يا بديع السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، لا إله إلّا أنت، برحمتك نستغيث، أصلح لنا شأننا كلّه، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عينٍ، ولا إلى أحدٍ من خلقك.
وقال الشّعبيّ: إذا قرأت {كلّ من عليها فانٍ}، فلا تسكت حتّى تقرأ: {ويبقى وجه ربّك ذو الجلال والإكرام}.
وهذه الآية كقوله تعالى: {كلّ شيءٍ هالكٌ إلا وجهه} [القصص:88]، وقد نعت تعالى وجهه الكريم في هذه الآية الكريمة بأنّه {ذو الجلال والإكرام} أي: هو أهلٌ أن يجلّ فلا يعصى، وأن يطاع فلا يخالف، كقوله: {واصبر نفسك مع الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه} [الكهف:28]، وكقوله إخبارًا عن المتصدّقين: {إنّما نطعمكم لوجه اللّه} [الإنسان:9]
قال ابن عبّاسٍ: {ذو الجلال والإكرام} ذو العظمة والكبرياء.
ولـمّا أخبر عن تساوي أهل الأرض كلّهم في الوفاة، وأنّهم سيصيرون إلى الدّار الآخرة، فيحكم فيهم ذو الجلال والإكرام بحكمه العدل قال: {فبأيّ آلاء ربّكما تكذّبان}).[تفسير ابن كثير: 7/ 494]

تفسير قوله تعالى: {يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (29) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {يسأله من في السّموات والأرض كلّ يومٍ هو في شأنٍ} وهذا إخبارٌ عن غناه عمّا سواه وافتقار الخلائق إليه في جميع الآنات، وأنّهم يسألونه بلسان حالهم وقالهم، وأنّه كلّ يومٍ هو في شأن.
قال الأعمش، عن مجاهدٍ، عن عبيد بن عميرٍ: {كلّ يومٍ هو في شأنٍ}، قال: من شأنه أن يجيب داعيًا، أو يعطي سائلًا أو يفكّ عانيًا، أو يشفي سقيمًا.
وقال ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قال: كلّ يومٍ هو يجيب داعيًا، ويكشف كربًا، ويجيب مضطرًّا ويغفر ذنبًا.
وقال قتادة: لا يستغني عنه أهل السموات والأرض، يحيي حيًّا، ويميت ميّتًا، ويربّي صغيرًا، ويفكّ أسيرًا، وهو منتهى حاجات الصّالحين وصريخهم، ومنتهى شكواهم.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا أبو اليمان الحمصيّ، حدثنا حرير بن عثمان، عن سويد بن جبلة -هو الفزاريّ-قال: إنّ ربّكم كلّ يومٍ هو في شأنٍ، فيعتق رقابًا، ويعطي رغابًا، ويقحم عقابًا.
وقال ابن جريرٍ: حدّثني عبد اللّه بن محمّد بن عمرٍو الغزّي، حدّثني إبراهيم بن محمّد بن يوسف الفريابيّ، حدّثني عمرو بن بكرٍ السّكسكي، حدّثنا الحارث بن عبدة بن رباحٍ الغسّانيّ، عن أبيه، عن منيب بن عبد اللّه بن منيبٍ الأزديّ، عن أبيه قال: تلا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم هذه الآية: {كلّ يومٍ هو في شأنٍ}، فقلنا: يا رسول اللّه، وما ذاك الشّأن؟ قال: "أن يغفر ذنبًا، ويفرّج كربًا، ويرفع قومًا، ويضع آخرين ".
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا هشام بن عمّارٍ، وسليمان بن أحمد الواسطيّ قالا حدّثنا الوزير بن صبيح الثّقفيّ أبو روحٍ الدّمشقيّ -والسّياق لهشامٍ-قال: سمعت يونس بن ميسرة بن حلبس، يحدّث عن أمّ الدّرداء عن أبي الدّرداء، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "قال اللّه عزّ وجلّ: {كلّ يومٍ هو في شأنٍ} قال: "من شأنه أن يغفر ذنبًا، ويفرّج كربًا، ويرفع قومًا، ويضع آخرين ".
وقد رواه ابن عساكر من طرقٍ متعدّدةٍ، عن هشام بن عمّارٍ، به. ثمّ ساقه من حديث أبي همّامٍ الوليد بن شجاعٍ، عن الوزير بن صبيح قال: ودلّنا عليه الوليد بن مسلمٍ، عن مطرّف، عن الشّعبيّ، عن أمّ الدّرداء، عن أبي الدّرداء، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فذكره. قال: والصّحيح الأوّل. يعني إسناده الأوّل.
قلت: وقد روي موقوفًا، كما علّقه البخاريّ بصيغة الجزم، فجعله من كلام أبي الدّرداء، فالله أعلم.
وقال البزّار: حدّثنا محمّد بن المثنّى، حدّثنا محمّد بن الحارث، حدّثنا محمّد بن عبد الرّحمن بن البيلمانيّ، عن أبيه عن ابن عمر، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: {كلّ يومٍ هو في شأنٍ}، قال: "يغفر ذنبًا، ويكشف كربًا".
ثمّ قال ابن جريرٍ: وحدّثنا أبو كريب، حدّثنا عبيد اللّه بن موسى، عن أبي حمزة الثّمالي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاسٍ، أنّ اللّه خلق لوحًا محفوظًا من درّةٍ بيضاء، دفّتاه ياقوتةٌ حمراء، قلمه نورٌ، وكتابه نورٌ، عرضه ما بين السّماء والأرض، ينظر فيه كلّ يوم ثلثمائة وستّين نظرةً، يخلق في كلّ نظرةٍ، ويحيي ويميت، ويعزّ ويذلّ، ويفعل ما يشاء). [تفسير ابن كثير: 7/ 494-496]

تفسير قوله تعالى: {فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (30) }

رد مع اقتباس