عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 4 ربيع الأول 1440هـ/12-11-2018م, 05:57 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا (1) فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا (2) فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا (3) فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا (4) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ (5) وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ (6) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {والذاريات ذروا * فالحاملات وقرا * فالجاريات يسرا * فالمقسمات أمرا * إنما توعدون لصادق * وإن الدين لواقع * والسماء ذات الحبك * إنكم لفي قول مختلف * يؤفك عنه من أفك * قتل الخراصون * الذين هم في غمرة ساهون * يسألون أيان يوم الدين * يوم هم على النار يفتنون * ذوقوا فتنتكم هذا الذي كنتم به تستعجلون * إن المتقين في جنات وعيون * آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين}
أقسم الله تعالى بهذه المخلوقات تنبيها عليها، وتشريفا لها، ودلالة على الاعتبار فيها، حتى يصير الناظر فيها إلى توحيد الله تعالى.
و"الذاريات": الرياح، بإجماع من المتأولين، يقال: ذرت الريح وأذرت بمعنى، وفي الرياح معتبر من شدتها حينا، ولينها حينا، وكونها مرة رحمة ومرة عذابا إلى غير ذلك، و"ذروا" نصب على المصدر.
و"الحاملات وقرا" قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: هي السحاب الموقرة بالماء، وقال ابن عباس رضي الله عنهما، وغيره: هي السفن الموقرة بالناس وأمتاعهم، وقال جماعة من العلماء: هي أيضا -مع هذا- جميع الحيوان الحامل، وفي جميع ذلك معتبر، و"وقرا" مفعول صريح.
و"الجاريات يسرا" قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وغيره: هي السفن في البحر، وقال آخرون: هي السحاب بالريح، وقال آخرون: هي الجواري من الكواكب، واللفظ يقتضي جميع هذا، و"يسرا" نعت لمصدر محذوف، وصفات المصادر المحذوفة تعود أحوالا، و: "يسرا" معناه: بسهولة وقلة تكلف.
و"المقسمات أمرا": الملائكة، و"الأمر" هنا اسم الجنس، فكأنه تعالى قال: والجماعات التي تقسم أمور الملكوت من الأرزاق والآجال والخلق في الأرحام وأمر الرياح وغير ذلك; لأن كل هذا إنما هو بملائكة تخدمه، فالآية تتضمن جميع الملائكة لأنهم كلهم في أمور مختلفة، وأنث "المقسمات" من حيث أراد الجماعات، وقال أبو الطفيل عامر بن واثلة: كان علي رضي الله عنه على المنبر، فقال: لا تسألوني عن آية من كتاب الله تعالى أو سنة ماضية إلا قلت، فقام إليه ابن الكواء فسأله عن هذه، فقال: الذاريات الرياح، والحاملات: السحاب، والجاريات: السفن، والمقسمات: الملائكة، ثم قال له: سل سؤال تعلم ولا تسأل سؤال تعنت.
وهذا القسم واقع على قوله تعالى: {إنما توعدون لصادق}، و"توعدون" يحتمل أن يكون من الإيعاد، ويحتمل أن يكون من الوعد، وأيهما; كان فالوصف له بالصدق صحيح، و"صادق" هنا موضوع بدل "صدق" وضع الاسم موضع المصدر.
و"الدين": الجزاء، وقال مجاهد: الحساب، والأظهر في الآية أنها للكفار وأنها وعيد محض بيوم القيامة). [المحرر الوجيز: 8/ 61-62]

رد مع اقتباس