عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 25 ذو الحجة 1439هـ/5-09-2018م, 08:58 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (115)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فكلوا ممّا رزقكم اللّه حلالا طيّبًا واشكروا نعمة اللّه إن كنتم إيّاه تعبدون (114) إنّما حرّم عليكم الميتة والدّم ولحم الخنزير وما أهلّ لغير اللّه به فمن اضطرّ غير باغٍ ولا عادٍ فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ (115) ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلالٌ وهذا حرامٌ لتفتروا على اللّه الكذب إنّ الّذين يفترون على اللّه الكذب لا يفلحون (116) متاعٌ قليلٌ ولهم عذابٌ أليمٌ (117)}
يقول تعالى آمرًا عباده المؤمنين بأكل رزقه الحلال الطّيّب، وبشكره على ذلك، فإنّه المنعم المتفضّل به ابتداءً، الّذي يستحقّ العبادة وحده لا شريك له.
ثمّ ذكر ما حرّمه عليهم ممّا فيه مضرّةٌ لهم في دينهم ودنياهم، من الميتة والدم، ولحم الخنزير.
{وما أهلّ لغير اللّه به} أي: ذبح على غير اسم اللّه، ومع هذا {فمن اضطرّ} أي: احتاج في غير بغيٍّ ولا عدوانٍ، {فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ}
وقد تقدّم الكلام على مثل هذه الآية في سورة "البقرة" بما فيه كفايةٌ عن إعادته، وللّه الحمد [والمنّة]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 609]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (116) مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (117)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ نهى تعالى عن سلوك سبيل المشركين، الّذين حلّلوا وحرّموا بمجرّد ما وضعوه واصطلحوا عليه من الأسماء بآرائهم، من البحيرة والسّائبة والوصيلة والحام، وغير ذلك ممّا كان شرعًا لهم ابتدعوه في جاهليّتهم، فقال: {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلالٌ وهذا حرامٌ لتفتروا على اللّه الكذب} ويدخل في هذا كلّ من ابتدع بدعةً ليس [له] فيها مستندٌ شرعيٌّ، أو حلّل شيئًا ممّا حرّم اللّه، أو حرّم شيئًا ممّا أباح اللّه، بمجرّد رأيه وتشهّيه.
و "ما" في قوله: {لما} مصدريّةٌ، أي: ولا تقولوا الكذب لوصف ألسنتكم.
ثمّ توعّد على ذلك فقال: {إنّ الّذين يفترون على اللّه الكذب لا يفلحون} أي: في الدّنيا ولا في الآخرة. أمّا في الدّنيا فمتاعٌ قليلٌ، وأمّا في الآخرة فلهم عذابٌ أليمٌ، كما قال: {نمتّعهم قليلا ثمّ نضطرّهم إلى عذابٍ غليظٍ} [لقمان: 24]
وقال: {إنّ الّذين يفترون على اللّه الكذب لا يفلحون متاعٌ في الدّنيا ثمّ إلينا مرجعهم ثمّ نذيقهم العذاب الشّديد بما كانوا يكفرون} [يونس: 69، 70]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 609-610]

تفسير قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (118)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وعلى الّذين هادوا حرّمنا ما قصصنا عليك من قبل وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون (118) ثمّ إنّ ربّك للّذين عملوا السّوء بجهالةٍ ثمّ تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إنّ ربّك من بعدها لغفورٌ رحيمٌ (119)}
لمّا ذكر تعالى أنّه إنّما حرّم علينا الميتة والدّم ولحم الخنزير، وما أهل لغير الله به، وأنّه أرخص فيه عند الضّرورة -وفي ذلك توسعةٌ لهذه الأمّة، الّتي يريد اللّه بها اليسر ولا يريد بها العسر -ذكر سبحانه وتعالى ما كان حرّمه على اليهود في شريعتهم قبل أن ينسخها، وما كانوا فيه من الآصار والأغلال والحرج والتّضييق، فقال: {وعلى الّذين هادوا حرّمنا ما قصصنا عليك من قبل} يعني: في "سورة الأنعام" في قوله: {وعلى الّذين هادوا حرّمنا كلّ ذي ظفرٍ ومن البقر والغنم حرّمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما [أو الحوايا أو ما اختلط بعظمٍ ذلك جزيناهم ببغيهم وإنّا لصادقون]} [الأنعام: 146] ؛ ولهذا قال هاهنا: {وما ظلمناهم} أي: فيما ضيّقنا عليهم، {ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} أي: فاستحقّوا ذلك، كما قال: {فبظلمٍ من الّذين هادوا حرّمنا عليهم طيّباتٍ أحلّت لهم وبصدّهم عن سبيل اللّه كثيرًا} [النّساء: 160]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 610]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (119)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ أخبر تعالى تكرّمًا وامتنانًا في حقّ العصاة المؤمنين: أنّ من تاب منهم إليه تاب عليه، فقال: {ثمّ إنّ ربّك للّذين عملوا السّوء بجهالةٍ} قال بعض السّلف: كلّ من عصى اللّه فهو جاهلٌ.
{ثمّ تابوا من بعد ذلك وأصلحوا} أي: أقلعوا عمّا كانوا فيه من المعاصي، وأقبلوا على فعل الطّاعات، {إنّ ربّك من بعدها} أي: تلك الفعلة والذّلّة {لغفورٌ رحيمٌ}). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 610]

رد مع اقتباس