عرض مشاركة واحدة
  #25  
قديم 20 محرم 1432هـ/26-12-2010م, 02:56 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 181 إلى 189]

{لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (181) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (182) الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (183) فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (184) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (185) لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (186) وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ (187) لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (188) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (189)}

تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (181)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {سنكتب ما قالوا...}
وقرئ "سيكتب ما قالوا" قرأها حمزة اعتبارا؛ لأنها في مصحف عبد الله). [معاني القرآن: 1/249]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {عذاب الحريق}: النار اسم جامع؛ تكون ناراً وهي حريق وغير حريقٍ، فإذا التهبت فهي حريق). [مجاز القرآن: 1/110]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({لّقد سمع اللّه قول الّذين قالوا إنّ اللّه فقيرٌ ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حقٍّ ونقول ذوقوا عذاب الحريق}
قال تعالى: {سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حقٍّ} وقد مضى لذلك دهر، فإنما يعني: سنكتب ما قالوا على من رضي به من بعدهم أيام يرضاه"). [معاني القرآن: 1/189]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({لقد سمع اللّه قول الّذين قالوا إنّ اللّه فقيرٌ ونحن أغنياء} قال رجل من اليهود حين نزلت {من ذا الّذي يقرض اللّه قرضاً حسناً} إنما يستقرض الفقير من الغني، واللّه الغني، فكيف يستقرض؟ فأنزل اللّه هذه الآية). [تفسير غريب القرآن: 116]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {لقد سمع اللّه قول الّذين قالوا إنّ اللّه فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حقّ ونقول ذوقوا عذاب الحريق} هؤلاء رؤوساء أهل الكتاب لما نزلت {من ذا الّذي يقرض اللّه قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة} قالوا: نرى أنّ إله محمد يستقرض منا فنحن إذن أغنياء وهو فقير، وقالوا هذا تلبيسا على ضعفتهم، وهم يعلمون أن الله عزّ وجلّ: لا يستقرض من عوز، ولكنه يبلو الأخيار فهم يعلمون أن اللّه سمّى الإعطاء والصّدقة قرضا، يؤكد به - أن أضعافه ترجع إلى أهله، وهو عزّ وجل يقبض ويبسط أي يوسع ويقتر، فأعلم اللّه عزّ وجلّ أنه قد سمع مقالتهم، وأعلم أن ذلك مثبت عليهم وأنهم إليه يرجعون فيجازيهم على ذلك وأنه خبير بعملهم.
وقوله عزّ وجلّ: {سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حقّ ونقول ذوقوا عذاب الحريق}
ومعنى {عذاب الحريق} أي: عذاب محرق - بالنار، لأن العذاب يكون بغير النار.
فأعلم أن مجازاة هؤلاء هذا العذاب.
وقوله{ذوقوا} هذه كلمة تقال للشيء يوئس من العفو يقال ذق ما أنت فيه، أي: لست بمتخلّص منه). [معاني القرآن: 1/493-494]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء}
قال الحسن: لما نزلت {من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة} قالت اليهود أو هو فقير يستقرض؟ يموهون بذلك على ضعفائهم فأنزل الله عز وجل: {لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء}المعنى: إنه على قول محمد فقير لأنه اقترض منا فكفروا بهذا القول لأنهم أرادوا تكذيب النبي صلى الله عليه وسلم به وتشكيكا للمؤمنين في الإسلام.
ثم قال تعالى: {سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق} سنحصيه ويجوز سيكتب ما قالوا أي سيكتب الله ما قالوا
ثم قال تعالى: {ونقول ذوقوا عذاب الحريق} أي: عذاب النار لأن من العذاب ما لا يحرق). [معاني القرآن: 1/516-517]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (182)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {سيكتب ما قالوا}: سيحفظ). [مجاز القرآن: 1/110]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (183)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {حتّى يأتينا بقربانٍ تأكله النّار...}
كان هذا، والقربان: نار لها حفيف وصوت شديد كانت تنزل على بعض الأنبياء.
فلمّا قالوا ذلك للنبيّ صلى الله عليه وسلم قال الله تبارك وتعالى "قل" يا محمد {قد جاءكم رسلٌ مّن قبلي بالبيّنات} وبالقربان الذي قلتم {فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين}). [معاني القرآن: 1/249]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إنّ الله عهد إلينا}: أمرنا، {ألاّ نؤمنا لرسولٍ}: أن لا ندين له فنقرّ به). [مجاز القرآن: 1/110]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جل ذكره: {الّذين قالوا إنّ اللّه عهد إلينا ألّا نؤمن لرسول حتّى يأتينا بقربان تأكله النّار قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبيّنات وبالّذي قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين}
هذا من نعت (العبيد) الذين قالوا ({حتّى يأتينا بقربان تأكله النّار} أي: عهد إلينا ألا نؤمن لرسول حتى تكون آيته هذه الآية.
فأعلم اللّه - عزّ وجلّ - أنّ أسلافهم قد أتتهم الرسل بالبينات وبالذي طلبوا. فقتلوهم. فقال: (فلم قتلتموهم).
وهم لم يكونوا تولّوا القتل، ولكن رضوا بقتل أولئك الأنبياء فشركوهم في القتل). [معاني القرآن: 1/494-495]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (184)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {فإن كذّبوك فقد كذّب رسل من قبلك جاءوا بالبيّنات والزّبر والكتاب المنير}
الزّبر: جمع زبور والزبور كل كتاب ذو حكمة.
ويقال زبرت إذا كتبت. وزبرت إذا قرأت). [معاني القرآن: 1/495]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك جاءوا بالبينات والزبر والكتاب المنير}
الزبر: جمع البور وهو الكتاب يقال زبرت إذا كتبت). [معاني القرآن: 1/517-518]

تفسير قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (185)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {كلّ نفسٍ ذائقة الموت}، أي: ميّتة، قال:
الموت كأسٌ والمرء ذائقها
في هذا الموضع شاربها). [مجاز القرآن: 1/110-111]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({زحزح عن النّار} أي: نحّي عنها وأبعد). [تفسير غريب القرآن: 116]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {كلّ نفس ذائقة الموت وإنّما توفّون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النّار وأدخل الجنّة فقد فاز وما الحياة الدّنيا إلّا متاع الغرور}
{وإنّما توفّون أجوركم يوم القيامة}
ولا يجوز "أجوركم" على رفع الأجور وجعل ما في معنى الذي، لأن يوم القيامة يصير من صلة {توفون}، وتوفون من صلة (ما) فلا يأتي (ما) في الصلة بعد {أجوركم} و {أجوركم} خبر.
وقوله عزّ وجلّ ": {فمن زحزح عن النّار}أي: نحّي وأزيل {فقد فاز} يقال لكل من نجا من هلكة وكل من لقي ما يغبط به: قد فاز، وتأويله تباعد من المكروه ولقي ما يحب.
ومعنى قول الناس مفازة إنما هي من مهلكة، ولكنهم تفاءلوا بأن سموا المهلكة مفازة.

والمفازة المنجاة، كما تفاءلوا بأن سمّوا اللديغ السليم، وكما سمّوا الأعمى بالبصير). [معاني القرآن: 1/495]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال تعالى: {كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة}
وهذا تمثيل، والمعنى: كل نفس كل نفس ميتة وأنشد أهل اللغة:
من لم يمت عبطه يمتهرما = للموت كاس فالمرء ذائقها
ثم قال جل وعز: {فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز}
زحرح: نحي وفاز إذا نجا واغتبط بما هو فيه فأما قولهم مفازة فإنما هو على التفاؤل كما يقال للأعمى بصير وقد قيل إن مفازة من قوله فوز الرجل إذا مات وهذا القول ليس بشيء لأن قولهم فوز الرجل إنما هو على التفاؤل أيضا). [معاني القرآن: 1/518-519]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ): ( {فمن زحزح عن النار} أي: فمن نجي. {فقد فاز} أي: فقد نجا، والفوز العظيم: النجاء الكثير). [ياقوتة الصراط: 194]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ): ( ({الغرور}: الدنيا، والغرور، الشيطان). [ياقوتة الصراط: 194]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({زُحْزِحَ} نُحِيِ). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 55]

تفسير قوله تعالى: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (186)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({لتبلونّ في أموالكم وأنفسكم} أي: لتختبرنّ، ويقال: لتصابنّ. والمعنيان متقاربان). [تفسير غريب القرآن: 117]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {لتبلونّ في أموالكم وأنفسكم ولتسمعنّ من الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الّذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتّقوا فإنّ ذلك من عزم الأمور} معناه: لتختبرن، أي: تقع عليكم المحن، فيعلم المؤمن من غيره، وهذه النون دخلت مؤكدة مع لام القسم وضمّت الواو لسكونها وسكون النون. ويقال للواحد من المذكرين: لتبلين يا رجل، وللاثنين لتبليان يا رجلان، ولجماعة الرجال: لتبلونّ.
وتفتح الياء من لتبلين في قول سيبويه لسكونها وسكون النون.
وفي قول غيره تبنى على الفتح لضم النون إليها كما يبنى ما قبل هاء التأنيث، ويقال للمرأة تبلين يا امرأة، وللمرأتين لتبليان يا امرأتان ولجماعة النساء لتبلينانّ يا نسوة، زيدت الألف لاجتماع النونات.
وقوله عزّ وجلّ: {ولتسمعنّ من الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الّذين أشركوا أذى كثيرا}
روي أن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - سمع رجلا من اليهود يقول: " إن الله فقير ونحن أغنياء " فلطمه أبو بكر - رضي الله عنه - فشكا اليهودي ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله النبي: ((ما أراد بلطمك؟))، فقال أبو بكر: سمعت منه كلمة ما ملكت نفسي معها أن لطمته، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {ولتسمعنّ من الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الّذين أشركوا أذى كثيرا}
وأذى: مقصور يكتب بالياء يقال قد أذي فلان يأذى أذى. إذا سمع ما يسوءه). [معاني القرآن: 1/495-496]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {لتبلون في أموالكم وأنفسكم}
قيل معناه: لتختبران.
وقيل معناه: لتصابن.

والمعنيان يرجعان إلى شيء واحد
ثم قال تعالى: {ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلهم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا} روي أن أبا بكر رحمة الله عليه سمع رجلا من اليهود يقول أو هو فقير يستقرض فلطمه فشكاه اليهودي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل: {ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى}
وأذى: مصور أذي يأذى إذا تأوى). [معاني القرآن: 1/519-520]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ): ( {لتبلون} أي: لتختبرن). [ياقوتة الصراط: 194]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ (187)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فنبذوه وراء ظهورهم} أي: لم يلتفتوا إليه يقال: نبذت حاجتي خلف ظهرك، إذا لم يلتفت إليها، قال أبو الأسود الدّؤليّ:
نظرت إلى عنوانه فنبذته... كنبذك نعلاً أخلقت من نعالكا). [مجاز القرآن: 1/111]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({وإذ أخذ اللّه ميثاق الّذين أوتوا الكتاب لتبيّننّه للنّاس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمناً قليلاً فبئس ما يشترون}
قال: {ليبيّننّه للنّاس ولا يكتمونه} يقول: "استحلفهم ليبيّننّه ولا يكتمونه" وقال: {لتبيّننّه ولا تكتمونه} أي: قل لهم: "واللّه لتبيّننّه ولا تكتمونه"). [معاني القرآن: 1/189]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {وإذ أخذ اللّه ميثاق الّذين أوتوا الكتاب لتبيّننّه للنّاس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون}
{لتبيّننّه للنّاس} وليبيننه بالياء والتاء:
فمن قال ليبيننه بالياء، فلأنهم غيب.
ومن قال بالتاء حكى المخاطبة التي كانت في وقت أخذ الميثاق، والمعنى أن اللّه أخذ منهم الميثاق ليبينن أمر نبوة النبي - صلى الله عليه وسلم -.

{فنبذوه وراء ظهورهم}
معنى {نبذوه}:رموا به يقال للذي يطرح الشيء ولا يعبأ به: قد جعلت هذا الشيء بظهر، وقد رميته بظهر.

قال الفرزدق:
تميم بن قيس لا تكوننّ حاجتي... بظهر فلا يعيا عليّ جوابها
أي: لا تتركنها لا يعبأ بها.
وأنبأ اللّه عما حمل اليهود الذين كانوا رؤساء على كتمان أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: {واشتروا به ثمنا قليلا} أي: قبلوا على ذلك الرشا، وقامت لهم رياسة اكتسبوا بها، فذلك حملهم على الكفر بما يخفونه). [معاني القرآن: 1/496-497]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه}
قال سعيد بن جبير: يعني النبي صلى الله عليه وسلم والمعنى على هذا لتبين أمر النبي صلى الله عليه وسلم ولا تكتمونه.
وقال قتادة: هذا ميثاق أخذه الله عز وجل على أهل العلم فمن علم شيئا فليعلمه وإياكم وكتمان العلم.
ثم قال تعالى: {فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا}
{فنبذوه وراء ظهورهم} أي: تركوه ثم بين لم فعلوا ذلك فقال {واشتروا به ثمنا قليلا} أي: أخذوا الرشا وكرهوا أن يتبعوا الرسول فتبطل رياستهم). [معاني القرآن: 1/520-521]

تفسير قوله تعالى: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (188)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {لا تحسبنّ الّذين يفرحون بما أتوا وّيحبّون أن يحمدوا بما لم يفعلوا...}
يقول بما فعلوا؛ كما قال: {لقد جئت شيئا فريا} كقوله: {واللذان يأتيانها منكم} وفي قراءة عبد الله "فمن أتى فاحشة فعله". وقوله: {ويحبّون أن يحمدوا بما لم يفعلوا} قالوا: نحن أهل العلم الأوّل والصلاة الأولى، فيقولون ذلك ولا يقرّون بمحمد صلى الله عليه وسلم، فذلك قوله: {ويحبّون أن يحمدوا بما لم يفعلوا}.
وقوله: {فلا تحسبنّهم بمفازةٍ مّن العذاب}. يقول: ببعيد من العذاب. (قال: قال الفراء: من زعم أن أوفى هذه الآية على غير معنى بل فقد افترى على الله؛ لأن الله تبارك وتعالى لا يشكّ، ومنه قول الله تبارك وتعالى: {وأرسلناه إلى مائة ألفٍ أو يزيدون})). [معاني القرآن: 1/250]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {بمفازةٍ من العذاب} أي: تزحزحٍ زحزحٍ بعيدٍ). [مجاز القرآن: 1/111]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({لا تحسبنّ الّذين يفرحون بما أتوا وّيحبّون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنّهم بمفازةٍ مّن العذاب ولهم عذابٌ أليمٌ}
أما قوله: {لا تحسبنّ الّذين يفرحون بما أتوا وّيحبّون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنّهم} فإنّ: الآخرة بدلٌ من الأولى والفاء زائدة. ولا تعجبني قراءة من قرأ الأولى بالياء [إذ] ليس لذلك مذهب في العربية لأنه إذا قال: {لا يحسبنّ الّذين يفرحون بما أتوا} فإنّه لم يوقعه على شيء). [معاني القرآن: 1/189-190]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({بمفازةٍ من العذاب} أي: بمنجاة، ومنه يقال: فاز فلان، أي نجا). [تفسير غريب القرآن: 117]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آَبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا}
كان المسلمون في صدر الإسلام حين أمروا بالنصيحة ونهوا عن الخيانة وأنزل عليهم: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} أي: لا يأكل بعضكم مال بعض بغير حق- أدقّوا النظر وأفرطوا في التوقّي، وترك بعضهم مؤاكلة بعض: فكان الأعمى لا يؤاكل الناس، لأنه لا يبصر الطعام فيخاف أن يستأثر، ولا يؤاكله الناس يخافون لضرره أن يقصر.
وكان الأعرج يتوقّى ذلك، لأنه يحتاج لزمانته إلى أن يتفسّح في مجلسه، ويأخذ أكثر من موضعه، ويخاف الناس أن يسبقوه لضعفه.
وكان المريض يخاف أن يفسد على الناس طعامهم بأمور قد تعتري مع المرض: من رائحة تتغيّر، أو جرح يبضّ، أو أنف يذنّ، أو بول يسلس، وأشباه ذلك. فأنزل الله تبارك وتعالى: ليس على هؤلاء جناح في مؤاكلة الناس، وهو معنى قول ابن عباس في رواية أبي صالح.
وأما عائشة رضي الله عنها، فإنها قالت: كان المسلمون يوعبون مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم في المغازي، ويدفعون مفاتيحهم إلى الضّمنى، وهم الزّمنى، ويقولون لهم: قد أحللنا لكم أن تأكلوا مما في منازلنا. فكانوا يتوقّون أن يأكلوا من منازلهم حتى نزلت هذه الآية.
وإلى هذا يذهب قوم، منهم الزّهري.
ثم قال الله عز وجل: {وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ} أراد: ولا عليكم أنفسكم أن تأكلوا من أموال عيالكم وأزواجكم.
وقال بعضهم: أراد أن تأكلوا من بيوت أولادكم، فنسب بيوت الأولاد إلى الآباء، لأن الأولاد كسبهم، وأموالهم كأموالهم. يدلك على هذا: أن الناس لا يتوقّون أن يأكلوا من بيوتهم، وأن الله سبحانه عدّد القرابات وهم أبعد نسبا من الولد، ولم يذكر الولد.
وقال المفسرون في قوله تعالى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ} أراد: ما أغنى عنه ماله وولده، فجعل الولد كسبا.
ثم قال: {أَوْ بُيُوتِ آَبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ}، يعني: العبيد، لأن السيد يملك منزل عبده. هذا على تأويل ابن عباس.
وقال غيره: أو ما خزنتموه لغيركم. يريد الزّمنى الذين كانوا يخزنون للغزاة {أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا} من منازل هؤلاء إذا دخلتموها، وإن لم يحضروا ولم يعلموا، من غير أن تتزوّدوا وتحملوا، ولا جناح عليكم أن تأكلوا جميعا أو فرادى، وإن اختلفتم: فكان فيكم الزّهيد، والرّغيب، والصحيح، والعليل.
وهذا من رخصته للقرابات وذوي الأواصر- كرخصته في الغرباء والأباعد لمن دخل حائطا وهو جائع: أن يصيب من ثمره، أو مرّ في سفر بغنم وهو عطشان: أن يشرب من رسلها، وكما أوجب للمسافر على من مرّ به الضيافة، توسعة منه ولطفا بعباده، ورغبة بهم عن دناءة الأخلاق، وضيق النظر). [تأويل مشكل القرآن:332-334] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {لا تحسبنّ الّذين يفرحون بما أتوا ويحبّون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنّهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم}
هؤلاء قوم من أهل الكتاب دخلوا على النبي - صلى الله عليه وسلم - وخرجوا من عنده فذكروا لمن كان رآهم في ذلك الوقت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أتاهم بأشياء قد عرفوها.
فحمدهم من شاهدهم من المسلمين على ذلك، وأبطنوا خلاف ما أظهروا وأقاموا بعد ذلك على الكفر، فأعلم اللّه - عزّ وجلّ - النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرهم وأعلمه أنهم ليسوا بمفازة من العذاب أي ليسوا ببعد من العذاب.
ووقعت {فلا تحسبنهم} - مكررة لطول القصة.
والعرب تعيد إذا طالت القصة في حسبت وما أشبهها، إعلاما أن الذي جرى متصل بالأول، وتوكيدا للأول، فنقول: لا تظنن زيدا إذا جاءك وكلمك بكذا وكذا - فلا تظننه صادقا، تعيد - فلا تظنن توكيدا - ولو قلت لا تظن زيدا إذا جاءك وحدثك بكذا وكذا صادقا جاز، ولكن التكرير أوكد وأوضح للقصة). [معاني القرآن: 1/497-498]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {لا يحسبن الذين يفرحون بما أوتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا}
روي عن مروان أنه وجه إلى ابن عباس يقول: أكل من فرح بما أتى وأحب أن يحمد بما لم يفعل يعذب، فقال ابن عباس: هذا في اليهود لأن النبي صلى الله عليه وسلم سألهم عن شيء فلم يخبروه به وأخبروه بغيره وأحبوا أن يحمدوا بذلك وفرحوا بما أتوا من كتمانهم النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل: {لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا} الآية
وروى سعيد بن جبير أنه قرأ {لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا} قال: اليهود فرحوا بما أوتي آل إبراهيم من الكتاب والحكم والنبوة.
ثم قال سعيد بن جبير: ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا قولهم نحن على دين إبراهيم.
ثم قال عز وجل: {فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب}أي: بمنجاة ولهم عذاب اليم أي مؤلم). [معاني القرآن: 1/521-523]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({بِمَفَازَة مِّنَ الْعَذَابٍِ} أي: بمنجاة منه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 55]

تفسير قوله تعالى: {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (189)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {وللّه ملك السّماوات والأرض واللّه على كلّ شيء قدير} أي: هو خالقهما، ودليل ذلك قوله - عزّ وجلّ: {خالق كل شيء) و {خلق السّماوات والأرض} وأعلم أن في خلقهما واختلاف الليل والنهار آيات لأولي الألباب " أي: ذوي العقول.
والآيات العلامات، أي: من العلامات فيهما دليل على أن خالقهما واحد ليس كمثله شيء). [معاني القرآن: 1/498]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال عز وجل: {ولله ملك السموات والأرض والله على كل شيء قدير}أي: هو خالقهما وخالق ما فيهما وهذا تكذيب للذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء). [معاني القرآن: 1/523]


رد مع اقتباس