عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 20 محرم 1432هـ/26-12-2010م, 02:34 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 102 إلى 109]

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103) وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105) يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107) تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ (108) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (109)}

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جلّ وعزّ: {يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه حقّ تقاته ولا تموتنّ إلّا وأنتم مسلمون} أي: اتقوه فيما يحق عليكم أن تتقوه فيه.
قال بعضهم {حقّ تقاته}: أن يطاع فلا يعصي وأن يذكر فلا ينسى، ومعنى يذكر فلا ينسى: أن يذكر عند ما يجب من أمره فلا يتجاوز أمره.
وقال بعضهم: هذه الآية منسوخة نسخها قوله جلّ وعزّ: {فاتّقوا اللّه ما استطعتم}
وقوله جلّ وعزّ: {لا يكلّف اللّه نفسا إلّا وسعها} وتقاة أصلها: وقاة وهي من وقيت إلا أن الواو لم تأت في هذا المثال على أصلها، ولم يقل في هذا المثال شيء إلا والتاء فيه مبدلة من الواو وكذلك قالوا تخمة إنما هي من الوخامة، وكذلك قالوا: في فعال نحو التراث والتجاه، وتجاه في معنى المواجهة.
وهذا المثال فيه أوجه: إذا بنيت فعلة من وقيت قلت تقاة وهو الذي يختاره النحويون، ولم يأت في اللغة على هذا المثال شيء إلا وقد أبدلت التاء من واوه.
ويجوز أن يقال وقاة، وأقاه لأن الواو إذا انضمت وكانت أولا فأنت في البدل منها بالخيار، إن شئت أبدلت منها همزة، وإن شئت أقررتها على هيئتها، وإن شئت في هذا المثال خاصة أبدلت منها التاء.
وقوله جلّ وعزّ: {ولا تموتنّ إلّا وأنتم مسلمون}.
لفظ النهي واقع على الموت، والمعنى: واقع على الأمر بالإقامة على الإسلام.
المعنى: كونوا على الإسلام فإذا ورد عليكم الموت صادفكم على ذلك.
وإنما جاز هذا لأنه ليس في الكلام لبس، لأنه يعلم منه أنهم لا ينهون عما لا يفعلون، ومثله في الكلام، "لا أرينك ههنا " فالنهي واقع في اللفظ على المخاطبة، والمعنى: لا تكونن ههنا فإن من كان ههنا رأيته ولكن الكلام قصد به إلى الإيجاز والاختصار إذ لم يكن فيه نقص معنى). [معاني القرآن: 1/448-449]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته}
قال ابن مسعود: حق تقاته أن يشكر فلا يكفر وأن يطاع فلا يعصى وأن يذكر فلا ينسى، وروي هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال قتادة: نسخ هذه الآية قوله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم}
قال أبو جعفر: لا يجوز أن يقع في هذا ناسخ ولا منسوخ لأن الله تعالى لا يكلف الناس إلا ما يستطيعون.
وقوله: {فاتقوا الله ما استطعتم مبين} لقوله: {اتقوا الله حق تقاته} وهو على ما فسره ابن مسعود أن يذكر الله عندما يجب عليه فلا ينساه.
وقوله عز وجل: {ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} المعنى: كونوا على الإسلام حتى يأتيكم الموت وأنتم مسلمون لأنه قد علم لا ينهاهم عما لا يملكون.
وحكى سيبويه: لا أرينك ههنا فهو لم ينه نفسه وإنما المعنى لا تكن ههنا فإنه من يكن ههنا أره). [معاني القرآن: 1/451-453]

تفسير قوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {واعتصموا بحبل اللّه جميعاً...}
الكلام العربيّ هكذا بالباء، وربما طرحت العرب الباء فقالوا: اعتصمت بك واعتصمتك؛ قال بعضهم:
إذا أنت جازيت الإخاء بمثله * وآسيتني ثم اعتصمت حباليا
فألقى الباء. وهو كقولك: تعلّقت زيدا، وتعلقت بزيد. وأنشد بعضهم:
تعلّقت هندا ناشئا ذات مئزرٍ * وأنت وقد قارفت لم تدر ما الحلم). [معاني القرآن: 1/228]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {على شفا حفرةٍ} أي: حرفٍ مثل شفا الرّكيّة وحروفها. {فأنقذكم منها} ترك {شفا}، ووقع التأنيث على {حفرة} وتصنع العرب مثل هذا كثيراً، قال جرير:
رأت مرّ السنين أخذن مني... كما أخذ السّرار من الهلال
وقال العّجاج:
طول الليالي أسرعت في نقضى... طوين طولى وطوين عرضي). [مجاز القرآن: 1/98-99]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({واعتصموا بحبل اللّه جميعاً ولا تفرّقوا واذكروا نعمت اللّه عليكم إذ كنتم أعداء فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً وكنتم على شفا حفرةٍ مّن النّار فأنقذكم مّنها كذلك يبيّن اللّه لكم آياته لعلّكم تهتدون}
قال الله تعالى: {واذكروا نعمت اللّه عليكم إذ كنتم أعداء} على التفسير بقطع الكلام عند قوله: {اذكروا نعمت اللّه عليكم} ثم فسر آية التأليف بين قلوبهم وأخبر بالذي كانوا فيه قبل التأليف كما تقول "أسمك الحائط أن يميل".
{وكنتم على شفا حفرةٍ} فـ"الشّفا" متصور مثل "القفا" وتثنيته بالواو تقول: "شفوان" لأنه لا يكون فيه الإمالة، فلما لم تجيء فيه الإمالة عرفت أنّه من الواو). [معاني القرآن: 1/178]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({واعتصموا بحبل اللّه} أي: بدينه [وعهده].
{شفا حفرةٍ} أي: حرف حفرة ومنه «أشفى على كذا» إذا أشرف عليه). [تفسير غريب القرآن: 108]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): (وكذلك الحبل، قال الله عز وجل: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ} أي: بعهد الله أو بكتابه، يريد: تمسكوا به، لأنه وصلة لكم إليه وإلى جنّته). [تأويل مشكل القرآن: 464]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): ( (وقوله جلّ وعزّ: {واعتصموا بحبل اللّه جميعا ولا تفرّقوا واذكروا نعمت اللّه عليكم إذ كنتم أعداء فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النّار فأنقذكم منها كذلك يبيّن اللّه لكم آياته لعلّكم تهتدون}
{جميعا} منصوب على الحال المعنى: كونوا مجتمعين على الاعتصام به.
وتفسير {واعتصموا بحبل اللّه}، أي: استمسكوا بعهد اللّه.
والحبل في لغة العرب: العهد.
قال الأعشى:
وإذا أجوز بها حبال قبيلة... أخذت من الأخرى إليك حبالها
ومعنى {ولا تفرّقو} أي: تناصروا على دين الله.
وأصل تفرقوا: تتفرقوا إلا أن التاء حذفت لاجتماع حرفين من جنس واحد في كلمة، والمحذوفة الثانية لأن الأولى دالة على الاستقبال فلا يجوز حذف الحرف الذي يدل على الاستقبال وهو مجؤوم بالنهي، الأصل ولا تتفرقون فحذفت النون لتدل على الجزم.

وقوله جلّ وعزّ: {واذكروا نعمت اللّه عليكم إذ كنتم أعداء فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا}.
ذكّرهم اللّه بعظيم النعمة عليهم في الإسلام لأنهم كانوا في جاهليتهم يقتل بعضهم بعضا، ويستبيح كل غالب منهم من غلبه فحظر عليهم الإسلام الأنفس والأموال إلا بحقها، فعرفهم اللّه - عزّ وجلّ - ما لهم من الحظ في العاجل في الدخول في الإسلام.
وقيل: نزلت في الأوس والخزرج لأنهم كانت بينهم في الجاهلية حروب دائمة قد أتت عليها السنون الكثيرة، فأزال الإسلام تلك الحروب وصاروا إخوانا في الإسلام متوادين على ذلك، وأصل الأخ في اللغة: أن الأخ مقصده مقصد أخيه، وكذلك هوي الصداقة أن تكون إرادة كل واحد من الأخوين موافقة لما يريد صاحبه والعرب تقول: فلان يتوخى مسار فلان أي يقصد ما يسره.
وقوله جل وعلا: {وكنتم على شفا حفرة من النّار} أي" كنتم قد أشرفتم على النار وشفا الشيء، حرفه مقصور يكتب بالألف، وتثنيته شفوان، وقال - {فأنقذكم منها}، ولم يقل منه لأن المقصود في الخبر النار. أي فأنقذكم منها بالنبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقوله جل وعلا - {كذلك يبيّن اللّه لكم آياته} الكاف في موضع نصب.
المعنى: مثل البيان الذي يتلى عليكم يبين الله لكم آياته.

ومعنى {لعلّكم تهتدون} أي: لتكونوا على رجاء هدايته). [معاني القرآن: 1/449-451]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا}
قال عبد الله ابن مسعود: حبل الله القرآن.
وقال ابن عباس: الحبل العهد.
وقال الاعشى:
وإذا تجوزها حبال قبيلة = أخذت من الأخرى إليك حبالها
وأصل الحبل في اللغة: السبب ومنه سمي حبل البئر لأنه السبب الذي يوصل به إلى ما بها، ومنه قيل فلان يحطب في حبل فلان، أي: يميل إليه وإلى أسبابه، وأصل هذا: أن الحاطب يقطع أغصان الشجر فيجعلها في حبله فإذا قطع غيره وجعله في حبله قيل هو يحطب في حبله، ومنه قولهم حبلك على غاربك أي قد خليتك من سبي وأمري ونهي،وأصل هذا: أن الإبل إذا أهملت للرعي ألقيت حبالها على غواربها لئلا تتعلق بشوك أو غيره فيشغلها عن الرعي
ومعنى {ولا تفرقوا}: ولا تتفرقوا ثم حذفت إحدى التاءين وقيل لهم هذا لأن اليهود والنصارى تفرقوا وكفر بعضهم بعضا.
ثم قال عز وجل: {واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا}
قال عكرمة: هذا في الأنصار كانت بينهم شرور فألف الله بينهم بالإسلام.
وقيل: هو عام لقريش لأن بعضهم كان يغير على بعض فلما دخلوا في الإسلام حرمت عليهم الدماء فأصبحوا إخوانا، أي: يقصد بعضهم مقصد بعض، ثم قال تعالى: {وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها} وهذا تمثيل، والشفا: الحرف ومنه أشفى فلان على كذا إذا اشرف عليه). [معاني القرآن: 1/453-455]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({بحبل الله} أي: بالقرآن، وقيل بدينه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 50]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ( (الشَفَا): حرف كل شيء). [العمدة في غريب القرآن: 101]

تفسير قوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ولتكن منكم أمّةٌ يدعون إلى الخير}، و{كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس}، أما قوله: {إنّ إبرهيم كان أمّةً قانتاً} أي: كان إماماً مطيعاً، ويقال أنت أمّة في هذا الأمر، أي: يؤتم بك. {وادّكر بعد أمّةٍ}: بعد قرن، ويقال: (بعد أمهٍ) أي نسيان، نسيت كذا وكذا: أي أمهت، وأنا آمهه، ويقال: هو ذو أمهٍ. مكسور الميم، وبعضهم يقول: ذو أمّةٍ بمعنًى واحد، أي ذو دين واستقامة؛ وكانوا بأمةٍ وبإمة، أي: استقامة من عيشهم، أي دوم منه؛ {كنتم خير أمّة} أي: جماعة؛ وهو أمّةٌ على حدة، أي واحد، ويقال: يبعث زيد بن عمرو ابن نفيل أمةً وحده، وقال النابغة في أمة وإمّةٍ، معناه: الدّين والاستقامة:
وهل يأثمن ذو أمة وهو طائع
ذو أمة: بالرّفع والكسر، والمعنى الدّين، والاستقامة). [مجاز القرآن: 1/99-100]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({ولتكن مّنكم أمّةٌ يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون}
قال تعالى: {ولتكن مّنكم أمّةٌ يدعون إلى الخير} و"أمّةٌ" في اللفظ واحد وفي المعنى جمع فلذلك قال: {يدعون} [وفي] {ولتكن} جزم السلام بعضهم أيضاً). [معاني القرآن: 1/178-179]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({ولتكن منكم أمّةٌ يدعون إلى الخير} أي: معلّمون للخير.
والأمّة تتصرف على وجوه قد بينتها في «تأويل المشكل»).
[تفسير غريب القرآن: 108]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): (وقد تكون الأمة: جماعة العلماء، كقوله: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ} أي: يعلمون). [تأويل مشكل القرآن: 446]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جل وعلا: {ولتكن منكم أمّة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون}
اللام مسكنة وأصلها الكسر، الأصل ولتكن منكم ولكن الكسرة حذفت لأن الواو صارت مع الكلمة كحرف واحد وألزمت الحذف، وإن قرئت ولتكن - بالكسر - فجيد على الأصل، ولكن التخفيف أجود وأكثر في كلام العرب.
ومعنى - {ولتكن منكم أمّة} - واللّه أعلم - : ولتكونوا كلكم أمّة تدعون إلى الخير وتأمرون بالمعروف، ولكن " من " تدخل ههنا لتخص المخاطبين من سائر الأجناس وهي مؤكدة أن الأمر للمخاطبين ومثل هذا من كتاب اللّه {فاجتنبوا الرجس من الأوثان} ليس يأمرهم باجتناب بعض الأوثان، ولكن المعنى: اجتنبوا الأوثان فإنها رجس ومثله من الشعر قول الشاعر:
أخو رغاتب يعطيها ويسألها... يأبى الظلامة منه النوفل الزفر
أي: هو النوفل الزفر، لأنه قد وصفه بإعطاء الرغائب، والنوفل الكثير الإعطاء للنوافل، والزفر الذي يحمل الأثقال.
والدليل على أنهم أمروا كلهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قوله جل وعلا: {كنتم خير أمّة أخرجت للنّاس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر}.
ويجوز أن تكون: أمرت منهم فرقة، لأن قوله {ولتكن منكم أمّة يدعون إلى الخير} ذكر الدعاة إلى الإيمان، والدعاة ينبغي أن يكونوا علماء بما يدعون إليه وليس الخلق كلهم علماء والعلم ينوب فيه بعض الناس عن بعض، وكذلك الجهاد.
وقوله جل وعلا: {وأولئك هم المفلحون}أي: والذين ذكرناهم المفلحون، والمفلح الفائز بما يغتبط به.
و{هم} جائز أن يكون ابتداء و {المفلحون} خبر أولئك و {هم} فصل، وهو الذي يسميه الكوفيون العماد). [معاني القرآن: 1/451-453]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير}
قال أبو عبيدة: الأمة الجماعة ومن ههنا ليست للتبعيض وإنما هي لبيان الجنس كما قال تعالى: {فاجتنبوا الرجس من الأوثان}
ولم يأمرهم باجتناب بعض الأوثان وإنما المعنى فاجتنبوا الرجس الذي هو الأوثان). [معاني القرآن: 1/455-456]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جل ثناؤه: {ولا تكونوا كالّذين تفرّقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البيّنات وأولئك لهم عذاب عظيم} أي: لا تكونوا كأهل الكتاب، يعني به اليهود والنصارى وكتابهم جميعا التوراة، وهم مختلفون، كل فرقة منهم - وإن اتفقت في باب النصرانية أو اليهودية - مختلفة أيضا، كالنصارى الذين هم نسطورية ويعقوبية وملكانية، فأمر اللّه بالاجتماع على كتابه، وأعلم أن التفرق فيه يخرج أهله إلى مثل ما خرج إليه أهل الكتاب في كفرهم، فأعلم الله أن لهم عذابا عظيما، فقال: {وأولئك لهم عذاب عظيم}.
ثم أخبر بوقت ذلك العذاب فقال: {يوم تبيضّ وجوه وتسودّ وجوه فأمّا الّذين اسودّت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون}]). [معاني القرآن: 1/453]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {يوم تبيضّ وجوهٌ وتسودّ وجوهٌ...}
لم يذكّر الفعل أحد من القرّاء كما قيل {لن ينال الله لحومها ولا دماؤها} وقوله: {لا يحلّ لك النساء من بعد} وإنما سهل التذكير في هذين لأن معهما جحدا، والمعنى فيه: لا يحلّ لك أحد من النساء، ولن ينال الله شيء من لحومها، فذهب بالتذكير إلى المعنى، والوجوه ليس ذلك فيها، ولو ذكّر فعل الوجوه كما تقول: قام القوم لجاز ذلك.
وقوله: {فأمّا الّذين اسودّت وجوههم أكفرتم} يقال: (أمّا) لا بدّ لها من الفاء جوابا فأين هي؟ فيقال: إنها كانت مع قولٍ مضمر، فلمّا سقط القول سقطت الفاء معه،
والمعنى - والله أعلم -:
فأمّا الذين اسودّت وجوههم فيقال: أكفرتم،
فسقطت الفاء مع (فيقال). والقول قد يضمر. ومنه في كتاب الله شيء كثير؛ من ذلك قوله: {ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا} وقوله: {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا} وفي قراءة عبد الله "ويقولان ربّنا"). [معاني القرآن: 1/228-229]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فأمّا الذين اسودّت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم}: العرب تختصر لعلم المخاطب بما أريد به، فكأنه خرج مخرج قولك: فأما الذين كفروا فيقول لهم: أكفرتم، فحذف هذا واختصر الكلام، وقال الأسديّ:
كذبتم وبيت الله لا تنكحونها... بني شاب قرناها تصرّ وتحلب
أراد: بنى التي شاب قرناها، وقال النابغة الذيبانيّ:
كأنك من جمال بني أقيشٍ... يقعقع خلف رجليه بشنّ
بني أقيشٍ: حيٌّ من الجن، أراد: كأنك جمل يقعقع خلف الجمل بشنّ، فألقى الجمل، ففهم عنه ما أراد). [مجاز القرآن: 1/100-101]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({يوم تبيضّ وجوهٌ وتسودّ وجوهٌ فأمّا الّذين اسودّت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون}
أما قوله: {فأمّا الّذين اسودّت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم} على "فيقال لهم أكفرتم".
مثل قوله: {والّذين اتّخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم} وهذا في القرآن كثير).
[معاني القرآن: 1/179]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): (ومن ذلك: حذف الكلمة والكلمتين.
كقوله: {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ} والمعنى: فيقال لهم: أكفرتم؟). [تأويل مشكل القرآن: 216] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): ({يوم تبيضّ وجوه وتسودّ وجوه فأمّا الّذين اسودّت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون} أي: يثبت لهم العذاب ذلك اليوم، وابيضاضها إشراقها وإسفارها، قال الله عزّ وجلّ: (وجوه يومئذ مسفرة * ضاحكة مستبشرة} أسفرت واستبشرت لما تصير إليه من ثواب الله ورحمته، وتسود وجوه اسودادها لما تصير إليه من العذاب، قال اللّه: {ووجوه يومئذ عليها غبرة }
والكلام. تسود وتبيض بفتح التاء - الأصل " تسودد " و " تبيضض إلا أن الحرفين إذا اجتمعا وتحركا أدغم الأول في الثاني.
وكثير من العرب تكسر هذه التاء من تسود وتبيض والقراءة بالفتح والكسر قليل إلا أن كئيرا من العرب يكسر هذه التاء ليبيّن أنها من قولك أبيض وأسود فكأن الكسرة دليل على أنه كذلك في الماضي.
وقرأ بعضهم " تسواد وتبياض " وهو جيّد في العربية إلا أن المصحف ليست فيه ألف فأنا أكرهها لخلافه على أنه قد تحذف ألفات في القرآن نحو ألف إبراهيم وإسماعيل ونحو ألف الرحمن؛ ولكن الإجماع على إثبات هذه الألفات المحذوفة في الكتاب في اللفظ، وتبيض وتسود إجماع بغير ألف فلا ينبغي أن يقرأ بإثبات الألف.
وقوله جل وعلا: {فأمّا الّذين اسودّت وجوههم} تدل على: أن القراءة تسود، ومن قرأ بالألف تسواد وتبياض وجب أن يقرأ: فأما الذين اسوادت وجوههم.
وجواب أما محذوف مع القول.
المعنى فيقال لهم: {أكفرتم بعد إيمانكم}.
وحذف القول لأن في الكلام دليلا عليه وهذا كثير في القرآن، كقوله عزّ وجلّ: (والملائكة يدخلون عليهم من كلّ باب * سلام عليكم}المعنى: يقولون {سلام عليكم}.
وكذلك قوله: {وإسماعيل ربّنا تقبّل منّا} المعنى: يقولان ربّنا تقبّل منّا - هذه الألف لفظها لفظ الاستفهام ومعناها التقرير والتوبيخ.
وإنّما قيل لهم {أكفرتم بعد إيمانكم} لأنهم كفروا بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد كانوا به مؤمنين قبل مبعثه.
وهذا خطاب لأهل الكتاب). [معاني القرآن: 1/453-455]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {يوم تبيض وجوه وتسود وجوه}
ابيضاضها إشراقها كما قال تعالى: {وجوه يوم يومئذ مسفرة}
ثم قال تعالى: {فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون}
في الكلام محذوف، والمعنى: فأما الذين اسودت وجوههم فيقال لهم أكفرتم بعد إيمانكم.
وأجمع أهل العربية على: أنه لا بد من الفاء في جواب أما لأن المعنى في قولك أما زيد فمنطلق مهما يكن من شيء فزيد منطلق.
قال مجاهد في قوله تعالى: {أكفرتم بعد إيمانكم} بعد أخذ الميثاق.
ويدل على هذا قوله جل وعلا: {وإذ أخذ ربك من بني آدم} الآية
وقيل: هم اليهود بشروا بالنبي صلى الله عليه وسلم ثم كفروا به من بعد مبعثه فقيل لهم أكفرتم بعد إيمانكم
وقيل: هو عام أي كفرتم بعد أن كنتم صغارا تجري عليكم أحكام المؤمنين). [معاني القرآن: 1/456-458]

تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): (ومن الاستعارة: {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} يعني: جنّته، سمّاها رحمة، لأن دخولهم إيّاها كان برحمته.
ومثله قوله: {فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ} {فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ}). [تأويل مشكل القرآن: 145-146]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جلّ وعلا: {وأمّا الّذين ابيضّت وجوههم ففي رحمة اللّه هم فيها خالدون}
{ففي رحمة اللّه هم فيها خالدون} أي: في الثواب - الذي أصارهم اللّه إليه برحمة - خالدون.
أعلم أنّه إنما يدخل الجنة برحمته وإن اجتهد المجتهد في طاعة اللّه لأن نعم اللّه عزّ وجلّ دون الجنة لا يكافئها اجتهاد الآدميين.
وقال {ففي رحمة اللّه} وهو يريد ثواب رحمة اللّه كما فال: {واسأل القرية} المعنى: أهل القرية، كما تقول العرب بنو فلان يطؤهم الطريق، المعنى: يطؤهم مارة الطريق.
وذكر {فيها} ثانية على جهة التوكيد). [معاني القرآن: 1/455]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون}معنى: ففي رحمة الله هم فيها خالدون ففي ثواب رحمة الله). [معاني القرآن: 1/458]

تفسير قوله تعالى: {تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ (108)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {تلك آيات اللّه...}
يريد: هذه آيات الله. وقد فسّر شأنها في أوّل البقرة). [معاني القرآن: 1/229]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {تلك آيات الله نتلوها عليك بالحقّ} أي: عجائب الله، {نتلوها}: نقصّها). [مجاز القرآن: 1/101]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جل وعلا: {تلك آيات اللّه نتلوها عليك بالحقّ وما اللّه يريد ظلما للعالمين} أي: تلك التي قد جرى ذكرها حجج اللّه وعلاماته {نتلوها عليك}أي: نعرفك إياها {وما اللّه يريد ظلما للعالمين} أي: من أعلم اللّه أنه يعذبه فباستحقاق يعذبه). [معاني القرآن: 1/455]

تفسير قوله تعالى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (109)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({وللّه ما في السّماوات وما في الأرض وإلى اللّه ترجع الأمور}
قال عز وجل: {وللّه ما في السّماوات وما في الأرض وإلى اللّه ترجع الأمور} فثنى الاسم وأظهره، وهذا مثل "أمّا زيدٌ فقد ذهب زيدٌ". قال الشاعر:
لا أرى الموت يسبق الموت شيءٌ = نغّص الموت ذا الغنى والفقيرا
فأظهر في موضع الإضمار). [معاني القرآن: 1/179]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جل وعلا: {وللّه ما في السّماوات وما في الأرض وإلى اللّه ترجع الأمور}
{وإلى اللّه ترجع الأمور}.
ولو كانت " وإليه ترجع الأمور " لكان حسنا ولكن إعادة اسم الله أفخم وأوكد، والعرب إذا جرى ذكر شيء مفخم أعادوا لفظه مظهرا غير مضمر، أنشد النحويون قول الشاعر:
لا أرى الموت يسبق الموت شيء... نغّص الموت ذا الغنى والفقيرا
فأعادوا ذكر الموت لفخامة في نفوسهم). [معاني القرآن: 1/455-456]


رد مع اقتباس