عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 23 محرم 1440هـ/3-10-2018م, 08:54 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ (45)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحًا أن اعبدوا اللّه فإذا هم فريقان يختصمون (45) قال يا قوم لم تستعجلون بالسّيّئة قبل الحسنة لولا تستغفرون اللّه لعلّكم ترحمون (46) قالوا اطّيّرنا بك وبمن معك قال طائركم عند اللّه بل أنتم قومٌ تفتنون (47)}
يخبر تعالى عن ثمود وما كان من أمرها مع نبيّها صالحٍ، عليه السّلام، حين بعثه اللّه إليهم، فدعاهم إلى عبادة اللّه وحده لا شريك له، {فإذا هم فريقان يختصمون} قال مجاهدٌ: مؤمنٌ وكافرٌ -كقوله تعالى: {قال الملأ الّذين استكبروا من قومه للّذين استضعفوا لمن آمن منهم أتعلمون أنّ صالحًا مرسلٌ من ربّه قالوا إنّا بما أرسل به مؤمنون قال الّذين استكبروا إنّا بالّذي آمنتم به كافرون} [الأعراف: 75، 76]).[تفسير ابن كثير: 6/ 197]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (46)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال يا قوم لم تستعجلون بالسّيّئة قبل الحسنة}، أي: لم تدعون بحضور العذاب، ولا تطلبون من اللّه رحمته؟ ولهذا قال: {لولا تستغفرون اللّه لعلّكم ترحمون}). [تفسير ابن كثير: 6/ 198]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (47)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قالوا اطّيّرنا بك وبمن معك} أي: ما رأينا على وجهك ووجوه من اتّبعك خيرًا. وذلك أنّهم -لشقائهم- كان لا يصيب أحدًا منهم سوءٌ إلّا قال: هذا من قبل صالحٍ وأصحابه.
قال مجاهدٌ: تشاءموا بهم. وهذا كما قال تعالى إخبارًا عن قوم فرعون: {فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيّئةٌ يطّيّروا بموسى ومن معه ألا إنّما طائرهم عند اللّه} [الأعراف: 131]. وقال تعالى: {وإن تصبهم حسنةٌ يقولوا هذه من عند اللّه وإن تصبهم سيّئةٌ يقولوا هذه من عندك قل كلٌّ من عند اللّه} [النّساء: 78] أي: بقضاء اللّه وقدره. وقال مخبرًا عن أهل القرية إذ جاءها المرسلون: {قالوا إنّا تطيّرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنّكم وليمسّنّكم منّا عذابٌ أليمٌ. قالوا طائركم معكم} [يس: 18، 19]. وقال هؤلاء: {اطّيّرنا بك وبمن معك قال طائركم عند اللّه} أي: اللّه يجازيكم على ذلك {بل أنتم قومٌ تفتنون} قال قتادة: تبتلون بالطّاعة والمعصية.
والظّاهر أنّ المراد بقوله: {تفتنون} أي: تستدرجون فيما أنتم فيه من الضّلال). [تفسير ابن كثير: 6/ 198]

تفسير قوله تعالى: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (48)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وكان في المدينة تسعة رهطٍ يفسدون في الأرض ولا يصلحون (48) قالوا تقاسموا باللّه لنبيّتنّه وأهله ثمّ لنقولنّ لوليّه ما شهدنا مهلك أهله وإنّا لصادقون (49) ومكروا مكرًا ومكرنا مكرًا وهم لا يشعرون (50) فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنّا دمّرناهم وقومهم أجمعين (51) فتلك بيوتهم خاويةً بما ظلموا إنّ في ذلك لآيةً لقومٍ يعلمون (52) وأنجينا الّذين آمنوا وكانوا يتّقون (53)}.
يخبر تعالى عن طغاة ثمود ورؤوسهم، الّذين كانوا دعاة قومهم إلى الضّلالة والكفر وتكذيب صالحٍ، وآل بهم الحال إلى أنّهم عقروا النّاقة، وهمّوا بقتل صالحٍ أيضًا، بأن يبيّتوه في أهله ليلًا فيقتلوه غيلة، ثمّ يقولوا لأوليائه من أقربيه: إنّهم ما علموا بشيءٍ من أمره، وإنّهم لصادقون فيما أخبروهم به، من أنّهم لم يشاهدوا ذلك، فقال تعالى: {وكان في المدينة} أي: مدينة ثمود، {تسعة رهطٍ} أي: تسعة نفرٍ، {يفسدون في الأرض ولا يصلحون} وإنّما غلب هؤلاء على أمر ثمود؛ لأنّهم كانوا كبراء فيهم ورؤساءهم.
قال العوفي، عن ابن عبّاسٍ: هؤلاء هم الّذين عقروا النّاقة، أي: الّذي صدر ذلك عن آرائهم ومشورتهم -قبّحهم اللّه ولعنهم- وقد فعل ذلك.
وقال السّدّي، عن أبي مالكٍ، عن ابن عبّاسٍ: كان أسماء هؤلاء التّسعة: دعمى، ودعيم، وهرما، وهريمٌ، ودابٌ، وصوابٌ، وريابٌ، ومسطعٌ، وقدار بن سالفٍ عاقر النّاقة، أي: الّذي باشر ذلك بيده. قال اللّه تعالى: {فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر} [القمر: 29]، وقال تعالى {إذ انبعث أشقاها} [الشّمس: 12].
وقال عبد الرّزّاق: أنبأنا يحيى بن ربيعة الصّنعانيّ، سمعت عطاءً -هو ابن أبي رباحٍ -يقول: {وكان في المدينة تسعة رهطٍ يفسدون في الأرض ولا يصلحون} قال: كانوا يقرضون الدّراهم، يعني: أنّهم كانوا يأخذون منها، وكأنّهم كانوا يتعاملون بها عددًا، كما كان العرب يتعاملون.
وقال الإمام مالكٌ، عن يحيى بن سعيدٍ، عن سعيد بن المسيّب أنّه قال: قطع الذّهب والورق من الفساد في الأرض.
وفي الحديث -الّذي رواه أبو داود وغيره -: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نهى عن كسر سكّة المسلمين الجائزة بينهم إلّا من بأسٍ.
والغرض أنّ هؤلاء الكفرة الفسقة، كان من صفاتهم الإفساد في الأرض بكلّ طريقٍ يقدرون عليها، فمنها ما ذكره هؤلاء الأئمّة وغير ذلك). [تفسير ابن كثير: 6/ 198-199]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (49) وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (50) فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52) وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (53)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {قالوا تقاسموا باللّه لنبيّتنّه وأهله} أي: تحالفوا وتبايعوا على قتل نبيّ اللّه صالحٍ، عليه السّلام، من لقيه ليلًا غيلةً. فكادهم اللّه، وجعل الدّائرة عليهم.
قال مجاهدٌ: تقاسموا وتحالفوا على هلاكه، فلم يصلوا إليه حتّى هلكوا وقومهم أجمعين.
وقال قتادة: توافقوا على أن يأخذوه ليلًا فيقتلوه، وذكر لنا أنّهم بينما هم معانيق إلى صالحٍ ليفتكوا به، إذ بعث اللّه عليهم صخرةً فأهمدتهم.
وقال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: هم الّذين عقروا النّاقة، قالوا حين عقروها: نبيّت صالحًا [وأهله] وقومه فنقتلهم، ثمّ نقول لأولياء صالحٍ: ما شهدنا من هذا شيئًا، وما لنا به من علمٍ. فدمّرهم اللّه أجمعين.
وقال محمّد بن إسحاق: قال هؤلاء التّسعة بعدما عقروا النّاقة: هلم فلنقتل صالحًا، فإن كان صادقًا عجّلناه قبلنا، وإن كان كاذبًا كنّا قد ألحقناه بناقته! فأتوه ليلًا ليبيّتوه في أهله، فدمغتهم الملائكة بالحجارة، فلمّا أبطؤوا على أصحابهم، أتوا منزل صالحٍ، فوجدوهم منشدخين قد رضخوا بالحجارة، فقالوا لصالحٍ: أنت قتلتهم، ثمّ همّوا به، فقامت عشيرته دونه، ولبسوا السّلاح، وقالوا لهم: واللّه لا تقتلونه أبدًا، وقد وعدكم أنّ العذاب نازلٌ بكم في ثلاثٍ، فإن كان صادقًا فلا تزيدوا ربّكم عليكم غضبًا، وإن كان كاذبًا فأنتم من وراء ما تريدون. فانصرفوا عنهم ليلتهم تلك.
وقال عبد الرّحمن بن أبي حاتمٍ: لـمّا عقروا النّاقة وقال لهم صالحٌ: {تمتّعوا في داركم ثلاثة أيّامٍ ذلك وعدٌ غير مكذوبٍ} [هودٍ: 65]، قالوا: زعم صالحٌ أنّه يفرغ منّا إلى ثلاثة أيّامٍ، فنحن نفرغ منه وأهله قبل ثلاثٍ. وكان لصالحٍ مسجدٌ في الحجر عند شعبٍ هناك يصلّي فيه، فخرجوا إلى كهفٍ، أي: غارٍ هناك ليلًا فقالوا: إذا جاء يصلّي قتلناه، ثمّ رجعنا إذا فرغنا منه إلى أهله، ففرغنا منهم. فبعث اللّه صخرةً من الهضب حيالهم، فخشوا أن تشدخهم فتبادروا فانطبقت عليهم الصّخرة وهم في ذلك الغار، فلا يدري قومهم أين هم، ولا يدرون ما فعل بقومهم. فعذّب اللّه هؤلاء هاهنا، وهؤلاء هاهنا، وأنجى اللّه صالحًا ومن معه، ثمّ قرأ: {ومكروا مكرًا ومكرنا مكرًا وهم لا يشعرون فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنّا دمّرناهم وقومهم أجمعين فتلك بيوتهم خاويةً} أي: فارغةً ليس فيها أحدٌ {بما ظلموا إنّ في ذلك لآيةً لقومٍ يعلمون. وأنجينا الّذين آمنوا وكانوا يتّقون}). [تفسير ابن كثير: 6/ 199-200]

رد مع اقتباس