عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 18 جمادى الأولى 1434هـ/29-03-2013م, 12:57 PM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (23) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطانٍ مبينٍ (23) إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحرٌ كذّابٌ}.
يقول تعالى ذكره مسلّيًا نبيّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم، عمّا كان يلقى من مشركي قومه من قريشٍ، بإعلامه ما لقي موسى ممّن أرسل إليه من تكذيبٍ، ومخبره أنه معليه عليهم، وجاعلٌ دائرة السّوء على من حادّه وشاقّه، كسنّته في موسى صلوات اللّه عليه، إذ أعلاه، وأهلك عدوّه فرعون {ولقد أرسلنا موسى بآياتنا} يعني بأدلّته {وسلطانٍ مبينٍ}.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وسلطانٍ مبينٍ} أي عذرٍ مبينٍ.
يقول: وحججه المبيّنة لمن يراها أنّها حجّةٌ محقّقة ما يدعو إليه موسى). [جامع البيان: 20/306-307]

تفسير قوله تعالى: (إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (24) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحرٌ كذّابٌ} يقول: فقال هؤلاء الّذين أرسل إليهم موسى لموسى: هو ساحرٌ يسحر العصا، فيرى النّاظر إليها أنّها حيّةٌ تسعى، {كذّابٌ} يقول: يكذب على اللّه، ويزعم أنّه أرسله إلى النّاس رسولاً). [جامع البيان: 20/307]

تفسير قوله تعالى: (فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (25) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة فلما جاءهم بالحق من عندنا قالوا اقتلوا قال هذا بعد القتل الأول). [تفسير عبد الرزاق: 2/180]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فلمّا جاءهم بالحقّ من عندنا قالوا اقتلوا أبناء الّذين آمنوا معه واستحيوا نساءهم وما كيد الكافرين إلاّ في ضلالٍ}.
يقول تعالى ذكره: فلمّا جاء موسى هؤلاء الّذين أرسله اللّه إليهم بالحقّ من عندنا، وذلك مجيئه إيّاهم بتوحيد اللّه، والعمل بطاعته، مع إقامة الحجّة عليهم، بأنّ اللّه ابتعثه إليهم بالدّعاء إلى ذلك {قالوا اقتلوا أبناء الّذين آمنوا} باللّه {معه} من بني إسرائيل {واستحيوا نساءهم} يقول: واستبقوا نساءهم للخدمة.
فإن قال قائلٌ: وكيف قيل: فلمّا جاءهم موسى بالحقّ من عندنا قالوا: اقتلوا أبناء الّذين آمنوا معه واستحيوا نساءهم، وإنّما كان قتل فرعون الولدان من بني إسرائيل، حذار المولود الّذي كان أخبر أنّه على رأسه ذهاب ملكه، وهلاك قومه، وذلك كان فيما يقال قبل أن يبعث اللّه موسى نبيًّا؟ قيل: إنّ هذا الأمر بقتل أبناء الّذين آمنوا مع موسى، واستحياء نسائهم، كان أمرًا من فرعون وملئه من بعد الأمر الأوّل الّذي كان من فرعون قبل مولد موسى.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {فلمّا جاءهم بالحقّ من عندنا قالوا اقتلوا أبناء الّذين آمنوا معه واستحيوا نساءهم} قال: هذا قتلٌ غير القتل الأوّل الّذي كان.
وقوله: {وما كيد الكافرين إلاّ في ضلالٍ} يقول: وما احتيال أهل الكفر لأهل الإيمان باللّه إلاّ في جوزٍ عن سبيل الحقّ، وصدٍ عن قصد المحجّة، وأخذٍ على غير هدًى). [جامع البيان: 20/307-308]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (من آية 23 - 27
أخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه {فلما جاءهم بالحق من عندنا قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا}، قال: هذا بعد القتل الأول ولفظ عبد بن حميد هذا قتل غير القتل الأول الذي كان). [الدر المنثور: 13/34]

تفسير قوله تعالى: (وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ (26) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله أو أن يظهر في الأرض الفساد قال هو الهدى الفساد الذي عنى فرعون). [تفسير عبد الرزاق: 2/180]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا جعفر عن حميد الأعرج عن مجاهد أنه كان يقرأ (وأن يَظْهَرَ في الأرض الفسادُ)). [تفسير عبد الرزاق: 2/180]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربّه إنّي أخاف أن يبدّل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد}.
يقول تعالى ذكره: {وقال فرعون} لملئه: {ذروني أقتل موسى وليدع ربّه} الّذي يزعم أنّه أرسله إلينا فيمنعه منّا {إنّي أخاف أن يبدّل دينكم} يقول: إنّي أخاف أن يغيّر دينكم الّذي أنتم عليه بسحره.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {أو أن يظهر في الأرض الفساد} فقرأ ذلك عامّة قرّاء المدينة والشّام والبصرة: (وأن يظهر في الأرض الفساد) بغير ألفٍ، وكذلك ذلك في مصاحف أهل المدينة.
وقرأ ذلك عامّة قرّاء الكوفة: {أو أن} بالألف، وكذلك ذلك في مصاحفهم يظهر في الأرض بفتح الياء ورفع الفساد.
والصّواب من القول في ذلك عندنا أنّهما قراءتان مشهورتان في قراءة الأمصار متقاربتا المعنى، وذلك أنّ الفساد إذا أظهره مظهرًا كان ظاهرًا، وإذا ظهر فبإظهار مظهرٍ يظهر، ففي القراءة بإحدى القراءتين في ذلك دليلٌ واضحٌ على صحّة معنى الأخرى، وأمّا القراءة في: {أو أن يظهر} بالألف وبحذفها، فإنّهما أيضًا متقاربتا المعنى، وذلك أنّ الشّيء إذا بدل إلى خلافه فلا شكّ أنّ خلافه المبدّل إليه الأوّل هو الظّاهر دون المبدّل، فسواءٌ عطف على خبره عن خوفه من موسى أن يبدّل دينهم بالواو أو بأو، لأنّ تبديل دينهم كان عنده ظهور الفساد، وظهور الفساد كان عنده هو تبديل الدّين.
فتأويل الكلام إذن: إنّي أخاف من موسى أن يغيّر دينكم الّذي أنتم عليه، أو أن يظهر في أرضكم أرض مصر، عبادة ربّه الّذي يدعوكم إلى عبادته، وذلك كان عنده هو الفساد.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {إنّي أخاف أن يبدّل دينكم} أي أمركم الّذي أنتم عليه {أو أن يظهر في الأرض الفساد} والفساد عنده أن يعمل بطاعة اللّه). [جامع البيان: 20/308-310]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {وقال فرعون ذروني أقتل موسى} قال: أنظر من يمنعه مني). [الدر المنثور: 13/34]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه {إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد} قال: أن يقتلوا أبناءكم ويستحيوا نساءكم إذا ظهروا عليكم كما كنتم تفعلون بهم). [الدر المنثور: 13/34-35]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه {إني أخاف أن يبدل دينكم} أي أمركم الذي أنتم عليه {أو أن يظهر في الأرض الفساد} والفساد عنده أن يعمل بطاعة الله (إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب) قال: المشرك أسرف على نفسه بالشرك). [الدر المنثور: 13/35]

تفسير قوله تعالى: (وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ (27) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقال موسى إنّي عذت بربّي وربّكم من كلّ متكبّرٍ لا يؤمن بيوم الحساب (27) وقال رجلٌ مؤمنٌ من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلاً أن يقول ربّي اللّه وقد جاءكم بالبيّنات من ربّكم وإن يك كاذبًا فعليه كذبه وإن يك صادقًا يصبكم بعض الّذي يعدكم إنّ اللّه لا يهدي من هو مسرفٌ كذّابٌ}.
يقول تعالى ذكره: وقال موسى لفرعون وملئه: إنّي استجرت أيّها القوم بربّي وربّكم، من كلّ متكبّرٍ عليه، تكبّر عن توحيده، والإقرار بألوهيّته وطاعته، لا يؤمن بيوم يحاسب اللّه فيه خلقه، فيجازي المحسن بإحسانه، والمسيء بما أساء؛ وإنّما خصّ موسى صلوات اللّه وسلامه عليه، الاستعاذة باللّه ممّن لا يؤمن بيوم الحساب؛ لأنّ من لم يؤمن بيوم الحساب مصدّقًا، لم يكن للثّواب على الإحسان راجيًا، ولا للعقاب على الإساءة وقبيح ما يأتي من الأفعال خائفًا، ولذلك كان استجارته من هذا الصّنف من النّاس خاصّةً). [جامع البيان: 20/310]


رد مع اقتباس