عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 19 ربيع الثاني 1434هـ/1-03-2013م, 07:52 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآَتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (163) )

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب قوله: {إنّا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوحٍ} [النساء: 163] إلى قوله: {ويونس وهارون وسليمان} [النساء: 163]
- حدّثنا مسدّدٌ، حدّثنا يحيى، عن سفيان، قال: حدّثني الأعمش، عن أبي وائلٍ، عن عبد اللّه، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «ما ينبغي لأحدٍ أن يقول أنا خيرٌ من يونس بن متّى»
- حدّثنا محمّد بن سنانٍ، حدّثنا فليحٌ، حدّثنا هلالٌ، عن عطاء بن يسارٍ، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: " من قال: أنا خيرٌ من يونس بن متّى فقد كذب "). [صحيح البخاري: 6/49-50]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله باب قوله إنّا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوحٍ إلى قوله ويونس وهارون وسليمان)
كذا لأبي ذرٍّ وزاد في رواية أبي الوقت والنبيين من بعده والباقي سواءٌ لكن سقط لغير أبي ذرٍّ باب.
قوله ما ينبغي لأحدٍ في رواية المستملي والحمويّ لعبدٍ قوله أن يقول أنا خيرٌ من يونس يحتمل أنّ يكون المراد أنّ العبد القائل هو الّذي لا ينبغي له أن يقول ذلك ويحتمل أن يكون المراد بقوله أنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وقاله تواضعًا ودلّ حديث أبي هريرة ثاني حديثي الباب على أنّ الاحتمال الأوّل أولى.
قوله فقد كذب أي إذا قال ذلك بغير توقيفٍ وقد تقدّم شرح هذا الحديث في أحاديث الأنبياء بما أغنى عن إعادته هنا والله المستعان). [فتح الباري: 8/267]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (باب قوله: {إنّا أوحينا إليك} إلى قول {ويونس وهارون وسليمان} (النّساء: 163)

أي: هذا باب في قوله تعالى إلى آخره، ولم يذكر لفظ: باب، إلاّ في رواية أبي ذر، وذكر المذكور إلى {وسليمان} في رواية أبي ذر. وفي رواية أبي الوقت إلى (نوح والنبيين من بعده) وتمام الآية. (إنّا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا) قوله: (أنا أوحينا إليك) ، أي: إنّا أوحينا إليك يا محمّد كما أوحينا إلى نوح، وقدم نوحًا عليه السّلام، لأنّه أول أنبياء الشّرائع وأكبرهم سنا ولأنّه لم يبالغ أحد من الأنبياء عليهم السّلام، في الدعوة مثل ما بالغ هو عليه السّلام، وجعله الله ثاني المصطفى في موضعين من كتابه، فقال: {ومنك ومن نوح} (الأحزاب: 7) وفي هذه الآية، وهو أول من تنشق عنه الأرض بعد النّبي صلى الله عليه وسلم، ثمّ ذكر جميع الأنبياء. بقوله: {والنبيين من بعده} وخص منهم جماعة بالذكر صريحًا تشريفًا لهم. ثمّ قال: {والأسباط} وهم أولاد يعقوب و {عيسى وأيوب} وقدم عيسى على من قبله لأن الواو لا تقتضي التّرتيب، وفي تخصيصه أيضا رد على اليهود. قوله: (زبورا) وهو اسم الكتاب الّذي أنزل الله تعالى على داود.

- حدّثنا مسدّدٌ حدّثنا يحيى عن سفيان قال حدّثني الأعمش عن أبي وائلٍ عن عبد الله عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال ما ينبغي لأحدٍ أن يقول أنا خيرٌ من يونس بن متّى.

مطابقته للتّرجمة في قوله: {يونس} ويحيى هو القطّان، وسفيان هو الثّوريّ، والأعمش هو سليمان، وأبو وائل هو شقيق بن سلمة، وعبد الله ابن مسعود.
والحديث قد مر في كتاب الأنبياء في: باب قول الله تعالى: {وإن يونس لمن المرسلين} (الصافات: 139) بهذا الإسناد. قوله: (ما ينبغي لأحد) وفي رواية الحمويّ والمستملي: (ما ينبغي لعبد) . قوله: (أنا) قال الكرماني: أنا أي: العبد أو رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: إن كان المراد من لفظ: أنا هو العبد فمعناه أن العبد القائل به لا ينبغي له أن يقول: أنا خير من يونس، وإن كان المراد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكون المعنى: قال ذلك تواضعا وهضما للنّفس. قوله: (متى) ، بفتح الميم وتشديد المثنّاة من فوق مقصورا والصّحيح أنه اسم أبيه.

- حدّثنا محمّد بن سنانٍ حدّثنا فليحٌ حدّثنا هلالٌ عن عطاءٍ بن يسارٍ عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال من قال أنا خيرٌ من يونس بن متّى فقد كذب.

مطابقته للتّرجمة مثل مطابقة الحديث الّذي مضى قبله. ومحمّد بن سنان، بكسر السّين المهملة وتخفيف النّون وبعد الألف نون أخرى، وفليح، بضم الفاء: ابن سليمان، وهلال بن عليّ، وعطاء بن يسار ضد اليمين.
قوله: (من قال) إلى آخره، قال الدّاوديّ: يريد لا يقول أحد ذلك. ولو أراد النّبي صلى الله عليه وسلم نفسه لكان نهيه قبل أن يعلم أنه خير البشر، فيقول: كذب من قال ما لم يعلم). [عمدة القاري: 18/194]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب قوله: {إنّا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوحٍ} -إلى قوله- {ويونس وهارون وسليمان} [النساء: 163]
هذا (باب) بالتنوين (قوله) عز وجل ({إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح}) إلى قوله: ({ويونس وهارون وسليمان}) [النساء: 163] وسقط لفظ باب لغير أبي ذر وقوله كما أوحينا إلى نوح لغير أبوي ذر والوقت والكاف في كما أوحينا نصب بمصدر محذوف أي إيحاء مثل إيحائنا أو على أنه حال من ذلك المصدر المحذوف وما تحتمل المصدرية فلا تفتقر إلى عائد على الصحيح والموصولية فيكون العائد محذوفًا.
وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فيما رواه ابن إسحاق أن سكينًا وعدي بن زيد قالا: يا محمد ما نعلم أن الله أنزل على بشر من شيء من بعد موسى فأنزل الله تعالى في ذلك {إنا أوحينا إليك}.
وعن محمد بن كعب القرظي أنزل الله {يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابًا من السماء} إلى قوله: {بهتانًا عظيمًا} [النساء: 153 - 156] فلما تلاها عليهم يعني اليهود وأخبرهم بأعمالهم الخبيثة جحدوا كل ما أنزل الله تعالى وقالوا: {ما أنزل الله على بشر من شيء} فقال: ولا على أحد فأنزل الله {وما قدروا الله حق قدره} [الأنعام: 91] إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء.
قال ابن كثير وفي هذا الذي قاله محمد بن كعب نظر فإن هذه الآية مكية في سورة الأنعام وهذه الآية التي في النساء مدنية وهي ردّ عليهم لما سألوه صلّى اللّه عليه وسلّم أن ينزل عليهم كتابًا من السماء قال الله تعالى فقد سألوا موسى أكبر من ذلك ثم ذكر فضائحهم ومعايبهم ثم ذكر أنه أوحى إلى عبده كما أوحى إلى غيره من النبيين فقال مخاطبًا حبيبه وآثر صيغة التعظيم تعظيمًا للموحي والموحى إليه {إنّا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح} أي لك أسوة بالأنبياء السالفة فتأس بهم {وكلاًّ نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك} لأن شأن وحيك كشأن وحيهم، وبدأ بنوح لأنه أوّل نبي قاسى الشدة من الأمة وعطف عليه النبيين من بعده وخص منهم إبراهيم إلى داود عليه السلام تشريفًا لهم وترك ذكر موسى ليبرزه مع ذكرهم بقوله: {وكلم الله موسى تكليمًا} على نمط أعم من الأوّل لأن قوله: {ورسلًا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلًا لم نقصصهم} من التقسيم الخاص مزيدًا لشرفه واختصاصه بوصف التكليم دونهم أي رسلًا فضلهم واختارهم وآتاهم الآيات البينات والمعجزات القاهرات الباهرات إلى ما لا يحصى، وخص موسى بالتكليم وثلث ذكرهم على أسلوب يجمعهم في وصف عام على جهة المدح والتعظيم سار في غيرهم وهو كونهم مبشرين ومنذرين وجعلهم حجة الله على الخلق طرًا لقطع معاذيرهم فيدخل في هذا القسم كل من دعا إلى
هدى وبشر وأنذر كالعلماء وظهر من هذا التقرير طبقات الداعين إلى الله بأسرهم قاله في فتوح الغيب.
- حدّثنا مسدّدٌ، حدّثنا يحيى عن سفيان، قال: حدّثني الأعمش، عن أبي وائلٍ، عن عبد اللّه عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «ما ينبغي لأحدٍ أن يقول أنا خيرٌ من يونس بن متّى».
وبه قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان (عن سفيان) الثوري أنه (قال: حدّثني) بالإفراد (الأعمش) سليمان (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة (عن عبد الله) بن مسعود رضي الله تعالى عنه (عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم) أنه (قال): (ما ينبغي لأحد) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي لعبد بدل قوله لأحد، وسقط لأبي ذر قال: (أن يقول أنا خير من يونس بن متى) بفتح الميم والمثناة الفوقية المشددة مقصورًا اسم أبيه وقيل اسم أمه أي ليس لأحد أن يفضل نفسه على يونس أو ليس لأحد أن يفضلني عليه وهذا منه صلّى اللّه عليه وسلّم على طريق التواضع فلا يعارض بحديث "أنا سيد ولد آدم" الصادر منه صلّى اللّه عليه وسلّم على طريق التحدث بالنعمة والإعلام للأمة برفيع منزلته ليعتقدوه أو قال الأوّل قبل أن يعلم الثاني.
- حدّثنا محمّد بن سنانٍ، حدّثنا فليحٌ حدّثنا هلالٌ، عن عطاء بن يسارٍ، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «من قال أنا خيرٌ من يونس بن متّى فقد كذب».
وبه قال: (حدّثنا محمد بن سنان) بكسر السين وتخفيف النون العوقي بفتح العين المهملة والواو بعدها قاف الباهلي قال: (حدّثنا فليح) بضم الفاء وفتح اللام آخره حاء مهملة مصغرًا ابن سليمان قال: (حدّثنا هلال) هو ابن علي (عن عطاء بن يسار) ضد اليمين (عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم) أنه (قال): (من قال أنا خير) يعني نفسه أو النبي صلّى اللّه عليه وسلّم (من يونس بن متى فقد كذب) لعله قال ذكر زجرًا عن توهم حط مرتبة يونس لما في قوله تعالى: {ولا تكن كصاحب الحوت} [القلم: 48] فقاله سدًّا للذريعة، وهذا هو السبب في تخصيص يونس بالذكر من بين سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
وهذا الحديث قد ذكره في أحاديث الأنبياء). [إرشاد الساري: 7/98-99]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (باب {إنا أوحينا إليك ـ إلى قوله ـ ويونس وهارون وسليمان}
قوله: (من قال: أنا خير من يونس بن متى فقد كذب) أي: من قال كذلك افتخاراً لا بد أن يكون كاذباً إذ الذي يكون خيراً، ويقول على وجه التحدث بنعمة الله، أو على وجه تبليغ ما أوحى إليه، وأمر بتبليغه ك النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، قال: أنا سيد ولد آدم لا يقول افتخاراً، ولذلك قال صلى الله تعالى عليه وسلم، ولا فخر، والله تعالى أعلم اهـ سندي). [حاشية السندي على البخاري: 3/48-49]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله جلّ ثناؤه: {إنّا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوحٍ}
- أخبرنا محمّد بن سلمة، أخبرنا ابن القاسم، عن مالكٍ، قال: حدّثني هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: أنّ الحارث بن هشامٍ، سأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: يا رسول الله، كيف يأتيك الوحي؟ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أحيانًا يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشدّه عليّ، فيفصم عنّي، وقد وعيت ما قال، وأحيانًا يتمثّل لي الملك رجلًا فيكلّمني فأعي ما يقول» قالت عائشة: ولقد رأيته ينزل عليه في اليوم الشّديد البرد فيفصم عنه وإنّ جبينه ليتفصّد عرقًا
- أخبرنا قتيبة بن سعيدٍ، حدّثنا اللّيث، عن سعيدٍ المقبريّ، عن أبيه، عن أبي هريرة: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «ما من الأنبياء من نبيٍّ إلّا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنّما كان الّذي أوتيت وحيًا أوحاه الله إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/75]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوحٍ والنّبيّين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيّوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورًا}
يعني جلّ ثناؤه بقوله: {إنّا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوحٍ} إنّا أرسلنا إليك يا محمّد بالنّبوّة كما أرسلنا إلى نوحٍ وإلى سائر الأنبياء الّذين سمّيتهم لك من بعده والّذين لم أسمّهم لك. كما:.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن الأعمش، عن منذرٍ الثّوريّ، عن الرّبيع بن خثيمٍ، في قوله: {إنّا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوحٍ والنّبيّين من بعده} قال: أوحي إليك كما أوحي إلى جميع النّبيّين من قبله
وذكر أنّ هذه الآية نزلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، لأنّ بعض اليهود لمّا فضحهم اللّه بالآيات الّتي أنزلها على رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم، وذلك من قوله: {يسألك أهل الكتاب أن تنزّل عليهم كتابًا من السّماء} فتلا ذلك عليهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قالوا: ما أنزل اللّه على بشرٍ من شيءٍ بعد موسى. فأنزل اللّه هذه الآيات تكذيبًا لهم، وأخبر نبيّه والمؤمنين به أنّه قد أنزل عليه بعد موسى وعلى من سمّاهم في هذه الآية وعلى آخرين لم يسمّهم. كما:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا يونس بن بكيرٍ، وحدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، قال: حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ، مولى زيد بن ثابتٍ، قال: حدّثني سعيد بن جبيرٍ أو عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: قال سكينٌ وعديّ بن زيدٍ: يا محمّد ما نعلم اللّه أنزل على بشرٍ من شيءٍ بعد موسى، فأنزل اللّه في ذلك من قولهما: {إنّا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوحٍ والنّبيّين من بعده} إلى آخر الآيات.
وقال آخرون: بل قالوا: لمّا أنزل اللّه الآيات الّتي قبل هذه في ذكرهم ما أنزل اللّه على بشرٍ من شيءٍ، ولا على موسى، ولا على عيسى، فأنزل اللّه جلّ ثناؤه: {وما قدروا اللّه حقّ قدره إذ قالوا ما أنزل اللّه على بشرٍ من شيءٍ} ولا على موسى، ولا على عيسى..
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني الحرث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا أبو معشرٍ، عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ، قال: أنزل اللّه: {يسألك أهل الكتاب أن تنزّل عليهم كتابًا من السّماء} إلى قوله: {وقولهم على مريم بهتانًا عظيمًا} فلمّا تلاها عليهم، يعني على اليهود، وأخبرهم بأعمالهم الخبيثة، جحدوا كلّ ما أنزل اللّه، وقالوا: ما أنزل اللّه على بشرٍ من شيءٍ، ولا على موسى، ولا على عيسى، وما أنزل اللّه على نبيٍّ من شيءٍ. قال: فحلّ حبوته، وقال: ولا على أحدٍ. فأنزل اللّه جلّ ثناؤه: {وما قدروا اللّه حقّ قدره إذ قالوا ما أنزل اللّه على بشرٍ من شيءٍ}
وأمّا قوله: {وآتينا داود زبورًا} فإنّ القرّاء اختلفت في قراءته، فقرأته عامّة قرّاء أمصار الإسلام غير نفرٍ من قرّاء الكوفة: {وآتينا داود زبورًا} بفتح الزّاي على التّوحيد، بمعنى: وآتينا داود الكتاب المسمّى زبورًا.
وقرأ ذلك بعض قرّاء الكوفيّين: وآتينا داود زبورًا بضمّ الزّاي جمع زبرٍ، كأنّهم وجّهوا تأويله: وآتينا داود كتبًا وصحفًا مزبورةً، من قولهم: زبرت الكتاب أزبره زبرًا، وذبرته أذبره ذبرًا: إذا كتبته.
قال أبو جعفرٍ: وأولى القراءتين في ذلك بالصّواب عندنا، قراءة من قرأ: {وآتينا داود زبورًا} بفتح الزّاي على أنّه اسم الكتاب الّذي أوتيه داود، كما سمّى الكتاب الّذي أوتيه موسى التّوراة، والّذي أوتيه عيسى الإنجيل، والّذي أوتيه محمّدٌ الفرقان، لأنّ ذلك هو الاسم المعروف به ما أوتي داود، وإنّما تقول العرب زبور داود، وبذلك يعرف كتابه سائر الأمم). [جامع البيان: 7/685-688]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (إنّا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوحٍ والنّبيّين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيّوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داوود زبورًا (163)
قوله تعالى: إنّا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوحٍ
- ذكر عن جريرٍ، عن الأعمش، عن منذرٍ الثّوريّ، عن الرّبيع في قوله:
إنّا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوحٍ والنّبيّين من بعده قال: أوحى اللّه إليه كما أوحى إلى جميع النّبيّين من بعده.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا أبو غسّان، ثنا سلمة، قال محمّد بن إسحاق: يقول اللّه تعالى في الخبر عن إبراهيم: قال يا بنيّ إنّي أرى في المنام أنّي أذبحك ثمّ مضى على ذلك فعرف أنّ الوحي من اللّه يأتي الأنبياء أيقاظًا ونيامًا، وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فيما بلغني يقول: تنام عيناي وقلبي يقظان، فاللّه أعلم أنّى ذلك كان قد جاءه وعاين فيه ما عاين من أمر اللّه على أيّ حالاتٍ كان نائمًا أو يقظانًا، كلّ ذلك حق وصدق.
قوله تعالى: وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ أبو غسّان، ثنا سلمة عن محمّد بن إسحاق قال: قال سكين ومحمد وعدي بن يزيد: يا محمّد، ما نعلم أن أنزل على بشرٍ من شيءٍ بعد موسى، فأنزل اللّه في ذلك من قولهما إنّا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوحٍ والنّبيّين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط الآية.
قوله تعالى: والأسباط.
- حدّثنا عصام بن روّادٍ، ثنا آدم، ثنا أبو جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية قال: والأسباط هو يوسف وأخوته بنو يعقوب اثنا عشر رجلا، ولد كلّ رجلٍ منهم أمّةً من النّاس فسمّوا الأسباط.
وروي عن قتادة، والرّبيع بن أنسٍ نحو ذلك.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّاد بن طلحة، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: والأسباط قال: هم بنو يعقوب يوسف وبنيامين وروبيل ويهوذا وشمعون ولاوي ودان وقهاب.
قوله تعالى: وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان الآية.
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ عن أبيه، عن الرّبيع قال الزّبور: ثناءٌ على اللّه ودعاءٌ وتسبيحٌ.
قوله تعالى: وآتينا
- وبه عن الرّبيع قوله: وآتينا قال: أعطاه اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 4/1117-1118]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن إسحاق، وابن جرير، وابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال: قال سكين وعدي بن زيد: يا محمد ما نعلم الله أنزل على بشر من شيء بعد موسى، فأنزل الله في ذلك {إنا أوحينا إليك} إلى آخر الآيات.
وأخرج ابن جرير عن الربيع بن خيثم في قوله {إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده} قال: أوحى إليه كما أوحى إلى جميع النبيين من قبله). [الدر المنثور: 5/131]

تفسير قوله تعالى: (وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (164) )
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {وكلّم الله موسى تكليمًا}
- أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا جريرٌ، عن الأعمش، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: " احتجّ آدم وموسى، فقال موسى لآدم: أنت الّذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، أغويت النّاس، وأخرجتهم من الجنّة، فقال آدم: أنت الّذي اصطفاك الله برسالته، وكلّمك تكليمًا، أتلومني أن أعمل عملًا كتبه الله عليّ قبل أن يخلق السّموات والأرض، فحجّ آدم موسى "). [السنن الكبرى للنسائي: 10/75]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ورسلاً قد قصصناهم عليك من قبل ورسلاً لم نقصصهم عليك وكلّم اللّه موسى تكليمًا}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: إنّا أوحينا إليك، كما أوحينا إلى نوحٍ، وإلى رسلٍ قد قصصناهم عليك، ورسلٍ لم نقصصهم عليك.
فلعلّ قائلاً أن يقول: فإذا كان ذلك معناه، فما بال قوله: {ورسلاً} منصوبًا غير مخفوضٍ؟ قيل: نصب ذلك إذا لم تعد عليه إلى الّتي خفضت الأسماء قبله، وكانت الأسماء قبلها وإن كانت مخفوضةً، فإنّها في معنى النّصب، لأنّ معنى الكلام: إنّا أرسلناك رسولاً كما أرسلنا نوحًا والنّبيّين من بعده، فعطفت الرّسل على معنى الأسماء قبلها في الإعراب، لانقطاعها عنها دون ألفاظها، إذ لم يعد عليها ما خفضها، كما قال الشّاعر:.
و جئت بالخبز له منشّرًا = والبيض مطبوخًا معًا والسّكّرا.
لم يرضه ذلك حتّى يسكرا
وقد يحتمل أن يكون نصب الرّسل، لتعلّق الواو بالفعل بمعنى: وقصصنا رسلاً عليك من قبل، كما قال جلّ ثناؤه: {يدخل من يشاء في رحمته والظّالمين أعدّ لهم عذابًا أليمًا}
وقد ذكر أنّ ذلك في قراءة أبيٍّ: ورسلٌ قد قصصناهم عليك من قبل ورسلٌ لم نقصصهم عليك فرفع ذلك إذا قرئ كذلك بعائد الذّكر في قوله: {قصصناهم عليك}
وأمّا قوله: {وكلّم اللّه موسى تكليمًا} فإنّه يعني بذلك جلّ ثناؤه: وخاطب اللّه بكلامه موسى خطابًا. وقد:.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، قال: حدّثنا نوح بن أبي مريم، وسئل: كيف كلّم اللّه موسى تكليمًا؟ فقال: مشافهةً.
- وقد حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبو أسامة، عن ابن مباركٍ، عن معمرٍ، ويونس، عن الزّهريّ، عن أبي بكر بن عبد الرّحمن بن الحارث بن هشامٍ،
قال: أخبرني جزى بن جابرٍ الخثعميّ، قال: سمعت كعبًا، يقول: إنّ اللّه جلّ ثناؤه لمّا كلّم موسى كلّمه بالألسنة كلّها قبل كلامه، يعني كلام موسى، فجعل يقول: يا ربّ لا أفهم. حتّى كلّمه بلسانه آخر الألسنة، فقال: يا ربّ هكذا كلامك؟ قال: لا، ولو سمعت كلامي، أي على وجهه، لم تك شيئًا.
قال ابن وكيعٍ، قال أبو أسامة: وزادني أبو بكرٍ الصّغانيّ في هذا الحديث: أنّ موسى قال: يا ربّ هل في خلقك شيءٌ يشبه كلامك؟ قال: لا، وأقرب خلقي شبهًا بكلامي، أشدّ ما تسمع النّاس من الصّواعق.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبو أسامة، عن عمر بن حمزة بن عبد اللّه بن عمر، قال: سمعت محمّد بن كعبٍ القرظيّ، يقول: سئل موسى: ما شبّهت كلام ربّك ممّا خلق؟ فقال موسى: الرّعد السّاكن.
- حدّثني يونس بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن وهبٍ، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهابٍ، قال: أخبرني أبو بكر بن عبد الرّحمن، أنّه أخبره عن جزء بن جابرٍ الخثعميّ، قال: لمّا كلّم اللّه موسى بالألسنة كلّها قبل لسانه، فطفق يقول: واللّه يا ربّ ما أفقه هذا، حتّى كلّمه بلسانه آخر الألسنة بمثل صوته، فقال موسى: يا ربّ هذا كلامك؟ قال: لا، قال: هل في خلقك شيءٌ يشبه كلامك؟ قال: لا، وأقرب خلقي شبهًا بكلامي، أشدّ ما يسمع النّاس من الصّواعق.
- حدّثنا ابن عبد الرّحيم قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا زهيرٌ، عن يحيى، عن الزّهريّ، عن أبي بكر بن عبد الرّحمن بن الحارث بن هشامٍ، عن جزء بن جابرٍ، أنّه سمع كعبًا يقول: لمّا كلّم اللّه موسى بالألسنة قبل لسانه، طفق موسى يقول: أي ربّ، إنّي لا أفقه هذا. حتّى كلّمه اللّه آخر الألسنة بمثل لسانه، فقال موسى: أي ربّ هذا كلامك؟ قال اللّه: لو كلّمتك بكلامي لم تكن شيئًا. قال: يا ربّ، فهل من خلقك شيءٌ يشبه كلامك؟ قال: لا، وأقرب خلقي شبهًا بكلامي، أشدّ ما يسمع من الصّواعق.
- حدّثني أبو يونس المكّيّ، قال: حدّثنا ابن أبي أويسٍ، قال: أخبرني أخي، عن سليمان، عن محمّد بن أبي عتيقٍ، عن ابن شهابٍ، عن أبي بكر بن عبد الرّحمن بن الحارث بن هشامٍ، أنّه أخبره جزء بن جابرٍ الخثعميّ، أنّه سمع الأحبار يقول: لمّا كلّم اللّه موسى كلمه بالألسنة كلّها قبل لسانه، فطفق موسى يقول: أي ربّ، واللّه ما أفقه هذا. حتّى كلّمه آخر الألسنة بلسانه بمثل صوته، فقال موسى: أي ربّ، أهذا كلامك؟ فقال: لو كلّمتك بكلامي لم تكن شيئًا. قال: أي ربّ هل في خلقك شيءٌ يشبه كلامك؟ فقال: لا، وأقرب خلقي شبهًا بكلامي، أشدّ ما يسمع من الصّواعق). [جامع البيان: 7/688-692]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ورسلًا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلًا لم نقصصهم عليك وكلّم اللّه موسى تكليمًا (164)
قوله تعالى: ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل.
- حدّثنا محمّد بن عوفٍ الحمصيّ، ثنا أبو المغيرة، ثنا معان بن رفاعة عن عليّ بن زيدٍ، عن القاسم، عن أبي أمامة قال: قلت: يا نبيّ اللّه، كم الأنبياء؟ قال:
مائة ألفٍ وأربعةٌ وعشرون ألفًا، الرّسل من ذلك ثلاثمائةٍ وخمسة عشر جمًّا غفيرًا.
قوله تعالى: ورسلا لم نقصصهم عليك.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا عبد الوهّاب الصّيرفيّ بالبصرة، ثنا مسلم بن قتيبة عن إسرائيل، عن جابرٍ، عن عبد اللّه بن نجيٍّ، عن عليٍّ قوله: ورسلا لم نقصصهم عليك قال: بعث اللّه نبيًّا عبدًا حبشيًّا فهو ممّن لم يقصّه على محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
- حدّثنا الحسين بن السّكن البصريّ، ثنا أبو زيدٍ يعني النّحويّ، ثنا قيسٌ، عن جابرٍ، عن عبد اللّه بن نجيٍّ، عن عليٍّ في قوله: ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلًا لم نقصصهم عليك قال: بعث نبيٌّ من الحبش فهو ممّن لم يقصّه على محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلم.
قول تعالى: وكلّم اللّه موسى تكليمًا.
- حدّثنا أبي، ثنا عمرو بن الصّلت، ثنا عليّ بن عاصمٍ، عن الفضل بن عيسى الرّقاشيّ، حدّثني محمّد بن المنكدر، عن جابر بن عبد اللّه قال: لمّا كلّم اللّه تعالى موسى يوم الطّور، كلّمه بغير الكلام الّذي كلّمه يوم ناداه، فقال له موسى:
يا ربّ هذا كلامك الّذي كلّمتني به؟ قال: لا يا موسى، إنّما كلّمتك بقوّة عشرة آلاف لسانٍ ولي قوّة الألسنة كلّها وأنا أقوى من ذلك، فلمّا رجع موسى إلى بني إسرائيل قالوا: يا موسى، صف لنا كلام الرّحمن، فقال: لا أستطيعه. قالوا: فشبّه. قال:
ألم تروا إلى صوت الصّواعق فإنّها قريبٌ منه وليس به.
- حدّثنا أحمد بن منصور بن بشّارٍ الرّماديّ، ثنا عبد الرّزّاق، أنبأ معمرٌ عن الزّهريّ، عن أبي بكر بن عبد الرّحمن بن الحارث، عن جزئ بن جابرٍ الخثعميّ عن كعبٍ قال: إنّ اللّه تعالى لمّا كلّم موسى بالألسنة كلّها سوى كلامه، فقال له موسى:
أي ربّ هذا كلامك؟ قال: لا، ولو كلّمتك بكلامي لم تستقم له. قال: أي ربّ فهل من خلقك شيءٌ يشبه كلامك؟ قال: لا. قال: وأشدّ خلقي شبهًا بكلامي أشدّ ما تسمعون من الصّواعق.
قوله تعالى: تكليمًا.
- حدّثنا أبي، ثنا إبراهيم بن مهديٍّ، ثنا مروان الفزاريّ، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ عن الشّعبيّ، عن عبد اللّه بن الحارث، عن كعبٍ قال: كلّم اللّه موسى مرّتين.
- حدّثنا أبي، عن القاسم بن يمانٍ، أنبأ خلف بن خليفة، عن أبي وائلٍ يعني ابن داود في قول اللّه تعالى: وكلّم اللّه موسى تكليمًا قال: مرارًا.
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن عيسى، ثنا أبو تميلة، عن أبي عصمة في قول اللّه تعالى: وكلّم اللّه موسى تكليمًا قال: مشافهةً). [تفسير القرآن العظيم: 4/1118-1120]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {وكلّم اللّه موسى تكليمًا} [النساء: 164]
- عن عبد الجبّار بن عبد اللّه قال: جاء رجلٌ إلى أبي بكر بن عيّاشٍ سمعت رجلًا يقول: لم يكلّم اللّه موسى تكليمًا، فقال: ما هذا إلّا كافرٌ، قرأت على الأعمش، وقرأ الأعمش على يحيى بن وثّابٍ، وقرأ يحيى بن وثّابٍ على أبي عبد الرّحمن، وقرأ أبو عبد الرّحمن على عليّ بن أبي طالبٍ، «وقرأ عليٌّ على رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم -: {وكلّم اللّه موسى تكليمًا} [النساء: 164]».
رواه الطّبرانيّ في الأوسط، وعبد الجبّار بن عبد اللّه لم أعرفه، وبقيّة رجاله ثقاتٌ، والّذي وجدته روى عن أبي بكر بن عيّاشٍ أحمد بن عبد الجبّار بن ميمونٍ، وهو ضعيفٌ، والنّسخة سقيمةٌ، واللّه أعلم). [مجمع الزوائد: 7/12-13]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج عبد بن حميد والحكيم الترمذي في نوادر الأصول، وابن حبان في صحيحه والحاكم، وابن عساكر عن أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله كم الأنبياء قال: مائة ألف نبي وأربعة وعشرون ألفا، قلت: يا رسول الله كم الرسل منهم قال: ثلثمائة وثلاثة عشر جم غفير، قال: يا أبا ذر أربعة سريانيون: آدم وشيث ونوح وخنوخ وهو إدريس وهو أول من خط بقلم وأربعة من العرب: هود وصالح وشعيب ونبيك وأول نبي من أنبياء بني إسرائيل موسى وآخرهم عيسى وأول النبيين آدم وآخرهم نبيك أخرجه ابن حبان في صحيحه، وابن الجوزي في الموضوعات وهما في طرفي نقيض والصواب أنه ضعيف لا صحيح ولا موضوع كما بينته في مختصر الموضوعات.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي أمامة قال: قلت: يا نبي الله كم الأنبياء قال: مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا الرسل من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر جما غفيرا.
وأخرج أبو يعلى وأبو نعيم في الحلية بسند ضعيف عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بعث الله ثمانية آلاف نبي أربعة آلاف إلى بني إسرائيل وأربعة آلاف إلى سائر الناس ".
وأخرج أبو يعلى والحاكم بسند ضعيف عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان فيمن خلا من إخواني من الأنبياء ثمانية آلاف نبي ثم كان عيسى بن مريم ثم كنت أنا بعده.
وأخرج الحاكم بسند ضعيف عن أنس قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم:.
وأخرج أبو يعلى والحاكم بسند ضعيف عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بعد ثمانية آلاف من الأنبياء منهم أربعة آلاف من بني إسرائيل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن علي في قوله {ورسلا لم نقصصهم عليك} قال: بعث الله نبيا عبدا حبشيا فهو مما ما لم يقصصه على محمد صلى الله عليه وسلم، وفي لفظ: بعث نبي من الحبش.
وأخرج ابن عساكر عن كعب الأحبار قال: إن الله أنزل على آدم عليه السلام عصيا بعدد الأنبياء المرسلين ثم أقبل على ابنه شيث فقال: أي بني أنت خليفتي من بعدي فخذها بعمارة التقوى والعروة الوثقى وكلما ذكرت اسم الله تعالى فاذكر إلى جنبه اسم محمد فإني رأيت اسمه مكتوبا على ساق العرش وأنا بين الروح والطين ثم إني طفت السموات فلم أر في السموات موضعا إلا رأيت اسم محمد مكتوبا عليه وإن ربي أسكنني الجنة فلم أر في الجنة قصرا ولا غرفة إلا رأيت اسم محمد مكتوبا عليه ولقد رأيت اسم محمد مكتوبا على نحور الحور العين وعلى ورق قصب آجام الجنة وعلى ورق شجرة طوبى وعلى ورق سدرة المنتهى وعلى أطراف الحجب وبين أعين الملائكة فأكثر ذكره فإن الملائكة تذكره في كل ساعاتها.
وأخرج الطبراني والحاكم وصححه من طريق أبي يونس عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس أن رجلا من بني عبس يقال له خالد بن سنان قال لقومه: إني أطفئ عنكم نار الحدثان، فقال له عمارة بن زياد رجل من قومه: والله ما قلت لنا يا خالد قط إلا حقا فما شأنك وشأن نار الحدثان تزعم أنك تطفئها قال: فانطلق وانطلق معه عمارة في ثلاثين من قومه حتى أتوها وهي تخرج من شن جبل من حرة يقال لها حرة أشجع فخط لهم خالد خطة فأجلسهم فيها فقال: إن أبطأت عليكم فلا تدعوني باسمي فخرجت كأنها خيل شقر يتبع بعضها بعضا فاستقبلها خالد فجعل يضربها بعصاه وهو يقول: بدا بدا بدا كل هدي زعم ابن راعية المعزى إني لا أخرج منها وثيابي تندى حتى دخل معها الشق فأبطأ عليهم فقال عمارة: والله لو كان صاحبكم حيا لقد خرج إليكم، فقالوا: إنه قد نهانا أن ندعوه باسمه قال: فقال: فادعوه باسمه - فو الله - لو كان صاحبكم حيا لقد خرج إليكم فدعوه باسمه فخرج إليهم برأسه فقال: ألم أنهكم أن تدعوني باسمي - قد والله - قتلتموني فادفنوني فإذا مرت بكم الحمر فيها حمار أبتر فانبشوني فإنكم ستجدوني حيا، فدفنوه فمرت بهم الحمر فيها حمار أبتر فقالوا: انبشوه فإنه أمرنا أن ننبشه، فقال لهم عمارة: لا تحدث مضر أننا ننبش موتانا والله لا تنبشوه أبدا وقد كان خالد أخبرهم أن في عكن امرأته لوحين فإذا أشكل عليكم أمر فانظروا فيهما فإنكم سترون ما تساءلون عنه وقال: لا تمسها حائض فلما رجعوا إلى امرأته سألوها عنهما فأخرجتهما وهي حائض فذهب ما كان فيهما من علم وقال أبو يونس: قال سماك بن حرب: سئل عنه النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: ذاك نبي أضاعه قومه وإن ابنه أتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: مرحبا بابن أخي قال
الحاكم: صحيح على شرط البخاري فإن أبا يونس هو حاتم بن أبي صغيرة وقال الذهبي منكر.
وأخرج ابن سعد والزبير بن بكار في الموفقيات، وابن عساكر عن الكلبي قال: أول نبي بعثه الله في الأرض إدريس وهو أخنوخ بن يرد وهو يارد ابن مهلاييل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم ثم انقطعت الرسل حتى بعث نوح بن لمك بن متوشلخ بن أخنوخ بن يارد وقد كان سام بن نوح نبيا ثم انقطعت الرسل حتى بعث الله إبراهيم نبيا وهو إبراهيم بن تارح وتارح هو آزر بن ناحور بن شاروخ بن ارغو بن فالغ وفالغ هو فالخ وهو الذي قسم الأرض ابن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح ثم إسماعيل بن إبراهيم فمات بمكة ودفن بها ثم إسحاق بن إبراهيم مات بالشام ولوط بن هاران بن تارح وإبراهيم عمه هو ابن أخي إبراهيم ثم إسرائيل وهو يعقوب بن إسحاق ثم يوسف بن يعقوب ثم شعيب بن بوبب ابن عنقاء بن مدين بن إبراهيم ثم هود بن عبد الله بن الخلود بن عاد بن عوص بن أرم بن سام بن نوح ثم صالح بن آسف بن كماشج بن اروم بن ثمود بن جابر بن ارم بن سام بن نوح ثم موسى وهارون ابنا عمران بن فاهت ابن لاوي بن يعقوب ثم أيوب بن رازخ بن أمور بن ليغزر بن العيص ثم داود بن ايشا بن عويد بن ناخر بن سلمون بن بخشون بن عنادب بن رام ابن خصرون بن يهود بن يعقوب ثم سليمان بن داود ثم يونس بن متى من سبط بنيامين بن يعقوب ثم اليسع من سبط روبيل بن يعقوب والياس بن بشير بن العاذر بن هارون بن عمران وذا الكفل اسمه عويديا من سبط يهود بن يعقوب وبين موسى بن عمران وبين مريم بنت عمران أم عيسى ألف سنة وسبعمائة سنة وليسا من سبط ثم محمد صلى الله عليه وسلم وكل نبي ذكر في القرآن من ولد إبراهيم غير إدريس ونوح ولوط وهود وصالح ولم يكن من العرب أنبياء إلا خمسة: هود وصالح وإسماعيل وشعيب ومحمد وإنما سموا عربا لأنه لم يتكلم أحد من الأنبياء بالعربية غيرهم فلذلك سموا عربا
وأخرج ابن المنذر والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس قال: كل الأنبياء من بني إسرائيل إلا عشرة: نوح وهود وصالح ولوط وإبراهيم وإسحاق وإسماعيل ويعقوب وشعيب ومحمد صلى الله عليه وسلم ولم يكن نبي له اسمان إلا عيسى ويعقوب فيعقوب إسرائيل وعيسى المسيح.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال: كان بين آدم ونوح ألف سنة وبين نوح وإبراهيم ألف سنة وبين إبراهيم وموسى ألف سنة وبين موسى وعيسى أربعمائة سنة وبين عيسى ومحمد ستمائة سنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأعمش قال: كان بين موسى وعيسى ألف نبي.
وأخرج الحاكم عن ابن عباس قال: كان عمر آدم ألف سنة، قال ابن عباس: وبين آدم وبين نوح ألف سنة وبين نوح وإبراهيم ألف سنة وبين إبراهيم وبين موسى سبعمائة سنة وبين موسى وعيسى ألف وخمسمائة سنة وبين عيسى ونبينا ستمائة سنة.
وأخرج ابن المنذر عن وائل بن داود في قوله {وكلم الله موسى تكليما} قال: مرارا.
وأخرج ابن مردويه والطبراني عن عبد الجبار بن عبد الله قال: جاء رجل إلى أبي بكر بن عياش فقال: سمعت رجلا يقرأ {وكلم الله موسى تكليما} فقال: ما قال هذا إلا كافر قرأت على الأعمش وقرأ الأعمش على يحيى بن وثاب وقرأ يحيى بن وثاب على أبي عبد الرحمن السلمي وقرأ أبو عبد الرحمن على علي بن أبي طالب وقرأ علي على رسول الله صلى الله عليه وسلم {وكلم الله موسى تكليما} قال الهيثمي: ورجاله ثقات غير أن عبد الجبار لم أعرفه والذي روى عن ابن عباس أحمد بن عبد الجبار بن ميمون وهو ضعيف.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن ثابت قال: لما مات موسى بن عمران جالت الملائكة في السموات بعضها إلى بعض واضعي أيديهم على خدودهم ينادون مات موسى كليم الله فأي الخلق لا يموت). [الدر المنثور: 5/131-139]

تفسير قوله تعالى: (رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (165) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {رسلاً مبشّرين ومنذرين لئلاّ يكون للنّاس على اللّه حجّةٌ بعد الرّسل وكان اللّه عزيزًا حكيمًا}
يعني جلّ ثناؤه بذلك: {إنّا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوحٍ والنّبيّين من بعده} ومن ذكر من الرّسل {رسلاً} فنصب به الرّسل على القطع من أسماء الأنبياء الّذين ذكر أسماءهم {مبشّرين} يقول: أرسلتهم رسلاً إلى خلقي وعبادي مبشّرين بثوابي من أطاعني واتّبع أمري وصدّق رسلي {ومنذرين} عقابي من عصاني وخالف أمري وكذّب رسلي {لئلاّ يكون للنّاس على اللّه حجّةٌ بعد الرّسل} يقول: أرسلت رسلي إلى عبادي مبشّرين ومنذرين، لئلاّ يحتجّ من كفر بي وعبد الأنداد من دوني، أو ضلّ عن سبيلي بأن يقول إن أردت عقابه: {لولا أرسلت إلينا رسولاً فنتّبع آياتك من قبل أن نذلّ ونخزى} فقطع حجّة كلّ مبطلٍ ألحد في توحيده وخالف أمره بجميع معاني الحجج القاطعة عذره، إعذارًا منه بذلك إليهم، لتكون للّه الحجّة البالغة عليهم وعلى جميع خلقه
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {لئلاّ يكون للنّاس على اللّه حجّةٌ بعد الرّسل} فيقولوا: ما أرسلت إلينا رسلاّ
{وكان اللّه عزيزًا حكيمًا} يقول: ولم يزل اللّه ذا عزّةٍ في انتقامه ممّن انتقم من خلقه على كفره به ومعصيته إيّاه بعد تثبيته حجّته عليه برسله وأدلّته، حكيمًا في تدبيره فيهم ما دبّره). [جامع البيان: 7/692-693]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (رسلًا مبشّرين ومنذرين لئلّا يكون للنّاس على اللّه حجّةٌ بعد الرّسل وكان اللّه عزيزًا حكيمًا (165)
قوله تعالى: رسلا مبشّرين.
- حدّثنا أبي، ثنا عبد الرّحمن بن صالحٍ، ثنا عبد الرّحمن بن محمّد بن عبيد اللّه الفزاريّ، ثنا شيبان النّحويّ، أخبرني قتادة، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قوله: مبشّرًا قال: مبشّرًا بالجنّة.
قوله تعالى: ومنذرين.
- وبه عن ابن عبّاسٍ قوله: نذيرًا قال: نذيرًا من النّار.
قوله تعالى: لئلا يكون.
- حدّثنا موسى بن أبي موسى الخطميّ، ثنا هارون بن حاتمٍ، ثنا عبد الرّحمن ابن أبي حمّادٍ، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ قوله: لئلا يعني: لكيلا.
قوله تعالى: لئلا يكون للنّاس على اللّه حجّةٌ بعد الرسل الآية.
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ قوله: لئلا يكون للنّاس على اللّه حجّةٌ بعد الرّسل فيقولون ما أرسلت إلينا رسولا). [تفسير القرآن العظيم: 4/1120]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج أحمد والبخاري والترمذي والنسائي، وابن المنذر، وابن مردويه عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا أحد أغير من الله من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا أحد أحب إليه المدح من الله من أجل ذلك مدح
نفسه ولا أحد أحب إليه العذر من الله من أجل ذلك بعث النبيين مبشرين ومنذرين.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والحكيم الترمذي عن المغيرة بن شعبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا شخص أحب إليه العذر من الله ولذلك بعث الرسل مبشرين ومنذرين ولا شخص أحب إليه المدح من الله ولذلك وعد الجنة.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله {لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل} فيقولوا: ما أرسلت إلينا رسولا). [الدر المنثور: 5/139-140]

تفسير قوله تعالى: (لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (166) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {لكن اللّه يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى باللّه شهيدًا}.
يعني بذلك جلّ ثناؤه: إن يكفر بالّذي أوحينا إليك يا محمّد اليهود الّذين سألوك أن تنزّل عليهم كتابًا من السّماء، وقالوا لك: ما أنزل اللّه على بشرٍ من شيءٍ فكذّبوك فقد كذبوا، ما الأمر كما قالوا: لكن اللّه يشهد بتنزيله إليك ما أنزل من كتابه ووحيه، أنزل ذلك إليك بعلمٍ منه بأنّك خيرته من خلقه وصفيّه من عباده، ويشهد لك بذلك ملائكته، فلا يحزنك تكذيب من كذّبك، وخلاف من خالفك {وكفى باللّه شهيدًا} يقول: وحسبك باللّه شاهدًا على صدقك دون من ما سواه من خلقه، فإنّه إذا شهد لك بالصّدق ربّك لم يضرّك تكذيب من كذّبك.
وقد قيل: إنّ هذه الآية نزلت في قومٍ من اليهود دعاهم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم إلى اتّباعه، وأخبرهم أنّهم يعلمون حقيقة نبوّته، فجحدوا نبوّته وأنكروا معرفته..
ذكر الخبر بذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا يونس، عن محمّد بن إسحاق، قال: حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ مولى زيد بن ثابتٍ، قال: حدّثني سعيد بن جبيرٍ، أو عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: دخل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم جماعةٌ من يهود، فقال لهم: إنّي واللّه أعلم أنّكم لتعلمون أنّي رسول اللّه فقالوا: ما نعلم ذلك. فأنزل اللّه: {لكن اللّه يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى باللّه شهيدًا}.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، قال: حدّثني ابن إسحاق، قال: حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ، عن عكرمة وسعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: دخلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عصابةٌ من اليهود، ثمّ ذكر نحوه.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {لكن اللّه يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى باللّه شهيدًا} شهودٌ واللّه غير متّهمةٍ). [جامع البيان: 7/693-695]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (لكن اللّه يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى باللّه شهيدًا (166)
قوله تعالى: لكن اللّه يشهد بما أنزل إليك.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ أبو غسّان محمّد بن عمرٍو، ثنا سلمة عن محمّد بن إسحاق، حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ مولى آل زيد بن ثابتٍ قال: دخّل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم جماعةٌ من يهود، فقال لهم: أما واللّه إنّكم لتعلمون أنّي رسول اللّه إليكم من اللّه. فقالوا: ما نعلم وما نشهد عليه، فأنزل اللّه في ذلك: لكن اللّه يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى باللّه شهيدًا.
قوله تعالى: أنزله بعلمه والملائكة يشهدون.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا الحسن بن سهل الجعفري وحزز بن المبارك قالا: ثنا عمران بن عيينة، ثنا عطاء بن السّائب قال: أقرأني أبو عبد الرّحمن السّلميّ القرآن، وكان إذا قرأ أحدنا القرآن قال: قد أخذت علم اللّه فليس أحدٌ اليوم أفضل منك إلا بعملٍ، ثمّ قرأ: أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا). [تفسير القرآن العظيم: 4/1120-1121]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن إسحاق، وابن جرير، وابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال: دخل جماعة من اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم: إني والله أعلم أنكم تعلمون أني رسول الله فقالوا: ما نعلم ذلك، فأنزل الله {لكن الله يشهد} الآية
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن قتادة في قوله {لكن الله يشهد} الآية، قال: شهود والله غير متهمة). [الدر المنثور: 5/140-141]


رد مع اقتباس