عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 20 ذو القعدة 1431هـ/27-10-2010م, 02:25 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 1 إلى 19]

{حم (1) عسق (2) كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3) لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (4) تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (5) وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (6) وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (7) وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (8) أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (9) وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (10) فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11) لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (12) شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (13) وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (14) فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آَمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (15) وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (16) اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (17) يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (18) اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (19)}

تفسير قوله تعالى: {(حم (1) عسق (2)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (قوله عز وجل: {عسق...}.
ذكر عن ابن عباس أنه كان يقول: {حم سق}, ولا يجعل فيها عينا، ويقول: السين كل فرقة تكون، والقاف كل جماعة تكون.
قال الفراء: ورأيتها في بعض مصاحف عبد الله: {حم سق} كما قال ابن عباس). [معاني القرآن: 3/21]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({حم عسق }: مجازها: مجاز ابتداء أوائل السور). [مجاز القرآن: 2/199]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله عزّ وجلّ: {حم (1) عسق (2)}
قد بيّنّا حروف الهجاء، وجاء في التفسير أن هذه الحروف اسم من أسماء اللّه، ورويت حم سق -بغير عين- والمصاحف فيها العين بائنة). [معاني القرآن: 4/393]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (من ذلك قوله جل وعز: {حم عسق}
وفي قراءة ابن مسعود, وابن عباس: { حم سق}
قال ابن عباس: وكان علي عليه السلام يعرف الفتن بها.
وروى معمر عن قتادة في قوله تعالى: {حم عسق}, قال: اسم من أسماء القرآن). [معاني القرآن: 6/291]

تفسير قوله تعالى: {كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {كذلك يوحي إليك وإلى الّذين من قبلك...}.
{حم عسق} يقال: إنها أوحيت إلى كل نبي، كما أوحيت إلى محمد صلى الله عليه. ^^
قال ابن عباس: وبها كان علي بن أبي طالب يعلم الفتن.
وقد قرأ بعضهم: {كذلك يوحى} لا يسمّي فاعله، ثم ترفع الله العزيز الحكيم يرد الفعل إليه, كما قرأ أبو عبد الرحمن السّلمي, وكذلك زيّن لكثيرٍ من المشركين قتل أولادهم, ثم قال: {شركاؤهم} أي: زينه .
لهم شركاؤهم, ومثله قول من قرأ: {يسبّح له فيها بالغدوّ والآصال}, ثم تقول: {رجال}, فترفع يريد: يسبّح له رجال). [معاني القرآن: 3/21-22]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {كذلك يوحي إليك وإلى الّذين من قبلك اللّه العزيز الحكيم}
وقرئت {يوحى}, وقرئت {نوحي إليك وإلى الذين من قبلك} بالنون.
وجاء في التفسير أن {حم عسق} قد أوحيت إلى كل نبي قبل محمد -صلى الله عليه- وعليهم أجمعين.
وموضع الكاف من "كذلك" نصب, المعنى مثل ذلك يوحى إليك.
فمن قرأ {يوحي} بالياء، فاسم اللّه عزّ جل رفع بفعله, وهو يوحي.
ومن قرأ:{يوحى إليك} , فاسم اللّه مبين عما لم يسم فاعله، ومثل هذا من الشعر:-

ليبك يزيد ضارع لخصومة = ومختبط مما تطيح الطّوائح
فبين من ينبغي أن يبكيه.
ومن قرأ: (نوحي إليك) بالنون, جعل نوحي إخبارا عن اللّه عزّ وجلّ.
ورفع {اللّه} بالابتداء وجعل {العزيز الحكيم} خبرا عن {اللّه}، وإن شاء كان {العزيز الحكيم} صفة للّه - عزّ وجلّ - يرتفع كما يرتفع اسم اللّه، ويكون الخبر {له ما في السّماوات وما في الأرض}). [معاني القرآن: 4/393-394]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم}
المعنى {يوحي إليك وإلى الذين من قبلك}: كذلك الوحي الذي تقدم, أو كحروف المعجم .
- وقيل: إنه لم ينزل كتاب إلا وفيه: {حم عسق}
فالمعنى على هذا: كذلك الذي أنزل من هذه السورة, وهذا مذهب الفراء, قال: ويقرأ { كذلك يوحى إليك وإلى الذين من قبلك }
- قال أبو جعفر: يجوز على هذه القراءة أن يكون هذا التمام, ثم ابتدأ فقال:{ الله العزيز الحكيم } على أن العزيز الحكيم خبر, أو صفة, والخبر له ما في السموات وما في الأرض.
وكذلك يكون على قراءة من قرأ: (نوحي) بالنون, ويجوز على قراءة من قرأ: {يوحى} أن يكون المعنى يوحي الله وأنشد سيبويه:-
ليبك يزيد ضارع لخصومة = وأشعث ممن طوحته الطوائح
فقال: ليبك يزيد, ثم بين من ينبغي أن يبكيه, فالمعنى يبكيه: ضارع). [معاني القرآن: 6/292-293]

تفسير قوله تعالى: {تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (5)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({ يتفطّرن}: يتشققن, ويقال للزجاجة إذا انصدعت: قد انفرطت, وكذلك الحجر). [مجاز القرآن: 2/199]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({يتفطرن}: يتشققن).[غريب القرآن وتفسيره: 330]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ({يتفطّرن}: يتشققن من جلال اللّه تعالى وعظمته). [تفسير غريب القرآن: 391]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله: {تكاد السّماوات يتفطّرن من فوقهنّ والملائكة يسبّحون بحمد ربّهم ويستغفرون لمن في الأرض ألا إنّ اللّه هو الغفور الرّحيم}
(تكاد السّماوات ينفطرن من فوقهنّ): وقرئت (ممّن فوقهن), وقرئت {يتفطّرن}. ومعنى (ينفطرن), و{يتفطّرن}: ينشققن، ويتشققن، فالمعنى -واللّه أعلم- أي تكاد السّماوات ينفطرن من فوقهن لعظمة اللّه, لأنه لما قال: {وهو العليّ العظيم}
قال: تكاد السّماوات ينفطرن لعظمته، وكذلك - ينفطرن ممن فوقهن، أي من عظمة من فوقهن.
وقوله عزّ وجلّ: {والملائكة يسبّحون بحمد ربّهم ويستغفرون لمن في الأرض}
معنى {يسبّحون} يعظمون اللّه, وينزهونه عن السوء {ويستغفرون لمن في الأرض} من المؤمنين.
ولا يجوز أن يكون يستغفرون لكل من في الأرض، لأن الله تعالى قال في الكفار: {أولئك عليهم لعنة اللّه والملائكة والنّاس أجمعين}
ففي هذا دليل على أن الملائكة إنما يستغفرون للمؤمنين، ويدل على ذلك قوله في سورة المؤمن: {ويستغفرون للّذين آمنوا ربّنا وسعت كلّ شيء رحمة وعلما}). [معاني القرآن: 4/394]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {تكاد السموات ينفطرن من فوقهن}: أي ينشققن من أعلاهن عقوبة, وقال قتادة: لجلالة الله وعظمته.
قال أبو جعفر: وقيل: أي: من فوق الأمم المخالفة, ويقرأ :{يتفطرن من فوقهن}: أي: من عظمة من فوقهن.
ثم قال جل وعز: {والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض}, وفي الأرض المؤمن والكافر.
فروى معمر, عن قتادة قال: يستغفرن لمن في الأرض من المؤمنين.
قال أبو جعفر: ويبين هذا قوله جل وعلا: {ويستغفرون للذين آمنوا}, وقال في الكفار: {أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين}). [معاني القرآن: 6/293-294]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يَتَفَطَّرْنَ}: يتشققن). [العمدة في غريب القرآن: 266]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (7)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {لّتنذر أمّ القرى ومن حولها...}
وأمّ القرى: مكة, ومن حولها من العرب.
{وتنذر يوم الجمع}: معناه: وتنذرهم يوم الجمع، ومثله قوله: {إنّما ذلكم الشّيطان يخوّف أولياءه}: معناه: يخوفكم أولياءه.
وقوله: {فريقٌ في الجنّة وفريقٌ في السّعير...}, رفع بالاستئناف كقولك: رأيت الناس شقي وسعيد، ولو كان فريقاً في الجنة، وفريقا في السعير كان صوابا، والرفع أجود في العربية). [معاني القرآن: 3/22]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وتنذر يوم الجمع}: أي: تنذرهم بيوم الجمع، هو يوم القيامة.
كما قال عز وجل: {لينذر بأساً شديداً}، أي ببأس شديد). [تفسير غريب القرآن: 391]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيّا لتنذر أمّ القرى ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنّة وفريق في السّعير (7)}
{أمّ القرى}: مكة، وموضع {ومن حولها} نصب.
المعنى: لتنذر أهل أم القرى, ومن حولها، لأن البلد لا يعقل, ومثل هذا: {واسأل القرية الّتي كنّا فيها}.
وقوله: {وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه} أي: يوم يبعث الناس جميعا، ثم أعلم ما حالهم في ذلك اليوم فقال: {فريق في الجنّة وفريق في السّعير}). [معاني القرآن: 4/394]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {لتنذر أم القرى ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه}
روى أشعث, عن الحسن قال: {أم القرى}: مكة.
قال أبو جعفر: وإنما قيل لها أم القرى, لأنها أول ما عظم من خلق الله عز وجل, أو لأنها أول ما وضع كما قال جل وعز: {إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة}, وفي الحديث: ((إن الأرض منها دحيت))
قال أبو جعفر: والمعنى: لتنذر أهل أم القرى, وتنذر من حولها.
{وتنذر يوم الجمع}: أي: يوم يبعث الناس جميعاً.
المعنى: وتنذرهم بيوم القيامة, ثم حذف المفعول والباء, كما قال تعالى: {لينذر باسا شديدا من لدنه}). [معاني القرآن: 6/295-296]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (8)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله جلّ وعزّ: {ولو شاء اللّه لجعلهم أمّة واحدة ولكن يدخل من يشاء في رحمته والظّالمون ما لهم من وليّ ولا نصير}
ارتفع {الظّالمون} بالابتداء, وقوله: {يدخل من يشاء في رحمته والظّالمين أعدّ لهم عذابا أليما}
الفصل بين هذا, والأول أن أعد لهم فعل فنصب{الظالمين} بفعل مضمر يفسره ما ظهر، المعنى: وأوعد الظالمين, أعد لهم عذابا أليما). [معاني القرآن: 4/395]

تفسير قوله تعالى: {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (9)}

تفسير قوله تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (10)}

تفسير قوله تعالى: {فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {جعل لكم مّن أنفسكم أزواجاً ومن الأنعام أزواجاً...}.
يقول: جعل لكل شيء من الأنعام زوجا؛ ليكثروا, ولتكثروا.
وقوله: {يذرؤكم فيه...} معنى (فيه): أي به، والله أعلم). [معاني القرآن: 3/22]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({ يذرؤكم فيه }: يخلقكم). [مجاز القرآن: 2/199]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({يذرءكم}: يخلقكم). [غريب القرآن وتفسيره: 330]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ({جعل لكم من أنفسكم أزواجاً}: يريد: الإناث، {ومن الأنعام أزواجاً} يريد: جعل للأنعام منها أزواجا، أي إناثا: {يذرؤكم فيه}: أي, يخلقكم في الرحم، أو في الزوج.
{ليس كمثله شيءٌ}: أي: ليس كهو شيء, والعرب تقيم المثل مقام النفس، فتقول: مثلي لا يقال له هذا، أي: أنا لا يقال لي). [تفسير غريب القرآن: 391]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (و(الكاف) قد تزاد، كقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}). [تأويل مشكل القرآن: 250]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {فاطر السّماوات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شيء وهو السّميع البصير}
{جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا} أي: خلق الذكر والأنثى من الحيوان كلّه.
وقوله: {يذرؤكم فيه}: أي: يكثركم بجعله منكم, ومن الأنعام أزواجا.
وقوله: {ليس كمثله شيء}: هذه الكاف مؤكدة، والمعنى ليس مثله شيء، ولا يجوز أن يقال: المعنى مثل مثله شيء، لأن من قال هذا فقد أثبت المثل للّه تعالى عن ذلك علوّا كبيرا). [معاني القرآن: 4/395]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {فاطر السموات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا}
{جعل لكم من أنفسكم أزواجا}, أي: إناثا, {ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه}.
قال مجاهد: نسلا من بعد نسل من الناس, والإنعام.
قال قتادة: يذرؤكم فيه, يعيشكم فيه
قال أبو جعفر: المعنى أنه لما قال جعل دل على الجعل, كما يقال من كذب كان شرا له أي: يخلقكم, ويكثركم في الجعل, وقال الفراء: فيه بمعنى به, والله أعلم.
وقال القتبي: يذرؤكم فيه في الزوج.
قال أبو جعفر: كأن المعنى عنده يخلقكم في بطون الإناث, ويكون فيه في الرحم, وهذا خطأ لأن الرحم مؤنثة, ولم يجر لها ذكر.
وقوله جل وعز: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}
الكاف زائدة التوكيد , وأنشد سيبويه:
وصاليات ككما يؤثفين).
[معاني القرآن: 6/296-298]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يذْرَؤُكُمْ}: أي: يخلقكم في الرحم أو في الزوج). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 219]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يَذْرَؤُكُمْ}: يخلقكم). [العمدة في غريب القرآن: 266]

تفسير قوله تعالى:{لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (12)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({له مقاليد السّماوات والأرض} أي: مفاتيحها, ومالك المفاتيح: مالك الخزائن, واحدها: «إقليد»، جمع على غير واحد كما قالوا: «مذاكير» جمع ذكر, وقالوا: «محاسن» جمع حسن). [تفسير غريب القرآن: 391]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {له مقاليد السموات والأرض يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر}
قال الحسن, ومجاهد, وقتادة : {المقاليد}: المفاتيح .
قال أبو جعفر: والذي يملك المفاتيح, يملك الخزائن.
يقال للمفتاح: إقليد, وجمعه على غير قياس كمحاسن, والواحد حسن). [معاني القرآن: 6/298]

تفسير قوله تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (13)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({شرع لكم مّن الدّين ما وصّى به نوحاً والّذي أوحينا إليك وما وصّينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدّين ولا تتفرّقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه اللّه يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب}
قال: {أن أقيموا الدّين ولا تتفرّقوا فيه} على التفسير كأنه قال: هو أن أقيموا الدين على البدل). [معاني القرآن: 4/10]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله: {شرع لكم من الدّين ما وصّى به نوحا والّذي أوحينا إليك وما وصّينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدّين ولا تتفرّقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه اللّه يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب}
روي في التفسير أن أول من أتى بتحريم البنات, والأخوات, والأمهات نوح.
{والّذي أوحينا إليك وما وصّينا به إبراهيم وموسى وعيسى}: أي: وشرع لكم ما وصى به إبراهيم, وموسى, وعيسى.
وقوله عزّ وجل: {أن أقيموا الدّين ولا تتفرّقوا فيه}
تفسير قوله: {ما وصى به إبراهيم}, وموضع "أن" يجوز أن يكون نصبا, ورفعا, وجرّا.
فالنصب على معنى شرع لكم أن أقيموا الدّين, والرفع على معنى هو أن أقيموا الدّين، والجر على البدل من الباء، والجر أبعد هذه الوجوه، وجائز أن يكون أن أقيموا الدّين تفسيرا لما وصى به نوحا, ولقوله: {والذي أوحينا إليك}, ولقوله: {وما وصينا به إبراهيم}
فيكون المعنى: شرع لكم ولمن قبلكم إقامة الدّين وترك الفرقة، وشرع الاجتماع على اتباع الرسل). [معاني القرآن: 4/395-396]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك}
قال أبو العالية: الذي وصى به نوحا الإخلاص لله, وعبادته لا شريك له
وقال مجاهد: وصى نوحا, ووصاك, ووصى الأنبياء كلهم دينا واحدا.
وقال الحكم: جاء نوح بالشريعة بتحريم الأمهات, والبنات, والأخوات.
وقال قتادة: جاء نوح بالشريعة بتحليل الحلال, وتحريم الحرام.
قال أبو جعفر: قول أبي العالية, ومجاهد بين لأن الإسلام, والإخلاص دين جميع الأنبياء, والشرائع مختلفة.
قوله جل وعز: {وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه}
قال أبو العالية: ولا تتفرقوا, أي: لا تتعادوا, وكونوا إخوانا.
قال قتادة: فأخبر أن الهلكة في التفرق, وأن الألفة في الاجتماع.
ثم قال جل وعز: {كبر على المشركين ما تدعوهم إليه}
قال قتادة: أكبروا, واشتد عليهم شهادة أن لا إله إلا الله وحده, وضاق بها إبليس وجنوده, فأبى الله جل وعز إلا أن ينصرها, ويفلجها, ويظهرها على من ناوأها.
ثم قال جل وعز: {الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب}
قال أبو العالية: يخلصه من الشرك, ولا يكون الاجتباء إلا من الشرك.
وقال مجاهد: {يجتبي}: يخلص). [معاني القرآن: 6/298-301]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (14)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({وما تفرّقوا إلاّ من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم}: نصبها على مجاز نصب المصادر). [مجاز القرآن: 2/199]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {وما تفرّقوا إلّا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ولولا كلمة سبقت من ربّك إلى أجل مسمّى لقضي بينهم وإنّ الّذين أورثوا الكتاب من بعدهم لفي شكّ منه مريب} أي: وما تفرق أهل الكتاب إلا عن علم بأن الفرقة ضلالة , ولكنهم فعلوا ذلك بغيا, أي: للبغي.
وقوله:{ولولا كلمة سبقت من ربّك إلى أجل مسمّى لقضي بينهم}: أي لجوزوا بأعمالهم، والكلمة هي تأجيله الساعة، يدل على ذلك قوله: {بل السّاعة موعدهم}). [معاني القرآن: 4/396]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم}
المعنى: وما تفرقوا إلا من أجل البغي من بعد ما جاءهم العلم القرآن, والدلالات على صحة نبوة محمد عليه السلام, وقوله جل وعز: {ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضي بينهم}
قال مجاهد: أخروا إلى يوم القيامة). [معاني القرآن: 6/301-302]

تفسير قوله تعالى: {فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آَمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (15)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {فلذلك فادع واستقم...}: أي: فلهذا القرآن , ومثله كثير في القرآن، قد ذكرناه، هذا في موضع ذلك، وذلك في موضع هذا، والمعنى: فإلى ذلك فادع, كما تقول دعوت إلى فلان، ودعوت لفلان). [معاني القرآن: 3/22]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتّبع أهواءهم وقل آمنت بما أنزل اللّه من كتابٍ وأمرت لأعدل بينكم اللّه ربّنا وربّكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجّة بيننا وبينكم اللّه يجمع بيننا وإليه المصير}
وقال: {وأمرت لأعدل بينكم}: أي: أمرت كي أعدل). [معاني القرآن: 4/10]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتّبع أهواءهم وقل آمنت بما أنزل اللّه من كتاب وأمرت لأعدل بينكم اللّه ربّنا وربّكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجّة بيننا وبينكم اللّه يجمع بيننا وإليه المصير}
{فلذلك فادع واستقم كما أمرت}: معناه, فإلى ذلك فادع واستقم, أي: إلى إقامة الدّين: {فادع واستقم كما أمرت ولا تتّبع أهواءهم وقل آمنت بما أنزل اللّه من كتاب}
أي: آمنت بكتب اللّه كلّها، لأن الذين تفرقوا آمنوا ببعض الكتب, وكفروا ببعض). [معاني القرآن: 4/396]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {فلذلك فادع واستقم كما أمرت}, مؤخر ينوى به التقديم.
والمعنى: كبر على المشركين ما تدعوهم إليه, فلذلك فادع, واستقم كما أمرت.
{فلذلك} أي: فإلى ذلك, أي: فإلى إقامة الدين، كما قال: أوحى لها القرار, فاستقرت, أي: أوحى إليها). [معاني القرآن: 6/302-303]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (16)}
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة}
قال مجاهد: أي: من بعد ما أسلم الناس, قال: وهؤلاء قوم توهموا أن الجاهلية تعود.
وقال قتادة: الذين حاجوا في الله من بعد ما استجيب له اليهود والنصارى, قالوا: نبينا قبل نبيكم, وديننا قبل دينكم ونحن خير منكم). [معاني القرآن: 6/303-304]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (17)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({وما يدريك لعلّ السّاعة قريبٌ}: لم يجئ مجازها على صفة التأنيث, فيقول إن الساعة قريبة, والعرب إذا وصفوها بعينها كذاك يصنعون, وإذ أرادوا ظرفاً لها, أو أرادوا بها الظرف جعلوها بغير الهاء, وجعلوا لفظها لفظاً واحداً في الواحد والاثنين والجميع من الذكر والأنثى تقول هما قريب , وهي قريب). [مجاز القرآن: 2/199-200]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({اللّه الّذي أنزل الكتاب بالحقّ والميزان} أي: العدل). [تفسير غريب القرآن: 392]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {اللّه الّذي أنزل الكتاب بالحقّ والميزان وما يدريك لعلّ السّاعة قريب}
{الميزان}: العدل.
{وما يدريك لعلّ السّاعة قريب}: إنما جاز {قريب} لأن تأنيث الساعة غير تأنيث حقيقي، وهو بمعنى لعل البعث قريب، ويجوز أن يكون على معنى لعل مجيء السّاعة قريب). [معاني القرآن: 4/396-397]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (قوله جل وعز: {الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان}
قال قتادة: {الميزان}: العدل, ثم قال جل وعز: {وما يدريك لعل الساعة قريب}: لعل الساعة, أي: البعث قريب, أو لعل مجيء الساعة قريب). [معاني القرآن: 6/303-304]

تفسير قوله تعالى: {يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (18)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({مشفقون منها}: أي: خائفون). [تفسير غريب القرآن: 392]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({يستعجل بها الّذين لا يؤمنون بها والّذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنّها الحقّ ألا إنّ الّذين يمارون في السّاعة لفي ضلال بعيد}
أي: يستعجل بها من يظن أنه غير مبعوث.
وقوله: {والّذين آمنوا مشفقون منها}: لأنهم يعلمون أنهم مبعوثون, محاسبون.
{ألا إنّ الّذين يمارون في السّاعة لفي ضلال بعيد}: أي: الذين تدخلهم المرية والشك في الساعة، فيمارون فيها ويجحدون كونها {لفي ضلال بعيد}, لأنهم لو فكروا لعلموا أن الذي أنشاهم وخلقهم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة إلى أن بلغوا مبالغهم، قادر على إنشائهم وبعثهم). [معاني القرآن: 4/397]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق}
أي: يقولون متى تكون على وجه التكذيب بها, والذين آمنوا مشفقون منها, أي: خائفون؛ لأنهم قد أيقنوا بكونها.
{ألا إن الذين يمارون في الساعة}: أي: يجادلون فيها ليشككوا المؤمنين.
{لفي ضلال بعيد}: لأنهم لو أفكروا لعلموا أن الذي أنشأهم, وخلقهم أول مرة قادر على أن يبعثهم). [معاني القرآن: 6/304-305]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (19)}


رد مع اقتباس