عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 4 صفر 1440هـ/14-10-2018م, 08:26 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (38) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إنّ اللّه عالم غيب السّموات والأرض إنّه عليمٌ بذات الصّدور (38) هو الّذي جعلكم خلائف في الأرض فمن كفر فعليه كفره ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربّهم إلا مقتًا ولا يزيد الكافرين كفرهم إلا خسارًا (39)}.
يخبر تعالى بعلمه غيب السموات والأرض، وأنّه يعلم ما تكنّه السّرائر وتنطوي عليه الضّمائر، وسيجازي كلّ عاملٍ بعمله). [تفسير ابن كثير: 6/ 557]

تفسير قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَارًا (39) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال: {هو الّذي جعلكم خلائف في الأرض} أي: يخلف قومٌ لآخرين قبلهم، وجيلٌ لجيلٍ قبلهم، كما قال: {ويجعلكم خلفاء الأرض} [النّمل:62] {فمن كفر فعليه كفره} أي: فإنّما يعود وبال ذلك على نفسه دون غيره، {ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربّهم إلا مقتًا} أي: كلّما استمرّوا على كفرهم أبغضهم اللّه، وكلّما استمرّوا فيه خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة، بخلاف المؤمنين فإنّهم كلّما طال عمر أحدهم وحسن عمله، ارتفعت درجته ومنزلته في الجنّة، وزاد أجره وأحبّه خالقه وبارئه ربّ العالمين، [فسبحان المقدّر المدبّر ربّ العالمين]). [تفسير ابن كثير: 6/ 557]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آَتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا (40) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قل أرأيتم شركاءكم الّذين تدعون من دون اللّه أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شركٌ في السّموات أم آتيناهم كتابًا فهم على بيّنةٍ منه بل إن يعد الظّالمون بعضهم بعضًا إلا غرورًا (40) إنّ اللّه يمسك السّموات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحدٍ من بعده إنّه كان حليمًا غفورًا (41)}.
يقول تعالى لرسوله صلّى اللّه عليه وسلّم أن يقول للمشركين: {أرأيتم شركاءكم الّذين تدعون من دون اللّه} أي: من الأصنام والأنداد، {أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شركٌ في السّموات} أي: ليس لهم شيءٌ من ذلك، ما يملكون من قطميرٍ.
وقوله: {أم آتيناهم كتابًا فهم على بيّنةٍ منه} أي: أم أنزلنا عليهم كتابًا بما يقولون من الشّرك والكفر؟ ليس الأمر كذلك، {بل إن يعد الظّالمون بعضهم بعضًا إلا غرورًا} أي: بل إنّما اتّبعوا في ذلك أهواءهم وآراءهم وأمانيّهم الّتي تمنّوها لأنفسهم، وهي غرورٌ وباطلٌ وزورٌ). [تفسير ابن كثير: 6/ 557]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (41) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ أخبر تعالى عن قدرته العظيمة الّتي بها تقوم السّماء والأرض عن أمره، وما جعل فيهما من القوّة الماسكة لهما، فقال: {إنّ اللّه يمسك السّموات والأرض أن تزولا} أي: أن تضطربا عن أماكنهما، كما قال: {ويمسك السّماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه} [الحجّ: 65]، وقال تعالى: {ومن آياته أن تقوم السّماء والأرض بأمره} [الرّوم: 25] {ولئن زالتا إن أمسكهما من أحدٍ من بعده} أي: لا يقدر على دوامهما وإبقائهما إلّا هو، وهو مع ذلك حليمٌ غفورٌ، أي: يرى عباده وهم يكفرون به ويعصونه، وهو يحلم فيؤخّر وينظر ويؤجّل ولا يعجل، ويستر آخرين ويغفر؛ ولهذا قال: {إنّه كان حليمًا غفورًا}.
وقد أورد ابن أبي حاتمٍ هاهنا حديثًا غريبًا بل منكرًا، فقال: حدّثنا عليّ بن الحسين بن الجنيد، حدّثنا إسحاق بن إبراهيم، حدّثني هشام بن يوسف، عن أميّة بن شبلٍ، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن أبي هريرة قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يحكي عن موسى، عليه السّلام على المنبر قال: "وقع في نفس موسى عليه السّلام: هل ينام اللّه عزّ وجلّ فأرسل اللّه إليه ملكًا، فأرّقه ثلاثًا، وأعطاه قارورتين، في كلّ يدٍ قارورةٌ، وأمره أن يحتفظ بهما. قال: فجعل ينام وتكاد يداه تلتقيان، ثمّ يستيقظ فيحبس إحداهما عن الأخرى، حتّى نام نومه، فاصطفقت يداه فتكسّرت القارورتان. قال: ضرب اللّه له مثلًا أنّ اللّه لو كان ينام لم تستمسك السّماء والأرض".
والظّاهر أنّ هذا الحديث ليس بمرفوعٍ، بل من الإسرائيليّات المنكرة فإنّ موسى عليه السّلام أجلّ من أن يجوّز على اللّه سبحانه وتعالى النّوم، وقد أخبر اللّه تعالى في كتابه العزيز بأنّه: {الحيّ القيّوم لا تأخذه سنةٌ ولا نومٌ له ما في السّموات وما في الأرض} [البقرة:255]. وثبت في الصّحيحين عن أبي موسى الأشعريّ، رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ اللّه لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل اللّيل قبل النّهار، وعمل النّهار قبل اللّيل، حجابه النّور أو النّار، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه".
وقد قال أبو جعفر بن جريرٍ: حدّثنا ابن بشّارٍ، حدّثنا عبد الرّحمن، حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي وائلٍ قال: جاء رجلٌ إلى عبد اللّه -هو ابن مسعودٍ-فقال: من أين جئت؟ قال: من الشّام. قال: من لقيت؟ قال: لقيت كعبًا. قال: ما حدّثك كعبٌ؟ قال: حدثني أن السموات تدور على منكب ملك. قال: أفصدّقته أو كذّبته؟ قال: ما صدّقته ولا كذّبته. قال: لوددت أنّك افتديت من رحلتك إليه براحلتك ورحلها، كذب كعبٌ. إنّ اللّه تعالى يقول: {إنّ اللّه يمسك السّموات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحدٍ من بعده}.
وهذا إسنادٌ صحيحٌ إلى كعبٍ وإلى ابن مسعودٍ. ثمّ رواه ابن جريرٍ عن ابن حميدٍ، عن جريرٍ، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: ذهب جندب البجلي إلى كعبٍ بالشّام، فذكر نحوه. وقد رأيت في مصنّف الفقيه يحيى بن إبراهيم بن مزين الطّليطليّ، سمّاه "سير الفقهاء"، أورد هذا الأثر عن محمّد بن عيسى بن الطّبّاع، عن وكيع، عن الأعمش، به. ثمّ قال: وأخبرنا زونان -يعني: عبد الملك بن الحسن-عن ابن وهبٍ، عن مالكٍ أنّه قال: السّماء لا تدور. واحتجّ بهذه الآية، وبحديث: "إنّ بالمغرب بابًا للتّوبة لا يزال مفتوحا حتى تطلع الشمس منه".
قلت: وهذا الحديث في الصّحيح، واللّه أعلم). [تفسير ابن كثير: 6/ 557-559]

رد مع اقتباس