عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 15 محرم 1440هـ/25-09-2018م, 02:38 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا (30) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وقال الرّسول يا ربّ إنّ قومي اتّخذوا هذا القرآن مهجورًا (30) وكذلك جعلنا لكلّ نبيٍّ عدوًّا من المجرمين وكفى بربّك هاديًا ونصيرًا (31)}
يقول تعالى مخبرًا عن رسوله ونبيّه محمّدٍ -صلوات اللّه وسلامه عليه دائمًا إلى يوم الدين -أنه قال: {يا ربّ إنّ قومي اتّخذوا هذا القرآن مهجورًا}، وذلك أنّ المشركين كانوا لا يصغون للقرآن ولا يسمعونه، كما قال تعالى: {وقال الّذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلّكم تغلبون} [فصّلت: 26] وكانوا إذا تلي عليهم القرآن أكثروا اللّغط والكلام في غيره، حتّى لا يسمعوه. فهذا من هجرانه، وترك [علمه وحفظه أيضًا من هجرانه، وترك] الإيمان به وتصديقه من هجرانه، وترك تدبّره وتفهّمه من هجرانه، وترك العمل به وامتثال أوامره واجتناب زواجره من هجرانه، والعدول عنه إلى غيره -من شعرٍ أو قولٍ أو غناءٍ أو لهوٍ أو كلامٍ أو طريقةٍ مأخوذةٍ من غيره -من هجرانه، فنسأل اللّه الكريم المنان القادر على ما يشاء، أن يخلّصنا ممّا يسخطه، ويستعملنا فيما يرضيه، من حفظ كتابه وفهمه، والقيام بمقتضاه آناء اللّيل وأطراف النّهار، على الوجه الذي يحبّه ويرضاه، إنّه كريمٌ وهّابٌ). [تفسير ابن كثير: 6/ 108-109]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا (31) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وكذلك جعلنا لكلّ نبيٍّ عدوًّا من المجرمين} أي: كما حصل لك -يا محمّد- في قومك من الّذين هجروا القرآن، كذلك كان في الأمم الماضين؛ لأنّ اللّه جعل لكلّ نبيٍّ عدوًّا من المجرمين، يدعون النّاس إلى ضلالهم وكفرهم، كما قال تعالى: {وكذلك جعلنا لكلّ نبيٍّ عدوًّا شياطين الإنس والجنّ يوحي بعضهم إلى بعضٍ زخرف القول غرورًا ولو شاء ربّك ما فعلوه فذرهم وما يفترون ولتصغى إليه أفئدة الّذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون} [الأنعام: 112 -113]؛ ولهذا قال هاهنا: {وكفى بربّك هاديًا ونصيرًا} أي: لمن اتّبع رسوله، وآمن بكتابه وصدّقه واتّبعه، فإنّ اللّه هاديه وناصره في الدّنيا والآخرة. وإنّما قال: {هاديًا ونصيرًا} لأنّ المشركين كانوا يصدّون النّاس عن اتّباع القرآن، لئلّا يهتدي أحدٌ به، ولتغلب طريقتهم طريقة القرآن؛ فلهذا قال: {وكذلك جعلنا لكلّ نبيٍّ عدوًّا من المجرمين وكفى بربّك هاديًا ونصيرًا}). [تفسير ابن كثير: 6/ 109]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا (32) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وقال الّذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملةً واحدةً كذلك لنثبّت به فؤادك ورتّلناه ترتيلا (32) ولا يأتونك بمثلٍ إلا جئناك بالحقّ وأحسن تفسيرًا (33) الّذين يحشرون على وجوههم إلى جهنّم أولئك شرٌّ مكانًا وأضلّ سبيلا (34)}.
يقول تعالى مخبرًا عن كثرة اعتراض الكفّار وتعنّتهم، وكلامهم فيما لا يعنيهم، حيث قالوا: {لولا نزل عليه القرآن جملةً واحدةً} أي: هلّا أنزل عليه هذا الكتاب الّذي أوحي إليه جملةً واحدةً، كما نزلت الكتب قبله، كالتّوراة والإنجيل والزّبور، وغيرها من الكتب الإلهيّة. فأجابهم اللّه عن ذلك بأنّه إنّما أنزل منجّمًا في ثلاثٍ وعشرين سنةً بحسب الوقائع والحوادث، وما يحتاج إليه من الأحكام لتثبيت قلوب المؤمنين به كما قال: {وقرآنًا فرقناه لتقرأه على النّاس على مكثٍ ونزلناه تنزيلا} [الإسراء: 106]؛ ولهذا قال: {لنثبّت به فؤادك ورتّلناه ترتيلا}. قال قتادة: وبيّنّاه تبيينًا. وقال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: وفسّرناه تفسيرًا). [تفسير ابن كثير: 6/ 109]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا (33) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :({ولا يأتونك بمثلٍ} أي: بحجّةٍ وشبهةٍ {إلا جئناك بالحقّ وأحسن تفسيرًا} أي: ولا يقولون قولًا يعارضون به الحقّ، إلّا أجبناهم بما هو الحقّ في نفس الأمر، وأبين وأوضح وأفصح من مقالتهم.
قال سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {ولا يأتونك بمثلٍ} أي: بما يلتمسون به عيب القرآن والرّسول {إلا جئناك بالحقّ وأحسن تفسيرًا} أي: إلّا نزل جبريل من اللّه بجوابهم.
ثمّ في هذا اعتناءٌ كبيرٌ؛ لشرف الرّسول، صلوات اللّه وسلامه عليه، حيث كان يأتيه الوحي من اللّه بالقرآن صباحًا ومساءً، ليلًا ونهارًا، سفرًا وحضرًا، فكلّ مرّةٍ كان يأتيه الملك بالقرآن كإنزال كتابٍ ممّا قبله من الكتب المتقدّمة، فهذا المقام أعلى وأجلّ، وأعظم مكانةً من سائر إخوانه من الأنبياء، صلوات اللّه وسلامه عليهم أجمعين. فالقرآن أشرف كتاب أنزله الله، ومحمد، صلوات اللّه وسلامه عليه، أعظم نبيٍّ أرسله اللّه وقد جمع اللّه تعالى للقرآن الصّفتين معًا، ففي الملأ الأعلى أنزل جملةً من اللّوح المحفوظ إلى بيت العزّة في سماء الدّنيا ثمّ نزّل بعد ذلك إلى الأرض منجّمًا بحسب الوقائع والحوادث.
قال أبو عبد الرّحمن النّسائيّ: أخبرنا أحمد بن سليمان، حدّثنا يزيد بن هارون، أخبرنا داود، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: أنزل القرآن جملةً إلى سماء الدّنيا في ليلة القدر، ثمّ نزل بعد ذلك في عشرين سنةً، قال: {ولا يأتونك بمثلٍ إلا جئناك بالحقّ وأحسن تفسيرًا}، وقوله {وقرآنًا فرقناه لتقرأه على النّاس على مكثٍ ونزلناه تنزيلا} [الإسراء: 106]).[تفسير ابن كثير: 6/ 109-110]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا (34) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى مخبرًا عن سوء حال الكفّار في معادهم يوم القيامة وحشرهم إلى جهنّم، في أسوأ الحالات وأقبح الصّفات: {الّذين يحشرون على وجوههم إلى جهنّم أولئك شرٌّ مكانًا وأضلّ سبيلا}، وفي الصّحيح، عن أنسٍ: أنّ رجلًا قال: يا رسول اللّه، كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ فقال: "إنّ الّذي أمشاه على رجليه قادرٌ أن يمشيه على وجهه يوم القيامة" وهكذا قال مجاهدٌ، والحسن، وقتادة، وغير واحدٍ من المفسّرين، [واللّه أعلم] ). [تفسير ابن كثير: 6/ 110]

رد مع اقتباس