عرض مشاركة واحدة
  #23  
قديم 20 محرم 1432هـ/26-12-2010م, 02:45 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 164 إلى 175]

{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (164) أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165) وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ (167) الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (168) وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171) الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)}

تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (164)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {ويزكّيهم...}
يأخذ منهم الزكاة؛ كما قال تبارك وتعالى: {خذ من أموالهم صدقةً تطهّرهم وتزكّيهم بها}). [معاني القرآن: 1/245]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جلّ وعزّ: {لقد منّ اللّه على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكّيهم ويعلّمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين}
بعث اللّه محمدا - صلى الله عليه وسلم - رسولا وهو رجل من الأميين لا يتلو كتابا ولا يخطه بيمينه، وبعثه بين قوم يخبرونه ويعرفونه بالصدق والأمانة وأنه لم يقرأ كتابا ولا لقّنه فتلا عليهم أقاصيص الأمم السالفة، والأنبياء الماضية لا يدفع أخباره كتاب من كتب مخالفته، فأعلم اللّه أنه منّ على المؤمنين برسالة من قد عرف أمره، فكان تناول الحجة والبرهان وقبول الأخبار والأقاصيص سهلا من قبله وفي ذلك أعظم المنة.
وقد جاء في التفسير: إنّه يراد رسول من العرب ولو كان القصد في ذلك - واللّه أعلم - أن أمره إنما كانت فيه المنة أنه من العرب لكان العجم لا حجة عليهم فيه.
ولكن الأمر - واللّه أعلم - أن المنّة فيه أنه قد خبر أمره وشأنه وعلم صدقه، وأتى بالبراهين بعد أن قد علموا إنّه كان واحدا منهم). [معاني القرآن: 1/487]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم} أي: ممن يعرفونه بالصدق والأمانة وجاءهم بالبراهين ولم يعرفوا منه كذبا قط). [معاني القرآن: 1/507]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ): ( {لقد من الله} أي: تفضل الله {على المؤمنين}: على المصدقين.
والمنان: المتفضل.
والحنان: الرحيم). [ياقوتة الصراط: 193]


تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {قل هو من عند أنفسكم...}
يقول: تركتم ما أمرتم به وطلبتم الغنيمة، وتركتم مراكزكم، فمن قبلكم جاءكم الشرّ). [معاني القرآن: 1/245]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {قل هو من عند أنفسكم} أي: إنكم أذنبتم فعوقبتم). [مجاز القرآن: 1/108]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({أو لمّا أصابتكم مّصيبةٌ قد أصبتم مّثليها قلتم أنّى هذا قل هو من عند أنفسكم إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ}
قال: {أو لمّا أصابتكم مّصيبةٌ} فهذه الألف ألف الاستفهام دخلت على واو العطف، فكأنه قال: "صنعتم كذا وكذا ولمّا أصابتكم" ثم أدخل على الواو ألف الاستفهام). [معاني القرآن: 1/187]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({أولمّا أصابتكم مصيبةٌ قد أصبتم مثليها} يقول: أصابتكم مصيبة يوم «أحد» قد أصبتم مثليها من المشركين يوم «بدر».
{قل هو من عند أنفسكم} أي: بمخالفتكم وذنوبكم. يريد مخالفة الرّماة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يوم أحد). [تفسير غريب القرآن: 115]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جلّ وعزّ: {أولمّا أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنّى هذا قل هو من عند أنفسكم إنّ اللّه على كلّ شيء قدير}
هذه الواو واو النسق، دخلت عليها ألف الاستفهام فبقيت مفتوحة على هيئتها قبل دخولها، ومثل ذلك في الكلام قول القائل: تكلم فلان بكذا وكذا، فيقول قائل مجيبا له أو هو ممن يقول ذلك.
وقيل في التفسير: إن هذه المصيبة عنى بها ما نزل بهم يوم أحد، و{أصبتم مثليها} أصبتم في يوم أحد مثلها وأصبتم يوم بدر مثلها، فأصبتم مثلي ما أصابكم.
{قلتم أنّى هذا} أي: من أين أصابنا هذا.
{قل هو من عند أنفسكم} أي: أصابكم بمعصيتكم النبي - صلى الله عليه وسلم - وما من قوم أطاعوا نبيهم في حربهم إلا نصروا، لأنهم إذا أطاعوا فهم حزب اللّه، وحزب الله هم الغالبون). [معاني القرآن: 1/487-488]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {أولما أصابكم مصيبة قد أصبتم مثليها}
قال الضحاك: قتل من المسلمين يوم أحد سبعون رجلا وقتل من المشركين يوم بدر سبعون وأسر سبعون فذلك قوله تعالى: {قد أصبتم مثليها يوم بدر ويوم أحد}
ومعنى {قل هو من عند أنفسكم}: بذنبكم وبما كسبت أيديكم لأن الرماة خالفوا النبي صلى الله عليه وسلم ولم يثبتوا كما أمرهم
ومعنى {أو ادفعوا} أي: كثروا وإن لم تقاتلوا ومعنى فادراءوا فادفعوا). [معاني القرآن: 1/507-508]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا} يوم بدر من المشركين، لأن المسلمين يوم بدر قتلوا سبعين من المشركين وأسروا سبعين، ثم قتل المشركون يوم أحد من المسلمين سبعين.
{مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ} أي بمخالفتكم وذنوبكم، يريد مخالفة الرماة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم ألا يبرحوا من أصل الجبل، فلما رأوا الهزيمة على المشركين ذهبوا في طلب الغنيمة، فمال عليهم المشركون، وقتل سبعون من المسلمين). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 54]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن اللّه وليعلم المؤمنين}
قال تعالى: {وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن اللّه} فجعل الخبر بالفاء لأنّ {ما} بمنزلة "الذي" وهو في معنى "من"، و"من" تكون في المجازاة ويكون جوابها بالفاء.
قال: {فبإذن اللّه وليعلم المؤمنين} فجعل الخبر بالفاء لأنّ {ما أصابكم}: الذي أصابكم.
وقال: {وليعلم المؤمنين} لأنّ معناه: "فهو بإذن اللّه" "وهو ليعلم"). [معاني القرآن: 1/187]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): ( {وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن اللّه وليعلم المؤمنين}
وقوله جلّ وعزّ: {فبإذن اللّه} أي: ما أصابكم كان بعلم اللّه.
{وليعلم المؤمنين*وليعلم الّذين نافقوا} أي: ليظهر إيمان المؤمنين بثبوتهم على ما نالهم، ويظهر نفاق المنافقين بفشلهم وقلة الصبر على ما ينزل بهم في ذات اللّه). [معاني القرآن: 1/488]

تفسير قوله تعالى: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ (167)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {قاتلوا في سبيل اللّه أو ادفعوا...}
يقول: كثّروا، فإنكم إذا كثّرتم دفعتم القوم بكثرتكم). [معاني القرآن: 1/246]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {لو نعلم قتال} أي: لو نعرف قتالا). [مجاز القرآن: 1/108]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({قاتلوا في سبيل اللّه أو ادفعوا} يقول: كثروا فإنكم إذا كثّرتم دفعتم القوم بكثرتكم). [تفسير غريب القرآن: 115]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): (وأمّا الزيادة في التوكيد فكقوله سبحانه: {يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ} لأن الرجل قد يقول بالمجاز: كلمت فلانا، وإنما كان ذلك كتابا أو إشارة على لسان غيره، فأعلمنا أنهم يقولون بألسنتهم.
وكذلك قوله: {يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ}لأن الرجل قد يكتب بالمجاز، وغيره الكاتب عنه.
ويقول الأمّي: كتبت إليك، وهذا كتابي إليك. وكلّ فعل أمرت به فأنت الفاعل له، وإن وليه غيرك.
قال الله عز وجل: في التابوت: {تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ}
قال ابن عباس رضي الله عنه في رواية أبي صالح عنه: هذا كما تقول: حملت إلى بلد كذا وكذا برّا وقمحا، وإنما تريد أمرت بحمله.
فأعلمنا أنهم يكتبونه بأيديهم ويقولون هو من عند الله. وقد علموا يقينا- إذ كتبوه بأيديهم- أنه ليس من عند الله). [تأويل مشكل القرآن:241-242] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): {وليعلم المؤمنين*وليعلم الّذين نافقوا} أي: ليظهر إيمان المؤمنين بثبوتهم على ما نالهم، ويظهر نفاق المنافقين بفشلهم وقلة الصبر على ما ينزل بهم في ذات اللّه). [معاني القرآن: 1/488] (م)
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوِ ادْفَعُواْ} أي: كثروا ليرهب العدو كثرتكم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 54]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (168)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فادرءوا عن أنفسكم} أي: ادفعوا عن أنفسكم). [مجاز القرآن: 1/108]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({الّذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين}
قال: {الّذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت} أي: قل لهم {فادرءوا عن أنفسكم الموت} وأضمر "لهم"). [معاني القرآن: 1/188]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ({فادرؤا عن أنفسكم}: ادفعوا). [غريب القرآن وتفسيره: 111]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({فادرؤا عن أنفسكم الموت} أي: ادفعوه. يقال: درأ اللّه عنك الشرك، أي: دفعه). [تفسير غريب القرآن: 116]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({فَادْرَؤُوا} أي: ادفعوا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 54]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({فَادْرَؤُوا}: ادفعوا). [العمدة في غريب القرآن: 103]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {بل أحياءٌ عند ربّهم يرزقون...}
وقوله: {فرحين...} [لو كانت رفعا على "بل أحياء فرحون" لجاز. ونصبها على الانقطاع من الهاء في "ربهم". وإن شئت يرزقون فرحين] {ويستبشرون بالّذين لم يلحقوا بهم مّن خلفهم} من إخوانهم الذين يرجون لهم الشهادة للذي رأوا من ثواب الله فهم يستبشرون بهم.
وقوله: {ألاّ خوفٌ عليهم} يستبشرون لهم بأنهم لا خوف عليهم "ولا حزن"). [معاني القرآن: 1/246]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {أمواتاً بل أحياءٌ)} أي: بل هم أحياء). [مجاز القرآن: 1/108]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): (وأما قوله: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} ، فإن (إلّا) في هذا الموضع أيضا بمعنى (سوى).
ومثله: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آَبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ}يريد سوى ما سلف في الجاهلية قبل النهي.
وإنما استثنى الموتة الأولى وهي في الدنيا، لأن السّعداء حين يموتون يصيرون بما شاء الله من لطفه وقدرته، إلى أسباب من أسباب الجنة، ويتفاضلون أيضا في تلك الأسباب على قدر منازلهم عند الله: فمنهم من يلقّى بالرّوح والرّيحان، ومنهم من يفتح له باب إلى الجنة، ومنهم الشهداء أرواحهم في حواصل طير خضر تعلق في الجنة. أي تأكل، قال الشاعر:
إنْ تدنُ مِن فَنَنِ الأَلاءَةِ تَعْلُقِ
وجعفر بن أبي طالب ذو الجناحين يطير مع الملائكة في الجنة.
والله يقول: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}
أفما ترى أنهم عندنا موتى وهم في الجنة متّصلون بأسبابها؟ فكيف لا يجوز أن يستثنى من مكثهم فيها الموتة الأولى؟). [تأويل مشكل القرآن: 78-79] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {ولا تحسبنّ الّذين قتلوا في سبيل اللّه أمواتا بل أحياء عند ربّهم يرزقون}
القراءة بالرفع {بل أحياء عند ربّهم} ولو قرئت {بل أحياء عند ربهم} لجاز المعنى: أحسبهم أحياء وقيل في هذا غير قول: قال بعضهم لا تحسبهم أمواتا في دينهم بل هم أحياء في دينهم، كما قال اللّه تعالى: {أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في النّاس كمن مثله في الظّلمات}
وقال بعضهم: لا تحسبهم كما يقول الكفار إنهم لا يبعثون بل يبعثون.
{بل أحياء عند ربّهم يرزقون*فرحين بما آتاهم اللّه من فضله}
وقيل إن أرواحهم تسرح في الجنة وتلذ بنعيمها، فهم أحياء عند ربهم.
قال بعضهم: أرواحهم في حواصل طير خضر تسرح في الجنة، ثم تصير إلى قناديل تحت العرش). [معاني القرآن: 1/488]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون}
روي أن أرواح الشهداء تسرح في الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى قناديل معلقة عند العرش). [معاني القرآن: 1/508]

تفسير قوله تعالى: {فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {بل أحياءٌ عند ربّهم يرزقون...}
وقوله: {فرحين...} [لو كانت رفعا على "بل أحياء فرحون" لجاز. ونصبها على الانقطاع من الهاء في "ربهم". وإن شئت يرزقون فرحين] {ويستبشرون بالّذين لم يلحقوا بهم مّن خلفهم} من إخوانهم الذين يرجون لهم الشهادة للذي رأوا من ثواب الله فهم يستبشرون بهم.
وقوله: {ألاّ خوفٌ عليهم} يستبشرون لهم بأنهم لا خوف عليهم "ولا حزن"). [معاني القرآن: 1/246] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): ({بل أحياء عند ربّهم يرزقون*فرحين بما آتاهم اللّه من فضله}
وقيل: إن أرواحهم تسرح في الجنة وتلذ بنعيمها، فهم أحياء عند ربهم.
قال بعضهم: أرواحهم في حواصل طير خضر تسرح في الجنة، ثم تصير إلى قناديل تحت العرش). [معاني القرآن: 1/488] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جل ثناؤه: {ويستبشرون بالّذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألّا خوف عليهم ولا هم يحزنون} أي:لم يلحقوا بهم في الفضل إلا أن لهم فضلا عظيما بتصديقهم وإيمانهم أن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
فموضع. " أن " خفض، المعنى: يستبشرون بأن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون). [معاني القرآن: 1/489]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهمم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون} والمعنى: لم يلحقوا بهم في الفضل وإن كان لهم فضل). [معاني القرآن: 1/508-509]

تفسير قوله تعالى: {يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {وفضلٍ وأنّ اللّه لا يضيع أجر المؤمنين...}
تقرأ بالفتح والكسر:
من فتحها:
جعلها خفضا متبعة للنعمة.
ومن كسرها: استأنف، وهي قراءة عبد الله "والله لا يضيع" فهذه حجّة لمن كسر).
[معاني القرآن: 1/246]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {يستبشرون بنعمة من اللّه وفضل وأنّ اللّه لا يضيع أجر المؤمنين}
{وأن اللّه لا يضيع أجر المؤمنين}
{أنّ} في موضع خفض،المعنى: ويستبشرون بأن اللّه لا يضيع ويجوز (وإنّ اللّه لا يضيع أجر المؤمنين) على معنى واللّه لا يضيع أجر المؤمنين، وكذلك هي في قراءة عبد اللّه (واللّه لا يضيع).
فهذا يقوى (وإنّ) بالكسر). [معاني القرآن: 1/489]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (قوله عز وجل: {يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين}والمعنى: ويستبشرون بأن الله لا يضيع أجر المؤمنين
ويقرأ (وإن الله) بكسر الألف لا يضيع أجر المؤمنين على أنه مقطوع من الأول، والمعنى: وهو سبحانه لا يضيع أجر المؤمنين ثم جيء بأن توكيدا). [معاني القرآن: 1/509]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله - جلّ وعزّ -: {الّذين استجابوا للّه والرّسول من بعد ما أصابهم القرح للّذين أحسنوا منهم واتّقوا أجر عظيم} أي من بعد ما أصابهم الجرح، ومن قرأ القرح، فمعناه: ألم الجرح.
{الذين}جائز أن يكون: في موضع خفض على النعت للمؤمنين، والأحسن أن يكون: في موضع رفع بالابتداء ويكون خبر الابتداء {للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم}). [معاني القرآن: 1/489]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {الذين استجابوا لله ورسوله من بعد ما أصابهم القرح}
روى عكرمة عن ابن عباس أن المشركين يوم أحد لما انصرفوا فبلغوا إلى الروحاء حرض بعضهم بعضا على الرجوع لمقاتلة المسلمين فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فندب أصحابه للخروج فانتدبوا حتى وفوا يعني حمراء الأسد وهي على ثمانية أميال من المدينة فأنزل الله عز وجل: {الذين استجابوا لله ورسوله من بعد ما أصابهم القرح}). [معاني القرآن: 1/509-510]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {الّذين قال لهم النّاس...}
و{الناس} في هذا الموضع واحد، وهو نعيم بن مسعود الأشجعيّ. بعثه أبو سفيان وأصحابه فقالوا: ثبّط محمدا - صلى الله عليه وسلم - أو خوّفه حتى لا يلقانا ببدر الصغرى، وكانت ميعادا بينهم يوم أحد. فأتاهم نعيم فقال: قد أتوكم في بلدتكم فصنعوا بكم ما صنعوا، فكيف بكم إذا وردتم عليهم في بلدتهم وهم أكثر وأنتم أقلّ؟ فأنزل الله تبارك وتعالى: {إنّما ذالكم الشّيطان يخوّف أولياءه}). [معاني القرآن: 1/247-248]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {الّذين قال لهم النّاس إنّ النّاس قد جمعوا لكم}: وقع المعنى على رجل واحد، والعرب تفعل ذلك، فيقول الرجل: فعلنا كذا وفعلنا، وإنما يعنى نفسه، وفي القرآن: {إنّا كلّ شيءٍ خلقناه بقدرٍ} والله هو الخالق). [مجاز القرآن: 1/108]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({الّذين قال لهم النّاس إنّ النّاس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا اللّه ونعم الوكيل}
قال تعالى: {فزادهم إيماناً} يقول: "فزادهم قولهم إيمانا"). [معاني القرآن: 1/188]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): (ومنه عام يراد به خاص:
كقوله سبحانه حكاية عن النبي، صلّى الله عليه وسلم: {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}، وحكاية عن موسى: {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} ولم يرد كل المسلمين والمؤمنين، لأن الأنبياء قبلهما كانوا مؤمنين ومسلمين، وإنما أراد مؤمني زمانه ومسلميه.
وكقوله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ}، ولم يصطفهم على محمد صلّى الله عليه وسلم ولا أممهم على أمّته، ألا تراه يقول: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}، وإنما أراد عالمي أزمنتهم.
وكقوله سبحانه: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا}، وإنما قاله فريق من الأعراب.
وقوله: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} ولم يرد كل الشعراء.
ومنه قوله سبحانه: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ}، وإنما قاله نعيم بن مسعود لأصحاب محمد، صلّى الله عليه وسلم إنّ النّاس قد جمعوا لكم، يعني: أبا سفيان، وعيينة بن حصن، ومالك بن عوف). [تأويل مشكل القرآن:281-282] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جلّ وعزّ: {الّذين قال لهم النّاس إنّ النّاس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا اللّه ونعم الوكيل}
يقال في التفسير: إن قائل هذا نعيم بن مسعود الأشجعي بعثه أبو سفيان وأصحابه يثبطون النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه عن لقيّهم، وكان بين المسلمين وبين المشركين في يوم أحد موعد للقاء ببدر الصغرى، فلم يلتفت المسلمون إلى تخويف نعيم وعزموا على لقاء القوم وأجابوه بأن قالوا: {حسبنا اللّه ونعم الوكيل}
وتأويل {حسبنا اللّه} أي: الذي يكفينا أمرهم اللّه.
وقوله جلّ وعزّ: {فزادهم إيمانا} أي: زادهم ذلك التخويف ثبوتا في دينهم وإقامة على نصرة نبيهم.
وصاروا إلى بدر الصغرى، وألقى اللّه في قلوب المشركين الرعب فلم تغفلوهم). [معاني القرآن: 1/489-490]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم}
قيل إنه يعني بالناس نعيم بن مسعود وجهه أبو سفيان يثبط أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومجازة في اللغة أن يراد به نعيم وأصحابه.
وقال ابن إسحاق: الذين قال لهم الناس هم نفر من عبد القيس قالوا أبا سفيان ومن معه راجعون إليكم.
ثم قال تعالى: {فزادهم إيمانا} أي: فزادهم التخويف إيمانا {وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل} أي: كافينا الله يقال أحسبه إذا كفاه). [معاني القرآن: 1/510-511]

تفسير قوله تعالى: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جلّ وعزّ: {فانقلبوا بنعمة من اللّه وفضل لم يمسسهم سوء واتّبعوا رضوان اللّه واللّه ذو فضل عظيم} المعنى: فلم يخافوا ما خافوا، وصاروا إلى الموعد الذي وعدوا فيه.
{فانقلبوا بنعمة} أي: انقلبوا مؤمنين قد هرب منهم عدوهم.
وقيل في التفسير: إنهم أقاموا ثلاثا واشتروا أدما وزبيبا ربحوا فيه.
وكل ذلك جائز، إلا أن انقلابهم بالنعمة هي نعمة الإيمان والنصر على عدوهم). [معاني القرآن: 1/490]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء}
قال عكرمة عن ابن عباس لما وافدوا بدرا وكان أبو سفيان قد قال لهم موعدكم بدرا موضع قتلتم أصحابنا فوافى النبي وأصحابه بدرا واشترى المسلمون بها أشياء ربحوا فيها
فالمعنى على هذا: فانقلبوا بنعمة من الله وفضل من انصراف عدوهم وفضل في تجارتهم). [معاني القرآن: 1/511-512]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (أما قوله: {إنّما ذالكم الشّيطان يخوّف أولياءه...}
يقول: يخوّفكم بأوليائه "فلا تخافوهم" ومثل ذلك قوله: {لينذر يوم التلاق} معناه: لينذركم يوم التلاق.
وقوله: {لينذر بأسا شديدا} المعنى: لينذركم بأسا شديدا؛ البأس لا ينذر، وإنما ينذر به). [معاني القرآن: 1/248]

قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({إنّما ذالكم الشّيطان يخوّف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مّؤمنين}
قال: {إنّما ذالكم الشّيطان يخوّف أولياءه} يقول: "يرهب النّاس أولياءه" أي: بأوّليائه"). [معاني القرآن: 1/188]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({إنّما ذلكم الشّيطان يخوّف أولياءه} أي: يخوفكم بأوليائه كما قال: {لينذر بأساً شديداً} أي: لينذركم ببأس [شديد] ). [تفسير غريب القرآن: 116]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): (ومنه قوله: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ} أي: يخوّفكم بأوليائه، كما قال سبحانه: {لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ}أي: لينذركم ببأس شديد). [تأويل مشكل القرآن: 222]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جلّ وعزّ: {إنّما ذلكم الشّيطان يخوّف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين} أي: ذلك التخويف الذي كان فعل الشيطان ،أي: هو قوله للمخوفين، يخوف أولياءه.
قال أهل العربية، معناه: يخوفكم أولياءه، أي من أوليائه.
والدليل على ذلك قوله جلّ وعزّ: {فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين} أي: كنتم مصدقين فقد أعلمتكم أني أنصركم عليهم فقد سقط عنكم الخوف، وقال بعضهم يخوف أولياءه، أي: إنما يخاف المنافقون، ومن لا حقيقة لإيمانه.
{فلا تخافوهم} أي: لا تخافوا المشركين). [معاني القرآن: 1/490]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه}
يقال كيف يخوف من تولاه؟ فروي عن إبراهيم النخعي يخوفكم أولياءه قيل: هذا حسن في العربية كما تقول فلان يعطي الدنانير، أي: يعطي الناس الدنانير، والتقدير على هذا يخوف المؤمنون بأوليائه ثم حذفت الباء وأحد المفعولين ونظيره قوله عز وجل: {لينذر بأسا شديدا} وأنشد سيبويه فيما حذفت منه الباء:
أمرتك الخير فافعل ما أمرت به = فقد تركتك ذا مال وذا نشب
وأولياؤه ههنا الشياطين وقد قيل إن معنى {يخوف أولياءه} يخوف المنافقين الفقر حتى لا ينفقوا لأنهم أشد خوفا). [معاني القرآن: 1/512-513]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ): ( {يخوف أولياءه} أي: يخوفكم بأوليائه). [ياقوتة الصراط: 194]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ} أي: يخوفكم بأوليائه، مثل {لِّيُنذِرَ بَأْساً شَدِيداً}، أي: ببأس شديد). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 54]


رد مع اقتباس