عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 26 ذو الحجة 1431هـ/2-12-2010م, 10:58 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 26 إلى 32]

{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (27) لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (28) قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (29) يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (30) قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (32)}

تفسير قوله تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {قل اللّهمّ مالك الملك...}
{اللهم} كلمة تنصبها العرب,
وقد قال بعض النحويين: إنما نصبت إذ زيدت فيها الميمان؛ لأنها لا تنادى بيا؛ كما تقول: يا زيد، ويا عبد الله، فجعلت الميم فيها خلفا من يا. وقد أنشدني بعضهم:

وما عليك أن تقولي كلّما =صلّيت أو سبّحت يا اللهمّ ما
* اردد علينا شيخنا مسلما =
ولم نجد العرب زادت مثل هذه الميم في نواقص الأسماء إلا مخفّفة؛ مثل الفم وابنم وهم، ونرى أنها كانت كلمة ضمّ إليها؛ امّ، تريد: يا ألله امّنا بخير، فكثرت في الكلام فاختلطت, فالرفعة التي في الهاء من همزة أمّ لما تركت انتقلت إلى ما قبلها, ونرى أن قول العرب: (هلمّ إلينا) مثلها، إنما كانت (هل) فضمّ إليها أمّ فتركت على نصبها, ومن العرب من يقول إذا طرح الميم: يا ألله اغفر لي، ويا الله اغفر لي، فيهمزون ألفها ويحذفونه, فمن حذفها فهو على السبيل؛ لأنها ألف ولام مثل: الحارث من الأسماء. ومن همزها توهّم أنها من الحرف إذ كانت لا تسقط منه؛ أنشدني بعضهم:
مباركٌ هوّ ومن سمّاه= على اسمك اللهمّ يا ألله
وقد كثرت (اللهم) في الكلام حتى خفّفت ميمها في بعض اللغات؛ أنشدني بعضهم:
كحلفةٍ من أبي رياح = يسمعها اللهم الكبار
وإنشاد العامّة: لاهه الكبار, وأنشدني الكسائيّ:
= يسمعها الله والله كبار =
وقوله تبارك وتعالى: {تؤتي الملك من تشاء}, إذا رأيت من تشاء مع من تريد من تشاء أن تنزعه منه, والعرب تكتفي بما ظهر في أوّل الكلام ممّا ينبغي أن يظهر بعد شئت فيقولون: خذ ما شئت، وكن فيما شئت, ومعناه: فيما شئت أن تكون فيه فيحذف الفعل بعدها؛ قال تعالى: {اعملوا ما شئتم}, وقال تبارك وتعالى: {في أي صورةٍ مّا شاء ركّبك}, والمعنى -والله أعلم -: في أي صورة شاء أن يركّبك ركّبك.
ومنه قوله تعالى: {ولولا إذ دخلت جنّتك قلت ما شاء الله}, وكذلك الجزاء كله؛ إن شئت فقم، وإن شئت فلا تقم؛ المعنى: إن شئت أن تقوم فقم، وإن شئت ألاّ تقوم فلا تقم, وقال الله {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} فهذا بيّن أنّ المشيئة واقعة على الإيمان والكفر، وهما متروكان, ولذلك قالت العرب: (أيّها شئت فلك), فرفعوا أيّا لأنهم أرادوا أيّها شئت أن يكون لك فهو لك, وقالوا (بأيّهم شئت فمرّ), وهم يريدون: بأيّهم شئت أن تمرّ فمرّ). [معاني القرآن: 1/203-205]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جل شأنه: {قل اللّهمّ مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممّن تشاء وتعزّ من تشاء وتذلّ من تشاء بيدك الخير إنّك على كلّ شيء قدير}
أمر اللّه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بتقديمه وذكر ما يدل على توحيده، ومعنى{مالك الملك} : أن اللّه يملك العباد ويملك ما ملكوا, ومعنى: {تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممّن تشاء}.
فيه قولان: -
1-تؤتي الملك الذي هو المال والعبيد والحضرة من تشاء, وتنزعه ممن تشاء،
2-وقيل: تؤتي الملك من تشاء من جهة الغلبة بالدّين والطاعة، فجعل اللّه - عزّ وجلّ - كل ما في ملكه ملك غير مسلم للمسلمين ملكاً غنيمة، وجعلهم أحق بالأملاك كلها من كل أهل لمن خالفوا دين الإسلام.

وقيل في التفسير: إن اللّه عزّ وجلّ أمر النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الآيات أن يسأله نقل عزّ فارس إلى العرب, وذل العرب إلى فارس , واللّه أعلم بحقيقة ذلك.
فأما إعراب {اللّهمّ} فضم الهاء وفتح الميم، لا اختلاف في اللفظ به بين النحويين، فأما العلة فقد اختلف فيها النحويون:
1- فقال بعضهم: معنى الكلام يا الله أم بخير، وهذا إقدام عظيم؛ لأن كل ما كان من هذا الهمز الذي طرح, فأكثر الكلام الإتيان به، يقال: ويل أمه، وويل أمه، والأكثر إثبات الهمز.

ولو كان كما يقول لجاز, أومم، واللّه أم، وكان يجب أن تلزمه ياء النداء؛ لأن العرب تقول: يا اللّه اغفر لنا، ولم يقل أحد من العرب إلا اللهم، ولم يقل أحد: يا اللهم.
قال اللّه عزّ وجلّ: {وإذ قالوا اللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ}.
وقال: {قل اللّهمّ فاطر السّماوات والأرض}, فهذا القول يبطل من جهات:
أحدها: أن " يا " ليست في الكلام وأخرى أن هذا المحذوف لم يتكلم به على أصله كما نتكلم بمثله, وأنه لا يقدم أمام الدعاء هذا الذي ذكره، وزعم أن الصفة التي في الهاء ضمة الهمزة التي كانت في أم، وهذا محال أن يترك الضم الذي هو دليل على النداء للمفرد.

وأن يجعل في اللّه ضمة (أم), هذا الحاد في اسم اللّه عزّ وجل, وزعم أن قولنا: هلم مثل ذلك أن أصلها: هل أم - وإنما هي لم.
والهاء للتنبيه، وقال المحتج بهذا القول: أن " يا " قد يقال مع: {اللهم}, فيقال: يا اللّهم، ولا يروي أحد عن العرب هذا غيره , زعم أن بعضهم أنشده:
وما عليك أن تقولي كلما صليت أو سبّحت = يا اللهم مااردد علينا شيخنا مسلما
وليس يعارض الإجماع , وما أتى به كتاب اللّه تعالى , ووجد في جميع ديوان العرب بقول قائل أنشدني بعضهم، وليس ذلك البعض بمعروف , ولا بمسمى.
2- وقال الخليل , وسيبويه, وجميع النحويين الموثوق بعلمهم: أن " اللهم "بمعنى - يا اللّه، وأن الميم المشددة عوض من " يا " ؛لأنهم لم يجدوا ياء مع هذه الميم في كلمة، ووجدوا اسم اللّه جلّ وعزّ مستعملا بـ (يا) إذا لم يذكر الميم.
فعلموا أن الميم من آخر الكلمة بمنزلة يا في أولها، والضمة التي في أولها ضمة الاسم المنادى في المفرد، والميم مفتوحة لسكونها وسكون الميم التي قبلها.
وزعم سيبويه: أن هذا الاسم لا يوصف؛ لأنه قد ضمت إليه الميم، فقال في قوله جلّ وعزّ: {قل اللّهمّ فاطر السّماوات والأرض}, أن {فاطر} منصوب على النداء، وكذلك {مالك الملك} ولكن لم يذكره في كتابه.
والقول عندي أن: {مالك الملك} صفة اللّه، وأن {فاطر السّماوات والأرض} كذلك , وذلك أن الاسم, ومعه الميم بمنزلته ومعه : " يا " فلا تمنع الصفة مع الميم كما لا تمنع " مع " يا ", فهذا جملة تفسير وإعراب {اللّهمّ}.
ومعنى {وتنزع الملك ممّن تشاء}: على ما ذكرنا في {تؤتي الملك من تشاء}.
ومعنى {بيدك الخير}أي: بيدك الخير كله، خير الدنيا وخير الآخرة). [معاني القرآن: 1/392-395]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وفي قوله: {تؤتي الملك من تشاء} أي: تؤتي الملك من تشاء أن تؤتيه، وكذلك {وتنزع الملك ممّن تشاء} أن تنزعه منه إلا أنه حذف لأن في الكلام ما يدل عليه). [معاني القرآن: 1/396-397] (م)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء} قيل: الملك ههنا: النبوة .
وقيل: هو المال, والعبيد .
وقيل: هو الغلبة
وقال قتادة: بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل الله عز وجل أن يعطي أمته ملك فارس , فأنزل الله عز وجل هذه الآية.
ومعنى {تؤتي الملك من تشاء}أي: من تشاء أن تؤتيه, وتنزع الملك ممن تشاء, أي: ممن تشاء أن تنزعه منه, ثم حذف هذا, وأنشد سيبويه:
ألاهل لهذا الدهر من متعلعل = على الناس مهما شاء بالناس يفعل
قال أبو إسحاق: المعنى مهما شاء أن يفعل بالناس يفعل
وقوله عز وجل: {وتعز من تشاء وتذل من تشاء}
يقال: عز إذا غلب, وذل يذل ذلاً إذا غلب وقهر , قال طرفة:
بطيء على الجلى سريع إلى الخنا = ذليل بأجماع الرجال ملهد). [معاني القرآن: 1/378-397]

تفسير قوله تعالى: {تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (27)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ:(ت:207هـ): (وقوله:{تولج اللّيل في النّهار وتولج النّهار في اللّيل...}
جاء التفسير: أنه نقصان الليل يولج النهار، وكذلك النهار يولج في الليل، حتى يتناهى طول هذا, وقصر هذا.
وقوله: {وتخرج الحيّ من الميّت}, ذكر عن ابن عباس أنها البيضة: ميتة يخرج منها الفرخ حيّا، والنطفة: ميتة يخرج منها الولد). [معاني القرآن: 1/205]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({تولج اللّيل في النّهار}: تنقص من الليل فتزيد في النهار، وكذلك النهار من الليل, {وتخرج الحيّ من الميّت}, أي: الطيّب من الخبيث، والمسلم من الكافر). [مجاز القرآن: 1/90]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ({تولج الليل في النهار}: تدخل هذا في هذا. ومنه ولجت البيت). [غريب القرآن وتفسيره: 103]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({تولج اللّيل في النّهار} أي: تدخل هذا في هذا، فما زاد في واحد نقص من الآخر مثله.
{وتخرج الحيّ من الميّت} يعني: الحيوان من النّطفة والبيضة.
{وتخرج الميّت من الحيّ} يعني: النطفة والبيضة - وهما ميتتان - من الحيّ.
{وترزق من تشاء بغير حسابٍ} أي: بغير تقدير وتضييق). [تفسير غريب القرآن: 103]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جلّ وعزّ: {تولج اللّيل في النّهار وتولج النّهار في اللّيل وتخرج الحيّ من الميّت وتخرج الميّت من الحيّ وترزق من تشاء بغير حساب} المعنى: تدخل أحدهما في الآخر, يقال: ولج الشيء إذا دخل يلج ولوجاًوولجة، والولج والولجة شيء يكون بين يدي فناء.
فمعنى {تولج الليل في النهار}أي: تنقص من الليل, فتدخل ذلك النقصان زيادة في النهار، وتنقص من النهار, فتدخل ذلك النقصان زيادة في الليل.
{وتخرج الحيّ من الميّت}أي: تخرج الإنسان من النطفة، والطائر من البيضة، وتخرج للناس الحب الذي يعيشون به من الأرض الميتة.
{وتخرج الميّت من الحيّ} أي: تخرج النطفة من الإنسان، والبيضة من الطائر.
ومعنى {وترزق من تشاء بغير حساب} أي: بغير تقتير، وهذا مستعمل في اللغة، يقال للذي ينفق موسعاً: فلان ينفق بغير حساب، أي: يوسع على نفسه، وكأنه لا يحسب ما أنفقه إنفاقاً). [معاني القرآن: 1/394-395]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل}.
قال عبد الله بن مسعود : هو قصره في الشتاء, والصيف,
فالمعنى على هذا: تنقص من الليل , وتدخل النقصان في النهار وتنقص من النهار, وتدخل النقصان في الليل.

يقال: ولج يلج ولوجاً ولجة إذا دخل قال الراجز:
= متخذا في ضعوات تولجا). [معاني القرآن: 1/380]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي}
قال سلمان: أي تخرج المؤمن من الكافر, والكافر من المؤمن.
قال عبد الله بن مسعود, وسعيد بن جبير, ومجاهد, والضحاك: وهذا معنى قولهم تخرج النطفة, وهي ميتة من الرجل , وهو حي , وتخرج الرجل , وهو حي من النطفة وهي ميتة.
ثم قال تعالى: {وترزق من تشاء بغير حساب}أي: يغير تضيق, ولا تقتير, كما تقول فلان يعطي بغير حساب, كأنه لا يحسب ما يعطي). [معاني القرآن: 1/382]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ): (و{يولج}: يدخل). [ياقوتة الصراط: 186]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({تولج الليل في النهار} أي: تدخل هذا في هذا، فما زاد في واحد نقص من الآخر مثله.
{وتخرج الحي من الميت} يعني الحيوان من النطفة والبيضة, {وتخرج الميت من الحي} أي: النطفة والبيضة وهما ميتان، من الحي.
وقيل: هو المؤمن من الكافر, والكافر من المؤمن).
[تفسير المشكل من غريب القرآن: 48]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({تُولِجُ}: تدخل, {حِسَابٍ}: تضييق، تقتير). [العمدة في غريب القرآن: 98]

تفسير قوله تعالى: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (28)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {لاّ يتّخذ المؤمنون...}
نهي، ويجزم في ذلك, ولو رفع على الخبر كما قرأ من قرأ: {لا تضارّ والدةٌ بولدها}, وقوله: {إلاّ أن تتّقوا منهم تقاةً} هي أكثر كلام العرب، وقرأه القرّاء, وذكر عن الحسن ,ومجاهد أنهما قرءا "تقيّة", وكلّ صواب). [معاني القرآن: 1/205]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({تقاةً}: وتقيّة واحدة). [مجاز القرآن: 1/90]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({لاّ يتّخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من اللّه في شيءٍ إلاّ أن تتّقوا منهم تقاةً ويحذّركم اللّه نفسه وإلى اللّه المصير}
وقال: {لاّ يتّخذ المؤمنون الكافرين} بكسر {يتّخذ} ؛ لأنه لقيته لام ساكنة, وهي نهي, فكسرته.
وقال تعالى: {إلاّ أن تتّقوا منهم تقيّةً},
وقال بعضهم {تقاةً}, وكلٌّ عربي, و{تقاةٌ} أجود، مثل: "إتّكأ" "تكأةً", و"إتّخم" "تخمةً" و"إتّحف" "تحفةً"). [معاني القرآن: 1/166]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وذكر الله جلّ وعزّ بعد هذا التقديس, والتعظيم أمر المنافقين فقال:{لا يتّخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من اللّه في شيء إلّا أن تتّقوا منهم تقاة ويحذّركم اللّه نفسه وإلى اللّه المصير}, القراءة بالجزم، وكسر الذال لالتقاء السّاكنين، ولو رفعت لكان وجهاً.
فقلت: {لا يتّخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين}
المعنى: أنه من كان مؤمنا فلا ينبغي أن يتخذ الكافر ولياً ؛ لأن ولي الكافر راض بكفره، فهو كافر.
قال الله جلّ وعزّ: {ومن يتولّهم منكم فإنّه منهم}.
وقال: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض},ومعنى: {من دون المؤمنين}أي: لا يجعل ولاية لمن هو غير مؤمن، أي لا يتناول الولاية من مكان دون مكان المؤمنين، وهذا كلام جرى على المثل في المكان كما تقول: زيد دونك, فلست تريد أنه في موضع مستقل , وأنك في موضع مرتفع، ولكنك جعلت الشرف بمنزلة الارتفاع في المكان، وجعلت الخسّة كالاستقبال في المكان, فالمعنى: أن المكان المرتفع في الولاية مكان المؤمنين, فهذا بيان قوله: {من دون المؤمنين}.
ومعنى{ومن يفعل ذلك فليس من اللّه في شيء} أي : من يتول غير المؤمنين , فاللّه بريء منه.
{إلّا أن تتّقوا منهم تقاة}: و (تقيّة) قرئا جميعاً, فأباح الله جلّ وعزّ الكفر مع القصة.
والتقيّة خوف القتل، إلا أن هذه الإباحة لا تكون إلا مع سلامة النية وخوف القتل.
{ويحذّركم اللّه نفسه وإلى اللّه المصير}, معنى: (نفسه) إيّاها إلا أن النفس يستغنى بها هنا عن " إياه " وهو الكلام، وأما قوله عز وجل: {تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك}, فممّا به خوطب العباد على قدر علمهم، ومعناه: تعلم ما عندي وما في حقيقتي, ولا أعلم ما عندك لا ما في حقيقتك.
وفي قوله: {تؤتي الملك من تشاء} أي: تؤتي الملك من تشاء أن تؤتيه، وكذلك {وتنزع الملك ممّن تشاء} أن تنزعه منه إلا أنه حذف ؛ لأن في الكلام ما يدل عليه). [معاني القرآن: 1/396-397]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين}أي: لا يتولوهم في الدنيا؛ لأن المنافقين أظهروا الإيمان وعاضدوا الكفار , فقال الله عز وجل: {ومن يتولهم منكم فإنه منهم} , وقال: {ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة}
قال ابن عباس: هو أن يتكلم بلسانه, ولا يقتل, ولا يأتي إنما ويكون قلبه مطمئناً بالإيمان.
وقرأ جابر بن زيد,ومجاهد, وحميد, والضحاك: {إلا أن تتقوا منهم تقية} .
وقال الضحاك: التقية باللسان ,
والمعنى عند أكثر أهل اللغة واحد

وروى عوف عن الحسن, قال: التقية جائزة للمسلم إلى يوم القيامة غير أنه لا يجعل في القتل تقية .
ومعنى{فليس من الله شيء}: فليس من حزب الله .
وحكى سيبويه هو منى فرسخين , أي: من أصحابي .
ومعنى {من دون المؤمنين} :من مكان دون مكان المؤمنين, وهو مكان الكافرين
ويحذركم الله نفسه, والله رؤوف بالعباد, أي: يحذركم إياه). [معاني القرآن: 1/384]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ): (والتقاة والتقية واحد، والاتقاء والتقوى، كله بمعنى واحد). [ياقوتة الصراط: 187]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَ الله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (29)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {يعلمه اللّه...}جزم على الجزاء, {ويعلم ما في السّماوات وما في الأرض} رفع على الاستئناف؛ كما قال الله في سورة براءة {قاتلوهم يعذّبهم الله} , فجزم الأفاعيل، ثم قال: {ويتوب الله على من يشاء} رفعاً على الاستئناف, وكذلك قوله: {فإن يشأ الله يختم على قلبك}, ثم قال: {ويمح الله الباطل}, ويمح في نيّة رفع مستأنفة وإن لم تكن فيها واو؛ حذفت منها الواو كما حذفت في قوله: {سندع الزّبانية}, وإذا عطفت على جواب الجزاء, جاز الرفع , والنصب, والجزم, وأمّا قوله: {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر}, وتقرأ جزماً على العطف ومسكّنة تشبه الجزم, وهي في نية رفع تدغم الراء من يغفر عند اللام، والباء من يعذب عند الميم؛ كما يقال {أرأيت الذي يكذّب بالدّين} وكما قرأ الحسن {شهر رمضان}). [معاني القرآن: 1/206]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (30)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {يوم تجد كلّ نفسٍ مّا عملت من خيرٍ مّحضراً...}, ما في مذهب الذي, ولا يكون جزاء ؛ لأن (تجد) قد وقعت على ما.
وقوله: {وما عملت من سوءٍ} , فإنك تردّه أيضا على (ما) , فتجعل (عملت) صلة لها في مذهب رفع لقوله: {تودّ لو أنّ بينها}, ولو استأنفتها فلم توقع عليها (تجد) جاز الجزاء؛ تجعل (عملت) مجزومة, ويقول في تودّ: تودّ بالنصب وتودّ, ولو كان التضعيف ظاهر لجاز تودد, وهي في قراءة عبد الله "وما عملت من سوء ودّت" , فهذا دليل على الجزم، ولم أسمع أحدا من القراء قرأها جزماً). [معاني القرآن: 1/206-207]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {أمداً} : الأمد الغاية). [مجاز القرآن: 1/90]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({يوم تجد كلّ نفسٍ مّا عملت من خيرٍ مّحضراً وما عملت من سوءٍ تودّ لو أنّ بينها وبينه أمداً بعيداً ويحذّركم اللّه نفسه واللّه رءوفٌ بالعباد}
قال الله تعالى: {تودّ لو أنّ بينها وبينه أمداً بعيداً}‘؛ لأنّ "البين" ههنا ظرف وليس باسم, ولو كان اسماً لارتفع "الأمد", فإذا جئت بشيء هو ظرف للآخر, وأوقعت عليه حروف النصب, فانصب نحو قولك: "إنّ عندنا زيداً" ؛ لأن "عندنا" ليس باسم , ولو قلت: "إنّ الذي عندنا" قلت: "زيدٌ" ؛ لأن "الذي عندنا" اسم, قال: {إنّما صنعوا كيد ساحرٍ}, فجعل "إنّ" و"ما" حرفاً واحداً واعمل "صنعوا" كما تقول: "إنّما ضربوا زيداً", ومن جعل "ما" بمنزلة "الذي" يرفع الكيد). [معاني القرآن: 1/167]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): ({يوم تجد كلّ نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تودّ لو أنّ بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذّركم اللّه نفسه واللّه رءوف بالعباد}
ونصب: {يوم تجد كلّ نفس} بقوله: {ويحذّركم اللّه نفسه}: كأنه قال: ويحذركم اللّه نفسه في ذلك اليوم، ويجوز أن يكون نصب على قوله: {وإلى اللّه المصير يوم تجد كل نفس}، والقول الأول أجود). [معاني القرآن: 1/397]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جلّ وعزّ:{قل إن كنتم تحبّون اللّه فاتّبعوني يحببكم اللّه ويغفر لكم ذنوبكم واللّه غفور رحيم}
القراءة بضم التاء، ويجوز في اللغة: {تحبّون}, ولكن الأكثر {تحبّون}؛ لأن حببت قليلة في اللغة , وزعم الكسائي أنها لغة قد ماتت فيما يحسب.
ومعنى {تحبّون اللّه}أي: تقصدون طاعته, وترضون بشرائعه, والمحبة على ضروب، فالمحبة من جهة الملاذ في المطعم, والمشرب, والنساء.
والمحبة من اللّه؛ لخلقه عفوه عنهم, وإنعامه عليهم برحمته, ومغفرته , وحسن الثناء عليهم، ومحبة الإنسان للّه ولرسوله طاعته لهما , ورضاه بما أمر اللّه به، وأتى به رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -.
وقوله جلّ وعزّ: {يغفر لكم ذنوبكم}
القراءة بإظهار الراء مع اللام، وزعم بعض النحويين: أن الراء تدغم مع اللام فيجوز, ويغفر لكم, وهذا خطأ فاحش, ولا أعلم أحدا قرأ به غير أبي عمرو بن العلاء، وأحسب الذين رووا, عن أبي عمرو إدغام الراء في اللام غالطين.
وهو خطأ في العربية ؛ لأن اللام تدغم في الراء، والنون تدغم في الراء نحو: (قولك) هل رأيت، ومن رأيت, ولا تدغم الراء في اللام إذا قلت: مر لي بشيء؛ لأن الراء حرف مكرر , فلو أدغمت في اللام ذهب التكرير.
وهذا إجماع النحويين الموثوق بعلمهم). [معاني القرآن: 1/397-398]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله}
والمحبة في كلام العرب على ضروب منها: الحبة في الذات, والمحبة من الله لعباده: المغفرة, والرحمة, والثناء عليها, والمحبة من عباده له: القصد لطاعته, والرضا لشرائعه). [معاني القرآن: 1/384]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (32)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({فإن تولّوا}، في هذا الموضع: فإن كفروا). [مجاز القرآن: 1/90]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {قل أطيعوا اللّه والرّسول فإن تولّوا فإنّ اللّه لا يحبّ الكافرين}أي: أظهروا محبّتكم للّه إن كنتم تحبّونه بطاعته, واتباع رسوله,
ومعنى {فإن تولّوا فإنّ اللّه لا يحبّ الكافرين}
أي: فإن اللّه لا يحبهم، لأن من تولى عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد تولى عن الله.
ومعنى {لا يحب الكافرين}: لا يغفر لهم, ولا يثني عليهم خيراً). [معاني القرآن: 1/398]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله تعالى: {قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين}المعنى: لا يحبهم, ثم أعاد الذكر, وكذلك فإن الله, ولم يقل: فإنه, والعرب إذا عظمت الشيء, أعادت ذكره, وأنشد سيبويه:
لا أرى الموت يسبق الموت شيء = نغص الموت ذا الغنى والفقيرا). [معاني القرآن: 1/384-185]


رد مع اقتباس