عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 16 جمادى الآخرة 1435هـ/16-04-2014م, 02:09 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله وهو خادعهم أي منزل الخداع بهم، وهذه عبارة عن عقوبة سماها باسم الذنب، فعقوبتهم في الدنيا ذلهم وخوفهم وغم قلوبهم، وفي الآخرة عذاب جهنم، وقال السدي وابن جريج والحسن وغيرهم من المفسرين: إن هذا الخدع هو أن الله تعالى يعطي لهذه الأمة يوم القيامة نورا لكل إنسان مؤمن أو منافق، فيفرح المنافقون ويظنون أنهم قد نجوا، فإذا جاؤوا إلى الصراط طفئ نور كل منافق، ونهض المؤمنون بذاك، فذلك قول المنافقين «انظرونا نقتبس من نوركم» وذلك هو الخدع الذي يجري على المنافقين، وقرأ مسلمة بن عبد الله النحوي «وهو خادعهم» بإسكان العين وذلك على التخفيف ثم ذكر تعالى كسلهم في القيام إلى الصلاة، وتلك حال كل من يعمل العمل كارها غير معتقد فيه الصواب تقية أو مصانعة، وقرأ ابن هرمز الأعرج «كسالى» بفتح الكاف، وقرأ جمهور الناس «يرءّون» بهمزة مضمومة مشددة بين الراء والواو دون ألف، وهي تعدية رأى بالتضعيف وهي أقوى في المعنى من يراؤن لأن معناها يحملون الناس على أن يروهم، ويتظاهرون لهم بالصلاة وهم يبطنون النفاق، وتقليله ذكرهم يحتمل وجهين، قال الحسن: قل لأنه كان لغير الله، فهذا وجه، والآخر أنه قليل بالنسبة إلى خوضهم في الباطل وقولهم الزور والكفر). [المحرر الوجيز: 3/50]

تفسير قوله تعالى: {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (143) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ومذبذبين معناه: مضطربين لا يثبتون على حال، والتذبذب: الاضطراب بخجل أو خوف أو إسراع في مشي ونحوه، ومنه قول النابغة:
... ... ... ... = ترى كل ملك دونها يتذبذب
ومنه قول الآخر: [البعيث بن حريث]:
خيال لأمّ السّلسبيل ودونها = مسيرة شهر للبريد المذبذب
بكسر الذال الثانية، قال أبو الفتح: أي المهتز القلق الذي لا يثبت، ولا يتمهل فهؤلاء المنافقون مترددون بين الكفار والمؤمنين، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل المنافق مثل الشاة العائرة بين الغنمين»، فالإشارة بذلك إلى حالي الكفر والإيمان، وأشار إليه وإن لم يتقدم ذكره، لظهور تضمن الكلام له، كما جاء حتّى توارت بالحجاب [ص: 32] وكلّ من عليها فانٍ [الرحمن: 26] وقرأ جمهور الناس «مذبذبين» بفتح الذال الأولى والثانية، وقرأ ابن عباس وعمرو بن فائد، «مذبذبين» بكسر الذال الثانية، وقرأ أبي بن كعب «متذبذبين» بالتاء وكسر الذال الثانية، وقرأ الحسن بن أبي الحسن «مذبذبين» بفتح الميم والذالين وهي قراءة مردودة. وقوله تعالى: فلن تجد له سبيلًا معناه سبيل هدى وإرشاد). [المحرر الوجيز: 3/50-51]

رد مع اقتباس