عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 16 جمادى الآخرة 1435هـ/16-04-2014م, 12:36 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا (131) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وللّه ما في السّماوات وما في الأرض ولقد وصّينا الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإيّاكم أن اتّقوا اللّه وإن تكفروا فإنّ للّه ما في السّماوات وما في الأرض وكان اللّه غنيًّا حميدًا (131) وللّه ما في السّماوات وما في الأرض وكفى باللّه وكيلا (132) إن يشأ يذهبكم أيّها النّاس ويأت بآخرين وكان اللّه على ذلك قديرًا (133) من كان يريد ثواب الدّنيا فعند اللّه ثواب الدّنيا والآخرة وكان اللّه سميعًا بصيرًا (134)}
يخبر تعالى أنّه مالك السّماوات والأرض، وأنّه الحاكم فيهما؛ ولهذا قال: {ولقد وصّينا الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإيّاكم} أي: وصّيناكم بما وصّيناهم به، من تقوى اللّه، عزّ وجلّ، بعبادته وحده لا شريك له.
ثمّ قال: {وإن تكفروا فإنّ لله ما في السّماوات وما في الأرض [وكان اللّه غنيًّا حميدًا]} كما قال تعالى إخبارًا عن موسى أنّه قال لقومه: {إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعًا فإنّ اللّه لغنيٌّ حميدٌ} [إبراهيم: 8]، وقال {فكفروا وتولّوا واستغنى اللّه واللّه غنيٌّ حميدٌ} [التّغابن: 6] أي: غنيٌّ عن عباده، {حميدٌ} أي: محمودٌ في جميع ما يقدّره ويشرعه). [تفسير القرآن العظيم: 2/431]

تفسير قوله تعالى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (132) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وللّه ما في السّماوات وما في الأرض وكفى باللّه وكيلا} أي: هو القائم على كلّ نفسٍ بما كسبت، الرّقيب الشّهيد على كل شيء). [تفسير القرآن العظيم: 2/431]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآَخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا (133) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {إن يشأ يذهبكم أيّها النّاس ويأت بآخرين وكان اللّه على ذلك قديرًا} أي: هو قادرٌ على إذهابكم وتبديلكم بغيركم إذا عصيتموه، وكما قال [تعالى] {وإن تتولّوا يستبدل قومًا غيركم ثمّ لا يكونوا أمثالكم} [محمد: 38]. وقال بعض السّلف: ما أهون العباد على اللّه إذا أضاعوا أمره! وقال تعالى: {إن يشأ يذهبكم ويأت بخلقٍ جديدٍ. وما ذلك على الله بعزيزٍ} [إبراهيم: 19، 20] أي: ما هو عليه بممتنعٍ). [تفسير القرآن العظيم: 2/432]

تفسير قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (134) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {من كان يريد ثواب الدّنيا فعند اللّه ثواب الدّنيا والآخرة} أي: يا من ليس همّه إلّا الدّنيا، اعلم أنّ عند اللّه ثواب الدّنيا والآخرة، وإذا سألته من هذه وهذه أعطاك وأغناك وأقناك، كما قال تعالى: {فمن النّاس من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا وما له في الآخرة من خلاقٍ. ومنهم من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النّار. أولئك لهم نصيبٌ ممّا كسبوا [واللّه سريع الحساب]} [البقرة: 200-202]، وقال تعالى: {من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه [ومن كان يريد حرث الدّنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيبٍ]} [الشّورى:20]، وقال تعالى: {من كان يريد العاجلة عجّلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثمّ جعلنا له جهنّم يصلاها مذمومًا مدحورًا. ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمنٌ فأولئك كان سعيهم مشكورًا. كلا نمدّ هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربّك وما كان عطاء ربّك محظورًا. انظر كيف فضّلنا بعضهم على بعضٍ [وللآخرة أكبر درجاتٍ وأكبر تفضيلا]} [الإسراء: 18-21].
وقد زعم ابن جريرٍ أنّ المعنى في هذه الآية: {من كان يريد ثواب الدّنيا} أي: من المنافقين الّذين أظهروا الإيمان لأجل ذلك، {فعند اللّه ثواب الدّنيا} وهو ما حصل لهم من المغانم وغيرها مع المسلمين. وقوله: {والآخرة} أي: وعند اللّه ثواب الآخرة، وهو ما ادّخره لهم من العقوبة في نار جهنّم. وجعلها كقوله: {من كان يريد الحياة الدّنيا وزينتها [نوفّ إليهم أعمالهم فيها] وهم فيها لا يبخسون. أولئك الّذين ليس لهم في الآخرة إلا النّار وحبط ما صنعوا فيها وباطلٌ ما كانوا يعملون} [هودٍ: 15، 16].
ولا شكّ أنّ هذه الآية معناها ظاهرٌ، وأمّا تفسيره الآية الأولى بهذا ففيه نظرٌ؛ فإنّ قوله {فعند اللّه ثواب الدّنيا والآخرة} ظاهرٌ في حضور الخير في الدّنيا والآخرة، أي: بيده هذا وهذا، فلا يقتصرنّ قاصر الهمّة على السّعي للدّنيا فقط، بل لتكن همّته ساميةٌ إلى نيل المطالب العالية في الدّنيا والآخرة، فإنّ مرجع ذلك كلّه إلى الّذي بيده الضّرّ والنّفع، وهو اللّه الّذي لا إله إلّا هو، الّذي قد قسّم السّعادة والشّقاوة في الدّنيا والآخرة بين النّاس، وعدل بينهم فيما علمه فيهم، ممّن يستحقّ هذا، وممّن يستحقّ هذا؛ ولهذا قال: {وكان اللّه سميعًا بصيرًا} ). [تفسير القرآن العظيم: 2/432]

رد مع اقتباس