عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 29 جمادى الأولى 1435هـ/30-03-2014م, 03:44 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آَيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (145) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولئن أتيت الّذين أوتوا الكتاب بكلّ آيةٍ ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابعٍ قبلتهم وما بعضهم بتابعٍ قبلة بعضٍ ولئن اتّبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنّك إذًا لمن الظّالمين (145)}
يخبر تعالى عن كفر اليهود وعنادهم، ومخالفتهم ما يعرفونه من شأن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وأنّه لو أقام عليهم كلّ دليلٍ على صحّة ما جاءهم به، لما اتّبعوه وتركوا أهواءهم كما قال تعالى: {إنّ الّذين حقّت عليهم كلمة ربّك لا يؤمنون * ولو جاءتهم كلّ آيةٍ حتّى يروا العذاب الأليم} [يونس: 96، 97] ولهذا قال هاهنا: {ولئن أتيت الّذين أوتوا الكتاب بكلّ آيةٍ ما تبعوا قبلتك}.
وقوله {وما أنت بتابعٍ قبلتهم وما بعضهم بتابعٍ قبلة بعض} إخبارٌ عن شدّة متابعة الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم لما أمره اللّه تعالى به، وأنّه كما هم مستمسكون بآرائهم وأهوائهم، فهو أيضًا مستمسكٌ بأمر اللّه وطاعته واتّباع مرضاته، وأنّه لا يتّبع أهواءهم في جميع أحواله، وما كان متوجّهًا إلى بيت المقدس؛ لأنّها قبلة اليهود، وإنّما ذلك عن أمر اللّه تعالى. ثمّ حذّر اللّه تعالى عن مخالفة الحقّ الذي يعلمه العالم إلى الهوى؛ فإنّ العالم الحجّة عليه أقوم من غيره. ولهذا قال مخاطبًا للرّسول، والمراد الأمّة: {ولئن أتيت الّذين أوتوا الكتاب بكلّ آيةٍ ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابعٍ قبلتهم وما بعضهم بتابعٍ قبلة بعضٍ ولئن اتّبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنّك إذًا لمن الظّالمين} [البقرة: 145] ). [تفسير ابن كثير: 461/1-462]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({الّذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإنّ فريقًا منهم ليكتمون الحقّ وهم يعلمون (146) الحقّ من ربّك فلا تكوننّ من الممترين (147)}
يخبر تعالى أنّ علماء أهل الكتاب يعرفون صحّة ما جاءهم به الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم كما يعرفون أبناءهم كما يعرف أحدهم ولده، والعرب كانت تضرب المثل في صحّة الشّيء بهذا، كما جاء في الحديث أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلم قال لرجلٍ معه صغيرٌ:
«ابنك هذا؟» قال: نعم يا رسول اللّه، أشهد به. قال: «أما إنّه لا يجني عليك ولا تجني عليه».
قال القرطبيّ: ويروى أنّ عمر قال لعبد اللّه بن سلامٍ:
«أتعرف محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم كما تعرف ولدك ابنك»، قال: «نعم وأكثر، نزل الأمين من السّماء على الأمين، في الأرض بنعته فعرفته، وإنّي لا أدري ما كان من أمره». قلت:« وقد يكون المراد {يعرفونه كما يعرفون أبناءهم} من بين أبناء النّاس لا يشكّ أحدٌ ولا يتمارى في معرفة ابنه إذا رآه من بين أبناء النّاس كلّهم».
ثمّ أخبر تعالى أنّهم مع هذا التّحقّق والإتقان العلميّ {ليكتمون الحقّ} أي: ليكتمون النّاس ما في كتبهم من صفة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم {وهم يعلمون} ). [تفسير ابن كثير: 1/462]

تفسير قوله تعالى: {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (147) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ ثبّت تعالى نبيّه والمؤمنين وأخبرهم بأنّ ما جاء به الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم هو الحقّ الذي لا مرية فيه ولا شكّ، فقال: {الحقّ من ربّك فلا تكوننّ من الممترين}). [تفسير ابن كثير: 1/462]

تفسير قوله تعالى: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (148) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولكلٍّ وجهةٌ هو مولّيها فاستبقوا الخيرات أينما تكونوا يأت بكم اللّه جميعًا إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ (148)}
قال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: {ولكلٍّ وجهةٌ هو مولّيها} يعني بذلك: أهل الأديان، يقول: لكلٍّ قبلةٌ يرضونها، ووجهة اللّه حيث توجّه المؤمنون.
وقال أبو العالية: لليهوديّ وجهةٌ هو مولّيها، وللنّصرانيّ وجهةٌ هو مولّيها، وهداكم أنتم أيّتها الأمّة الموقنون للقبلة التي هي القبلة. وروي عن مجاهدٍ، وعطاءٍ، والضّحّاك، والرّبيع بن أنسٍ، والسّدّيّ نحو هذا.
وقال مجاهدٌ في الرّواية الأخرى:
«ولكن أمر كلّ قومٍ أن يصلّوا إلى الكعبة».
وقرأ ابن عبّاسٍ، وأبو جعفرٍ الباقر، وابن عامرٍ:
«ولكلٍ وجهةٌ هو مولاها».
وهذه الآية شبيهةٌ بقوله تعالى: {لكلٍّ جعلنا منكم شرعةً ومنهاجًا ولو شاء اللّه لجعلكم أمّةً واحدةً ولكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى اللّه مرجعكم جميعًا} [المائدة: 48].
وقال هاهنا: {أينما تكونوا يأت بكم اللّه جميعًا إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ} أي: هو قادرٌ على جمعكم من الأرض، وإن تفرّقت أجسادكم وأبدانكم). [تفسير ابن كثير:
462/1-463]


رد مع اقتباس