عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 28 جمادى الأولى 1435هـ/29-03-2014م, 08:41 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري


تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (58) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (والقرية المدينة تسمى بذلك لأنها تقرت أي اجتمعت، ومنه قريت الماء في الحوض أي جمعته، والإشارة بهذه إلى بيت المقدس في قول الجمهور. وقيل إلى أريحا، وهي قريب من بيت المقدس.
قال عمر بن شبة: كانت قاعدة ومسكن ملوك، ولما خرج ذرية بني إسرائيل من التيه أمروا بدخول القرية المشار إليها، وأما الشيوخ فماتوا فيه، وروي أن موسى صلى الله عليه وسلم مات في التيه، وكذلك هارون عليه السلام.
وحكى الزجاج عن بعضهم أن موسى وهارون لم يكونا في التيه لأنه عذاب، والأول أكثر، وكلوا إباحة، وقد تقدم معنى الرغد، وهي أرض مباركة عظيمة الغلة، فلذلك قال رغداً.
والباب قال مجاهد: هو باب في مدينة بيت المقدس يعرف إلى اليوم بباب حطة، وقيل هو باب القبة التي كان يصلي إليها موسى صلى الله عليه وسلم.
وروي عن مجاهد أيضا: أنه باب في الجبل الذي كلم عليه موسى كالفرضة.
وسجّداً قال ابن عباس رضي الله عنه: «معناه ركوعا».، وقيل متواضعين خضوعا لا على هيئة معينة، والسجود يعم هذا كله لأنه التواضع، ومنه قول الشاعر:



ترى الأكم فيه سجّدا للحوافر


وروي أن الباب خفض لهم ليقصر ويدخلوا عليه متواضعين، وحطّةٌ فعلة من حط يحط، ورفعه على خبر ابتداء، كأنهم قالوا سؤالنا حطة لذنوبنا، هذا تقدير الحسن بن أبي الحسن.
وقال الطبري: التقدير دخولنا الباب كما أمرنا حطة، وقيل أمروا أن يقولوا مرفوعة على هذا اللفظ.
وقال عكرمة وغيره: «أمروا أن يقولوا لا إله إلا الله لتحط بها ذنوبهم».
وقال ابن عباس: «قيل لهم استغفروا وقولوا ما يحط ذنوبكم».
وقال آخرون: قيل لهم أن يقولوا هذا الأمر حق كما أعلمنا. وهذه الأقوال الثلاثة تقتضي النصب.
وقرأ إبراهيم بن أبي عبلة: «حطة» بالنصب.
وحكي عن ابن مسعود وغيره: «أنهم أمروا بالسجود وأن يقولوا حطّةٌ فدخلوا يزحفون على أستاههم ويقولون حنطة حبة حمراء في شعرة».، ويروى غير هذا من الألفاظ.
وقرأ نافع: «يغفر» بالياء من تحت مضمومة.
وقرأ ابن عامر: «تغفر» بالتاء من فوق مضمومة.
وقرأ أبو بكر عن عاصم: «يغفر» بفتح الياء على معنى يغفر الله.
وقرأ الباقون: «نغفر» بالنون.
وقرأت طائفة «تغفر» كأن الحطة تكون سبب الغفران، والقراء السبعة على خطاياكم، غير أن الكسائي كان يميلها.
وقرأ الجحدري: «تغفر لكم خطيئتكم» بضم التاء من فوق وبرفع الخطيئة.
وقرأ الأعمش: «يغفر» بالياء من أسفل مفتوحة «خطيئتكم» نصبا.
وقرأ قتادة مثل الجحدري، وروي عنه أنه قرأ بالياء من أسفل مضمومة خطيئتكم رفعا.
وقرأ الحسن البصري: «يغفر لكم خطيئاتكم» أي يغفر الله.
وقرأ أبو حيوة: «تغفر» بالتاء من فوق مرفوعة «خطيئاتكم» بالجمع ورفع التاء.
وحكى الأهوازي: أنه قرئ «خطأياكم» بهمز الألف الأولى وسكون الآخرة. وحكي أيضا أنه قرئ بسكون الأولى وهمز الآخرة.
قال الفراء: خطايا جمع خطية بلا همز كهدية وهدايا، وركية وركايا.
وقال الخليل: هو جمع خطيئة بالهمز، وأصله خطايىء قدمت الهمزة على الياء فجاء خطائي أبدلت الياء ألفا بدلا لازما فانفتحت الهمزة التي قبلها فجاء خطاء، همزة بين ألفين، وهي من قبيلهما فكأنها ثلاث ألفات، فقلبت الهمزة ياء فجاء خطايا.
قال سيبويه: «أصله خطايىء همزت الياء كما فعل في مدائن وكتائب فاجتمعت همزتان فقلبت الثانية ياء، ثم أعلت على ما تقدم».
وقوله تعالى: {وسنزيد المحسنين} عدة، المعنى إذا غفرت الخطايا بدخولكم وقولكم زيد بعد ذلك لمن أحسن، وكان من بني إسرائيل من دخل كما أمر وقال لا إله إلا الله فقيل هم المراد بـــــ المحسنين هنا). [المحرر الوجيز: 1 / 221 -224]

تفسير قوله تعالى: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (59) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {فبدّل الّذين ظلموا قولاً غير الّذي قيل لهم فأنزلنا على الّذين ظلموا رجزاً من السّماء بما كانوا يفسقون (59) وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً قد علم كلّ أناسٍ مشربهم كلوا واشربوا من رزق اللّه ولا تعثوا في الأرض مفسدين (60)}
روي أنهم لما جاؤوا الباب دخلوا من قبل أدبارهم القهقرى، وفي الحديث: أنهم دخلوا يزحفون على أستاههم، وبدلوا فقالوا حبة في شعرة، وقيل قالوا حنطة حبة حمراء فيها شعرة وقيل شعيرة.
وحكى الطبري أنهم قالوا حطي شمقاثا أزبة، وتفسيره ما تقدم.
والرجز العذاب، وقال ابن زيد ومقاتل وغيرهما: «إن الله تعالى بعث على الذين بدلوا ودخلوا على غير ما أمروا الطاعون فأذهب منهم سبعين ألفا»، وقال ابن عباس: «أمات الله منهم في ساعة واحدة نيفا على عشرين ألفا».
وقرأ ابن محيصن «رجزا» بعضهم الراء، وهي لغة في العذاب، والرجز أيضا اسم صنم مشهور.
والباء في قوله بما متعلقة بـــــ فأنزلنا، وهي باء السبب.
ويفسقون معناه يخرجون عن طاعة الله، وقرأ النخعي وابن وثاب «يفسقون» بكسر السين، يقال فسق يفسق ويفسق بضم السين وكسرها). [المحرر الوجيز: 1 / 224 -225]


رد مع اقتباس