عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 6 محرم 1432هـ/12-12-2010م, 05:41 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 96 إلى 109]

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (96) إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ (97) يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (98) وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ (99) ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ (100) وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آَلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ (101) وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآَخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (103) وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ (104) يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105) فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107) وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (108) فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلَاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمَا يَعْبُدُ آَبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ (109)}


تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (96)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين} أي بعلاماتنا التي تدل على صحة نبوته.
{وسلطان مبين} أي وحجة بينة. والسّلطان إنّما سمّي سلطانا لأنه حجة اللّه في أرضه.
واشتقاق السلطان من السليط، والسليط ما يضاء به، ومن هذا قيل للزيت سليط). [معاني القرآن: 3/76]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين}
السلطان الحجة ومن هذا قيل للوالي سلطان لأنه حجة الله جل وعز في الأرض
ويقال إنه مأخوذ من السليط وهو ما يضاء به). [معاني القرآن: 3/378]

تفسير قوله تعالى: {إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ (97)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {إلى فرعون وملأه فاتّبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد}ملؤه أشراف قومه، الّذين هم ملاء بالرأي والمقدرة
{فاتّبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد} أي استحبّوا العمى على الهدى). [معاني القرآن: 3/76]

تفسير قوله تعالى: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (98)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النّار وبئس الورد المورود}
يقال قدمت القوم أقدمهم قدما وقدوما إذا تقدمتهم.
أي يقدمهم إلى النّار، ويدل على ذلك قوله: {فأوردهم النّار وبئس الورد المورود} ). [معاني القرآن: 3/76]

تفسير قوله تعالى: {وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ (99)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {الرّفد المرفود} مجازه مجاز العون المعان، يقال: رفدته عند الأمير، أي أعنته وهو من كل خير وعون،
وهو مكسور الأول وإذا فتحت أوله فهو القدح الضّخم قال الأعشى:
؟؟ هل هنا بيت شعر
ربّ رفدٍ). [مجاز القرآن: 1/299-298]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {الرفد المرفود}: ). [غريب القرآن وتفسيره: 178]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {الرّفد}: العطية. يقال: رفدته أرفده، إذا أعطيته وأعنته.
و{المرفود} المعطي. كما تقول: بئس العطاء والمعطي). [تفسير غريب القرآن: 209]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وأتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة بئس الرّفد المرفود}
كل شيء جعلته عونا لشيء وأسندت به شيئا فقد رفدته، يقال عمدت الحائط وأسندته ورفدته بمعنى واحد، والمرفد القدح العظيم). [معاني القرآن: 3/77]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ويوم القيامة بئس الرفد المرفود}
قال مجاهد زيدوا لعنة يوم القيامة
قال أبو جعفر والرفد في اللغة المعونة والإعطاء والمعنى الذي يقوم لهم مقام المعونة اللعن
والتقدير بئس الرفد رفد المرفود). [معاني القرآن: 3/378]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الرفد} العطية. {المرفود} المعطى منها). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 108]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الرِّفْدُ}: العون). [العمدة في غريب القرآن: 157]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ (100)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {منها قائمٌ وحصيدٌ...}
فالحصيد كالزرع المحصود. ويقال: حصدهم بالسّيف كما يحصد الزرع). [معاني القرآن: 2/27]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {ذلك من أنباء القرى نقصّه عليك منها قائمٌ وحصيدٌ}
وقال: {منها قائمٌ وحصيدٌ} يريد "ومحصود" كـ"الجريح" و"المجروح"). [معاني القرآن: 2/46]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ذلك من أنباء القرى} أي من أخبار الأمم.
{منها قائمٌ} أي ظاهر للعين.
{وحصيدٌ} قد أبيد وحصد). [تفسير غريب القرآن: 209]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ذلك من أنباء القرى نقصّه عليك منها قائم وحصيد}
أي: من القرى التي أهلكت قائم قد بقيت حيطانه، نحو قوله: {وبئر معطّلة وقصر مشيد}.
{وحصيد} مخسوف به، وهي ما قد انمحى أثره). [معاني القرآن: 3/77]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ذلك من أنباء القرى نقصه عليك منها قائم وحصيد}
قال قتادة القائم ما كان خاويا على عروشه والحصيد ما لا أثر له). [معاني القرآن: 3/379]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {قائم} ظاهر للعين، {وحصيد} قد خفي وأبيد). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 108]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آَلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ (101)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {غير تتبيبٍ} أي تدمير وإهلاك وهو من قولهم: تبّبته وفي القرآن:{تبّت يدا أبي لهبٍ وتبّ} ويقال: تبّاً لك).
[مجاز القرآن: 1/299]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم فما أغنت عنهم آلهتهم الّتي يدعون من دون اللّه من شيءٍ لّمّا جاء أمر ربّك وما زادوهم غير تتبيبٍ}
وقال: {وما زادوهم غير تتبيبٍ} لأنه مصدر "تبّبوهم" "تتبيبا"). [معاني القرآن: 2/46]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {غير تتبيب}: تدمير وإهلاك مثل {تبت يدا أبي لهب} ومنه {في تباب} وقوله: تبا لك). [غريب القرآن وتفسيره: 178]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وما زادوهم غير تتبيبٍ} أي غير تخسير. ومنه قوله عز وجل: {تبّت يدا أبي لهبٍ} أي خسرت). [تفسير غريب القرآن: 209]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (فإذا رأيت للمّا جوابا فهي لأمر يقع بوقوع غيره، بمعنى «حين»، كقوله تعالى: {فَلَمَّا آَسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} أي:
حين آسفونا، و{لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ}أي: حين جاء أمر ربك). [تأويل مشكل القرآن: 542]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم فما أغنت عنهم آلهتهم الّتي يدعون من دون اللّه من شيء لمّا جاء أمر ربّك وما زادوهم غير تتبيب}
{وما زادوهم غير تتبيب}.
معناه غير تخسير، ومنه قوله {تبّت يدا أبي لهب} أي خسرت). [معاني القرآن: 3/77]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وما زادوهم غير تتبيب}
قال مجاهد وقتادة غير تخسير
قال أبو جعفر وكذلك هو عند أهل اللغة ومنه تبت يدا أبي لهب). [معاني القرآن: 3/379]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {غَيْرَ تَتْبِيبٍ} قال: التتبيب: التخسير والهلاك لكم لا لي). [ياقوتة الصراط: 271-270]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {غير تتبيب} غير تخسير). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 109]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تَتْبِيبٍ}: إهلاك وتدمير). [العمدة في غريب القرآن: 157]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والأخذ: التعذيب، قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى} أي: تعذيبه.
وقال: {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ} أي عذبنا.
وقال: {وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ} أي ليعذبوه أو ليقتلوه). [تأويل مشكل القرآن: 503]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآَخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (103)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {إنّ في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة ذلك يوم مجموع له النّاس وذلك يوم مشهود}
فأعلم اللّه - عز وجل - أنه يحيي الخلق ويبعثهم في ذلك اليوم ويشهدوا به). [معاني القرآن: 3/77]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ (104)}

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {يوم يأت لا تكلّم...}
كتب بغير الياء وهو في موضع رفع، فإن أثبتّ فيه الياء إذا وصلت القراءة كان صواباً. وإن حذفتها في القطع والوصل كان صوابا. قد قرأ بذلك القرّاء فمر حذفها. إذا وصل قال: الياء ساكنة، وكلّ ياء أو واو تسكنان وما قبل الواو مضموم وما قبل الياء مكسور فإن العرب تحذفهما وتجتزئ بالضمة من الواو، وبالكسرة من الياء وأنشد في بعضهم:

ومن وصل بالياء وسكت بحذفها قال: هي إذا وصلت في موضع رفع فأثبتها وهي إذا سكتّ عليها تسكن فحذفتها. كما قيل: لم يرم ولم يقض. ومثله قوله: {ما كنّا نبغ} كتبت بحذف الياء فالوجه فيها أن تثبت الياء إذا وصلت وتحذفها إذا وقفت. والوجه الآخر أن تحذفها في القطع والوصل، قرأ بذلك حمزة. وهو جائز). [معاني القرآن: 2/27]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {يوم يأت لا تكلّم نفسٌ إلاّ بإذنه فمنهم شقيٌّ وسعيدٌ}
وقال: {لا تكلّم نفسٌ إلاّ بإذنه} ومعناه "تتفعّل" فكان الأصل أن تكون "تتكلّم" ولكنهم استثقلوا اجتماع التاءين فحذفوا الآخرة منهما لأنها هي التي تعتل فهي أحقهما بالحذف، ونحو (تذكّرون) يسكنها الإدغام فإن قيل:
"فهلا" أدغمت التاء ههنا في الذال وجعلت قبلها ألف وصل كما قلت: "اذّكّروا" فلأن هذه الألف إنما تقع في الأمر وفي كلّ فعل معناه "فعل" فأما "يفعل" و"تفعل" فلا). [معاني القرآن: 2/46]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {يوم يأت لا تكلّم نفس إلّا بإذنه فمنهم شقيّ وسعيد}
الذي يختاره النحويون: يوم يأتي لا تكلم نفس إلا بإذنه. بإثبات الياء.
والذي في المصحف وعليه القراء القراءات بكسر التاء من غير ياء.
وهذيل تستعمل حذف هذه الياءات كثيرا.
وقد ذكر سيبويه والخليل أن العرب تقول لا أدر فتحذف الياء وتجتزي بالكسر، إلا أنّهم يزعمون أن ذلك لكثرة الاستعمال.
والأجود في النحو إثبات الياء والذي أراه اتباع المصحف مع إجماع القراء، لأن القراءة سنة، وقد جاء مثله في كلام العرب.
وهذه الآية فيها سؤال أكثر ما يسأل عنه أهل الإلحاد في الدّين فيقولون لم قال: {يوم يأت لا تكلّم نفس إلّا بإذنه}، و {هذا يوم لا ينطقون * ولا يؤذن لهم فيعتذرون}
وقال في مواضع من ذكر القيامة {فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون}.
وقال: وم تأتي كلّ نفس تجادل عن نفسها}
وقال: {وقفوهم إنّهم مسئولون}.
وقال {فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جانّ}.
ونحن نفسر هذا على ما قالت العلماء المتقدمون في اللغة المسلمون الصحيحو الإسلام:
قالوا: قوله - عزّ وجلّ -: {وقفوهم إنّهم مسئولون} اللّه عالم بأعمالهم فسألهم سؤال توبيخ وتقرير لإيجاب الحجة عليهم.
وقوله: {فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جانّ} أي لا يسأل ليعلم ذلك منه، لأن اللّه قد علم أعمالهم قبل أن يعملوها.
وكذلك قوله عزّ وجلّ: {لا ينطقون}، أي لا ينطقون بحجة تجب لهم، وإنما يتكلمون بالإقرار بذنوبهم ولوم بعضهم بعضا وطرح بعضهم الذنوب على بعض، فأمّا التكلم والنطق بحجة لهم فلا، وهذا كما تقول للذي يخاطبك كثيرا وخطابه فارغ من الحجة: ما تكلمت بشيء، وما نطقت بشيء فسمي من تكلم بما لا حجة له فيه، غير متكلم - كما قال عزّ وجلّ: {صمّ بكم عمي فهم لا يبصرون} وهم يبصرون ويسمعون إلا أنهم في أنهم لا يقبلون ولا يفكرون فيما يسمعون ولا يتأتلون، بمنزلة الصمّ.
قال الشاعر:
أصم عما ساءه سميع
فهذا قول حسن.
وقال قوم: ذلك اليوم طويل وله مواضع ومواطن ومواقف، في بعضها يمنعون من الكلام وفي بعضها يطلق لهم الكلام.
فهذا يدل عليه {لا تكلّم نفس إلّا بإذنه}.
وكلا القولين حسن جميل). [معاني القرآن: 3/79-77]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذن}
وقد قال في موضع آخر {وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون}
ففي هذا جوابان:
أحدهما أنه مثل قوله: {هذا يوم لا ينطقون}
والمعنى لا ينطقون بحجة لهم كما يقال لمن تكلم كثيرا بغير حجة بينة لم يأت بشيء ولم يتكلم بشيء
والجواب الآخر أن ذلك اليوم فيه أهوال وشدائد فمرة يمنعون من الكلام ومرة يؤذن لهم فعلى هذا لا تكلم نفس إلا بإذنه
وقوله جل وعز: {فمنهم شقي وسعيد}
روى عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر عن عمر قال لما نزلت فمنهم شقي وسعيد قلت يا رسول الله فعلام نعمل أعلى شيء قد فرغ منه أم على شيء لم يفرغ منه قال بلى على شيء قد فرغ منه يا عمر وجرت به الأقلام ولكن كل ميسر لما خلق له). [معاني القرآن: 3/380-379]

تفسير قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لهم فيها زفيرٌ وشهيقٌ...}
فالزفير أوّل نهيق الحمار وشبهه، والشهيق من آخره). [معاني القرآن: 2/28]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فأمّا الّذين شقوا ففي النّار لهم فيها زفير وشهيق}
من شديد الأنين وقبيحه.
{وشهيق} والشهيق الأنين الشديد المرتفع جدا.
وزعم أهل اللغة من البصريين والكوفيين أن الزفير بمنزلة ابتداء صوت الحمار في النهيق، والشهيق بمنزلة آخر صوته في النهيق). [معاني القرآن: 3/79]

تفسير قوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {خالدين فيها ما دامت السّماوات والأرض إلاّ ما شاء ربّك...}
يقول القائل: ما هذا الاستثناء وقد وعد الله أهل النار الخلود وأهل الجنّة الخلود؟ ففي ذلك مضيان أحدهما أن تجعله استثناء يستثنيه ولا يفعله؛ كقولك: والله لأضربنّك إلاّ أن أرى غير ذلك، وعزيمتك على ضربه، فكذلك قال {خالدين فيها ما دامت السّماوات والأرض إلاّ ما شاء ربّك} ولا يشاؤه والله أعلم، والقول الآخر أن العرب إذا استثنت شيئاً كبيراً مع مثله أو مع ما هو أكبر منه كان معنى إلاّ ومعنى الواو سواء، فمن ذلك قوله: {خالدين فيها ما دامت السّموات والأرض} سوى ما يشاء من زيادة الخلود فيجعل (إلاّ) مكان (سوى) فيصلح. وكأنّه قال: خالدين فيها مقدار ما كانت السّموات وكانت الأرض سوى ما زادهم من الخلود (و) الأبد. ومثله في الكلام أن تقول: لي عليك ألف إلاّ الألفين اللذين من قبل فلان؛ أفلا ترى أنه في المعنى: لي عليك سوى الألفين. وهذا أحبّ الوجهين إليّ، لأنّ الله عزّ وجل لا خلف لوعده، فقد وصل الاستثناء بقوله: {عطاء غير مجذوذٍ} فاستدل على أن الاستثناء لهم بالخلود غير منقطع عنهم). [معاني القرآن: 2/28]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {خالدين فيها ما دامت السّماوات والأرض إلّا ما شاء ربّك} مبين في كتاب «المشكل»). [تفسير غريب القرآن: 210]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وأما قوله: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} فإن للعرب في معنى (الأبد) ألفاظا يستعملونها في كلامهم، يقولون: لا أفعل ذلك ما اختلف الليل والنهار، وما طمى البحر، أي ارتفع، وما أقام الجبل، وما دامت السموات والأرض، في أشباه لهذا كثيرة، يريدون لا أفعله أبدا، لأن هذه المعاني عندهم لا تتغير عن أحوالها أبدا، فخاطبهم الله بما يستعملونه فقال: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ} أي مقدار دوامهما، وذلك مدة العالم. وللسماء وللأرض وقت يتغيّران فيه عن هيئتهما، يقول الله تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ} ويقول: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ}.
أراد أنهم خالدون فيها مدة العالم، سوى ما شاء الله أن يزيدهم من الخلود على مدة العالم.
ثم قال: {عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} أي غير مقطوع.
و(إلّا) في هذا الموضع بمعنى (سوى) ومثله من الكلام: لأسكننّ في هذه الدار حولا إلا ما شئت. تريد سوى ما شئت أن أزيد على الحول.
هذا وجه.
وفيه قول آخر، وهو: أن يجعل دوام السماء والأرض بمعنى الأبد، على ما تعرف العرب وتستعمل، وإن كانتا قد تتغيّران، وتستثنى المشيئة من دوامهما، لأن أهل الجنة وأهل النار قد كانوا في وقت من أوقات دوام السماء والأرض في الدنيا لا في الجنة، فكأنه قال: خالدين في الجنة وخالدين في النار دوام السماء والأرض، إلا ما شاء ربك من تعميرهم في الدنيا قبل ذلك.
وفيه وجه ثالث: وهو أن يكون الاستثناء من الخلود مكث أهل الذنوب من المسلمين في النار حتى تلحقهم رحمة الله، وشفاعة رسوله، فيخرجوا منها إلى الجنة.
فكأنه قال سبحانه: خالدين في النار ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك من إخراج المذنبين من المسلمين إلى الجنة،
وخالدين في الجنة ما دامت السموات والأرض، إلا ما شاء ربك من إدخال المذنبين النار مدة من المدد، ثم يصيرون إلى الجنة). [تأويل مشكل القرآن: 76-77]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {خالدين فيها ما دامت السّماوات والأرض إلّا ما شاء ربّك إنّ ربّك فعّال لما يريد}
{إلّا ما شاء ربّك}.
فيها أربعة أقوال. قولان منها لأهل اللغة البصريين والكوفيين جميعا.
قالوا: المعنى خالدين فيها إلا ما شاء ربك بمعنى سوى ما شاء ربّك.
كما تقول: لو كان معنا رجل إلا زيدا أي رجل سوى زيد ولك عندي ألف درهم سوى الألفين، وإلا الألفين اللذين لك عندي.
فالمعنى على هذا خالدين فيها مقدار دوام السّماوات والأرض سوى ما شاء ربك من الخلو والزيادة كما قلت سوى الألفين اللتين عليّ.
وقالوا قولا آخر: {إلّا ما شاء ربّك} ولا يشاء أن يخرجهم منها، كما تقول أنا أفعل كذا وكذا إلا أن أشاء غير ذلك ثم تقيم على ذلك الفعل وأنت قادر على غير ذلك، فتكون الفائدة في هذا الكلام أن لو شاء يخرجهم لقدر، ولكنه قد أعلمنا أنهم خالدون أبدا.
فهذان المذهبان من مذاهب أهل اللغة.
وقولان آخران:
قال بعضهم إذا حشروا وبعثوا فهم في شروط القيامة فالاستثناء وقع من الخلود بمقدار موقفهم للحساب.
والمعنى خالدين فيها ما دامت السّماوات والأرض إلا مقدار موقفهم للمحاسبة.
وفيها قول رابع: أن الاستثناء وقع على أن لهم فيها زفيرا وشهيقا إلا ما شاء ربك من أنواع العذاب التي لم تذكر.
وكذلك لأهل الجنة نعيم ما ذكر ولهم ما لم يذكر مما شاء ربك.
ويدل عليه - واللّه أعلم - عطاء غير مجذوذ) ). [معاني القرآن: 3/80-79]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك}
في هذا أجوبة منها أن العرب خوطبت على ما تعرف وتستعمل وهم يقولون لا أكلمك ما اختلف الليل والنهار وما دامت السماوات والأرض يريدون بذلك الأبد
ويكون معنى إلا ما شاء ربك سوى ما شاء ربك من زيادة أهل النار في العذاب وأهل الجنة في النعيم وقد صح أنهم يزادون
روى الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((قال الله جل وعز أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر)) بله ما أطلعتم ثم قرأ أبو هريرة فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين
وقيل معنى إلا معنى سوى أيضا إلا أن المعنى سوى ما شاء ربك من الزيادة في الخلود
وهذان قولان حسنان لأنه معروف في اللغة أن يقال لك عندي كذا وكذا إلا كذا وسوى كذا وغير كذا
وحكى سيبويه لو كان معي رجل إلا زيد فهذا بمعنى سوى وغير
وحكى الكوفيون لك عندي ألف إلا ألفين ويعبر عن إلا في مثل هذا أنها بمعنى سوى وغير ولكن والمعاني متقاربة
وقيل هذا استثناء لأنهم يقيمون في قبورهم فالمعنى على هذا إلا ما شاء ربك من مقامهم في قبورهم
وقيل هذا استثناء لأن قوما من الموحدين يدخلون النار ثم تخرجون منها
فالمعنى على هذا خالدين في النار ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك من إخراج من شاء برحمته وشفاعة
النبي صلى الله عليه وسلم
وقال جابر بن عبد الله في قوله عز وجل: {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} إنه الشفاعة
ويكون المعنى في أهل الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك من دخول قوم النار وخروجهم إلى الجنة
حدثنا أحمد بن محمد الأزدي قال حدثنا أحمد بن داود بن موسى البصري المعروف بالمكي قال نا شيبان بن فروخ قال نا أبو هلال قال نا قتادة في هذه الآية وأما الذين شقوا ففي النار إلى قوله: {فعال لما يريد}
فقال عند هذا حدثنا أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يخرج قوم من النار قال قتادة لا نقول كما يقول أهل حروراء
وقيل في هذا قول خامس وهو أن المعنى خالدين فيها أبدا ثم قال إلا ما شاء ربك فخاطبهم على ما يعرفون من الاستثناء ورد الأمر إلى الله جل جلاله كما قال تعالى:
{لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين} وقد بين هذا بقوله: {عطاء غير مجذوذ} قال مجاهد أي غير مقطوع
قال أبو جعفر وذلك معروف في اللغة يقال جذذت الشيء أي قطعته
وقد قيل في هذه الآية قول سادس يكون الاستثناء لمقامهم في عرصة القيامة
وقال قتادة تبدل هذه السماء وهذه الأرض
فالمعنى خالدين فيها ما دامت تلمك السماء وتلك الأرض المبدلتان من هاتين). [معاني القرآن: 3/384-381]

تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (108)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {عطاءً غير مجذوذٍ} أي غير مقطوع، ويقال: جذذت اليمين أي الحلف، (جذّ الصّليّانة) أي حلف فقطعها ومنه جذذت الحبل إذ قطعته، ويقال: جذّ الله دابرهم، أي قطع أصلهم وبقيّتهم). [مجاز القرآن: 1/299]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {غير مجذوذ}: غير مقطوع). [غريب القرآن وتفسيره: 178]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {غير مجذوذٍ} أي غير مقطوع. يقال: جذذت وجددت وجذفت وجدفت، إذا قطعت). [تفسير غريب القرآن: 210]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} أي غير مقطوع). [تأويل مشكل القرآن: 76-77] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {خالدين فيها ما دامت السّماوات والأرض إلّا ما شاء ربّك إنّ ربّك فعّال لما يريد}
{إلّا ما شاء ربّك}.
فيها أربعة أقوال. قولان منها لأهل اللغة البصريين والكوفيين جميعا.
قالوا: المعنى خالدين فيها إلا ما شاء ربك بمعنى سوى ما شاء ربّك.
كما تقول: لو كان معنا رجل إلا زيدا أي رجل سوى زيد ولك عندي ألف درهم سوى الألفين، وإلا الألفين اللذين لك عندي.
فالمعنى على هذا خالدين فيها مقدار دوام السّماوات والأرض سوى ما شاء ربك من الخلو والزيادة كما قلت سوى الألفين اللتين عليّ.
وقالوا قولا آخر: {إلّا ما شاء ربّك} ولا يشاء أن يخرجهم منها، كما تقول أنا أفعل كذا وكذا إلا أن أشاء غير ذلك ثم تقيم على ذلك الفعل وأنت قادر على غير ذلك،
فتكون الفائدة في هذا الكلام أن لو شاء يخرجهم لقدر، ولكنه قد أعلمنا أنهم خالدون أبدا.
فهذان المذهبان من مذاهب أهل اللغة.
وقولان آخران:
قال بعضهم إذا حشروا وبعثوا فهم في شروط القيامة فالاستثناء وقع من الخلود بمقدار موقفهم للحساب.
والمعنى خالدين فيها ما دامت السّماوات والأرض إلا مقدار موقفهم للمحاسبة.
وفيها قول رابع: أن الاستثناء وقع على أن لهم فيها زفيرا وشهيقا إلا ما شاء ربك من أنواع العذاب التي لم تذكر.
وكذلك لأهل الجنة نعيم ما ذكر ولهم ما لم يذكر مما شاء ربك.
ويدل عليه - واللّه أعلم - عطاء غير مجذوذ).
أي غير مقطوع.
قال النابعة
تقدّ السّلوقيّ المضاعف نسجه= وتوقد بالصّفّاح نار الحباحب
يصف السيوف وأنها تقطع الدّروع). [معاني القرآن: 3/80-79] (م)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( {عطاء غير مجذوذ} قال مجاهد أي غير مقطوع
قال أبو جعفر وذلك معروف في اللغة يقال جذذت الشيء أي قطعته
وقد قيل في هذه الآية قول سادس يكون الاستثناء لمقامهم في عرصة القيامة
وقال قتادة تبدل هذه السماء وهذه الأرض
فالمعنى خالدين فيها ما دامت تلمك السماء وتلك الأرض المبدلتان من هاتين). [معاني القرآن: 3/384] (م)
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {غَيْرَ مَجْذُوذ} أي: غير مقطوع). [ياقوتة الصراط: 271]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {غير مجذوذ} أي مقطوع). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 109]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مَجْذُوذٍ}: مقطوع). [العمدة في غريب القرآن: 157]

تفسير قوله تعالى: {فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلَاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمَا يَعْبُدُ آَبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ (109)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {في مريةٍ} أي في شكٍّ، ويكسر أولها ويضمّ، ومرية الناقة مكسورة وهي درّتها، وكذلك مرية الفرس وهي أن تمريه بساق أو زجر أوسوطٍ). [مجاز القرآن: 1/299]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({في مرية}: في شك). [غريب القرآن وتفسيره: 179]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله - عزّ وجلّ -: لا تك في مرية ممّا يعبد هؤلاء ما يعبدون إلّا كما يعبد آباؤهم من قبل وإنّا لموفّوهم نصيبهم غير منقوص}
أي نوفيهم ما يصيبهم من خير أو شر). [معاني القرآن: 3/80]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص}
روى سفيان عن جابر عن مجاهد عن ابن عباس أنه قال ما كتب لهم من خير أو شر). [معاني القرآن: 3/385]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مِرْيَةٍ}: شك
{زُلَفًا}: ساعة بعد ساعة). [العمدة في غريب القرآن: 157]


رد مع اقتباس