عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 6 محرم 1432هـ/12-12-2010م, 05:24 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 24 إلى 35]

{مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (24) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (25) أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (26) فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ (27) قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآَتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ (28) وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (29) وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (30) وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (31) قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (32) قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (33) وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (34) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ (35)}

تفسير قوله تعالى: {مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (24)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {مثل الفريقين كالأعمى والأصمّ والبصير والسّميع هل يستويان مثلاً}
مجازه: مثل الكافر وهو الأعمى الذي لا يبصر الهدى والحق ولا أمر الله وإن كان ينظر، وهو الأصم الذي لا يسمع الحق ولا أمر الله وإن كان يسمع بأذنه؛ والمؤمن وهو البصير
أي المبصر الحق والهدى، وهو السامع الذي يسمع أمر الله ويهتدي له، ومجازه مجاز المختصر الذي فيه ضمير كقولك: مثل الفريقين كمثل الأعمى، ثم رجع الوصف إلى مثل الكافر ومثل المؤمن فقال: (هل يستويان مثلاً) أي لا يستوي المثلان مثلا، ولي موضع هل ها هنا موضع الاستفهام ولكن موضعها ها هنا موضع الإيجاب أنه لا يستويان،
وموضع تقرير وتخبير، أن هذا ليس كذاك، ولها في غير هذا موضع آخر: موضع قد، قال: {هل أتى على الإنسان حينٌ من الدّهر لم يكن شيئاً مذكوراً}
معناها: قد أتى على الإنسان).[مجاز القرآن: 1/287]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {مثل الفريقين كالأعمى والأصمّ والبصير والسّميع هل يستويان مثلاً أفلا تذكّرون}
وقال: {مثل الفريقين كالأعمى والأصمّ} يقول "كمثل الأعمى والأصمّ"). [معاني القرآن: 2/40]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم ضرب اللّه مثلا للمؤمنين والكافرين فقال:
{مثل الفريقين كالأعمى والأصمّ والبصير والسّميع هل يستويان مثلا أفلا تذكّرون}
ومثل فريق الكافرين كالأعمى والأصم لأنهم في عداوتهم وتركهم التفهم كمن لا يسمع ولا يبصر). [معاني القرآن: 3/46]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع}
قال الضحاك الأعمى والصم مثل للكافر والبصير والسميع مثل للمؤمن
قال أبو جعفر وهذا قول حسن يدل عليه قوله تعالى: {هل يستويان مثلا} فدل هذا على أن هذا لاثنين). [معاني القرآن: 3/341-340]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (25)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه إنّي لكم نذير مبين}
كسر إنّ في القراءة على معنى قال لهم إنّي لكم نذير مبين، ويجوز أنّي لكم نذير مبين على معنى: لقد أرسلنا نوحا إلى قومه بالإنذار أن لا تعبدوا إلّا اللّه إنّي أنذركم لتوحدوا اللّه، وأن تتركوا عبادة غيره). [معاني القرآن: 3/46]

تفسير قوله تعالى: {أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (26)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {أن لا تعبدوا إلّا اللّه إنّي أخاف عليكم عذاب يوم أليم}
يجوز في غير القراءة: إني أخاف عليكم عذاب يوم أليما، لأن الأليم صفة للعذاب، وإنما وصف اليوم بالألم، لأن الألم فيه يقع، والمعنى عذاب يوم مؤلم، أي موجع). [معاني القرآن: 3/46]

تفسير قوله تعالى: {فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ (27)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ما نراك إلاّ بشراً مّثلنا وما نراك اتّبعك إلاّ الّذين هم أراذلنا...}
رفعت الأراذل بالاتّباع وقد وقع الفعل في أوّل الكلام على اسمه. ولا تكاد العرب تجعل المردود بإلاّ إلا على المبتدأ لا على راجع ذكره. وهو جائز.
فمن البيّن الذي لا نظر فيه أن تقول: ما قام أحد إلاّ زيد. وإن قلت: ما أحد قام إلا زيد فرفعت زيداً بما عاد في فعل أحد فهو قليل وهو جائز. وإنما بعد على المبتدأ لأنه كناية، والكناية لا يفرق فيها بين أحدٍ وبين عبد الله، فلمّا قبح أن تقول: ما قام هو إلاّ زيد، وحسن: ما قام أحد إلا زيد تبيّن ذلك لأن أحداً كأنّه ليس في الكلام فحسن الردّ على الفعل. ولا يقال للمعرفة أو الكناية أحد إذ شاكل المعرفة كأنه ليس في الكلام؛ ألا ترى أنك تقول ما مررت بأحد إلا بزيد (فكأنك قلت: ما مررت إلا بزيد) لأن أحداً لا يتصوّر في الوهم أنه معمود له. وقبيح أن تقول: ليس أحد مررت به إلاّ بزيد لأن الهاء لها صورة كصورة المعرفة، وأنت لا تقول: ما قمت إلا زيد فهذا وجه قبحه. كذلك قال: (ما نراك) ثم كأنه حذف (نراك) وقال: {ما اتّبعك إلا الذين هم أراذلنا} فابن على هذا ما ورد عليك إن شاء الله.
{بادي الرّأي} لا تهمز (بادي) لأن المعنى فيما يظهر لنا [و] يبدوا. ولو قرأت (بادئ الرأي) فهمزت تريد أوّل الرأي لكان صوابا.
أنشدني بعضهم:

أضحى لخالي شبهي بادي بدي = وصار للفحل لساني ويدي
فلم يهمز ومثله مما تقوله العرب في معنى ابدأ بهذا أوّل، ثم يقولون. ابدأ بهذا آثراً مّا وآثر ذي أثير (وأثير ذي أثير) وإثر ذي أثير، وابدأ بهذا أوّل ذات يدين وأدنى دني.
وأنشدونا:
فقالوا ما تريد فقلت ألهو = إلى الإصباح آثر ذي أثير).
[معاني القرآن: 2/11-10]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {بل نظنّكم كاذبين...} مثل قوله: {يا أيّها النبي إذا طلّقتم النّساء} لأنهم كذّبوا نوحاً وحده، وخرج على جهة الجمع،
وقوله: {فإن لم يستجيبوا لكم} فلكم أريد بها النبي صلى الله عليه وسلم. وقوله: {فاعلموا} ليست للنبي صلى الله عليه وسلم.
إنما هي لكفّار مكّة ألا ترى أنه قال {فهل أنتم مسلمون} ). [معاني القرآن: 2/11]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {بادئ الرّأي} مهموز لأنه من بدأت عن أبي عمرو، ومعناه: أول الرأي، ومن لم يهمز جعله ظاهر الرأس من بدا يبدو،
وقال الراجز:
وقد علتني ذرأةٌ بادي بدى
(فلم يهمز جعلها في بدا، الذّرأة الشّمط القليل في سوادٍ، ملحٌ ذرآنيٌّ: الكثير البياض وكبشٌ أذرأ، ونعجة ذرآء في أذنها بياض شبه النّمش). [مجاز القرآن: 1/288-287]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {فقال الملأ الّذين كفروا من قومه ما نراك إلاّ بشراً مّثلنا وما نراك اتّبعك إلاّ الّذين هم أراذلنا بادي الرّأي وما نرى لكم علينا من فضلٍ بل نظنّكم كاذبين}
وقال: {إلاّ الّذين هم أراذلنا بادي الرّأي} أيّ: في ظاهر الرأي. وليس بمهموز لأنه من "بدا" "يبدو" أي: ظهر. وقال بعضهم {بادئ الرأي} أي: فيما يبدأ به من الرأي).
[معاني القرآن: 2/40]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : {بادي الرأي}: من همز أراد في مبتدأ الرأي وهو أوله ومن لم يهمز أخذه من بدا يبدو أي ظهر، كقولك ظاهر الرأي).
[غريب القرآن وتفسيره: 173]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {أراذلنا} شرارنا. جمع أرذل. يقال: رجل رذل وقد رذل رذالة ورذولة.
{بادي الرّأي} أي ظاهر الرأي. بغير همز. من قولك: بدا لي ما كان خفيّا: أي ظهر. ومن همزه جعله: أوّل الرأي. من بدأت في الأمر فأنا أبدأ). [تفسير غريب القرآن: 203]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فقال الملأ الّذين كفروا من قومه ما نراك إلّا بشرا مثلنا وما نراك اتّبعك إلّا الّذين هم أراذلنا بادي الرّأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنّكم كاذبين}
{الملأ} رؤساء القوم وكبراؤهم الّذين هم ملاء بالرأي وبما يحتاج إليه منهم.
أي فأجابوه بهذا الجواب والقول.
{ما نراك إلّا بشرا مثلنا} أي ما نراك إلا إنسانا مثلنا، {وما نراك اتّبعك إلّا الّذين هم أراذلنا}.
أي لم يتبعك الملأ منا، وإنما اتبعك أخسّاؤنا.
وقوله: {بادي الرّأي}.
بغير همز في بادي، وأبو عمرو يهمز بادئ الرأي، أي اتبعوا اتباعا في ظاهر ما يرى، هذا فيمن لم يهمز، ويكون التفسير على نوعين في هذا أحدهما أن يكون اتبعوك في الظاهر، وباطنهم على خلاف ذلك.
ويجوز أن يكون اتبعوك في ظاهر الرأي ولم يتدبروا ما قلت ولم يفكروا فيه وقراءة أبي عمرو على هذا التفسير الثاني.
أي: اتبعوك ابتداء الرأي، أي حين ابتدأوا ينظرون وإذا فكروا لم يتبعوك.
فأما نصب بادي الرأي فعلى: اتبعوك في ظاهر الرأي، وعلى ظاهر الرأي، كأنّه قال: الاتباع الذي لم يفكروا فيه.
ومن قال بادي الرأي فعلى ذلك نصبه). [معاني القرآن: 3/47-46]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا}
الملأ الرؤساء والأراذل الأشرار الذين ليسوا برؤساء واحدهم أرذل
وقوله جل وعز: {بادي الرأي}
ويقرأ بادئ الرأي بالهمز فمعنى المهموز ابتداء الرأي أي إنما اتبعوك ولم يفكروا ولم ينظروا ولو فكروا لم يتبعوك
ومعنى الذي ليس بمهموز اتبعوك في ظاهر الرأي وباطنهم على خلاف ذلك
يقال بدا يبدو إذا ظهر
ويحتمل أن يكون معناه اتبعوك في ظاهر الرأي ولم يفكروا في باطنه وعاقبته فيكون على هذا القول بمعنى المهموز). [معاني القرآن: 3/341-342]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( (بادي الرأي) من همز (بَادِىءَ الرَّأي) أراد: في ابتداء الرأي. ومن قرأ (بادي الرأي) ولم يهمز (بَادِىء) أراد: في ظاهر الرأي، فبدأ - مهموزا -: ابتدأ، وبدا - غير مهموز -: ظهر.
وقد يأتي ' بادي ' غير مهموز، بمعنى: الابتداء، ولم يأت ' باديء ' مهموزا - بمعنى: ظهر). [ياقوتة الصراط: 264-263]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {بَادِيَ الرَّأْيِ} بغير همزة: ظاهره. ومن همزه جعله من الابتداء، أول الرأي). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 106]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {بَادِئ الرَّأْيِ}: بالهمز أول الرأي- {بادي ا لرأي}: بغير همز: ظاهره). [العمدة في غريب القرآن: 154]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآَتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ (28)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وآتاني رحمةً مّن عنده...}.
يعني الرسالة. وهي نعمة ورحمة. وقوله: {فعمّيت عليكم} قرأها يحيى بن وثّاب والأعمش وحمزة. وهي في قراءة أبيّ (فعمّاها عليكم) وسمعت العرب تقول: قد عمّي عليّ الخبر وعمي عليّ بمعنى واحد. وهذا ممّا حوّلت العرب الفعل إليه وليس له، وهو في الأصل لغيره؛ ألا ترى أن الرجل الذي يعمى عن الخبر أو يعمّى عنه، ولكنّه في جوازه مثل قول العرب: دخل الخاتم في يدي والخفّ في رجلي، وأنت تعلم أن الرجل التي تدخل في الخفّ والأصبع في الخاتم. فاستخفّوا بذلك إذا كان المعنى معروفاً لا يكون لذا في حال، ولذا في حال؛ إنما هو لواحد. فاستجازوا ذلك لهذا. وقرأه العامّة (فعميت) وقوله: {أنلزمكموها} العرب تسكّن الميم التي من اللزوم فيقولون: أنلزمكموها. وذلك أن الحركات قد توالت فسكنت الميم لحركتها وحركتين بعدها وأنها مرفوعة، فلو كانت منصوبة لم يستثقل فتخفّف. إنما يستثقلون كسرة بعدها ضمةٌ أو ضمةً بعدها كسرة أو كسرتين متواليتين أو يستثقل أو ضمّتين متواليتين. فأمّا الضّمتان فقوله: {لا يحزنهم} جزموا النون لأن قبلها ضمة فخّففت كما قال (رسل) فأمّا الكسرتان فمثل قوله الإبل إذا خفّفت. وأمّا الضّمة والكسرة فمثل قول الشاعر:

وناعٍ يخبّرنا بمهلك سيّدٍ = تقطّع من وجد عليه الأنامل
وإن شئت تقطّع. وقوله في الكسرتين:
* إذا اعوججن قلت صاحب قوّم *

يريد صاحبي فإنما يستثقل الضمّ والكسر لأن لمخرجيهما مؤونة على اللسان والشفتين تنضمّ الرفعة بهما فيثقل الضمّة ويمال أحد الشّدقين إلى الكسرة فترى ذلك ثقيلاً.
والفتحة تخرج من خرق الفم بلا كلفة). [معاني القرآن: 2/11-13]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {أرأيتم إن كنت على بيّنةٍ من ربّي} أي على يقين وبيان.
{فعمّيت عليكم} أي عميتم عن ذلك. يقال: عمي عليّ هذا الأمر. إذا لم أفهمه، وعميت عنه، بمعنى.
{أنلزمكموها} أي نوجبها عليكم ونأخذكم بفهمها وأنتم تكرهون ذلك؟!). [تفسير غريب القرآن: 203]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بيّنة من ربّي وآتاني رحمة من عنده فعمّيت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون}
{فعميت}
كذا أكثر القراءة - بفتح العين والتخفيف - وقد قرئت فعمّيت عليكم - بضم العين وتشديد الميم –
هذا ما أجابهم به في أن قالوا: إن الذين اتبعوك إنما اتبعوك غير محقّقين. فأعلمهم أنهم محققون بهذا القول لأنه إذا كان على بينة، ممن آمن به فعالم بصير مفضول له، وأن من لم يفهم البينة فقد عمي عليه الصواب.
وقوله: {فعمّيت عليكم} أي فعميت البينة عليكم
{أنلزمكموها} القراءة بضم الميم، ويجوز إسكانها على بعد لكثرة الحركات وثقل الضمّة بعد الكسرة.
وسيبويه والخليل لا يجيزان إسكان حرف الإعراب إلا في اضطرار.
فأما ما روي عن أبي عمرو من الإسكان فلم يضبط ذلك عنه، ورواه عنه سيبويه أنه كان يخفف الحركات ويختلسها، وهذا هو الوجه). [معاني القرآن: 3/48-47]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي}
أي على يقين وبيان وهذا جواب لهم لأنهم عابوا من اتبعه فقال أرأيتم إن كنت على بينة من ربي أي فإذا كنت على بينة من ربي فمن اتبعني فهو بصير ومغفور له
ثم قال جل وعز: {وآتاني رحمة من عنده}
قال الفراء يعني الرسالة لأنها نعمة ورحمة
ثم قال جل وعز: {فعميت عليكم}
أي لم تفهموها يقال عميت عن كذا وعمي علي كذا أي لم أفهمه والمعنى فعميت الرحمة
ويقرأ فعميت فقيل هو مثل دخل الخف في رجلي مجاز إلا أن الرحمة هي التي تعمى وصاحبها يعمى
وقال ابن جريج وآتاني رحمة من عنده الإسلام والهدى والحكم والنبوة
ثم قال جل وعز: {أنلزمكموها وأنتم لها كارهون}
أي أنوجبها عليكم وأنتم كارهون لفهمها). [معاني القرآن: 3/343-342]

تفسير قوله تعالى: {وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (29)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ويا قوم لا أسألكم عليه مالا إن أجري إلّا على اللّه وما أنا بطارد الّذين آمنوا إنّهم ملاقو ربّهم ولكنّي أراكم قوما تجهلون}
{وما أنا بطارد الّذين آمنوا إنّهم ملاقو ربّهم}.
وإذا لاقوا ربهم جازى من ظلمهم وطردهم، بجزائه من العذاب). [معاني القرآن: 3/48]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال الله جل وعز: {وما أنا بطارد الذين آمنوا} فدل بهذا على أنهم سألوه أن يطردهم
ثم قال جل وعز: {إنهم ملاقو ربهم} أي فيجازي من طردهم على ما فعل
قال الفراء معنى من ينصرني من يمنعني). [معاني القرآن: 3/344]

تفسير قوله تعالى: {وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (30)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ويا قوم من ينصرني من اللّه...}.
يقول: من يمنعني من الله. وكذلك كلّ ما كان في القرآن منه فالنصر على جهة المنع). [معاني القرآن: 2/13]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (31)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولا أقول لكم عندي خزائن اللّه ولا أعلم الغيب ولا أقول إنّي ملك ولا أقول للّذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم اللّه خيرا اللّه أعلم بما في أنفسهم إنّي إذا لمن الظّالمين}
{ولا أقول للّذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم اللّه خيرا}.
{تزدري} تستسفل وتستخس.
يقال: زرّيْتُ على الرجل إذا عبت عليه وخسّست فعله.
وأزريت إذا قصّرت به وتزدري أصله تزتري بالتاء، إلا أن هذه التاء تبدل بعد الزّاي دالا، لأن التاء من حروف الهمس، وحروف الهمس خفيّة فالتاء بعد الزاي تخفى، فأبدلت منها الدال لجهرها، وكذلك يفتعل من الزينة يزدان، تقول: أنت تزدان يا هذا.
وقوله: {ولا أقول للّذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم اللّه خيرا}.
لأنهم قالوا: {اتبعك أراذلنا}.
وقوله: {اللّه أعلم بما في أنفسهم} أي إن كنتم تزعمون أنهم إنما اتبعوني في ظاهر الرّأي والذي أدعو إليه توحيد اللّه، فإذا رأيت من يوحد الله جل ثناؤه عملت على ظاهره، واللّه أعلم بما في نفسه، لا يعلم الغيب إلّا اللّه). [معاني القرآن: 3/49-48]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ولا أقول للذين تزدري أعينكم}
معنى تزدري تستقل وتستخس يقال زريت على الرجل إذا عبته واستخسست فعله وأزريت به إذا قصرت به
والمعنى إنكم قلتم إن هؤلاء اتبعوني في ظاهر الرأي وإنما أدعو إلى توحيد الله جل وعز فمن اتبعني قبلته وليس علي ما غاب). [معاني القرآن: 3/344]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {تزدري} أي: تحتقر). [ياقوتة الصراط: 264]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (32)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصّادقين}
وقال: {قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا} وقال بعضهم (جدلنا) وهما لغتان). [معاني القرآن: 2/41-40]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصّادقين}
{فأكثرت جدالنا} ويقرأ فأكثرت جدلنا، والجدل والجدال المبالغة في الخصومة والمنافرة، وهو مأخوذ من الجدل وهو شدة الفتل، والصّقر يقال له أجدل لأنّه من أشدّ الطير).
[معاني القرآن: 3/49]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين}
وقرأ ابن عباس فأكثرت جدلنا والجدال والجدل المبالغة في الخصومة
وقال مجاهد جادلتنا أي ماريتنا
قال الزجاج ومعنى إن كان الله يريد أن يغويكم أي يضلكم ويهلككم
وقيل يخيبكم
وقال محمد بن جرير يغويكم يهلككم بعذابه حكى عن طي أصبح فلان غاويا أي مريضا وأغويته أهلكته ومنه {فسوف يلقون غيا} ). [معاني القرآن: 3/345]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (33)}

تفسير قوله تعالى: {وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (34)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان اللّه يريد أن يغويكم هو ربّكم وإليه ترجعون}
{يغويكم} يضلكم ويهلككم). [معاني القرآن: 3/49]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ (35)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فعليّ إجرامي...}.
يقول: فعليّ إثمي. وجاء في التفسير فعليّ آثامي، فلو قرئت: أجرامي على التفسير كان صواباً.
وأنشدني أبو الجراح:
لا تجعلوني كذوي الأجرام = الدّهمسيّين ذوي ضرغام
فجمع الجرم أجراماً. ومثل ذلك {والله يعلم إسرارهم} و(أسرارهم) وقد قرئ بهما. ومنه {ومن اللّيل فسبّحه وإدبار السّجود} و(أدبار السّجود) فمن قال: (إدبار) أراد المصدر.
ومن قال (أسرار) أراد جمع السّر). [معاني القرآن: 2/13]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فعلىّ إجرامي} وهو مصدر أجرمت، وبعضهم يقول: جرمت تجرم،
وقال الهيردان السّعديّ أحد لصوص بني سعد: (طريد عشيرةٍ ورهين ذنبٍ بما جرمت يدي وجنى لساني (الفلك) واحد وجميع وهي السفينة والسّفن مثل السلام واحدها السلامة مثل نعام ونعامة، وقتاد وقتادة). [مجاز القرآن: 1/288]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {قل إن افتريته} أي اختلقته.
{فعليّ إجرامي} أي جرم ذلك الاختلاق - إن كنت فعلت.
{وأنا بريءٌ ممّا تجرمون} في التكذيب). [تفسير غريب القرآن: 203]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {أم يقولون افتراه قل إن افتريته فعليّ إجرامي وأنا بريء ممّا تجرمون}
معناه بل أيقولون افتراه.
{قل إن افتريته فعلى إجرامي} من قولك أجرم الرجل إجراما، ويقال جرم في معنى أجرم، وأكثر ما تستعمل أجرم في كسب الإثم خاصّة يقال رجل مجرم وجارم.
ويجوز فعليّ أجرامي على جمع جرم وهو على نحو قوله: {واللّه يعلم إسرارهم} وأسرارهم إلا أن القراءة بكسر الألف.
وإجرامي على المصدر). [معاني القرآن: 3/49]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {أم يقولون افتراه قل إن افتريته فعلي إجرامي}
أي إن اختلقته فعلي إثم الاختلاق وأنا بريء مما تجرمون أي من تكذيبكم
ومن قرأ أجرامي بفتح الهمزة ذهب إلى جمع جرم). [معاني القرآن: 3/346]


رد مع اقتباس