عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 6 محرم 1432هـ/12-12-2010م, 05:17 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 1 إلى 14]

{الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1) أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ (2) وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ (3) إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (4) أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (5) وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (6) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (7) وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (8) وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ (9) وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (10) إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (11) فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (12) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (13) فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (14)}

تفسير قوله تعالى: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قوله: {الر كتابٌ أحكمت آياته...}.
رفعت الكتاب بالهجاء الذي قبله، كأنك قلت: حروف الهجاء هذا القرآن. وإن شئت أضمرت له ما يرفعه؛ كأنك قلت: الر هذا الكتاب.
وقوله: {ثمّ فصّلت} بالحلال والحرام. والأمر والنهي. لذلك جاء قوله: {ألاّ تعبدوا...} ). [معاني القرآن: 2/3]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {آلر} ساكن، مجازه مجاز فواتح سائر السور اللواتي مجازهن مجاز حروف التهجي، ومجازه في المعنى. ابتداء فواتح سائر السور.
{آلر كتابٌ}: مجازه مجاز المختصر الذي فيه ضمير، كقوله: هذا كتاب.
{من لدن} أي هذا قرآن من عند؛ لدُن ولَدُن ولُداً سواء ولَدٌ). [مجاز القرآن: 1/285]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {أحكمت آياته} فلم تنسخ.
{ثمّ فصّلت} بالحلال والحرام. ويقال: فصّلت: أنزلت شيئا بعد شيء ولم تنزل جملة.
{من لدن حكيمٍ خبيرٍ} أي من عند حكيم خبير). [تفسير غريب القرآن: 201]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله: {الر كتاب أحكمت آياته ثمّ فصّلت من لدن حكيم خبير}
كتاب مرفوع بإضمار هذا كتاب.
وقال بعضهم: (كتاب) خبر " الر "
وهذا غلط، لأن قوله: {كتاب أحكمت آياته ثمّ فصّلت} ليس هو (الر) وحدها.
وفي التفسير {أحكمت آياته} بالأمر والنهي والحلال والحرام ثم فصلت بالوعد والوعيد.
والمعنى - واللّه أعلم - أنّ آياته أحكمت وفصّلت بجميع ما يحتاج إليه من الدلالة على التوحيد، وإثبات نبوة الأنبياء - عليهم السلام – وإقامة الشرائع.
والدليل على ذلك قوله: {ما فرّطنا في الكتاب من شيء}
وقوله: {وتفصيل كلّ شيء}.
ويدل على هذا قوله: {ألّا تعبدوا إلّا اللّه إنّني لكم منه نذير وبشير}.
المعنى {أحكمت آياته ثمّ فصّلت من لدن حكيم خبير}.
أي من عند حكيم خبير، لـ أن لا تعبدوا إلا اللّه.
وموضع أن نصب على كل حال.
(وقوله: (إنني) مقول قول مقدر، أي قل يا محمد لهم إنّني لكم منه.
أي من جهة اللّه " نذير " أي مخوّف من عذابه لمن كفر.
و" بشير " بالجنة لمن آمن). [معاني القرآن: 3/38-37]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( من ذلك قوله جل وعز: {آلر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت}
المعنى هو كتاب أحكمت آياته
قال الحسن أحكمت بالأمر والنهي ثم فصلت بالثواب والعقاب
وقال قتادة أحكمها والله من الباطل ثم فصلها بعلمه وبين حلالها وحرامها والطاعة والمعصية
وقال مجاهد فصلت فسرت
وقيل أحكمت فلا ينسخها شيء بعدها ثم فصلت أنزلت شيئا بعد شيء
ومن أحسنها قول قتادة أي أحكمها من الخلل والباطل
ثم قال جل وعز: {من لدن حكيم خبير}
قال قتادة أي من عند حكيم خبير). [معاني القرآن: 3/328-327]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ} لم تنسخ كلها، {ثُمَّ فُصِّلَتْ} بالحلال والحرام. وقيل: أنزلت شيئا بعد شيء.
{مِن لَّدُنْ} من عند). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 105]

تفسير قوله تعالى: {أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ (2)}
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ألا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير وبشير}
يجوز أن يكون المعنى بأن لا تعبدوا إلا الله
ويجوز أن يكون المعنى لئلا تعبدوا
ويجوز أن يكون المعنى أمرتم أن لا تعبدوا إلا الله). [معاني القرآن: 3/328]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ (3)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (ثم قال {وأن استغفروا ربّكم...}
أي فصّلت آياته ألاّ تعبدوا وأن استغفروا. فأن في موضع نصب بإلقائك الخافض). [معاني القرآن: 2/3]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {يمتّعكم متاعاً حسناً} أي يعمّركم. وأصل الإمتاع: الإطالة.
يقال: أمتع اللّه بك، ومتّع اللّه بك إمتاعا ومتاعا. والشيء الطويل: ماتع.
ويقال: جبل ماتع. وقد متع النّهار: إذا تطاول). [تفسير غريب القرآن: 201]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وأن استغفروا ربّكم ثمّ توبوا إليه يمتّعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمّى ويؤت كلّ ذي فضل فضله وإن تولّوا فإنّي أخاف عليكم عذاب يوم كبير} أي وأمركم بالاستغفار.
{ثمّ توبوا إليه يمتّعكم متاعا حسنا}أي يبقيكم ولا يستأصلكم بالعذاب كما استأصل أهل القرى الذين كفروا.
{ويؤت كلّ ذي فضل فضله}أي من كان ذا فضل في دينه فضله اللّه بالثواب، وفضله بالمنزلة (في الدنيا) بالدين كما فضل أصحاب نبيه (عليه السلام) ). [معاني القرآن: 3/38]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى}
يمتعكم: يعمركم، وقيل لا يهلككم
وأصل الإمتاع الإطالة ومنه أمتع الله بك ومتع
قال قتادة إلى أجل مسمى أي إلى الموت
وقوله جل وعز: {ويؤت كل ذي فضل فضله} أي من كان له عمل صالح أوتي ثوابه). [معاني القرآن: 3/329-328]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا} أي يعمركم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 105]

تفسير قوله تعالى: {إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (4)}

تفسير قوله تعالى: {أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (5)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ألا إنّهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه...}
نزلت في بعض من كان يلقى النبي صلى الله عليه وسلم بما يحبّ، وينطوي له على العداوة والبغض. فذلك الثنى هو الإخفاء.
وقال الله تبارك وتعالى: {ألا حين يستغشون ثيابهم} يعلم الله ما يخفون من عداوة محمّد صلّي الله عليه وسلم...
- وحدثني الثقة عبد الله بن المبارك عن ابن جريج رجل أظنّه عطاء عن ابن عبّاس أنه قرأ (تثنوني صدورهم) وهو في العربيّة بمنزلة تنثني كما قال عنترة:

وقولك للشيء الذي لا تناله = إذا ما هو احلولى ألا ليت ذاليا
وهو من الفعل: افعوعلت). [معاني القرآن: 2/3-4]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم} والعرب تدخل ألا توكيداً وإيجاباً وتنبيهاً). [مجاز القرآن: 1/285]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {ألا إنّهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرّون وما يعلنون إنّه عليمٌ بذات الصّدور}
قال: {ألا إنّهم يثنون صدورهم} وقال بعضهم (تثنوني صدورهم) جعله على "تفعوعل" مثل "تعجوجل" وهي قراءة الأعمش). [معاني القرآن: 2/39]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {يثنون صدورهم} أي يطوون ما فيها ويسترونه {ليستخفوا} بذلك من اللّه.
{ألا حين يستغشون ثيابهم} أي يستترون بها ويتغشّونها). [تفسير غريب القرآن: 202-201]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (و(ألا) تزاد في الكلام للتنبيه.
كقوله: {أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ} و: {أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ}.
وقال الشاعر:
ألا أيّهذا الرّاجزي أحضرَ الوغى = وأن أشهد اللّذَّاتِ: هل أنت مُخْلِدِي
أراد أيّها الزاجري أن أحضر الوغى فزاد (ألا) وحذف (أن) ). [تأويل مشكل القرآن: 248-247]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( (ألا) : تنبيه: وهي زيادة في الكلام، قال تعالى: {أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ}.
وقال: {أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ}.
وتقول: ألا إنّ القوم خارجون: تريد بها: افهم اعلم أنّ الأمر كذا وكذا). [تأويل مشكل القرآن: 560]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ألا إنّهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرّون وما يعلنون إنّه عليم بذات الصّدور}
(ألا) معناها التنبيه ولا حظّ لها في الإعراب، وما بعدها مبتدأ.
ومعنى {يثنون صدورهم ليستخفوا}، أي يسرون عداوة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقيل إن طائفة من المشركين قالت: إذا أغلقنا أبوابنا وأرخينا ستورنا.
واستغشينا ثيابنا، وثنينا صدورنا على عداوة محمد - صلى الله عليه وسلم - كيف يعلم بنا، فأعلم
- عز وجل - بما كتموه فقال جلّ ثناؤه: {ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرّون وما يعلنون}.
وقرئت {ألا إنّهم يثنوني صدورهم}.
قرأها الأعمش ورويت عن ابن عباس " تثنوني " صدورهم.
على مثال تفعوعل ومعناها المبالغة في الشيء، ومثل ذلك قد احلولى الشيء إذا بلغ الغاية في الحلاوة). [معاني القرآن: 3/39-38]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه}
قال عبد الله بن شداد كان أحدهم يمر بالنبي صلى الله عليه وسلم فيثني صدره ويتغشى ثوبه كراهة أن يراه النبي صلى الله عليه وسلم
وقال أبو رزين كان الرجل يضطجع على شقه ويتغشى ثوبه ليستخفي
وقال مجاهد يثنون صدورهم شكا وامتراء ليستخفوا منه أي من الله إن استطاعوا
وقال الحسن يعني حديث النفس فأعلم الله جل وعز أنهم حين يستغشون ثيابهم في ظلمة الليل وفي أجواف بيوتهم يعلم تلك الساعة ما يسرون وما يعلنون
قال أبو جعفر وهذه المعاني متقاربة أي يسرون عداوة النبي صلى الله عليه وسلم ويطوون
ومن صحيح ما فيه ما حدثناه علي بن الحسين قال: قال الزعفراني حدثنا حجاج قال ابن جريج أخبرني محمد بن عباد بن جعفر أنه سمع ابن عباس يقرأ ألا إنهم تثنوني صدورهم
قال سألته عنه فقال كان ناس يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء فنزل ذلك فيهم
ويروى أن بعضهم قال أغلقت بابي وأرخيت ستري وتغشيت ثوبي وثنيت صدري فمن يعلم بي فأعلم الله جل وعز أنه يعلم ما يسرون وما يعلنون
ونظيره {ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم}
ومن قرأ (تثنوني صدورهم) وهي قراءة ابن عباس ذهب إلى معنى التكثير كما يقال احلولى الشيء وليست تثنوني حتى يثنوها فالمعنى يؤول إلى ذاك). [معاني القرآن: 3/331-329]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ} أي يطوون ما فيها ويسترونه ليستخفوا بذلك من الله.
و{يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ} أي يستترون بها). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 105]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (6)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ويعلم مستقرّها ومستودعها...}
فمستقرّها: حيث تأوي ليلا أو نهاراً. ومستودعها: موضعها الذي تموت فيه أو تدفن). [معاني القرآن: 2/4]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وما من دابّة في الأرض إلاّ على الله رزقها} كل آكل فهو دابة، ومجازه: وما دابة في الأرض؛ ومن من حروف الزوائد).
[مجاز القرآن: 1/285]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ويعلم مستقرّها ومستودعها} قال ابن مسعود: مستقرها: الأرحام.
ومستودعها: الأرض التي تموت فيها). [تفسير غريب القرآن: 202]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله جلّ وعزّ: {وما من دابّة في الأرض إلّا على اللّه رزقها ويعلم مستقرّها ومستودعها كلّ في كتاب مبين}
{ويعلم مستقرّها ومستودعها}.
قيل {مستقرّها} مأواها على ظهر الأرض، {ومستودعها} ما تصير إليه، وقيل أيضا: {مستقرّها} في الأصلاب {ومستودعها} من الأرحام.
وقوله: {كلّ في كتاب مبين}.
أي ذلك ثابت من علم اللّه. فجائز أن يكون في كتاب، وكذلك قوله - جلّ وعز -: {إلّا في كتاب من قبل أن نبرأها} ). [معاني القرآن: 3/39]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها}
يقال لكل ما دب من الناس وغيرهم داب ودابة على المبالغة تأنيث على الصفة والخلقة
وقوله جل وعز: {ويعلم مستقرها ومستودعها}
قال عبد الله بن مسعود مستقرها في الرحم ومستودعها في الأرض التي تموت فيها
وقال مقسم عن عبد الله بن عباس مستقرها حيث تأوي إليه ومستودعها حيث تموت في الأرض
وقيل مستقرها ما يستقر عليه عملها ومستودعها ما تصير إليه
وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس مستقرها في الرحم ومستودعها في الصلب). [معاني القرآن: 3/332-331]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا} أي في الأرحام، {وَمُسْتَوْدَعَهَا} أي في الأرض التي تموت فيها). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 106]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (7)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {ليقولنّ الّذين كفروا إن هذا إلاّ سحرٌ مّبينٌ...}
{وسحر مبين}. فمن قال: (ساحرٌ مبينٌ) ذهب إلا النبي صلى الله عليه وسلم من قولهم. ومن قال: (سحرٌ) ذهب إلى الكلام...
- وحدثني أبو إسرائيل عن الأعمش عن أبي رزين عن عبد الله بن مسعود أنه قرأ في ثلاثة مواضع ساحر: في آخر المائدة وفي يونس وفي الصفّ.
قال الفراء: ولم يذكر الذي في هود. وكان يحيى بن وثّاب يقرأ في أربعة مواضع ويجعل هذا رابعاً يعني في هود). [معاني القرآن: 2/4]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وهو الّذي خلق السّماوات والأرض في ستّة أيّام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيّكم أحسن عملا ولئن قلت إنّكم مبعوثون من بعد الموت ليقولنّ الّذين كفروا إن هذا إلّا سحر مبين}
الله قادر على أن يخلقها في لحظة، لأنه على كل شيء قدير، وإذا خلقهما وقدّرهما هذا القدر العظيم - والسّماء ليس بينها وبين الأرض عمد يرى - في ستة أيّام علم أنّ من كانت قدرته هذه القدرة لم يعجزه شيء.
قال اللّه - جلّ وعزّ -: {أولم يروا أنّ اللّه الّذي خلق السّماوات والأرض ولم يعي بخلقهنّ بقادر على أن يحيي الموتى}.
وكان المشركون يكذّبون بأنّه يبعث الموتى، ويقرون أنه خالق السماوات والأرض.
وقوله: {وكان عرشه على الماء}.
هذا يدل على أن العرش والماء كانا قبل السّماوات والأرض.
وقوله: {ليبلوكم أيّكم أحسن عملا}.
معناه ليختبركم الاختبار الذي يجازيكم عليه، وهو قد علم قبل ذلك أيّهم أحسن عملا، إلا أنّه يجازيهم على أعمالهم لا على علمه فيهم.
{ولئن قلت إنّكم مبعوثون من بعد الموت ليقولنّ الّذين كفروا إن هذا إلّا سحر مبين}.
ويقرأ إلا ساحر مبين، والسحر باطل عندهم، فكأنّهم قالوا: إن هذا إلا باطل بيّن.
وأعلمهم اللّه - عزّ وجلّ - أنّ القدرة على خلق السّماوات والأرض تدل على بعث الموتى. وأهل الكفر مختلفون في البعث فالمشركون يقولون أنهم لا يبعثون ألبتّة ولا يرجعون بعد موتهم، واليهود والنصارى يزعم أن لا أكل ولا شرب ولا غشيا للنساء في الجنة وكل كافر بالبعث على جهته). [معاني القرآن: 3/39-40]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام}
فخبر جل وعز أن من قدر على هذا لا يعجزه شيء
ثم قال جل وعز: {وكان عرشه على الماء}
قال سعيد بن جبير سألت ابن عباس على أي شيء كان الماء ولم يخلق سماء ولا أرضا فقال على متن الريح
ثم قال جل وعز: {ليبلوكم أيكم أحسن عملا}
أي ليختبركم فيظهر منكم ما يجازيكم عليه لأنه إنما يجازي على الفعل وإن كان قد علمه قبل
وقوله عز وجل: {ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين} ويقرأ ساحر
قال أبو جعفر قال أبو إسحاق والسحر عندهم باطل فكأنهم قالوا إن هذا إلا باطل). [معاني القرآن: 3/333-332]

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (8)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ولئن أخّرنا عنهم العذاب إلى أمّةٍ معدودةٍ} أي إلى حين موقوت وأجل،
وفي آية أخرى: {وادّكر بعد أمّةٍ} أي بعد حين.
{ألا يوم يأتيهم} ألا توكيد وإيجاب وتنبيه.
{وحاق بهم} أي نزل بهم وأصابهم). [مجاز القرآن: 1/285]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {ولئن أخّرنا عنهم العذاب إلى أمّةٍ مّعدودةٍ لّيقولنّ ما يحبسه ألا يوم يأتيهم ليس مصروفاً عنهم وحاق بهم مّا كانوا به يستهزءون}
وقال: {إلى أمّةٍ مّعدودةٍ} و"الأمّة": الحين كما قال {وادّكر بعد أمّةٍ} ). [معاني القرآن: 2/39]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {إلى أمة معدودة}: إلى حين وأجل محدود). [غريب القرآن وتفسيره: 173]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {إلى أمّةٍ معدودةٍ}: أي إلى حين بغير توقيت. فأما قوله:
{وادّكر بعد أمّةٍ} فيقال: بعد سبع سنين). [تفسير غريب القرآن: 202]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (و(ألا) تزاد في الكلام للتنبيه.
كقوله: {أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ} و: {أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ} .
وقال الشاعر:
ألا أيّهذا الرّاجزي أحضرَ الوغى = وأن أشهد اللّذَّاتِ: هل أنت مُخْلِدِي
أراد أيّها الزاجري أن أحضر الوغى فزاد (ألا) وحذف (أن) ). [تأويل مشكل القرآن: 248-247] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( (ألا) : تنبيه: وهي زيادة في الكلام، قال تعالى: {أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ}.
وقال: {أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ}.
وتقول: ألا إنّ القوم خارجون: تريد بها: افهم اعلم أنّ الأمر كذا وكذا). [تأويل مشكل القرآن: 560] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ولئن أخّرنا عنهم العذاب إلى أمّة معدودة ليقولنّ ما يحبسه ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون}
معناه إلى أجل وحين معلوم، كما قال الله تعالى..
{وادّكر بعد أمّة} أي بعد حين.
وقوله: {ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا}.
(يوم يأتيهم) منصوب بمصروف، المعنى ليس العذاب مصروفا عنهم يوم يأتيهم.
{وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون}كما تقول أحاط بفلان عمله، وأهلكة كسبه، أي أهلكه جزاء كسبه وعاقبته). [معاني القرآن: 3/41-40]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة}
قال ابن عباس أي إلى أجل معدود
وقال مجاهد أي إلى حين
وقوله جل وعز: {وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون} أي جزاء استهزائهم والمعنى أحاط بهم العذاب). [معاني القرآن: 3/333]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {إِلَى أُمَّةٍ} إلى حين وأجل). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 106]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {إِلَى أُمَّةٍ}: إلى حين). [العمدة في غريب القرآن: 154]

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ (9)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ليؤسٌ كفورٌ} مجازه: فعول من يئست). [مجاز القرآن: 1/286]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ليؤسٌ} فعول من يئست. أي قنوط). [تفسير غريب القرآن: 202]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله - جلّ وعزّ -: {ولئن أذقنا الإنسان منّا رحمة ثمّ نزعناها منه إنّه ليئوس كفور}
يعني الكافر، والرحمة الرزق، ههنا، والإنسان اسم للجنس في معنى الناس). [معاني القرآن: 3/41]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولئن أذقنا الإنسان} أي الكفار منا رحمة أي رزقا). [معاني القرآن: 3/334]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {إِنَّهُ لَيَؤسٌ كَفُورٌ} أي: آيس من الرحمة، كفور، أي: كفور للنعم). [ياقوتة الصراط: 261]

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (10)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ولئن أذقناه نعماء} أي أمسسناه نعماء). [مجاز القرآن: 1/286]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {ولئن أذقناه نعماء بعد ضرّاء مسّته ليقولنّ ذهب السّيّئات عنّي إنّه لفرحٌ فخورٌ * إلاّ الّذين صبروا وعملوا الصّالحات أولئك لهم مّغفرةٌ وأجرٌ كبيرٌ}
وقال: {إنّه لفرحٌ فخورٌ * إلاّ الّذين صبروا} فجعله خارجا من أول الكلام على معنى "ولكنّ" وقد فعلوا هذا فيما هو من أول الكلام فنصبوا.
قال الشاعر:
يا صاحبيّ ألا لاحيّ بالوادي = إلاّ عبيداً قعوداً بين أوتاد
فتنشده العرب نصبا). [معاني القرآن: 2/39]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ذهب السّيّئات عنّي} أي البلايا). [تفسير غريب القرآن: 202]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والفرح: البطر والأشر، لأن ذلك عن إفراط السرور، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ}
وقال: {إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ} وقال: {ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ}.
وقد تبدل (الحاء) في هذا المعنى (هاء) فيقال: فره أي بطر، قال الله تعالى: {وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ} أي: أشرين بطرين. و(الهاء) تبدل من (الحاء) لقرب مخرجيهما،
تقول: (مدحته) و(مدهته)، بمعنى واحد). [تأويل مشكل القرآن: 491] (م)

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (11)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إلاّ الّذين صبروا...}
في موضع نصب بالاستثناء من قوله: {ولئن أذقناه} يعني الإنسان ثم استثنى من الإنسان لأنه في معنى الناس، كما قال تبارك وتعالى: {والعصر إنّ الإنسان لفي خسرٍ إلاّ الّذين آمنوا} فاستثنى كثيراً من لفظ واحدٍ؛ لأنه تأويل جماع). [معاني القرآن: 2/5-4]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {ولئن أذقناه نعماء بعد ضرّاء مسّته ليقولنّ ذهب السّيّئات عنّي إنّه لفرحٌ فخورٌ * إلاّ الّذين صبروا وعملوا الصّالحات أولئك لهم مّغفرةٌ وأجرٌ كبيرٌ}
وقال: {إنّه لفرحٌ فخورٌ* إلاّ الّذين صبروا} فجعله خارجا من أول الكلام على معنى "ولكنّ" وقد فعلوا هذا فيما هو من أول الكلام فنصبوا.
قال الشاعر:
يا صاحبيّ ألا لاحيّ بالوادي = إلاّ عبيداً قعوداً بين أوتاد
فتنشده العرب نصبا). [معاني القرآن: 2/39] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {إلّا الّذين صبروا وعملوا الصّالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير}
استثناء ليس من الأول، المعنى لكن الذين صبروا وعملوا الصالحات{لهم مغفرة وأجر كبير} ). [معاني القرآن: 3/41]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات}
استثناء ليس من الأول بمعنى لكن ويجوز أن يكون استثناء من الهاء لأن تقديره إن الإنسان والإنسان الجنس). [معاني القرآن: 3/334]

تفسير قوله تعالى: {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (12)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله - عزّ وجلّ -: {فلعلّك تاركٌ بعض ما يوحى إليك وضائقٌ به صدرك...}.
يقول: يضيق صدرك بما نوحيه إليك فلا تلقيه إليهم مخافة أن يقولوا: لولا أنزل عليك كنز. فأن في قوله: {أن يقولوا} دليل على ذلك.
وهي بمنزلة قوله: {يبيّن اللّه لكم أن تضلّوا}و(من) تحسن فيها ثم تلقى، فتكون في موضع نصب؛ كما قال - عز وجل: {يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصّواعق حذر الموت}
ألا ترى أن (من) تحسن في الحذر، فإذا ألقيت انتصب بالفعل لا بإلقاء (من) كقول الشاعر:
[معاني القرآن: 2/5]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فلعلّك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك أن يقولوا لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك إنّما أنت نذير واللّه على كلّ شيء وكيل}
يروى أن المشركين قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - لو تركت عيبنا وسبّ آلهتنا لجالسناك، ومعنى {أن يقولوا لولا أنزل عليه كنز}
معناه كراهة أن يقولوا.
{إنّما أنت نذير} أي إنما عليك أن تنذرهم وتأتيهم من الآيات بما يوحى إليك وليس عليك أن تأتيهم بشهواتهم واقتراحهم الآيات). [معاني القرآن: 3/41]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {أن يقولوا لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك} أي كراهة أن يقولوا
ثم قال تعالى: {إنما أنت نذير} أي إنما عليك أن تنذرهم وليس عليك أن تأتيهم من الآيات بما اقترحوا). [معاني القرآن: 3/334]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (13)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {قل فأتوا بعشر سورٍ مّثله مفترياتٍ...} ثم قال جلّ ذكره: {فإلّم يستجيبوا لكم...}
ولم يقل: لك وقد قال في أوّل الكلام (قل) ولم يقل: قولوا وهو بمنزلة قوله: {على خوفٍ من فرعون وملئهم} ). [معاني القرآن: 2/5]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم أعلمهم وجه الاحتجاج عليهم فقال جلّ وعزّ:
{أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون اللّه إن كنتم صادقين} أي أيقولون افتراه.
{قل فأتوا بعشر سور مثله} أي مثل سورة منه، أيّ سورة منها.
{وادعوا من استطعتم من دون اللّه} أي اطلبوا أن يعاونكم على ذلك كل من قدرتم عليه، ورجوتم مظاهرته ومعاونته). [معاني القرآن: 3/42-41]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قل فأتوا بعشر سور مثله}
المعنى كل سورة منها مثل سورة منه وادعوا من استطعتم من دون الله أي ليعينكم). [معاني القرآن: 3/335-334]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (14)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {قل فأتوا بعشر سورٍ مّثله مفترياتٍ...} ثم قال جلّ ذكره: {فإن لّم يستجيبوا لكم...}
ولم يقل: لك وقد قال في أوّل الكلام (قل) ولم يقل: قولوا وهو بمنزلة قوله: {على خوفٍ من فرعون وملئهم} ). [معاني القرآن: 2/5] (م)

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): («الباء» مكان «من»
تقول العرب: شربت بماء كذا وكذا، أي من ماء كذا.
قال الله تعالى: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ} و{عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ}. ويكون بمعنى يشربها عباد الله ويشرب منها.
قال الهذليّ وذكر السّحائب:
شربنَ بماءِ البحر ثم ترفَّعت = مَتَى لُجَجٍ خُضْرٍ لَهُنَّ نَئِيجُ
أي شربن من ماء البحر.
وقال عنترة:
شَرِبَت بماءِ الدُّحْرُضَينِ فَأَصْبَحَتْ = زَوْراءَ تَنْفِرُ عَن حِيَاضِ الدَّيْلَمِ
وقال عز وجل: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ} أي من علم الله). [تأويل مشكل القرآن: 576-575]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه أن يخاطب الرجل بشيء ثم يجعل الخطاب لغيره:
كقوله: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ} الخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلم، ثم قال للكفار: {فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} يدلك على ذلك قوله: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}.
وقال: {فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى}؟.
وقال: {فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى}.
وقال: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا}، ثم قال: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ}.
وقال: {إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} يريد أباكم آدم صلّى الله عليه وسلم). [تأويل مشكل القرآن: 291-290]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه أن يخاطب الواحد بلفظ الجميع:
كقوله سبحانه: {قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ} وأكثر من يخاطب بهذا الملوك، لأنّ من مذاهبهم أن يقولوا: نحن فعلنا. بقوله الواحد منهم يعني نفسه، فخوطبوا بمثل ألفاظهم.
يقول الله عز وجل: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ}، و{إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}.
ومن هذا قوله عز وجل: {عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ}، وقوله: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ}، وقوله: {فَأْتُوا بِآَبَائِنَا} ).[تأويل مشكل القرآن: 294-293] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فإلّم يستجيبوا لكم فاعلموا أنّما أنزل بعلم اللّه وأن لا إله إلّا هو فهل أنتم مسلمون}
ومعنى {أنزل بعلم اللّه}، أي أنزل واللّه عالم بإنزاله، وعالم أنه حق من عنده.
ويجوز أن يكون - واللّه أعلم - {بعلم اللّه} أي بما أنبأ الله فيه من غيب ودلّ على ما سيكون وما سلف مما لم يقرأ به النبي - صلى الله عليه وسلم - كتابا وهذا دليل على أنه من عند اللّه). [معاني القرآن: 3/42]


رد مع اقتباس