عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 13 ذو القعدة 1431هـ/20-10-2010م, 06:55 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 50 إلى 58]

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آَتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (50) تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آَتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا (51) لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا (52) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا (53) إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (54) لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آَبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (55) إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56) إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (57) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (58)}

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آَتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (50)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {يا أيّها النّبيّ إنّا أحللنا لك أزواجك اللّاتي آتيت أجورهنّ} [الأحزاب: 50] صداقهنّ.
{وما ملكت يمينك ممّا أفاء اللّه عليك وبنات عمّك} [الأحزاب: 50]، أي: وأحللنا لك أيضًا بنات عمّك.
{وبنات عمّاتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللّاتي هاجرن معك} [الأحزاب: 50] إلى قوله: {لا يحلّ لك
[تفسير القرآن العظيم: 2/728]
النّساء من بعد} [الأحزاب: 52] هؤلاء اللّاتي ذكر من أزواجه، ومن بنات عمّه ومن بنات عمّاته، وبنات خاله، وبنات خالاته.
{وامرأةً مؤمنةً إن وهبت نفسها للنّبيّ} [الأحزاب: 50] قال يحيى فيما حدّثني حمّاد بن سلمة، عن داود بن أبي هندٍ، عن موسى بن عبد اللّه، عن أبيّ بن كعبٍ قال: {إنّا أحللنا لك أزواجك اللّاتي آتيت أجورهنّ} [الأحزاب: 50] صداقهنّ {وما ملكت يمينك ممّا أفاء اللّه عليك وبنات عمّك وبنات عمّاتك} [الأحزاب: 50] حتّى انتهى إلى قوله: {لا يحلّ لك النّساء من بعد} [الأحزاب: 52] هؤلاء: العمّة، والخالة ونحوهنّ، وكان يقول: يتزوّج من بنات عمّاته وبنات خالاته اللّاتي هاجرن معه). [تفسير القرآن العظيم: 2/729]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وامرأةً مؤمنةً إن وهبت نفسها للنّبيّ إن أراد النّبيّ أن يستنكحها خالصةً لك} [الأحزاب: 50] يقول للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم {من دون المؤمنين} [الأحزاب: 50] مقرأ العامّة على {إن وهبت نفسها للنّبيّ إن} [الأحزاب: 50] يقولون: كانت امرأةً واحدةً وأن مفتوحةٌ لما قد كان، وبعضهم يقرأها: {إن وهبت نفسها} [الأحزاب: 50] يقولون: في المستقبل على تلك الوجوه من قول
أبيٍّ وقول الحسن، وقول مجاهدٍ.
وقوله عزّ وجلّ: {خالصةً لك من دون المؤمنين} [الأحزاب: 50] لا تكون
[تفسير القرآن العظيم: 2/729]
الهبة بغير صداقٍ إلا للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فيما حدّثني سليمان بن أرقم، عن الحسن.
- وحدّثني الخليل بن مرّة، عن أبان بن أبي عيّاشٍ، عن أنس بن مالكٍ، قال: لم تحلّ الهبة لأحدٍ بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
وحدّثني اللّيث بن سعدٍ، عن يزيد بن قسيطٍ، عن سعيد بن المسيّب أنّه سئل عن رجلٍ وهبت له امرأةٌ فقال: الهبة لا تكون إلا لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ولكن لو كان سمّى سوطًا كان صداقًا.
وفي تفسير الحسن أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قد تطوّع على تلك المرأة الّتي وهبت نفسها له فأعطاها الصّداق.
نزل أمر المرأة الّتي وهبت نفسها للنّبيّ عليه السّلام في تفسير الحسن قبل أن ينزل: {ما كان على النّبيّ من حرجٍ فيما فرض اللّه له} [الأحزاب: 38] وهي بعدها في التّأليف). [تفسير القرآن العظيم: 2/730]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم} [الأحزاب: 50] يعني ما أوجبنا عليهم، تفسير السّدّيّ.
[تفسير القرآن العظيم: 2/730]
{وما ملكت أيمانهم} [الأحزاب: 50]
- حدّثني حمّاد بن سلمة، عن داود بن أبي هندٍ، عن موسى بن عبد اللّه، عن أبيّ بن كعبٍ قال: {قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم} [الأحزاب: 50]، يعني: الأربع، يقول يتزوّج أربعًا إن شاء {وما ملكت أيمانهم} [الأحزاب: 50] ويطأ بملك يمينه كم شاء.
وتفسير سعيدٍ، عن قتادة: {قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم} [الأحزاب: 50] أن لا نكاح إلا بوليٍّ وشاهدي عدلٍ، وصداقٍ معلومٍ.
وقال قتادة في قوله: {وآتوا النّساء صدقاتهنّ نحلةً} [النساء: 4] قال: فريضةً.
قال يحيى: فإن تزوّج الرّجل امرأةً ولم يسمّ لها صداقًا أو وهبها له الوليّ فرضيت، أو كانت بكرًا فزوّجها أبوها، فإنّ ذلك جائزٌ عليها، فلها ما اتّفقوا عليه من الصّداق، فإن اختلفوا فلها صداق مثلها، والنّكاح ثابتٌ.
قوله عزّ وجلّ: {لكيلا يكون عليك حرجٌ} [الأحزاب: 50] رجع إلى قصّة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
{وكان اللّه غفورًا رحيمًا} [الأحزاب: 50] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/731]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وبنات خالك وبنات خالاتك اللاّتي هاجرن معك...}
وفي قراءة عبد الله : {وبنات خالك وبنات خالاتك واللاّتي هاجرن معك}: فقد تكون المهاجرات من بنات الخال و الخالة، وإن كان فيه الواو، فقال: {واللاتي}, والعرب تنعت بالواو وبغير الواو , كما قال الشاعر:
فإنّ رشيداً وابن مروان لم يكن = ليفعل حتّى يصدر الأمر مصدرا
وأنت تقول في الكلام: إن زرتني زرت أخاك , وابن عمّك القريب لك، وإن قلت: والقريب لك كان صوابا.
وقوله: {وامرأةً مّؤمنةً} نصبتها بـ {أحللنا} .
وفي قراءة عبد الله : {وامرأةً مّؤمنةً وهبت} : ليس فيها (أن) , ومعناهما واحد؛ كقولك في الكلام: لا بأس أن تسترقّ عبداً وهب لك، وعبداً إن وهب لك، سواء.
وقرأ بعضهم : {أن وهبت} بالفتح على قوله: {لا جناح عليه أن ينكحها} في أن وهبت، لا جناح عليه في هبتها نفسها.
ومن كسر جعله جزاء, وهو مثل قوله: {لا يجرمنّكم شنآن قومٍ أن صدّوكم}, و{إن صدّوكم} , {إن أراد النّبيّ} مكسورة لم يختلف فيها.
وقوله:{خالصةً لّك}: يقول: هذه الخصلة: خالصة لك, ورخصة دون المؤمنين، فليس للمؤمنين أن يتزوّجوا امرأة بغير مهر, ولو رفعت {خالصة لك} على الاستئناف كان صواباً؛ كما قال: {لم يلبثوا إلاّ ساعةً من نهارٍ بلاغٌ} , أي : هذا بلاغ, وما كان من سنّة الله، وصبغة الله وشبهه فإنه منصوب لاتصاله بما قبله على مذهب حقّاً , وشبهه, والرفع جائز؛ لأنه كالجواب؛ ألا ترى أن الرجل يقول: قد قام عبد الله، فتقول: حقّا إذا وصلته. وإذا نويت الاستئناف رفعته , وقطعته ممّا قبله, وهذه محض القطع الذي تسمعه من النحويين.). [معاني القرآن: 2/345-346]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({اللاتي آتيت أجورهنّ}: أي : أ{ مّما أفاء اللّه عليك }:أي: مما فتح الله عليك من الفيء.
{وامرأةً مؤمنةٌ إن وهبت نفسها للنّبيّ }: مجازه: إن تهب , والموضع موضع مجازاة, والعرب قد تجازى بحرف , وتضمر الآخر معهما , قال ذو الرمة:
وإني متى أشرف على الجانب الذي= به أنت ما بين الجوانب ناظر
قال القطامي:
والناس من يلق خيراً قائلون له= ما يشتهي ولأمّ المخطئ الهبل
قال :{وامرأةً مؤمنةً إن وهبت للنّبيّ }: إن أراد النبي أن يستنكحها { خالصةً لك من دون المؤمنين }:وهبت في موضع " تهب " , والعرب تفعل ذلك قال:
إن يسمعوا ريبةً طاروا بها فرحاً.= وإن ذكرت بسوءٍ عندهم أذنوا
أي : يطيروا, والعرب قد تخاطب , فتخبر عن الغائب , والمعنى للشاهد , فترجع إلى الشاهد فتخاطبه , قال عنترة:
شطّت مزار العاشقين فأصبحت= عسراً علىّ طلابك ابنة مخرم.). [مجاز القرآن: 2/139]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {آتيت أجورهنّ}: أي: وعورهن.). [تفسير غريب القرآن: 351]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال: {قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ} أي: ألزمناهم). [تأويل مشكل القرآن: 475]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ :{يا أيّها النّبيّ إنّا أحللنا لك أزواجك اللّاتي آتيت أجورهنّ وما ملكت يمينك ممّا أفاء اللّه عليك وبنات عمّك وبنات عمّاتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللّاتي هاجرن معك وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنّبيّ إن أراد النّبيّ أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم لكيلا يكون عليك حرج وكان اللّه غفورا رحيما (50)}
{أجورهن}: مهورهنّ.
{وما ملكت يمينك ممّا أفاء اللّه عليك}:وأصل الإملاك في الإماء والعبيد ما يجوز سبيه , وفيئه , فأما سبي الخبيثة , فلا يجوز وطئه , ولا ملكه.
يقال: هذا سبي طيبة , وسبي خبيثة , فسبي الطيبة سبي من يجوز حربه من أهل الكفر.
فأما من كان له عهد فلا يجوز سبيه , ولا ملك عبد منه ولا أمة .
وقوله عزّ وجلّ : {وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنّبيّ إن أراد النّبيّ أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين}
وتقرأ: {أن وهبت}بالفتح, أي: أن وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم حلّت له .
ومن قرأ " أن وهبت " بالفتح , فالمعنى : أحللناها لأن وهبت نفسها.
{وخالصة}:منصوب على الحال, المعنى : إنا أحللنا لك هؤلاء.
وأحللنا لك من وهبت نفسها لك , وإنما قيل للنبي ههنا , لأنه لو قيل: أن وهبت نفسها لك , كان يجوز أن يتوهم أن في الكلام دليلا أنه يجوز ذلك لغير النبي عليه السلام، كما جاز في قوله:{وبنات عمّك وبنات عمّاتك}, لأن بنات العمّ , وبنات الخال يحللن للناس.
وقوله: {قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم}:أي : إن التزويج لا ينعقد إلا بوليّ وشاهدين، وملك اليمين لا يكون إلا ممن يجوز سبيه.). [معاني القرآن: 4/232-233]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {يا أيها النبي إنا حللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن}
قال مجاهد : (أي : صداقهن) .
وروى أبو صالح , عن أم هانئ قالت :(خطبني رسول الله صلى الله عليه وسلم , فاعتذرت منه فعذرني , فأنزل الله جل وعز:{يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن}إلى قوله:{اللاتي هاجرن معك}, ولم أكن هاجرت, إنما كنت من الطلقاء , فكنت لا أحل له ).
ثم قال جل وعز: {وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي}
قال علي بن الحسين رضي الله عنه , وعروة والشعبي: (هي أم شريك) .
وقال الزهري , وعكرمة , ومحمد بن كعب: (هي ميمونة ابنة الحارث وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم).
قال الزهري : (ووهبت سودة يومها لعائشة) .
وقرأ الحسن : (أن وهبت).
وقرأ الأعمش : (وامرأة مؤمنة وهبت) .
وكسر إن أجمع للمعاني ؛ لأنه قيل : إنهن نساء , وإذا فتح كان المعنى على واحدة بعينها ؛ لأن الفتح على البدل من امرأة , وبمعنى لأن .
وقال مجاهد : (لم تهب نفسها) , فعلى هذا القول لا تكون إن إلا مكسورة .
وقيل : ومعنى : {وهبت نفسها} : إن تزوجت بلا صداق.
وقيل هو : أن تجعل الهبة صداقا , وأن هذا لا يحل لأحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم .
قال أبو جعفر : والقول الأول أولى ؛ لأن معنى الهبة في اللغة دفع شيء بلا عوض .
وقوله جل وعز: {قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم}
أي : قد علمنا ما في ذلك من الصلاح , وهذه كلمة مستعملة , يقال: أنا أعلم مالك في ذا .
وروى زياد بن عبد الله , عن أبي بن كعب في قوله تعالى: {قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم} , (قال: مثنى , وثلاث , ورباع) .
وقال قتادة : (فرض عليهم أن لا نكاح إلا بولي , وشاهدي عدل , وصداق , وأن لا يتزوج الرجل أكثر من أربع).
وقوله جل وعز: {لكيلا يكون عليك حرج}
متعلق بقوله: {إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيتهن أجورهن} .). [معاني القرآن: 5/361-364]

تفسير قوله تعالى: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آَتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا (51)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ترجي من تشاء منهنّ وتئوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممّن عزلت فلا جناح عليك} [الأحزاب: 51] تفسير الحسن: {ترجي من تشاء منهنّ} [الأحزاب: 51] يذكر النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم المرأة للتّزوّج ثمّ يرجيها، أي: يتركها فلا يتزوّجها.
قال: {وتئوي إليك من تشاء} [الأحزاب: 51] تتزوّج من تشاء، وكان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم إذا ذكر امرأةً ليتزوّج لم يكن لأحدٍ أن يعرّض بذكرها حتّى يتزوّجها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أو يتركها.
وأمّا قوله: {ومن ابتغيت ممّن عزلت} [الأحزاب: 51] يقول: ليست عليك لهنّ قسمةٌ، ومن
[تفسير القرآن العظيم: 2/731]
ابتغيت من نسائك للحاجة ممّن عزلت فلم ترد منها الحاجة.
{فلا جناح عليك ذلك أدنى أن تقرّ أعينهنّ} [الأحزاب: 51] إذا علمن أنّه من قبل اللّه.
{ولا يحزنّ} [الأحزاب: 51] على أن تخصّ واحدةً منهنّ دون الأخرى.
{ويرضين بما آتيتهنّ كلّهنّ} [الأحزاب: 51] من الحاجة الّتي تخصّ منهنّ لحاجتك وهذا تفسير الحسن.
وقال مجاهدٌ: {ترجي من تشاء} [الأحزاب: 51] تعزل {وتئوي} [الأحزاب: 51] تمسك.
وتفسير الكلبيّ: {ترجي من تشاء منهنّ} [الأحزاب: 51]، يعني: من اللّائي أحلّ له، إن شاء أن يتزوّج منهنّ {وتئوي إليك من تشاء} [الأحزاب: 51] يتزوّج منهنّ من شاء {ومن ابتغيت ممّن عزلت فلا جناح عليك ذلك أدنى أن تقرّ أعينهنّ} [الأحزاب: 51]، يعني: نساءه اللّائي عنده يومئذٍ، يعني: التّسع، {ولا يحزنّ} [الأحزاب: 51] إذا عرفن إلا تنكح عليهنّ.
{واللّه يعلم ما في قلوبكم وكان اللّه عليمًا حليمًا {51}). [تفسير القرآن العظيم: 2/732]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ترجي من تشاء منهنّ...}
بهمز وغير همز, وكلّ صواب .
{وتؤوي إليك من تشاء}: هذا أيضاً ممّا خصّ به النبي صلى الله عليه وسلم: أن يجعل لمن أحبّ منهنّ يوماً, أو أكثر , أو أقلّ، ويعطّل من شاء منهنّ فلا يأتيه, وقد كان قبل ذلك , لكلّ امرأة من نسائه يوم وليلة.
وقوله: {ذلك أدنى أن تقرّ أعينهنّ}: يقول: إذا لم تجعل لواحدة منهنّ يوماً , وكنّ في ذلك سواء، كان أحرى أن تطيب أنفسهنّ , ولا يحزنّ. ويقال : إذا علمن أن الله قد أباح لك ذلك رضين إذ كان من عند الله, ويقال: إنه أدنى أن تقرّ أعينهنّ إذا لم يحلّ لك غيرهنّ من النساء , وكلّ حسن.
وقوله: {ويرضين بما آتيتهنّ كلّهنّ} , رفع لا غير، لأن المعنى: وترضى كلّ واحدة, ولا يجوز أن تجعل {كلّهن} نعتاً للهاء في الإيتاء؛ لأنه لا معنى له؛ ألا ترى أنك تقول: لأكرمنّ القوم ما أكرموني أجمعين، وليس لقولك (أجمعون) معنىً. ولو كان له معنى لجاز نصبه.). [معاني القرآن: 2/346]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ترجى من تشاء }:أي : تؤخر, {وتؤوى إليك من تشاء}: أي : تضم.). [مجاز القرآن: 2/139]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({ترجي من تشاء}: تؤخر.
{وتؤي}: تضم إليك). [غريب القرآن وتفسيره: 304]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ترجي من تشاء منهنّ}: أي : تؤخر, يهمز ولا يهمز, يقال: أرجيت الأمر , وأرجأته, {وتؤوي إليك من تشاء}:أي : تضمّ.
قال الحسن: (كان النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم - إذا خطب امرأة، لم يكن لأحد أن يخطبها حتى يدعها النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، أو يتزوجها).
ويقال: هذا في قسمة الأيام بينهن، كان يسوّي بينهن قبل، ثم نزل, أي: تؤخر من شئت، فلا تقسم له, وتضمّ إليك من شئت، بغير قسمة.). [تفسير غريب القرآن: 351-352]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ترجي من تشاء منهنّ وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممّن عزلت فلا جناح عليك ذلك أدنى أن تقرّ أعينهنّ ولا يحزنّ ويرضين بما آتيتهنّ كلّهنّ واللّه يعلم ما في قلوبكم وكان اللّه عليما حليما (51)}
ترجي بالهمز , وغير الهمز، والهمز أكثر وأجود، ومعنى : ترجي تؤخر بالهمز و, غير الهمز، المعنى واحد، وهذا مما خص اللّه به النبي عليه السلام , فكان له أن يؤخر من أحب من نسائه , ويؤوي إليه من أحب من نسائه , وليس ذلك لغيره من أمّته، وله أن يردّ من أخّر إلى فراشه عليه السلام.
{ومن ابتغيت ممّن عزلت فلا جناح عليك}: أي: إن أردت ممن عزلت أن تؤوي إليك , فلا جناح عليك.
{ذلك أدنى أن تقرّ أعينهنّ ولا يحزنّ ويرضين بما آتيتهنّ كلّهنّ)}:أي: ويرضين كلّهنّ بما آتيتهنّ من تقريب , وإرجاء , ويجوز النصب في (كلّهنّ) توكيدا للهاء والنون.). [معاني القرآن: 4/233]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء}
روى هشام بن عروة , عن أبيه , عن عائشة في قوله تعالى: {ترجي من تشاء منهن}, قال: (هذا في الواهبات أنفسهن) .
قال الشعبي : (هن الواهبات أنفسهن تزوج رسول الله منهن , وترك منهن).
وقال الزهري : (ما علمنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرجأ أحدا من أزواجه , بل آواهن كلهن).
وقال قتادة : (أطلق لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقسم بينهن كيف شاء , ولم يقسم بينهن إلا بالقسط).
حدثنا أحمد بن محمد بن نافع , حدثنا سلمة , حدثنا عبد الرزاق, أنبأنا معمر , عن منصور , عن أبي رزين قال : (المرجآت: ميمونة , وسودة , وصفية, وجويرية , وأم حب, وكانت عائشة , وحفصة , وأم سلمة , وزينب سواء في قسم النبي صلى الله عليه وسلم , يساوي بينهن في القسم) .
وقال مجاهد : (هو أن يعتزلهن بلا طلاق) .
قال أبو جعفر : قول قتادة , وأبي رزين , ومجاهد : (يرجع إلى معنى واحد أن ذلك في القسم) .
وقد روى منصور , عن أبي رزين: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يخلي اللواتي أرجأهن , فقلن له : اقسم لنا كيف شئت , واتركنا على حالنا , فتركهن).
وقال قتادة في قوله تعالى: {ذلك أدنى أن تقر أعينهن} (إذا علمن أن ذلك من الله جل وعز قرت أعينهن , ولم يحزن , ورضين).). [معاني القرآن: 5/364-366]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({تُرْجِي}: تؤخر, {وتُؤْوِي}: تضم.). [العمدة في غريب القرآن: 243]

تفسير قوله تعالى: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقيبًا (52)}ِ
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (عمّارٌ، عن أبي هلالٍ الرّاسبيّ، عن قتادة، عن الحسن، أنّ النّبيّ عليه السّلام لمّا خيّر نساءه، فاخترن اللّه ورسوله قصره عليهنّ، وقال: {لا يحلّ لك النّساء من بعد} [الأحزاب: 52] إلى آخر الآية.
حمّادٌ، عن عليّ بن زيدٍ، عن الحسن، قال: {لا يحلّ لك النّساء من بعد} [الأحزاب: 52]، يعني: أزواجه التّسع {ولا أن تبدّل بهنّ من أزواجٍ} [الأحزاب: 52] قال: قصره اللّه على أزواجه اللّاتي مات عنهنّ، فأخبرت به عليّ بن الحسن فقال: لو شاء لتزوّج عليهنّ.
وقال عليّ بن زيدٍ: أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم جريرًا يخطب عليه جميلة بنت فلانٍ بعد التّسع.
وحدّثني عاصم بن حكيمٍ أنّ مجاهدًا قال: {لا يحلّ لك النّساء من بعد} [الأحزاب: 52] لا نصرانيّاتٍ، ولا يهوديّاتٍ، ولا كوافر، ولا أن تبدّل بهنّ من الأزواج المسلمات غيرهنّ {ولو أعجبك حسنهنّ إلا ما ملكت يمينك} [الأحزاب: 52] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/729]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (وفي تفسير الكلبيّ في قوله: {لا يحلّ لك النّساء من بعد ولا أن تبدّل بهنّ من أزواجٍ ولو أعجبك حسنهنّ} [الأحزاب: 52] أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لمّا تزوّج أسماء بنت النّعمان الكنديّة، وكانت من أحسن البشر، فقال نساء نبيّ اللّه: لئن تزوّج علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم الغرائب ما له فينا حاجةٌ، فحبس اللّه نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم على
أزواجه اللّائي عنده، وأحلّ له من بنات العمّ، والعمّة، والخال، والخالة ما شاء.
قال يحيى: وهذا موافقٌ لتفسير أبيّ بن كعبٍ). [تفسير القرآن العظيم: 2/730]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({لا يحلّ لك النّساء من بعد} [الأحزاب: 52] وقد فسّرناه قبل هذا.
{ولا أن تبدّل بهنّ من أزواجٍ ولو أعجبك حسنهنّ} [الأحزاب: 52] حسن نساء غير أزواجه وما أحلّ اللّه له ممّا سمّى في قول أبيّ بن كعبٍ، ومجاهدٍ، والكلبيّ، على وجه ما قالوا.
وفي قول الحسن: غير نسائه خاصّةً، هذا في أزواجه اللّائي عنده خاصّةً، لا يتزوّج مكانهنّ ولا يطلّقهنّ.
قال: {إلا ما ملكت يمينك} [الأحزاب: 52] يطأ بملك يمينه ما يشاء.
{وكان اللّه على كلّ شيءٍ رقيبًا} [الأحزاب: 52] حفيظًا.
وتفسير السّدّيّ حفيظًا لأعمالكم). [تفسير القرآن العظيم: 2/732]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قوله: {ولا أن تبدّل بهنّ من أزواجٍ...}
(أن) في موضع رفع؛ كقولك: لا يحلّ لك النّساء والاستبدال ببهن, وقد اجتمعت القراء على {لاّ يحلّ} بالياء, وذلك أنّ المعنى: لا يحلّ لك شيء من النساء، فلذلك اختير تذكير الفعل, ولو كان المعنى : للنساء جميعاً , لكان التّأنيث أجود في العربيّة, والتاء جائزة لظهور النساء بغير من.).[معاني القرآن: 2/346]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({لا يحل لك النساء من بعد }: إذا جعلت العرب من فعل المؤنث , وبينها شيئاً ذكروا فعلها ؛ وبعد مرفوعه بغير تنوين ؛ لأنه غاية لم تصف , وحرم على النبي صلى الله عليه وسلم غير هؤلاء، فإن قال قائل: إنهن لم يحرمن عليه , فإن الآية إذا منسوخة :{ على كلّ شيءٍ رقيباً }, أي: حفيظاً, قال أبو داود:
= كمقاعد الرّقباء للضّرباء أيديهم نواهد= .). [مجاز القرآن: 2/139-1400]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({لاّ يحلّ لك النّساء من بعد ولا أن تبدّل بهنّ من أزواجٍ ولو أعجبك حسنهنّ إلاّ ما ملكت يمينك وكان اللّه على كلّ شيءٍ رّقيباً}
وقال: {ولا أن تبدّل بهنّ من أزواجٍ} : فمعناه - والله أعلم - أن تبدّل بهنّ أزواجاً, وأدخلت {من} للتوكيد.). [معاني القرآن: 3/31]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({لا يحلّ لك النّساء من بعد ولا أن تبدّل بهنّ من أزواجٍ} : قصره على أزواجه، وحرم عليه ما سواهنّ، إلا ما ملكت يمينه من الإماء.). [تفسير غريب القرآن: 352]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {لا يحلّ لك النّساء من بعد ولا أن تبدّل بهنّ من أزواج ولو أعجبك حسنهنّ إلّا ما ملكت يمينك وكان اللّه على كلّ شيء رقيبا (52)}
ويقرأ: لا تحل لك النساء بالتاء، فمن قرأ بالياء فلأن الياء في معنى جمع النساء، والنساء يدل على التأنيث , فيستغنى عن تأنيث يحل.
ويجوز لا تحل بالتاء على معنى : لا تحل لك جماعة النساء.
وقوله:{ولا أن تبدّل بهنّ من أزواج ولو أعجبك حسنهنّ إلّا ما ملكت يمينك}
موضع " ما " رفع , المعنى : لا يحل لك إلا ما ملكت يمينك.
جعل " ما " بدلا من النساء , ويجوز أن يكون موضع " ما " نصبا على معنى : لا يحل لك النساء , أستثني : ما ملكت يمينك.). [معاني القرآن: 4/234]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {لا يحل لك النساء من بعد}
في هذه الآية أقوال:-
فمنها: ما روى ابن عيينة , عن عمرو بن دينار , عن عطاء , عن عائشة قالت : (ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل له النساء).
وقال الحسن : (لما خير النبي صلى الله عليه وسلم أزواجه , فاخترنه , شكر الله جل وعز لهن ذلك , فحرم على النبي صلى الله عليه وسلم أن يتزوج غيرهن , أي : فامتحنه بذلك كما امتحنهن) .
وقال علي بن الحسين : (قد كان له أن يتزوج) .
قال أبو جعفر : هذه الثلاثة الأقوال غير متناقضة
تقول عائشة :(ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل له النساء), إسناده جيد , ويتأول على أنه ناسخ للحظر , ويحتج به في أن السنة تنسخ القرآن , كما قال جل وعز: {إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين} , وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((لا وصية لوارث .)).
ومذهب الضحاك : أن الناسخ لها , قوله: {ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء}
وهذا لا يصح , لأن بعده :{ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن}
وقول علي بن الحسين عليه السلام يجوز أن يكون يرجع إلى قول عائشة , وإن كان قد أنكر قول الحسن , فإن الحسن لم يذكر أن الآية منسوخة , فيجوز أن يكون أنكره من هذه الجهة وتكون الآية عنده منسوخة , وعوض الله جل وعز نساء النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك أن جعلهن أزواجه في الجنة .
وفي الآية غير هذا : قال زياد بن عبد الله : سألت أبي بن كعب , عن قول الله جل وعز: {لا يحل لك النساء من بعد} , فقلت : أكان يحل له أن يتزوج ؟.
فقال : (نعم , ما بأس بذلك , قال الله جل وعز: {إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن}إلى قوله:{وامرأة مؤمنة}ثم قال جل وعز: {لا يحل لك النساء من بعد}, أي : لا يحل لك الأمهات , ولا الأخوات , ولا البنات) فهذا قول آخر أي: لا يحل لك النساء من بعد من أحللنا إلا ما ملكت يمينك .
وقال مجاهد , وسعيد بن جبير , وعطاء , والحكم قولا آخر ., قالوا {لا يحل لك النساء من بعد}: (أي: لا يحل لك اليهوديات , ولا النصرانيات)
قال مجاهد : (أي : لا يحل أن تتزوج كافرة , فتكون أما للمؤمنين , ولو أعجبك حسنها إلا ما ملكت يمينك , فإن له أن يتسرى بها).). [معاني القرآن: 368-370]

تفسير قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا (53)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النّبيّ إلا أن يؤذن لكم إلى طعامٍ غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا} [الأحزاب: 53]، يعني: فتفرّقوا، وهو تفسير السّدّيّ.
{ولا مستأنسين لحديثٍ} [الأحزاب: 53] تفسير ابن مجاهدٍ، عن أبيه، وهو تفسير السّدّيّ: بعد أن تأكلوا.
{إنّ ذلكم كان يؤذي النّبيّ فيستحيي منكم واللّه لا يستحيي من الحقّ وإذا سألتموهنّ متاعًا فاسألوهنّ من وراء حجابٍ} [الأحزاب: 53]
- حدّثني أشعث، عن عبد العزيز بن صهيبٍ، عن أنس بن مالكٍ قال: لمّا تزوّج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم زينب بنت جحشٍ أولم عليها ما لم يولم على امرأةٍ من نسائه، قال أنسٌ: كنت أدعو النّاس على الخبز واللّحم، فيأكلون حتّى يشبعوا، فجاء رجلان، فقعدا مع زينب في جوف البيت ينتظران، أظنّه، يعني: الطّعام، فخرج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم إلى حجرة
عائشة، فقال: السّلام عليكم يا أهل البيت، فقالت عائشة: السّلام عليك ورحمة اللّه وبركاته، كيف وجدت أهلك؟ بارك اللّه لك فيهم؟ قال: فاستقرى نساءه كلّهنّ فقلن بمقالتها، ثمّ جاء فوجد الرّجلين في البيت، فاستحيى، فرجع، وأنزل اللّه آية الحجاب، فقرأها عليهما فخرجا، ودخل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وأرخى السّتر.
- حمّادٌ، عن عليّ بن زيدٍ، عن أنس بن مالكٍ أنّ عمر بن الخطّاب قال: قلت: يا رسول اللّه، إنّه قد يدخل عليكم البرّ والفاجر، فلو أمرت نساءك يحتجبن، فأنزل اللّه آية الحجاب.
وقوله عزّ وجلّ: {غير ناظرين إناه} [الأحزاب: 53] صنعته.
وقال مجاهدٌ: متحيّنين حينه.
[تفسير القرآن العظيم: 2/733]
وقوله عزّ وجلّ: {واللّه لا يستحيي من الحقّ} [الأحزاب: 53] يخبركم أنّ هذا يؤذي النّبيّ عليه السّلام.
قوله عزّ وجلّ: {ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهنّ} [الأحزاب: 53]، يعني: من الرّيبة والدّنس.
تفسير السّدّيّ: أن يكون ذلك من وراء حجابٍ.
قال: {وما كان لكم أن تؤذوا رسول اللّه ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدًا إنّ ذلكم كان عند اللّه عظيمًا} [الأحزاب: 53] قال ناسٌ من المنافقين: لو قد مات محمّدٌ تزوّجنا نساءه، فأنزل اللّه هذه الآية). [تفسير القرآن العظيم: 2/734]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النّبيّ إلاّ أن يؤذن لكم إلى طعامٍ غير ناظرين إناه} , فغير منصوبة لأنها نعت للقوم، وهم معرفة , و(غير) نكرة فنصبت على الفعل؛ كقوله: {أحلّت لكم بهيمة الأنعام إلاّ ما يتلى عليكم غير محلّي الصّيد} ., ولو خفضت {غير ناظرين} كان صواباً؛ لأنّ قبلها {طعامٍ} , وهو نكرة، فتجعل فعلهم تابعاً للطعام؛ لرجوع ذكر الطعام في (إناه) , كما تقول العرب: رأيت زيداً مع امرأة محسنٍ إليها، ومحسناً إليها, فمن قال: {محسناً} جعله من صفة زيد، ومن خفضه فكأنه قال: رأيت زيداً مع التي يحسن إليها. فإذا صارت الصلة للنكرة أتبعتها، وإن كان فعلاً لغيرها. وقد قال الأعشى:
فقلت له هذه هاتها = فجاء بأدماء مقتادها
فجعل المقتاد تابعا لإعراب الأدماء؛ لأنه بمنزلة قولك: لأدماء يقتادها؛ فخفضته لأنه صلة لها, وقد ينشد بأدماء مقتادها , تخفض الأدماء لإضافتها إلى المقتاد, ومعناه: بملء يدي من اقتادها , ومثله في العربية أن تقول: إذا دعوت زيداً , فقد استغثت بزيد مستغيثه, فمعنى زيد مدح , أي: أنه كافي مستغيثه, ولا يجوز أن تخفض على مثل قولك: مررت على رجل حسن وجهه؛ لأن هذا لا يصلح حتى تسقط راجع ذكر الأول , فتقول: حسن الوجه, وخطأ أن تقول: مررت على امرأة حسنة وجهها , وحسنة الوجه صواب.
وقوله: {ولا مستأنسين}, في موضع خفض تتبعه الناظرين؛ كما تقول: كنت غير قائم ولا قاعدٍ؛ وكقولك للوصيّ: كل من مال اليتيم بالمعروف غير متأثّل مالا، ولا واقٍ مالك بماله. ولو جعلت المستأنسين في موضع نصب تتوهّم أن تتبعه بغير لمّا أن حلت بينهما بكلام. وكذلك كلّ معنىً احتمل وجهين ثم فرّقت بينهما بكلام جاز أن يكون الآخر معرباً بخلاف الأوّل.
من ذلك قولك: ما أنت بمحسن إلى من أحسن إليك لا مجملاً، تنصب المجمل وتخفضه: الخفض على إتباعه المحسن, والنصب أن تتوهم أنك قلت: ما أنت محسناً, وأنشدني بعض العرب:
ولست بذي نيربٍ في الصديق = ومنّاع خيرٍ وسبّابها
ولا من إذا كان في جانب = أضاع العشيرة واغتابها
وأنشدني أبو القماقم:
أجدّك لست الدهر رائي رامةٍ = ولا عاقل إلاّ وأنت جنيب
ولا مصعدٍ في المصعدين لمنعجٍ * ولا هابطاً ما عشت هضب شطيب
وينشد هذا البيت:
معاوي إننا بشرٌ فأسجح = فلسنا بالجبال ولا الحديدا
وينشد (الحديدا) : خفضاً , ونصباً, وأكثر ما سمعته بالخفض, ويكون نصب المستأنسين على فعلٍ مضمرٍ، كأنه قال: فادخلوا غير مستأنسين. ويكون مع الواو ضمير دخولٍ؛ كما تقول: قم ومطيعاً لأبيك.
والمعنى في تفسير الآية : أنّ المسلمين كانوا يدخلون على النبي عليه السلام في وقت الغداء، فإذا طعموا , أطالوا الجلوس، وسألوا أزواجه الحوائج, فاشتدّ ذلك على النبيّ صلى الله عليه وسلم، حتّى أنزل الله هذه الآية، فتكلّم في ذلك بعض الناس، وقال: أننهى أن ندخل على بنات عمّنا إلاّ بإذنٍ، أو من وراء حجاب. لئن مات محمد لأتزوّجنّ بعضهنّ.
فقام الآباء أبو بكرٍ وذووه، فقالوا: (يا رسول الله، ونحن أيضاً لا ندخل عليهنّ إلاّ بإذنٍ، ولا نسألهنّ الحوائج إلاّ من وراء حجاب، فأنزل الله{لا جناح عليهنّ في آبائهنّ}) إلى آخر الآي, وأنزل في التزويج : {وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبداً}). [معاني القرآن: 2/347-349]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({إلى طعامٍ غير ناظرين إناه }: أي : إدراكه وبلوغه, ويقال: أبي لك أن تفعل، يأني أنياً , والاسم إني, وأبى أبلغ أدرك , قال:
تمخّضت المنون له بيوم= أنى ولكلّ حاملةٍ تمام.). [مجاز القرآن: 2/140]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): {وما كان لكم أن تؤذوا رسول اللّه ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبداً }: مجازه: ما كان لكم أن تفعلوا شيئاً منذ لك , وكان من حروف الزوائد , قال:
فكيف إذا رأيت ديار قومٍ.= وجيرانٍ لهم كانوا كرام
القافية مجرورة , والقصيدة لأنه جعل " كانوا زائدة للتوكيد , ولو أعمل " كان " لنصب القافية , وقال العجاج:
= إلى كناسٍ كان مستعيده=
وقال الفزاري:
=لم يوجد كان مثل بني زياد=
فرفع مثل بني زياد ؛ لأنه ألقى " كان " , وأعمل " يوجد ".). [مجاز القرآن: 2/140-141]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({يا أيّها الّذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النّبيّ إلاّ أن يؤذن لكم إلى طعامٍ غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديثٍ إنّ ذلكم كان يؤذي النّبيّ فيستحيي منكم واللّه لا يستحيي من الحقّ وإذا سألتموهنّ متاعاً فاسألوهنّ من وراء حجابٍ ذالكم أطهر لقلوبكم وقلوبهنّ وما كان لكم أن تؤذوا رسول اللّه ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبداً إنّ ذالكم كان عند اللّه عظيماً}
وقال: {ولا مستأنسين} , فعطفه على {غير} فجعله نصبا , أو على ما بعد {غير} , فجعله جرا.
وقال: {لا تدخلوا بيوت النّبيّ إلاّ أن يؤذن لكم إلى طعامٍ غير ناظرين إناه}: نصب على الحال : أي: إلاّ أن يؤذن لكم غير ناظرين, ولا يكون جرا على الطعام إلا أن تقول "أنتم" , ألا ترى أنك لو قلت: "ائذن" لعبد الله على امرأة مبغضا لها" لم يكن فيه إلا النصب إلا أن تقول "مبغض لها هو" لأنك إذا اجريت صفته عليها ,ولم تظهر الضمير الذي يدل على أن الصفة له لم يكن كلاما, لو قلت: "هذا رجلٌ مع امرأةٍ ملازمها" كان لحنا حتى تقول "ملازمها" فترفعأو و تقول "ملازمها هو" فتجر.). [معاني القرآن: 3/31-32]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({إناء}: إدراكه). [غريب القرآن وتفسيره: 304]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({غير ناظرين إناه} : أي : منتظرين وقت إدراكه.). [تفسير غريب القرآن: 352]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ:{يا أيّها الّذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النّبيّ إلّا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إنّ ذلكم كان يؤذي النّبيّ فيستحيي منكم واللّه لا يستحيي من الحقّ وإذا سألتموهنّ متاعا فاسألوهنّ من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهنّ وما كان لكم أن تؤذوا رسول اللّه ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إنّ ذلكم كان عند اللّه عظيما (53)}
{يا أيّها الّذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النّبيّ}:بضم الباء , وقد رويت عن عاصم " بيوت " بكسر الباء , وعن جماعة من أهل الكوفة.
وليس يروي البصريون بيوت بكسر الباء، بل يقولون: إن الضم بعد الكسر ليس موجودا في كلام العرب , ولا في أشعارها, والذين كسروا ؛ فكأنهم ذهبوا إلى اتباع الياء، والاختيار عند الكوفيين الضّم في {بيوت}.
وقوله: {إلّا أن يؤذن لكم إلى طعام}: في موضع نصب, المعنى : إلا بأن يؤذن لكم، أو لأن يؤذن لكم.
وقوله: {إلى طعام غير ناظرين إناه}:(إناه) : نضجه , وبلوغه، يقال : أنى يأني إناء إذا نضج, وبلغ, و " غير " منصوبة على الحال، المعنى : إلا أن يؤذن لكم غير منتظرين, ولا يجوز الخفض في " غير " لأنها إذا كانت نعتا للطعام لم يكن بدّ من إظهار الفاعل لا يجوز إلا غير ناظرين إناه أنتم.
وقوله عزّ وجلّ: {ولا مستأنسين لحديث إنّ ذلكم كان يؤذي النّبيّ فيستحيي منكم}
ويجوز {فيستحي} منكم بياء واحدة، وكذلك قوله: {واللّه لا يستحيي من الحق}, ويستحي بالتخفيف على استحييت , واستحيت، والحذف لثقل الياءين.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحتمل إطالتهم كرما منه , فيصبر على الأذى في ذلك، فعلم الله من يحضره الأدب , فصار أدبا لهم ولمن بعدهم.
وقوله: {وإذا سألتموهنّ متاعا فاسألوهنّ من وراء حجاب}:أي : إذا أردتم أن تخاطبوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في أمر , فخاطبوهن من وراء حجاب، فنزل الأمر بالاستتار.
وقوله:{وما كان لكم أن تؤذوا رسول اللّه}:أي : ما كان لكم أذاه في شيء من الأشياء.
{ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا}:موضع " أن " رفع, المعنى: وما كان لكم أن تنكحوا أزواجه من بعده، وذلك أنه ذكر أن رجلا قال: إذا توفّي محمد تزوّجت امرأته فلانة، فأعلم الله أن ذلك محرّم بقوله: {إنّ ذلكم كان عند اللّه عظيما}: أي : كان ذنبا عظيما.).[معاني القرآن: 4/234-235]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم}
قال أنس بن مالك: (أنا أعلم الناس بهذه الآية : لما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم زينب ابنة جحش , أمرني أن أدعو كل من لقيت , ودعا النبي صلى الله عليه وسلم , فجعل الله جل وعز في الطعام البركة , فأكل قوم , وانصرفوا , وبقيت طائفة , وكانت زينب في البيت , فدخل النبي صلى الله عليه وسلم وخرج , وهم جلوس , فأنزل الله جل وعز:{يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم} إلى آخر الآية , فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجاب , وانصرفوا).
قال مجاهد في قوله تعالى: {إلى طعام غير ناظرين إناه} : غير متحينين نضجه, {ولا مستأنسين لحديث }, قال: بعد الأكل.
وقوله جل وعز: {وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب}
فكان لا يحل لأحد أن يسألهن طعاما , ولا غيره , ولا ينظر إليهن متنقبات , ولا غير متنقبات إلا من وراء حجاب , وكانت عائشة : إذا طافت بالبيت , سترت .
وفي الحديث : (لما ماتت زينب , قال عمر : لا يخرج في جنازتها إلا ذو محرم منها , فوصف له النعش فاستحسنه , وأمر به , وقال : اخرجوا , فصلوا على أمكم).
قال أنس : (كنت أدخل على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم , فلما نزلت هذه الآية , جئت لأدخل , فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم : ((وراءك , يا بني.))) .
وقوله عز وجل: {وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا}
قال قتادة : (قال رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن مات رسول الله صلى الله عليه وسلم , تزوجت فلانة , قال معمر , قال هذا : طلحة لعائشة)). [معاني القرآن: 5/370-373]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {غير ناظرين إناه}:أي: منتظرين إناه، أي: بلوغه وإنضاجه, {قولا سديداً}:أي: مستويا.). [ياقوتة الصراط: 411]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ناظرين إِنَاهُ}: حينه.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 194]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({إِنَاهُ}: إدراكه.). [العمدة في غريب القرآن: 244]

تفسير قوله تعالى: (إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (54) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (وقال: {إن تبدوا شيئًا أو تخفوه} [الأحزاب: 54]، يعني: ما قالوا: لو قد مات محمّدٌ تزوّجنا نساءه.
{فإنّ اللّه كان بكلّ شيءٍ عليمًا} [الأحزاب: 54] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/734]

تفسير قوله تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آَبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (55)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (ثمّ استثنى من يدخل على أزواج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في الحجاب فقال: {لا جناح عليهنّ في آبائهنّ ولا أبنائهنّ ولا إخوانهنّ ولا أبناء إخوانهنّ ولا أبناء أخواتهنّ ولا نسائهنّ} [الأحزاب: 55] المسلمات.
{ولا ما ملكت أيمانهنّ} [الأحزاب: 55] وكذلك الرّضاع بمنزلة الّذي ذكر ممّن يدخل على أزواج النّبيّ عليه السّلام في الحجاب.
- المعلّى، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال بن عمرٍو، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: قوله: {لا جناح عليهنّ في آبائهنّ ولا أبنائهنّ} [الأحزاب: 55] إلى آخر الآية، فقال: هو الجلباب، رخّص لهنّ في وضعه عند هؤلاء.
[تفسير القرآن العظيم: 2/734]
- حدّثني زيد بن عياضٍ المدنيّ، عن الزّهريّ، عن نبهان مولى أمّ سلمة قال: كنت أساير أمّ سلمة بين مكّة والمدينة إذ قالت لي: يا نبهان، كم بقي لي عليك من كتابتك؟ قلت: ألفان، قالت: قطّ؟ قلت: قطّ، قالت: أهما عندك؟ قال: قلت: نعم، قالت: ادفعهما إلى محمّد بن عبد اللّه فإنّي قد أعنته بهما في نكاحه، ثمّ أرخت الحجاب دوني، فبكيت فقلت: واللّه لا أدفعهما
إليه أبدًا، فقالت: يا بنيّ إنّك واللّه لن تراني أبدًا، إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عهد إلينا أيّما مكاتب إحداكنّ كان عنده ما يؤدّي فاضربن دونه الحجاب.
- بحرٌ السّقّاء، عن الزّهريّ قال: سافرت أمّ سلمة مع مكاتبٍ لها فقالت: يا فلان عندك ما تؤدّي لي؟ قال: نعم وزيادةٌ، فاحتجبت منه، وقالت: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «إذا كان مع المكاتب ما يؤدّي فاحتجبن منه».
قال: {واتّقين اللّه إنّ اللّه كان على كلّ شيءٍ شهيدًا} [الأحزاب: 55] شاهدًا لكلّ شيءٍ، وشاهدًا على كلّ شيءٍ). [تفسير القرآن العظيم: 2/735]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (والمعنى في تفسير الآية : أنّ المسلمين كانوا يدخلون على النبي عليه السلام في وقت الغداء، فإذا طعموا , أطالوا الجلوس، وسألوا أزواجه الحوائج, فاشتدّ ذلك على النبيّ صلى الله عليه وسلم، حتّى أنزل الله هذه الآية، فتكلّم في ذلك بعض الناس، وقال: أننهى أن ندخل على بنات عمّنا إلاّ بإذنٍ، أو من وراء حجاب, لئن مات محمد لأتزوّجنّ بعضهنّ.
فقام الآباء أبو بكرٍ , وذووه، فقالوا: (يا رسول الله، ونحن أيضاً لا ندخل عليهنّ إلاّ بإذنٍ، ولا نسألهنّ الحوائج إلاّ من وراء حجاب، فأنزل الله : {لا جناح عليهنّ في آبائهنّ}) إلى آخر الآية, وأنزل في التزويج : {وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبداً} .). [معاني القرآن: 2/348-349] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{لا جناح عليهنّ في آبائهنّ ولا أبنائهنّ ولا إخوانهنّ ولا أبناء إخوانهنّ ولا أبناء أخواتهنّ ولا نسائهنّ ولا ما ملكت أيمانهنّ واتّقين اللّه إنّ اللّه كان على كلّ شيء شهيدا (55)}
ولم يرد في هذه القصة أعمامهنّ , ولا أخوالهنّ.
فجاء في التفسير : أنه لم يذكر العمّ والخال، لأنّ كل واحد منهما يحل لابنة المرأة، فتحل لابن عمها , وابن خالها, فقيل كره ذلك لأنهما يصفانها لأبنائهما.
وهذه الآية نزلت في الحجاب , فيمن يحل للمرأة البروز له، فذكر الأب , والابن إلى آخر الآية.
المعنى : لا جناح عليهن في رؤية آبائهن لهنّ، ولم يذكر العم والخال لأنهما يجريان مجرى الوالدين في الرؤية.
وقد جاء في القرآن تسمية العم أبا ًفي قوله: {قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحداً}, فجعل العمّ أباً.). [معاني القرآن: 4/235-236]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {لا جناح عليهن في آبائهن ولا أبنائهن ولا إخوانهن ولا أبناء إخوانهن ولا أبناء أخواتهن ولا نسائهن ولا ما ملكت أيمانهن}
يعني : في الاستئذان , وقيل معنى : ولا نسائهن : ولا أهل دينهن.
وقد قيل : بل هو لجميع النساء , أي: اللواتي من جنسهن
وقيل : ولا ما ملكت أيمانهن من النساء خاصة , وقيل : عام إذا لم تعرف ريبة.). [معاني القرآن: 5/373-373]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {إنّ اللّه وملائكته يصلّون على النّبيّ} [الأحزاب: 56]، يعني: أنّ
[تفسير القرآن العظيم: 2/735]
اللّه يغفر للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وتستغفر له الملائكة، هذا تفسير السّدّيّ.
{يا أيّها الّذين آمنوا صلّوا عليه} [الأحزاب: 56]، يعني: استغفروا له.
{وسلّموا تسليمًا} [الأحزاب: 56]
- حدّثني سعيدٌ، والخليل بن مرّة، عن أبي هاشمٍ صاحب الرّمّان، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى، قال: جاءني كعب بن عجرة، فقال لي: ألا أهدي لك هديّةً؟ بينما نحن عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذ قال رجلٌ: يا رسول اللّه عرفنا السّلام عليك، فكيف الصّلاة عليك؟ قال: " قولوا: اللّهمّ صلّ على محمّدٍ وعلى آل محمّدٍ كما صلّيت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميدٌ مجيدٌ،
اللّهمّ بارك على محمّدٍ وعلى آل محمّدٍ كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميدٌ مجيدٌ ".
- الخليل بن مرّة، والنّضر بن بلالٍ، عن أبان بن أبي عيّاشٍ، عن أنس بن مالكٍ، عن أبي طلحة قال: دفعت ذات يومٍ إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقلت: يا رسول اللّه بأبي أنت وأمّي، ما أدري متى رأيتك أطيب نفسًا، ولا أشرق وجهًا، ولا أحسن بشرًا منك الآن قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " وما يمنعني يا أبا طلحة، وإنّما صدر جبريل من عندي الآن، فبشّرني
بما أعطيت أمّتي، فقال: يا محمّد، من صلّى عليّ صلاةً صلّى اللّه عليه عشرًا أو ردّ عليه مثل الّذي صلّى به عليّ ".
- وحدّثني حمّادٌ الكلبيّ، عن حمّادٍ، عن إبراهيم، عن عبد اللّه بن مسعودٍ أنّ ملكًا موكّلا بالنّبيّ عليه السّلام إذا قال العبد: صلّى اللّه على
[تفسير القرآن العظيم: 2/736]
محمّدٍ، قال الملك: وأنت فصلّى اللّه عليك.
- وحدّثني المبارك بن فضالة، عن الحسن، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «أكثروا الصّلاة عليّ يوم الجمعة».
- وحدّثني إبراهيم بن محمّدٍ، عن عبد اللّه بن عبيدة، عن سعيد بن أبي هلالٍ، عن عبادة بن نسيٍّ، عن أبي الدّرداء، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «أكثروا الصّلاة عليّ يوم الجمعة فإنّه يومٌ مشهودٌ تشهده الملائكة، وإنّ أحدًا لا يصلّي عليّ إلا بلغتني صلاته حيث كان»، قلنا: يا رسول اللّه، كيف تبلغك صلاتنا إذا تضمّنتك الأرض؟ قال: «إنّ اللّه حرّم على
الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء».
- أشعث، عن عمرو بن دينارٍ، عن محمّد بن عليٍّ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «من نسي الصّلاة عليّ فقد خطئ طريق الجنّة»). [تفسير القرآن العظيم: 2/737]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({إنّ اللّه وملائكته يصلّون على النّبيّ يا أيّها الّذين آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليماً}
وقال: {إنّ اللّه وملائكته يصلّون على النّبيّ يا أيّها الّذين آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليماً} , فصلاة الناس عليه , دعاؤهم له، وصلاة الله عز وجل, إشاعة الخير عنه.). [معاني القرآن: 3/32]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (وقالوا في قوله تبارك وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ} رفع (الصابئين) لأنه ردّ على موضع إنّ الّذين آمنوا وموضعه رفعٌ؛ لأن (إنّ) مبتدأة وليست تحدث في الكلام معنى كما تحدث أخواتها.
ألا ترى أنك تقول: زيد قائم، ثم تقول: إن زيدا قائم، ولا يكون بين الكلامين فرق في المعنى.
وتقول: زيد قائم، ثم تقول: ليت زيدا قائم، فتحدث في الكلام معنى الشك.
وتقول: زيد قائم، ثم تقول: ليت زيدا قائم، فتحدث في الكلام معنى التمني.
ويدلّك على ذلك قولهم: إن عبد الله قائم وزيد، فترفع زيداً، كأنك قلت: عبد الله قائم وزيد.
وتقول: لعل عبد الله قائم وزيداً، فتنصب مع (لعلّ) وترفع مع (إنَّ) لما أحدثته (لعلّ) من معنى الشك في الكلام، ولأنّ (إنَّ) لم تُحدث شيئا.
وكان الكسائي يجيز: إنَّ عبد الله وزيدٌ قائمان، وإنَّ عبد الله وزيدٌ قائم. والبصريون يجيزونه، ويحكون: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} وينشدون:
فمن يك أمسى بالمدينة رحله = فإنّي وقيّارٌ بها لغريب ). [تأويل مشكل القرآن: 52] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والصّلاة من الله: الرحمة والمغفرة. قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ}. وقال: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ} وقال: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} أي: مغفرة.
وقال النبي، صلّى الله عليه وسلم: ((اللهم صلّ على آل أبي أوفى))
يريد: ارحمهم واغفر لهم). [تأويل مشكل القرآن: 460-461]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {إن الله وملائكته يصلون على النبي}
قال أبو مسعود الأنصاري : (أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس سعد بن عبادة , فقال له بشير بن سعد: أمرنا الله جل وعز أن نصلي عليك يا رسول الله , فكيف نصلي عليك ؟.
قال : فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تمنينا أنه لم يسأله .
ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((قولوا : اللهم صل على محمد , وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم , وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد, والسلام كما علمتم .))).
وروى المسعودي , عن عون بن عبد الله , عن أبي فاختة, عن الأسود , عن عبد الله أنه قال : ( إذا صليتم على النبي صلى الله عليه وسلم , فأحسنوا الصلاة عليه , فإنكم لا تدرون لعل الله يعرض ذلك عليه).
قالوا : فعلمنا .
قال : (قولوا : اللهم اجعل صلواتك , ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين , وإمام المتقين , وخاتم النبيين محمد عبدك , ورسولك, إمام الخير , وقائد الخير , ورسول الرحمة .
اللهم ابعثه مقاما محمودا يغبطه به الأولون والآخرون , اللهم صل على محمد , وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم , وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد
اللهم بارك على محمد , وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم , وآل إبراهيم إنك حميد مجيد)). [معاني القرآن: 5/374-376]

تفسير قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (57)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {إنّ الّذين يؤذون اللّه ورسوله لعنهم اللّه في الدّنيا والآخرة وأعدّ لهم عذابًا مهينًا} [الأحزاب: 57] هؤلاء المنافقون كانوا يؤذون رسول اللّه عليه السّلام ويستخفّون بحقّه، ويرفعون أصواتهم عنده استخفافًا بحقّه، ويكذبون عليه ويبهتونه). [تفسير القرآن العظيم: 2/737]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة}
قيل المعنى : يؤذون أولياء الله , وروى همام, عن أبي هريرة , عن النبي صلى الله عليه وسلم : قال الله عز وجل: ((شتمني عبدي ولم يكن له أن يشتمني، وكذبني ولم يكن ينبغي له أن يكذبني , فأما شتمه إياي فقوله: إني اتخذت ولدا , وأنا الأحد الصمد , وأما تكذيبه إياي , فإنه زعم أن لن يبعث. يعني : بعد الموت.)).) [معاني القرآن: 5/377]

تفسير قوله تعالى:{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (58)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {والّذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا} [الأحزاب: 58] بغير ما جنوا، هم المنافقون.
{فقد احتملوا بهتانًا} [الأحزاب: 58] كذبًا.
{وإثمًا مبينًا} [الأحزاب: 58] بيّنًا.
- حدّثني النّضر بن بلالٍ، عن أبان بن أبي عيّاشٍ، عن أنس بن مالكٍ، أنّ
[تفسير القرآن العظيم: 2/737]
رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم خرج يومًا، فنادى بصوتٍ أسمع العواتق في الخدور: «يا معشر من أسلم بلسانه ولم يسلم بقلبه، ألا لا تؤذوا المؤمنين ولا تغتابوهم، ولا تتبعّوا عوراتهم، فإنّه من تتبّع عورة أخيه المسلم تتبّع اللّه عورته، ومن يتّبع اللّه عورته فضحه في بيته».
وحدّثني همّامٌ، عن قتادة، عن الحسن، قال: بلغنا أنّه من استحمد إلى النّاس في الدّنيا بشيءٍ لم يستحمد فيه إلى اللّه نادى منادٍ يوم القيامة: ألا إنّ فلانًا استحمد إلى النّاس في الدّنيا بشيءٍ لم يستحمد فيه إلى اللّه، ومن ذمّه النّاس بشيءٍ في الدّنيا لم يستذمّ فيه إلى اللّه نادى منادٍ يوم القيامة، ألا إنّ فلانًا ذمّه النّاس في الدّنيا بشيءٍ لم يستذمّ فيه إلى اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 2/738]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {والّذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا...}
نزلت في أهل الفسق والفجور، وكانوا يتّبعون الإماء بالمدينة, فيفجرون بهنّ، فكان المسلمون في الأخبية , لم يبنوا , ولم يستقرّوا, وكانت المرأة من نساء المسلمين تتبرّز للحاجة، فيعرض لها بعض الفجّار يرى أنها أمة، فتصيح به، فيذهب, وكان الزّي واحداً, فأمر النبي عليه السلام {قل لأزواجك وبنانك ونساء المؤمنين يدنين عليهنّ من جلابيبهنّ ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين }, والجلباب: الرداء...
- حدثني يحيى بن المهلّب أبو كدينة , عن ابن عون , عن ابن سيرين في قوله: {يدنين عليهنّ من جلابيبهنّ} .). [معاني القرآن: 2/349]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا}
روى ابن أبي نجيح , عن مجاهد قال : يقعون في المؤمنين , والمؤمنات بغير ما عملوا.). [معاني القرآن: 5/377]


رد مع اقتباس