عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 13 ذو القعدة 1431هـ/20-10-2010م, 06:50 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 35 إلى 49]

{إنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35) وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (36) وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (37) مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا (38) الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (39) مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (40) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43) تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا (44) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا (46) وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا (47) وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (48) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (49) }

تفسير قوله تعالى:{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {إنّ المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات} [الأحزاب: 35] وهو واحدٌ.
[تفسير القرآن العظيم: 2/717]
وقال في آيةٍ أخرى: {فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين {35} فما وجدنا فيها غير بيتٍ من المسلمين {36}} [الذاريات: 35-36] والإسلام هو اسم الدّين.
قال: {ومن يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يقبل منه} [آل عمران: 85] والإيمان باللّه وما أنزل.
- حمّاد بن سلمة، عن أيّوب، عن أبي قلابة، عن رجلٍ، عن أبيه، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قال له: «أسلم تسلم»، قال: وما الإسلام، قال: «أن يسلم قلبك للّه وأن يسلم المسلمون من لسانك ويدك»، قال: وأيّ الإسلام أفضل، قال: «الإيمان»، قال: وما الإيمان، قال: «أن تؤمن باللّه وملائكته، وكتبه، ورسله، وبالبعث بعد الموت» قال: فأيّ الإيمان أفضل، قال:
«الهجرة»، قال: وما الهجرة، قال: «أن تهجر السّوء»، قال: فأيّ الهجرة أفضل؟ قال: «الجهاد»، قال: وما الجهاد، قال: «أن تقاتل المشركين إذا لقيتهم ثمّ لا تغلّ ولا تجبن».
- خداشٌ، عن عبد الملك بن قدامة، عن عبد اللّه بن دينارٍ، عن ابن عمر، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بينما هو في ملإٍ من أصحابه إذ أقبل رجلٌ حتّى سلّم عليه فردّ عليه النّبيّ عليه السّلام.
- الخليل بن مرّة، عن أبان بن أبي عيّاشٍ، عن أنسٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم مثله، وزاد فيه أيضًا، وردّ الملأ فقال: يا محمّد، ألا تخبرني ما الإيمان؟ قال: «أن تؤمن باللّه، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والبعث بعد الموت والحساب، والميزان، والجنّة، والنّار، والقدر خيره وشرّه»، قال: فإذا فعلت هذا فقد آمنت؟ قال: «نعم»، قال: صدقت، فعجب أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لقوله: صدقت.
[تفسير القرآن العظيم: 2/718]
ثمّ قال: يا محمّد ألا تخبرني ما الإسلام؟ قال: «الإسلام أن تقيم الصّلاة وتؤتي الزّكاة»، قال: فإذا فعلت هذا فقد أسلمت؟ قال: «نعم»، قال: صدقت، قال: يا محمّد ألا تخبرني ما الإحسان؟ فقال: «الإحسان أن تخشى اللّه كأنّك تراه، فإنّك إلا تكون تراه فإنّه يراك»، قال: فإذا فعلت هذا فقد أحسنت؟ قال: «نعم»، قال: صدقت، قال: يا محمّد أخبرني متى السّاعة؟ فقال: " سبحان اللّه العظيم، سبحان اللّه العظيم، سبحان اللّه العظيم، ما المسئول عنها بأعلم من السّائل، استأثر اللّه بعلم خمسٍ لم يطلع عليهنّ أحدًا، إنّ اللّه يقول: {إنّ اللّه عنده علم السّاعة} [لقمان: 34] حتّى أتمّ الآية، ولكن سأخبرك بشيءٍ يكون قبلها حين تلد الأمة ربّتها، ويتطاول أهل الشّاء في البنيان، ويصير الحفاة العراة على رقاب المسلمين "، قال: ثمّ ولّى الرّجل، فأتبعه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم طرفه طويلا ثمّ ردّ طرفه عليه، فقال: هل تدرون من هذا؟ هذا جبريل جاءكم يعلّمكم أمر دينكم، أو جاءكم يتعاهد دينكم). [تفسير القرآن العظيم: 2/719]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {والقانتين والقانتات} [الأحزاب: 35] والقنوت: الطّاعة.
وقال السّدّيّ: يعني: المطيعين للّه والمطيعات.
قال: {وقوموا للّه} [البقرة: 238]، أي: في صلاتكم {قانتين} [البقرة: 238] مطيعين.
{والصّادقين والصّادقات والصّابرين والصّابرات} [الأحزاب: 35] على ما أمرهم اللّه به وعمّا نهاهم اللّه عنه.
{والخاشعين والخاشعات} [الأحزاب: 35] وهو الخوف الثّابت في القلب.
{والمتصدّقين والمتصدّقات} [الأحزاب: 35]، يعني: الزّكاة المفروضة.
[تفسير القرآن العظيم: 2/719]
{والصّائمين والصّائمات} [الأحزاب: 35] قال يحيى: بلغني أنّه من صام رمضان وثلاثة أيّامٍ من كلّ شهرٍ فهو من الصّائمين والصّائمات.
{والحافظين فروجهم والحافظات} [الأحزاب: 35] ممّا لا يحلّ لهنّ.
{والذّاكرين اللّه كثيرًا والذّاكرات} [الأحزاب: 35]، يعني: باللّسان، وهو تفسير السّدّيّ.
قال يحيى: وليس في هذا الذّكر وقتٌ.
{أعدّ اللّه لهم مغفرةً} [الأحزاب: 35] لذنوبهم.
{وأجرًا عظيمًا} [الأحزاب: 35] الجنّة.
- حدّثني عاصم بن حكيمٍ أنّ مجاهدًا، قال: إنّ أمّ سلمة قالت: يا رسول اللّه ما للنّساء لا يذكرن مع الرّجال في العمل الصّالح؟ فأنزل اللّه هذه الآية: {إنّ المسلمين والمسلمات} [الأحزاب: 35] إلى آخر الآية). [تفسير القرآن العظيم: 2/720]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {إنّ المسلمين والمسلمات...}

ويقول القائل: كيف ذكر المسلمين والمسلمات , والمعنى بأحدهما كافٍ؟
وذلك أنّ امرأة قالت: (يا رسول الله: ما الخير إلاّ للرجال, هم الذين يؤمرون وينهون), وذكرت غير ذلك من الحجّ والجهاد , فذكرهن الله لذلك.). [معاني القرآن: 2/342-343]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (القنوت: القيام.
وسئل صلّى الله عليه وسلم: أيّ الصلاة أفضل؟ فقال: «طول القنوت»
أي طول القيام.
وقال تعالى: {أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا}، أي أمن هو مصلّ، فسميت الصلاة قنوتا: لأنها بالقيام تكون.
وروي عنه، عليه السلام، أنه قال: ((مثل المجاهد في سبيل الله كمثل القانت الصائم))، يعني المصلّي الصّائم.
[تأويل مشكل القرآن: 451]
ثم قيل للدعاء: قنوت، لأنّه إنما يدعو به قائما في الصلاة قبل الركوع أو بعده.
وقيل، الإمساك عن الكلام في الصلاة قنوت؛ لأن الإمساك عن الكلام يكون في القيام، لا يجوز لأحد أن يأتي فيه بشيء غير القرآن.
قال زيد بن أرقم: كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}، فنهينا عن الكلام وأمرنا بالسكوت.
ويقال: إن قانتين في هذا الوضع: مطيعين.
والقنوت: الإقرار بالعبوديّة، كقوله: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ}، أي مقرّون بعبوديته.
والقنوت: الطاعة، كقوله: {وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ}، أي: المطيعين والمطيعات.
وقوله: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ}، أي مطيعا لله.
ولا أرى أصل هذا الحرف إلا الطاعة، لأنّ جميع هذه الخلال: من الصلاة، والقيام فيها، والدعاء وغير ذلك- يكون عنها). [تأويل مشكل القرآن: 452] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {إنّ المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصّادقين والصّادقات والصّابرين والصّابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدّقين والمتصدّقات والصّائمين والصّائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذّاكرين اللّه كثيرا والذّاكرات أعدّ اللّه لهم مغفرة وأجرا عظيما (35)}
لما نزل في نساء النبي صلى الله عليه وسلم ما نزل، قال النساء من المسلمات: (فما نزل فينا نحن شيء)، فأعلم اللّه - عزّ وجلّ - أن النساء , والرجال يجازون بأعمالهم المغفرة , والأجر العظيم.
وقوله عزّ وجلّ: {والحافظين فروجهم والحافظات والذّاكرين اللّه كثيرا والذّاكرات}


المعنى : والحافظين فروجهم , والحافظاتها , والذاكرين اللّه كثيرا, والذاكراته.
استغنى عن ذكر الهاء بما تقدّم , ودل على المحذوف، ومثله : ونخلع , ونترك من يفجرك، المعنى : ونخلع من يفجرك , ونتركه.


ومثله من الشعر:
وكمتا مدمّاة كأنّ متونها= جرى فوقها واستشعرت لون مذهب
على رفع لون, المعنى : جرى فوقها لون مذهب , واستشعرته.
وقوله تعالى: {ومن يقنت منكنّ للّه ورسوله}: بالياء، (وتعمل) بالتاء.
الأول: محمول على اللفظ، وتعمل على المعنى.
ومن قرأهما جميعا بالتاء , حمل على المعنى, أراد : والتي تقنت منكن للّه ورسوله , وتعمل.
ومن قرأ الأول بالتاء , قبح أن يقرأ , ويعمل، لأنه قد حمل على المعنى، وأوضح الموصول بأنه مؤنث، فيقبح الحمل على اللفظ.). [معاني القرآن: 4/228]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة}
قال قتادة : أي: القرآن , والسنة.
وروى محمد بن عمرو , عن أبي سلمة , عن أم سلمة قالت: (قلت: يا رسول الله , أرى الله جل وعز يذكر الرجال , ولا يذكر النساء , فنزلت: {إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات}) .). [معاني القرآن: 5/349] (م)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {والحافظين فروجهم والحافظات}
أي : والحافظاتها , ونظيره:
وكمتا مدماة كأن متونها = جرى فوقها واستشعرت لون المذهب
مذهب وروى سيبويه لوت مذهب بالنصب , وإنما يجوز الرفع على حذف الهاء , كأنه قال : فاستشعرته فيمن رفع لونا , وقوله جل وعز: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا}

قال قتادة : (لما خطب النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش و, هي ابنة عمته , وهو يريدها لزيد , ظنت أنه يريدها لنفسه , فلما علمت أنه يريدها لزيد أبت , وامتنعت , فأنزل الله عز وجل: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} , فأطاعت وسلمت)). [معاني القرآن: 5/350]
تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُِينًا (36) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضى اللّه ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} [الأحزاب: 36] أراد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن يزوّج زينب بنت جحشٍ زيد بن حارثة، فأبت وقالت: أزوّج نفسي رجلا كان عبدًا بالأمس، وكانت ذات شرفٍ، فلمّا أنزلت هذه الآية جعلت أمرها إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فزوّجها إيّاه، ثمّ صارت سنّةً بعد في جميع
[تفسير القرآن العظيم: 2/720]
الدّين، ليس لأحدٍ خيارٌ على قضاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وحكمه.
حدّثني عاصم بن حكيمٍ أنّ مجاهدًا قال: نزلت في كراهية زينب بنت جحشٍ نكاح زيد بن حارثة حين أمره محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقال السّدّيّ: {وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضى اللّه ورسوله أمرًا} [الأحزاب: 36]، يعني: فعل اللّه ورسوله أمرًا، يعني: شيئًا من أمر تزويج زينب.
{أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} [الأحزاب: 36] قال: {ومن يعص اللّه ورسوله فقد ضلّ ضلالا مبينًا} [الأحزاب: 36] بيّنًا.
وقال السّدّيّ: {فقد ضلّ ضلالا مبينًا} [الأحزاب: 36]، يعني: أخطأ خطأً طويلا). [تفسير القرآن العظيم: 2/721]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)

: (وقوله: {وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضى اللّه ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم...}



نزلت في زينب بنت جحش الأسدية, أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يزوّجها زيد بن حارثة، فذكر لها ذلك، فقالت: (لا, لعمر الله، أنا بنت عمّتك , وأيّم نساء قريش) , فتلا عليها هذه الآية، فرضيت وسلّمت، وتزوّجها زيد, ثم إن النبي عليه السلام أتى منزل زيدٍ لحاجةٍ، فرأى زينب , وهي في درعٍ وخمارٍ، فقال: ((سبحان مقلّب القلوب)), فلمّا أتى زيدٌ أهله , أخبرته زينب الخبر، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يشكوها إليه, فقال: (يا رسول الله , إنّ في زينب كبراً، وإنها تؤذيني بلسانها , فلا حاجة لي فيها).
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((اتّق الله , وأمسك عليك زوجك)), فأبى، فطلّقها، وتزوّجها النبي عليه السلام بعد ذلك.


وكان الوجهان جميعاً: تزوجها زيد , والنبي عليه السلام من بعد؛ لأن الناس كانوا يقولون: زيد بن محمدٍ؛ وإنما كان يتيما في حجره, فأراهم الله أنه ليس له بأبٍ، لأنه قد كان حرّم أن ينكح الرجل امرأة أبيه، أو أن ينكح الرجل امرأة ابنه إذا دخل بها.). [معاني القرآن: 2/343]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى اللّه ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص اللّه ورسوله فقد ضلّ ضلالا مبينا (36)}
الخيرة: التخيير, ونزلت هذه الآية بسبب زينب بنت جحش, وكانت بنت عمّة رسول الله صلى الله عليه وسلم , وزيد بن حارثة، وكان زيد مولى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم , وكانت منزلته منه في محبّته إياه كمنزلة الولد، فخطب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم زينب ليزوجها من زيد، فظنت أنه خطبها لنفسه عليه السلام، فلما علمت أنه يريدها لزيد , كرهت ذلك, وأعلم اللّه جل وعلا أنه لا اختيار على ما قضاه اللّه ورسوله، وزوّجها من زيد.). [معاني القرآن: 4/228]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (37) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وإذ تقول للّذي أنعم اللّه عليه} [الأحزاب: 37]، يعني: زيدًا.
{أمسك عليك زوجك واتّق اللّه} [الأحزاب: 37] قال اللّه للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: {وتخفي في نفسك ما اللّه مبديه} [الأحزاب: 37] مظهره، تفسير السّدّيّ.
{وتخشى النّاس واللّه أحقّ أن تخشاه} [الأحزاب: 37] كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يعجبه أن يطلّقها زيدٌ من غير أن يأمره بطلاقها، فيتزوّجها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقال الكلبيّ: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أتى زينب زائرًا، فأبصرها قائمةً فأعجبته، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سبحان
[تفسير القرآن العظيم: 2/721]
اللّه مقلّب القلوب، فرأى زيدٌ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قد هويها فقال: يا رسول اللّه ائذن لي في طلاقها، فإنّ فيها كبرًا وإنّها تؤذيني بلسانها، فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: اتّق اللّه وأمسك عليك
زوجك، فأمسكها زيدٌ ما شاء اللّه ثمّ طلّقها، فلمّا انقضت عدّتها أنزل اللّه نكاحها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من السّماء فقال: {وإذ تقول للّذي أنعم اللّه عليه وأنعمت عليه} [الأحزاب: 37] إلى قوله: {فلمّا قضى زيدٌ منها وطرًا زوّجناكها} [الأحزاب: 37] فدعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عند ذلك زيدًا فقال: ائت زينب فأخبرها أنّ اللّه قد زوّجنيها، فانطلق زيدٌ
فاستفتح الباب، فقيل من هذا؟ قال: زيدٌ، قالت: وما حاجة زيدٍ إليّ وقد طلّقني؟ فقال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أرسلني، فقالت: مرحبًا برسول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ففتح له الباب، فدخل عليها وهي تبكي، فقال زيدٌ: لا يبك اللّه عينك، قد كنت نعمت المرأة أو قال: الزّوجة، إن كنت لتبرّين قسمي وتطيعين أمري، وتتّبعين مسرّتي، فقد أبدلك اللّه
خيرًا منّي، قالت: من لا أبا لك؟ فقال: رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فخرّت ساجدةً.
وقوله عزّ وجلّ: {وتخشى النّاس} [الأحزاب: 37] عيب النّاس أن يعيبوا ما صنعت.
{فلمّا قضى زيدٌ منها وطرًا} [الأحزاب: 37] والوطر الحاجة.
{زوّجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرجٌ في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهنّ وطرًا} [الأحزاب: 37] فقال المشركون للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: يا محمّد زعمت أنّ حليلة الابن لا تحلّ للأب، وقد تزوّجت حليلة ابنك زيدٍ، فقال اللّه: {لكي لا يكون على المؤمنين حرجٌ في أزواج أدعيائهم} [الأحزاب: 37]، أي: أنّ زيدًا كان دعيًّا، ولم يكن بابن محمّدٍ، وقال: {ما كان محمّد أبا أحدٍ من رجالكم} [الأحزاب: 40].
[تفسير القرآن العظيم: 2/722]
قال: {وكان أمر اللّه مفعولا {37}). [تفسير القرآن العظيم: 2/723]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)

: (وقوله: {وتخفي في نفسك...}



من تزويجها {ما اللّه} مظهره, {وتخشى النّاس} , يقول: تستحي من الناس , {واللّه أحقّ} , أن تستحي منه, ثم قال: {لكيلا يكون على المؤمنين حرجٌ في أزواج أدعيائهم} ). [معاني القرآن: 2/343]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({فلمّا قضًى زيدٌ منها وطراً }:أي: أرباً وحاجة , قال الشاعر:


ودّعني قبل أن أودّعه= لمّا قضى من شبابنا وطرا
أي : أرباً , وحاجة.). [مجاز القرآن: 2/138]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ((الوطر): والأرب واحد). [غريب القرآن وتفسيره: 304]


قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وإذ تقول للّذي أنعم اللّه عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتّق اللّه وتخفي في نفسك ما اللّه مبديه وتخشى النّاس واللّه أحقّ أن تخشاه فلمّا قضى زيد منها وطرا زوّجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهنّ وطرا وكان أمر اللّه مفعولا (37)}
معنى أنعم اللّه عليه : هداه للإسلام، وأنعمت عليه : أعتقته من الرق، وكان زيد شكا إلى النبي عليه السلام أمر زينب، فأمره بالتمسك بها، وكان عليه السلام : يحب التزوج بها إلا أنه عليه السلام , آثر ما يحب من الأمر بالمعروف فقال:{أمسك عليك زوجك واتّق اللّه}.
{وتخفي في نفسك ما اللّه مبديه وتخشى النّاس واللّه أحقّ أن تخشاه}:أي: تكره مقالة النّاس.


{فلمّا قضى زيد منها وطرا زوّجناكها}:أي : فلما طلّقها زيد, والوطر في اللغة والأرب بمعنى واحد.
قال الخليل: معنى الوطر كل حاجة يكون لك فيها همّة، فإذا بلغها البالغ , قيل: قد قضى وطره , وأربه، أي : بلغ مراده منها.


وقوله - عزّ وجلّ: {لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهنّ وطرا}
أي: زوجناك زينب , وهي امرأة زيد الذي قد تبنّيت به، لئلا يظن: أنه من تبنّى برجل لم تحل امرأته للمتبنّي.). [معاني القرآن: 4/229]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه}
قال قتادة: (هو زيد بن حارثة, أنعم الله عليه بالإسلام , وأنعم عليه النبي صلى الله عليه وسلم بالعتق) .
ثم قال: {أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه}
روى ثابت , عن أنس قال : (جاء زيد يشكو زينب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال له :{أمسك عليك زوجك واتق الله }, فأنزل الله جل وعز: {وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه} إلى آخر الآية.
قال : ولو كتم رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا من القرآن , لكتمها).
قال قتادة : (جاء زيد , فقال : يا رسول الله إني أشكو إليك لسان زينب, وإني أريد أن أطلقها) .
فقال له : {أمسك عليك زوجك واتق الله}, وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يطلقها زيد , فكره أن يقول له طلقها , فيسمع الناس بذلك , قال أبو جعفر : أي: فيفتتنوا.
وسئل علي بن الحسين عليه السلام عن هذه الآية, فقال: (أعلم الله جل وعز النبي صلى الله عليه وسلم أن زيدا سيطلق زينب , ثم يتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعده).
أي : فقد أعلمتك: أنه يطلقها قبل أن يطلقها.
وقوله جل وعز: {فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها}
قال الخليل : معنى الوطر كل حاجة يهتم بها , فإذا قضاها قيل : قضى وطره , وأربه , ثم خبر جل وعز بالعلة التي من أجلها كان من أمر زيد ما كان , فقال :{لكيلا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا }
أي: زوجناك زينب , وكانت امرأة زيد , وأنت متبن له , لئلا يتوهم أن تحريم التبني كتحريم الولادة كما كانت الجاهلية تقول.). [معاني القرآن: 5/354]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه}, قال: انعم الله عليه بالإسلام، وأنعمت عليه بالعتق.
{وطراًً}: أي: حاجة.). [ياقوتة الصراط: 410]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَطَرًا}: إرباُ: حاجة.). [العمدة في غريب القرآن: 243]

تفسير قوله تعالى: {مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا (38)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({ما كان على النّبيّ من حرجٍ فيما فرض اللّه له} [الأحزاب: 38] فيما أحلّ اللّه له.
قال بعضهم: في زينب.
وقال الحسن: يعني: الّتي وهبت نفسها للنّبيّ إذ زوّجها اللّه إيّاه بغير صداقٍ، ولكنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قد تطوّع عليها، فأعطاها الصّداق.
قال: {سنّة اللّه في الّذين خلوا من قبل} [الأحزاب: 38]، أي: أنّه ليس على الأنبياء حرجٌ فيما أحلّ اللّه لهم، وقد أحللت لداود مائة امرأةٍ، ولسليمان ثلاث مائة امرأةٍ وسبع مائة سريّةٍ.
قال: {وكان أمر اللّه قدرًا مقدورًا} [الأحزاب: 38] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/723]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)

: (وقوله: {مّا كان على النّبيّ من حرجٍ فيما فرض اللّه له...}



من هذا , ومن تسع النسوة، ولم تحلّ لغيره وقوله: {سنّة اللّه} , يقول: هذه سنّة , قد مضت أيضاً لغيرك, كان لداود , ولسليمان من النساء ما قد ذكرناه، فضّلا به، كذلك أنت.). [معاني القرآن: 2/344]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ ما كان على النّبيّ من حرجٍ فيما فرض الله له سنّة اللّه في الذّين خلوا من قبل }: سنة الله منصوبة لأنها في موضع مصدر من غير لفظها ؛ من حرج , أي: من ضيق وإثم، خلوا , أي: مضوا).). [مجاز القرآن: 2/138]


قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ما كان على النّبيّ من حرجٍ فيما فرض اللّه له}: أي : أحلّ اللّه له.
{سنّة اللّه في الّذين خلوا من قبل}: أنه لا حرج على أحد فيما لم يحرم عليه.). [تفسير غريب القرآن: 351]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال: {مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ}.
قال المفسرون: فيما أحل الله له.
وقد يجوز في اللغة أن يكون: ما أوجب له من النكاح، يعني: نكاح أكثر من أربع). [تأويل مشكل القرآن: 476]


قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {ما كان على النّبيّ من حرج فيما فرض اللّه له سنّة اللّه في الّذين خلوا من قبل وكان أمر اللّه قدرا مقدورا (38)}
(سنّة) منصوب على المصدر، لأن معناه :ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله سنّ الله سنّة حسنة , واسعة , لا حرج فيها.
أي: لا ضيق فيها , والسّنّة الطريقة، والسنن : من ذا كلّه.


وقوله عزّ وجلّ:{في الّذين خلوا من قبل}
معناه: في النبيين الذين قبل محمد صلى الله عليهم وسلم .


أي : سنّة الله في التّوسعة على محمد صلى الله عليه وسلم , فيما فرض اللّه له كسنّته في الأنبياء الماضين.). [معاني القرآن: 4/230]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له}
قال قتادة : (أي: فيما أحل الله له).
قال أبو جعفر : وفيه معنى المدح , كما قال جل وعز: {ما على المحسنين من سبيل}, ثم قال جل وعز: {سنة الله في الذين خلوا من قبل}
أي: لا يؤاخذون بما لم يحرم عليهم.). [معاني القرآن: 5/354]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ}: أي: أحل.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 194]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (39)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {الّذين يبلّغون رسالات اللّه ويخشونه ولا يخشون أحدًا إلا اللّه وكفى باللّه حسيبًا} [الأحزاب: 39] حفيظًا لأعمالهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/723]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)

: (ثم قال: {الّذين يبلّغون رسالات اللّه...}



فضّلناهم بذلك، يعني : الأنباء, و(الذين) في موضع خفضٍ إن رددته على قوله: {سنّة الله في الذين خلوا من قبل}, إن شئت رفعت على الاستئناف, ونصب السنّة على القطع، كقولك: فعل ذلك سنة, ومثله كثير في القرآن, وفي قراءة عبد الله: {الّذين بلّغوا رسالات اللّه ويخشونه} هذا مثل قوله: {إنّ الذين كفروا ويصدّون} يردّ يفعل على فعل، وفعل على يفعل, وكلّ صواب.) [معاني القرآن: 2/344]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى:{الّذين يبلّغون رسالات اللّه ويخشونه ولا يخشون أحدا إلّا اللّه وكفى باللّه حسيبا (39)}


" الذين " : في موضع خفض نعت لقوله :{في الّذين خلوا من قبل}, ويجوز أن يكون رفعا على المدح على هم {الّذين يبلّغون رسالات اللّه}
ويجوز : أن يكون نصبا على معنى , أعني : الذين يبلّغون.). [معاني القرآن: 4/230]


تفسير قوله تعالى:{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (40)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ما كان محمّد أبا أحدٍ من رجالكم} [الأحزاب: 40] يقول: إنّ محمّدًا لم يكن بأبي زيدٍ وإنّما كان زيدٌ دعيًّا له.
قال: {ولكن رسول اللّه وخاتم النّبيّين} [الأحزاب: 40]
- الرّبيع بن صبيحٍ، عن محمّد بن سيرين، عن عائشة قالت: لا تقولوا: لا نبيّ بعد محمّدٍ، وقولوا: خاتم النّبيّين، فإنّه ينزل عيسى ابن مريم حكمًا عدلا وإمامًا مقسطًا، فيقتل الدّجّال، ويكسر الصّليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، وتضع الحرب أوزارها.
- عثمان، عن نعيم بن عبد اللّه، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «لا تقوم السّاعة حتّى يخرج دجّالون كذّابون قريبٌ من ثلاثين كلّهم يزعم أنّه نبيٌّ ولا نبيّ بعدي وأنا خاتم النّبيّين».
- وحدّثني قرة بن خالدٍ، عن معاوية بن قرّة المزنيّ، عن أبيه قال:
[تفسير القرآن العظيم: 2/723]
أتيت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فاستأذنته أن أدخل يدي فأمسّ الخاتم فأذن لي.
فأدخلت يدي في جربّان قميصه، وإنّه ليدعو لي فما منعه وأنا ألمسه أن دعا لي، قال: فوجدت على نغض كتفه مثل السّلعة.
قال: {وكان اللّه بكلّ شيءٍ عليمًا} [الأحزاب: 40] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/724]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)

: (وقوله: {مّا كان محمّدٌ أبا أحدٍ مّن رّجالكم...}: دليل على أمر تزوّج زينب .



{ولكن رّسول اللّه} , معناه: ولكن كان رسول الله, ولو رفعت على: ولكن هو رسول الله , كان صواباً , وقد قرئ به, والوجه النصب.
وقوله: {وخاتم النّبيّين} : كسرها الأعمش , وأهل الحجاز، ونصبها - يعني التاء - عاصم , والحسن .


وهي في قراءة عبد الله: {ولكن نبيّاً ختم النبيّين}نبيّاً ختم النبيّين}, فهذه حجّةٌ لمن قال {خاتم} بالكسر، ومن قال {خاتم}: أرد هو آخر النبيّين، كما قرأ علقمة فيما ذكر عنه:{خاتمه مسكٌ}: أي: آخره مسك...
- حدثنا أبو الأحوص سلاّم ابن سليم , عن الأشعث بن أبي الشعثاء المحاربيّ قال: (كان علقمة يقرأ : {خاتمه مسكٌ}, ويقول: أما سمعت المرأة تقول للعطّار: اجعل لي خاتمه مسكاً , أي: آخره)). [معاني القرآن: 2/344]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({مّا كان محمّدٌ أبا أحدٍ مّن رّجالكم ولكن رّسول اللّه وخاتم النّبيّين وكان اللّه بكلّ شيءٍ عليماً}
وقال: {ولكن رّسول اللّه وخاتم النّبيّين}: أي: ولكن كان رسول الله , وخاتم النبيين.). [معاني القرآن: 3/31]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {ما كان محمّد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول اللّه وخاتم النّبيّين وكان اللّه بكلّ شيء عليما (40)}
أي: لم يكن زيد ابن محمد صلى الله عليه وسلم لم يلده، وقد ولد لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم ذكور : إبراهيم , والطيب والقاسم , والمطهّر، وإنما تأويله: ما كان يحرم عليه ممن تبنى به ما يحرم على الوالد.
والنبي صلى الله عليه وسلم أبو المؤمنين في التبجيل , والتعظيم.
وقرئت: {وخاتم النبيين} , {وخاتم النبيين}.
فمن كسر التاء , فمعناه: ختم النبيين، ومن قرأ : وخاتم النبيين , بفتح التاء , فمعناه : آخر النبيين، لا نبي بعده صلى الله عليه وسلم .
ويجوز: ولكن رسول الله , وخاتم النبيين.
فمن نصب , فالمعنى : ولكن كان رسول اللّه , وكان خاتم النبيين, ومن رفع , فالمعنى : ولكن هو خاتم النبيين.). [معاني القرآن: 4/229-230]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وكفى بالله حسيبا}
يجوز : أن يكون بمعنى محاسب كما تقول أكيل , وشريب .
ويجوز أن يكون بمعنى محسب , أي : كاف, يقال: أحسبني الشيء : كفاني .
وقوله جل وعز: {ما كان محمد أبا أحد من رجالكم}
قال علي بن الحسين عليه السلام : (نزلت في زيد بن حارثة) .
قال أبو جعفر : أي ليس هو أباهم بالولادة , وإن كان كذلك في التبجيل , والتعظيم .
ثم قال جل وعز: {ولكن رسول الله وخاتم النبيين}
قال قتادة: (أي: آخرهم) .
قال أبو جعفر : من قرأ :{خاتم }بفتح التاء , فمعناه : عنده آخرهم , ومن قرأ بالكسر {خاتم }, فمعناه : عندهم أنه ختمهم .
قال قتادة :{وسبحوه بكرة وأصيلا }: (صلاة الصبح , والعصر)). [معاني القرآن: 5/355-356]


تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {يا أيّها الّذين آمنوا اذكروا اللّه ذكرًا كثيرًا} [الأحزاب: 41] يعني باللّسان، وهو تفسير السّدّيّ.
قال يحيى: وهذا ذكرٌ ليس فيه وقتٌ وهو تطوّعٌ.
- إبراهيم بن محمّدٍ، عن محمّد بن المنكدر، عن أبي الدّرداء، قال: ألا أخبركم بخير أعمالكم، أزكاها عند مليككم، وخيرٌ لكم من إعطاء الذّهب والفضّة، ومن أن تلقوا عدوّكم، فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى، قال: ذكر اللّه.
فقال أبو بحريّة: قد قال ذاك أخوكم معاذ بن جبلٍ: ما عمل آدميٌّ قطّ عملا أنجى له من عذاب اللّه من كثرة ذكر اللّه.
- خداشٌ، عن ميمون بن عجلان، عن ميمون بن سياهٍ، عن أنس بن مالكٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " ما من قومٍ اجتمعوا يذكرون اللّه لا يريدون بذلك إلا وجهه إلا ناداهم منادٍ من السّماء: قوموا مغفورًا لكم، بدّلت سيّئاتكم حسناتٍ "). [تفسير القرآن العظيم: 2/724]

تفسير قوله تعالى: {وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وسبّحوه بكرةً} [الأحزاب: 42] لصلاة الغداة.
{وأصيلا} [الأحزاب: 42] صلاة الظّهر وصلاة العصر.
ابن لهيعة، عن عبد اللّه بن هبيرة أنّ ابن عبّاسٍ قال: هذا في الصّلاة المكتوبة). [تفسير القرآن العظيم: 2/724]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)

: ({بكرةً وأصيلاً}: ما بين العصر إلى الليل.).
[مجاز القرآن: 2/138]



قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({الأصيل}: ما بين العصر إلى الليل). [غريب القرآن وتفسيره: 304]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (و{الأصيل}: ما بين العصر إلى الليل). [تفسير غريب القرآن: 351]


قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (الأصيل): ما بين العصر إلى الليل.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 194]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (الأَصِيل): ما بين العصر إلى الليل.). [العمدة في غريب القرآن: 243]

تفسير قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {هو الّذي يصلّي عليكم وملائكته} [الأحزاب: 43] تفسير ابن عبّاسٍ، قال: صلاة اللّه الرّحمة، وصلاة الملائكة الاستغفار.
وقال السّدّيّ: {هو الّذي يصلّي عليكم} [الأحزاب: 43]، يعني: اللّه تبارك وتعالى، هو الّذي يغفر لكم إذا أطعتموه، قال: {وملائكته} [الأحزاب: 43]، يعني: هو الّذي يصلّي عليكم، يغفر لكم، ويستغفر لكم الملائكة.
قال: وحدّثني أبو الأشهب، عن الحسن إنّ بني إسرائيل قالت لموسى: سل لنا ربّك هل يصلّي لعلّنا نصلّي بصلاة ربّنا، فقال: يا بني إسرائيل اتّقوا اللّه إن كنتم مؤمنين، فأوحى اللّه إليه، أنّي أنّما أرسلتك إليهم لتبلغهم عنّي وتبلغني عنهم، قال: يقولون يا ربّ ما قد سمعت، يقولون: سل لنا ربّك هل يصلّي لعلّنا نصلّي بصلاة ربّنا، قال: فأخبرهم عنّي أنّي أصلّي، وأنّ
صلاتي عليهم: لتسبق رحمتي غضبي ولولا ذلك لهلكوا.
قال عزّ وجلّ: {ليخرجكم من الظّلمات إلى النّور} [الأحزاب: 43]، يعني: من الشّرك إلى الإيمان، تفسير السّدّيّ.
وقال الحسن: {ليخرجكم من الظّلمات إلى النّور} [الأحزاب: 43] من الضّلالة إلى الهدى.
وتفسير الحسن أنّه يعصم المؤمنين من الضّلالة، وقال هو كقول الرّجل: الحمد للّه الّذي نجّاني من كذا وكذا لأمرٍ لم ينزل به، صرفه اللّه عنه.
قال: {وكان بالمؤمنين رحيمًا} [الأحزاب: 43] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/725]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)

: (وقوله: {هو الّذي يصلّي عليكم...}



يغفر لكم، ويستغفر لكم , ملائكته.). [معاني القرآن: 2/345]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({هو الذي يصلّي عليكم وملائكته } أي : يبارك عليكم , قال الأعشى:


عليك مثل الّذي صلّيت فاغتمضى= نوماً فإن لجنب المرء مضطجعاً.). [مجاز القرآن: 2/138]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {يصلّي عليكم}: أي يبارك عليكم, ويقال: يغفر لكم, {وملائكته}: أي : تستغفر لكم.). [تفسير غريب القرآن: 351]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: عزّ وجلّ: {هو الّذي يصلّي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظّلمات إلى النّور وكان بالمؤمنين رحيما (43)}: صلاة اللّه على خلقه , رحمته , وهدايته إياهم.). [معاني القرآن: 4/231]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {هو الذي يصلي عليكم وملائكته}
قال الحسن : (سألت بنو إسرائيل موسى صلى الله عليه : أيصلي ربك ؟, فكأنه أعظم ذلك , فأوحى الله جل وعز إليه : إن صلاتي : أن رحمتي , تسبق غضبي)
والأصيل : العشي .
قال الفراء : معنى :{هو الذي يصلي عليكم وملائكته }: هو الذي يغفر لكم , وتستغفر لكم ملائكته.). [معاني القرآن: 5/356-357]


تفسير قوله تعالى: {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا (44)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {تحيّتهم يوم يلقونه سلامٌ} [الأحزاب: 44] تحيّيهم الملائكة عن اللّه بالسّلام، في تفسير الحسن.
{وأعدّ لهم أجرًا} [الأحزاب: 44] ثوابًا.
{كريمًا} [الأحزاب: 31] الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 2/725]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)

: (وقوله: {تحيّتهم يوم يلقونه سلام وأعدّ لهم أجرا كريما (44)}



تحية أهل الجنّة: سلام، قال الله عزّ وجلّ: {تحيّتهم يوم يلقونه سلام}.). [معاني القرآن: 4/231]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {تحيتهم يوم يلقونه سلام}


هو كما قال , والملائكة يدخلون عليهم من كل باب : سلام عليكم , أي : تحيتهم في الجنة سلام.). [معاني القرآن: 5/357]



تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {يا أيّها النّبيّ إنّا أرسلناك شاهدًا} [الأحزاب: 45] على أمّتك،
[تفسير القرآن العظيم: 2/725]
تشهد عليهم في الآخرة أنّك قد بلّغتهم.
{ومبشّرًا} [الأحزاب: 45] في الدّنيا بالجنّة.
{ونذيرًا} [الأحزاب: 45] من النّار.
وتفسير الحسن من عذاب الدّنيا وعذاب الآخرة). [تفسير القرآن العظيم: 2/726]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)


: (وقوله عزّ وجلّ:{يا أيّها النّبيّ إنّا أرسلناك شاهدا ومبشّرا ونذيرا (45)}

أي: شاهدا على أمّتك بالإبلاغ، إبلاغ الرسالة، ومبشرا بالجنّة , ومنذرا من النّار، وهذا كله منصوب على الحال، أي: أرسلناك في حال الشهادة , والبشارة, والإنذار.). [معاني القرآن: 4/231]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا}
{شاهدا} : أي : شاهدا بالإبلاغ , {ومبشرا} : بالجنة , {ونذيرا} : من النار , {وداعيا إلى الله بإذنه} , أي : بأمره , {وسراجا منيرا} : أي : وذا سراج , وهو القرآن , ويجوز أن يكون المعنى ومبينا , وتاليا .
حدثنا محمد بن إبراهيم الرازي قال :حدثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي , قال حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي , عن شيبان النحوي قال : حدثنا قتادة , عن عكرمة , عن ابن عباس قال: (لما نزلت :{يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا }, دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً,ومعاذا ً, فقال : (( انطلقا , فيسرا , ولا تعسرا , فإنه قد نزل علي الليلة آية : {إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا} من النار , {وداعيا إلى الله} , قال : شهادة أن لا إله إلا الله , {بإذنه بأمره وسراجا منيرا }, قال: بالقرآن)))). [معاني القرآن: 5/357-359]


تفسير قوله تعالى: {وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا (46) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وداعيًا إلى اللّه بإذنه} [الأحزاب: 46] بالقرآن، الوحي الّذي جاء من عنده.
{وسراجًا منيرًا} [الأحزاب: 46] مضيئًا.
- مندل بن عليٍّ وغيره، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك بن مزاحمٍ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «مثل أصحابي مثل الملح لا يصلح الطّعام إلا به، ومثل النّجوم يهتدى بها فبأيّ قول أصحابي أخذتم اهتديتم».
وحدّثنا الحسن بن دينارٍ، عن الحسن، عن أبي مسلمٍ الخولانيّ قال: إنّ مثل العلماء في الأرض كمثل النّجوم في السّماء يهتدي بها النّاس ما بدت فإذا خفيت تحيّروا). [تفسير القرآن العظيم: 2/726]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)

: ( {وداعيا إلى اللّه بإذنه وسراجا منيرا (46)}



أي : داعيا إلى توحيد الله , وما يقرّب منه، وبإذنه , أي: بأمره.
{وسراجا منيراًْ}:أي : وكتابا بينا، المعنى : أرسلناك شاهدا , وذا سراج منير , وذا كتاب بيّن، وإن شئت كان {وسراجا} منصوبا على معنى : داعيًا إلى اللّه , وتاليا ًكتاباً بيناً.). [معاني القرآن: 4/231]


قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (حدثنا محمد بن إبراهيم الرازي قال :حدثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي , قال حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي , عن شيبان النحوي قال : حدثنا قتادة , عن عكرمة , عن ابن عباس قال: (لما نزلت :{يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا },دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً,ومعاذا ً, فقال : (( انطلقا , فيسرا , ولا تعسرا , فإنه قد نزل علي الليلة آية : {إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا} من النار , {وداعيا إلى الله} , قال : شهادة أن لا إله إلا الله , {بإذنه بأمره وسراجا منيرا }, قال: بالقرآن.))) )[معاني القرآن: 5/359] (م)


تفسير قوله تعالى: (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا (47) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وبشّر المؤمنين بأنّ لهم من اللّه فضلا كبيرًا} [الأحزاب: 47]، يعني: الجنّة.
وهو تفسير السّدّيّ وغيره). [تفسير القرآن العظيم: 2/726]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (48)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ولا تطع الكافرين والمنافقين} [الأحزاب: 48] وقد فسّرناه في أوّل السّورة.
قال: {ودع أذاهم} [الأحزاب: 48] قال مجاهدٌ: اعرض عن أذاهم إيّاك، أي: اصبر عليه.
{وتوكّل على اللّه وكفى باللّه وكيلا} [الأحزاب: 3] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/726]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)

: (وقوله عزّ وجلّ:{ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم وتوكّل على اللّه وكفى باللّه وكيلا (48)}



{ودع أذاهم}:معناه : دع أذى المنافقين، وتأويل :{ودع أذاهم} دعهم , لا تجازهم عليه إلى أن تؤمر فيهم بأمر.). [معاني القرآن: 4/231]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم}


قال مجاهد : {ودع أذاهم }: (أي: أعرض عنهم , وقوله جل وعز: {يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها} ).
قال حبيب بن أبي ثابت : سئل علي بن الحسين عليه السلام عن رجل قال لامرأته: إن تزوجتك , فأنت طالق .
فقال: (ليس بشيء ذكر الله جل وعز النكاح قبل الطلاق , فقال : {إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن})). [معاني القرآن: 5/360]

تفسير قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (49)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثمّ طلّقتموهنّ من
[تفسير القرآن العظيم: 2/726]
قبل أن تمسّوهنّ فما لكم عليهنّ من عدّةٍ تعتدّونها فمتّعوهنّ وسرّحوهنّ سراحًا جميلا} [الأحزاب: 49] قال يحيى: إذا طلّق الرّجل المرأة قبل أن يدخل بها واحدةً فقد بانت منه بتلك الواحدة وهي أملك بنفسها، يخطبها مع الخطّاب وليس عليها عدّةٌ منه
ولا من غيره حتّى تزوّج إن شاءت من يومها الّذي طلّقها فيه لأنّه لم يطأها فتعتدّ من مائةٍ مخافة أن تكون حبلى، ولها نصف الصّداق، فإن أغلق عليها بابًا أو أرخى عليها سترًا، فقد وجب عليه الصّداق كاملا ووجبت عليها العدّة، وإن طلّقها ثلاثًا قبل أن يدخل بها لم يتزوّجها حتّى تنكح زوجًا غيره إلا أن يفرّق الطّلاق، فيقول: أنت طالقٌ، أنت طالقٌ، أنت طالقٌ فإنّها
تبين بالأولى وليس ما طلّق بعدها بشيءٍ، وهو خاطبٌ من الخطّاب، فإن تزوّجها كانت عنده على تطليقتين، وأمّا قوله: {فمتّعوهنّ} [الأحزاب: 49] فهو منسوخٌ إذا كان قد سمّى لها صداقًا إلا أن يكون لم يسمّ لها صداقًا فيكون لها المتعة ولا صداق لها، فإن كان سمّى لها صداقًا ثمّ طلّقها قبل أن يدخل بها، فإنّ لها نصف الصّداق ولا متعة لها، نسختها الآية الّتي في البقرة: {لا جناح
عليكم إن طلّقتم النّساء ما لم تمسّوهنّ أو تفرضوا لهنّ فريضةً ومتّعوهنّ على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعًا بالمعروف حقًّا على المحسنين {236} وإن طلّقتموهنّ من قبل أن تمسّوهنّ وقد فرضتم لهنّ فريضةً فنصف ما فرضتم} [البقرة: 236-237] ولا متاع لها إلى آخر الآية.
سعيدٌ، عن قتادة، عن سعيد بن المسيّب، قال: جعلت لها المتعة في هذه الآية، فلمّا نزلت الآية الّتي في البقرة: {وإن طلّقتموهنّ من قبل أن تمسّوهنّ وقد فرضتم لهنّ فريضةً فنصف ما فرضتم} [البقرة: 237] جعل لها النّصف ولا متاع لها وهو قول قتادة، وبه يأخذ يحيى.
[تفسير القرآن العظيم: 2/727]
وقال الحسن: ليست بمنسوخةٍ لها المتاع.
وقد حدّثني قرّة بن خالدٍ، عن الحسن أنّه كان يقول: لها المتاع، وليست بمنسوخةٍ.
والعامّة على أنّها منسوخةٌ.
وقوله عزّ وجلّ: {وسرّحوهنّ سراحًا جميلا} [الأحزاب: 49] إلى أهلهنّ.
لا تكون المرأة والرّجل في بيتٍ وليس بينهما حرمةٌ، وإذا مات الرّجل قبل أن يدخل بامرأته توارثا ولها الصّداق كاملا، وإنّما يكون لها النّصف إذا طلّقها). [تفسير القرآن العظيم: 2/728]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله عزّ وجلّ: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثمّ طلّقتموهنّ من قبل أن تمسّوهنّ فما لكم عليهنّ من عدّة تعتدّونها فمتّعوهنّ وسرّحوهنّ سراحا جميلا (49)}


معنى {تمسّوهنّ}:تقربوهنّ.
{فما لكم عليهنّ من عدّة تعتدّونها فمتّعوهنّ وسرّحوهنّ سراحا جميلا}


قال بعضهم: {فمتّعوهن} نسخها قوله تعالى :{وإن طلّقتموهنّ من قبل أن تمسّوهنّ وقد فرضتم لهنّ فريضة فنصف ما فرضتم}
والنصف ينوب عن التمتيع، إلا أن يكون لم يسمّ لها مهراً، فلها نصف مهر مثلها، وأسقط الله العدة عن التي لم يدخل بها؛ لأنّّ العدة في الأصل استبراء.). [معاني القرآن: 4/232]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا}
قال سعيد بن المسيب : (هي منسوخة بالتي في البقرة , يعني قوله جل وعز: {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة} : أي : فلم يذكر المتعة)). [معاني القرآن: 5/360]


رد مع اقتباس