عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 13 ذو القعدة 1431هـ/20-10-2010م, 06:18 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 28 إلى 34]

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآَخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (29) يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30) وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا (31) يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34)}

تفسير قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28) }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {يا أيّها النّبيّ قل لأزواجك إن كنتنّ تردن الحياة الدّنيا وزينتها فتعالين أمتّعكنّ وأسرّحكنّ سراحا جميلا (28)}
وكن أردن شيئا من أمر الدّنيا، فأمر اللّه رسول صلى الله عليه وسلم أن يخيّر نساءه بين الإقامة معه على طلب ما عند اللّه، أو التسريح إن أردن الحياة الدنيا وزينتها، فاخترن الآخرة على الدنيا , والجنّة على الزينة.).[معاني القرآن: 4/224]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا}
روى يونس , عن الزهري , عن أبي سلمة , عن عائشة , ومعمر , عن عروة , عن عائشة قالت : (لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتخيير أزواجه , بدأ بي , فقال: ((إني ذاكر لك أمرا , ولا عليك أن لا تعجلي فيه حتى تستأمري أبويك.)).
قالت: وقد علم أن أبوي لم يكونا ليأمراني بفراقه , ثم تلا {يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها } , فقلت : أو في هذا استأمر أبوي ؟!, فإني أختار الله جل وعز , ورسوله , والدار الآخرة .
قال يونس في حديثه : (وفعل أزواجه كما فعلت , فلم يكن ذلك طلاقا لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرهن , فاخترنه).). [معاني القرآن: 5/342-343]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآَخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (29)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وإن كنتنّ تردن اللّه ورسوله والدّار الآخرة فإنّ اللّه أعدّ للمحسنات منكنّ أجرًا عظيمًا {29}} [الأحزاب: 29] الجنّة.
- قال: وحدّثني مندل بن عليٍّ، عن الأعمش، عن أبي الضّحى، عن مسروقٍ، عن عائشة قالت: خيّرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فاخترناه، فلم يكن ذلك طلاقًا.
- عمّارٌ، عن أبي هلالٍ الرّاسبيّ، عن داود بن أبي هندٍ، عن الشّعبيّ قال: خيّر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نساءه، فلم يك ذلك طلاقًا، فذكرت ذلك لقتادة، فقال: إنّما خيّرهنّ بين الدّنيا والآخرة ولم يخيّرهنّ الطّلاق، وكان عليّ بن أبي طالبٍ يجعل الخيار إذا اختارت المرأة نفسها إذا خيّرها الرّجل تطليقةً بائنةً.
قال يحيى: أحسبه قال ذلك من هذه الآية في قوله: {أمتّعكنّ وأسرّحكنّ سراحًا جميلا} [الأحزاب: 28].
[تفسير القرآن العظيم: 2/713]
وقال في هذه السّورة بعد هذا الموضع: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثمّ طلّقتموهنّ من قبل أن تمسّوهنّ} [الأحزاب: 49]، يعني: تجامعوهنّ، تفسير السّدّيّ: {فما لكم عليهنّ من عدّةٍ تعتدّونها فمتّعوهنّ وسرّحوهنّ سراحًا جميلا} [الأحزاب: 49] فإذا طلّقها قبل أن يدخل بها تطليقةً فإنّها تبين بها، وهي أملك بنفسها، وهو خاطبٌ، إن تزوّجها كانت عنده على تطليقتين.
وقال في سورة البقرة: {وإذا طلّقتم النّساء فبلغن أجلهنّ فأمسكوهنّ بمعروفٍ} [البقرة: 231] وهذا عند انقضاء العدّة قبل أن ينقضي ما لم تغتسل من الحيضة الثّالثة إذا كانت ممّن يحيض، فإن كانت ممّن لا تحيض وليست بحاملٍ فما لم تنقض ثلاثة أشهرٍ، وإن كانت حاملا ما لم تضع حملها، فإن كان في بطنها اثنان أو ثلاثةٌ فما لم تضع الآخر فهو يراجعها قبل ذلك إن شاء، فإن
انقضت العدّة ولم يراجعها فهي تطليقةٌ بائنةٌ.
قال: {أو سرّحوهنّ بمعروفٍ} [البقرة: 231] فالتّسريح في كتاب اللّه واحدةٌ بائنةٌ، وكان زيد بن ثابتٍ يقول: إن اختارت نفسها فثلاثٌ، وكان ابن عمر وابن مسعودٍ يقولان: واحدةٌ وهو أحقّ بها، وإن اختارته فلا شيء لها كأنّهما يقولان: إنّما يكون في طلاق السّنّة على الواحدة، ولا ينبغي للرّجل أن يطلّق ثلاثًا جميعًا فإنّما خيّرها على وجه ما ينبغي له أن يطلّقها، وأمّا إذا قال: أمرك
بيدك ففي قولهما: إذا طلّقت نفسها ثلاثًا فهي واحدةٌ على هذا الكلام الأوّل، وكان عليٌّ ورجالٌ معه من أصحاب النّبيّ عليه السّلام، يقولون: القول ما قالت، غير أنّ ابن عمر قال: إلا أن يقول: إنّما ملكتها في واحدةٍ، فيحلف على ذلك ويكون قضاؤها في واحدةٍ، وبه يأخذ يحيى، ذكره عن مالكٍ، عن نافعٍ، عن ابن عمر). [تفسير القرآن العظيم: 2/714]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله:{وإن كنتنّ تردن اللّه ورسوله والدّار الآخرة فإنّ اللّه أعدّ للمحسنات منكنّ أجرا عظيما (29)}

أي : من آثر ت منكن الآخرة , فأجرها أجر عظيم.).[معاني القرآن: 4/224]

تفسير قوله تعالى:{يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {يا نساء النّبيّ من يأت منكنّ بفاحشةٍ مبيّنةٍ} [الأحزاب: 30]
[تفسير القرآن العظيم: 2/714]
يعني الزّنا: تفسير السّدّيّ.
قال: {يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على اللّه يسيرًا} [الأحزاب: 30] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/715]
قالَ مُحمدُ بنُ الجَهْمِ السُّمَّرِيُّ (ت: 277هـ):
(وقوله: {من يأت منكنّ...}
اجتمعت القراء على قراءة: {من يأت}, بالياء , واختلفوا في قوله: {ويعمل صالحاً} .
فقرأها عاصم , والحسن , وأهل المدينة بالتاء, وقرأها الأعمش , وأبو عبد الرحمن السلميّ بالياء, فالذين قرءوا بالياء , أتبعوا الفعل الآخر بـ {يأت} إذ كان مذكّرا, والذين أنّثوا , قالوا لمّا جاء الفعل بعدهنّ علم أنه للأنثى، فأخرجناه على التأويل.
والعرب تقول: كم بيع لك جاريةً، فإذا قالوا: كم جاريةً بيعت لك , أنّثوا, والفعل في الوجهين جميعاً لكم، إلاّ أن الفعل لمّا أتى بعد الجارية ذهب به إلى التأنيث، ولو ذكّر كان صواباً، لأنّ الجارية مفسّرةٌ ليس الفعل لها، وأنشدني بعض العرب:
أيام أم عمرٍو من يكن عقر داره = جواءٌ عديّ يأكل الحشرات
ويسود من لفح السّموم جبينه = ويعر وإن كانوا ذوي بكرات
وجواء عدي.
قال الفراء: سمعتها أيضاً نصباً , ولو قال: {وإن كان}, كان صواباً , وكل حسنٌ.).[معاني القرآن للفراء: 2/341]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ يضاعف لها العذاب ضعفين } أي : يجعل لها العذاب ثلاثة أعذبة لأن ضعف الشيء مثله، وضعفي الشيء مثلا الشيء , ومجاز " يضاعف " أي : يجعل الشيء، شيئين حتى يكون ثلاثة فأما قوله , ويضعف أي: يجعل الشيء شيئين.). [مجاز القرآن: 2/136-137]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {يضاعف لها العذاب ضعفين}
قال أبو عبيدة: يجعل الواحد ثلاثة لا اثنين, هذا معنى قول أبي عبيدة, ولا أراه كذاك، لأنه يقول بعد: {ومن يقنت منكنّ للّه ورسوله}, أي: يطعهما: {وتعمل صالحاً نؤتها أجرها مرّتين}، فهذا يدلّ على أن «الضّعفين» , ثم أيضا: مثلان, وكأنه أراد: يضاعف لها العذاب، فيجعل ضعفين، أي: مثلين، كلّ واحد منهما ضعف الآخر, وضعف الشيء: مثله, ولذلك قرأ أبو عمرو:
(يضعف) : لأنه رأى أن «يضعف» للمثل، و«يضاعف» لما فوق ذلك.
وهذا كما يقول الرجل: إن أعطيتني درهما كافأتك بضعفين - أي : بدرهمين - , فإن أعطيتني فردا , أعطيتك زوجين، يريد اثنين. ومثله:
{ربّنا آتهم ضعفين من العذاب} : أي : مثلين.). [تفسير غريب القرآن: 350]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين}
فرق أبو عمرو بين يضعف , ويضاعف , قال : يضاعف للمرار الكثيرة , ويضعف مرتين , وقرأ يضعف لهذا .
وقال أبو عبيدة : يضاعف لها العذاب : يجعل ثلاثة أعذبة
قال أبو جعفر : التفريق الذي جاء به أبو عمرو, لا يعرفه أحد من أهل اللغة علمته , والمعنى في يضاعف , ويضعف واحد , أي : يجعل ضعفين , أي : مثلين , كما تقول : إن دفعت إلي درهما , دفعت إليك ضعفيه , أي: مثليه , يعني : درهمين , ويدل على هذا :{نؤتها أجرها مرتين }, فلا يكون العذاب أكثر من الأجر .
وقال في موضع آخر : ربنا آتهم ضعفين من العذاب , أي : مثلين .
وروى معمر , عن قتادة , يضاعف لها العذاب ضعفين , قال : (عذاب الدنيا , وعذاب الآخرة) .
وقوله جل وعز: {ومن يقنت منكن لله ورسوله}
ومعناه : من يطع .
قال قتادة : (كل قنوت في القرآن طاعة, وقال: وأعتدنا لها رزقا كريما الجنة)). [معاني القرآن: 5/344-345]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ}
قال أبو عبيدة: ثلاثة أضعاف, ولو قال ضعفاً, لكان الواحد اثنين, وقيل: إن معناه مرتين بدليل قوله: {نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ} ). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 194]

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا (31)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({ومن يقنت منكنّ للّه ورسوله} [الأحزاب: 31]، أي: ومن يطع منكنّ اللّه ورسوله فيما حدّثني قباث ابن رزينٍ اللّخميّ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، وليس فيه اختلافٌ.
قال: {وتعمل صالحًا} [الأحزاب: 31]، يعني: الّتي تقنت منهنّ للّه ورسوله.
{نؤتها أجرها مرّتين} [الأحزاب: 31] قال يحيى: بلغني أنّ رجلا سأل الحسن قال: أين يضاعف لها العذاب ضعفين؟ قال: حيث تؤتى أجرها مرّتين.
قال يحيى: تؤتى أجرها مرّتين، يعني: في الآخرة.
قال: {وأعتدنا لها} [الأحزاب: 31]، أي: وأعددنا لها.
{رزقًا كريمًا} [الأحزاب: 31] الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 2/715]
قالَ مُحمدُ بنُ الجَهْمِ السُّمَّرِيُّ (ت: 277هـ):
(وقوله: {من يأت منكنّ...}
اجتمعت القراء على قراءة: {من يأت} بالياء , واختلفوا في قوله: {ويعمل صالحاً}, فقرأها عاصم , والحسن , وأهل المدينة بالتاء, وقرأها الأعمش , وأبو عبد الرحمن السلميّ بالياء.
فالذين قرءوا بالياء , أتبعوا الفعل الآخر بـ {يأت} إذ كان مذكّرا, والذين أنّثوا , قالوا لمّا جاء الفعل بعدهنّ علم أنه للأنثى، فأخرجناه على التأويل.
والعرب تقول: كم بيع لك جاريةً، فإذا قالوا: كم جاريةً بيعت لك, أنّثوا، والفعل في الوجهين جميعاً لكم، إلاّ أن الفعل لما أتى بعد الجارية ذهب به إلى التأنيث، ولو ذكّر كان صواباً، لأنّ الجارية مفسّرةٌ ليس الفعل لها، وأنشدني بعض العرب:
أيام أم عمرٍو من يكن عقر داره = جواءٌ عديّ يأكل الحشرات
ويسود من لفح السّموم جبينه = ويعر وإن كانوا ذوي بكرات
وجواء : عدي.
قال الفراء: سمعتها أيضاً نصباً ولو قال: وإن كان, كان صواباً , وكل حسنٌ.). [معاني القرآن للفراء: 2/341] (م)
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ومن يقنت...}
بالياء لم يختلف القراء فيها.
وقوله: {نؤتها}: قرأها أهل الحجاز بالنون., وقرأها يحيى بن وثّاب , والأعمش , وأبو عبد الرحمن السلميّ بالياء.). [معاني القرآن: 2/341-342]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ نؤتها أجرها }: أي: نعطها ثوابها.). [مجاز القرآن: 2/137]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {يضاعف لها العذاب ضعفين}
قال أبو عبيدة: يجعل الواحد ثلاثة لا اثنين, هذا معنى قول أبي عبيدة, ولا أراه كذاك؛ لأنه يقول بعد: {ومن يقنت منكنّ للّه ورسوله} أي: يطعهما, {وتعمل صالحاً نؤتها أجرها مرّتين}، فهذا يدلّ على أن «الضّعفين» ثم أيضا: مثلان.
وكأنه أراد: يضاعف لها العذاب، فيجعل ضعفين، أي : مثلين، كلّ واحد منهما ضعف الآخر. وضعف الشيء: مثله, ولذلك قرأ أبو عمرو:
(يضعف) ؛ لأنه رأى أن «يضعف» للمثل، و«يضاعف» لما فوق ذلك.
وهذا كما يقول الرجل: إن أعطيتني درهما , كافأتك بضعفين - أي : بدرهمين - فإن أعطيتني فردا , أعطيتك زوجين، يريد اثنين. ومثله:
{ربّنا آتهم ضعفين من العذاب}: أي : مثلين.). [تفسير غريب القرآن: 350] (م)
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ}
قال أبو عبيدة: ثلاثة أضعاف, ولو قال ضعفا , لكان الواحد اثنين, وقيل: إن معناه مرتين بدليل قوله: {نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ}.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 194] (م)

تفسير قوله تعالى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32) )}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {يا نساء النّبيّ لستنّ كأحدٍ من النّساء إن اتّقيتنّ} [الأحزاب: 32] ثمّ استأنف الكلام، فقال: {فلا تخضعن بالقول} [الأحزاب: 32] قال الكلبيّ: هو الكلام الّذي فيه ما يهوى المريب.
وقال الحسن: فلا تكلّمن بالرّفث، قال وكان أكثر من يصيب الحدود في زمان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم المنافقون.
قال: {فيطمع الّذي في قلبه مرضٌ} [الأحزاب: 32] سعيدٌ، عن قتادة، قال بعضهم: المرض هاهنا الزّنا.
وقال بعضهم: النّفاق.
[تفسير القرآن العظيم: 2/715]
وقال السّدّيّ: يعني: فجورٌ.
قال: {وقلن قولا معروفًا} [الأحزاب: 32] وهذا تبعٌ للكلام الأوّل {فلا تخضعن بالقول} [الأحزاب: 32]...........
{وقلن قولا معروفًا} [الأحزاب: 32].
تفسير الكلبيّ: هو الكلام الّذي فيه ما يهوى المريب.
وقال الحسن: فلا تكلّمن بالرّفث). [تفسير القرآن العظيم: 2/716]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {فلا تخضعن بالقول...}

يقول: لا تليّن القول , {فيطمع الّذي في قلبه مرضٌ}: أي: الفجور , {وقلن قولاً مّعروفاً}: صحيحاً , لا يطمع فاجرا.). [معاني القرآن: 2/342]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ لستنّ كأحدٍ من النّساء }: أحد يقع على الذكر والأنثى بلفظ واحد يقع على ما ليس في الآدميين، يقال: لم أجد فيها أحداً شاة , ولا بعيراً.). [مجاز القرآن: 2/137]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({فلا تخضعن بالقول}: أي : فلا تلنّ القول، {فيطمع الّذي في قلبه مرضٌ}: أي : فجور، {وقلن قولًا معروفاً} أي : صحيحاً, لا يطمع فاجرا.). [تفسير غريب القرآن: 350]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {يا نساء النّبيّ لستنّ كأحد من النّساء إن اتّقيتنّ فلا تخضعن بالقول فيطمع الّذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا (32)}
ولم يقل كواحدة من النساء؛ لأن أحدا نفي عام للمذكر , والمؤنث, والواحد , والجماعة.
وقوله: {إن اتّقيتنّ فلا تخضعن بالقول فيطمع الّذي في قلبه مرض}: أي : لا تقلن قولا يجد به منافق سبيلا إلى أن يطمع في موافقتكنّ له.
{وقلن قولا معروفاً}: أي : قلن ما يوجبه الدّين والإسلام بغير خضوع فيه، بل بتصريح وبيان.
{فيطمع}بالنصب وهي القراءة، وجواب {فلا تخضع} , {فيطمع}, ويقرأ : {فيطمع)}: الذي في قلبه مرض، بتسكين العين، نسق على فلا تخضعن , فيطمع.). [معاني القرآن: 4/224]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض}
يقال : خضع في قوله إذا لان , ولم يبين .
ويبينه قوله تعالى: {وقلن قولا معروفا} : أي : بينا ظاهرا
قال قتادة , والسدي : (فيطمع الذي في قلبه مرض , أي : شك , ونفاق) .
قال عكرمة : (هو شهوة الزنى)). [معاني القرآن: 5/345]

تفسير قوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال عزّ وجلّ: {وقرن في بيوتكنّ} [الأحزاب: 33] وهي تقرأ على وجهين: قرن، {وقرن} [الأحزاب: 33] فمن قرأها: {وقرن} [الأحزاب: 33] فمن قبل القرار، ومن قرأها: وقرن فمن قبل الوقار.
قال: {ولا تبرّجن تبرّج الجاهليّة الأولى} [الأحزاب: 33] قبلكم في تفسير الحسن، ليس يعني: أنّها كانت جاهليّةً قبلها كقوله: {عادًا الأولى} [النجم: 50]، أي: قبلكم.
وبعضهم يقول: الجاهليّة الّتي ولد فيها إبراهيم قبل الجاهليّة الّتي ولد فيها محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم.
وحدّثني الفرات بن سلمان، عن عبد الكريم الجزريّ، قال: قال ابن عبّاسٍ في تفسيرها: تكون جاهليّةً أخرى.
وحدّثني الحسن بن دينارٍ، عن محمّد بن سيرين، قال: لا تقوم السّاعة حتّى يعبد ذو الخلصة، فإنّه كان سيّد الأوثان في الجاهليّة.
- وحدّثني عاصم بن حكيمٍ، عن عوفٍ، عن أبي المغيرة، عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: تنفخ النّفخة الأولى، وما يعبد اللّه يومئذٍ في الأرض.
قال: {وأقمن الصّلاة} [الأحزاب: 33] المفروضة، الصّلوات الخمس على وضوئها، ومواقيتها، وركوعها، وسجودها.
{وآتين الزّكاة} [الأحزاب: 33] المفروضة.
[تفسير القرآن العظيم: 2/716]
{وأطعن اللّه ورسوله} [الأحزاب: 33] في ما أمركنّ به.
{إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرّجس} [الأحزاب: 33] الشّيطان الّذي يدعو إلى المعاصي.
وقال بعضهم: الرّجس، يعني: الإثم الّذي ذكر في هذه الآيات.
{ويطهّركم تطهيرًا} [الأحزاب: 33] من الذّنوب، في تفسير السّدّيّ، وقال: كلّ رجسٍ في القرآن، فإنّما هو إثمٌ، والرّجز كلّه العذاب، والرّجز مرفوعةٌ: الأوثان.
- وحدّثني حمّادٌ، عن عليّ بن زيدٍ، عن أنس بن مالكٍ، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يقوم على باب عليٍّ وفاطمة صلاة الفجر ستّة أشهرٍ، فيقول: الصّلاة الصّلاة يا أهل البيت {إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرّجس أهل البيت ويطهّركم تطهيرًا} [الأحزاب: 33].
- وحدّثني يونس بن أبي إسحاق، عن أبي داود، عن أبي الحمراء، قال: رابطت المدينة سبعة أشهرٍ مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كيومٍ واحدٍ فسمعت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم إذا طلع الفجر جاء إلى باب عليٍّ وفاطمة، فقال: الصّلاة، ثلاثًا: {إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرّجس أهل البيت ويطهّركم تطهيرًا} [الأحزاب: 33].
قال يحيى: وبلغني أنّ هذه الآية نزلت على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في بيت أمّ سلمة). [تفسير القرآن العظيم: 2/717]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: ( قوله: {وقرن في بيوتكنّ...}

من الوقار, تقول للرّجل: قد وقر في منزله , يقر وقوراً.
وقرأ عاصم وأهل المدينة : {وقرن}بالفتح, ولا يكون ذلك من الوقار، ولكنا نرى أنهم أرادوا: واقررن في بيوتكنّ , فحذفوا الرّاء الأولى، فحوّلت فتحها في القاف؛ كما قالوا: هل أحست صاحبك؟, وكما قال: {فظلتم} , يريد: فظللتم.
ومن العرب من يقول: واقررن في بيوتكنّ، فلو قال قائل: وقرن بكسر القاف يريد , واقررن بكسر الراء فيحوّل كسرة الراء -إذا سقطت- إلى القاف كان وجهاً.
ولم نجد ذلك في الوجهين جميعاً مستعملاً في كلام العرب إلاّ في فعلت وفعلتم وفعلن , فأمّا في الأمر والنهي المستقبل فلا؛ إلا أنا جوّزنا ذلك لأنّ اللام في النسوة ساكنة في فعلن , ويفعلن فجاز ذلك, وقد قال أعرابيّ من بني نمير: ينحطن من الجبل , يريد: ينحططن, فهذا يقوّي ذلك.
وقوله: {ولا تبرّجن تبرّج الجاهليّة الأولى}: قال: ذلك في زمنٍ ولد فيه إبراهيم النبي عليه السلام, كانت المرأة إذ ذاك تلبس الدّرع من اللؤلؤ غير مخيط الجانبين, ويقال: كانت تلبس الثياب تبلغ المال لا تواري جسدها، فأمرن ألاّ يفعلن مثل ذلك). [معاني القرآن: 2/342-343]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وقرن في بيوتكنّ}: القاف مكسورة لأنها من وقرت تقر، تقديره: وزنت تزن , ومعناه من الوقار , ومن فتح القاف , فإن مجازها من " قرّت تقر " تقديره: قررت تقر , فحذف الراء الثانية فخففها , وقد تفعل العرب ذلك , وقال الشاعر:
خلا أنّ العتاق من المطاي= أحسن به فهنّ إليه شوس
أراد : أحسن.
{ولا تبرّجن}: وهو من التبرج , وهو أن يبرزن محاسنهن , فيظهرونها.). [مجاز القرآن: 2/138]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({وقرن في بيوتكم}: من الوقار، ومن فتح القاف فهي مخففة، قررت كما خففت ظللت فقيل: ظلت عليه عاكفا). [غريب القرآن وتفسيره: 303]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وقرن في بيوتكنّ} من الوقار، يقال: وقر في منزله , يقر وقورا.
ومن قرأ: {وقرن في بيوتكنّ} بنصب القاف، جعله من «القرار», وكأنه من «قرّ يقرّ» بفتح القاف, أراد: «أقررن في بيوتكن»، فحذف الراء الأولى، وحول فتحتها إلى القاف. كما يقال: ظللن في موضع كذا، من «أظللن».

قال اللّه تعالى: {فظلتم تفكّهون}
ولم نسمع بـ «قرّ يقرّ» إلا في قرة العين, فأمّا في الاستقرار , فإنما هو «قرّ يقرّ» بالقاف مكسورة, ولعلها لغة.).[تفسير غريب القرآن: 350-351]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ {وقرن في بيوتكنّ ولا تبرّجن تبرّج الجاهليّة الأولى وأقمن الصّلاة وآتين الزّكاة وأطعن اللّه ورسوله إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرّجس أهل البيت ويطهّركم تطهيرا (33)}
ويقرأ " وقرن " بكسر القاف , فمن قرأ بالفتح , فهو من قررت بالمكان أقرّ. فالمعننى: واقررن , فإذا خففت صارت : وقرن , حذفت الألف لثقل التضعيف في الراء، وألقيت حركتها على القاف.
والأجود:{ وقرن في بيوتكن } بكسر القاف , وهو من الوقار، تقول: وقر يقر في المكان.
ويصلح أن يكون من قررت في المكان أ, قره فيحذف على أنه من {واقررن} بكسر الراء الأولى، والكسر من جهتين، من أنه من الوقار، ومن أنه من القرار جميعا.
وقوله تعالى:{ولا تبرّجن تبرّج الجاهليّة الأولى}
التبرّج : إظهار الزينة، وما تستدعى به شهوة الرجل.
وقيل : إنهن كن يتكسّرن في مشيتهنّ، ويتبخترن، وقيل إن الجاهلية الأولى من كان من لدن آدم إلى زمن نوح، وقيل : من زمن نوح إلى زمن إدريس.
وقيل : منذ زمن عيسى إلى زمن النبي صلى الله عليه وسلم .
والأشبه أن تكون منذ زمن عيسى إلى زمن النبي صلى الله عليه وسلم ؛لأنهم هم الجاهلية المعروفون , لأنه روى أنهم كانوا يتخذون البغايا - وهن الفواجر - يغللن لهم.
فإن قيل: لم قيل الأولى؟, قيل : يقال لكل متقدّم , ومتقدّمة أولى وأول، فتأويله : أنهم تقدّموا أمّة محمد صلى الله عليه وسلم , فهم أولى , وهم أول من أمة محمد صلى الله عليه وسلم
وقوله عزّ وجلّ: {من يأت منكنّ بفاحشة مبيّنة}
وتقرأ: {مبينة}
{يضاعف لها العذاب ضعفين}
القراءة يضاعف بألف، وقرأ أبو عمرو وحده يضعّف، وكلاهما جيّد.
وقال أبو عبيدة: يعذب ثلاثة أعذبة، قال: كان عليها أن يعذب مرة واحدة، فإذا ضوعفت المرة ضعفين، صار العذاب ثلاثة أعذبة.
وهذا القول ليس بشيء ؛ لأنّ معنى : يضاعف لها العذاب ضعفين : يجعل عذاب جرمها -كعذابي جرمين.
والدليل عليه {نؤتها أجرها مرّتين}: فلا يكون أن تعطى على الطاعة أجرين , وعلى المعصية ثلاثة أعذبة , ومعنى ضعف الشيء مثله، لأن ضعف الشيء الذي يضعفه بمنزلة مثقال الشيء.
ومعنى : {يقنت}: يقيم على الطاعة.
{وأعتدنا لها رزقا كريما}: جاء في التفسير : أنه الجنّة.
وقوله: {إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرّجس أهل البيت}
{أهل البيت} منصوب على المدح، ولو قرئت أهل البيت - بالخفض - أو قرئت, أهل البيت بالرفع لجاز ذلك , ولكنّ القراءة النصب.
وهو على وجهين:
على معنى : أعني : أهل البيت, وعلى النداء: على معنى : يا أهل البيت.
والرجس في اللغة : كل مستنكر , مستقذر من مأكول , أو عمل , أو فاحشة.
وقيل : إن أهل البيت ههنا : يعنى به نساء النبي صلى الله عليه وسلم , وقيل نساء النبي صلى الله عليه وسلم , والرجال الذين هم آله.
واللغة : تدل على أنه للنساء والرجال جميعا ؛ لقوله {عنكم}بالميم، ويطهّركم, ولو كان للنساء لم يجز إلا عنكن , ويطهّركنّ.
والدليل على هذا قوله: {واذكرن ما يتلى في بيوتكنّ} حيث أفرد النساء بالخطاب.). [معاني القرآن: 4/224-227]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى}
هو من وقر يقر وقارا في المكان, إذا ثبت فيه .
وفيه قول آخر : قال محمد بن يزيد : هو من قررت في المكان أقر , والأصل :{واقررن }, جاء على لغة من قال : في مسست , مست حذفت , الراء الأولى , وألقيت حركتها على القاف , فصار : (وقرن) .
قال : ومن قرأ: (وقرن) , فقد لحن .
قال أبو جعفر : يجوز أن يكون {وقرن} من قررت به عينا , أقر , فيكون المعنى : واقررن به عينا في بيوتكن .
ثم قال جل وعز: {ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى}
روى علي بن أحمر , عن عكرمة , عن ابن عباس قال: (الجاهلية الأولى ما بين إدريس ونوح صلى الله عليهما و سلم) .
وروى عبد الله بن عمرو , عن عبد الكريم , عن عكرمة , عن ابن عباس قال: (ستكون جاهلية أخرى) .
وروى هشيم , عن زكريا , عن الشعبي قال : (الجاهلية الأولى ما بين عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم).
قال مجاهد : (كان النساء يتمشين بين الرجال , فذلك التبرج) .
وقال ابن أبي نجيح: هو التبختر
قال أبو جعفر : التبرج في اللغة : هو إظهار الزينة , وما تستدعى به الشهوة , وكان هذا ظاهرا بين عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم , وكان ثم بغايا يقصدن , وقوله جل وعز: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت}
قال عطية : حدثني أبو سعيد الخدري , قال: (حدثتني أم سلمة , قالت : نزلت هذه الآية في بيت , وكنت جالسة على الباب , فقلت : يا رسول الله , ألست من أهل البيت , قال : ((إنك إلى خير , وأنت من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم)) , وكان في البيت النبي صلى الله عليه وسلم , وعلي , وفاطمة , والحسن , والحسين صلوات الله عليهم وسلامه)). [معاني القرآن: 5/347-348]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَقَرْنَ}: من الاستقرار). [العمدة في غريب القرآن: 243]


تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقيل: إن أهل البيت ههنا , يعنى به نساء النبي صلى الله عليه وسلم , وقيل: نساء النبي صلى الله عليه وسلم , والرجال الذين هم آله.

واللغة : تدل على أنه للنساء والرجال جميعا لقوله (عنكم) بالميم، ويطهّركم.
ولو كان للنساء لم يجز إلا عنكن , ويطهّركنّ.
والدليل على هذا قوله: {واذكرن ما يتلى في بيوتكنّ}:حيث أفرد النساء بالخطاب.). [معاني القرآن: 4/227] (م)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة}
قال قتادة : أي : القرآن , والسنة .
وروى محمد بن عمرو , عن أبي سلمة , عن أم سلمة قالت: (قلت: يا رسول الله أرى الله جل وعز يذكر الرجال , ولا يذكر النساء , فنزلت: {إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات})). [معاني القرآن: 5/349]


رد مع اقتباس