عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 13 ذو القعدة 1431هـ/20-10-2010م, 05:59 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 1 إلى 8]

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (1) وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (2) وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (3) مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (4) ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آَبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (5) النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (6) وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (7) لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (8) }

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (1)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {يا أيّها النّبيّ اتّق اللّه ولا تطع الكافرين} [الأحزاب: 1] في الشّرك باللّه.
{والمنافقين} ولا تطع المنافقين حتّى تكون وليجةً في دين اللّه، والوليجة أن يدخل في دين اللّه ما يقارب به المنافقين.
قال: {إنّ اللّه كان عليمًا حكيمًا {1}). [تفسير القرآن العظيم: 2/697]
قالَ مُحمدُ بنُ الجَهْمِ السُّمَّرِيُّ (ت: 277هـ):
(وقوله: {اتّق اللّه...}
قال الفراء): يقول القائل : فيم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتقوى؟.
فالسّبب في ذلك : أنّ أبا سفيان بن حرب , وعكرمة بن أبي جهل , وأبا الأعور السّلمي قدموا إلى المدينة، فنزلوا على عبد الله بن أبيّ بن سلول , ونظرائه من المنافقين، فسألوا رسول الله أشياء يكرهها، فهمّ بهم المسلمون , فنزل {يا أيّها النّبيّ اتّق اللّه} في نقض العهد؛ لأنه كانت بينهم موادعة فأمر بألاّ ينقض العهد, {ولا تطع الكافرين} من أهل مكّة , {والمنافقين} من أهل المدينة فيما سألوك.) [معاني القرآن للفراء: 2/333-334]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وأما قوله سبحانه: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ}
ففيه تأويلان:

أحدهما: أن تكون المخاطبة لرسول الله، صلّى الله عليه وسلم، والمراد غيره من الشّكّاك؛ لأنّ القرآن نزل عليه بمذاهب العرب كلهم، وهم قد يخاطبون الرّجل بالشيء ويريدون غيره، ولذلك يقول متمثّلهم: «إيّاك أعني واسمعي يا جارة».
ومثله قوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا}.
الخطاب للنبي، صلّى الله عليه وسلم، والمراد بالوصية والعظة المؤمنون، يدلك على ذلك أنه قال: {وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}.
ولم يقل بما تعمل خبيرا.
ومثل هذه الآية قوله: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آَلِهَةً يُعْبَدُونَ}، أي سل من أرسلنا إليه من قبلك رسلا من رسلنا، يعني أهل الكتاب، فالخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلم والمراد المشركون.
ومثل هذا قول الكميت في مدح رسول الله، صلّى الله عليه وسلم:
إلى السّراج المنير أحمد لا = يعدلني رغبةٌ ولا رَهَبُ
عنه إلى غيره ولو رفع النَّـ = ـاسُ إليَّ العيون وارتقبوا
وقيل: أفرطتَ، بل قصدتُ = ولو عنَّفني القائلون أو ثلبوا
لَجَّ بتفضيلك اللّسانُ ولو = أُكثرَ فيك اللَّجاجُ واللَّجَبُ
أنت المصفَّى المحضُ المهذَّب في النِّسْـ = ـبَةِ إنْ نصَّ قومك النَّسَبُ

فالخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلم، والمراد أهل بيته، فورّى عن ذكرهم به، وأراد بالعائبين واللائمين بني أمية.
وليس يجوز أن يكون هذا للنبي، صلّى الله عليه وسلم؛ لأنه ليس أحد من المسلمين يسوءه مدح رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ولا يعنّف قائلا عليه، ومن ذا يساوى به، ويفضّل عليه، حتى يكثر في مدحه الضّجاج واللّجب؟.
وإن الشعراء ليمدحون الرجل من أوساط الناس فيفرطون ويفرّطون فيغلون وما يرفع الناس إليهم العيون ولا يرتقبون، فكيف يلام هذا على الاقتصاد في مدح من الإفراط في مدحه غير تفريط، ولكنه أراد أهل بيته.
والتأويل الآخر: أن الناس كانوا في عصر النبي صلّى الله عليه وسلم أصنافا: منهم كافر به مكذّب، لا يرى إلا أن ما جاء به الباطل.
وآخر: مؤمن به مصدّق يعلم أن ما جاء به الحق.
وشاك في الأمر لا يدري كيف هو، فهو يقدّم رجلا ويؤخّر أخرى.
فخاطب الله سبحانه هذا الصّنف من الناس فقال: فإن كنت أيها الإنسان في شك مما أنزلنا إليك من الهدى على لسان محمد صلّى الله عليه وسلم فسل الأكابر من أهل الكتاب والعلماء الذين يقرؤون الكتاب من قبلك، مثل: عبد الله بن سلام، وسلمان الفارسي، وتميم الدّاري وأشباههم، ولم يرد المعاندين منهم فيشهدون على صدقه، ويخبرونك بنبوّته، وما قدّمه الله في الكتب من ذكره فقال: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ} ، وهو يريد غير النبي، صلّى الله عليه وسلم.
كما قال في موضع آخر: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ}
وحّد وهو يريد الجمع، كما قال: {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ}.
و{يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ}.
وقال: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ}.
ولم يرد في جميع هذا إنسانا بعينه، إنما هو لجماعة الناس.
ومثله قول الشاعر:
إذا كنت متّخذا صاحبا = فلا تصحبنَّ فتى دارميّا
لم يرد بالخطاب رجلا بعينه، إنما أراد: من كان متّخذا صاحبا فلا يجعله من دارم.
وهذا، وإن كان جائزا حسنا، فإنّ المذهب الأول أعجب إليّ؛ لأنّ الكلام اتصل حتى قال: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}.
وهذا لا يجوز أن يكون إلّا لرسول الله، صلّى الله عليه وسلم). [تأويل مشكل القرآن: 269-274] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله عزّ وجلّ: {يا أيّها النّبيّ اتّق اللّه ولا تطع الكافرين والمنافقين إنّ اللّه كان عليما حكيما}
معناه : اثبت على تقوى الله , ودم عليها.
وقوله:{إنّ اللّه كان عليما حكيما}:أي : كان عليما بما يكون قبل كونه، حكيما فيما يخلقه قبل خلقه إياه.). [معاني القرآن: 4/213]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (من ذلك قوله جل وعز: {يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين}
معناه : اثبت على تقوى الله , ما قال سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا آمنوا} .). [معاني القرآن: 5/317]

تفسير قوله تعالى: {وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (2) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({واتّبع ما يوحى إليك من ربّك إنّ اللّه كان بما تعملون خبيرًا {2}} [الأحزاب: 2]، يعني: العامّة). [تفسير القرآن العظيم: 2/697]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: ({واتّبع ما يوحى إليك من ربّك إنّ اللّه كان بما تعملون خبيرا (2)}: يعني به القرآن.).
[معاني القرآن: 4/213]

تفسير قوله تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (3)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وتوكّل على اللّه وكفى باللّه وكيلا} [الأحزاب: 3] متوكّلا عليه، وقال أيضًا: {ونعم الوكيل} [آل عمران: 173] ونعم المتوكّل عليه). [تفسير القرآن العظيم: 2/697]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {وتوكّل على اللّه وكفى باللّه وكيلا (3)}

معناه : وكفى بالله وكيلا، دخلت الباء بمعنى الأمر، وإن كان لفظه لفظ الخبر.
المعنى :اكتف باللّه وكيلا.). [معاني القرآن: 4/213]

تفسير قوله تعالى: {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (4)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ما جعل اللّه لرجلٍ من قلبين في جوفه} [الأحزاب: 4] تفسير مجاهدٍ: أنّ رجلا من المشركين من بني فهرٍ قال: إنّ في جوفي لقلبين أعقل بكلّ واحدٍ منهما أفضل من عقل محمّدٍ، وكذب.
وتفسير الكلبيّ: أنّ رجلا من قريشٍ يقال له جميلٌ كان حافظًا لما
[تفسير القرآن العظيم: 2/697]
سمع، فقالت قريشٌ: ما يحفظ جميلٌ ما يحفظ بقلبٍ واحدٍ، إنّ له لقلبين.
قوله عزّ وجلّ: {وما جعل أزواجكم اللّائي تظاهرون منهنّ أمّهاتكم} [الأحزاب: 4] إذا قال الرّجل لامرأته: أنت عليّ كظهر أمّي، لم تكن عليه مثل أمّه في التّحريم، فتحرم عليه أبدًا، ولكن عليه كفّارة الظّهار في أوّل سورة المجادلة، {فتحرير رقبةٍ من قبل أن يتماسّا ذلكم توعظون به واللّه بما تعملون خبيرٌ {3} فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسّا فمن لم يستطع فإطعام ستّين مسكينًا} [المجادلة: 3-4] وكان الظّهار عندهم في الجاهليّة طلاقًا فجعل اللّه فيه الكفّارة.
قال: {وما جعل أدعياءكم أبناءكم} [الأحزاب: 4] عاصم بن حكيمٍ، أنّ مجاهدًا، قال: هذا في زيد بن حارثة، تبنّاه محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم، وكان الرّجل في الجاهليّة يكون ذليلا، فيأتي الرّجل ذا القوّة والشّرف، فيقول: أنا ابنك، فيقول: نعم، فإذا قبله واتّخذه ابنًا أصبح أعزّ أهلها، وكان زيد بن حارثة منهم، كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم تبنّاه يومئذٍ على ما كان
يصنع في الجاهليّة، وكان مولى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فلمّا جاء الإسلام أمرهم اللّه أن يلحقوهم بآبائهم فقال: {وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم} [الأحزاب: 4]، يعني: ادّعاءهم هؤلاء وقول الرّجل لامرأته: أنت عليّ كظهر أمّي.
قال: {واللّه يقول الحقّ وهو يهدي السّبيل} [الأحزاب: 4] يهدي إلى الهدى، وقوله الحقّ في هذا الموضع أنّه أمر هؤلاء المدّعين أن يلحقوا هؤلاء المدّعين بآبائهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/698]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {مّا جعل اللّه لرجلٍ مّن قلبين في جوفه...}

إنما جرى ذكر هذا لرجل كان يقال له جميل بن أوس , ويكنى أبا معمرٍ, وكان حفظاً للحديث كثيره، فكان أهل مكّة يقولون: له قلبان , وعقلان من حفظه , فانهزم يوم بدر، فمرّ بأبي سفيان , وهو في العير، فقال: ما حال الناس يا أبا معمرٍ؟ .
فقال: بين مقتولٍ وهارب.
قال: فما بال إحدى نعليك في رجلك , والأخرى في يدك؟ .
قال: لقد ظننت أنهما جميعاً في رجليّ؛ فعلم كذبهم في قولهم: له قلبان, ثم ضم إليه : {وما جعل}.
وقوله: {وما جعل أزواجكم اللاّئي تظاهرون منهنّ أمّهاتكم} : أي : هذا باطل؛ كما أن قولكم في جميل باطل, إذا قال الرجل: امرأته عليه كظهر أمّه , فليس كذلك، وفيه من الكفّارة ما جعل الله.
وقوله: {تظاهرون} خفيفة , قرأها يحيى بن وثّاب, وقرأها الحسن:{تظهّرون} مشدّدةً بغير ألفٍ, وقرأها أهل المدينة {تظّهّرون} بنصب التاء، وكلّ صواب, معناه متقارب .
العرب تقول: عقّبت وعاقبت، {وعقّدتم الأيمان} , و{عاقدتم} , {ولا تصعّر خدّك}
و{لا تصاعر}: اللهمّ لا تراءبي، وترأبّي.
وقد قرأ بذلك قولهم فقالوا: {يراءون} و{يرءّون} مثل يرعّون.
وقد قرأ بعضهم {تظاهرون} , وهو وجه جيّد لا أعرف إسناده.
وقوله: {وما جعل أدعياءكم أبناءكم}.
كان أهل الجاهليّة إذا أعجب أحدهم جلد الرجل , وظرفه ضمّه إلى نفسه، وجعل له مثل نصيب ذكر من ولده من ميراثه. وكانوا ينسبون إليهم، فيقال: فلان بن فلان للذي أقطعه إليه, فقال الله : {ذلكم قولكم بأفواهكم}, وهو باطل , {واللّه يقول الحقّ} غير ما قلتم). [معاني القرآن: 2/333-335]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({مّا جعل اللّه لرجلٍ مّن قلبين في جوفه وما جعل أزواجكم اللاّئي تظاهرون منهنّ أمّهاتكم وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم واللّه يقول الحقّ وهو يهدي السّبيل}
قال: {مّن قلبين في جوفه} : إنّما هو "ما جعل الله لرجلٍ قلبين في جوفه" , وجاءت {من} توكيدا كما تقول "رأيت زيداً نفسه" , فأدخل "من" توكيدا.).[معاني القرآن: 3/30]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وما جعل أدعياءكم أبناءكم}: من تبنّيتموه , واتخذتموه ولدا, يقول: ما جعلهم بمنزلة الصّلب، وكانوا يورّثون من ادّعوه.
{ذلكم قولكم بأفواهكم} : أي : قولكم على التّشبيه , والمجاز، لا على الحقيقة{واللّه يقول الحقّ}.). [تفسير غريب القرآن: 348]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجل:{ما جعل اللّه لرجل من قلبين في جوفه وما جعل أزواجكم اللّائي تظاهرون منهنّ أمّهاتكم وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم واللّه يقول الحقّ وهو يهدي السّبيل (4)}
قال ابن عباس: (إن النبي صلى الله عليه وسلم صلّى فسها كما يسهو الرجال في صلاته، وخطرت على باله كلمة , فقال المنافقون إنّ له قلبين، قلبا معكم , وقلبا مع أصحابه).
وأكثر ما جاء في التفسير : أن عبد اللّه بن خطل كانت قريش تسميه ذا القلبين، وروي أنه قال: إن لي قلبين أفهم بكل واحد منهما أكثر مما يفهم محمد، فأكذبه اللّه عزّ وجلّ فقال: {ما جعل اللّه لرجل من قلبين في جوفه}
ثم قرن بهذا الكلام ما يقوله المشركون غيرهم مما لا حقيقة له , فقال عزّ وجلّ: {وما جعل أزواجكم اللّائي تظاهرون منهنّ أمّهاتكم}
وتقرأ :{تظّاهرون}منهنّ، فمن قرأ {تظاهرون} بالتخفيف فعلى قولك: ظاهر الرجل من امرأته، ومن قرأ {تظّاهرون} - بالتشديد - فعلى تظاهر الرجل من امرأته، ومعناه أنه قال لها: أنت عليّ كظهر أمّي، فأعلم اللّه - عزّ وجلّ - أن الزوجة لا تكون أمّا، وكانت الجاهلية تطلّق بهذا الكلام، فأنزل اللّه كفارة الظهار في سور المجادلة.
وقوله عزّ وجلّ: {وما جعل أدعياءكم أبناءكم}: أي : ما جعل من تدعونه ابنا , وليس بولد في الحقيقة ابنا.
وكانوا يتوارثون على الهجرة, ولا يرث الأعرابي من المهاجر، وإن كان النسب يوجب له الإرث, فأعلم اللّه أن أولى الأرحام بعضهم أولى ببعض، وأبطل الإرث بالهجرة.
وقوله: {ذلكم قولكم بأفواهكم}:أي : ادّعاؤكم نسب من لا حقيقة لنسبه , قول بالفم لا حقيقة معنى تحته.
{واللّه يقول الحقّ وهو يهدي السّبيل}:أي : اللّه لا يجعل الابن غير الابن، وهو يهدي السّبيل، أي: يهدي السبيل المستقيمة مثل قوله: {فقد ضلّ سواء السّبيل}). [معاني القرآن: 4/213-214-215]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {إن الله كان عليما حكيما}
أي : عليما بما يكون قبل أن يكون حكيما فيما يخلقه قبل أن يخلقه
وقوله جل وعز: {ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه}
قال أبو جعفر : في معنى هذا , ونزوله ثلاث أقوال: فمن ذلك ما حدثنا أحمد بن محمد بن نافع قال : حدثنا سلمة , قال حدثنا عبد الرزاق , قال أخبرنا معمر , قال: (قال قتادة : كان رجل لا يسمع شيئا إلا وعاه , فقال الناس : ما يعي هذا إلا أن له قلبين , فكان يسمى ذا القلبين , فقال الله عز وجل :{ما جعل الله لرجل من قلبين}).
قال معمر , وقال الحسن : (كان رجل يقول إن نفسا تأمرني بكذا , ونفسا تأمرني بكذا , فقال الله جل وعز: {ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه} ).
وروى أبو هلال , عن عبد الله بن بريدة قال : (كان في الجاهلية رجل يقال له ذو قلبين , فأنزل الله جل وعز: {ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه} ).
وروى ابن أبي نجيح , عن مجاهد قال: (قال رجل من بني فهر : إن في جوفي قلبين أعقل بكل واحد منهما أفضل من عقل محمد صلى الله عليه وسلم , وكذب).
قال أبو جعفر : وهذه الأقوال ترجع إلى معنى واحد , وهو أن الآية نزلت في رجل بعينه , ويقال : إن الرجل عبد الله بن خطل.
والقول الثاني: قول ضعيف لا يصح في اللغة , وهو من منقطعات الزهري رواه معمر عنه , في قوله جل وعز: {ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه} .
قال: بلغنا أن ذلك في شأن زيد بن حارثة ضرب له مثلا , يقول : ليس ابن رجل آخر ابنك.
والقول الثالث : أصحها وأعلاها إسنادا , وهو جيد الإسناد .
قرئ على محمد بن عمرو بن خالد , عن أبيه قال: حدثنا زهير بن معاوية , قال : حدثنا قابوس بن أبي ظبيان : أن أباه حدثه , قال : قلنا لابن عباس : أرأيت قول الله جل وعز: {ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه} .:ما معني بذلك ؟..
قال: (كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يوما يصلي , فخطر خطرة فقال المنافقون الذين يصلون معه: ألا ترون أن له قلبين , قلبا معكم , وقلبا معهم , فأنزل الله جل وعز: {ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه})
قال أبو جعفر : وهذا أولى الأقوال في الآية لما قلنا .
والمعنى : ما جعل الله لرجل قلبا يحب به، وقلبا يبغض به , وقلبا يؤمن به , وقلبا يكفر به, ثم قرن بهذا ما كان المشركون يطلقون به مما لا يكون , فقال: {وما جعل أزواجكم اللاتي تظاهرون منهن أمهاتكم}
وهو لفظ مشتق من الظهر , وقرأ الحسن : تظاهرون , وأنكر هذه القراءة أبو عمرو بن العلاء , وقال : (إنما يكون هذا من المعاونة).
قال أبو جعفر : وليس يمتنع شيء من هذا لاتفاق اللفظين , ويدل على صحته الظهار , ثم قال جل وعز: {وما جعل أدعياءكم أبناءكم
أي : ما جعل من تبنيتموه , واتخذتموه ولدا بمنزلة الولد في الميراث
قال مجاهد : (نزل هذا في زيد بن حارثة) .
ثم قال جل وعز: {ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل}
أي : هو شيء تقولونه على التشبيه , وليس بحقيقة , والله يقول الحق , أي : لا يجعل غير الولد ولدا , وهو يهدي السبيل , أي:سبيل الحق.). [معاني القرآن: 5/317-322]

تفسير قوله تعالى:{ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آَبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (5)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند اللّه} [الأحزاب: 5] أعدل عند اللّه.
{فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدّين ومواليكم} [الأحزاب: 5]، يعني: المولى الّذي
[تفسير القرآن العظيم: 2/698]
يعتق...
السّدّيّ.
قال يحيى: قولوا وليّنا فلانٌ، وأخونا فلانٌ.
{وليس عليكم جناحٌ} [الأحزاب: 5] إثمٌ.
{فيما أخطأتم به ولكن ما تعمّدت قلوبكم} [الأحزاب: 5] إن أخطأ الرّجل بعد النّهي فنسبه إلى الّذي تبنّاه ناسيًا، فليس عليه في ذلك إثمٌ.
{ولكن ما تعمّدت قلوبكم وكان اللّه غفورًا رحيمًا} [الأحزاب: 5] أن تدعوهم إلى غير آبائهم الّذين ألحقهم اللّه بهم متعمّدين لذلك وهذا تفسير الحسن.
وقال مجاهدٌ: {وليس عليكم جناحٌ فيما أخطأتم به} [الأحزاب: 5] قبل النّهي عن هذا وغيره {به ولكن ما تعمّدت قلوبكم} [الأحزاب: 5] بعد النّهي في هذا وغيره.
{وكان اللّه غفورًا رحيمًا} [الأحزاب: 5]
- نصر بن طريفٍ، عن عاصمٍ الأحول، عن أبي عثمان النّهديّ، عن سعد بن مالكٍ قال: سمعت أذناي ووعى قلبي من محمّدٍ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «من ادّعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنّه غير أبيه، فالجنّة عليه حرامٌ»، قال: فلقيت أبا بكرة فأخبرته، فقال: قد سمعته من النّبيّ عليه السّلام). [تفسير القرآن العظيم: 2/699]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (ثم أمرهم فقال: {ادعوهم لآبائهم...}

أي : انسبوهم إلى آبائهم, وقوله: {فإن لّم تعلموا آباءهم} , فانسبوهم إلى نسبة مواليكم الذين لا تعرفون آباءهم: فلان بن عبد الله، بن عبد الرحمن ونحوه.
وقوله: {وليس عليكم جناحٌ} : فيما لم تقصدوا له من الخطأ، إنما الإثم فيما تعمّدتم.
وقوله: {ولكن مّا تعمّدت قلوبكم} : (ما) في موضع خفض مردودة على (ما) التي مع الخطأ.). [معاني القرآن: 2/335]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ فإخوانكم في الدّين}:أي: إخوانكم في الملّة , وخرج مخرج فتىً , والجميع فتيان وفيتية.
{ومواليكم }: أي : بنو عمكم , وولاتكم.). [مجاز القرآن: 2/134]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند اللّه فإن لّم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدّين ومواليكم وليس عليكم جناحٌ فيما أخطأتم به ولكن مّا تعمّدت قلوبكم وكان اللّه غفوراً رّحيماً}
وقال: {ادعوهم لآبائهم} : لأنك تقول: "هو يدعى لفلان".). [معاني القرآن: 3/30]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({هو أقسط عند الله}: أعدل). [غريب القرآن وتفسيره: 302]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {هو أقسط عند اللّه}: أي:أعدل , وأصحّ.). [تفسير غريب القرآن: 348]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند اللّه فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدّين ومواليكم وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمّدت قلوبكم وكان اللّه غفورا رحيما (5)}
{ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند اللّه}: أي: هو أعدل.
{فإن لم تعلموا آباءهم}:أي : فإن لم تعلموا أنّ المدعوّ ابن فلان , فهو أخوك في الدّين إذا كان مؤمنا، أي : فقل : يا أخي.
{ومواليكم}:أي : بنو عمّكم، ويجوز أن يكون: ومواليكم , أي: أولياؤكم في الدّين.
{وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمّدت قلوبكم}:
في هذا وجهان:
أحدهما : وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به مما قد فعلتموه قبل أن تنهوا عن هذا، ولكن ما تعمّدت قلوبكم، أي : ولكن الإثم فيما تعمّدت قلوبكم.
و (ما) في موضع جرّ عطف على (ما) الأولى, المعنى: وليس عليكم جناح في الذي أخطأتم به, ولكن في الذي تعمّدت قلوبكم.
ويجوز أن يكون: ولا جناح عليكم في أن تقولوا له يا بنيّ على غير أن تتعمّد أن تجريه مجرى الولد في الإرث.). [معاني القرآن: 4/215]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله}
روى سالم عن ابن عمر قال : (ما كنا ندعو زيد بن حارثة إلا زيد بن محمد , حتى نزلت :{ادعوهم لآبائهم }).
ثم قال جل وعز: {هو أقسط عند الله} : أي أعدل , وقوله جل وعز: {فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم} : أي : فقولوا : أخي في الدين.
{ومواليكم } : أي : بنو عمكم , أو أولياؤكم في الدين .
ثم قال جل وعز: {وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم}
في معناه ثلاثة أقوال:
قال مجاهد : {فيما أخطأتم به} (قبل النهي في هذا , وفي غيره , {ولكن ما تعمدت قلوبكم} بعد النهي في هذا , وفي غيره ).
وقيل: {فيما أخطأتم به} : أن يقول له يا بني في المخاطبة على غير تبن .
وقال قتادة : (هو أن تنسب الرجل إلى غير أبيه , وأنت ترى أنه أبوه . وهذا أولاها وأبينها) .
وقوله جل وعز: {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم}
روى جابر , عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(( أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم , فأيما رجل مات وترك دي, فإلي , وإن ترك مالا فلورثته .)).
وحقيقة معنى الآية - والله جل وعز أعلم -: أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا أمر بشيء , أو نهى عنه , ثم خالفته النفس , كان أمر النبي صلى الله عليه وسلم ونهيه أولى بالاتباع من الناس.). [معاني القرآن: 5/322-324]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {هو أقسط عند الله}:أي: أعدل عند الله.). [ياقوتة الصراط: 409]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({أَقْسَطُ}: أعدل.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 193]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({أَقْسَطُ}: أعدل.). [العمدة في غريب القرآن: 242]

تفسير قوله تعالى:{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (6)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {النّبيّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم} [الأحزاب: 6] تفسير مجاهدٍ: هو أبوهم.
{وأزواجه أمّهاتهم} [الأحزاب: 6] في التّحريم مثل أمّهاتهم.
[تفسير القرآن العظيم: 2/699]
- سفيان الثّوريّ، عن فراسٍ، عن الشّعبيّ، عن مسروقٍ، عن عائشة أنّ امرأةً قالت لها: يا أمّه، فقالت: لست لك بأمٍّ إنّما أنا أمّ رجالكم.
قال: {وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعضٍ في كتاب اللّه من المؤمنين والمهاجرين} [الأحزاب: 6] سعيدٌ، عن قتادة، قال: كان نزل قبل هذه الآية في [الأنفال:] {والّذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيءٍ حتّى يهاجروا} [سورة الأنفال: 72]، فتوارث المسلمون بالهجرة، فكان لا يرث الأعرابيّ المسلم من قريبه المهاجر المسلم شيئًا، فنسختها هذه الآية، فصارت المواريث بالملل.
فقال: {وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعضٍ في كتاب اللّه من المؤمنين والمهاجرين} [الأحزاب: 6] فخلط اللّه المسلمين بعضهم ببعضٍ فصارت المواريث بالملل.
- وحدّثني أبو سلمة البنانيّ، عن شهر بن حوشبٍ، عن أبي أمامة، قال: لا يتوارث أهل ملّتين شيئًا.
- مالك بن أنسٍ، عن الزّهريّ، عن عليّ بن حسينٍ، عن عمرو بن عثمان، عن أسامة بن زيدٍ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «لا يرث المسلم الكافر».
- نصر بن طريفٍ، عن حبيبٍ المعلّم، وسعيدٍ، عن عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جدّه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «لا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر».
وفي حديث سعيدٍ: ولا يتوارث أهل ملّتين شيئًا.
وحدّثني بحر بن كنيزٍ، عن الزّهريّ أنّ أبا طالبٍ مات فترك طالبًا، وجعفرًا وعقيلا، وعليًّا، فورثه عقيلٌ وطالبٌ ولم يرثه عليٌّ ولا جعفرٌ.
[تفسير القرآن العظيم: 2/700]
قوله عزّ وجلّ: {إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم} [الأحزاب: 6] قال: إلى قرابتكم من أهل الشّرك.
سعيدٌ، عن قتادة، قال: يقول اللّه: {إلى أوليائكم} [الأحزاب: 6] من أهل الشّرك وصيّةٌ ولا ميراث لهم، يعني بالمعروف: الوصيّة، أجاز لهم الوصيّة ولا ميراث لهم.
ثمّ رجع إلى قوله: {وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعضٍ في كتاب اللّه من المؤمنين والمهاجرين} [الأحزاب: 6] فقال: {كان ذلك في الكتاب مسطورًا} [الأحزاب: 6] يقول: مكتوبًا ألا يرث كافرٌ مسلمًا.
وقد قال النّبيّ: «لا يرث المسلم الكافر».
- حمّادٌ، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أسماء بنت أبي بكرٍ قالت: قدمت عليّ أمّي وهي مشركةٌ، فسألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لأصلها، قال: صليها.
وقال عثمان، عن قتادة: {إلى أوليائكم} [الأحزاب: 6] من أهل الكتاب.
وقال مجاهدٌ: {إلى أوليائكم معروفًا} [الأحزاب: 6] قال: الّذين والى بينهم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم من المهاجرين والأنصار تمسّكًا بينهم بالمعروف). [تفسير القرآن العظيم: 2/701]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {النّبيّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمّهاتهم...}

وفي قراءة عبد الله , أو أبيّ :{النّبيّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم}, وكذلك كلّ نبيّ.
وجرى ذلك لأن المسلمين كانوا متواخين، وكان الرجل إذا مات عن أخيه الذي آخاه ورثه دون عصبته وقرابته , فأنزل الله : {النّبيّ أولى من} المسلمين بهذه المنزلة، وليس يرثهم، فكيف يرث المواخي أخاه! , وأنزل {وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعضٍ} في الميراث {في كتاب اللّه} : أي : ذلك في اللوح المحفوظ عند الله.
وقوله: {من المؤمنين والمهاجرين}: إن شئت جعلت (من) دخلت لـ (أولى) بعضهم أولى ببعض من المؤمنين والمهاجرين بعضهم ببعض، وإن شئت جعلتها - يعني من - يراد بها: وأولو الأرحام من المؤمنين , والمهاجرين أولى بالميراث.). [معاني القرآن: 2/335-336]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({في الكتاب مسطوراً}: أي مكتوباً , قال العجاج:في الصّحف الأولى التي كان سطر. ). [مجاز القرآن: 2/134]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({النّبيّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمّهاتهم وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعضٍ في كتاب اللّه من المؤمنين والمهاجرين إلاّ أن تفعلوا إلى أوليائكم مّعروفاً كان ذلك في الكتاب مسطوراً}
وقال: {إلاّ أن تفعلوا}: في موضع نصب , واستثناء خارج.). [معاني القرآن: 3/30]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {مسطوراً}: أي : مكتوباًَ.) [تفسير غريب القرآن: 348]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال في أزواج النبي، صلّى الله عليه وسلم: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: 6]، أي: كأمهاتهم في الحرمات). [تأويل مشكل القرآن: 104] قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (المولى
المولى: المعتق. والمولى: المعتق. والمولى: عصبة الرّجل. ومنه قول الله عز وجل: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي} [مريم: 5]. أراد: القرابات.
وقال رسول الله، صلّى الله عليه وسلم: «أيّما امرأة نكحت بغير أمر مولاها فنكاحها باطل»، أي: بغير أمر وليها.
وقد يقال لمن تولّاه الرجل وإن لم يكن قرابة: مولى. قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ} [محمد: 14] أي: وليّ المؤمنين، وأن الكافرين لا ولي لهم.
وقال تعالى: {يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا}. أي: وليّ عن وليّه شيئا، إمّا بالقرابة أو بالتّولّي.
والحليف أيضا: المولى. قال النابغة الجعدي:
موالِيَ حِلْفٍ لا مَوالِي قَرَابَةٍ = وَلَكِنْ قَطِينًا يَسْأَلُونَ الأَتَاوِيَا
وقال الله عز وجل: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} يريد: إذا دعاهم إلى أمر، ودعتهم أنفسهم إلى خلاف ذلك الأمر- كانت طاعته أولى بهم من طاعتهم لأنفسهم). [تأويل مشكل القرآن: 455-456] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجل :{النّبيّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمّهاتهم وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب اللّه من المؤمنين والمهاجرين إلّا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا كان ذلك في الكتاب مسطورا (6)}
وفي بعض القراءة: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم)، ولا يجوز أن تقرأ بها ؛ لأنها ليست في المصحف المجمع عليه.
والنبي عليه السلام أبو الأمة في الحقيقة.
ومعنى : {وأزواجه أمّهاتتهم}: أي : لا تحل زوجة النبي صلى الله عليه وسلم لأحد بعده إذ هي بمنزلة الأم.
وقوله:{وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب اللّه من المؤمنين والمهاجرين}
أي : ذو الرحم بذي رحمه أولى من المهاجر إذا لم يكن من ذوي رحمه.
وقوله عزّ وجلّ:{إلّا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفاً}
(إلّا أن) استثناء ليست من الأول المعنى , لكن فعلكم إلى أوليائكم معروفا جائز، وهو أن يوصي الرجل لمن يتولّاه بما أحب من ثلثه، إذا لم يكن وارثا؛ لأنه لا وصية لوارث.
{كان ذلك في الكتاب مسطوراً}:أي: كان ذلك في الكتاب الذي فرض فيه الفرض {مسطوراً}, أي: مكتوباً.). [معاني القرآن: 4/215-216]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وأزواجه أمهاتهم}
أي : هن في الحرمة بمنزلة الأمهات في الإجلال , ولا يتزوجن بعده صلى الله عليه وسلم , وروي : أنه إنما فعل هذا؛ لأنهن أزواجه في الجنة.
ثم قال جل وعز: {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا}
قال مجاهد : (أي: إلا أن توصوا لمن حالفتموه من المهاجرين والأنصار , وكان رسول الله آخى بين المهاجرين , وهذا قول بين ؛ لأنه بعيد أن يقال للمشرك : ولي) .
وقال ابن الحنفية, والحسن , وعطاء في قوله تعالى: {إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا}: (أن يوصي لذي قرابته من المشركين) .
قال الحسن : (هو وليك في النسب , وليس بوليك في الدين) .
ثم قال جل وعز: {كان ذلك في الكتاب مسطورا}
قال قتادة : (أي : مكتوبا عند الله جل وعز : لا يرث كافر مسلماً).
قال أبو جعفر : يجوز أن يكون المعنى حل ذلك في الكتاب, أي : في القرآن .
ويجوز أن يكون ذلك قوله: {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض} , وقوله جل وعز: {وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم}
قال مجاهد : (هذا في ظهر آدم صلى الله عليه وسلم)
وقال قتادة : (أخذنا ميثاقهم أن يصدق بعضهم بعضا , وقوله جل وعز: {ليسأل الصادقين عن صدقهم})
أي : ليسأل الصادقين من الرسل توبيخا لمن كذبهم , كما قال جل وعز: {أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله}
وقيل : ليسأل الصادقين عن صدقهم , هل كان لله جل وعز .
وقيل: ليثابوا عليه.). [معاني القرآن: 5/325-326-327]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (7)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وإذ أخذنا من النّبيّين ميثاقهم} [الأحزاب: 7] قال مجاهدٌ: في ظهر آدم.
وقال الكلبيّ: في صلب آدم أن يبلّغوا الرّسالة.
[تفسير القرآن العظيم: 2/701]
قال: {ومنك ومن نوحٍ وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقًا غليظًا} [الأحزاب: 7] بتبليغ الرّسالة.
وبعضهم يقول: وأن يعلموا أنّ محمّدًا رسول اللّه، وتصديق ذلك عنده في قوله: {واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا} [الزخرف: 45] سل جبريل فإنّه هو كان يأتيهم بالرّسالة: هل أرسلنا من رسولٍ إلا بشهادة أن لا إله إلا اللّه وأنّ محمّدًا رسول اللّه.
وتفسير الحسن في هذه الآية في آل عمران مثل هذه الآية: {وإذ أخذ اللّه ميثاق النّبيّين لما آتيتكم من كتابٍ وحكمةٍ ثمّ جاءكم رسولٌ مصدّقٌ لما معكم} [آل عمران: 81] قال: أخذ اللّه على النّبيّين أن يعلموا أمر محمّدٍ، ما خلا محمّدًا من النّبيّين فإنّه لا نبيّ بعده، ولكنّه قد أخذ عليه أن يصدّق بالأنبياء كلّهم، ففعل صلّى اللّه عليه وسلّم.
وذكر يحيى، عن بعض أصحابه، عن قتادة أنّه كان إذا تلا هذه الآية: {وإذ أخذنا من النّبيّين ميثاقهم ومنك ومن نوحٍ} [الأحزاب: 7]، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «كنت أوّل النّبيّين في الخلق وآخرهم في البعث».
- عمّارٌ، عن أبي هلالٍ، عن داود بن أبي هندٍ، عن مطرّف بن عبد اللّه، قال: قال رجلٌ: يا نبيّ اللّه، متى كتبت نبوّتك؟ قال: بين الطّين، وبين الرّوح من خلق آدم). [تفسير القرآن العظيم: 2/702]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {وإذ أخذنا من النّبيّين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا (7)}

موضع " إذ " نصب المعنى : اذكر إذ أخذنا، فذكره اللّه صلى الله عليه وسلم في أخذ الميثاق قبل نوح.
وجاء في التفسير: إني خلقت قبل الأنبياء، وبعثت بعدهم.
فعلى هذا القول : لا تقديم في هذا الكلام , ولا تأخير, هو على نسقه، وأخذ الميثاق حيث أخرجوا من صلب آدم صلى اللّه عليه وسلم كالذّرّ.
ومذهب أهل اللغة : أن الواو معناها الاجتماع، وليس فيها دليل أن المذكور أولا لا يستقيم أن يكون معناه التأخير.
فالمعنى على مذهب أهل اللّغة: ومن نوح , وإبراهيم , وموسى, وعيسى ابن مريم ومنك, ومثله قوله: {واسجدي واركعي مع الراكعين}.). [معاني القرآن: 4/216-217]

تفسير قوله تعالى: {لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (8) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ليسأل}، أي: ليسأل اللّه.
{الصّادقين عن صدقهم} [الأحزاب: 8] تفسير الحسن: يعني: النّبيّين كقوله: {ولنسألنّ المرسلين} [الأعراف: 6].
وقال في آيةٍ أخرى: {يوم يجمع اللّه الرّسل فيقول ماذا أجبتم} [المائدة: 109]
[تفسير القرآن العظيم: 2/702]
وقال مجاهدٌ: {ليسأل الصّادقين عن صدقهم} [الأحزاب: 8] قال: المبلّغين المؤدّين، هم الرّسل في حديث عاصم بن حكيمٍ.
وقال ابن مجاهدٍ، عن أبيه: المبلّغين المؤدّين من الرّسل.
وقال السّدّيّ: {ليسأل الصّادقين} [الأحزاب: 8]، يعني: النّبيّين {عن صدقهم} [الأحزاب: 8] أنّهم بلّغوا الرّسالة إلى قومهم من اللّه.
قال: {وأعدّ للكافرين عذابًا أليمًا} [الأحزاب: 8] موجعًا). [تفسير القرآن العظيم: 2/703]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله:{ليسأل الصّادقين عن صدقهم وأعدّ للكافرين عذابا أليما (8)}

معناه : ليسأل المبلّغين من الرسل عن صدقهم في تبليغهم.
وتأويل مسألة الرسل - واللّه يعلم - : أنهم صادقون التبكيت للذين كفروا بهم، كما قال اللّه عزّ وجلّ : {وإذ قال اللّه يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للنّاس اتّخذوني وأمّي إلهين من دون اللّه}
فأجاب فقال: {سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحقّ إن كنت قلته فقد علمته}.
ثم قال : {ما قلت لهم إلّا ما أمرتني به},فتأويله التبكيت للمكذبين.
فعلى هذا : {ليسأل الصّادقين عن صدقهم وأعدّ للكافرين عذابا أليما (8)}
أي : للكافرين بالرسل.) [معاني القرآن: 4/217]


رد مع اقتباس