عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 28 محرم 1440هـ/8-10-2018م, 07:57 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ظهر الفساد في البرّ والبحر بما كسبت أيدي النّاس ليذيقهم بعض الّذي عملوا لعلّهم يرجعون (41) قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الّذين من قبل كان أكثرهم مشركين (42) }.
قال ابن عبّاسٍ، وعكرمة، والضّحّاك، والسّدّي، وغيرهم: المراد بالبرّ هاهنا: الفيافي، وبالبحر: الأمصار والقرى، وفي روايةٍ عن ابن عبّاسٍ وعكرمة: البحر: الأمصار والقرى، ما كان منها على جانب نهرٍ.
وقال آخرون: بل المراد بالبرّ هو البرّ المعروف، وبالبحر: البحر المعروف.
وقال زيد بن رفيع: {ظهر الفساد} يعني: انقطاع المطر عن البرّ يعقبه القحط، وعن البحر تعمى دوابّه. رواه ابن أبي حاتمٍ.
وقال: حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن يزيد المقريّ، عن سفيان، عن حميد بن قيسٍ الأعرج، عن مجاهدٍ: {ظهر الفساد في البرّ والبحر}، قال: فساد البرّ: قتل ابن آدم، وفساد البحر: أخذ السّفينة غصبًا.
وقال عطاءٌ الخراسانيّ: المراد بالبرّ: ما فيه من المدائن والقرى، وبالبحر: جزائره.
والقول الأوّل أظهر، وعليه الأكثر، ويؤيّده ما ذكره محمّد بن إسحاق في السّيرة: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وسلّم صالح ملك أيلة، وكتب إليه ببحره، يعني: ببلده.
ومعنى قوله تعالى: {ظهر الفساد في البرّ والبحر بما كسبت أيدي النّاس} أي: بان النّقص في الثّمار والزّروع بسبب المعاصي.
وقال أبو العالية: من عصى اللّه في الأرض فقد أفسد في الأرض؛ لأنّ صلاح الأرض والسّماء بالطّاعة؛ ولهذا جاء في الحديث الّذي رواه أبو داود: "لحدٌّ يقام في الأرض أحبّ إلى أهلها من أن يمطروا أربعين صباحًا". والسّبب في هذا أنّ الحدود إذا أقيمت، انكفّ النّاس -أو أكثرهم، أو كثيرٌ منهم -عن تعاطي المحرّمات، وإذا ارتكبت المعاصي كان سببًا في محاق البركات من السّماء والأرض؛ ولهذا إذا نزل عيسى [ابن مريم] عليه السّلام، في آخر الزّمان فحكم بهذه الشّريعة المطهّرة في ذلك الوقت، من قتل الخنزير وكسر الصّليب ووضع الجزية، وهو تركها -فلا يقبل إلّا الإسلام أو السّيف، فإذا أهلك اللّه في زمانه الدّجّال وأتباعه ويأجوج ومأجوج، قيل للأرض: أخرجي بركاتك. فيأكل من الرّمّانة الفئام من النّاس، ويستظلّون بقحفها، ويكفي لبن اللّقحة الجماعة من النّاس. وما ذاك إلّا ببركة تنفيذ شريعة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فكلّما أقيم العدل كثرت البركات والخير؛ [ولهذا] ثبت في الصّحيح: "إنّ الفاجر إذا مات تستريح منه العباد والبلاد، والشّجر والدّوابّ".
ولهذا قال الإمام أحمد بن حنبلٍ: حدّثنا محمّدٌ والحسين قالا حدّثنا عوف، عن أبي قحذمٍ قال: وجد رجلٌ في زمان زيادٍ -أو: ابن زيادٍ -صرّةً فيها حبّ، يعني من برٍّ أمثال النّوى، عليه مكتوبٌ: هذا نبت في زمانٍ كان يعمل فيه بالعدل.
وروى مالكٌ، عن زيد بن أسلم: أنّ المراد بالفساد هاهنا الشّرك. وفيه نظرٌ.
وقوله: {ليذيقهم بعض الّذي عملوا لعلّهم يرجعون} أي: يبتليهم بنقص الأموال والأنفس والثّمرات، اختبارًا منه، ومجازاةً على صنيعهم، {لعلّهم يرجعون} أي: عن المعاصي، كما قال تعالى: {وبلوناهم بالحسنات والسّيّئات لعلّهم يرجعون} [الأعراف: 168]). [تفسير ابن كثير: 6/ 319-320]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ (42) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال تعالى: {قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الّذين من قبل} أي: من قبلكم، {كان أكثرهم مشركين} أي: فانظروا ماذا حلّ بهم من تكذيب الرّسل وكفر النّعم). [تفسير ابن كثير: 6/ 320]

تفسير قوله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ (43) مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ (44) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فأقم وجهك للدّين القيّم من قبل أن يأتي يومٌ لا مردّ له من اللّه يومئذٍ يصّدّعون (43) من كفر فعليه كفره ومن عمل صالحًا فلأنفسهم يمهدون (44) ليجزي الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات من فضله إنّه لا يحبّ الكافرين (45)}.
يقول تعالى آمرًا عباده بالمبادرة إلى الاستقامة في طاعته، والمبادرة إلى الخيرات: {فأقم وجهك للدّين القيّم من قبل أن يأتي يومٌ لا مردّ له من اللّه} أي: يوم القيامة، إذا أراد كونه فلا رادّ له، {يومئذٍ يصّدّعون} أي: يتفرّقون، ففريقٌ في الجنّة وفريقٌ في السّعير؛ ولهذا قال: {من كفر فعليه كفره ومن عمل صالحًا فلأنفسهم يمهدون}).[تفسير ابن كثير: 6/ 320-321]

تفسير قوله تعالى: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (45) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ليجزي الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات من فضله} أي: يجازيهم مجازاة الفضل: الحسنة بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعفٍ، إلى ما يشاء اللّه، {إنّه لا يحبّ الكافرين}، ومع هذا هو العادل فيهم، الّذي لا يجور). [تفسير ابن كثير: 6/ 321]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (46) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ومن آياته أن يرسل الرّياح مبشّراتٍ وليذيقكم من رحمته ولتجري الفلك بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلّكم تشكرون (46) ولقد أرسلنا من قبلك رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبيّنات فانتقمنا من الّذين أجرموا وكان حقًّا علينا نصر المؤمنين (47)}.
يذكر تعالى نعمه على خلقه، في إرساله الرّياح مبشّراتٍ بين يدي رحمته، بمجيء الغيث عقيبها؛ ولهذا قال: {وليذيقكم من رحمته} أي: المطر الّذي ينزله فيحيي به العباد والبلاد، {ولتجري الفلك بأمره} أي: في البحر، وإنّما سيّرها بالرّيح، {ولتبتغوا من فضله} أي: في التّجارات والمعايش، والسّير من إقليمٍ إلى إقليمٍ، وقطرٍ إلى قطرٍ، {ولعلّكم تشكرون} أي: تشكرون اللّه على ما أنعم به عليكم من النّعم الظّاهرة والباطنة، الّتي لا تعدّ ولا تحصى). [تفسير ابن كثير: 6/ 321]

رد مع اقتباس