عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 20 ربيع الثاني 1434هـ/2-03-2013م, 11:58 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآَيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ (35)}
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب (إنّ المنافقين في الدّرك الأسفل من النّار)
وقال ابن عبّاسٍ: " أسفل النّار، {نفقًا} [الأنعام: 35]:سربًا "). [صحيح البخاري: 6/49] (م)
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله نفقا سربا وصله بن أبي حاتم من طريق بن جريج عن عطاء عن بن عبّاسٍ به وهذه الكلمة ليست من سورة النّساء وإنّما هي من سورة الأنعام ولعلّ مناسبة ذكرها هنا للإشارة إلى اشتقاق النّفاق لأنّ النّفاق إظهار غير ما يبطن كذا وجّهه الكرمانيّ وليس ببعيدٍ ممّا قالوه في اشتقاق النّفاق أنّه من النّافقاء وهو جحر اليربوع وقيل هو من النّفق وهو السّرب حكاه في النّهاية). [فتح الباري: 8/266]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه {إن المنافقين في الدّرك الأسفل} 145 النّساء
قال ابن عبّاس أسفل النّار نفقا سربا
قال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا أبو صالح ثنا معاوية عن علّي عن ابن عبّاس في قوله إن المنافقين في الدّرك الأسفل أسفل النّار
ثنا أبي ثنا إبراهيم بن موسى ثنا هشام بن يوسف عن أبي جريج عن عطاء عن ابن عبّاس في قوله 35 الأنعام نفقا قال سربا). [تغليق التعليق: 4/199-200] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (نفقا سربا
أشار به إلى ما في قوله عز وجل: {إن استطعت أن تبتغي نفقا} (الأنعام: 35) وهذا في سورة الأنعام ولا مناسبة لذكره هنا، وقال الكرماني: غرضه بيان اشتقاق المنافقين، وفيه نظر لا يخفى. قوله: (سربا) أي: في الأرض، وهو صفة نفقا، ونفقا منصوب بقوله: أن تبتغي، وفي (المغرب) السرب بالفتح الطّريق، ويقال: السرب البيت في الأرض، ويقال للماء الّذي يسيل من القربة: سرب، والسرب المسلك ولا يقال: نفق إلاّ إذا كان له منفذ). [عمدة القاري: 18/193]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({نفقًا}) يريد قوله تعالى في سورة الأنعام: ({إن استطعت أن تبتغي نفقًا في الأرض} [الأنعام: 35] قال ابن عباس فيما وصله ابن أبي حاتم أيضًا أي: (سربًا) ). [إرشاد الساري: 7/98]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقًا في الأرض أو سلّمًا في السّماء فتأتيهم بآيةٍ}.
يقول تعالى ذكره: إن كان عظم عليك يا محمّد إعراض هؤلاء المشركين عنك وانصرافهم عن تصديقك فيما جئتهم به من الحقّ الّذي بعثتك به، فشقّ ذلك عليك ولم تصبر لمكروه ما ينالك منهم {فإن استطعت أن تبتغي نفقًا في الأرض} يقول: فإن استطعت أن تتّخذ سربًا في الأرض، مثل نافقاء اليربوع، وهي أحد جحرته، فتذهب فيه {أو سلّمًا في السّماء} يقول: أو مصعدًا تصعد فيه كالدّرج وما أشبهها، كما قال الشّاعر:
لا يحرز المرء أحجاء البلاد ولا ....... يبنى له في السّموات السّلاليم
{فتأتيهم بآيةٍ} يعني: بعلامةٍ وبرهانٍ على صحّة قولك غير الّذي أتيتك، فافعل.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال بعض أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقًا في الأرض أو سلّمًا في السّماء} والنّفق: السّرب، فتذهب فيه فتأتيهم بآيةٍ، أو تجعل لك سلّمًا في السّماء، فتصعد عليه فتأتيهم بآيةٍ أفضل ممّا أتيناهم به فافعل.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {فإن استطعت أن تبتغي نفقًا في الأرض} قال: سربًا، {أو سلّمًا في السّماء} قال: يعني الدّرج.
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقًا في الأرض أو سلّمًا في السّماء} أمّا النّفق: فالسّرب، وأمّا السّلّم: فالمصعد.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {نفقًا في الأرض} قال: سربًا.
وترك جواب الجزاء فلم يذكر لدلالة الكلام عليه ومعرفة السّامعين بمعناه، وقد تفعل العرب ذلك فيما كان يفهم معناه عند المخاطبين به، فيقول الرّجل منهم للرّجل: إن استطعت أن تنهض معنا في حاجتنا إن قدرت على معونتنا، ويحذف الجواب، وهو يريد: إن قدرت على معونتنا فافعل، فأمّا إذا لم يعرف المخاطب والسّامع معنى الكلام إلاّ بإظهار الجواب لم يحذفوه، لا يقال: إن تقم، فتسكت وتحذف الجواب لأنّ المقول ذلك له لا يعرف جوابه إلاّ بإظهاره، حتّى يقال: إن تقم تصب خيرًا، أو: إن تقم فحسنٌ، وما أشبه ذلك. ونظير ما في الآية ممّا حذف جوابه وهو مرادٌ لفهم المخاطب لمعنى الكلام قول الشّاعر:
فبحظٍّ ممّا نعيش ولا تذ ....... هب بك التّرّهات في الأهوال
والمعنى: فبحظٍّ ممّا نعيش فعيشي). [جامع البيان: 9/ 225-227]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولو شاء اللّه لجمعهم على الهدى فلا تكوننّ من الجاهلين}.
يقول تعالى ذكره: إنّ الّذين يكذّبونك من هؤلاء الكفّار يا محمّد فيحزنك تكذيبهم إيّاك، لو أشاء أن أجمعهم على استقامةٍ من الدّين وصوابٍ من محجّة الإسلام حتّى تكون كلمة جميعكم واحدةً، وملّتكم وملّتهم واحدةً، لجمعتهم على ذلك، ولم يكن بعيدًا عليّ لأنّي القادر على ذلك بلطفي، ولكنّي لم أفعل ذلك لسابق علمي في خلقي ونافذ قضائي فيهم من قبل أن أخلقهم وأصوّر أجسامهم. {فلا تكوننّ} يا محمّد {من الجاهلين} يقول: فلا تكوننّ ممّن لا يعلم أنّ اللّه لو شاء لجمع على الهدى جميع خلقه بلطفه، وأنّ من يكفر به من خلقه إنّما يكفر به لسابق علم اللّه فيه ونافذ قضائه بأنّه كائنٌ من الكافرين به اختيارًا لا اضطرارًا، فإنّك إذا علمت صحّة ذلك لم يكبر عليك إعراض من أعرض من المشركين عمّا تدعوه إليه من الحقّ، وتكذيب من كذّبك منهم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال بعض أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: يقول اللّه سبحانه: لو شئت لجمعتهم على الهدى أجمعين.
وفي هذا الخبر من اللّه تعالى الدّلالة الواضحة على خطإ ما قال أهل التّفويض من القدريّة المنكرون أن يكون عند اللّه لطائف لمن شاء توفيقه من خلقه، يلطّف بها له حتّى يهتدي للحقٍّ، فينقاد له وينيب إلى الرّشاد، فيذعن به ويؤثره على الضّلال والكفر باللّه، وذلك أنّه تعالى ذكره أخبر أنّه لو شاء الهداية لجميع من كفر به حتّى يجتمعوا على الهدى فعل، ولا شكّ أنّه لو فعل ذلك بهم كانوا مهتدين لا ضلاّلاً، وهم لو كانوا مهتدين كان لا شكّ أنّ كونهم مهتدين كان خيرًا لهم. وفي تركه تعالى ذكره أن يجمعهم على الهدى تركٌ منه أن يفعل بهم في دينهم بعض ما هو خيرٌ لهم فيه ممّا هو قادرٌ على فعله بهم وقد ترك فعله بهم، وفي تركه فعل ذلك بهم أوضح الدّليل أنّه لم يعطهم كلّ الأسباب الّتي بها يصلون إلى الهداية ويتسبّبون بها إلى الإيمان). [جامع البيان: 9/ 227-229]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقًا في الأرض أو سلّمًا في السّماء فتأتيهم بآيةٍ ولو شاء اللّه لجمعهم على الهدى فلا تكوننّ من الجاهلين (35)}
قول اللّه عزّ وجلّ: {وإن كان كبر عليك إعراضهم}
- حدّثنا أبي، ثنا إبراهيم بن موسى، أنا هشام بن يوسف، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ، عن ابن عبّاسٍ قوله: {نفقًا في الأرض} قال: سربًا في الأرض.
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أنا عبد الرّزّاق، أنا معمرٌ، عن قتادة فإن استطعت أن تبتغي نفقًا في الأرض قال: سربًا. وروي، عن السّدّيّ مثل ذلك.
قوله تعالى: {أو سلّمًا في السّماء}.
- وبه، عن قتادة
قوله: {أو سلّمًا في السّماء} يعني: الدّرج.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: أو سلّمًا في السّماء تجعل لهم سلّمًا في السّماء فتصعد عليه. وروي، عن السّدّيّ نحو ذلك.
قوله: {فتأتيهم بآيةٍ}.
- وبه، عن ابن عبّاسٍ قوله: {فتأتيهم بآيةٍ} قال: فترجه فيه، فتأتيهم بآيةٍ أفضل ممّا آتيناهم به فافعل.
قوله تعالى: {ولو شاء اللّه لجمعهم على الهدى ... الآية}.
- وبه، عن ابن عبّاسٍ قوله: ولو شاء اللّه لجمعهم على الهدى الآية قال: إنّ رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- كان يحرص أن يؤمن جميع الناس ويتابعوه على الهدى، فأخبر اللّه تعالى: أنّه لا يؤمن إلا من قد سبق له من اللّه السّعادة في الذّكر الأوّل). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 1284-1285]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله: {وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض} والنفق السرب فتذهب فيه فتأتيهم بآية أو تجعل لهم سلما {في السماء} فتصعد عليه {فتأتيهم بآية} أفضل مما أتيناهم به فافعل {ولو شاء الله لجمعهم على الهدى} يقول الله: سبحانه: لو شئت لجمعتهم على الهدى أجمعين.
- أخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: {نفقا في الأرض} قال: سربا {أو سلما في السماء} قال: يعني الدرج.
- وأخرج الطستي عن ابن عباس، أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله تعالى: {تبتغي نفقا في الأرض} قال: سربا في الأرض فتذهب هربا، قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم أما سمعت عدي بن زيد وهو يقول:
فدس لها على الأنفاق عمرو * بشكته وما خشيت كمينا). [الدر المنثور: 6/ 43-44]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (36)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّما يستجيب الّذين يسمعون والموتى يبعثهم اللّه ثمّ إليه يرجعون}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ -صلّى اللّه عليه وسلّم: لا يكبرنّ عليك إعراض هؤلاء المعرضين عنك وعن الاستجابة لدعائك إذا دعوتهم إلى توحيد ربّهم والإقرار بنبوّتك، فإنّه لا يستجيب لدعائك إلى ما تدعوه إليه من ذلك إلاّ الّذين فتح اللّه أسماعهم للإصغاء إلى الحقّ، وسهّل لهم اتّباع الرّشد، دون من ختم اللّه على سمعه فلا يفقه من دعائك إيّاه إلى اللّه وإلى اتّباع الحقّ إلاّ ما تفقه الأنعام من أصوات رعاتها، فهم كما وصفهم به اللّه تعالى: {صمٌّ بكمٌ عمي فهم لا يرجعون}.
{والموتى يبعثهم اللّه} يقول: والكفّار يبعثهم اللّه مع الموتى، فجعلهم تعالى ذكره في عداد الموتى الّذين لا يسمعون صوتًا، ولا يعقلون دعاءً، ولا يفقهون قولاً، إذ كانوا لا يتدبّرون حجج اللّه، ولا يعتبرون آياته، ولا يتذكّرون فينزجرون عمّا هم عليه من تكذيب رسل اللّه وخلافهم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {إنّما يستجيب الّذين يسمعون} المؤمنون للذّكر. {والموتى} الكفّار حين {يبعثهم اللّه} مع الموتى.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثني بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {إنّما يستجيب الّذين يسمعون} قال: هذا مثل المؤمن سمع كتاب اللّه فانتفع به وأخذ به وعقله، والّذين كذّبوا بآياتنا صمٌّ وبكمٌ، وهذا مثل الكافر أصمّ أبكم، لا يبصر هدًى، ولا ينتفع به.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبو أسامة، عن سفيان الثّوريّ، عن محمّد بن جحادة، عن الحسن: {إنّما يستجيب الّذين يسمعون} المؤمنون. {والموتى} قال: الكفّار.
- حدّثني ابن بشّارٍ قال: حدّثنا عبد الرّحمن قال: حدّثنا سفيان، عن محمّد بن جحادة قال: سمعت الحسن يقول في قوله: {إنّما يستجيب الّذين يسمعون والموتى يبعثهم اللّه} قال: الكفّار.
وأمّا قوله: {ثمّ إليه يرجعون} فإنّه يقول تعالى: ثمّ إلى اللّه يرجعون، المؤمنون الّذين استجابوا للّه والرّسول، والكفّار الّذين يحول اللّه بينهم وبين أن يفقهوا عنك شيئًا، فيثيب هذا المؤمن على ما سلف من صالح عمله في الدّنيا بما وعد أهل الإيمان به من الثّواب، ويعاقب هذا الكافر بما أوعد أهل الكفر به من العقاب، لا يظلم أحدًا منهم مثقال ذرّةٍ).[جامع البيان: 9/ 229-231]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({إنّما يستجيب الّذين يسمعون والموتى يبعثهم اللّه ثمّ إليه يرجعون (36)}
قوله: {إنّما يستجيب}.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو أسامة، أنا سفيان، عن محمّد بن جحادة، عن الحسن إنّما يستجيب الّذين يسمعون قال: المؤمنون. وروي، عن مجاهدٍ مثل ذلك.
قوله تعالى:{ الّذين يسمعون}.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: إنّما يستجيب الّذين يسمعون قال: المؤمنون للذّكر.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنا العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: إنّما يستجيب الّذين يسمعون، قال: وهذا مثل المؤمن سمع كتاب اللّه فأخذ به، وانتفع به وعقله.
قوله: {والموتى}.
- حدّثنا أبو سعيدٍ، ثنا أبو أسامة، أنا سفيان، عن محمّد بن جحادة، عن الحسن والموتى يبعثهم اللّه قال: الكفّار.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: والموتى قال: الكفّار حين يبعثهم اللّه مع الموتى). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 1285]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ):
(نا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: {إنما يستجيب الذين يسمعون}، يقول: المؤمنون يسمعون الذكر والموتى يبعثهم الله يقول والكفار يبعثهم الله مع الموتى أي مع الكفار). [تفسير مجاهد: 214]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله: {إنما يستجيب الذين يسمعون}، قال: المؤمنون، {والموتى} قال: الكفار.
- وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {إنما يستجيب الذين يسمعون} قال: المؤمنون للذكر، {والموتى} قال: الكفار حين يبعثهم الله مع الموتى.
- وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن قتادة في قوله: {إنما يستجيب الذين يسمعون} قال: هذا مثل المؤمن سمع كتاب الله فانتفع به وأخذ به وعقله فهو حي القلب حي البصر {والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم} وهذا مثل الكافر أصم أبكم لا يبصر هدى ولا ينتفع به).[الدر المنثور: 6/ 44]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آَيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (37)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقالوا لولا نزّل عليه آيةٌ من ربّه قل إنّ اللّه قادرٌ على أن ينزّل آيةً ولكنّ أكثرهم لا يعلمون}.
يقول تعالى ذكره: وقال هؤلاء العادلون بربّهم المعرضون عن آياته: {لولا نزّل عليه آيةٌ من ربّه} يقول: قالوا: هلاّ نزّل على محمّدٍ آيةٌ من ربّه، كما قال الشّاعر:
تعدّون عقر النّيب أفضل مجدكم ....... بني ضوطرى لولا الكميّ المقنّعا
بمعنى: هلاّ الكميّ.
والآية: العلامة، وذلك أنّهم قالوا: {مال هذا الرّسول يأكل الطّعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملكٌ فيكون معه نذيرًا أو يلقى إليه كنزٌ أو تكون له جنّةٌ يأكل منها}. قال اللّه تعالى لنبيّه -محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم-: {قل} يا محمّد لقائلي هذه المقالة لك: {إنّ اللّه قادرٌ على أن ينزّل آيةً}، يعني: حجّةً على ما يريدون ويسألون، {ولكنّ أكثرهم لا يعلمون} يقول: ولكنّ أكثر الّذين يقولون ذلك فيسألونك آيةً، لا يعلمون ما عليهم في الآية إن نزّلها من البلاء، ولا يدرون ما وجه ترك إنزال ذلك عليك، ولو علموا السّبب الّذي من أجله لم أنزلها عليك لم يقولوا ذلك ولم يسألوكه، ولكنّ أكثرهم لا يعلمون ذلك). [جامع البيان: 9/ 231]


رد مع اقتباس