عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 3 محرم 1433هـ/28-11-2011م, 02:01 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16) }

تفسير قوله تعالى: {فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} قالت: أنا أعوذ بالله أن تفعل مالا ينبغي إن كنت تتقي). [مجالس ثعلب: 231]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا (21) }

تفسير قوله تعالى: {فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (22) }

تفسير قوله تعالى: {فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (23) }
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت:206هـ): (وقالوا: إذا دنا ولادها: بخضت بخاضا، ومخضت لغة، وهو قول الله عز وجل: {فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة} ). [الفرق في اللغة: 85]
قال أبو عمرو إسحاق بن مرار الشيباني (ت: 213هـ): (وقال: الإشاءَة: الاضطرار، وأهل الحجاز يقولون: الإجاءة؛ تقول: ما أجاءك إلى كذا وكذا؟ أي: ما اضطرك إليه؛ قال الله عز وجل: {فأَجاءَها المَخاضُ إِلى جِذع النَّخلة} . وقال الأسدي:

كَيما أُعِدُّهُمُ لأَبْعدَ منهمُ = ولقد يُجَاءُ إِلى ذَوِي الأَحْقادِ).
[كتاب الجيم: 1/70]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس في قوله عز وجل: {وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا} قال: النسي خرق الحيض التي يرمى بها، أي وكنت هذا فيرمي بي.

وقال: رجل ناس ونسي، من النسيان، مثل حاكم وحكيم، وعالم وعليم، وكذلك المرأة ناسية ونسية، مثله). [مجالس ثعلب: 353]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (وقال الطوسي الرواية: كموشي القوائم أحرجته * بحربة. الموشي يعني الثور وذلك لسوادٍ في قوائمه، أحرجته: ألجأته إلى كذا وكذا وأجاءته بمعنىً، قال الله تعالى: {فأجأها المخاض إلى جذع النخلة} بمعنى: ألجأها وقال الشاعر: ولقد يجاء إلى ذوي الأضغان). [شرح المفضليات: 653]

تفسير قوله تعالى: {فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (حدثنا يزيد، عن سفيان بن حسين، عن الحسن،
في قوله تعالى: {قد جعل ربك تحتك سريا} قال: كان والله سريا؛ يعني عيسى. قال: فقال له خالد بن صفوان: يا أبا سعيد، إن العرب تسمى الجدول السري. فقال: صدقت). [فضائل القرآن: 343-344]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وروى أبو عبيدة في هذا الإسناد - وروى ذلك غيره، وسمعناه من غير وجه - أنه سأله عن قوله عز وجل: {قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا} فقال ابن عباس: هو الجدول، فسأله عن الشواهد، فأنشده:

سلمًا ترى الدالج منها أزورا = إذا يعج في السري هرهرا).
[الكامل: 3/1145]

تفسير قوله تعالى: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25) }
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والرطب: رزق طيب هنيء، تقر به العين؛ قال الله عز وجل: {وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا * فكلي واشربي وقري عينا} ). [تعبير الرؤيا: 146]

تفسير قوله تعالى: {فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (26) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب النونين الثقيلة والخفيفة
ومعرفة مواقعها من الأفعال
اعلم أنهما لا تدخلان من الأفعال إلا على ما لم يجب، ولا يكون من ذلك إلا في الفعل الذي يؤكد ليقع. وذلك ما لم يكن خبراً فيما ضارع القسم. فأما القسم فإحداهما فيه واجبةٌ لا محالة. وأما ما ضارعه فأنت فيه مخير. وذلك قولك في القسم: والله لأقومن، وحق زيد لأمضين، فيلحق النون إما خفيفة وإما ثقيلةً، لا يكون القسم إلا كذاك. وقد شرحنا ذلك في باب القسم: لم كانت فيه واجبة? وأما الثقيلة فكقوله عز وجل: (ليسجنن وليكوننّ من الصاغرين). وأما الخفيفة فعلى قراءة من قرأ: {وليكونن من الصاغرين}، وكقوله: {كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية}، وقال الشاعر:
وفي ذمتي لئن فعلت ليفعلا
فمن مواضعها: الأمر، والنهي؛ لأنهما غير واجبين. وذلك قولك - إذا لم تأت بهما -:اضرب، ولا تضرب، فإذا أتيت بها قلت: اضربن زيدا، ولا تضربن زيدا، وإن شئت ثقلت النون، وإن شئت خففتها. وهي - إذا خففت - مؤكدة، وإذا ثقلت فهي أشد توكيدا، وإن شئت لم تأت بها فقلت: اضرب، ولا تضرب. قال الله عز وجل: {ولا تقولن لشيءٍ إني فاعلٌ ذلك غدًا}، وقال: {ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون}، وقال: {فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون}. وقال الشاعر في الخفيفة:

فإياك والميتات لا تقربنـهـا = ولا تأخذن سهماً حديداً لتفصدا
وقال الآخر:
فأنزلن سكينةً علينا
والطلب يجري مجرى الأمر والنهي، وقد مضى القول في هذا. ومن مواضعهما: الاستفهام؛ لأنه غير واجب. وذلك قولك: هل تضربن زيداً، وهل يقومن زيد يا فتى. وتدخل الخفيفة كما دخلت الثقيلة؛ لأنهما في التوكيد على ما ذكرت لك ومن مواضعها: الجزاء إذا لحقت ما زائدةً في حرف الجزاء؛ لأنها تكون كاللام التي تلحق في القسم في قولك: لأفعلن، وذلك قولك: إما تأتيني آتك، ومتى ما تقعدن أقعد. فمن ذلك قول الله عز وجل: {فإما ترين من البشر أحداً}، وقال: {وإما تعرضن عنهم}. فإن كان الجزاء بغير ما قبح دخولها فيه، لأنه خبر يجب آخره بوجوب أوله. وإنما يجوز دخولها الجزاء بغير ما في الشعر للضرورة؛ كما يجوز ذلك في الخبر. فمن ذلك قوله:
من تثقفن منهم فليس بآئبٍ = أبداً، وقتل بني قتيبة شافي
فهذا يجوز؛ كما قال في الخبر:
ربما أوفيت في علـمٍ = ترفعن ثوبي شمالات
ومن أمثال العرب: بعينٍ ما أرينك وبألمٍ ما تختننه. فإنما أدخل النون من أجل ما الزائدة كاللام كما ذكرت لك). [المقتضب: 3/11-15] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وإن أردت إلا التي تقع في المجازاة، نحو قول الله عز وجل: {إلا تنصروه فقد نصره الله} لم تكن إلا الحكاية لأنها إن ضمت إليها لا.
وكذلك إما التي في الجزاء في مثل قوله عز وجل: {فإما ترين من البشر أحداً} الحكاية لا غير؛ لأنها إن، وما). [المقتضب: 4/34] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقال أعرابي أنشدنيه أبو العالية:

ألا تسأل ذا العلم ما الذي = يحل من التقبيل في رمضان؟
فقال لي المكي:
أما لزوجةٍ = فسبع، وأما خلةٍ فثماني
.....
"وقوله: "أما لزوجة" فهذه مفتوحة، وهي التي تحتاج إلى خبر، ومعناها: إذا قلت: أما زيدٌ فمنطلقٌ مهما يكن من شيء فزيدٌ منطلقٌ. وكذلك: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ} إنما هي: مهما يكن من شيء فلا تقهر اليتيم، وتكسر إذا كانت في معنى "أو" ويلزمها التكرير، تقول: ضربت إما زيدًا وإما عمرًا، فمعناه ضربت زيدًا أو عمرًا، وكذلك: {إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا}، وكذلك: {إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ}، و{إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا}، وإنما كررتها لأنك إذا قلت: ضربت زيدًا أو عمرًا، أو قلت: اضرب زيدًا أو عمرًا فقد ابتدأت بذكر الأول، وليس عند السامع أنك تريد غير الأول، ثم جئت بالشك، أو التخيير، وإذا قلت: ضربت إما زيدًا وإما عمرًا، فقد وضعت كلامك بالابتداء على التخيير أو على الشك، وإذا قلت: ضربت إما زيدًا وإما عمرًا، فالأولى وقعت لبنية الكلام عليها، والثانية للعطف، لأنك تعدل بين الثاني والأول، فإنما تكسر في هذا الموضع.
وزعم سيبويه أنها إن ضمت إليها "ما" فإن اضطر شاعر فحذف "ما" جاز له ذلك لأنه الأصل، وأنشد في مصداق ذلك:
لقد كذبتك نفسك فاكذبنها = فإن جزعًا وإن إجمال صبر
ويجوز في غير هذا الموضع أن تقع "إما" مكسورة، ولكن "ما" لا تكون لازمة، ولكن تكون زائدة في "إن" التي هي للجزاء. كما تزداد في سائر الكلام نحو: أين تكن أكن، وأينما تكن أكن، وكذلك متى تأتني آتك، ومتى ما تأتني آتك، فتقول: إن تأتني آتك، وإما تأتني آتك، تدغم النون في الميم لاجتماعهما في الغنة، وسنذكر الإدغام في موضع نفرده به إن شاء الله، كما قال امرؤ القيس:

فإما تريني لا أغمض ساعةٌ = من الليل إلا أن أكب فأنعسا
فيا رب مكروب كررت وراءه = وطاعنت عنه الخيل حتى تنفسا
وفي القرآن: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا} وقال: {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا} فأنت في زيادة "ما" بالخيار في جميع حروف الجزاء، إلا في حرفين، فإن "ما" لابد منها لعلة نذكرها إذا أفردنا باباٌ للجزاء إن شاء الله، والحرفان: حيثما تكن أكن، كما قال الشاعر:
حيثما تستقم يقدر لك الله = نجاحاٌ في غابر الأزمان).
[الكامل: 1/377-379] (م)

تفسير قوله تعالى:{فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم حين قال في عمر بن الخطاب رحمه الله: فلم أر عبقريا يفري فريه.
قال حدثناه إسماعيل بن جعفر، عن محمد بن عمر، وعن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
قال الأصمعي: سألت أبا عمرو بن العلاء عن العَبقَري فقال: يقال: هذا عبقري قوم، كقولك: هذا سيد قوم وكبيرهم وشديدهم وقويهم ونحو من هذا.
وإنما أصل هذا فيما يقال: أنه نسب إلى عبقر، وهي أرض تسكنها الجن فصارت مثلا لكل منسوب إلى شيء رفيع قال زهير بن أبي سلمى:
بخيل عليها جنة عبقرية = جديرون يوما أن ينالوا فيستعلوا
وقوله: يفري فريه، كقولك: يعمل عمله ويقول قوله، ونحو هذا وأنشد الأحمر:
قد أطعمتني دقلا حوليا
مسوسا مدودا حجريا
قد كنت تفرين به الفريا
أي كنت تكثرين فيه القول وتعظمينه. ومنه قول الله تبارك وتعالى: {لقد جئت شيئا فريا} أي: شيئا عظيما.
ويقال في عبقر: إنها أرض يعمل فيها البرود ولذلك نسب الوشي إليها قال ذو الرمة يذكر ألوان الرياض:
حتى كأن رياض القف ألبسها = من وشي عبقر تجليل وتنجيد
ومن هذا قيل للبُسط: عبقرية، إنما نسبت إلى تلك البلاد.
ومنه حديث عمر: أنه كان يسجد على عبقري
[ قيل له: على بساط؟ قال: نعم]). [غريب الحديث: 1/222-224]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (

وفريت من فزع = فلا أرمي ولا ودعت صاحب
(فَرِيت): بطرت، فلم أقدر على الرمي. و(فَرِيت) عجبت من (الفَرِيِّ) و(الفَرِيُّ) العجب، وقوله عز وجل: {لقد جئت شيئا فريا} عجيبا. و(فَرَيْت) بالفتح أسرعت. قال: (فَرِيت) ). [شرح أشعار الهذليين: 1/312]

تفسير قوله تعالى: {يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) }

تفسير قوله تعالى: {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29) }
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت:206هـ): (ويقال للغلام: صبي، وللجارية: صبية، بينة الصبى –مقصور بكسر الصاد- ويقولونه بفتح الصاد والمد: صبية بينة الصباء.
وقالوا أيضا: صبيء، وللجارية: صبيئة، وهي لغة يمانية فيما يحكى لنا). [الفرق في اللغة: 94] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله: {كيف نكلم من كان في المهد صبياً}، إنما معنى كان هاهنا التوكيد. فكأن التقدير والله أعلم: كيف نكلم من هو في المهد صبيا. ونصب صبياً على الحال. ولولا ذلك لم يكن عيسى بائناً من الناس، ولا دل الكلام على أنه تكلم في المهد؛ لأنك تقول للرجل: كان فلان في المهد صبياً. فهذا ما لا ينفك منه أحد أنه قد كان كذا ثم انتقل، وإنما المعنى: كيف نكلمه وهو الساعة كذا). [المقتضب: 4/117-118]

قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا} أي من يكن في المهد صبيًا فكيف نكلمه؟ وقال: وقعت الصفة في موضع الفعل، أي من كان صبيًا في المهد). [مجالس ثعلب: 471]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (قال أبو عبيدة: ويكون من الأضداد أيضا، يقال: يكون للمستقبل، ويقال: يكون للماضي، فكونه للمستقبل لا يحتاج فيه إلى شاهد، وكونه للماضي قول الصلتان يرثي المغيرة بن المهلب:

قل للقوافل والغزاة إذا غزوا = والباكرين وللمجد الرائح
إن السماحة والشجاعة ضمنا = قبرا بمرو على الطريق الواضح
فإذا مررت بقبره فاعقر به = كوم الجلاد وكل طرف سابح
وانضح جوانب قبره بدمائها = فلقد يكون أخا دم وذبائح
أراد: فلقد كان.
قال أبو بكر: والذي نذهب إليه أن (كان) و(يكون) لا يجوز أن يكونا على خلاف ظاهرهما، إلا إذا وضح المعنى، فلا يجوز لقائل أن يقول: كان عبد الله قائما، بمعنى يكون عبد الله، وكذلك محال أن يقال: يكون عبد الله قائما؛ بمعنى كان عبد الله، لأن هذا ما لا يفهم ولا يقوم عليه دليل؛ فإذا انكشف المعنى حمل أحد الفعلين على الآخر، كقوله جل اسمه: {كيف نكلم من كان في المهد صبيا}، معناه من يكون في المهد فكيف نكلمه! فصلح الماضي في موضع المستقبل لبيان معناه. وأنشد الفراء:

فمن كان لا يأتيك إلا لحاجة = يروح لها حتى تقضى ويغتدي
فإني لآتيكم تشكر ما مضى = من الأمر واستيجاب ما كان في غد
أراد: ما يكون في غد. وقال الله عز ذكره: {ونادى
أصحاب الجنة أصحاب النار}، فمعناه (وينادي)، لأن المعنى مفهوم. وقال جل وعز: {يا أبانا منع منا الكيل}، فقال بعض الناس: معناه (يمنع منا).
وقال الحطيئة:
شهد الحطيئة يوم يلقى ربه = أن الوليد أحق بالعذر
معناه: (يشهد الحطيئة).
{وكان الله غفورا رحيما} ليس بصحيح؛ لأنها لا تلغى مبتدأة ناصبة للخبر؛ وإنما التأويل المبتدأ عند الفراء: (وكائن الله غفورا رحيما)، فصلح الماضي في موضع الدائم؛ لأن أفعال الله جل وعز تخالف أفعال العباد، فأفعال العباد تنقطع، ورحمة الله جل وعز لا تنقطع، وكذلك مغفرته وعلمه وحكمته.
وقال غير الفراء: كأن القوم شاهدوا لله مغفرة ورحمة وعلما وحكمة، فقال الله جل وعز: {وكان الله غفورا رحيما}، أي لم يزل الله عز وجل على ما شاهدتم). [كتاب الأضداد: 60-62]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) }

تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) }

تفسير قوله تعالى: {وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) }

تفسير قوله تعالى: {وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33) }

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ عيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال، ونهى عن عقوق الأمهات ووأد البنات ومنع وهات.
...
...
وفي قوله: نهى عن قيل وقال نحو وعربية، وذلك أنه جعل القال مصدرا، ألا تراه يقول: عن قيل وقال فكأنه قال: عن قيل وقول، يقال على هذا: قلت قولا وقيلا وقالا.
وسمعت الكسائي يقول في قراءة عبد الله: (ذلك عيسى ابن مريم قال الحق الذي فيه تَمترون) فهذا من هذا كأنه قال: قول الحق). [غريب الحديث: 3/411-415]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب ما وقع من المصادر توكيدا

وذلك قولك: هذا زيدٌ حقاً؛ لأنك لما قلت: هذا زيد فخبرت، إنما خبرت بما هو عندك حق، فاستغنيت عن قولك: أحق ذاك، وكذلك هذا زيدٌ الحق لا الباطل؛ لأن ما قبله صار بدلاً من الفعل. ولو قلت: هذا زيدٌ الحق، لكان رفعه على وجهين، وليس على ذلك المعنى، ولكن على أن تجعل زيدا هو الحق، وعلى أنك قلت: هذا زيد، ثم قلت: الحق، تريد: قولي هو الحق، لأن هذا زيد إنما هو قولك. وقد قرئ هذا الحرف على وجهين، وهو قوله عز وجل: {ذلك عيسى ابن مريم قولَ الحق}، و(قولُ الحق) ). [المقتضب: 3/266]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (وأنشدني أحمد لعدي بن الرقاع العاملي:
جوادًا ليس قالا حين يؤتى = لصاحب حاجة أبدًا ألا لا
وأنشدني هذا الرستمي عن يعقوب، جوادًا ليس فالاً، بالفاء وفسره فقال يقال رجل فيل الرأي وفيل الرأي وفال الرأي وفي رأيه فيالة وكل ذلك يرجع إلى الضعف وهذا تفسير يعقوب وقال الآخر:
مبينة ترى البصراء فيها = وأفيال الرجال وهم سواء
وقال الله جل ذكره في بعض القراءات: {ذلك قال الحق الذي فيه يمترون} ). [شرح المفضليات: 690-691]

تفسير قوله تعالى: {مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (35) }

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (36) }


رد مع اقتباس