عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 28 ربيع الثاني 1434هـ/10-03-2013م, 03:34 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل اللّه اثّاقلتم...}
معناه والله أعلم: {تثاقلتم} فإذا وصلتها العرب بكلام أدغموا التاء في الثاء؛ لأنها مناسبة لها، ويحدثون ألفا لم يكن؛ ليبنوا الحرف على الإدغام في الابتداء والوصل. وكأن إحداثهم الألف ليقع بها الابتداء، ولو حذفت لأظهروا التاء لأنها مبتدأة،
والمبتدأ لا يكون إلا متحركا. وكذلك قوله: {حتى إذا ادّاركوا فيها جميعاً}، وقوله: {وازّيّنت} المعنى - والله أعلم -: تزينت، و{قالوا اطّيّرنا} معناه: تطيرنا. والعرب تقول: {حتى إذا اداركوا} تجمع بين ساكنين: بين التاء من تداركوا وبين الألف من إذا. وبذلك كان يأخذ أبو عمرو بن العلاء ويردّ الوجه الأوّل، وأنشدني الكسائي:
تولي الضجيع إذا ما استافها خصرا = عذب المذاق إذا ما اتّابع القبل).
[معاني القرآن: 1/437-438]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله أثّاقلتم إلى الأرض}، انفروا: اخرجوا واغزوا، ومحاز: {أثاقلتم}: مجاز افتعلتم من التثاقل فأدغمت التاء في الثاء فثقلت وشددت؛ إلى الأرض أي أخلدتم إليها فأقمتم وابطأتم). [مجاز القرآن: 1/260]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {يا أيّها الّذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل اللّه اثّاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدّنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدّنيا في الآخرة إلاّ قليلٌ}
وقال: {اثّاقلتم إلى الأرض} لأنه من "تثاقلتم" فأدغم التاء في الثاء فسكنت فأحدث لها ألفاً ليصل إلى الكلام بها). [معاني القرآن: 2/30]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {اثّاقلتم إلى الأرض} أراد تثاقلتم فأدغم التاء في الثاء، وأحدث الألف ليسكن ما بعدها. وأراد: قعدتم ولم تخرجوا [وركنتم] إلى المقام). [تفسير غريب القرآن: 186]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {يا أيّها الّذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل اللّه اثّاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدّنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدّنيا في الآخرة إلّا قليل}
الإجماع في الروايات أن هذا كان في غزوة تبوك، وذلك أن الناس خرجوا فيه على ضيقة شديدة شاقة.
وقوله عزّ وجلّ: {اثّاقلتم إلى الأرض}.
المعنى تثاقلتم، إلا أن التاء أدغمت في التاء، فصارت ثاء ساكنة.
فابتدئت بألف الوصل - الابتداء -.
وفي {اثّاقلتم إلى الأرض} عندي غير وجه.
منها أن معناه تثاقلتم إلى الإقامة بأرضكم، ومنها اثّاقلتم إلى شهوات الدنيا.
وقوله: {أرضيتم بالحياة الدّنيا من الآخرة}.
أي أرضيتم بنعيم الحياة الدنيا من نعيم الآخرة
{فما متاع الحياة الدّنيا في الآخرة إلّا قليل}.
أي ما يتمتع به في الدنيا قليل عندما يتمتع به أولياء اللّه في الجنة). [معاني القرآن: 2/447-448]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض}
قال مجاهد في غزوة تبوك أمروا بالخروج في شدة الحر وقد طابت الثمار وقالوا إلى الظلال
ثم قال جل وعز: {أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة} [آية: 38] أي أرضيتم بنعيم الحياة الدنيا من نعيم الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل
والمتاع المنفعة والنعيم). [معاني القرآن: 3/209]

تفسير قوله تعالى: (إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {إلّا تنفروا يعذّبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضرّوه شيئا واللّه على كلّ شيء قدير}
هذا وعيد شديد في التخلف عن الجهاد، وأعلم انه يستبدل لنصر دينه ونبيه قوما غير مثاقلين عن النصر إلى أعدائه إذ أعلمهم اللّه عزّ وجل أنهم إن تركوا نصره فلن يضره ذلك شيئا كما لم يضرره إذ كان بمكة لا ناصرين له.
فقال عز وجل:
{إلّا تنصروه فقد نصره اللّه إذ أخرجه الّذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إنّ اللّه معنا فأنزل اللّه سكينته عليه وأيّده بجنود لم تروها وجعل كلمة الّذين كفروا السّفلى وكلمة اللّه هي العليا واللّه عزيز حكيم (40)}
وكان المشركون قد أجمعوا على قتله - صلى الله عليه وسلم - فمضى هو وأبو بكر الصديق هاربا منهم في الليل، وترك عليا على فراشه ليروا شخصه على الفراش فلا يعلمون وقت مضيّه، وأطلعا أسماء بنت أبي بكر على مكانهما في الغار، ومر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ثمامة، وهي شجرة صغيرة ضعيفة فأمر أبا بكر أن يأخذها معه، فلما صارا إلى الغار، أمر أبا بكر فجعلها على باب الغار، ثم سبق أبو بكر إلى دخول الغار فانبطح فيه، وألقى نفسه، فقال رسول اللّه: لم فعلت ذلك؟
فقال: لأنّ هذه الغيران تكون فيها الهوامّ المؤذية والسباع فأحببت إن كان فيها شيء أن أقيك بنفسي يا رسول اللّه.
ونظر أبو بكر إلى جحر في الغار فسدّه برجله، وقال إن خرج منه ما يؤذي وقيتك منه.
فلما أصبح المشركون اجتازوا بالغار فبكى أبو بكر الصديق فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يبكيك؟
فقال: أخاف أن تقتل فلا يعبد اللّه بعد اليوم.
فقال له رسول اللّه: {لا تحزن إنّ اللّه معنا} أي إنّ الله تعالى يمنعهم منا وينصرنا،
فقال: أهكذا يا رسول اللّه: قال نعم فرقأ دمع أبو بكر وسكن.
وقال المشركون حين اجتازوا بالغار: لو كان فيه أحد لم تكن ببابه هذه الثمامة.
{فأنزل اللّه سكينته عليه وأيّده بجنود لم تروها}.
أيده بملائكة يصرفون وجوه الكفار وأبصارهم عن أن يروه.
وقوله: {سكينته عليه}.
يجوز أن تكون الهاء التي في عليه لأبي بكر، وجائز أن تكون ترجع على النبي - صلى الله عليه وسلم - لأن اللّه جل ثناؤه ألقى في قلبه ما سكن به وعلم أنهم غير واصلين إليه.
فأعلم الله أنهم إن تركوا نصره، نصره كما نصره في هذه الحال.
وثاني اثنين منصوب على الحال.
المعنى فقد نصره الله أحد اثنين.
أي نصره منفردا إلا من أبي بكر - رضي الله عنه -). [معاني القرآن: 2/448-449]

تفسير قوله تعالى: (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وجعل كلمة الّذين كفروا السّفلى...}
فأوقع {جعل} على الكلمة، ثم قال: {وكلمة اللّه هي العليا} على الاستئناف، ولم ترد بالفعل. وكلمة الذين كفروا الشرك بالله، وكلمة الله قول {لا إله إلا الله}. ويجوز {وكلمة الله هي العليا} ولست أستحبّ ذلك لظهور الله تبارك وتعالى؛ لأنه لو نصبها - والفعل فعله - كان أجود الكلام أن يقال: "وكلمته هي العليا"؛ ألا ترى أنك تقول: قد أعتق أبوك غلامه، ولا يكادون يقولون: أعتق أبوك غلام أبيك. وقال الشاعر في إجازة ذلك:
متى تأت زيدا قاعدا عند حوضه =لتهدم ظلما حوض زيد تقارع
فذكر زيدا مرّتين ولم يكن عنه في الثانية، والكناية وجه الكلام). [معاني القرآن: 1/438]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إنّ الله معنا} أي ناصرنا وحافظنا). [مجاز القرآن: 1/260]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {إلاّ تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الّذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إنّ اللّه معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيّده بجنودٍ لّم تروها وجعل كلمة الّذين كفروا السّفلى وكلمة اللّه هي العليا واللّه عزيزٌ حكيمٌ}
وقال: {وكلمة اللّه هي العليا} لأنه لم يحمله على {جعل} وحمله على الابتداء.
وقال: {ثاني اثنين} وكذلك {ثالث ثلاثةٍ} وهو كلام العرب. وقد يجوز "ثاني واحدٍ" و"ثالث اثنين" وفي كتاب الله {ما يكون من نّجوى ثلاثةٍ إلاّ هو رابعهم ولا خمسةٍ إلاّ هو سادسهم} وقال: {ثلاثةٌ رّابعهم كلبهم} و{خمسةٌ سادسهم كلبهم} و{سبعةٌ وثامنهم كلبهم} ). [معاني القرآن: 2/30]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن {وكلمة الله هي العليا} كأنه على "وجعل كلمة الله" لأن جعل قبلها.
أبو عمرو وأهل المدينة {وكلمة الله} بالرفع على الابتداء). [معاني القرآن لقطرب: 629]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {ثاني اثنين} فهو أحد الاثنين، وكذلك ثالث ثلاثة، كأنك قلت: أحد الثلاثة.
وقوله {في الغار} فهو النقب العظيم في الجبل). [معاني القرآن لقطرب: 643]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فأنزل اللّه سكينته عليه} السكينة: السكون والطمأنينة.
{عليه} قال قوم: على أبي بكر واحتجوا بأن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم، كان مطمئنا يقول لصاحبه: {لا تحزن إنّ اللّه معنا}، والمذعور صاحبه، فأنزل اللّه السكينة.
{وأيّده} أي قواه بملائكة. قال الزهري: الغار في جبل يسمى «ثورا» ومكثا فيه ثلاثة أيام). [تفسير غريب القرآن: 186]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار}
قال الزهري خرج هو وأبو بكر ودخلا غارا في جبل ثور فأقاما فيه ثلاثا
والمعنى فقد نصره الله ثاني اثنين أي نصره الله منفردا إلا من أبي بكر رضي الله عنه
وقوله جل وعز: {فأنزل الله سكينته عليه}
يجوز أن تكون تعود على أبي بكر والأشبه على قول أهل النظر أن تكون تعود على أبي بكر لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد كانت عليه السكينة وهي السكون والطمأنينة لأنه جل وعز أخبر عنه أنه قال: {لا تحزن إن الله معنا} وسأذكر هذا في الإعراب على غاية الشرح). [معاني القرآن: 3/209-210]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {والسكينة} الطمأنينة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 97]


رد مع اقتباس