عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 1 رجب 1435هـ/30-04-2014م, 03:18 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري


تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآَيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (103) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ثمّ بعثنا من بعدهم موسى بآياتنا إلى فرعون وملئه فظلموا بها فانظر كيف كان عاقبة المفسدين (103)}
يقول تعالى: {ثمّ بعثنا من بعدهم} أي: الرّسل المتقدّم ذكرهم، كنوحٍ، وهودٍ، وصالحٍ، ولوطٍ، وشعيبٍ، صلوات اللّه وسلامه عليهم وعلى سائر أنبياء اللّه أجمعين. {موسى بآياتنا} أي: بحججنا ودلائلنا البيّنة إلى {فرعون} وهو ملك مصر في زمن موسى، {وملئه} أي: قومه، {فظلموا بها} أي: جحدوا وكفروا بها ظلمًا منهم وعنادًا، كقوله تعالى {وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلمًا وعلوًّا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين} [النمل: 14] أي: الّذين صدّوا عن سبيل اللّه وكذّبوا رسله، أي: انظر -يا محمّد -كيف فعلنا بهم، وأغرقناهم عن آخرهم، بمرأًى من موسى وقومه. وهذا أبلغ في النّكال بفرعون وقومه، وأشفى لقلوب أولياء اللّه -موسى وقومه -من المؤمنين به). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 453-454]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (104) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وقال موسى يا فرعون إنّي رسولٌ من ربّ العالمين (104) حقيقٌ على أن لا أقول على اللّه إلا الحقّ قد جئتكم ببيّنةٍ من ربّكم فأرسل معي بني إسرائيل (105) قال إن كنت جئت بآيةٍ فأت بها إن كنت من الصّادقين (106)}.
يخبر تعالى عن مناظرة موسى لفرعون، وإلجامه إيّاه بالحجّة، وإظهاره الآيات البيّنات بحضرة فرعون وقومه من قبط مصر، فقال تعالى: {وقال موسى يا فرعون إنّي رسولٌ من ربّ العالمين} أي: أرسلني الّذي هو خالق كلّ شيءٍ وربّه ومليكه). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 454]

تفسير قوله تعالى: {حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (105) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({حقيقٌ على أن لا أقول على اللّه إلا الحقّ} فقال بعضهم: معناه: حقيقٌ بأن لا أقول على اللّه إلّا الحقّ، أي: جديرٌ بذلك وحريٌّ به.
وقالوا و"الباء" و"على" يتعاقبان، فيقال رميت بالقوس" و"على القوس"، و"جاء على حالٍ حسنةٍ" و "بحالٍ حسنةٍ".
وقال بعض المفسّرين: معناه: حريصٌ على ألّا أقول على اللّه إلّا الحقّ.
وقرأ آخرون من أهل المدينة: {حقيقٌ عليّ} بمعنى: واجبٌ وحقٌّ عليّ ذلك ألّا أخبر عنه إلّا بما هو حقٌّ وصدقٌ، لما أعلم من عزّ جلاله وعظيم سلطانه.
{قد جئتكم ببيّنةٍ من ربّكم} أي: بحجّةٍ قاطعةٍ من اللّه، أعطانيها دليلًا على صدقي فيما جئتكم به، {فأرسل معي بني إسرائيل} أي: أطلقهم من أسرك وقهرك، ودعهم وعبادة ربّك وربّهم؛ فإنّهم من سلالة نبيٍّ كريمٍ إسرائيل، وهو: يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرّحمن [عليهم صلوات الرّحمن] ). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 454]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآَيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (106) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال إن كنت جئت بآيةٍ فأت بها إن كنت من الصّادقين} أي: قال فرعون: لست بمصدّقك فيما قلت، ولا بمطيعك فيما طلبت، فإن كانت معك حجّةٌ فأظهرها لنراها، إن كنت صادقًا فيما ادّعيت). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 454]

تفسير قوله تعالى: {فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (107) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فألقى عصاه فإذا هي ثعبانٌ مبينٌ (107) ونزع يده فإذا هي بيضاء للنّاظرين (108)}
قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {ثعبانٌ مبينٌ} الحيّة الذّكر. وكذا قال السدي، والضحاك.
وفي حديث "الفتون"، من رواية يزيد بن هارون عن الأصبغ بن زيدٍ، عن القاسم بن أبي أيّوب، عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاسٍ قال: {فألقى عصاه} فتحوّلت حيّةً عظيمةً فاغرةً فاها، مسرعةً إلى فرعون، فلمّا رآها فرعون أنّها قاصدةٌ إليه، اقتحم عن سريره، واستغاث بموسى أن يكفّها [عنه] ففعل.
وقال قتادة: تحوّلت حيّةً عظيمةً مثل المدينة.
وقال السّدّيّ في قوله: {فإذا هي ثعبانٌ مبينٌ} والثّعبان: الذّكر من الحيّات، فاتحةً فاها، واضعةً لحيها، الأسفل في الأرض، والآخر على سور القصر، ثمّ توجّهت نحو فرعون لتأخذه. فلمّا رآها ذعر منها، ووثب وأحدث، ولم يكن يحدث قبل ذلك، وصاح: يا موسى، خذها وأنا أومن بك، وأرسل معك بني إسرائيل. فأخذها موسى، عليه السّلام، فعادت عصًا.
وروي عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ نحو هذا.
وقال وهب بن منبّه: لمّا دخل موسى على فرعون، قال له فرعون: أعرفك؟ قال: نعم، قال: {ألم نربّك فينا وليدًا} [الشّعراء: 18]؟ قال: فردّ إليه موسى الّذي ردّ، فقال فرعون: خذوه، فبادره موسى {فألقى عصاه فإذا هي ثعبانٌ مبينٌ} فحملت على النّاس فانهزموا منها، فمات منهم خمسةٌ وعشرون ألفًا، قتل بعضهم بعضًا، وقام فرعون منهزمًا حتّى دخل البيت.
رواه ابن جريرٍ، والإمام أحمد في كتابه "الزّهد"، وابن أبي حاتمٍ. وفيه غرابةٌ في سياقه واللّه أعلم). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 454-455]

تفسير قوله تعالى: {وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (108) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ونزع يده فإذا هي بيضاء للنّاظرين} أي: نزع يده: أخرجها من درعه بعد ما أدخلها فيه فخرجت بيضاء تتلألأ من غير برص ولا مرضٍ، كما قال تعالى: {وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوءٍ} [النّمل: 12]
وقال ابن عبّاسٍ في حديث الفتون: [أخرج يده من جيبه فرآها بيضاء] {من غير سوءٍ} يعني: من غير برصٍ، ثمّ أعادها إلى كمّه، فعادت إلى لونها الأوّل. وكذا قال مجاهدٌ وغير واحدٍ). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 455]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (110) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال الملأ من قوم فرعون إنّ هذا لساحرٌ عليمٌ (109) يريد أن يخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون (110)}
أي: قال الملأ -وهم الجمهور والسّادة من قوم فرعون -موافقين لقول فرعون فيه، بعد ما رجع إليه روعه، واستقرّ على سرير مملكته بعد ذلك، قال للملأ حوله -: {إنّ هذا لساحرٌ عليمٌ} فوافقوه وقالوا كمقالته، وتشاوروا في أمره، وماذا يصنعون في أمره، وكيف تكون حيلتهم في إطفاء نوره وإخماد كلمته، وظهور كذبه وافترائهم، وتخوّفوا من [معرفته] أن يستميل النّاس بسحره فيما يعتقدون فيكون ذلك سببًا لظهوره عليهم، وإخراجه إيّاهم من أرضهم والّذي خافوا منه وقعوا فيه، كما قال تعالى: {ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون} [القصص: 6] فلمّا تشاوروا في شأنه، وائتمروا فيه، اتّفق رأيهم على ما حكاه اللّه تعالى عنهم في قوله تعالى: {قالوا أرجه وأخاه وأرسل في المدائن حاشرين (111) يأتوك بكلّ ساحرٍ عليمٍ (112)} ). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 455-456]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (111) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (112) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قالوا أرجه وأخاه وأرسل في المدائن حاشرين (111) يأتوك بكلّ ساحرٍ عليمٍ (112)}
قال ابن عبّاسٍ: {أرجه} أخّره. وقال قتادة: احبسه. {وأرسل} أي: ابعث {في المدائن} أي: في الأقاليم ومعاملة ملكك، {حاشرين} أي: من يحشر لك السّحرة من سائر البلاد ويجمعهم.
وقد كان السّحر في زمانهم غالبًا كثيرًا ظاهرًا. واعتقد من اعتقد منهم، وأوهم من أوهم منهم، أنّ ما جاء موسى، عليه السّلام، من قبيل ما تشعبذه سحرتهم؛ فلهذا جمعوا له السّحرة ليعارضوه بنظير ما أراهم من البيّنات، كما أخبر تعالى عن فرعون حيث قال: {قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى. فلنأتينّك بسحرٍ مثله فاجعل بيننا وبينك موعدًا لا نخلفه نحن ولا أنت مكانًا سوًى. قال موعدكم يوم الزّينة وأن يحشر النّاس ضحًى. فتولّى فرعون فجمع كيده ثمّ أتى} [طه: 57-60] وقال تعالى هاهنا: {وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لأجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (113) قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (114) } ). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 456]


رد مع اقتباس