عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 25 ربيع الثاني 1434هـ/7-03-2013م, 11:04 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي جمهرة تفاسير السلف


جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فلمّا أحسّ عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى اللّه قال الحواريّون نحن أنصار اللّه آمنّا باللّه واشهد بأنّا مسلمون}
يعني بقوله جلّ ثناؤه: {فلمّا أحسّ عيسى منهم الكفر} فلمّا وجد عيسى منهم الكفر،
والإحساس: هو الوجود، ومنه قول اللّه عزّ وجلّ: {هل تحسّ منهم من أحدٍ}
فأمّا الحسّ بغير ألفٍ، فهو الإفناء والقتل، ومنه قوله: {إذ تحسّونهم بإذنه} والحسّ أيضًا: العطف والرّقّة، ومنه قول الكميت:
هل من بكى الدّار راجٍ أن تحسّ له = أو يبكي الدّار ماء العبرة الخضل
يعني بقوله: أن تحسّ له: أن ترقّ له.
فتأويل الكلام: فلمّا وجد عيسى من بني إسرائيل الّذين أرسله اللّه إليهم جحودًا لنبوّته، وتكذيبًا لقوله، وصدًّا عمّا دعاهم إليه من أمر اللّه، قال: {من أنصاري إلى اللّه} يعني بذلك: قال عيسى: من أعواني على المكذّبين بحجّة اللّه، والمولّين عن دينه، والجاحدين نبوّة نبيّه إلى اللّه عزّ وجلّ.
ويعني بقوله {إلى اللّه} مع اللّه.
وإنّما حسن أن يقال إلى اللّه، بمعنى: مع اللّه؛ لأنّ من شأن العرب إذا ضمّوا الشّيء إلى غيره، ثمّ أرادوا الخبر عنهما بضمّ أحدهما مع الآخر إذا ضمّ إليه جعلوا مكان مع إلى أحيانًا، وأحيانًا تخبر عنهما ب مع فتقول: الذّود إلى الذّود إبلٌ، بمعنى: إذا ضممت الذّود إلى الذّود صارت إبلاً، فأمّا إذا كان الشّيء مع الشّيء لم يقولوه ب إلى ولم يجعلوا مكان مع إلى غير جائزٍ أن يقال: قدم فلانٌ وإليه مالٌ، بمعنى: ومعه مالٌ.
وبمثل ما قلنا في تأويل قوله: {من أنصاري إلى اللّه} قال جماعةٌ من أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله: {من أنصاري إلى اللّه} يقول: مع اللّه.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: {من أنصاري إلى اللّه} يقول: مع اللّه
وأمّا سبب استنصار عيسى عليه السّلام من استنصر من الحواريّين فإنّ بين أهل العلم فيه اختلافًا، فقال بعضهم.كان سبب ذلك ما:
- حدّثني به موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ لمّا بعث اللّه عيسى، فأمره بالدّعوة نفته بنو إسرائيل وأخرجوه، فخرج هو وأمّه يسيحون في الأرض، فنزل في قريةٍ على رجلٍ، فضافهم وأحسن إليهم، وكان لتلك المدينة ملكٌ جبّارٌ معتدٍ، فجاء ذلك الرّجل يومًا وقد وقع عليه همٌّ وحزنٌ، فدخل منزله ومريم عند امرأته، فقالت مريم لها: ما شأن زوجك أراه حزينًا؟ قالت: لا تسألي، قالت: أخبريني لعلّ اللّه يفرّج كربته، قالت: فإنّ لنا ملكًا يجعل على كلّ رجلٍ منّا يومًا يطعمه هو وجنوده، ويسقيهم من الخمر، فإن لم يفعل عاقبه، وإنّه قد بلغت نوبته اليوم الّذي يريد أن نصنع له فيه، وليس لذلك عندنا سعةٌ، قالت: فقولي له: لا يهتمّ، فإنّي آمر ابني فيدعو له، فيكفي ذلك، قالت مريم لعيسى في ذلك، قال عيسى: يا أمّه إنّي إن فعلت كان في ذلك شرٌّ، قالت: فلا تبال، فإنّه قد أحسن إلينا وأكرمنا، قال عيسى: فقولي له: إذا اقترب ذلك فاملأ قدورك وخوابيك ماءً ثمّ أعلمني
، قال: فلمّا ملأهنّ أعلمه، فدعا اللّه، فتحوّل ما في القدور لحمًا ومرقًا وخبزًا، وما في الخوابي خمرًا لم ير النّاس مثله قطّ وإيّاه طعامًا؛ فلمّا جاء الملك أكل، فلمّا شرب الخمر سأل من أين هذه الخمر؟ قال له: هي من أرض كذا وكذا، قال الملك: فإنّ خمري أوتي بها من تلك الأرض فليس هي مثل هذه، قال: هي من أرضٍ أخرى؛ فلمّا خلط على الملك اشتدّ عليه، قال: فأنا أخبرك عندي غلامٌ لا يسأل اللّه شيئًا إلاّ أعطاه إيّاه، وإنّه دعا اللّه، فجعل الماء خمرًا، قال الملك، وكان له ابنٌ يريد أن يستخلفه، فمات قبل ذلك بأيّامٍ، وكان أحبّ الخلق إليه، فقال: إنّ رجلاً دعا اللّه حتّى جعل الماء خمرًا، ليستجابنّ له حتّى يحيي ابني، فدعا عيسى فكلّمه، فسأله أن يدعو اللّه فيحيي ابنه، فقال عيسى: لا تفعل؛ فإنّه إن عاش كان شرًّا، فقال الملك: لا أبالي، أليس أراه؟، فلا أبالي ما كان فقال عيسى عليه السّلام: فإن أحييته تتركوني أنا وأمّي نذهب أينما شئنا؟، قال الملك: نعم، فدعا اللّه، فعاش الغلام؛ فلمّا رآه أهل مملكته قد عاش تنادوا بالسّلاح، وقالوا: أكلنا هذا حتّى إذا دنا موته يريد أن يستخلف ابنه فيأكلنا كما أكلنا أبوه، فاقتتلوا، وذهب عيسى وأمّه، وصحبهما يهوديّ، وكان مع اليهوديّ رغيفان، ومع عيسى رغيفٌ، فقال له عيسى: شاركني، فقال اليهوديّ: نعم، فلمّا رأى أنّه ليس مع عيسى إلاّ رغيفٌ ندم؛ فلمّا ناما جعل اليهوديّ يريد أن يأكل الرّغيف، فلمّا أكل لقمةً قال له عيسى: له ما تصنع؟ فيقول: لا شيء، فيطرحها، حتّى فرغ من الرّغيف كلّه؛ فلمّا أصبحا قال له عيسى: هلمّ طعامك، فجاء برغيفٍ، فقال له عيسى: أين الرّغيف الآخر؟ قال: ما كان معي إلاّ واحدٌ، فسكت عنه عيسى، فانطلقوا، فمرّوا براعي غنمٍ، فنادى عيسى، يا صاحب الغنم أجزرنا شاةً من غنمك، قال: نعم، أرسل صاحبك يأخذها، فأرسل عيسى اليهوديّ، فجاء بالشّاة، فذبحوها وشووها، ثمّ قال لليهوديّ: كل ولا تكسرنّ عظمًا فأكلا، فلمّا شبعوا قذف عيسى العظام في الجلد، ثمّ ضربها بعصاه وقال: قومي بإذن اللّه، فقامت الشّاة تثغو، فقال: يا صاحب الغنم خذ شاتك، فقال له الرّاعي: من أنت؟ قال: أنا عيسى ابن مريم، قال: أنت السّاحر، وفرّ منه، قال عيسى لليهوديّ: بالّذي أحيا هذه الشّاة بعدما أكلناها كم كان معك رغيفًا؟
فحلف ما كان معه إلاّ رغيفٌ واحدٌ، فمرّوا بصاحب بقرٍ، فنادى عيسى، فقال: يا صاحب البقر أجزرنا من بقرك هذه عجلاً قال: ابعث صاحبك يأخذه، قال: انطلق يا يهوديّ فجئ به، فانطلق فجاء به، فذبحه وشواه، وصاحب البقر ينظر، فقال له عيسى: كل ولا تكسرنّ عظمًا، فلمّا فرغوا قذف العظام في الجلد، ثمّ ضربه بعصاه، وقال: قم بإذن اللّه، فقام وله خوارٌ، قال: خذ عجلك، قال: ومن أنت؟ قال: أنا عيسى، قال: أنت السّحّار، ثمّ فرّ منه، قال اليهوديّ: يا عيسى أحييته بعد ما أكلناه، قال عيسى: فبالّذي أحيا الشّاة بعد ما أكلناها، والعجل بعد ما أكلناه، كم كان معك رغيفًا؟ فحلف باللّه ما كان معه إلاّ رغيفٌ واحدٌ؛ فانطلقا حتّى نزلا قريةً، فنزل اليهوديّ أعلاها، وعيسى في أسفلها، وأخذ اليهوديّ عصًا مثل عصا عيسى، وقال: أنا الآن أحيي الموتى وكان ملك تلك المدينة مريضًا شديد المرض، فانطلق اليهوديّ ينادي: من يبتغي طبيبًا؟ حتّى أتى ملك تلك القرية، فأخبر بوجعه، فقال: أدخلوني عليه فأنا أبرئه، وإن رأيتموه قد مات فأنا أحييه، فقيل له: إنّ وجع الملك قد أعيا الأطبّاء قبلك، ليس من طبيبٍ يداويه، ولا يفيء دواؤه شيئًا إلاّ أمر به فصلب، قال: أدخلوني عليه فإنّي سأبرئه، فأدخل عليه، فأخذ برجل الملك فضربه بعصاه حتّى مات، فجعل يضربه بعصاه وهو ميّتٌ، ويقول: قم بإذن اللّه، فأخذ ليصلب، فبلغ عيسى، فأقبل إليه وقد رفع على الخشبة، فقال: أرأيتم إن أحييت لكم صاحبكم أتتركون لي صاحبي؟ قالوا: نعم، فأحيا اللّه الملك لعيسى، فقام وأنزل اليهوديّ، فقال اليهودى: يا عيسى أنت أعظم النّاس عليّ منّةً، واللّه لا أفارقك أبدًا. قال عيسى فيما
- حدّثنا به محمّد بن الحسين بن موسى، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل قال أسباطٌ، عن السّدّيّ لليهوديّ: أنشدك بالّذي أحيا الشّاة والعجل بعد ما أكلناهما، وأحيا هذا بعد ما مات، وأنزلك من الجذع بعد ما رفعت عليه لتصلب كم كان معك رغيفًا؟ قال: فحلف بهذا كلّه ما كان معه إلاّ رغيفٌ واحدٌ، قال: لا بأس، فانطلقا حتّى مرّا على كنزٍ قد حفرته السّباع والدّوابّ، فقال اليهوديّ: يا عيسى، لمن هذا المال، قال عيسى: دعه، فإنّ له أهلاً يهلكون عليه، فجعلت نفس اليهوديّ تطّلع إلى المال، ويكره أن يعصي عيسى، فانطلق مع عيسى ومرّ بالمال أربعة نفرٍ؛ فلمّا رأوه، اجتمعوا عليه، فقال اثنان لصاحبيهما: انطلقا فابتاعا لنا طعامًا وشرابًا ودوابّ نحمل عليها هذا المال، فانطلق الرّجلان فابتاعا دوابّ وطعامًا وشرابًا، وقال أحدهما لصاحبه: هل لك أن نجعل لصاحبينا في طعامهما سمًّا، فإذا أكلا ماتا فكان المال بيني وبينك؟، فقال الآخر نعم، ففعلا، وقال الآخران: إذا ما أتيانا بالطّعام، فليقم كلّ واحدٍ إلى صاحبه فيقتله، فيكون الطّعام والدّوابّ بيني وبينك، فلمّا جاءا بطعامهما قاما فقتلاهما، ثمّ قعدا على الطّعام، فأكلا منه فماتا، وأعلم ذلك عيسى، فقال لليهوديّ: أخرجه حتّى نقتسمه، فأخرجه فقسمه عيسى بين ثلاثةٍ، فقال اليهوديّ: يا عيسى اتّق اللّه ولا تظلمني، فإنّما هو أنا وأنت، ما هذه الثّلاثة؟ قال له عيسى هذا لي، وهذا لك، وهذا الثّلث لصاحب الرّغيف، قال اليهوديّ: فإن أخبرتك بصاحب الرّغيف تعطني هذا المال؟ فقال عيسى: نعم، قال أنا هو، قال: عيسى: خذ حظّي وحظّك وحظّ صاحب الرّغيف فهو حظّك من الدّنيا والآخرة؛ فلمّا حمله مشى به شيئًا، فخسف به، وانطلق عيسى ابن مريم، فمرّ بالحواريّين وهم يصطادون السّمك، فقال: ما تصنعون؟ فقالوا: نصطاد السّمك، فقال: أفلا تمشون حتّى نصطاد النّاس؟ قالوا: ومن أنت؟ قال: أنا عيسى ابن مريم، فآمنوا به، وانطلقوا معه فذلك قول اللّه عزّ وجلّ: {من أنصاري إلى اللّه قال الحواريّون نحن أنصار اللّه آمنّا باللّه واشهد بأنّا مسلمون}.
- حدّثنا محمّد بن سنانٍ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ الحنفيّ، عن عبّاد بن منصورٍ، عن الحسن، في قوله: {فلمّا أحسّ عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى اللّه} الآية، قال: استنصر فنصره الحواريّون وظهر عليهم
وقال آخرون: كان سبب استنصار عيسى من استنصر؛ لأنّ من استنصر من الحواريّين عليه كانوا أرادوا قتله.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {فلمّا أحسّ عيسى منهم الكفر} قال: كفروا وأرادوا قتله، فذلك حين استنصر قومه قال: {من أنصاري إلى اللّه قال الحواريّون نحن أنصار اللّه}
والأنصار: جمع نصيرٍ، كما الأشراف جمع شريفٍ، والأشهاد جمع شهيدٍ
وأمّا الحواريّون، فإنّ أهل التّأويل اختلفوا في السّبب الّذي من أجله سمّوا حواريّين، فقال بعضهم: سمّوا بذلك لبياض ثيابهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عبيدٍ المحاربيّ، قال: ممّا روى أبي، قال: حدّثنا قيس بن الرّبيع، عن ميسرة، عن المنهال بن عمرٍو، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: إنّما سمّوا الحواريّين ببياض ثيابهم.
وقال آخرون: سمّوا بذلك؛ لأنّهم كانوا قصّارين يبيّضون الثّياب.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن أبي أرطأة، قال: الحواريّون: الغسّالون، الّذين يحوّرون الثّياب يغسلونها
وقال آخرون: هم خاصّة الأنبياء وصفوتهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن روح بن القاسم، أنّ قتادة ذكر رجلاً من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: كان من الحواريّين، فقيل له: من الحواريّون؟ قال: الّذين تصلح لهم الخلافة.
- حدّثت عن المنجاب، قال:بن الحارث، قال: حدّثنا بشرٌ، عن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، في قوله: {إذ قال الحواريّون} قال: أصفياء الأنبياء
وأشبه الأقوال الّتي ذكرنا في معنى الحواريّين قول من قال: سمّوا بذلك لبياض ثيابهم، ولأنّهم كانوا غسّالين.
وذلك أنّ الحور عند العرب: شدّة البياض. ولذلك سميّ الحواريّ من الطّعام حواريًّا لشدّة بياضه، ومنه قيل للرّجل الشّديد البياض مقلة العينين أحور، وللمرأة حوراء.
وقد يجوز أن يكون حواريّو عيسى كانوا سمّوا بالّذي ذكرنا من تبييضهم الثّياب وأنّهم كانوا قصّارين، فعرفوا بصحبة عيسى واختياره إيّاهم لنفسه أصحابًا وأنصارًا، فجرى ذلك الاسم لهم واستعمل، حتّى صار كلّ خاصّةٍ للرّجل من أصحابه وأنصاره حواريّه؛ ولذلك قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: لكلّ نبيٍّ حواريّ، وحواريّ الزّبير يعني خاصّته وقد تسمّي العرب النّساء اللّواتي مساكنهنّ القرى والأمصار حواريّاتٌ، وإنّما سمّين بذلك لغلبة البياض عليهنّ، ومن ذلك قول أبي جلدة اليشكريّ:
فقل للحواريّات يبكين..غيرنا...ولا تبكنا إلاّ الكلاب النّوابح
ويعني بقوله: {قال الحواريّون} قال: هؤلاء الّذين صفتهم ما ذكرنا من تبييضهم الثّياب: آمنّا باللّه، صدّقنا باللّه، واشهد أنت يا عيسى بأنّنا مسلمون.
وهذا خبرٌ من اللّه عزّ وجلّ أنّ الإسلام دينه الّذي ابتعث به عيسى والأنبياء قبله، لا النّصرانيّة ولا اليهوديّة، وتبرئةٌ من اللّه لعيسى ممّن انتحل النّصرانيّة ودان بها، كما برأ إبراهيم من سائر الأديان غير الإسلام، وذلك احتجاجٌ من اللّه تعالى ذكره لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم على وفد نجران.
- كما: حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، عن محمّد بن جعفر بن الزّبير، {فلمّا أحسّ عيسى منهم الكفر} والعدوان، {قال من أنصاري إلى اللّه قال الحواريّون نحن أنصار اللّه آمنّا باللّه} وهذا قولهم الّذي أصابوا به الفضل من ربّهم، واشهد بأنّا مسلمون، لا كما يقول هؤلاء الّذين يحاجّونك فيه، يعني وفد نصارى نجران). [جامع البيان: 5/435-445]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: فلمّا أحسّ عيسى منهم الكفر
- وبه قال: قال محمّد بن إسحاق فلمّا أحسّ عيسى منهم الكفر والعدوان عليه، قال من أنصاري إلى اللّه.
- أخبرني عليّ بن المبارك فيما كتب إليّ، ثنا زيد بن المبارك، ثنا ابن ثورٍ، عن ابن جريح في قوله: فلمّا أحسّ عيسى منهم الكفر قال: كفروا وأرادوا قتله فذلك حين استنصر قومه فذلك حين يقول: فآمنت طائفةٌ من بني إسرائيل وكفرت طائفةٌ [3565] حدّثنا الحجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ من أنصاري إلى اللّه قال: من يتّبعني إلى اللّه.
- أخبرني عمرو بن ثورٍ فيما كتب إليّ، ثنا الفريابيّ قال: قال سفيان في قوله: من أنصاري إلى اللّه قال: من أنصاري مع اللّه.
- حدّثنا الحسن بن أحمد، ثنا موسى بن محكمٍ، ثنا أبو بكرٍ الحنفيّ، ثنا عبّاد بن منصورٍ، عن الحسن قوله: من أنصاري إلى اللّه فقال: استنصره فنصره الحواريّون، فظهر عليهم.
قوله تعالى: الحواريّون
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن ميسرة النّهديّ عن المنهال بن عمرٍو، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: إنّما سمّي الحواريّون قال:
كانوا صيّادين لبياض ثيابهم. قال أبو محمّدٍ: وروي عن مسلمٍ البطين نحو ذلك.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا الوليد بن القاسم، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك في قوله: من أنصاري إلى اللّه قال الحواريّون نحن أنصار اللّه قال: مرّ عيسى بقومٍ غسّالين فدعاهم إلى الله فأجابوه، فلذلك سماهم الحواريون قال:
وبالنبطية: هواري، وبالعربية المحور.
الوجه الثّالث:
- حدّثنا أبي، ثنا ابن الطّبّاع، ثنا إسماعيل بن عليّة، عن روح بن القاسم، عن قتادة قال: الحواريّون هم الّذين تصلح لهم الخلافة.
والوجه الرّابع:
- أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءةً، ثنا سفيان يعني: ابن عيينة قال:
الحواريّ: النّاصر.
والوجه الخامس:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث، أنبأ بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك قوله: الحواريّون أصفياء الأنبياء.
والوجه السّادس:
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أنبأ عبد الرّزّاق، قال معمرٌ قال قتادة:
الحواريّ: الوزير.
قوله تعالى: نحن أنصار اللّه آمنّا باللّه
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ أبو غسّان، ثنا سلمة، قال محمّد بن إسحاق: قال الحواريّون نحن أنصار اللّه آمنّا باللّه هذا قولهم الّذي أصابوا الفضل من ربّهم.
- وبه قال محمّد بن إسحاق واشهد بأنّا مسلمون لا ما يقول هؤلاء الّذين يحاجّونك فيه). [تفسير القرآن العظيم: 2/658-660]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أرطأة قال الحواريون الغسالون يحورون الثياب أي يغسلونها). [تفسير مجاهد: 128]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 52.
أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله {فلما أحس عيسى منهم الكفر} قال: كفروا وأرادوا قتله، فذلك حين استنصر قومه، فذلك حين يقول (فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة) (الصف الآية 14)
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد {من أنصاري إلى الله} قال: من يتبعني إلى الله
وأخرج ابن جرير عن السدي {من أنصاري إلى الله} يقول: مع الله.
وأمّا قوله تعالى: {قال الحواريون} الآية.
أخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: إنما سموا الحواريين لبياض ثيابهم، كانوا صيادين.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن أبي أرطاة قال {الحواريون} الغسالون الذين يحورون الثياب: يغسلونها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال {الحواريون} الغسالون وهو بالنبطية هواري وبالعربية المحور.
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك قال {الحواريون} قصارون مر بهم عيسى فآمنوا به واتبعوه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة قال {الحواريون} هم الذين تصلح لهم الخلافة
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن الضحاك قال {الحواريون} أصفياء الأنبياء.
وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي حاتم عن قتادة قال: الحواري الوزير.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن عيينة قال: الحواري الناصر.
وأخرج البخاري والترمذي، وابن المنذر، عن جابر بن عبد الله عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: إن لكل نبي حواريا وإن حواري الزبير.
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن أسيد بن يزيد قال {واشهد بأننا مسلمون} في مصحف عثمان ثلاثة أحرف). [الدر المنثور: 3/592-594]

تفسير قوله تعالى: (رَبَّنَا آَمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (53) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ربّنا آمنّا بما أنزلت واتّبعنا الرّسول فاكتبنا مع الشّاهدين}
وهذا خبرٌ من اللّه عزّ وجلّ عن الحواريّين أنّهم قالوا: {ربّنا آمنّا} أي صدّقنا {بما أنزلت} يعني: بما أنزلت على نبيّك عيسى من كتابك {واتّبعنا الرّسول} يعني بذلك: صرنا أتباع عيسى على دينك الّذي ابتعثته به وأعوانه على الحقّ الّذي أرسلته به إلى عبادك.
وقوله: {فاكتبنا مع الشّاهدين} يقول: فأثبت أسماءنا مع أسماء الّذين شهدوا بالحقّ، وأقرّوا لك بالتّوحيد، وصدّقوا رسلك، واتّبعوا أمرك ونهيك، فاجعلنا في عدادهم ومعهم فيما تكرمهم به من كرامتك، وأحلّنا محلّهم، ولا تجعلنا ممّن كفر بك، وصدّ عن سبيلك، وخالف أمرك ونهيك.
يعرّف خلقه جلّ ثناؤه بذلك سبيل الّذين رضي أقوالهم وأفعالهم، ليحتذوا طريقهم، ويتّبعوا منهاجهم، فيصلوا إلى مثل الّذي وصلوا إليه من درجات كرامته، ويكذّب بذلك الّذين انتحلوا من الملل غير الحنيفيّة المسلمة في دعواهم على أنبياء اللّه أنّهم كانوا على غيرها، ويحتجّ به على الوفد الّذين حاجّوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من أهل نجران بأنّه قيل من رضي اللّه عنه من أتباع عيسى كان خلاف قيلهم، ومنهاجهم غير منهاجهم.
- كما: حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمّد بن جعفر بن الزّبير: {ربّنا آمنّا بما أنزلت واتّبعنا الرّسول فاكتبنا مع الشّاهدين} أي هكذا كان قولهم وإيمانهم). [جامع البيان: 5/445-446]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ربّنا آمنّا بما أنزلت واتّبعنا الرّسول فاكتبنا مع الشّاهدين (53) ومكروا ومكر اللّه واللّه خير الماكرين (54)
قوله تعالى: ربّنا آمنّا بما أنزلت واتّبعنا الرّسول
- وبه قال: قال محمّد بن إسحاق: ربّنا آمنّا بما أنزلت أي هكذا كان قولهم وإيمانهم.
قوله تعالى: فاكتبنا مع الشّاهدين
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا وكيعٌ، عن إسرائيل، عن سماكٍ عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ في قوله: فاكتبنا مع الشّاهدين قال: أمّة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم). [تفسير القرآن العظيم: 2/660-661]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (آية 53 - 54.
أخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني
وابن مردويه عن ابن عباس في قوله {فاكتبنا مع الشاهدين} قال: مع محمد صلى الله عليه وسلم وأمته، أنهم شهدوا له أنه قد بلغ وشهدوا للرسل أنهم قد بلغوا.
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس {فاكتبنا مع الشاهدين} قال: مع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا قضى صلاته: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك - فإن للسائلين عليك حقا - أيما عبد أو أمة من أهل البر والبحر تقبلت دعوتهم واستجبت دعاءهم أن تشركنا في صالح ما يدعونك به وأن تعافينا وإياهم وأن تقبل منا ومنهم وأن تجاوز عنا وعنهم بأنا {آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين} وكان يقول: لا يتكلم بهذا أحد من خلقه إلا أشركه الله في دعوة أهل برهم وبحرهم فعمتهم وهو مكانه). [الدر المنثور: 3/594-595]

تفسير قوله تعالى: (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (54) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ومكروا ومكر اللّه واللّه خير الماكرين}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: ومكر الّذين كفروا من بني إسرائيل، وهم الّذين ذكر اللّه أنّ عيسى أحسّ منهم الكفر.
وكان مكرهم الّذي وصفهم اللّه به مواطأة بعضهم بعضًا على الفتك بعيسى وقتله، وذلك أنّ عيسى صلوات اللّه عليه بعد إخراج قومه إيّاه وأمّه من بين أظهرهم عاد إليهم.فيما:
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: ثمّ إنّ عيسى سار بهم: يعني بالحواريّين الّذين كانوا يصطادون السّمك، فآمنوا به واتّبعوه إذ دعاهم حتّى أتى بني إسرائيل ليلاً فصاح فيهم، فذلك قوله: {فآمنت طائفةٌ من بني إسرائيل وكفرت طائفةٌ} [الصف] الآية
وأمّا مكر اللّه بهم فإنّه فيما ذكر السّدّيّ: إلقاؤه شبه عيسى على بعض أتباعه، حتّى قتله الماكرون بعيسى، وهم يحسبونه عيسى، وقد رفع اللّه عزّ وجلّ عيسى قبل ذلك.
- كما: حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: ثمّ إنّ بني إسرائيل حصروا عيسى وتسعة عشر رجلاً من الحواريّين في بيتٍ، فقال عيسى لأصحابه: من يأخذ صورتي فيقتل وله الجنّة، فأخذها رجلٌ منهم، وصعد بعيسى إلى السّماء، فذلك قوله: {ومكروا ومكر اللّه واللّه خير الماكرين} فلمّا خرج الحواريّون أبصروهم تسعة عشر، فأخبروهم أنّ عيسى قد صعد به إلى السّماء، فجعلوا يعدّون القوم فيجدونهم ينقصون رجلاً من العدّة، ويرون صورة عيسى فيهم فشكّوا فيه، وعلى ذلك قتلوا الرّجل وهم يرون أنّه عيسى، وصلبوه، فذلك قول اللّه عزّ وجلّ {وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبّه لهم}
وقد يحتمل أن يكون معنى مكر اللّه بهم استدراجه إيّاهم ليبلغ الكتاب أجله، كما قد بيّنّا ذلك في قول اللّه: {اللّه يستهزئ بهم}). [جامع البيان: 5/446-447]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: ومكروا ومكر اللّه واللّه خير الماكرين
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ أبو غسّان، ثنا سلمة قال: قال محمّد ابن إسحاق: ثمّ ذكر رفعه عيسى إليه حين اجتمعوا لقتله قال: ومكروا ومكر اللّه واللّه خير الماكرين، ثمّ أخبرهم وردّ عليهم فيما أقروا اليهود بصلبه كيف رفعه وطهّره منهم فقال اللّه: يا عيسى إنّي متوفّيك). [تفسير القرآن العظيم: 2/660-661]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن السدي قال: إن بني إسرائيل حصروا عيسى وتسعة عشر رجلا من الحواريين في بيت فقال عيسى لأصحابه: من يأخذ صورتي فيقتل وله الجنة فأخذها رجل منهم وصعد بعيسى إلى السماء، فذلك قوله {ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين}). [الدر المنثور: 3/594-595]

تفسير قوله تعالى: (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا معمر عن الحسن في قوله تعالى إني متوفيكم قال إني متوفيك من الأرض). [تفسير عبد الرزاق: 1/122]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا معمر عن ثابت البناني قال رفع عيسى بن مريم وعليه مدرعة وخفا راع وحذاقة يحذف بها الطير). [تفسير عبد الرزاق: 1/122]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ):(وقال ابن عبّاسٍ: {متوفّيك} [آل عمران: 55]: «مميتك»). [صحيح البخاري: 6/54] (م)
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال ابن عبّاسٍ متوفّيك مميتك هكذا ثبت هذا هنا وهذه اللّفظة إنّما هي في سورة آل عمران فكأنّ بعض الرّواة ظنّها من سورة المائدة فكتبها فيها أو ذكرها المصنّف هنا لمناسبة قوله في هذه السّورة فلمّا توفّيتني كنت أنت الرّقيب). [فتح الباري: 8/283] (م)
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال ابن عبّاس متوفيك مميتك قال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا أبو صالح ثنا معاوية عن علّي عن ابن عبّاس بهذا). [تغليق التعليق: 4/206]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إذ قال اللّه يا عيسى إنّي متوفّيك ورافعك إليّ ومطهّرك من الّذين كفروا وجاعل الّذين اتّبعوك فوق الّذين كفروا إلى يوم القيامة ثمّ إليّ مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: ومكر اللّه بالقوم الّذين حاولوا قتل عيسى مع كفرهم باللّه، وتكذيبهم عيسى فيما أتاهم به من عند ربّهم، إذ قال اللّه جلّ ثناؤه: {إنّي متوفّيك} ف إذ صلةٌ من قوله: {ومكر اللّه} يعني: ومكر اللّه بهم حين قال اللّه لعيسى: {إنّي متوفّيك ورافعك إليّ} فتوفّاه ورفعه إليه.
ثمّ اختلف أهل التّأويل في معنى الوفاة الّتي ذكرها اللّه عزّ وجلّ في هذه الآية، فقال بعضهم: هي وفاة نومٍ، وكان معنى الكلام على مذهبهم: إنّي منيمك، ورافعك في نومك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، في قوله: {إنّي متوفّيك} قال: يعني وفاة المنام: رفعه اللّه في منامه.قال الحسن: قال رسول اللّه لليهود: إنّ عيسى لم يمت، وإنّه راجعٌ إليكم قبل يوم القيامة
وقال آخرون: معنى ذلك: إنّي قابضك من الأرض، فرافعك إليّ، قالوا: ومعنى الوفاة: القبض، لما يقال: توفّيت من فلانٍ ما لي عليه، بمعنى: قبضته واستوفيته، قالوا: فمعنى قوله: {إنّي متوفّيك ورافعك} أي قابضك من الأرض حيًّا إلى جواري، وآخذك إلى ما عندي بغير موتٍ، ورافعك من بين المشركين وأهل الكفر بك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا عليّ بن سهلٍ، قال: حدّثنا ضمرة بن ربيعة، عن ابن شوذبٍ، عن مطرٍ الورّاق، في قول اللّه: {إنّي متوفّيك} قال: متوفّيك من الدّنيا، وليس بوفاة موتٍ.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن الحسن، في قوله: {إنّي متوفّيك} قال: متوفّيك من الأرض.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {إنّي متوفّيك ورافعك إليّ ومطهّرك من الّذين كفروا} قال: فرفعه اللّه إليه، توفّيه إيّاه، وتطهيره من الّذين كفروا.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ أنّ كعب الأحبار قال: ما كان اللّه عزّ وجلّ ليميت عيسى ابن مريم، إنّما بعثه اللّه داعيًا ومبشّرًا يدعو إليه وحده، فلمّا رأى عيسى قلّة من اتّبعه وكثرة من كذّبه، شكا ذلك إلى اللّه عزّ وجلّ، فأوحى اللّه إليه: {إنّي متوفّيك ورافعك إليّ} وليس من رفعته عندي ميّتًا، وإنّي سأبعثك على الأعور الدّجّال، فتقتله، ثمّ تعيش بعد ذلك أربعًا وعشرين سنة، ثمّ أميتك ميتة الحيّ قال كعب الأحبار: وذلك يصدّق حديث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حيث قال: كيف تهلك أمّةٌ أنا في أوّلها، وعيسى في آخرها؟.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمّد بن جعفر بن الزّبير: {يا عيسى إنّي متوفّيك}: أي قابضك.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {إنّي متوفّيك ورافعك إليّ} قال: متوفّيك: قابضك، قال: ومتوفّيك ورافعك واحدٌ، قال: ولم يمت بعد حتّى يقتل الدّجّال، وسيموت، وقرأ قول اللّه عزّ وجلّ: {ويكلّم النّاس في المهد وكهلاً} قال: رفعه اللّه إليه قبل أن يكون كهلاً، قال: وينزل كهلا.
- حدّثنا محمّد بن سنانٍ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ الحنفيّ، عن عبّادٍ، عن الحسن، في قول اللّه عزّ وجلّ: {يا عيسى إنّي متوفّيك ورافعك إليّ} الآية كلّها، قال: رفعه اللّه إليه، فهو عنده في السّماء
وقال آخرون: معنى ذلك: إنّي متوفّيك وفاة موتٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {إنّي متوفّيك} يقول: إنّي مميتك.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عمّن لا يتّهم، عن وهب بن منبّهٍ اليمانيّ، أنّه قال: توفّى اللّه عيسى ابن مريم ثلاث ساعاتٍ من النّهار حتّى رفعه إليه.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: والنّصارى يزعمون أنّه توفّاه سبع ساعاتٍ من النّهار، ثمّ أحياه اللّه
وقال آخرون: معنى ذلك: إذ قال اللّه يا عيسى، إنّي رافعك إليّ، ومطهّرك من الّذين كفروا، ومتوفّيك بعد إنزالي إيّاك إلى الدّنيا. وقالو: هذا من المقدّم الّذي معناه التّأخير، والمؤخّر الّذي معناه التّقديم.
قال أبو جعفرٍ: وأولى هذه الأقوال بالصّحّة عندنا قول من قال: معنى ذلك: إنّي قابضك من الأرض ورافعك إليّ؛ لتواتر الأخبار عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: ينزل عيسى ابن مريم فيقتل الدّجّال ثمّ يمكث في الأرض مدّةٌ ذكرها اختلفت الرّواية في مبلغها، ثمّ يموت، فيصلّي عليه المسلمون ويدفنونه.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمّد بن مسلمٍ الزّهريّ، عن حنظلة بن عليٍّ الأسلميّ، عن أبي هريرة، قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: ليهبطنّ اللّه عيسى ابن مريم حكمًا عدلاً وإمامًا مقسطًا، يكسر الصّليب، ويقتل الخنزير ويضع الجزية، ويفيض المال حتّى لا يجد من يأخذه، وليسلكّن الرّوحاء حاجًّا أو معتمرًا، أو لثنيين بهما جميعًا.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن الحسن بن دينارٍ، عن قتادة، عن عبد الرّحمن بن آدم، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: الأنبياء إخوةٌ لعلاّتٍ، أمّهاتهم شتّى، ودينهم واحدٌ، وأنا أولى النّاس بعيسى ابن مريم؛ لأنّه لم يكن بيني وبينه نبيّ، وإنّه خليفتي على أمّتي، وإنّه نازلٌ فإذا رأيتموه فاعرفوه، فإنّه رجلٌ مربوع الخلق إلى الحمرة والبياض سبط الشّعر كأنّ شعره يقطر، وإن لم يصبه بللٌ بين ممصّرتين، يدقّ الصّليب، ويقتل الخنزير، ويفيض المال، ويقاتل النّاس على الإسلام حتّى يهلك اللّه في زمانه الملل كلّها، ويهلك اللّه في زمانه مسيخ الضّلالة الكذّاب الدّجّال وتقع في الأرض الأمنة حتّى ترتع الأسود مع الإبل، والنّمر مع البقر، والذّئاب مع الغنم، وتلعب الغلمان بالحيّات، لا يضرّ بعضهم بعضًا، فيثبت في الأرض أربعين سنةً، ثمّ يتوفّى ويصلّي المسلمون عليه ويدفنونه
قال أبو جعفرٍ: ومعلومٌ أنّه لو كان قد أماته اللّه عزّ وجلّ لم يكن بالّذي يميته ميتةً أخرى، فيجمع عليه ميتتين؛ لأنّ اللّه عزّ وجلّ إنّما أخبر عباده أنّه يخلقهم ثمّ يميتهم، ثمّ يحييهم، كما قال جلّ ثناؤه {اللّه الّذي خلقكم ثمّ رزقكم ثمّ يميتكم ثمّ يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيءٍ}
فتأويل الآية إذًا: قال اللّه لعيسى: يا عيسى إنّي قابضك من الأرض ورافعك إليّ، ومطهّرك من الّذين كفروا، فجحدوا نبوّتك.
وهذا الخبر وإن كان مخرجه مخرج خبرٍ، فإنّ فيه من اللّه عزّ وجلّ احتجاجًا على الّذين حاجّوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في عيسى من وفد نجران بأنّ عيسى لم يقتل ولم يصلب كما زعموا، وأنّهم واليهود الّذين أقرّوا بذلك وادّعوا على عيسى كذبةٌ في دعواهم وزعمهم
- كما: حدّثنا ابن حميدٍ، قال حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمّد بن جعفر بن الزّبير، ثمّ أخبرهم يعني الوفد، من نجران وردّ عليهم فيما أخبروا هم واليهود بصلبه، كيف رفعه وطهّره منهم، فقال: {إذ قال اللّه يا عيسى إنّي متوفّيك ورافعك إليّ}
وأمّا مطهّرك من الّذين كفروا، فإنّه يعني منظّفك، فمخلّصك ممّن كفر بك وجحد ما جئتهم به من الحقّ من اليهود وسائر الملل غيرها.
- كما: حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمّد بن جعفر بن الزّبير: {ومطهّرك من الّذين كفروا} قال: إذ همّوا منك بما همّوا.
- حدّثني محمّد بن سنانٍ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ الحنفيّ، عن عبّادٍ، عن الحسن، في قوله: {ومطهّرك من الّذين كفروا} قال: طهّره من اليهود والنّصارى والمجوس، ومن كفّار قومه). [جامع البيان: 5/447-453]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وجاعل الّذين اتّبعوك فوق الّذين كفروا إلى يوم القيامة}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: وجاعل الّذين اتّبعوك على منهاجك وملّتك من الإسلام وفطرته فوق الّذين جحدوا نبوّتك، وخالفوا بسبيلهم جميع أهل الملل، فكذّبوا بما جئت به، وصدّوا عن الإقرار به، فمصيرهم فوقهم ظاهرين عليهم.
- كما: حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، في قوله: {وجاعل الّذين اتّبعوك فوق الّذين كفروا إلى يوم القيامة} هم أهل الإسلام الّذين اتّبعوه على فطرته وملّته وسنّته فلا يزالون ظاهرين على من ناوأهم إلى يوم القيامة
- حدثنا المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، في قوله: {وجاعل الّذين اتّبعوك فوق الّذين كفروا إلى يوم القيامة} ثمّ ذكر نحوه
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: {وجاعل الّذين اتّبعوك فوق الّذين كفروا إلى يوم القيامة} ثمّ ذكر نحوه.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: {وجاعل الّذين اتّبعوك فوق الّذين كفروا إلى يوم القيامة} قال: ناصرٌ من اتّبعك على الإسلام على الّذين كفروا إلى يوم القيامة.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {وجاعل الّذين اتّبعوك فوق الّذين كفروا إلى يوم القيامة} أمّا الّذين اتّبعوك، فيقال: هم المؤمنون وليس ويقال بل هم الرّوم.
- حدّثني محمّد بن سنانٍ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ الحنفيّ، عن عبّادٍ، عن الحسن: {وجاعل الّذين اتّبعوك فوق الّذين كفروا إلى يوم القيامة} قال: جعل الّذين اتّبعوه فوق الّذين كفروا إلى يوم القيامة، قال: المسلمون من فوقهم، وجعلهم أعلى ممّن ترك الإسلام إلى يوم القيامة
وقال آخرون: ومعنى ذلك: وجاعل الّذين اتّبعوك من النّصارى فوق اليهود.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قول اللّه: {ومطهّرك من الّذين كفروا} قال: الّذين كفروا من بني إسرائيل {وجاعل الّذين اتّبعوك} قال: الّذين آمنوا به من بني إسرائيل وغيرهم، {فوق الّذين كفروا} النّصارى فوق اليهود إلى يوم القيامة، قال: فليس بلدٌ فيه أحدٌ من النّصارى إلاّ وهم فوق يهود في شرقٍ ولا غربٍ، هم في البلدان كلّها مستذلّون). [جامع البيان: 5/453-455]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ثمّ إليّ مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: {ثمّ إليّ} ثمّ إلى اللّه أيّها المختلفون في عيسى، {مرجعكم} يعني مصيركم يوم القيامة {فأحكم بينكم} يقول: فأقضي حينئذٍ بين جميعكم في أمر عيسى بالحقّ فيما كنتم فيه تختلفون من أمره.
وهذا من الكلام الّذي صرف من الخبر عن الغائب إلى المخاطبة، وذلك أنّ قوله: {ثمّ إليّ مرجعكم} إنّما قصد به الخبر عن متّبعي عيسى والكافرين به.
وتأويل. الكلام: وجاعل الّذين اتّبعوك فوق الّذين كفروا إلى يوم القيامة، ثمّ إليّ مرجع الفريقين: الّذين اتّبعوك، والّذين كفروا بك، فأحكم بينهم فيما كانوا فيه يختلفون، ولكن ردّ الكلام إلى الخطّاب لسبوق القول على سبيل ما ذكرنا من الكلام الّذي يخرج على وجه الحكاية، كما قال: {حتّى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريحٍ طيبةٍ}). [جامع البيان: 5/455-456]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (إذ قال اللّه يا عيسى إنّي متوفّيك ورافعك إليّ ومطهّرك من الّذين كفروا وجاعل الّذين اتّبعوك فوق الّذين كفروا إلى يوم القيامة ثمّ إليّ مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون (55)
قوله تعالى: إذ قال اللّه يا عيسى إني متوفيك
- حدّثنا أبو بكر بن أبي موسى، ثنا هارون بن حاتمٍ، ثنا عبد الرّحمن ابن أبي حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ قوله: إذ فقد كان.
قوله تعالى: يا عيسى إنّي متوفّيك
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: إنّي متوفّيك يقول: إنّي مميتك.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة ثنا سلمة، حدّثني محمّد بن إسحاق، عن من لا يتّهم، عن وهب بن منبّهٍ أنّه قال:
توفى عيسى بن مريم ثلاث ساعاتٍ من النّهار حين رفعه إليه.
وروي عن مجاهدٍ قال:
هو فاعلٌ على ذلك به.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أنبأ عبد الرّزّاق، أنبأ معمرٌ، عن الحسن في قوله: إنّي متوفّيك قال: متوفيك من الأرض.
والوجه الرابع:
- حدّثنا أبي، ثنا العبّاس بن الوليد بن صبحٍ الخلال، ثنا مروان يعني:
ابن محمّدٍ، ثنا سعيد بن بشيرٍ، ثنا قتادة في قوله: إنّي متوفّيك ورافعك إليّ قال: هذا من المقدّم والمؤخّر أي رافعك إليّ ومتوفّيك.
قوله تعالى: ورافعك إليّ
- حدّثنا الحسن بن أحمد، ثنا موسى بن محكمٍ، ثنا أبو بكرٍ الحنفيّ ثنا عبّاد بن منصورٍ، قال: سألت الحسن عن قوله: ورافعك إليّ قال: رفعه إليه وهو عنده في السّماء.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ أبو غسّان، ثنا سلمة قال: قال محمّد ابن إسحاق: إني متوفيك ورافعك إلي، ذهموا منك بما همّوا.
- أخبرنا عليّ بن المبارك فيما كتب إليّ، ثنا زيد بن المبارك، ثنا ابن ثورٍ، عن ابن جريجٍ في قوله: إنّي متوفّيك ورافعك قال: رفعه إيّاه: توفيته إيّاه.
قوله تعالى: ومطهّرك من الّذين كفروا
- حدّثنا الحسن بن أحمد، ثنا موسى بن محكمٍ، ثنا أبو بكرٍ الحنفيّ، ثنا عبّاد بن منصورٍ قال: سألت الحسن عن قوله: ومطهّرك من الّذين كفروا قال: طهّره من اليهود والنّصارى والمجوس ومن كفّار قومه.
قوله تعالى: وجاعل
- أخبرنا عليّ بن المبارك فيما كتب إليّ، ثنا زيد بن المبارك، ثنا ابن ثورٍ، عن ابن جريح وجاعل الّذين اتّبعوك قال: ناصرًا من اتّبعه على الإسلام.
قوله تعالى: الذين اتبعوك
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن الدّشتكيّ، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، ثنا الرّبيع قوله: وجاعل الّذين اتّبعوك قال: هم أهل الإسلام الّذين اتّبعوه على فطرته، وملّته، وسنّته لا يزالون ظاهرين على أهل الشّرك إلى يوم القيامة. قال أبو محمّدٍ: وروي عن قتادة نحو ذلك.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ، ثنا أحمد بن المفضّل، ثنا أسباط بن نصرٍ عن السّدّيّ قوله: وجاعل الّذين اتّبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة أمّا الّذين اتّبعوك فيقال هم المؤمنون، ويقال هم الرّوم.
قوله تعالى: وجاعل الّذين اتّبعوك... الآية
[الوجه الأول]
- حدّثني أبي، ثنا عثمان بن سعيدٍ ومحمّد بن المصفّى الحمصيّ قالا: قال يحيى بن سعيدٍ الحمصيّ، ثنا عمر بن عمرو بن عبدٍ قال: سمعت أبا عمرٍو الأنصاريّ يقول: قال النّعمان على المنبر: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: لا تزال طائفةٌ من أمّتي ظاهرين لا يبالون من خالفهم حتّى يأتي أمر اللّه. قال النّعمان:
فيمن قال إنّي أقول على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ما لم يقل، فإنّ تصديق ذلك في كتاب اللّه، قال اللّه عزّ وجلّ: وجاعل الّذين اتّبعوك فوق الّذين كفروا إلى يوم القيامة ثمّ إليّ مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن الدّشتكيّ، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ الرّازيّ، عن أبيه، عن الرّبيع بن أنسٍ في قوله: وجاعل الّذين اتّبعوك فوق الّذين كفروا إلى يوم القيامة هم أهل الإسلام الّذين اتّبعوه على فطرته وملّته وسنّته، لا يزالون ظاهرين على أهل الشّرك إلى يوم القيامة.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي، ثنا عبد اللّه بن محمّد بن يحيى الضّعيف بطرسوس ثنا عليّ يعني ابن الحسن بن شقيقٍ، ثنا الحسين بن واقدٍ، ثنا مطرٌ الورّاق، عن الحسن قوله:
وجاعل الّذين اتّبعوك فوق الّذين كفروا إلى يوم القيامة قال: هم المسلمون، ونحن منهم، ونحن فوق الّذين كفروا إلى يوم القيامة.
قوله تعالى: ثمّ إليّ مرجعكم
- حدّثنا عصام بن روّادٍ، ثنا آدم، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع عن أبي العالية: ثمّ إليّ مرجعكم قال: يرجعون إليه بعد الحياة). [تفسير القرآن العظيم: 2/661-663]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ) ابن عباس - رضي الله عنه - قال: {إنّي متوفّيك} أي مميتك، أخرجه البخاري في ترجمة بابٍ). [جامع الأصول: 2/68]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 55 - 57.
أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله {إني متوفيك} يقول: إني مميتك.
وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن الحسن قال {متوفيك} من الأرض.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم من وجه آخر عن الحسن في قوله {إني متوفيك} يعني وفاة المنام رفعه الله في منامه قال الحسن: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لليهود: إن عيسى لم يمت وإنه راجع إليكم قبل يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة {إني متوفيك ورافعك إلي} قال: هذا من المقدم والمؤخر، أي رافعك إلي ومتوفيك.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن مطر الوراق في الآية قال {متوفيك} من الدنيا وليس بوفاة موت.
وأخرج ابن جرير بسند صحيح عن كعب قال: لما رأى عيسى قلة من اتبعه وكثرة من كذبه شكا ذلك إلى الله، فأوحى الله إليه {إني متوفيك ورافعك إلي} وإني سأبعثك على الأعور الدجال فتقتله ثم تعيش بعد ذلك أربعا وعشرين سنة ثم أميتك ميتة الحي، قال كعب: وذلك تصديق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: كيف تهلك أمة أنا في أولها وعيسى في آخرها.
وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر عن الحسن قال: لم يكن نبي كانت العجائب في زمانه أكثر من عيسى إلى أن رفعه الله وكان من سبب رفعه أن ملكا جبارا يقال له داود بن نوذا وكان ملك بني إسرائيل هو الذي بعث في طلبه ليقتله وكان الله أنزل عليه الإنجيل وهو ابن ثلاث عشرة سنة ورفع وهو ابن أربع وثلاثين سنة من ميلاده، فأوحى الله إليه {إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا} يعني ومخلصك من اليهود فلا يصلون إلى قتلك.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم من وجه آخر عن الحسن في الآية قال: رفعه الله إليه فهو عنده في السماء.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن وهب قال: توفى الله عيسى بن مريم ثلاث ساعات من النهار حتى رفعه إليه.
وأخرج ابن عساكر عن وهب قال: أماته الله ثلاثة أيام ثم بعثه ورفعه
وأخرج الحاكم عن وهب أن الله توفى عيسى سبع ساعات ثم أحياه وأن مريم حملت به ولها ثلاث عشرة سنة وأنه رفع ابن ثلاث وثلاثين وأن أمه بقيت بعد رفعه ست سنين.
وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر من طريق جوهر عن الضحاك عن ابن عباس في قوله {إني متوفيك ورافعك} يعني رافعك ثم متوفيك في آخر الزمان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن جرير في الآية قال: رفعه إياه توفيته.
وأخرج الحاكم عن الحريث بن مخشبي أن عليا قتل صبحة إحدى وعشرين من رمضان فسمعت الحسن بن علي وهو يقول: قتل ليلة أنزل القرآن وليلة أسري بعيسى وليلة قبض موسى.
وأخرج ابن سعد وأحمد في الزهد والحاكم عن سعيد بن المسيب قال: رفع عيسى ابن ثلاث وثلاثين سنة ومات لها معاذ.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {ومطهرك من الذين كفروا} قال: طهره من اليهود والنصارى والمجوس ومن كفار قومه.
وأخرج ابن جرير عن محمد بن جعفر بن الزبير {ومطهرك من الذين كفروا} قال: إذ هموا منك بما هموا.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة في قوله {وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة} قال: أهل الإسلام الذين اتبعوه على فطرته وملته وسنته فلا يزالون ظاهرين على من ناوأهم إلى يوم القيامة.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في الآية قال: ناصر من اتبعك على الإسلام على الذين كفروا إلى يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن عساكر عن النعمان بن بشير سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين لا يبالون من خالفهم حتى يأتي أمر الله، قال النعمان: فمن قال إني أقول على رسول الله ما لم يقل فإن تصديق ذلك في كتاب الله تعالى، قال الله تعالى {وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة} الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن {وجاعل الذين اتبعوك} قال: هم المسلمون ونحن منهم ونحن فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة.
وأخرج ابن عساكر عن معاوية بن أبي سفيان قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنها لن تبرح عصابة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على الناس حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك، ثم قرأ بهذه الآية {يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة}
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال: النصارى فوق اليهود إلى يوم القيامة فليس بلد فيه أحد من النصارى إلا وهم فوق يهود في شرق ولا غرب هم في البلد كلها مستذلون.
وأخرج ابن المنذر عن الحسن في الآية قال: عيسى مرفوع عند الله ثم ينزل قبل يوم القيامة فمن صدق عيسى ومحمدا صلى الله عليه وسلم وكان على دينهما لم يزالوا ظاهرين على من فارقهم إلى يوم القيامة). [الدر المنثور: 3/595-601]

تفسير قوله تعالى: (فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (56) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ): (القول في تأويل قوله تعالى: {فأمّا الّذين كفروا فأعذّبهم عذابًا شديدًا في الدّنيا والآخرة وما لهم من ناصرين (56) وأمّا الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات فيوفّيهم أجورهم واللّه لا يحبّ الظّالمين}
يعني بقوله جلّ ثناؤه: {فأمّا الّذين كفروا} فأمّا الّذين جحدوا نبوّتك يا عيسى، وخالفوا ملّتك وكذّبوا بما جئتهم به من الحقّ، وقالوا فيك الباطل وأضافوك إلى غير الّذي ينبغي أن يضيفوك إليه من اليهود والنّصارى، وسائر أصناف الأديان؛ فإنّي أعذّبهم عذابًا شديدًا؛ أمّا في الدّنيا فبالقتل والسّباء والذّلّة والمسكنة؛ وأمّا في الآخرة، فبنار جهنّم خالدين فيها أبدًا. {وما لهم من ناصرين} يقول: وما لهم من عذاب اللّه مانعٌ، ولا عن أليم عقابه لهم دافعٌ بقوّةٍ ولا شفاعةٍ؛ لأنّه العزيز ذو الانتقام). [جامع البيان: 5/456-457]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فأمّا الّذين كفروا فأعذّبهم عذابًا شديدًا في الدّنيا والآخرة وما لهم من ناصرين (56) وأمّا الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات فيوفّيهم أجورهم واللّه لا يحبّ الظّالمين (57)
قوله تعالى: فأمّا الّذين كفروا فأعذّبهم عذابًا شديدًا في الدّنيا والآخرة وما لهم مّن نّاصرين
- حدّثنا أبو بكر بن أبي موسى، ثنا هارون بن حاتمٍ، ثنا عبد الرّحمن ابن أبي حمّادٍ، عن أسباط بن نصرٍ، عن السّدّيّ، عن أبى مالكٍ قال: فهم أصحاب النّار يعذّبون فيها). [تفسير القرآن العظيم: 2/663-664]

تفسير قوله تعالى: (وَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (57) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فأمّا الّذين كفروا فأعذّبهم عذابًا شديدًا في الدّنيا والآخرة وما لهم من ناصرين (56) وأمّا الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات فيوفّيهم أجورهم واللّه لا يحبّ الظّالمين}
...
وأمّا قوله: {وأمّا الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات} فإنّه يعني تعالى ذكره: وأمّا الّذين آمنوا بك يا عيسى، يقول: صدّقوك فأقرّوا بنبوّتك، وبما جئتهم به من الحقّ من عندي، ودانوا بالإسلام الّذي بعثتك به، وعملوا بما فرضت من فرائضي على لسانك، وشرّعت من شرائعي، وسننت من سنني.
- كما: حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وعملوا الصّالحات} يقول: أدّوا فرائضي.
{فيوفّيهم أجورهم}، يقول: فيعطيهم جزاء أعمالهم الصّالحة كاملاً لا يبخسون منه شيئًا ولا ينقصونه
وأمّا قوله: {واللّه لا يحبّ الظّالمين} فإنّه يعني: واللّه لا يحبّ من ظلم غيره حقًّا له، أو وضع شيئًا في غير موضعه
فنفى جلّ ثناؤه عن نفسه بذلك أن يظلم عباده، فيجازي المسيء ممّن كفر جزاء المحسنين ممّن آمن به، أو يجازي المحسن ممّن آمن به واتّبع أمره وانتهى عمّا نهاه عنه فأطاعه جزاء المسيئين ممّن كفر به وكذّب رسله وخالف أمره ونهيه، فقال: إنّي لا أحبّ الظّالمين، فكيف أظلم خلقي؟.
وهذا القول من اللّه تعالى ذكره، وإن كان خرج مخرج الخبر، فأنّه وعيدٌ منه للكافرين به وبرسله، ووعدٌ منه للمؤمنين به وبرسله؛ لأنّه أعلم الفريقين جميعًا أنّه لا يبخس هذا المؤمن حقّه، ولا يظلم كرامته، فيضعها فيمن كفر به، وخالف أمره ونهيه، فيكون لها بوضعها في غير أهلها ظالمًا). [جامع البيان: 5/456-457]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: وأمّا الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن إسماعيل بن أبي ضرارٍ، أنبأ إسماعيل ابن أبي أويسٍ، حدّثني عبد اللّه بن نافعٍ الصائغ، عن عاصم ابن عمر، عن زيد بن أسلم وأمّا الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأصحابه رضي اللّه عنهم.
- حدّثنا أبي، ثنا إبراهيم بن موسى، أنبأ هشام بن يوسف، عن ابن جريجٍ، قال عطاءٌ، عن ابن عبّاسٍ: الأعمال الصّالحة: سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر.
قوله تعالى: فيوفّيهم أجورهم
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن المصفّى، ثنا بقيّة، ثنا إسماعيل بن عبد اللّه الكنديّ، عن الأعمش، عن شقيقٍ، عن عبد الله ابن مسعودٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في قوله: فيوفّيهم أجورهم قال: أجورهم أن يدخلهم الجنّة.
قال أبو محمّدٍ: حديثٌ منكرٌ بهذا الإسناد.
قوله تعالى: واللّه لا يحبّ الظّالمين
- أخبرنا أبو محمّد بن بنت الشّافعيّ فيما كتب إليّ، عن أبيه أو عمّه عن سفيان بن عيينة: واللّه لا يحبّ الظّالمين لا يقرّب الظّالمين.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ، أنبأ بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ قوله: الظّالمين يقول: الكافرين.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا زنيجٌ، ثنا سلمة قال: قال محمّد ابن إسحاق الظالمين أي المنافقين الّذين يظهرون بألسنتهم الطّاعة وقلوبهم مصرّةٌ على المعصية). [تفسير القرآن العظيم: 2/663-664]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير من طريق علي عن ابن عباس في قوله {وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات} يقول: أدوا فرائضي {فيوفيهم أجورهم} يقول: فيعطيهم جزاء أعمالهم الصالحة كاملا لا يبخسون منه شيئا ولا ينقصونه). [الدر المنثور: 3/595-601]

تفسير قوله تعالى: (ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَليْكَ مِنَ الْآَيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (58) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ذلك نتلوه عليك من الآيات والذّكر الحكيم}
يعني بقوله جلّ ثناؤه: {ذلك} هذه الأنباء الّتي أنبأ بها نبيّه عن عيسى وأمّه مريم، وأمّها حنّة، وزكريّا وابنه يحيى، وما قصّ من أمر الحواريّين، واليهود من بني إسرائيل؛ {نتلوها عليك} يا محمّد، يقول: نقرؤها عليك يا محمّد، على لسان جبريل صلّى اللّه عليه وسلّم، بوحيناها إليك {من الآيات} يقول: من العبر والحجج، على من حاجّك من وفد نصارى نجران ويهود بني إسرائيل الّذين كذّبوك، وكذّبوا ما جئتهم به من الحقّ من عندي {والذّكر} يعني: والقرآن {الحكيم} يعني: ذي الحكمة الفاصلة بين الحقّ والباطل، وبينك وبين ناسبي المسيح إلى غير نسبه.
- كما: حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمّد بن جعفر بن الزّبير: {ذلك نتلوه عليك من الآيات والذّكر الحكيم} القاطع الفاصل الحقّ الّذي لم يخلطه الباطل من الخبر عن عيسى، وعمّا اختلفوا فيه من أمره، فلا تقبلنّ خبرًا غيره.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا أبو زهيرٍ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: {ذلك نتلوه عليك من الآيات والذّكر الحكيم} قال: القرآن.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {والذّكر} يقول: القرآن الحكيم الّذي قد كمل في حكمته). [جامع البيان: 5/458-459]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ذلك نتلوه عليك من الآيات والذّكر الحكيم (58)
قوله تعالى: ذلك نتلوه عليك من الآيات والذّكر الحكيم
- حدّثنا أبي، ثنا أبو سلمة، ثنا مباركٌ قال: سمعت الحسن قال: أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم راهبا من نجران فقال أحدهما: من أبو عيسى؟ وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لا يعجل حتّى (يأمره ربّه) ، فنزل عليه ذلك نتلوه عليك من الآيات والذّكر الحكيم إلى قوله: من الممترين
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ أبو غسّان، ثنا سلمة قال: قال محمّد ابن إسحاق ذلك نتلوه عليك يا محمّد من الآيات
قوله تعالى: والذّكر الحكيم
- حدّثنا موسى بن عبد الرّحمن المسروقيّ، ثنا الحسين بن عليٍّ، عن حمزة الزّيّات، عن أبي المختار الطّائيّ، عن ابن أخي الحارث الأعور، عن الحارث الأعور عن عليٍّ قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: ستكون فتنٌ- قلت: فما المخرج منها؟ قال: كتاب اللّه هو الذّكر الحكيم والصّراط المستقيم.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ أبو غسّان، ثنا سلمة، قال محمّد بن إسحاق: والذّكر الحكيم القاطع الفاصل الحقّ الّذي لم يخلطه الباطل من الخبر عن عيسى وعن ما اختلفوا فيه من أمره، فلا تقبلنّ خبرًا غيره). [تفسير القرآن العظيم: 2/664-665]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 58.
أخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال أتى رسول الله راهبا نجران فقال أحدهما: من أبو عيسى وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعجل حتى يأمره ربه، فنزل عليه {ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم} إلى قوله {من الممترين}.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله {والذكر الحكيم} قال: القرآن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن علي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ستكون فتن قلت: فما المخرج منها قال: كتاب الله وهو الذكر الحكيم والصراط المستقيم). [الدر المنثور: 3/601]


رد مع اقتباس