عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 1 رجب 1435هـ/30-04-2014م, 01:59 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري


تفسير قوله تعالى: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (80) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولوطًا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحدٍ من العالمين (80) إنّكم لتأتون الرّجال شهوةً من دون النّساء بل أنتم قومٌ مسرفون (81)}
يقول تعالى: {و} قد أرسلنا {لوطًا} أو تقديره: {و} اذكر {لوطًا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحدٍ من العالمين}؛
ولوطٌ هو ابن هاران بن آزر، وهو ابن أخي إبراهيم الخليل، عليهما السّلام، وكان قد آمن مع إبراهيم، عليه السّلام، وهاجر معه إلى أرض الشّام، فبعثه اللّه [تعالى] إلى أهل "سدوم" وما حولها من القرى، يدعوهم إلى اللّه، عزّ وجلّ، ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عمّا كانوا يرتكبونه من المآثم والمحارم والفواحش الّتي اخترعوها، لم يسبقهم بها أحدٌ من بني آدم ولا غيرهم، وهو إتيان الذّكور. وهذا شيءٌ لم يكن بنو آدم تعهده ولا تألفه، ولا يخطر ببالهم، حتّى صنع ذلك أهل "سدوم" عليهم لعائن اللّه.
قال عمرو بن دينارٍ: قوله: {ما سبقكم بها من أحدٍ من العالمين}؛ قال: ما نزا ذكر على ذكر، حتّى كان قوم لوطٍ.
وقال الوليد بن عبد الملك الخليفة الأمويّ، باني جامع دمشق: لولا أنّ اللّه، عزّ وجلّ، قصّ علينا خبر لوطٍ، ما ظننت أنّ ذكرًا يعلو ذكرًا.
ولهذا قال لهم لوطٌ، عليه السّلام: {أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحدٍ من العالمين} ). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 444-445]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (81) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {إنّكم لتأتون الرّجال شهوةً من دون النّساء} أي: عدلتم عن النّساء، وما خلق لكم ربّكم منهنّ إلى الرّجال، وهذا إسرافٌ منكم وجهلٌ؛ لأنّه وضع الشّيء في غير محلّه؛ ولهذا قال لهم في الآية الأخرى: {قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين} [الحجر:71] فأرشدهم إلى نسائهم، فاعتذروا إليه بأنّهم لا يشتهونهنّ، {قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حقٍّ وإنّك لتعلم ما نريد} [هودٍ: 79] أي: لقد علمت أنّه لا أرب لنا في النّساء، ولا إرادة، وإنّك لتعلم مرادنا من أضيافك.
وذكر المفسّرون أنّ الرّجال كانوا قد استغنى بعضهم ببعضٍ، وكذلك نساؤهم كنّ قد استغنى بعضهنّ ببعضٍ أيضًا). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 445]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (82) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنّهم أناسٌ يتطهّرون (82)}
أي: ما أجابوا لوطًا إلّا أن هموا بإخراجه ونفيه ومن معه [من المؤمنين] من بين أظهرهم، فأخرجه اللّه تعالى سالمًا، وأهلكهم في أرضهم صاغرين مهانين.
وقوله تعالى: {إنّهم أناسٌ يتطهّرون} قال قتادة، عابوهم بغير عيبٍ.
وقال مجاهدٌ: {إنّهم أناسٌ يتطهّرون} من أدبار الرّجال وأدبار النّساء. وروي مثله عن ابن عبّاسٍ أيضًا). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 445]

تفسير قوله تعالى: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (83) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين (83) وأمطرنا عليهم مطرًا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين (84)}
يقول تعالى: فأنجينا لوطًا وأهله، ولم يؤمن به أحدٌ منهم سوى أهل بيته فقط، كما قال تعالى: {فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين * فما وجدنا فيها غير بيتٍ من المسلمين} [الذريات: 35، 36] إلّا امرأته فإنّها لم تؤمن به، بل كانت على دين قومها، تمالئهم عليه وتعلمهم بمن يقدم عليه من ضيفانه بإشاراتٍ بينها وبينهم؛ ولهذا لمّا أمر لوطٌ، عليه السّلام، أن يسري بأهله أمر ألّا يعلم امرأته ولا يخرجها من البلد. ومنهم من يقول: بل اتّبعتهم، فلمّا جاء العذاب التفتت هي فأصابها ما أصابهم. والأظهر أنّها لم تخرج من البلد، ولا أعلمها لوطٌ، بل بقيت معهم؛ ولهذا قال هاهنا: {إلا امرأته كانت من الغابرين}؛ أي: الباقين. ومنهم من فسّر ذلك {من الغابرين} [من] الهالكين، وهو تفسيرٌ باللّازم). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 445-446]

تفسير قوله تعالى: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (84) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وأمطرنا عليهم مطرًا} مفسّرٌ بقوله: {وأمطرنا عليها حجارةً من سجّيلٍ منضودٍ مسوّمةً عند ربّك وما هي من الظّالمين ببعيدٍ} [هودٍ: 82، 83] ولهذا قال: {فانظر كيف كان عاقبة المجرمين} أي: انظر -يا محمّد -كيف كان عاقبة من تجهرم على معاصي اللّه وكذّب رسله.
وقد ذهب الإمام أبو حنيفة، رحمه اللّه، إلى أنّ اللّائط يلقى من شاهقٍ، ويتبع بالحجارة كما فعل بقوم لوطٍ..
وذهب آخرون من العلماء إلى أنّه يرجم سواءً كان محصنًا أو غير محصنٍ. وهو أحد قولي الشّافعيّ، رحمه اللّه، والحجّة ما رواه الإمام أحمد، وأبو داود، والتّرمذيّ، وابن ماجه، من حديث الدّراورديّ، عن عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوطٍ، فاقتلوا الفاعل والمفعول به».
وقال آخرون: هو كالزّاني، فإن كان محصنًا رجم، وإن لم يكن محصنًا جلد مائة جلدةٍ. وهو القول الآخر للشّافعيّ.
وأمّا إتيان النّساء في الأدبار، فهو اللّوطيّة الصّغرى، وهو حرامٌ بإجماع العلماء، إلّا قولًا [واحدًا] شاذًا لبعض السّلف، وقد ورد في النّهي عنه أحاديث كثيرةٌ عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وقد تقدّم الكلام عليها في سورة البقرة). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 446]


رد مع اقتباس