عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 19 جمادى الآخرة 1435هـ/19-04-2014م, 10:16 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آَخَرِينَ (6) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى واعظًا ومحذّرًا لهم أن يصيبهم من العذاب والنّكال الدّنيويّ ما حلّ بأشباههم ونظرائهم من القرون السّالفة الّذين كانوا أشدّ منهم قوّةً، وأكثر جمعًا، وأكثر أموالًا وأولادًا واستغلالًا للأرض وعمارةً لها، فقال {ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرنٍ مكّنّاهم في الأرض ما لم نمكّن لكم} أي: من الأموال والأولاد والأعمار، والجاه العريض، والسّعة والجنود، {وأرسلنا السّماء عليهم مدرارًا} أي: شيئًا بعد شيءٍ، {وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم} أي: أكثرنا عليهم أمطار السّماء وينابيع الأرض، أي: استدراجًا وإملاءً لهم {فأهلكناهم بذنوبهم} أي: بخطاياهم وسيّئاتهم الّتي اجترموها، {وأنشأنا من بعدهم قرنًا آخرين} أي: فذهب الأوّلون كأمس الذّاهب وجعلناهم أحاديث، {وأنشأنا من بعدهم قرنًا آخرين} أي: جيلًا آخر لنختبرهم، فعملوا مثل أعمالهم فهلكوا كهلاكهم. فاحذروا أيّها المخاطبون أن يصيبكم مثل ما أصابهم، فما أنتم بأعزّ على اللّه منهم، والرّسول الّذي كذّبتموه أكرم على اللّه من رسولهم، فأنتم أولى بالعذاب ومعاجلة العقوبة منهم، لولا لطفه وإحسانه.
{ولو نزلنا عليك كتابًا في قرطاسٍ فلمسوه بأيديهم لقال الّذين كفروا إن هذا إلا سحرٌ مبينٌ وقالوا لولا أنزل عليه ملكٌ ولو أنزلنا ملكًا لقضي الأمر ثمّ لا ينظرون} ). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 240-241]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (7) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {ولو نزّلنا عليك كتابًا في قرطاسٍ فلمسوه بأيديهم لقال الّذين كفروا إن هذا إلّا سحرٌ مبينٌ (7) وقالوا لولا أنزل عليه ملكٌ ولو أنزلنا ملكًا لقضي الأمر ثمّ لا ينظرون (8) ولو جعلناه ملكًا لجعلناه رجلًا وللبسنا عليهم ما يلبسون (9) ولقد استهزئ برسلٍ من قبلك فحاق بالّذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون (10) قل سيروا في الأرض ثمّ انظروا كيف كان عاقبة المكذّبين (11) }
يقول تعالى مخبرًا عن كفر المشركين وعنادهم ومكابرتهم للحقّ ومباهتتهم ومنازعتهم فيه: {ولو نزلنا عليك كتابًا في قرطاسٍ فلمسوه بأيديهم} أي: عاينوه، ورأوا نزوله، وباشروا ذلك {لقال الّذين كفروا إن هذا إلا سحرٌ مبينٌ} وهذا كما قال تعالى مخبرًا عن مكابرتهم للمحسوسات: {ولو فتحنا عليهم بابًا من السّماء فظلّوا فيه يعرجون * لقالوا إنّما سكّرت أبصارنا بل نحن قومٌ مسحورون} [الحجر: 14، 15] وقال تعالى: {وإن يروا كسفًا من السّماء ساقطًا يقولوا سحابٌ مركومٌ} [الطّور: 44] ). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 241]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ (8) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {وقالوا لولا أنزل عليه ملكٌ} أي: فيكون معه نذيرًا قال اللّه: {ولو أنزلنا ملكًا لقضي الأمر ثمّ لا ينظرون} أي: لو نزلت الملائكة على ما هم عليه لجاءهم من اللّه العذاب، كما قال تعالى: {ما ننزل الملائكة إلا بالحقّ وما كانوا إذًا منظرين} [الحجر: 8]، وقال تعالى: {يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذٍ للمجرمين [ويقولون حجرًا محجورًا]} [الفرقان: 22] ). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 241]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ (9) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ولو جعلناه ملكًا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون} أي: ولو أنزلنا مع الرّسول البشريّ ملكًا، أي: لو بعثنا إلى البشر رسولًا ملكيًّا لكان على هيئة رجلٍ لتفهم مخاطبته والانتفاع بالأخذ عنه، ولو كان كذلك لالتبس عليهم الأمر كما يلبسون على أنفسهم في قبول رسالة البشريّ، كما قال تعالى: {قل لو كان في الأرض ملائكةٌ يمشون مطمئنّين لنزلنا عليهم من السّماء ملكًا رسولا}[الإسراء: 95]، فمن رحمة اللّه - تعالى بخلقه - أنّه يرسل إلى كلّ صنفٍ من الخلائق رسلًا منهم، ليدعو بعضهم بعضًا، وليمكّن بعضهم أن ينتفع ببعضٍ في المخاطبة والسّؤال، كما قال تعالى: {لقد منّ اللّه على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكّيهم ... الآية} [ال عمران: 164].
قال الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {ولو جعلناه ملكًا لجعلناه رجلا... الآية}. يقول: لو أتاهم ملكٌ ما أتاهم إلّا في صورة رجلٍ؛ لأنّهم لا يستطيعون النّظر إلى الملائكة من النّور {وللبسنا عليهم ما يلبسون} أي: ولخلطنا عليهم ما يخلطون. وقال الوالبيّ عنه: ولشبّهنا عليهم). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 241-242]


رد مع اقتباس