عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 22 جمادى الآخرة 1435هـ/22-04-2014م, 10:11 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَيَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (19) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنّة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشّجرة فتكونا من الظّالمين (19) فوسوس لهما الشّيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما وقال ما نهاكما ربّكما عن هذه الشّجرة إلّا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين (20) وقاسمهما إنّي لكما لمن النّاصحين (21) }
يذكر تعالى أنّه أباح لآدم، عليه السّلام، ولزوجته [حوّاء] الجنّة أن يأكلا منها من جميع ثمارها إلّا شجرةً واحدةً. وقد تقدّم الكلام على ذلك في "سورة البقرة"). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 397]

تفسير قوله تعالى: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآَتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (فعند ذلك حسدهما الشّيطان، وسعى في المكر والخديعة والوسوسة ليسلبا ما هما فيه من النّعمة واللّباس الحسن، وقال كذبًا وافتراءً: ما نهاكما ربّكما عن أكل الشّجرة إلّا لتكونا ملكين أي: لئلّا تكونا ملكين، أو خالدين هاهنا ولو أنّكما أكلتما منها لحصل لكما ذلكما كقوله: {قال يا آدم هل أدلّك على شجرة الخلد وملكٍ لا يبلى} [طه: 120] أي: لئلّا تكونا ملكين، كقوله: {يبيّن اللّه لكم أن تضلّوا} [النّساء: 176] أي: لئلّا تضلّوا، {وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم} [النّحل: 15] أي: لئلّا تميد بكم.
وكان ابن عبّاسٍ ويحيى بن أبي كثير يقرآن: {إلا أن تكونا ملكين} بكسر اللّام. وقرأه الجمهور بفتحها). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 397]

تفسير قوله تعالى: {وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وقاسمهما} أي: حلف لهما باللّه: {إنّي لكما لمن النّاصحين} فإنّي من قبلكما هاهنا، وأعلم بهذا المكان، وهذا من باب المفاعلة والمراد أحد الطّرفين، كما قال خالد بن زهيرٍ، ابن عمّ أبي ذؤيبٍ:
وقاسمها باللّه جهدا لأنتم ....... ألذّ من السّلوى إذ ما نشورها
أي: حلف لهما باللّه [على ذلك] حتّى خدعهما، وقد يخدع المؤمن باللّه، فقال: إنّي خلقت قبلكما، وأنا أعلم منكما، فاتّبعاني أرشدكما. وكان بعض أهل العلم يقول: "من خادعنا باللّه خدعنا له"). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 397]

تفسير قوله تعالى: {فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (22) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {فدلّاهما بغرورٍ فلمّا ذاقا الشّجرة بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنّة وناداهما ربّهما ألم أنهكما عن تلكما الشّجرة وأقل لكما إنّ الشّيطان لكما عدوٌّ مبينٌ (22) قالا ربّنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكوننّ من الخاسرين (23) }
قال سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن أبيّ بن كعبٍ، رضي اللّه عنه، قال: كان آدم رجلًا طوالا كأنّه نخلةٌ سحوق، كثير شعر الرّأس. فلمّا وقع بما وقع به من الخطيئة، بدت له عورته عند ذلك، وكان لا يراها. فانطلق هاربًا في الجنّة فتعلّقت برأسه شجرةٌ من شجر الجنّة، فقال لها: أرسليني. فقالت: إنّي غير مرسلتك. فناداه ربّه، عزّ وجلّ: يا آدم، أمنّي تفرّ؟ قال: ربّ إنّي استحييتك.
وقد رواه ابن جريرٍ، وابن مردويه من طرق، عن الحسن، عن أبيّ بن كعبٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، والموقوف أصحّ إسنادًا.
وقال عبد الرّزّاق: أنبأنا سفيان بن عيينة وابن المبارك، عن الحسن بن عمارة، عن المنهال بن عمرٍو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كانت الشّجرة الّتي نهى اللّه عنها آدم وزوجته، السّنبلة. فلمّا أكلا منها بدت لهما سوآتهما، وكان الّذي وارى عنهما من سوآتهما أظفارهما، وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنّة ورق التّين، يلزقان بعضه إلى بعضٍ. فانطلق آدم، عليه السّلام، مولّيًا في الجنّة، فعلقت برأسه شجرةٌ من الجنّة، فناداه: يا آدم، أمنّي تفرّ؟ قال: لا ولكنّي استحييتك يا ربّ. قال: أما كان لك فيما منحتك من الجنّة وأبحتك منها مندوحةً، عمّا حرّمت عليك. قال: بلى يا ربّ، ولكن وعزّتك ما حسبت أنّ أحدًا يحلف بك كاذبًا. قال: وهو قوله، عزّ وجلّ: {وقاسمهما إنّي لكما لمن النّاصحين} قال: فبعزّتي لأهبطنّك إلى الأرض، ثمّ لا تنال العيش إلّا كدا. قال: فأهبط من الجنّة، وكانا يأكلان منها رغدًا، فأهبط إلى غير رغدٍ من طعامٍ وشرابٍ، فعلّم صنعة الحديد، وأمر بالحرث، فحرث وزرع ثمّ سقى، حتّى إذا بلغ حصد، ثمّ داسه، ثمّ ذرّاه، ثمّ طحنه، ثمّ عجنه، ثمّ خبزه، ثمّ أكله، فلم يبلغه حتّى بلغ منه ما شاء اللّه أن يبلغ وقال الثّوريّ، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال بن عمرٍو، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنّة} قال: ورق التّين. صحيحٌ إليه.
وقال مجاهدٌ: جعلا يخصفان عليهما من ورق الجنّة كهيئة الثّوب.
وقال وهب بن منبّه في قوله: {ينزع عنهما لباسهما} قال: كان لباس آدم وحوّاء نورًا على فروجهما، لا يرى هذا عورة هذه، ولا هذه عورة هذا. فلمّا أكلا من الشّجرة بدت لهما سوآتهما. رواه ابن جريرٍ بإسنادٍ صحيحٍ إليه.
وقال عبد الرّزّاق: أخبرنا معمر، عن قتادة قال: قال آدم: أي ربّ، أرأيت إن تبت واستغفرت؟ قال: إذًا أدخلك الجنّة. وأمّا إبليس فلم يسأله التّوبة، وسأله النّظرة، فأعطي كل واحد منهما الذي سأله.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا القاسم، حدّثنا الحسين، حدّثنا عبّاد بن العوّام، عن سفيان بن حسينٍ، عن يعلى بن مسلمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: لمّا أكل آدم من الشّجرة قيل له: لم أكلت من الشّجرة الّتي نهيتك عنها. قال: حوّاء. أمرتني. قال: فإنّي قد أعقبتها أن لا تحمل إلّا كرها، ولا تضع إلّا كرها. قال: فرنّت عند ذلك حوّاء. فقيل لها: الرّنّة عليك وعلى ولدك). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 397-399]

تفسير قوله تعالى: {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقال الضّحّاك بن مزاحم في قوله: {ربّنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكوننّ من الخاسرين} هي الكلمات الّتي تلقّاها آدم من ربّه [عزّ وجلّ] ). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 399]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (24) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال اهبطوا بعضكم لبعضٍ عدوٌّ ولكم في الأرض مستقرٌّ ومتاعٌ إلى حينٍ (24) قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون (25)}
قيل: المراد بالخطاب في {اهبطوا} آدم، وحوّاء، وإبليس، والحيّة. ومنهم من لم يذكر الحيّة، واللّه أعلم.
والعمدة في العداوة آدم وإبليس؛ ولهذا قال تعالى في سورة "طه" قال: {اهبطا منها جميعًا} [الآية: 123] وحوّاء تبعٌ لآدم. والحيّة -إن كان ذكرها صحيحًا -فهي تبعٌ لإبليس.
وقد ذكر المفسّرون الأماكن الّتي هبط فيها كلٌّ منهم، ويرجع حاصل تلك الأخبار إلى الإسرائيليّات، واللّه أعلم بصحّتها. ولو كان في تعيين تلك البقاع فائدةٌ تعود على المكلّفين في أمر دينهم، أو دنياهم، لذكرها اللّه تعالى في كتابه أو رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقوله: {ولكم في الأرض مستقرٌّ ومتاعٌ إلى حينٍ} أي: قرارٌ وأعمارٌ مضروبةٌ إلى آجالٍ معلومةٍ، قد جرى بها القلم، وأحصاها القدر، وسطّرت في الكتاب الأوّل. وقال ابن عبّاسٍ: {مستقرٌّ} القبور. وعنه: وجه الأرض وتحتها. رواهما ابن أبي حاتمٍ). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 399]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ (25) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون}؛ كقوله تعالى: {منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارةً أخرى} [طه: 55] يخبر تعالى أنّه يجعل الأرض دارًا لبني آدم مدّة الحياة الدّنيا، فيها محياهم وفيها مماتهم وقبورهم، ومنها نشورهم ليوم القيامة الّذي يجمع اللّه فيه الأوّلين والآخرين، ويجازي كلًّا بعمله). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 399]


رد مع اقتباس