عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 9 جمادى الأولى 1434هـ/20-03-2013م, 03:15 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ (197)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {الحجّ أشهرٌ معلوماتٌ} معناه: وقت الحج هذه الأشهر.
فهي وإن كانت "فى" تصلح فيها فلا يقال إلاّ بالرفع، كذلك كلام العرب، يقولون: البرد شهران، والحرّ شهران، لا ينصبون؛ لأنه مقدار الحج. ومثله قوله: {ولسليمان الرّيح غدوّها شهرٌ ورواحها شهرٌ} ولو كانت الأشهر أو الشهر معروفة على هذا المعنى لصلح فيه النصب.
ووجه الكلام الرفع؛ لأن الاسم إذا كان في معنى صفةٍ أو محلّ قوي إذا أسند إلى شيء؛ ألا ترى أن العرب يقولون: هو رجل دونك وهو رجل دونٌ، فيرفعون إذا أفردوا، وينصبون إذا أضافوا.
ومن كلامهم المسلمون جانبٌ، والكفّار جانب، فإذا قالوا: المسلمون جانب صاحبهم نصبوا. وذلك أن الصاحب يدلّ على محلّ كما تقول: نحو صاحبهم، وقرب صاحبهم. فإذا سقط الصاحب لم تجده محلاّ تقيده قرب شيء أو بعده.

والأشهر المعلومات: شوّالٌ وذو القعدة وعشر من ذي الحجة. والأشهر الحرم المحرّم ورجب وذو القعدة وذو الحجة.
وإنما جاز أن يقال له: أشهر وإنما هما شهران وعشر من ثالثٍ؛ لأن العرب إذا كان الوقت لشيء يكون فيه الحج وشبهه جعلوه في التسمية للثلاثة والاثنين، كما قال الله تبارك وتعالى: {واذكروا اللّه في أيّامٍ معدوداتٍ فمن تعجّل في يومين} وإنما يتعجّل في يومٍ ونصف، وكذلك هو في اليوم الثالث من أيام التشريق وليس منها شيء تامّ، وكذلك تقول العرب: له اليوم يومان منذ لم أره، وإنما هو يوم وبعض آخر، وهذا ليس بجائزٍ في غير المواقيت، لأن العرب قد تفعل الفعل في أقلّ من الساعة، ثم يوقعونه على اليوم وعلى
العام والليالي والأيام، فيقال: زرته العام، وأتيتك اليوم، وقتل فلان ليالي الحجّاج أمير، لأنه لا يراد أوّل الوقت وآخره، فلم يذهب به على معنى العدد كله، وإنما يراد به (إذ ذاك الحين).
وأما قوله: {فلا رفث ولا فسوق ولا جدال} يقال: إن الرفث: الجماع، والفسوق: السباب، والجدال: المماراة.
{في الحجّ} فالقراء على نصب ذلك كله بالتبرئة إلا مجاهدا فإنه رفع الرفث والفسوق ونصب الجدال.
وكلّ ذلك جائز:
1- فمن نصب أتبع آخر الكلام أوّله،
2- ومن رفع بعضا ونصب بعضا فلان التبرئة فيها وجهان:
1-
الرفع بالنون،
2- والنصب بحذف النون. ولو نصب الفسوق والجدال بالنون لجاز ذلك في غير القرآن؛ لأن العرب إذا بدأت بالتبرئة فنصبوها لم تنصب بنونٍ، فإذا عطفوا عليها بـ "لا" كان فيها وجهان:
1- إن شئت جعلت "لا" معلّقة يجوز حذفها فنصبت على هذه النية بالنون؛ لأن "لا" في معنى صلةٍ،
2- وإن نويت بها الابتداء كانت كصاحبتها، ولم تكن معلّقة فتنصب بلا نونٍ؛ قال في ذلك الشاعر:

رأت إبلى برمل جدود أ[ن] لا * مقيل لها ولا شرباً نقوعا
فنوّن في الشرب، ونوى بـ "لا" الحذف؛ كما قال الآخر:
فلا أب وابنا مثل مروان وابنه * إذا هو بالمجد ارتدى وتأزّرا
وهو في مذهبه بمنزلة المدعوّ تقول: يا عمرو والصّلت أقبلا. فتجعل الصلت تابعا لعمرٍو وفيه الألف واللام؛ لأنك نويت به أن يتبعه بلا نيّة "يا" في الألف واللام.
فإن نويتها قلت: يا زيد ويأيها الصّلت أقبلا. فإن حذفت "يأيها" وأنت تريدها نصبت؛ كقول الله عز وجل: {يا جبال أوّبي معه والطّير} نصب الطير على جهتين:
1- على نيّة النداء المجدّد له إذ لم يستقم دعاؤه بما دعيت به الجبال،
2- وإن شئت أوقعت عليه فعلا: وسخرنا له "الطير" فتكون النية على سخرنا. فهو في ذلك متبع؛ كقول الشاعر:

ورأيت زوجك في الوغى * متقلّدا سيفا ورمحا
وإن شئت رفعت بعض التبرئة ونصبت بعضا، وليس من قراءة القراء ولكنه يأتي في الأشعار؛ قال أميّة:
فلا لغوٌ ولا تأثيم فيها * وما فاهوا به لهم مقيم
وقال الآخر:
ذاكم - وجدّكم - الصّغار بعينه * لا أمّ لي إن كان ذاك ولا أب
وقبله:
وإذا تكون شديدةٌ أدعى لها * وإذا يحاس الحيس يدعى جندب). [معاني القرآن: 1/119-122]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فمن فرض فيهنّ الحجّ} من أو ذم في الحج: أي فرضه عليه أي ألزمه نفسه.
{فلا رفث}أي: لا لغا من الكلام، قال العجاج:
عن اللّغا ورفث التكلّم
{ولا جدال في الحجّ} أي: لا شك فيه أنه لازمٌ في ذي الحجة، هذا فيمن قال: (جدال) ومن قال: (لا جدالٌ في الحجّ): من المجادلة). [مجاز القرآن: 1/70]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (قراءة العامة {فلا رفث ولا فسوق} على النفي.
وقراءة الحسن وأبي عمرو {فلا رفث ولا فسوق}، وكأنه قال: فليس رفث كقول الشاعر:
من صد عن نيرانها = فأنا ابن قيس لا براح). [معاني القرآن لقطرب: 266]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وأما {أولو الألباب} فالفعل لببت ألب لبا ولبابة، ولببت أيضًا بالفتح، ألب لبا، لغة). [معاني القرآن لقطرب: 351]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({فلا رفث}: فلا لغو من الكلام. واللغو واللغا التكلم بما لا يبغي.
وقال المفسرون: هو الجماع في هذا الموضع).
[غريب القرآن وتفسيره: 89]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({الحجّ أشهرٌ معلوماتٌ} شوال وذو القعدة وعشر ذي الحجة.
{فمن فرض فيهنّ الحجّ} أي: أحرم. فلا رفث أي لا جماع.
{ولا فسوق} أي: لا سباب.
{ولا جدال} أي: لا مراء).
[تفسير غريب القرآن:78-79]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {الحجّ أشهر معلومات فمن فرض فيهنّ الحجّ فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحجّ وما تفعلوا من خير يعلمه اللّه وتزوّدوا فإنّ خير الزّاد التّقوى واتّقون يا أولي الألباب}
قال أكثر الناس: إن أشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة.
{فمن فرض فيهنّ الحجّ فلا رفث}.
وقال بعضهم: لو كانت الشهور التي هي أشهر الحج شوالا، وذا القعدة لما جاز للذي منزله بينه وبين مكة مسافة أكثر من هذه الأشهر أن يفرض على نفسه الحج.
وهذا حقيقته عندي أنه لا ينبغي للإنسان أن يبتدئ بعمل من أعمال الحج قبل هذا الوقت نحو الإحرام، لأنه إذا ابتدأ قبل هذا الوقت أضر بنفسه - فأمر الله عزّ وجل - أن يكون أقصى الأوقات التي ينبغي للإنسان ألا يتقدمها في عقد فرض الحج على نفسه شوالا،
وقال بعض أهل اللغة: معنى الحج إنما هو في السنة في وقت بعينه، وإنما هو في الأيام التي يأخذ الإنسان فيها في عمل الحج لأن العمرة له - في طول السنة، فينبغي له في ذلك الوقت ألا يرفث ولا يفسق.

وتأويل {فلا رفث ولا فسوق}، لا جماع ولا كلمة من أسباب الجماع قال الراجز:
عن اللّغا ورفث التكلم والرفث كلمة جامعة لما يريده الرجل من أهله.
وأمّا {فلا فسوق} فإذا نهي عن الجماع كلّه فالفسوق داخل فيه - ولكن المعنى - واللّه أعلم - {فلا فسوق} أي: لا يخرج عن شيء من أمر الحج - وقالوا في قوله {ولا جدال في الحج} قولين:
1- قالوا: {لا جدال في الحجّ} - لا شك في الحج،
2- وقالوا لا ينبغي للرجل أن يجادل أخاه فيخرجه الجدال إلى ما لا ينبغي تعظيما لأمر الحج، وكلّ صواب، ويجوز فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج.

وبعضهم يقرأ - وهو أبو عمرو - (فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج). وكلّ صواب.
وقد شرحنا (أن) لا تنصب النكرات بغير تنوين وبيّنّا حقيقة نصبها وزعم سيبويه والخليل أنه يجوز أن ترفع النكرات بتنوين
وأن قول العجاج:
تالله لولا أن يحشّن الطّبّخ... بي الجحيم حين لا مستصرخ
يجب أن يكون رفع مستصرخ بلا، وأن قوله.
من صدّ عن نيرانها... فأنا ابن قيس لا براح
وحقيقة ما ارتفع بعدها عند بعض أصحابه على الابتداء لأنه إذا لم تنصب فإنّما يجري ما بعدها كما يجرى ما بعد هل، أي: لا تعمل فيه شيئا،
فيجوز أن يكون: لا رفث على ما قال سيبويه
ويجوز أن يكون: على الابتداء كما وصفنا، ويكون في الحج هو خبر لهذه المرفوعات، ويجوز إذا نصبت ما قبل المرفوع بغير تنوين وأتيت بما بعده مرفوعا أن يكون عطفا على الموضع، ويجوز أن يكون: رفعه على ما وصفنا، فأما العطف على الموضع إذا قلت لا رجل وغلام في الدار فكأنك قلت ما رجل ولا غلام في الدار.

وقوله عزّ وجلّ: {وتزوّدوا فإنّ خير الزّاد التّقوى}.
يروى أن قوما كانوا يخرجون في حجهم يتأكّلون الناس، يخرجون بغير زاد، فأمروا بأن يتزودوا، وأعلموا مع ذلك أن خير ما تزود به تقوى اللّه عزّ وجلّ.
وقوله عزّ وجلّ: {واتّقون يا أولي الألباب}.
(الألباب) واحدها لب، وهي العقول {أولي} نصب لأنه نداء مضاف). [معاني القرآن: 1/269-271]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله تعالى: {الحج أشهر معلومات}
حدثنا محمد بن جعفر الأنباري قال حدثنا عبد الله بن يحيى قال أخبرنا حجاج بن محمد قال ابن جريج: قلت لنافع مولى ابن عمر أسمعت ابن عمر سمى أشهر الحج؟، قال: نعم سمى شوالا وذا القعدة وذا الحجة.
وقال ابن عباس: شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة.
وقال أبو جعفر: والقولان يرجعان إلى شيء واحد لأن ابن عمر إنما سمى ذا الحجة لأن فيه الحج وهو شهر حج). [معاني القرآن: 1/129]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال تعالى: {فمن فرض فيهن الحج}
قال ابن مسعود وابن عمر: فرض لبى.
وعن ابن عباس أحرم وقيل معنى أحرم أوجب على نفسه الإحرام بالعزم وإن لم يلب

قال أبو جعفر: وحقيقته في اللغة إن فرض أوجب
والمعنى: أوجب فيهن الحج بالتلبية أو بالنية واحتمل أن يكون معناه أوجب على نفسه الحج بالتلبية فيهن فتكون التلبية والحج جميعا فيهن .
واحتمل أن يكون المعنى: من أوجب على نفسه الحج فيهن بالتلبية في غيرهن
إلا أن محمد بن جعفر الأنباري حدثنا قال حدثنا عبد الله بن يحيى قال أخبرنا حجاج بن محمد قال جريج أخبرني عمر بن عطاء عن عكرمة عن ابن عباس قال: لا ينبغي لأحد أن يحرم بالحج إلا في أشهر الحج من أجل قوله تعالى: {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج} فلا ينبغي لأحد أن يلبي بالحج ثم يقيم بأرض). [معاني القرآن: 1/129-131]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال تعالى: {فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج}
روى سفيان بن حصيف عن مقسم عن ابن عباس قال: الرفث الجماع والفسوق السباب والجدال أن تماري صاحبك حتى تغضبه. وكذا قال ابن عمر.
وروى طاووس عن ابن عباس وابن الزبير الرفث التعريض أي يقول لو كنا حلالين لكان كذا وكذا
وقال عطاء وقتادة: الرفث الجماع والفسوق المعاصي والجدال أن يماري بعضهم بعضا حتى يغضبه.
وروى أبو يحيى عن مجاهد في الجدال كما قال عطاء.
وروى عنه ابن أبي نجيح لا جدال ولا شك فيه وهو مذهب أبي عمرو بن العلاء.
وعلى ذلك قرأ برفع رفث وفسوق وفتح جدال
وهذه الأقوال متقاربة لأن التعريض بالنكاح من سببه والرفث أصله الإفحاش ثم يكنى به الجماع ويبين لك أنه يقع للجماع قوله تعالى: {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم}
والفسوق في اللغة: الخروج عن الشيء، فسباب المسلم خروج عن طاعة الله
وقد روى ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((سباب المسلم فسق وقتاله كفر))
وقيل قول عطاء وقتادة: الفسوق المعاصي. حسن جدا
على أنه قد روى عبد الله بن وهب عن يونس بن يزيد عن نافع عن ابن عمر قال: الفسوق إتيان معاصي الله في الحرم، أي: من صيد وغيره
فهذا قول جامع لأن سباب المسلم داخل في المعاصي وكذلك الأشياء التي منع منها المحرم وحده التي منع المحرم والحلال
ومعنى قول مجاهد لا شك فيه أنه في ذي الحجة أن النساة كانوا ربما جعلوا الحج في غير ذي الحجة ويقف بعضهم بجمع وبعضهم بعرفة ويتمارون في الصواب من ذلك وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض وإن الحج في ذي الحجة))
وقال أبو زيد قال أبو عمرو أراد فلا يكونن رفث ولا فسوق في شيء يخرج من الحج
ثم ابتدأ النفي فقال: {ولا جدال في الحج} فأخبر أن الأول نهي). [معاني القرآن: 1/131-134]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال تعالى: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى}
روى سفيان عن عمرو عن عكرمة قال: كان أناس يقدمون مكة في الحج بغير زاد فأمروا بالزاد.
وقال مجاهد: كان أهل اليمن يقولون لا تتزودوا فتتوصلون من الناس فأمروا أن يتزودوا.
وقال قتادة نحو منه). [معاني القرآن: 1/134-135]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال تعالى: {فإن خير الزاد التقوى} أي: فمن التقوى أن لا يتعرض الرجل لما يحرم عليه من المسألة). [معاني القرآن: 1/135]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال تعالى: {واتقون يا أولي الألباب} أي: العقول ولب كل شيء خالصه). [معاني القرآن: 1/135]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (أشهر الحج) شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة.
{فلا رفث} لا جماع، وقيل: لا لغو من الكلام
{ولا فسوق}
أي: لا سباب.
{ولا جدال}
أي: لا مراء). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 38]

قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({المَّعْلُومَات}: أيام العشر.
{الرَفَثَ}: اللغو، الجماع). [العمدة في غريب القرآن: 88]

تفسير قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (198)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فإذا أفضتم}أي: رجعتم من حيث جئتم). [مجاز القرآن: 1/71]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({ليس عليكم جناحٌ أن تبتغوا فضلاً مّن رّبّكم فإذا أفضتم مّن عرفاتٍ فاذكروا اللّه عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم مّن قبله لمن الضّالّين}
قال: {فإذا أفضتم مّن عرفاتٍ فاذكروا اللّه عند المشعر الحرام} فصرف "عرفاتٍ" لأنها تلك الجماعة التي كانت تتصرف، وإنما صرفت لأن الكسرة والضمة في التاء صارت بمنزلة الياء والواو في "مسلمين" و"مسلمون" لأنه تذكيره، وصارت التنوين في نحو "عرفاتٍ" و"مسلماتٍ" بمنزلة النون.
فلما سمي به ترك على حاله كما يترك "مسلمون" إذا سمي به على حاله حكاية.
ومن العرب من لا يصرف [ذا] إذا سمي به ويشبه التاء بهاء التأنيث [في] نحو "حمدة" وذلك قبيح ضعيف. قال الشاعر:

تنوّرتها من أذرعاتٍ وأهلها = بيثرب أدنى دارها نظرٌ عال
ومنهم من لا ينوّن "اذرعات" = ولا "عانات" وهو مكان). [معاني القرآن: 1/132]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وأما {فإذا أفضتم من عرفات} فكان ابن عباس يقول في قوله: {أفضتم فيه} يقول: خضتم فيه؛ وقال الله جل وعز {إذ تفيضون فيه} إفاضة؛ كأن المعنى واحد.
وأما قوله {عرفات} فقد يجوز فيها ألا تنون "من عرفات فاذكروا" يصير اسمًا واحدًا، ولا تريد حكاية الجمع؛ وكان أبو عمرو - فيما زعم يونس - يقول: هذه قريسات فاعلم، وكتبت قريسات فاعلم، يجرها بغير نون؛ وقد قال بعضهم: قريسيات فأدخل ياء أخرى.
ومثل عرفات: أذرعات وعانات، إن شئت نونت على حكاية الجمع، وإن شئت لم تنون؛ يصير واحدًا مؤنثًا لا نون فيه للتأنيث؛ ويكون مرفوعًا في موضع الرفع: هذه عانات وأذرعات؛ ومخفوضها في موضع الخفض والنصب: رأيت عانات، ومررت بعانات؛ لأنها تاء الجميع في الأصل.
وقال امرئ القيس فنون:
تنورتها من أذرعات وأهلها = بيثرب أدنى دارها نظر عالي
وقال الأعشى:
تخيرها أخو عانات شهرًا = ورجى برها عامًا فعاما
فلم ينون). [معاني القرآن لقطرب: 351]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({أفضتم}: رجعتم من حيث جئتم). [غريب القرآن وتفسيره: 89]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ليس عليكم جناحٌ أن تبتغوا فضلًا من ربّكم} أي: نفعا بالتجارة في حجّكم.
{فإذا أفضتم} أي: دفعتم {من عرفاتٍ}). [تفسير غريب القرآن: 79]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربّكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا اللّه عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضّالّين}
قيل إنهم كانوا يزعمون أنه ليس لحمّال ولا أجير ولا تاجر حج فأعلمهم اللّه عزّ وجلّ أن ذلك مباح، واف لا جناح فيه، أي: لا إثم فيه، وجناح اسم ليس، والخبر عليكم،
وموضع أن نصب على تقدير ليس عليكم جناح في أن تبتغوا فلما أسقطت " في " عمل فيها معنى جناح.

المعنى: لستم تأثمون أن تبتغوا، أي في أن تبتغوا.
وقوله عزّ وجلّ: {فإذا أفضتم من عرفات}.
قد دل بهذا اللفظ أن الوقوف بها واجب لأن الإفاضة لا تكون إلا بعد وقوف، ومعنى {أفضتم}: دفعتم بكثرة، ويقال أفاض القوم في الحديث إذا اندفعوا فيه وأكثروا التصرف.
وأفاض الرجل إناءه إذا صبه وأفاض البعير بجرته إذا رمى بها متفرقة كثيرة.
قال الراعي:
وأفضن بعد كظومهن بجرة... من ذي الأباطح إذ رعين حقيلا
وأفاض الرجل بالقداح إذا ضرب بها، لأنها تقع منبعثة متفرقة
قال أبو ذؤلب:
وكأنهنّ ربابة وكأنّه... يسر يفيض على القداح ويصدع
وكل ما في اللغة من باب الإفاضة فليس يكون إلا من تفرقة أو كثرة.
وقوله عزّ وجلّ: {من عرفات}
القراءة والوجه الكسر والتنوين، وعرفات اسم لمكان واحد ولفظه لفظ الجمع، والوجه فيه الصرف عند جميع النحويين لأنه بمنزلة الزيدين يستوي نصبه وجره، وليس بمنزلة هاء التأنيث -، وقد يجوز منعه من الصرف إذا كان اسما لواحد، إلا أنه لا يكون إلا مكسورا وإن أسقطت التنوين.
قال امرؤ القيس:
تنورثها من أذرعات وأهلها... بيثرب أدنى دارها نظر عال
فهذا أكثر الرواية، وقد أنشد بالكسر بغير تنوين، وأما الفتح فخطأ لأن نصب الجمع وفتحه كسر.
وقوله عزّ وجلّ: {فاذكروا اللّه عند المشعر الحرام}.
هو مزدلفة، وهي جمع، يسمى بهما جميعا المشعر المتعبد
وقوله عزّ وجلّ:{واذكروه كما هداكم}.
موضع الكاف نصب، والمعنى: واذكروه ذكرا مثل هدايته إياكم أي يكون جزاء لهدايته إياكم، واذكروه بتوحيده، والثناء عليه والشكر.
وقوله عزّ وجلّ: {وإن كنتم من قبله لمن الضّالّين}.
معنى (من قبله) أي: من قبل هدايته، ومعنى: كنتم من قبله {لمن الضالين} هذا من التوكيد للأمر، كأنه قيل وما كنتم من قبله إلا ضالين). [معاني القرآن: 1/271-273]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال تعالى: {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم}
حدثنا محمد بن جعفر الأنباري قال حدثنا الرمادي قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا سفيان عن عمر بن دينار قال: قال ابن عباس: كان ذو المجاز وعكاظ متجرا للناس في الجاهلية فلما كان الإسلام كرهوا ذلك حتى نزلت {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم} في مواسم الحج). [معاني القرآن: 1/135-136]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال تعالى: {فإذا أفضتم من عرفات} أي: اندفعتم.
ويقال فاض الإناء إذا امتلأ ينصب من نواحيه ورجل فياض أي: يتدفق بالعطاء
قال زهير:
وأبيض فياض يداه غمامة = على معتفيه ما تغب نوافله
وحديث مستعيض أي متتابع
وروى أبو الطفيل عن ابن عباس قال: إنما سميت عرفات لأن جبريل كان يقول لإبراهيم عليهما السلام هذا موضع كذا فيقول عرفت وقد عرفت فلذلك سميت عرفات.
وقال الحسن وسعيد بن جبير وعطاء ونعيم بن أبي هند نحوا منه.
وقال ابن المسيب قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: بعث الله جبريل إلى إبراهيم صلى الله عليهما حتى إذا أتى عرفات قال عرفت وكان قد أتاها من قبل ذلك ولذلك سميت عرفة).[معاني القرآن: 1/136-137]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال تعالى: {فاذكروا الله عند المشعر الحرام}
قال ابن عباس وسعيد بن جبير: ما بيت الجبلين مشعر.
قال قتادة: هي جمع قال وإنما سميت جمعا لأنه يجمع فيها بيت صلاة المغرب والعشاء.
قال أبو إسحاق: المعنى واذكروا بتوحيده والمعنى الثناء عليه {وإن كنتم من قبله} أي من قبل هدايته). [معاني القرآن: 1/137-138]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({أَفَضْتُــــم}: دفعتــــم). [العمدة في غريب القرآن: 88]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (199)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ثمّ أفيضوا من حيث أفاض النّاس} كانت قريش لا تخرج من الحرم، وتقول: لسنا كسائر الناس، نحن أهل اللّه وقطّان حرمه:
فلا نخرج منه، وكان الناس يقفون خارج الحرم ويفيضون منه، فأمرهم اللّه أن يقفوا حيث يقف الناس: ويفيضوا من حيث أفاض الناس). [تفسير غريب القرآن: 79]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {ثمّ أفيضوا من حيث أفاض النّاس واستغفروا اللّه إنّ اللّه غفور رحيم}
قيل كانت الحمس من قريش وغيرها (وقد بيّنّا الحمس فيما تقدم) لا تفيض مع الناس في عرفة - تتمسك بسنتها في الجاهلية، وتفعل ذلك افتخارا على الناس وتعاليا عليهم، فأمرهم الله عزّ وجلّ أن يساووا الناس في الفرض، وأن يقفوا مواقفهم وألا يفيضوا من حيث أفاضوا.
قوله عزّ وجلّ: (واستغفروا اللّه إنّ اللّه غفور رحيم) أي: سلوه أن يغفر لكم من مخالفتكم الناس في الإفاضة والموقف). [معاني القرآن: 1/273]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله تعالى: {ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس}
قالت عائشة وابن عباس: كانت العرب تقف بعرفات فتتعظم قريش أن تقف معها فتقف قريش بالمزدلفة فأمرهم الله أن يفيضوا من عرفات مع الناس.
وقال الضحاك: الناس إبراهيم صلى الله عليه وسلم.
قال أبو جعفر: والأول أولى.
روى ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: خرجت في طلب بعير لي بعرفة فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما بعرفة مع الناس قبل أن يبعث فقلت والله إن هذا من الحُمْس فما شأنه واقفا ههنا.
قال أبو جعفر: الحُمْس: الذين شددوا في دينهم والحماسة الشدة.
ويقال ثم في اللغة تدل على الثاني بعد الأول وبنيهما مهلة وقد قال الله تعالى بعد: {فاذكروا الله عند المشعر الحرام ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس}

وإنما الإفاضة من عرفات قبل المجيء إلى المشعر الحرام، وفي هذا جوابان:
أحدهما: أن ثم بمعنى الواو
والجواب الثاني: وهو المختار أن ثم على بابها، والمعنى: ثم أمرتم بالإضافة من عرفات من حيث أفاض الناس.
وفي هذا معنى التوكيد لأنهم أمروا بالذكر عند المشعر الحرام وأفاضوا من عرفات ثم وكدت عليهم الإفاضة من حيث أفاض الناس لا من حيث كانت قريش تفيض.
وقال تعالى: {ثم آتينا موسى الكتاب} ويقال فلان كريم ثم إنه يتفقدنا وفلان يقاتل الناس ثم إنه رديء في نفسه أي ثم أزيدك في خبره .
وفي الآية قول آخر حسن على قول الضحاك: الناس إبراهيم عليه السلام فيكون المعنى من حيث أفاض إبراهيم الخليل وهو المشعر الحرام ويكون هذا مثل {الذين قال لهم الناس} وذلك نعيم بن مسعود الأشجعي
وقد روي عنه أنه قال: {ثم أفيضوا من حيث أفاض الناسي} يعني آدم وهذه قراءة شاذة). [معاني القرآن: 1/138-141]


رد مع اقتباس