عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 24 ربيع الثاني 1434هـ/6-03-2013م, 11:41 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي

{يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26) يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآَتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (27) وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آَبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (28) قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (29) فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (30)}

تفسير قوله تعالى: {يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26)

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوءاتكم وريشاً...}
"ورياشا". فإن شئت جعلت رياش جميعا واحده الريش، وإن شئت جعلت الرياش مصدرا في معنى الريش كما يقال لبس ولباس؛ قال الشاعر:
فلما كشفن اللّبس عنه مسحنه ....... بأطراف طفلٍ زان غيلا موشّما
وقوله: {وريشاً ولباس التقوى} و"لباس التقوى" يرفع بقوله: ولباس التقوى خير، ويجعل (ذلك) من نعته. وهي في قراءة أبيّ وعبد الله جميعا: ولباس التقوى خير. وفي قراءتنا (ذلك خير) فنصب اللباس أحب إليّ؛ لأنه تابع الريش، (ذلك خير) فرفع خير بذلك). [معاني القرآن: 1/ 376]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ورياشاً} الرياش والريش واحد)، وهو ما ظهر من اللباس والشارة وبعضهم يقول: أعطاني رجلاً بريشه أي بكسوته وجهازه وكذلك السرج بريشه، والرياش أيضاً: الخصب والمعاش). [مجاز القرآن: 1/ 213]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوءاتكم وريشاً ولباس التّقوى ذلك خيرٌ ذلك من آيات اللّه لعلّهم يذّكّرون}
وقال: {قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوءاتكم وريشاً ولباس التّقوى ذلك خيرٌ} فرفع قوله: {ولباس التّقوى} على الابتداء وجعل خبره في قوله: {ذلك خيرٌ} وقد نصب بعضهم {ولباس التّقوى} وقرأ بعضهم {وريشاً} وبها نقرأ وكلّ حسنٌ ومعناه واحد). [معاني القرآن: 2/ 4-5]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن "ورياشا ولباس التقوى".
أبو عمرو {وريشا ولباس التقوى} يرفع على الابتداء للباس؛ والنصب على: "وأنزلنا عليكم لباس التقوى" ). [معاني القرآن لقطرب: 562]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله "ورياشا ولباس التقوى" فقالت بنو كلاب: هو الأثاث من المتاع، ما كان من لباس، أو حشو من فراش أو دثار.
والريش: المتاع والأموال أيضًا.
وقد يكون الريش في الثياب دون المال.
وقال في الفعل: راشه الله يريشه ريشًا، بفتح الراء؛ والاسم: الريش بكسر الراء؛ والمعنى في راشه الله: نعشه الله؛ ويقال: إنه لحسن الريش؛ أي الثياب؛ والرياش: القشر). [معاني القرآن لقطرب: 586]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({الريش}: والرياش واحد وهو ما ظهر من اللباس). [غريب القرآن وتفسيره: 145]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( (و الرّيش) و(الرّياش): ما ظهر من اللباس. وريش الطائر:
ما ستره اللّه به.
{ولباس التّقوى ذلك خيرٌ} أي خير من الثياب، لأن الفاجر وإن كان حسن الثوب فإنه بادي العورة. و«ذلك» زائدة قال الشاعر في مثل هذا المعنى:
إنّي كأنّي أرى من لا حياء له ولا أمانة وسط القوم عريانا
وقيل في التفسير: إن لباس التقوى: الحياء). [تفسير غريب القرآن: 166]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال في موضع آخر: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى}، أي ما ظهر عنه من السّكينة والإخبات والعمل الصالح، وكما تقول: تعرّفت سوء أثر الخوف والجوع على فلان، وَذُقْتُ بمعنى: تعرَّفت، واللّباس: بمعنى سُوءِ الأثرِ، كذلك تقول: ذقت لباس الجوع والخوف، وأذاقني الله ذلك). [تأويل مشكل القرآن: 165]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه قوله سبحانه: {فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل: 112].
وأصل الذَّوَاقِ: بالفم، ثم قد يستعار فيوضع موضع الابتلاء والاختبار، تقول في الكلام: ناظر فلانا وَذُقْ ما عنده، أي تعرّف واختبر، واركب الفرس وَذُقْهُ.
قال الشمّاخ في وصف قوس:
فَذَاقَ فأعطته من اللّين جانبا ....... كَفَى وَلَها أن تُفْرِقَ السَّهْمَ حَاجِزُ
يريد: أنه ذاق القوس بالنَّزع فيها ليعلم أليِّنَةٌ هي أم صَلبة؟
وقال آخر:
وإنَّ الله ذاق حُلُوم قيس ....... فلمّا راء خِفَّتَها قلاها
وهذه الآية نزلت في أهل مكة، وكانوا آمنين بها لا يغار عليهم، مطمئنين لا ينتجعون ولا يتنقَّلون، فأبدلهم الله بالأمن الخوف من سرايا رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- وبعوثه، وبالكفاية الجوع سبع سنين، حتى أكلوا القِدَّ والعظام.
ولباس الجوع والخوف: ما ظهر عليهم من سوء آثارهما بالضّمر والشّحوب ونهكة البدن، وتغيّر الحال، وكسوف البال.
وقال في موضع آخر: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى}، أي ما ظهر عنه من السّكينة والإخبات والعمل الصالح، وكما تقول: تعرّفت سوء أثر الخوف والجوع على فلان، وَذُقْتُ بمعنى: تعرَّفت، واللّباس: بمعنى سُوءِ الأثرِ، كذلك تقول: ذقت لباس الجوع والخوف، وأذاقني الله ذلك). [تأويل مشكل القرآن: 164-165]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم}
قال مجاهد: كان قوم من العرب يطوفون بالبيت عراة فأنزل الله عز وجل:{يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم وريشا}
قال مجاهد الريش المال.
وقال الكسائي الريش اللباس.
وقال أبو عبيدة الريش والرياش ما ظهر من اللباس والشارة.
والريش عند أكثر أهل اللغة ما ستر من لباس أو معيشة، وأنشد سيبويه:
فريشي منكم وهواي معكم ....... وإن كانت زيارتكم لماما
وحكى أبو حاتم عن أبي عبيدة وهبت له دابة بريشها أي بكسوتها وما عليها من اللباس
قال الفراء يكون الرياش جمعا للريش وبمعناه أيضا مثل
لبس ولباس
ثم قال جل وعز: {ولباس التقوى ذلك خير}
أي لباس التقوى خير من الثياب لأن الفاجر وإن لبس الثياب فهو دنس
وروى قاسم بن مالك عن عوف عن معبد الجهيني قال لباس التقوى الحياء
وقرأ الأعمش ولباس التقوى خير ولم يقرأ ذلك). [معاني القرآن: 3/ 22-24]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وريشا}: كل شيء يعيش به الإنسان، فهو ريش من مال أو متاع أو مأكول أو مشروب، قال: والرياش مثله). [ياقوتة الصراط: 228]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {ولباس التقوى}؛ قال: هو الحياء). [ياقوتة الصراط: 228]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (والريش) و(الرِياش) ما ظهر من الثياب). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 84]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الرِيش}: اللباس). [العمدة في غريب القرآن: 134]

تفسير قوله تعالى: {يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآَتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (27)}

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إنّه يراكم هو وقبيله} أي وجيله الذي هو منه). [مجاز القرآن: 1/ 213]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله عز وجل {إنه يراكم هو وقبيله}؛ أي وصنفه؛ وكان ابن عباس يقول: يراكم هو وجنوده وضربه.
وقوله عز وجل {وعلى الأعراف رجال}؛ أي وصنفه؛ وكان ابن عباس يقول: يراكم هو وجنوده وضربه). [معاني القرآن لقطرب: 587]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {هو وقبيله}: شيعته وأمته). [غريب القرآن وتفسيره: 145]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {إنّه يراكم هو وقبيله} أصحابه: وجنده). [تفسير غريب القرآن: 166]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {يا بني آدم لا يفتننّكم الشّيطان كما أخرج أبويكم من الجنّة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما إنّه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنّا جعلنا الشّياطين أولياء للّذين لا يؤمنون (27)}
(حيث) في موضوع جر إلا أنها بنيت على الضّم، وأصلها أن تكون موقوفة، لأنها ليست لمكان بعينه وأن ما بعدها صلة لها، ليست بمضافة إليه.
من العرب من يقول: ومن حيث خرجت، فيفتح لالتقاء السّاكنين، ومنهم من يقول من حوث خرجت.
ولا تقرأ بهاتين اللغتين لأنهما لم يقرأ بواحد منهما ولا هما في جودة حيث المبنيّة على الضم.
وقوله: {إنّا جعلنا الشّياطين أولياء للّذين لا يؤمنون}.
(جعلنا) في اللغة على ضروب، منها جعلت بعض الشيء فوق بعض.
أي عملته وهيأته على هذه الصيغة، ومنها جعل - زيد فلانا عاقلا، تأويله: سماه عاقلا، ومنها جعل يقول كذا وكذا، تأويله أنه أخذ في القول.
فأما معنى الآية فعلى ضربين - واللّه أعلم -:
أحدهما: أن يكون الكفار عوقبوا بأن سلّطت عليهم الشياطين تزيدهم في غيّهم عقوبة على كفرهم كما قال عزّ وجلّ: {ألم تر أنّا أرسلنا الشّياطين على الكافرين تؤزّهم أزّا (83)}.
أي تحملهم على المعاصي حملا شديدا، تزعجهم في شدّة الغي.
ويجوز إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون، أي سوينا بين الشياطين والكافرين في الذهاب عن اللّه. كما قال: {المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض} ). [معاني القرآن: 2/ 329-330]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم}قبيله جنوده
قال مجاهد يعني الجن والشياطين). [معاني القرآن: 3/ 24]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {قَبِيلُهُ}: شيعته). [العمدة في غريب القرآن: 134]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آَبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (28)}

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا واللّه أمرنا بها قل إنّ اللّه لا يأمر بالفحشاء أتقولون على اللّه ما لا تعلمون (28)}
معنى الفاحشة: ما يشتد قبحه من الذنوب.
{قالوا وجدنا عليها آباءنا واللّه أمرنا بها}.
فأعلم اللّه - عزّ وجلّ - أنه لا يأمر بالفحشاء لأن حكمته وجميع ما خلق تدل على أنه لا يفعل إلا المستحسن، فكيف يأمر بالفحشاء.
وقد احتج عليهم في غير هذا الموضوع بما قد بينّاه في سورة الأنعام). [معاني القرآن: 2/ 330]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا}
قال مجاهد كانت النساء تطوف بالبيت عراة عليهن الرهاط وقال الرهاط جمع رهط خرقة من صوف أو سيور كذا قال الفراء: فهذه الفاحشة الذي قالوا وجدنا عليها آباءنا.
وقال غيره كان الرجال يطوفون نهارا عراة والنساء بالليل ويقولون لا نطوف في ثياب عصينا الله فيها). [معاني القرآن: 3/ 25]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (29)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وأقيموا وجوهكم عند كلّ مسجدٍ...}
يقول: إذا أدركتك الصلاة وأنت عند مسجد فصلّ فيه، ولا تقولن: آتي مسجد قومي. فإن كان في غير وقت الصلاة صليت حيث شئت). [معاني القرآن: 1/ 377]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {كما بدأكم تعودون...}
يقول: بدأكم في الخلق شقيا وسعيدا، فكذلك تعودون على الشقاء والسعادة). [معاني القرآن: 1/ 377]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {كما بدأكم تعودون} فالمعنى: بدأ الله الخلق يبدأهم وأبدأهم إبداءً: خلقهم، لغتان). [معاني القرآن لقطرب: 586]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وأقيموا وجوهكم عند كلّ مسجدٍ} يقول: إذا حضرت الصلاة وأنتم عند مسجد من المساجد، فصلوا فيه ولا يقولن أحدكم: لا أصلي حتى آتي مسجدي). [تفسير غريب القرآن: 167]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قل أمر ربّي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كلّ مسجد وادعوه مخلصين له الدّين كما بدأكم تعودون (29)}
أي بالعدل، فكيف يأمر بالفحشاء من يعلم أنه لا يفعل إلا الحكمة.
ولا يثبت إلا العدل من أمره، فإذا كان يأمر بالعدل - والعدل ما قام في النفوس أنه مستقيم لا ينكره مميز - فكيف بالفحشاء، والفحشاء ما عظم قبحه.
ثم وبّخهم فقال: {أتقولون على اللّه ما لا تعلمون} أي أتكذبونه.
وقوله: {وأقيموا وجوهكم عند كلّ مسجد}أي وقت كل صلاة اقصدوه بصلاتكم). [معاني القرآن: 2/ 330]
{وادعوه مخلصين له الدّين}؛ أي مخلصين له الطاعة.
احتج عليهم في إنكارهم البعث وهو متصل بقوله: {فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون}.
فقال: {كما بدأكم تعودون}؛ أي فليس بعثكم بأشد من ابتدائكم). [معاني القرآن: 2/ 331]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قل أمر ربي بالقسط}؛ أي بالعدل.
{وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد}؛
قال مجاهد: أي استقبلوا القبلة أينما كنتم ولو كنتم في كنيسة.
وقال غيره معناه إذا أدركتكم الصلاة في مسجد فصلوا ولا يقل أحدكم لا أصلي إلا في مسجدي.
ثم قال جل وعز: { كما بدأكم تعودون}
قال مجاهد: من بدئ سعيدا عاد سعيدا ومن بدئ شقيا عاد شقيا.
وقال محمد بن كعب: يختم للمرء بما بدئ به ألا ترى أن السحرة كانوا كفارا ثم ختم لهم بالسعادة وأن إبليس كان مع الملائكة مؤمنا ثم عاد إلى ما بدئ به). [معاني القرآن: 3/ 25-26]

تفسير قوله تعالى: {فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (30)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فريقاً هدى وفريقاً حقّ عليهم الضّلالة...}
ونصب الفريق بتعدون، وهي في قراءة أبيّ: تعودون فريقين فريقا هدى وفريقا حقّ عليهم الضلالة. ولو كانا رفعا كان صوابا؛ كما قال تبارك وتعالى: {كان لكم آيةٌ في فئتين التقتا فئةٌ تقاتل في سبيل اللّه وأخرى كافرةٌ} و"فئةً" ومثله: {وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريقٌ في الجنة وفريقٌ في السّعير}. وقد يكون الفريق منصوبا بوقوع "هدى" عليه؛ ويكون الثاني منصوبا بما وقع على عائد ذكره من الفعل؛ كقوله: {يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعدّ لهم عذاباً أليماً}). [معاني القرآن: 1/ 377]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {كما بدأكم تعودون فريقاً هدى وفريقاً حقّ عليهم الضّلالة} نصبهما جميعاً على إعمال الفعل فيهما أي هدى فريقاً ثم أشرك الآخر في نصب الأول وإن لم يدخل في معناه؛ والعرب تدخل الآخر المشرك بنصب ما قبله على الجوار وإن لم يكن في معناه، وفي آية أخرى: {يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعدّ لهم عذاباً أليماً}؛ وخرج فعل الضلالة مذكراً والعرب تفعل ذلك إذا فرّقوا بين الفعل وبين المؤنثة لقولهم: مضى من الشهر ليلة). [مجاز القرآن: 1/ 213]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {فريقاً هدى وفريقاً حقّ عليهم الضّلالة إنّهم اتّخذوا الشّياطين أولياء من دون اللّه ويحسبون أنّهم مّهتدون}
وقال: {وفريقاً حقّ عليهم الضّلالة} فذكّر الفعل لما فصل كما قال: {لا يؤخذ منكم فديةٌ} ). [معاني القرآن: 2/ 5]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فريقا هدى وفريقا حقّ عليهم الضّلالة إنّهم اتّخذوا الشّياطين أولياء من دون اللّه ويحسبون أنّهم مهتدون (30)}
معناه إنه أضل فريقا حق عليهم الضلالة.
ثم قال: {إنّهم اتّخذوا الشّياطين أولياء من دون اللّه}
ولو قرئت أنّهم اتخذوا الشياطين لكانت تجوز، ولكن الإجماع على الكسر.
وقوله: {ويحسبون أنّهم مهتدون}.
يدل على أن دوما ينتحلون الإسلام ويزعمون أن من كان كافرا، وهو لا يعلم إنّه كافر فليس بكافر مبطلون لأمر نحلتهم، لأن الله جل ثناؤه قد أعلمنا أنهم يحسبون أنهم مهتدون، ولا اختلاف بين أهل اللغة في أن الحسبان ليس تأويله غير ما يعلم من معنى حسب.
والدليل على أن الله قد سماهم بظنهم كفرة قوله عزّ وجل: {وما خلقنا السّماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظنّ الّذين كفروا فويل للّذين كفروا من النّار (27)}.
فأعلم أنهم بالظن كافرون، وأنهم معذبون). [معاني القرآن: 2/ 331]


رد مع اقتباس