عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 27 جمادى الأولى 1434هـ/7-04-2013م, 05:33 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وكلّ إنسانٍ ألزمناه طائره في عنقه} [الإسراء: 13] المبارك بن فضالة عن الحسن قال: عمله.
سعيدٌ، عن قتادة مثل ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 1/121]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وكلّ إنسانٍ ألزمناه طائره...}

وهو عمله، إن خيراً فخيراً وإن شرّا فشرّا {ونخرج له} قرأها يحيى بن وثّاب بالنون وقرأها غيره بالياء مفتوحة: (ويخرج له) طائره، منهم مجاهد والحسن.
وقرأ أبو جعفر المدنيّ (ويخرج... له كتاباً) معناه: ويخرج له عمله كتاباً. وكلٌّ حسن). [معاني القرآن: 2/118]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ألزمناه طائره} أي حظّه). [مجاز القرآن: 1/372]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (ومجاهد وأبو عمرو {ونخرج له يوم القيامة كتابا}.
أبو جعفر {ويخرج له يوم القيامة}.
وقراءة أخرى {ويخرج له}؛ فإذا قال: ويخرج له، أو ويخرج له، فإنما يريد: يخرج عمله كتابا، ويخرج عمله كتابا.
شيبة ونافع {يلقاه منشورا}.
[معاني القرآن لقطرب: 822]
أبو جعفر والجحدري {يلقاه منشورا} ). [معاني القرآن لقطرب: 823]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {ألزمناه طائره} كان أبو عمرو يقول {طائره}: عمله؛ وكان ابن عباس يقول {طائره في عنقه} قال: خيره وشره لا يفارقه؛ و{طائركم معكم} كأنه منه). [معاني القرآن لقطرب: 835]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {طائرة في عنقه}: قالوا كتابة وقالوا عمله). [غريب القرآن وتفسيره: 212]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وكلّ إنسانٍ ألزمناه طائره في عنقه} قال أبو عيدة: حظّه.
وقال المفسّرون: ما عمل من خير أو شر ألزمناه عنقه.
وهذان التفسيران بحتاجان إلى تبيين. والمعنى فيما أرى - واللّه أعلم -: أن لكل امرئ حظا من الخير والشر قد قضاه اللّه عليه. فهو لازم عنقه.
والعرب تقول لكل ما لزم الإنسان: قد لزم عنقه. وهو لازم صليف عنقه.
وهذا لك عليّ وفي عنقي حتى أخرج منه. وإنما قيل للحظ من الخير والشر: طائر، لقول العرب: جرى له الطائر بكذا من الخير، وجرى له الطائر بكذا من الشر، على طريق الفأل والطّيرة، وعلى مذهبهم في تسمية الشيء بما كان له سببا. فخاطبهم اللّه بما يستعملون، وأعلمهم أن ذلك الأمر الذي يجعلونه بالطائر، هو ملزمه أعناقهم.
ونحوه قوله: {ألا إنّما طائرهم عند اللّه}، وكان الحسن وأبو رجاء ومجاهد يقرؤون: {وكلّ إنسانٍ ألزمناه طائره في عنقه} بلا ألف.
والمعنيان جميعا سواء، لأن العرب تقول: جرت له طير الشمال. فالطّير الجماعة، والطائر واحد.
وقوله: {ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً} أراد يخرج بذلك العمل كتابا. ومن قرأ: {ونخرج له يوم القيامة كتاباً}، أراد: ويخرج ذلك العمل كتابا). [تفسير غريب القرآن: 252]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( (ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا }
وفي هذه أربعة أوجه: وتخرج له، ويخرج له، أي ويخرج اللّه له.
ويخرج له. أي ويخرج عمله له يوم القيامة كتابا، وكذلك يخرج له عمله يوم القيامة.
{كتابا يلقاه منشورا} منصوب على الحال). [معاني القرآن: 3/231-230]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه}
روى منصور وابن أبي نجيح وابن جريج عن مجاهد قال عمله وقال الضحاك رزقه وأجله وشقاءه وسعادته
وروى ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن عباس قال طائره ما قدر عليه يكون معه حيثما كان ويزول معه أينما زال
وقيل {طائره} حظه
قال أبو جعفر والمعاني متقاربة إنما هو ما يطير من خير أو شر على التمثيل كما تقول هذا في عنق فلان أي يلزمه كما تلزم القلادة). [معاني القرآن: 4/130-129]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا}
روى جرير بن حازم عن حميد عن مجاهد أنه قرأ ويخرج له يوم القيامة كتابا قال يريد يعني ويخرج له الطائر كتابا أي عمله كتابا
وروى عن مجاهد ويخرج وكذلك قرأ أبو جعفر يزيد بن القعقاع
وقرأ الحسن ويخرج له يوم القيامة كتابا بفتح الياء أيضا
ورويت هذه القراءة عن ابن عباس فإنه قال سيحول عمله كتابا
وقرأ الحسن يلقاه بضم الياء وتشديد القاف). [معاني القرآن: 4/131]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {طائره في عنقه} قال: طائره: عمله من خير أو شر). [ياقوتة الصراط: 306]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {طائره في عنقه} قيل حظه. وقيل: ما عمل من خير وشر). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 136]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {طاَئِرَهُ}: كتابه). [العمدة في غريب القرآن: 180]

تفسير قوله تعالى: {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ونخرج له يوم القيامة كتابًا يلقاه منشورًا {13} اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبًا {14}} [الإسراء: 13-14] سعيدٌ، عن قتادة، قال: سيقرأ يومئذٍ من لم يكن قارئًا في الدّنيا.
- يحيى، عن صاحبٍ له، عن أبان بن أبي عيّاشٍ، عن أبي العالية الرّياحيّ، عن أبيّ بن كعبٍ، قال: يدعى الخلائق يوم القيامة للحساب، فإذا كان الرّجل في الخير رأسًا يدعو إليه، ويأمر به، ويكثر عليه تبعه، دعي باسمه واسم أبيه، فيقوم حتّى إذا دنا أخرج له كتابٌ أبيض بخطٍّ أبيض في باطنه السّيّئات وفي ظهره الحسنات، فيبدأ بالسّيّئات فيقرأها فيشفق ويتغيّر
لونه، فإذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه: هذه سيّئاتك وقد غفرت لك فيفرح، ثمّ يقلّب كتابه فيقرأ حسناته فلا يزداد إلا فرحًا، حتّى إذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه: هذه حسناتك وقد ضعّفت لك فيبيضّ وجهه، ويؤتى بتاجٍ فيوضع على رأسه، ويكسى حلّتين، ويحلّى كلّ مفصلٍ منه، ويطوّل ستّين ذراعًا، وهي قامة آدم، ويعطى كتابه بيمينه، فيقال له: انطلق إلى أصحابك فبشّرهم
وأخبرهم أنّ لكلّ إنسانٍ منهم مثل هذا.
فإذا أدبر قال: {هاؤم اقرءوا كتابيه {19} إنّي ظننت أنّي ملاقٍ حسابيه {20}} [الحاقة: 19-20]، يقول اللّه: {فهو في عيشةٍ راضيةٍ {21} في جنّةٍ عاليةٍ {22} قطوفها دانيةٌ {23}} [الحاقة: 21-23]، فيقول
[تفسير القرآن العظيم: 1/121]
لأصحابه: هل تعرفوني؟ فيقولون: قد غيّرتك كرامة اللّه، من أنت؟ فيقول: أنا فلان بن فلانٍ، ليبشر كلّ رجلٍ منكم بمثل هذا.
وإذا كان في الشّرّ رأسًا يدعو إليه، ويأمر به، ويكثر عليه تبعه، نودي باسمه واسم أبيه، فيتقدّم إلى حسابه، ويخرج له كتابٌ أسود بخطٍّ أسود، في باطنه الحسنات وفي ظهره السّيّئات، فيبدأ بالحسنات فيقرأها فيفرح ويظنّ أنّه سينجو، فإذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه: هذه حسناتك وقد ردّت عليك، فيسودّ وجهه، ويعلوه الحزن، ويقنط من الخير.
ثمّ يقلّب كتابه فيقرأ سيّئاته، فلا يزداد إلا حزنًا ولا يزداد وجهه إلا سوادًا.
فإذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه: هذه سيّئاتك وقد ضعّفت عليك، فيعظّم للنّار حتّى أنّ فخذه ليكون مسيرة أيّامٍ، وجلده مقدار أربعين ذراعًا، وتزرقّ عيناه، ويسودّ لونه، ويكسى سرابيل القطران، ثمّ تخلع كتفه اليسرى فتجعل وراء ظهره، ثمّ يعطى كتابه بشماله، ويقال له: انطلق إلى أصحابك فأخبرهم أنّ لكلّ إنسانٍ منهم مثل هذا.
فينطلق وهو يقول: {يا ليتني لم أوت كتابيه {25} ولم أدر ما حسابيه {26} يا ليتها كانت القاضية {27} ما أغنى عنّي ماليه {28} هلك عنّي سلطانيه {29}} [الحاقة: 25-29].
قال اللّه: {خذوه فغلّوه {30} ثمّ الجحيم صلّوه {31} ثمّ في سلسلةٍ ذرعها سبعون ذراعًا فاسلكوه {32}} [الحاقة: 30-32] فيسلك فيها سبعون ذراعًا، {فاسلكوه} [الحاقة: 32] كما قال اللّه، فيسلك فيها سلكًا تدخل من فيه حتّى تخرج من دبره، فيأتي أصحابه، فيقول: هل تعرفوني؟ فيقولون: ما ندري ولكن قد نرى ما بك من الخزي، فمن أنت؟ فيقول: أنا فلان ابن فلانٍ، إنّ لكلّ إنسانٍ منكم مثل هذا.
ثمّ ينصب للنّاس وتبدو فضائحه حتّى يعيّر، فيتمنّى أن لو قد انطلق به إلى النّار استحياءً ممّا يبدو منه.
قوله: {كفى بنفسك اليوم عليك حسيبًا} [الإسراء: 14] شاهدًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/122]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {اقرأ كتابك...}:

فيها - والله أعلم - (يقال) مضمرة. مثل قوله: {ويوم تقوم السّاعة أدخلوا آل فرعون} ومثل قوله: {فأمّا الذين اسودّت وجوههم أكفرتم} المعنى - والله أعلم -: فيقال: أكفرتم). [معاني القرآن: 2/119]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قوله: {كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً...}
وكلّ ما في القرآن من قوله: {وكفى بربّك} {وكفى بالله} و{كفى بنفسك اليوم} فلو ألقيت الباء كان الحرف مرفوعاً؛ كما قال الشاعر:
ويخبرني عن غائب المرء هديه = كفى الهدي عمّا غيّب المرء مخبرا
وإنما يجوز دخول الباء في المرفوع إذا كان يمدح به صاحبه؛ ألا ترى أنك تقول: كفاك به ونهاك به وأكرم به رجلاً، وبئس به رجلا، ونعم به رجلا،
وطاب بطعامك طعاماً، وجاد بثوبك ثوباً. ولو لم يكن مدحاً أو ذمّا لم يجز دخولها؛ ألا ترى أن الذي يقول: قام أخوك أو قعد أخوك لا يجوز له أن يقول: قام بأخيك ولا قعد بأخيك؛ إلاّ أن يريد قام به غيره وقعد به). [معاني القرآن: 2/120-119]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً} أي كافيا. ويقال: حاسبا ومحاسبا). [تفسير غريب القرآن: 253]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا}
{بنفسك} في موضع رفع، وإن كان مجرورا بالباء، ولو كان في غير القرآن جاز.. كفى بنفسك اليوم حسيبة، والمعنى كفت نفسك حسيبة،
أي إذا كنت تشهد على نفسك فكفاك بهذا.
و{حسيبا} منصوب على التمييز). [معاني القرآن: 3/231]

تفسير قوله تعالى: {مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (15)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {من اهتدى فإنّما يهتدي لنفسه ومن ضلّ فإنّما يضلّ عليها} [الإسراء: 15] على نفسه.
{ولا تزر وازرةٌ وزر أخرى} [الإسراء: 15] لا يحمل أحدٌ ذنب أحدٍ.
قوله: {وما كنّا معذّبين حتّى نبعث رسولا} [الإسراء: 15] تفسير الحسن: لا يعذّب قومًا بالاستئصال حتّى يحتجّ عليهم بالرّسول، كقوله: {وما كان ربّك مهلك القرى حتّى يبعث في أمّها رسولا} [القصص: 59]، وكقوله: {وإن من أمّةٍ إلا خلا فيها نذيرٌ} [فاطر: 24]، يعني: الأمم الّتي أهلك اللّه بالعذاب). [تفسير القرآن العظيم: 1/123]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {ولا تزر وازرةٌ وزر أخرى} أي ولا تأثم آثمة إثم أخرى أثمته ولم تأثمه الأولى منهما، ومجاز وزرت تزر: مجاز أثمت،

فالمعنى أنه: لا تحمل آثمة إثم أخرى، يقال: وزر هو، ووزّرته أنا). [مجاز القرآن: 1/372]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {لا تزر وازرة وزر أخرى}: لا تحمل آثمة إثم أخرى). [غريب القرآن وتفسيره: 212]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {من اهتدى فإنّما يهتدي لنفسه ومن ضلّ فإنّما يضلّ عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى وما كنّا معذّبين حتّى نبعث رسولا }
{ولا تزر وازرة وزر أخرى}
يقال: وزر يزر فهو وازر وزرا، ووزرا، وزرة، ومعناه أثم يأثم إثما.
وفي تأويل هذه الآية وجهان: أحدهما أن الآثم والمذنب، لا يؤخذ بذنبه غيره، والوجه الثاني أنه لا ينبغي للإنسان أن يعمل بالإثم لأن غيره عمله كما قالت الكفار:
{إنّا وجدنا آباءنا على أمّة وإنّا على آثارهم مهتدون}
وقوله: {وما كنّا معذّبين حتّى نبعث رسولا} أي حتى نبين ما به نعذب، وما من أجله ندخل الجنة). [معاني القرآن: 3/231]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا} روى معمر عن ابن طاووس عن أبيه عن أبي هريرة
قال إذا كان يوم القيامة جمع الله أهل الفترة والمعتوه والأصم والأبكم والأخرس والشيوخ الذين لم يدركوا الإسلام فأرسل إليهم رسولا أن ادخلوا النار فيقولون كيف ولم يأتنا رسول
قال ولو دخلوها لكانت عليهم بردا وسلاما فيرسل الله عليهم رسولا فيطيعه من كان يريد أن يطيعه ثم قرأ أبو هريرة وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا
وقال غيره يوم القيامة ليس بيوم تعبد ولا محنة فيرسل إلى أحد رسول ولكن معنى الآية وما كنا معذبين أحدا في الدنيا بالإهلاك حتى نبعث رسولا). [معاني القرآن: 4/132]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَازِرةٌ}: وازرةٌ آثمة). [العمدة في غريب القرآن: 181]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (16)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وإذا أردنا أن نهلك قريةً أمرنا مترفيها} [الإسراء: 16] سعيدٌ، عن قتادة، قال: أكثرنا جبابرتها.
وقال الحسن: جبابرة المشركين فاتّبعهم السّفلة.
{فحقّ عليها القول} [الإسراء: 16] الغضب.
{فدمّرناها تدميرًا} [الإسراء: 16] وكان ابن عبّاسٍ يقرأها: أمّرنا مثقّلةً، من قبل الإمارة، كقوله: {وكذلك جعلنا في كلّ قريةٍ أكابر مجرميها ليمكروا فيها} [الأنعام: 123] وكان الحسن يقرأها: أمرنا.
قال يحيى: وبلغني أيضًا أنّه من الكثرة.
وبعضهم يقرأها: {أمرنا} [الإسراء: 16]، أي: أمرناهم بالإيمان.
[تفسير القرآن العظيم: 1/123]
{ففسقوا فيها} [الإسراء: 16] أشركوا ولم يؤمنوا). [تفسير القرآن العظيم: 1/124]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {أمرنا مترفيها...}

قرأ الأعمش وعاصم ورجال من أهل المدينة {أمرنا} خفيفة، ... حدثني سفيان بن عيينة عن حميد الأعرج عن مجاهد {أمرنا} خفيفة.
وفسّر بعضهم {أمرنا مترفيها} بالطاعة {ففسقوا} أي إن المترف إذا أمر بالطاعة خالف إلى الفسوق. وفي قراءة أبيّ بن كعب {بعثنا فيها أكابر مجرميها} وقرأ الحسن {آمرنا}
وروى عنه {أمرنا} ولا ندري أنها حفظت عنه لأنا لا نعرف معناها ها هنا. ومعنى (آمرنا) بالمدّ: أكثرنا. وقرأ أبو العالية الرياحي {أمّرنا مترفيها} وهو موافق لتفسير ابن عباس،
وذلك أنه قال: سلّطنا رؤساءها ففسقوا فيها). [معاني القرآن: 2/119]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وإذا أردنا أن نهلك قريةً آمرنا مترفيها} أي أكثرنا مترفيها وهي من قولهم: قد أمر بنو فلان، أي كثروا فخرج على تقدير قولهم: علم فلان، وأعلمته أنا ذلك،
قال لبيد:

كلّ بني حرّةٍ قصارهم= قلٌّ وإن أكثرت من العدد
إن يغبطوا يهبطوا وإن أمروا= يوماً يصيروا للهلك والنّفد
وبعضهم يقرؤها: أمرنا مترفيها على تقدير أخذنا وهي في معنى أكثرنا وآمرنا غير أنها لغة؛ أمرنا: أكثرنا ترك المد ومعناه أمرنا، ثم قالوا: مأمورة من هذا، فإن احتج محتج
فقال هي من أمرت فقل كان ينبغي أن يكون آمرة ولكنهم يتركون إحدى الهمزتين، وكان ينبغي أن يكون آمرة ثم طولوا ثم حذفوا (ولأمرنّهم) فلم يمدوها قال الأثرم:
وقول أبي عبيدة في مأمورة لغة وقول أصحابنا قياس وزعم يونس عن أبي عمرو أنه قال: لا يكون هذا وقد قالت العرب: خير المال نخلة مأبورة ومهرة مأمورة أي كثيرة الولد.
وله موضع آخر مجازه: أمرنا ونهينا في قول بعضهم وثقله بعضهم فجعل معناه أنهم جعلوا أمراء.
{فحقّ عليها القول} أي فوجب عليها العذاب). [مجاز القرآن: 1/374-372]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن {وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها} مثل أكلنا؛ يكون معناه أمرناهم بالطاعة ففسقوا؛ كقولك: أمرتك فعصيتني.
ويكون على معنى آخر: كثرنا مترفيها.
وفي قراءة ابن أبي إسحاق {آمرنا} على أفعلنا؛ تكون من أمر القوم، يأمرون أمرًا كثروا، فتكون أفعلنا من ذلك؛ أي كثرناهم.
مجاهد وأبو عمرو {أمرنا} من الأمر.
قراءة أبي العالية "أمرنا مترفيها" بالتثقيل يريد سلطنا وكثرنا، وقد تكون معناها في القياس؛ يريد كثرنا؛ من أمر القوم، وقالوا: تعرف في مالك إمرته؛ أي السمن والنماء؛ وفي مثل للعرب "الشر أمر" أي زائد ينمي ويكثر.
وقال زهير:
والإثم من شر ما يصال به = والبر كالغيث نبته أمر
وقال لبيد:
إن يغبطوا يهطبوا وإن أمروا = يوما يصيروا للهلك والنكد
وقال الراجز:
أم جوار ضنؤها غير أمر = صهصلق الصوت بعينيها الصبر
ضنأت المرأة: كثر ولدها). [معاني القرآن لقطرب: 823]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {أمرنا مترفيها}: قالوا من الأمر، أمرناهم بالطاعة ففسقوا
وقد قرئت أمرنا على معنى كثرنا وحكوا: أمرنا في معنى كثرنا ومن ذلك " خير المال سكة مأبورة ومهرة مأمورة".
{فحق عليها}: أي وجب عليها). [غريب القرآن وتفسيره: 213-212]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وإذا أردنا أن نهلك قريةً أمرنا مترفيها} أي أكثرنا مترفيها.
يقال: أمرت الشيء وأمرته، أي كثرته. تقدير فعّلت وأفعلت، ومنه قولهم: مهرة مأمورة، أي كثيرة النّتاج. ويقال: أمر بنو فلان يأمرون أمرا، إذا كثروا.
وبعض المفسرين يذهب إلى أنه من الأمر. يقول: نأمرهم بالطاعة ونفرض عليهم الفرائض، فإذا فسقوا حقّ عليهم القول، أي وجب.
ومن قرأ: {أمرنا} فهو من الإمارة. أي جعلناهم أمراء.
وقرأ أقوام: آمرنا بالمد. وهي اللغة العالية المشهورة. أي كثّرنا). [تفسير غريب القرآن: 253]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحقّ عليها القول فدمّرناها تدميرا }
تقرأ أمرنا مخففة على تقدير فعلنا، وتقرأ آمرنا مترفيها على تقدير أفعلنا.
ويقرأ أمّرنا - بتشديد الميم -، فأما من قرأ بالتخفيف فهو من الأمر، المعنى أمرناهم بالطاعة ففسقوا.
فإن قال قائل: ألست تقول: أمرت زيدا فضرب عمرا، فالمعنى أنك أمرته أن يضرب عمرا فضربه، فهذا اللفظ لا يدل على غير الضرب، ومثل قوله: أمرنا مترفيها ففسقوا فيها.
من الكلام: أمرتك فعصيتني.
فقد علم أن المعصية مخالفة الأمر، وكذلك الفسق مخالفة أمر اللّه جل ثناؤه.
وقد قيل: إنّما معنى أمرنا مترفيها كثّرنا مترفيها، والدليل علي هذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - " خير المال سكّة مأبورة ومهرة مأمورة ".
أي مكثرة، والعرب تقول قد أمر بنو فلان إذا كثروا.
قال الشاعر:
إن يغبطو يهبطوا وإن أمروا= يوما يصيروا للهلك والنّفد
ويروى بالنقد - بالقاف - ومن قرأ آمرنا فتأويله أكثرنا، والكثرة ههنا يصلح أن يكون شيئين، أحدهما أن يكثر عدد المترفين، والآخر أن تكثر جدتهم ويسارهم.
ومن قرأ أمّرنا بالتشديد، فمعناه سلّطنا مترفيها أي جعلنا لهم إمرة وسلطانا). [معاني القرآن: 3/232-231]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها} يقرأ هذا الحرف على وجوه
روى عن عبد الله بن مسعود أنه قرأ أمرنا بالقصر والتخفيف وكذلك يروي عن ابن عباس
وروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قرأ أمرنا مترفيها وكذلك قرأ أبو عثمان النهدي وأبو العالية وقرأ الحسن والأعرج وابن أبي إسحاق آامرنا مترفيها
وروى أمرنا مترفيها على فعلنا عن ابن عباس هذه القراءة أيضا
قال أبو جعفر من قرأ أمرنا مترفيها ففي قراءته ثلاثة أقوال
أحدها وأثبتها ما قاله ابن جريج وزعم أنه قول ابن عباس وهو أن المعنى أمرناهم بالطاعة ففسقوا
قال محمد بن يزيد قد علم أن الله عز وجل لا يأمر إلا بالعدل والإحسان كما قال تعالى: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان} فقد علم أن المعنى أمرنا مترفيها بالطاعة فعصوا
قال مجاهد مترفوها فساقها وقال أبو العالية مستكبروها والمعنى أمرناهم بالطاعة والفاسق إذا أمر بالطاعة عصى فعصوا فحق عليهم القول بالعصيان أي وجب
والقول الثاني في معنى أمرنا قال معمر عن قتادة قال أمرنا أكثرنا
قال الكسائي يجوز أن يكون أمرنا بمعنى أمرنا من الإمارة وأنكر أن يكون أمرنا بمعنى أكثرنا وقال لا يقال في هذا إلا أمرنا
قال أبو جعفر وهذا القول الثالث أعني قول الكسائي ينكره أهل اللغة
وقد حكى أبو زيد وأبو عبيدة أنه يقال أمرنا بمعنى أكثرنا ويقوي ذلك الحديث المرفوع خير المال سكة مأبورة ومهرة مأمورة والسكة المأبورة النخل الملقح والمهرة المأمورة الكثيرة النتاج
فأما معنى {أمرنا} ففيه قولان: أحدهما رواه معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال أمرنا سلطنا وكذلك قال أبو عثمان النهدي
وروى وكيع عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية أنه قرأ أمرنا مثقلة أي سلطنا مستكبريها
والقول الثاني رواه الكسائي عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية أمرنا أي أكثرنا وليس بمبعد ما رواه الكسائي ويكون مثل سمن الدابة وسمنته وأسنمته
قال أبو جعفر وهذا أولى قال جل وعز: {ففسقوا فيها} فوصف أنهم جماعة والقرية الواحدة لا توصف إن فيها جماعة أمراء
إن قيل يكون واحدا فقد قيل وهذا خصوص والهلاك بالكثرة فتكثر المعاصي فأما معنى ءآمرنا فأكثرنا كذلك
قال الحسن ويحتمل معنى آمرنا أكثرنا عدهم وأكثرنا يسارهم وحقيقة أمر كثرت أملاكه من مال أو غير ذلك من حالة ومن لقد جئت شيئا إمرا
قال الكسائي عظيما وقال هارون في قراءة أبي وإذا أردنا أن نهلك قرية بعثنا فيها أكابر مجرميها فمكروا فيها فحق عليها القول
فأما معنى آمرنا فلا يكاد يعرف لأنه إنما يقال أمر القوم إذا كثروا وآمرهم الله أي أكثرهم ولا يعرف أمرهم الله). [معاني القرآن: 4/138-133]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {مترفيها} قال: المترف: الملك، وقيل: المنعم: أمرناهم بالطاعة، فعصوا). [ياقوتة الصراط: 306]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أَمَرْنا}: كثرنا.
{حَقَّ عليها}: وجب عليها). [العمدة في غريب القرآن: 181]

تفسير قوله تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (17)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وكم أهلكنا من القرون من بعد نوحٍ وكفى بربّك بذنوب عباده خبيرًا بصيرًا} [الإسراء: 17] وهي كقوله: {ألم يأتكم نبأ الّذين من قبلكم قوم نوحٍ وعادٍ وثمود والّذين من بعدهم لا يعلمهم إلا اللّه جاءتهم رسلهم بالبيّنات} [إبراهيم: 9] إلى آخر الآية). [تفسير القرآن العظيم: 1/124]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح وكفى بربّك بذنوب عباده خبيرا بصيرا }

أي أهلكنا عددا كبيرا من القرون، بأنواع العذاب، نحو قوم لوط وعاد وثمود ومن ذكر اسمه وقرونا بين ذلك كثيرا.
وموضع (كم) النصب بقوله {أهلكنا} ). [معاني القرآن: 3/233]


رد مع اقتباس