عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 22 صفر 1440هـ/1-11-2018م, 05:35 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (26) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم خاطب تعالى قريشا -على جهة الموعظة- بقوله سبحانه: {ولقد مكناهم فيما إن} "ما"، بمعنى الذي، و"إن" نافية وقعت مكان "ما" ليختلف اللفظ، ولا يتصل "ما" ب "ما"، لأن الكلام كأنه قال: في الذي ما مكناكم، ومعنى الآية: ولقد أعطيناهم من القوة والغنى والبسطة في الأموال والأجسام ما لم نعطكم، ونالهم بسبب كفرهم هذا العذاب، فأنتم أحرى بذلك إذا كفرتم، وقالت فرقة: "إن" شرطية، والجواب محذوف تقديره: في الذي إن مكناكم فيه طغيتم، وهذا تنطع في التأويل.
ثم عدد تعالى عليهم نعم الحواس والإدراك، وأخبر أنها لم تغن حين لم تستعمل على ما يجب، و"ما": نافية في قوله تعالى: {فما أغنى عنهم}، ويقوي ذلك دخول "من" في قوله سبحانه: {من شيء}، وقالت فرقة: "ما" في قوله تعالى: {فما أغنى عنهم} استفهام بمعنى التقرير، ومن شيء -على هذا- تأكيد، وهذا على غير مذهب سيبويه في دخول "من" في الواجب.
و "حاق" معناه: نزل ولزم، وهذا مستعمل في المكاره، والمعنى: جزاء ما كانوا به يستهزءون). [المحرر الوجيز: 7/ 628-629]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآَيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (27) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى وصرفنا الآيات لعلهم يرجعون * فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله قربانا آلهة بل ضلوا عنهم وذلك إفكهم وما كانوا يفترون * وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين}
قوله تعالى: {ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى} مخاطبة لقريش على جهة التمثيل لهم بمأرب وسدوم وحجر ثمود، وقوله تعالى: {وصرفنا الآيات} يعني لهذه القرى المهلكة).[المحرر الوجيز: 7/ 629]

تفسير قوله تعالى: {فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آَلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (28) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله سبحانه: {فلولا نصرهم الذين اتخذوا} الآية، يعني: هلا نصرتهم أصنامهم التي اتخذوها. و"قربانا" إما أن يكون المفعول الثاني بـ "اتخذوا" و"آلهة" بدل منه، وإما أن يكون حالا. و"آلهة" المفعول الثاني، والمفعول الأول هو الضمير العائد على: "الذين اتخذوا"، والتقدير: اتخذوهم. وقوله تعالى: {بل ضلوا عنهم} معناه: أتلفوا لهم حتى لم يجدوهم في وقت حاجة.
وقوله تعالى: "وذلك" تختلف الإشارة به تختلف بحسب اختلاف القراءات في قوله سبحانه: "إفكهم"، فقرأ الجمهور بكسر الهمزة وسكون الفاء وضم الكاف، فالإشارة بـ "ذلك" -على هذه القراءة- إلى قولهم في الأصنام: إنها آلهة، وذلك هو اتخاذهم إياها آلهة، وكذلك هي الإشارة في قراءة من قرأ: "أفكهم" بفتح الهمزة، وهي لغة في الإفك، وهما بمعنى الكذب، وكذلك هي الإشارة في قراءة من قرأ: "أفكهم" بفتح الهمزة والفاء والكاف على الفعل الماضي، بمعنى: صرفهم، وهي قراءة ابن عباس رضي الله عنهما، وأبي عياض، وعكرمة، وحنظلة بن النعمان، وقرأ أبو عياض أيضا، وعكرمة -فيما حكى الثعلبي -: "أفكهم" بشد الفاء وفتح الهمزة والكاف، وذلك على تعدية الفعل بالتضعيف، وقرأ عبد الله بن الزبير: "آفكهم" بمد الهمزة، وفتح الفاء والكاف على التعدية بالهمزة، قال الزجاج: جعلهم يأفكون، كما يقال: أكفرهم، وقرأ ابن عباس رضي الله عنهما فيما روى قطرب: "آفكهم" بهمزة مفتوحة ممدودة وفاء مكسورة، وكاف مضمومة على وزن فاعل، بمعنى: صارفهم، وحكى الفراء أنه يقرأ: "أفكهم" بفتح الهمزة والفاء وضم الكاف، وهي لغة في "الإفك"، والإشارة بـ "ذلك" على هذه القراءات التي ليست مصدرا يحتمل أن تكون إلى الأصنام، وقوله تعالى: {وما كانوا يفترون} ويحتمل أن تكون "ما" مصدرية فلا تحتاج إلى عائد، ويحتمل أن تكون بمعنى "الذي" فهناك عائد محذوف تقديره: يفترونه). [المحرر الوجيز: 7/ 629-630]

رد مع اقتباس