عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 12 جمادى الآخرة 1435هـ/12-04-2014م, 06:57 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إذ قالت الملائكة يا مريم إنّ اللّه يبشّرك بكلمةٍ منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيهًا في الدّنيا والآخرة ومن المقرّبين (45) ويكلّم النّاس في المهد وكهلا ومن الصّالحين (46) قالت ربّ أنّى يكون لي ولدٌ ولم يمسسني بشرٌ قال كذلك اللّه يخلق ما يشاء إذا قضى أمرًا فإنّما يقول له كن فيكون (47)}
هذه بشارةٌ من الملائكة لمريم، عليها السّلام، بأن سيوجد منها ولدٌ عظيمٌ، له شأنٌ كبيرٌ. قال اللّه تعالى: {إذ قالت الملائكة يا مريم إنّ اللّه يبشّرك بكلمةٍ منه} أي: بولدٍ يكون وجوده بكلمةٍ من اللّه، أي: بقوله له: "كن" فيكون، وهذا تفسير قوله: {مصدّقًا بكلمةٍ من اللّه} [آل عمران: 39] كما ذكره الجمهور على ما سبق بيانه {اسمه المسيح عيسى ابن مريم} أي يكون مشهورًا بهذا في الدّنيا، يعرفه المؤمنون بذلك.
وسمّي المسيح، قال بعض السّلف: لكثرة سياحته. وقيل: لأنّه كان مسيح القدمين: [أي] لا أخمص لهما. وقيل: لأنّه [كان] إذا مسح أحدًا من ذوي العاهات برئ بإذن اللّه تعالى.
وقوله: {عيسى ابن مريم} نسبةً له إلى أمّه، حيث لا أب له {وجيهًا في الدّنيا والآخرة ومن المقرّبين} أي: له وجاهةٌ ومكانةٌ عند اللّه في الدّنيا، بما يوحيه اللّه إليه من الشّريعة، وينزّل عليه من الكتاب، وغير ذلك ممّا منحه به، وفي الدّار الآخرة يشفع عند اللّه فيمن يأذن له فيه، فيقبل منه، أسوةً بإخوانه من أولي العزم، صلوات اللّه عليهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/43]

تفسير قوله تعالى: {وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ويكلّم النّاس في المهد وكهلا} أي: يدعو إلى عبادة اللّه وحده لا شريك له، في حال صغره، معجزةً وآيةً، و [في] حال كهوليّته حين يوحي اللّه إليه بذلك {ومن الصّالحين} أي: في قوله وعمله، له علمٌ صحيحٌ وعملٌ صالحٌ.
قال محمّد بن إسحاق، عن يزيد بن عبد اللّه بن قسيط، عن محمّد بن شرحبيل، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ما تكلّم مولود في صغره إلّا عيسى وصاحب جريج".
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو الصّقر يحيى بن محمّد بن قزعة، حدّثنا الحسين -يعني المروزيّ-حدّثنا جريرٌ -يعني ابن حازمٍ-عن محمّدٍ، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "لم يتكّلم في المهد إلّا ثلاثة، عيسى، وصبيٌّ كان في زمن جريج، وصبيٌّ آخر"). [تفسير القرآن العظيم: 2/43]

تفسير قوله تعالى: {قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (فلمّا سمعت بشارة الملائكة لها بذلك، عن اللّه، عزّ وجلّ، قالت في مناجاتها: {ربّ أنّى يكون لي ولدٌ ولم يمسسني بشرٌ} تقول: كيف يوجد هذا الولد منّي وأنا لست بذات زوجٍ ولا من عزمي أن أتزوّج، ولست بغيا؟ حاشا للّه. فقال لها الملك -عن اللّه، عزّ وجلّ، في جواب هذا السّؤال-: {كذلك اللّه يخلق ما يشاء} أي: هكذا أمر اللّه عظيمٌ، لا يعجزه شيءٌ. وصرّح هاهنا بقوله: {يخلق} ولم يقل: "يفعل" كما في قصّة زكريّا، بل نصّ هاهنا على أنّه يخلق؛ لئلّا يبقى شبهةً، وأكّد ذلك بقوله: {إذا قضى أمرًا فإنّما يقول له كن فيكون} أي: فلا يتأخّر شيئًا، بل يوجد عقيب الأمر بلا مهلةٍ، كقوله تعالى: {وما أمرنا إلا واحدةٌ كلمحٍ بالبصر} [القمر: 50] أي: إنّما نأمر مرّةً واحدةً لا مثنويّة فيها، فيكون ذلك الشّيء سريعًا كلمحٍ بالبصر). [تفسير القرآن العظيم: 2/44]

تفسير قوله تعالى: {وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (48) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ويعلّمه الكتاب والحكمة والتّوراة والإنجيل (48) ورسولا إلى بني إسرائيل أنّي قد جئتكم بآيةٍ من ربّكم أنّي أخلق لكم من الطّين كهيئة الطّير فأنفخ فيه فيكون طيرًا بإذن اللّه وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن اللّه وأنبّئكم بما تأكلون وما تدّخرون في بيوتكم إنّ في ذلك لآيةً لكم إن كنتم مؤمنين (49) ومصدّقًا لما بين يديّ من التّوراة ولأحلّ لكم بعض الّذي حرّم عليكم وجئتكم بآيةٍ من ربّكم فاتّقوا اللّه وأطيعون (50) إنّ اللّه ربّي وربّكم فاعبدوه هذا صراطٌ مستقيمٌ (51)}
يقول تعالى -مخبرًا عن تمام بشارة الملائكة لمريم بابنها عيسى، عليه السّلام-أنّ اللّه يعلّمه {الكتاب والحكمة} الظّاهر أنّ المراد بالكتاب هاهنا الكتابة. والحكمة تقدّم الكلام على تفسيرها في سورة البقرة.
{والتّوراة والإنجيل} فالتّوراة: هو الكتاب الّذي أنزله اللّه على موسى بن عمران. والإنجيل: الّذي أنزله اللّه على عيسى عليهما السّلام، وقد كان [عيسى] عليه السّلام، يحفظ هذا وهذا). [تفسير القرآن العظيم: 2/44]

رد مع اقتباس