عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 11 صفر 1440هـ/21-10-2018م, 05:40 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم ابتدأ القول معهم في غرض آخر من الوعيد يوم القيامة والخصومة فيه، ومن التحذير من حال الكذبة على الله، المكذبين بالصدق، فقدم تعالى لذلك توطئة مضمنها وعظ النفوس وتهيئتها لقبول الكلام وحذف التوعد، وهذا كما تريد أن تنهى إنسانا عن معاصيه، أو تأمره بخير، فتفتتح كلامك بأن تقول: كلنا يفنى، أو: لابد للجميع من الموت، أو: كل من عليها فان، ونحو هذا مما ترقق به نفس الذي تحادثه، ثم بعد هذا تورد قولك.
فأخبر تعالى أن الجميع ميت، وهذه قراءة الجمهور، وقرأها [مائت] و[مائتون] بألف ابن الزبير، وابن محيصن، وابن أبي إسحاق، واليماني، وعيسى بن عمر، وابن أبي عقرب، والضمير في "إنهم" لجميع العالم. دخل رجل على صلة بن أشيم فنعى إليه أخاه، وبين يدي صلة طعام، فقال صلة للرجل: ادن فكل، فإن أخي قد نعي إلي منذ زمان، قال الله تعالى: {إنك ميت وإنهم ميتون}).[المحرر الوجيز: 7/ 392]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (31) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (والضمير في ثم إنكم قيل: هو عام أيضا، فيختصم يوم القيامة المؤمنون والكافرون فيما كان من ظلم الكافرين لهم في كل موطن ظلموا فيه، ومن هذا قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أنا أول من يجثو يوم القيامة للخصومة بين يدي الرحمن عز وجل، فيختصم علي، وحمزة، وعبيدة بن الحارث رضي الله عنهم مع عتبة، وشيبة، والوليد، ويختصم أيضا المؤمنون بعضهم مع بعض في ظلاماتهم، قاله أبو العالية وغيره، وقال الزبير بن العوام للنبي صلى الله عليه وسلم: أيكتب علينا ما كان بيننا في الدنيا مع خواص الذنوب؟ قال: "نعم، حتى يؤدى إلى كل ذي حق حقه"، وقد قال عبد الله بن عمر رضي الله عنه: لما نزلت هذه الآية قلنا: كيف نختصم ونحن إخوان؟ فلما قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه، وضرب بعضنا وجوه بعض بالسيوف قلنا: هذا الخصام الذي وعدنا ربنا تعالى، ويختصم أيضا - على ما روي - الروح مع الجسد في أن يذنب كل واحد منهما صاحبه، ويجعل المعصية في حيزه، فيحكم الله تعالى بشركتهما في ذلك.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ومعنى الآية عندي أن الله تعالى توعدهم بأنهم سيخاصمون يوم القيامة في معنى ردهم في وجه الشريعة، وتكذيبهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم). [المحرر الوجيز: 7/ 392-393]

تفسير قوله تعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (32) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) :(ثم وقفهم الله تعالى توقيفا معناه نفي الموقف عليه بقوله تعالى: {فمن أظلم}، أي: لا أحد أظلم ممن كذب على الله، والإشارة بهذا الكذب بقولهم: إن لله صاحبة وولدا، وقولهم: هذا حلال وهذا حرام افتراء على الله تعالى، وكذبوا أيضا بالصدق، وذلك تكذيبهم أقوال محمد صلى الله عليه وسلم عن الله تعالى، ما كان من ذلك معجزا أو غير معجز، ثم توعدهم تبارك وتعالى توعدا فيه احتقارهم بقوله على وجه التوقيف: أليس في جهنم مثوى للكافرين، والمثوى: موضع الإقامة). [المحرر الوجيز: 7/ 394]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (33) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون * لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك جزاء المحسنين * ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون * أليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه ومن يضلل الله فما له من هاد * ومن يهد الله فما له من مضل أليس الله بعزيز ذي انتقام}
قوله تعالى: {والذي جاء بالصدق} معادل لقوله سبحانه: {فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق} فـ"من" هنالك للجميع والعموم، و[الذي] هنا للجنس أيضا، كأنه قال: والفريق الذي جاء بعضه بالصدق، وصدق به بعضه، ويستقيم اللفظ والمعنى على هذا الترتيب. وفي قراءة ابن مسعود: [والذين جاءوا بالصدق وصدقوا به]، وهو هنا القرآن وأنباؤه، والشرع بجملته.
وقالت فرقة: "الذي" يراد به: الذين، وحذفت النون لطول الكلام، وهذا غير جيد، وتركيب "جاء" عليه يرد ذلك، وليس كقول الفرزدق:
إن عمي اللذا ... قتلا الملوك ....
ونظير الآية قول الشاعر:
وإن الذي حانت بفلج دماؤهم ... هم القوم كل القوم يا أم خالد
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: والذي جاء بالصدق هو محمد صلى الله عليه وسلم، وهو الذي صدق به، وقالت فرقة من المفسرين: الذي جاء بالصدق هو جبريل، والذي صدق به، هو محمد صلى الله عليه وسلم، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأبو العالية، والكلبي، وجماعة: الذي جاء بالصدق هو محمد صلى الله عليه وسلم، والذي صدق به هو أبو بكر رضي الله عنه، وقال قتادة وابن زيد: الذي جاء بالصدق هو محمد صلى الله عليه وسلم، والذي صدق به هم المؤمنون، قال مجاهد: هم أهل القرآن، وقال أبو الأسود ومجاهد وجماعة: الذي صدق هو علي رضي الله عنه، وقالت فرقة بالعموم الذي ذكرناه أولا، وهو أصوب الأقوال.
وقرأ أبو صالح، ومحمد بن جحادة، وعكرمة بن سليمان: [وصدق به] بالتخفيف في الدال، بمعنى: استحق به اسم الصدق، فعلى هذه القراءة يكون إسناد الأفعال كلها إلى محمد صلى الله عليه وسلم، وكأن أمته في ضمن القول، وهو الذي يحسن: أولئك هم المتقون قال ابن عباس رضي الله عنهما: اتقوا الشرك). [المحرر الوجيز: 7/ 394-396]

تفسير قوله تعالى: {لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (34) }

تفسير قوله تعالى: {لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (35) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (واللام في قوله تعالى: {ليكفر الله عنهم} يحتمل أن تتعلق بقوله تعالى: {المحسنين}، أي: الذين أحسنوا لكي يكفر، وقاله ابن زيد، ويحتمل أن تتعلق بفعل مضمر مقطوع مما قبله، كأنك قلت: "بشرهم الله تعالى بذلك ليكفر" لأن التكفير لا يكون إلا بعد التيسير للخير، وأسوأ الذي عملوا هو كفر أهل الجاهلية ومعاصي أهل الإسلام). [المحرر الوجيز: 7/ 396]

رد مع اقتباس