عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 26 ذو القعدة 1439هـ/7-08-2018م, 06:09 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ (54) قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي فلمّا كلّمه قال إنّك اليوم لدينا مكينٌ أمينٌ (54) قال اجعلني على خزائن الأرض إنّي حفيظٌ عليمٌ (55)}
يقول تعالى إخبارًا عن الملك حين تحقق براءة يوسف، عليه السّلام، ونزاهة عرضه ممّا نسب إليه، قال: {ائتوني به أستخلصه لنفسي} أي: أجعله من خاصّتي وأهل مشورتي {فلمّا كلّمه} أي: خاطبه الملك وعرفه، ورأى فضله وبراعته، وعلم ما هو عليه من خلق وخلق وكمالٍ قال له الملك: {إنّك اليوم لدينا مكينٌ أمينٌ} أي: إنّك عندنا قد بقيت ذا مكانةٍ وأمانةٍ، فقال يوسف، عليه السّلام: {اجعلني على خزائن الأرض إنّي حفيظٌ عليمٌ} مدح نفسه، ويجوز للرّجل ذلك إذا جهل أمره، للحاجة. وذكر أنّه {حفيظٌ} أي: خازنٌ أمينٌ، {عليمٌ} ذو علمٍ وبصر بما يتولّاه.
قال شيبة بن نعامة: حفيظٌ لما استودعتني، عليمٌ بسني الجدب. رواه ابن أبي حاتمٍ.
وسأل العمل لعلمه بقدرته عليه، ولما في ذلك من المصالح للنّاس وإنّما سأل أن يجعل على خزائن الأرض، وهي الأهرام الّتي يجمع فيها الغلّات، لما يستقبلونه من السّنين الّتي أخبرهم بشأنها، ليتصرّف لهم على الوجه الأحوط والأصلح والأرشد، فأجيب إلى ذلك رغبةً فيه، وتكرمةً له؛ ولهذا قال تعالى: {وكذلك مكّنّا ليوسف في الأرض يتبوّأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين (56) ولأجر الآخرة خيرٌ للّذين آمنوا وكانوا يتّقون (57)} ). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 395-396]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (56) وَلَأَجْرُ الْآَخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (57)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وكذلك مكّنّا ليوسف في الأرض يتبوّأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين (56) ولأجر الآخرة خيرٌ للّذين آمنوا وكانوا يتّقون (57)}
يقول تعالى: {وكذلك مكّنّا ليوسف في الأرض} أي: أرض مصر، {يتبوّأ منها حيث يشاء}
قال السّدّي، وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: يتصرّف فيها كيف يشاء.
وقال ابن جريرٍ: يتّخذ منها منزلًا حيث يشاء بعد الضّيق والحبس والإسار. {نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين} أي: وما أضعنا صبر يوسف على أذى إخوته، وصبره على الحبس بسبب امرأة العزيز؛ فلهذا أعقبه اللّه عزّ وجلّ السّلامة والنّصر والتّأييد، {ولا نضيع أجر المحسنين ولأجر الآخرة خيرٌ للّذين آمنوا وكانوا يتّقون} يخبر تعالى أنّ ما ادّخره اللّه لنبيّه يوسف، عليه السّلام، في الدّار الآخرة أعظم وأكثر وأجلّ، ممّا خوّله من التّصرّف والنّفوذ في الدّنيا كما قال تعالى في حقّ سليمان، عليه السّلام: {هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حسابٍ وإنّ له عندنا لزلفى وحسن مآبٍ} [ص: 39، 40].
والغرض أنّ يوسف، عليه السّلام، ولّاه ملك مصر الريان بن الوليد الوزارة في بلاد مصر، مكان الّذي اشتراه من مصر زوج الّتي راودته، وأسلم الملك على يدي يوسف، عليه السّلام.
قاله مجاهدٌ.
وقال محمّد بن إسحاق لمّا قال يوسف للملك: {اجعلني على خزائن الأرض إنّي حفيظٌ عليمٌ} قال الملك: قد فعلت. فولّاه فيما ذكروا عمل إطفير وعزل إطفير عمّا كان عليه، يقول اللّه عزّ وجلّ: {وكذلك مكّنّا ليوسف في الأرض يتبوّأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين} فذكر لي -واللّه أعلم -أنّ إطفير هلك في تلك اللّيالي، وأنّ الملك الرّيّان بن الوليد زوّج يوسف امرأة إطفير راعيل، وأنّها حين دخلت عليه قال: أليس هذا خيرًا ممّا كنت تريدين؟ قال: فيزعمون أنّها قالت: أيّها الصّدّيق، لا تلمني، فإنّي كنت امرأةً كما ترى حسناء جميلةً، ناعمةً في ملكٍ ودنيا، وكان صاحبي لا يأتي النّساء، وكنت كما جعلك اللّه في حسنك وهيئتك على ما رأيت، فيزعمون أنّه وجدها عذراء، فأصابها فولدت له رجلين أفرائيم بن يوسف، وميشا بن يوسف وولد لأفرائيم نونٌ، والد يوشع بن نونٍ، ورحمة امرأة أيّوب، عليه السّلام.
وقال الفضيل بن عياضٍ: وقفت امرأة العزيز على ظهر الطّريق، حتّى مرّ يوسف، فقالت: الحمد للّه الّذي جعل العبيد ملوكًا بطاعته، والملوك عبيدًا بمعصيته). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 396-397]

رد مع اقتباس