عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 02:50 AM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (17) }
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة ،في قوله تعالى: {إذا أقسموا ليصرمنها} قال: «كانت الجنة لشيخ وكان يتصدق وكان بنوه ينهونه عن الصدقة وكان يمسك قوت سنة ويتصدق بالفضل فلما مات أبوهم غدوا عليها فقالوا لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين قال وغدوا على حرد قادرين يقول على جد من أمرهم»). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 309]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر فقال لقتادة: «أمن أهل الجنة هم أم من أهل النار»، قال: «لقد كلفتني تعبا»). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 309]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، قال: «أخبرني تميم بن عبد الرحمن أنه سمع ابن جبير يقول: هي أرض باليمن يقال لها ضروان»). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 309]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنّة إذ أقسموا ليصرمنّها مصبحين (17) ولا يستثنون}.
يعني تعالى ذكره بقوله: {إنّا بلوناهم}. أي: بلونا مشركي قريشٍ، يقول: امتحنّاهم فاختبرناهم {كما بلونا أصحاب الجنّة}. يقول: كما امتحنّا أصحاب البستان {إذ أقسموا ليصرمنّها مصبحين}. يقول: إذ حلفوا ليصرمنّ ثمرها إذا أصبحوا). [جامع البيان: 23 / 171]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله: تعالى: {إنا بلوناهم} الآيات.
أخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله: {إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة} قال: هؤلاء ناس قص الله عليكم حديثهم وبين لكم أمرهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن حريج أن أبا جهل قال يوم بدر: «خذوهم أخذا فاربطوهم في الجبال ولا تقتلوا منهم أحدا» فنزل {إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة} يقول: «في قدرتهم عليهم كما اقتدر أصحاب الجنة على الجنة».
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {كما بلونا أصحاب الجنة} قال: «كانوا من أهل الكتاب».
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {كما بلونا أصحاب الجنة} قال: «هم ناس من الحبشة كانت لأبيهم جنة وكان يطعم منها السائلين فمات أبوهم فقال بنوه: إن كان أبونا لأحمق يطعم المساكين فأقسموا ليصرمنها مصبحين وأن لا يطعموا مسكينا».
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد عن قتادة قال: «كانت الجنة لشيخ من بني إسرائيل وكان يمسك قوت سنته ويتصدق بالفضل كان بنوه ينهونه عن الصدقة فلما مات أبوهم غدوا عليها فقالوا لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين» {وغدوا على حرد قادرين} يقول: على جد من أمرهم.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله: {كما بلونا أصحاب الجنة} قال: «هي أرض باليمن يقال لها ضر وإن بينها وبين صنعاء ستة أميال»). [الدر المنثور: 14 / 634-635]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا يَسْتَثْنُونَ (18) }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({ولا يستثنون} ولا يقولون إن شاء اللّه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا هنّاد بن السّريّ، قال: حدّثنا أبو الأحوص، عن سماكٍ، عن عكرمة، في قوله: {لا يدخلنّها اليوم عليكم مسكينٌ}. قال: «هم ناسٌ من الحبشة كانت لأبيهم جنّةٌ كان يطعم المساكين منها، فلمّا مات أبوهم، قال بنوه: واللّه إن كان أبونا لأحمق حين يطعم المساكين، فأقسموا ليصرمنّها مصبحين، ولا يستثنون، ولا يطعمون مسكينًا».
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {ليصرمنّها مصبحين}. قال: «كانت الجنّة لشيخٍ، وكان يتصدّق، فكان بنوه ينهونه عن الصّدقة، وكان يمسك قوت سنته، وينفق ويتصدّق بالفضل؛ فلمّا مات أبوهم غدوا عليها فقالوا: {لا يدخلنّها اليوم عليكم مسكينٌ}».
وذكر أنّ أصحاب الجنّة كانوا أهل كتابٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {إنّا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنّة إذ أقسموا} الآية، قال: «كانوا من أهل الكتاب».
والصّرم: القطع.
وإنّما عنى بقوله: {ليصرمنّها} ليجدّنّ ثمرتها؛ ومنه قول امرئ القيس:
صرمتك بعد تواصلٍ دعد.......وبدا لدعدٍ بعض ما يبدو
). [جامع البيان: 23 / 171-172]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن أبي صالح في قوله: {ولا يستثنون} قال: «كان استثناؤهم سبحان الله»). [الدر المنثور: 14 / 635]

تفسير قوله تعالى: {فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (19) }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فطاف عليها طائفٌ من ربّك وهم نائمون (19) فأصبحت كالصّريم}.
يقول تعالى ذكرٌه: فطرق جنّة هؤلاء القوم ليلاً طارقٌ من أمر اللّه وهم نائمون، ولا يكون الطّائف في كلام العرب إلاّ ليلاً ولا يكون نهارًا، وقد يقولون: أطفت بها نهارًا.
وذكر الفرّاء أنّ أبا الجرّاح أنشده:
أطفت بها نهارًا غير ليلٍ.......وألهى ربّها طلب الرّخال
والرّخال: هي أولاد الضّأن الإناث.
وبنحو الّذي قلنا في معنى ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني سليمان بن عبد الجبّار، قال: حدّثنا محمّد بن الصّلت، قال: حدّثنا أبو كدينة، عن قابوس، عن أبيه، قال: سألت ابن عبّاسٍ، عن الطّوفان {فطاف عليها طائفٌ من ربّك} قال: «هو أمرٌ من اللّه».
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فطاف عليها طائفٌ من ربّك وهم نائمون}. قال: «طاف عليها أمرٌ من أمر اللّه وهم نائمون»). [جامع البيان: 23 / 173-174]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {فطاف عليها طائف من ربك} قال: «هو أمر من الله».
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {فطاف عليها طائف من ربك} قال: «عذاب: عنق من النار خرجت من وادي جهنم».
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة في قوله: {فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون} قال: «أتاها أمر الله ليلا» {فأصبحت كالصريم} قال: «كالليل المظلم».
وأخرج عبد بن حميد عن قطر بن ميمون مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إياكم والمعاصي إن العبد ليذنب فينسى به الباب من العلم وإن العبد ليذنب الذنب فيحرم به قيام الليل وإن العبد ليذنب الذنب فينسى فيحرم به رزقا قد كان هيئ له» ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون (19) فأصبحت كالصريم} قد حرموا خير جنتهم بذنبهم). [الدر المنثور: 14 / 636-637]

تفسير قوله تعالى: {فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (20) }
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال غيره: {كالصّريم} : " كالصّبح انصرم من اللّيل، واللّيل انصرم من النّهار، وهو أيضًا: كلّ رملةٍ انصرمت من معظم الرّمل، والصّريم أيضًا: المصروم، مثل قتيلٍ ومقتولٍ "). [صحيح البخاري: 6 / 159]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال غيره كالصّريم كالصّبح انصرم من اللّيل واللّيل انصرم من النّهار قال أبو عبيدة فأصبحت كالصريم النّهار انصرم من اللّيل واللّيل انصرم من النّهار وقال الفرّاء الصّريم اللّيل المسودّ قوله وهو أيضًا كلّ رملةٍ انصرمت من معظم الرّمل هو قول أبي عبيدة أيضًا قال وكذلك الرّملة تنصرم من معظم الرّمل فيقال صريمةٌ وصريمة أمرك قطعه قوله والصّريم أيضًا المصروم مثل قتيل ومقتول هو محصل ما أخرجه بن المنذر من طريق شيبان عن قتادة في قوله فأصبحت كالصريم كأنّها قد صرمت والحاصل أنّ الصّريم مقولٌ بالاشتراك على معانٍ يرجع جميعها إلى انفصال شيءٍ عن شيءٍ ويطلق أيضًا على الفعل فيقال صريمٌ بمعنى مصرومٌ تكميلٌ قال عبد الرّزّاق: عن معمرٍ أخبرني تميم بن عبد الرّحمن أنّه سمع سعيد بن جبيرٍ يقول: «هي يعني الجنّة المذكورة أرضٌ باليمن يقال لها صرفان بينها وبين صنعاء ستّة أميالٍ»). [فتح الباري: 8 / 662]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال غيره: كالصّريم كالصّبح انصرم من اللّيل واللّيل انصرم من النّهار وهو أيضا كلّ رملةٍ انصرمت من معظم الرّمل والصّريم أيضا المصروم مثل قتيلٍ ومقتولٍ.
أي: قال غير ابن عبّاس في قوله تعالى: {فأصبحت كالصريم} أي: فأصبحت الجنّة المذكورة كالصريم، وفسره بقوله: (كالصبح انصرم) أي: انقطع من اللّيل إلى آخره، ظاهر). [عمدة القاري: 19 / 256]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال غيره) أي غير ابن عباس ({كالصريم}) في قوله تعالى: {فأصبحت كالصريم} أي (كالصبح انصرم) انقطع (من الليل والليل انصرم) انقطع (من النهار) فالصريم يطلق على الليل لسواده وعلى النهار وعلى الصبح فهو من الأضداد، وقال شمر: الصريم الليل والنهار لانصرام هذا عن ذاك وذاك عن هذا (وهو أيضًا كل رملة انصرمت) انقطعت (من معظم الرمل والصريم أيضًا المصروم مثل قتيل ومقتول) فعيل بمعنى مفعول وفي التفسير أي كالبستان الذي صرم ثماره بحيث لم يبق فيه شيء أو كالليل باحتراقها واسودادها أو كالنهار بابيضاضها من فرط اليبس هذا). [إرشاد الساري: 7 / 398]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {فأصبحت كالصّريم} اختلف أهل التّأويل في الّذي عني بالصّريم، فقال بعضهم: عني به اللّيل الأسود، وقال: معنى ذلك: فأصبحت جنّتهم محترقةً سوداء كسواد اللّيل المظلم البهيم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سهل بن عسكرٍ، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا شيخٌ لنا، عن شيخٍ من كلبٍ يقال له سليمان، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {فأصبحت كالصّريم}. قال: الصّريم: اللّيل، قال: وقال في ذلك أبو عمرو بن العلاء رحمه اللّه:
ألا بكرت وعاذلتي تلوم.......تهجّدني وما انكشف الصّريم
وقال أيضًا:
تطاول ليلك الجون البهيم.......فما ينجاب عن صبحٍ صريم
إذا ما قلت أقشع أو تناهى.......جرت من كلّ ناحيةٍ غيوم.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: فأصبحت كأرضٍ تدعى الصّريم معروفةٌ بهذا الاسم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، قال: أخبرني تميم بن عبد الرّحمن، أنّه سمع سعيد بن جبيرٍ، يقول: «هي أرضٌ باليمن يقال لها: ضروان، من صنعاء على ستّة أميالٍ»). [جامع البيان: 23 / 174-175]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة في قوله: {فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون} قال: «أتاها أمر الله ليلا» {فأصبحت كالصريم} قال: «كالليل المظلم».
وأخرج عبد بن حميد عن قطر بن ميمون مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إياكم والمعاصي إن العبد ليذنب فينسى به الباب من العلم وإن العبد ليذنب الذنب فيحرم به قيام الليل وإن العبد ليذنب الذنب فينسى فيحرم به رزقا قد كان هيئ له» ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون (19) فأصبحت كالصريم} قد حرموا خير جنتهم بذنبهم). [الدر المنثور: 14 / 636-637] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {كالصريم} قال: «مثل الليل الأسود».
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله: {كالصريم} قال: «الذهب» قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: «نعم أما سمعت قول الشاعر:
غدوت عليه غدوة فوجدته.......قعودا لديه بالصريم عواذله»
). [الدر المنثور: 14 / 637]

تفسير قوله تعالى: {فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ (21) }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فتنادوا مصبحين (21) أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين (22) فانطلقوا وهم يتخافتون (23) أن لا يدخلنّها اليوم عليكم مسكينٌ (24) وغدوا على حردٍ قادرين}.
يقول تعالى ذكره: فتنادى هؤلاء القوم وهم أصحاب الجنّة. يقول: نادى بعضهم بعضًا {مصبحين} يقول: بعد أن أصبحوا). [جامع البيان: 23 / 175]

تفسير قوله تعالى: {أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ (22) }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({أن اغدوا على حرثكم} وذلك الزّرع {إن كنتم صارمين} يقول: إن كنتم حاصدي زرعكم). [جامع البيان: 23 / 175]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: أن {اغدوا على حرثكم} قال: «كان عنبا»). [الدر المنثور: 14 / 637]

تفسير قوله تعالى: {فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ (23) }
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال ابن عبّاسٍ: {يتخافتون} : «ينتجون السّرار والكلام الخفيّ»). [صحيح البخاري: 6 / 159]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال ابن عبّاسٍ يتخافتون ينتجون السّرار والكلام الخفيّ ثبت هذا لأبي ذرٍّ وحده هنا وثبت للباقين في كتاب التّوحيد). [فتح الباري: 8 / 661-662]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( وقال ابن عباس يتخافتون من قوله: {فانطلقوا وهم يتخافتون} أي (ينتجون) بفتح التحتية وسكون النون وفتح الفوقية بعدها جيم (السرار والكلام الخفي) وسقط هذا لغير أبي ذر). [إرشاد الساري: 7 / 398]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({فانطلقوا وهم يتخافتون} يقول: فمضوا إلى حرثهم وهم يتسارّون بينهم). [جامع البيان: 23 / 175]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {وهم يتخافتون} قال: «الإسرار والكلام الخفي».
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله: {وهم يتخافتون} قال: «يسرون بينهم أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين» {وغدوا على حرد قادرين} قال: «غدا القوم وهم محردون إلى جنتهم قادرون عليها في أنفسهم»). [الدر المنثور: 14 / 637-638]

تفسير قوله تعالى: {أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ (24) }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({أن لا يدخلنّها اليوم عليكم مسكينٌ} يقول: وهم يتسارّون يقول بعضهم لبعضٍ: لا يدخلنّ جنّتكم اليوم عليكم مسكينٌ.
- كما: حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فتنادوا مصبحين (21) أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين (22) فانطلقوا وهم يتخافتون}. يقول: «يسرّون ألاّ يدخلنّها اليوم عليكم مسكينٌ».
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، قال: «لمّا مات أبوهم غدوا عليها»، فقالوا: لا يدخلنّها اليوم عليكم مسكينٌ). [جامع البيان: 23 / 175-176]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم، قال: ثنا آدم، قال: ثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن مجاهدـ، في قوله: {أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين} قال: «اضمروا في أنفسهم أن لا يدخل عليهم مسكين»). [تفسير مجاهد: 2/ 688-689]

تفسير قوله تعالى: {وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ (25) }
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال قتادة: {حردٍ} : «جدٍّ في أنفسهم»). [صحيح البخاري: 6 / 159]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال قتادة: حردٍ جدٍّ في أنفسهم هو بكسر الجيم وتشديد الدّال الاجتهاد والمبالغة في الأمر قال بن التّين: وضبط في بعض الأصول بفتح الجيم قال عبد الرّزّاق: عن معمرٍ، عن قتادة: «كانت الجنّة لشيخٍ وكان يمسك قوته سنةً ويتصدّق بالفضل وكان بنوه ينهونه عن الصّدقة فلمّا مات أبوهم غدوا عليها فقالوا لا يدخلنّها اليوم عليكم مسكينٌ وغدوا على حردٍ قادرين يقول على جدٍّ من أمرهم» قال معمرٌ وقال الحسن: على فاقةٍ وأخرج سعيد بن منصورٍ بإسنادٍ صحيحٍ عن عكرمة قال: «هم ناسٌ من الحبشة كانت لأبيهم جنّةٌ فذكر نحوه إلى أن قال {وغدوا على حردٍ قادرين}» قال أمرٌ مجتمعٌ وقد قيل في {حردٍ} إنّها اسم الجنّة وقيل اسم قريتهم وحكى أبو عبيدة فيه أقوالًا أخرى القصد والمنع والغضب والحقد). [فتح الباري: 8 / 661]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال قتادة :«حرد جد في أنفسهم» ،وقال ابن عبّاس: {يتخافتون} «ينتجون السرار والكلام الخفي» ،وقال ابن عبّاس: «لضالون أضللنا مكان جنتنا»
أما قول قتادة فقال عبد الرّزّاق في تفسيره ثنا معمر، عن قتادة في قوله: {على حرد} قال: «على جد في أنفسهم»
وقال عبد ثنا يونس ،عن شيبان، عن قتادة: {وغدوا على حرد قادرين} قال: «غدا القوم وهم مجدون إلى جنتهم قادرون عليها في أنفسهم»). [تغليق التعليق: 4 / 346]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال قتادة حردٍ: «جدٍّ في أنفسهم»
أشار به قتادة إلى قوله تعالى: {وغدوا على جرد قادرين} وفسّر قوله: (جرد) بقوله: (جد) بكسر الجيم وتشديد الدّال وهو الاجتهاد، والمبالغة في الأمر، وقال ابن التّين: وضبط في بعض الأصول بفتح الجيم رواه عبد الرّزّاق في (تفسيره) عن معمر عن قتادة. وقال الثّعلبيّ: «على قدرة قادرين على أنفسهم»، وعن النّخعيّ ومجاهد وعكرمة على أمر مجمع قد أسسوه بينهم وعن سفيان على حنق وغضب، وعن أبي عبيدة على منع). [عمدة القاري: 19 / 255]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال قتادة حرد) بالجر ولأبي ذر بالرفع أي في قوله تعالى: {وغدوا على حرد قادرين} أي (جد) بكسر الجيم (في أنفسهم) وقيل الحرد الغضب والحنق وقيل: المنع من حاردت الإبل انقطع لبنها والسنة قلّ مطرها قاله أبو عبيدة وقادرين حال من فاعل غدوا وعلى حرد متعلق به). [إرشاد الساري: 7 / 398]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (واختلف أهل التّأويل في معنى الحرد في هذا الموضع، فقال بعضهم: معناه: على قدرةٍ في أنفسهم وجدٍّ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وغدوا على حردٍ قادرين}. قال: «ذو قدرةٍ».
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا حجّاجٌ، عمّن حدّثه عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {على حردٍ قادرين}. قال: «على جدٍّ قادرين في أنفسهم».
- قال: حدّثنا ابن عليّة، عن أبي رجاءٍ، عن الحسن، في قوله: {وغدوا على حردٍ قادرين}. قال: «على جهدٍ»، أو قال «على جدٍّ».
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وغدوا على حردٍ قادرين}: غدا القوم وهم محردون إلى جنّتهم، قادرون عليها في أنفسهم.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {وغدوا على حردٍ قادرين}. قال: «على جدٍّ من أمرهم».
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {على حردٍ قادرين}: على جدٍّ قادرين في أنفسهم.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: وغدوا على أمرٍ قد أجمعوا عليه بينهم، واسّسوه، وأسرّوه في أنفسهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن إبراهيم بن المهاجر، عن مجاهدٍ، {وغدوا على حردٍ قادرين}. قال: «كان حرثٌ لأبيهم، وكانوا إخوةً، فقالوا: لا نطعم مسكينًا منه حتّى نعلم ما يخرج منه {وغدوا على حردٍ قادرين}. على أمرٍ قد أسّسوه بينهم».
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى؛ وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {على حردٍ}. قال: «على أمرٍ مجمعٍ».
- حدّثنا هنّادٌ، قال: حدّثنا أبو الأحوص، عن سماكٍ، عن عكرمة: {وغدوا على حردٍ قادرين}. قال: «على أمرٍ مجمعٍ».
وقال آخرون: بل معنى ذلك: وغدوا على فاقةٍ وحاجةٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، قال: قال الحسن، في قوله: {وغدوا على حردٍ قادرين}. قال: «على فاقةٍ».
وقال آخرون: بل معنى ذلك: على حنقٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا مهران، عن سفيان: {وغدوا على حردٍ قادرين}. قال: «على حنقٍ».
وكأنّ سفيان ذهب في تأويله هذا إلى مثل قول الأشهب بن رميلة:
أسود شرًى لاقت أسود خفيّةٍ.......تساقوا على حردٍ دماء الأساود
يعني: على غضبٍ.
وكان بعض أهل المعرفة بكلام العرب من أهل البصرة يتأوّل ذلك: وغدوا على منعٍ.
ويوجّهه إلى أنّه من قولهم: حاردت السّنة إذا لم يكن فيها مطرٌ، وحاردت النّاقة إذا لم يكن لها لبنٌ، كما قال الشّاعر:
فإذا ما حاردت أو بكأت.......فتّ عن حاجب أخرى طينها.
وهذا قولٌ لا نعلم له قائلاً من متقدّمي العلم قاله وإن كان له وجهٌ، فإذا كان ذلك كذلك، وكان غير جائزٍ عندنا أن يتعدّى ما أجمعت عليه الحجّة، فما صحّ من الأقوال في ذلك إلاّ أحد الأقوال الّتي ذكرناها عن أهل العلم. وإذا كان ذلك كذلك، وكان المعروف من معنى (الحرد) في كلام العرب القصد من قولهم: قد حرد فلانٌ حرد فلانٍ: إذا قصد قصده؛ ومنه قول الرّاجز:
وجاء سيلٌ كان من أمر اللّه.......يحرد حرد الجنّة المغلّة
يعني: يقصد قصدها، صحّ أنّ الّذي هو أولى بتأويل الآية قول من قال: معنى قوله: {وغدوا على حردٍ قادرين} وغدوا على أمرٍ قد قصدوه واعتمدوه، واستسرّوه بينهم، قادرين عليه في أنفسهم). [جامع البيان: 23 / 176-179]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم، قال: ثنا آدم، قال: نا شيبان، عن قتادة {وغدوا على حرد قادرين} قال: «يعني على جد في أنفسهم»). [تفسير مجاهد: 689]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد عن قتادة قال:« كانت الجنة لشيخ من بني إسرائيل وكان يمسك قوت سنته ويتصدق بالفضل كان بنوه ينهونه عن الصدقة فلما مات أبوهم غدوا عليها فقالوا لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين {وغدوا على حرد قادرين} »يقول: على جد من أمرهم). [الدر المنثور: 14 / 634-635] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله: {وهم يتخافتون} قال: «يسرون بينهم أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين {وغدوا على حرد قادرين}» قال: «غدا القوم وهم محردون إلى جنتهم قادرون عليها في أنفسهم»). [الدر المنثور: 14 / 637-638] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {على حرد قادرين} يقول: «ذو قدرة».
وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد عن مجاهد قال: {وغدوا على حرد قادرين} قال: «غدوا على أمر قد قدروا عليه وأجمعوا عليه في أنفسهم أن لا يدخل عليهم مسكين».
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن عكرمة في قوله: {وغدوا على حرد} قال: «غيظ».
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في قوله: {وغدوا على حرد} يعني المساكين بجد). [الدر المنثور: 14 / 638]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (26) }
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وقال الحسن على فاقة {فلما رأوها قالوا إنا لضالون}). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 309]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وقال قتادة: «يقول أخطأنا الطريق ما هذه جنتنا» قال بعضهم بل نحن محرومون حورفنا حرمنا حتى راغبون). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 309]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال ابن عبّاسٍ: {لضالّون} : «أضللنا مكان جنّتنا»). [صحيح البخاري: 6 / 159]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال ابن عبّاس {إنّا لضالون} أضللنا مكان جنتنا وصله بن أبي حاتم من طريق بن جريج عن عطاء عن بن عبّاس في قوله: {قالوا إنّا لضالون} أضللنا مكان جنّتنا وقال عبد الرّزّاق: عن معمرٍ، عن قتادة أخطأنا الطّريق ما هذه جنّتنا تنبيهٌ زعم بعض الشّرّاح أنّ الصّواب في هذا أن يقال ضللنا بغير ألفٍ تقول ضللت الشّيء إذا جعلته في مكانٍ ثمّ لم تدر أين هو وأضللت الشّيء إذا ضيّعته انتهى والّذي وقع في الرّواية صحيح المعنى عملنا عمل من ضيّع ويحتمل أن يكون بضمّ أوّل أضللنا). [فتح الباري: 8 / 662]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وأما قول ابن عبّاس فقال ابن أبي حاتم: أنا علّي بن المبارك فيما كتب إليّ ثنا زيد بن المبارك، ثنا محمّد بن ثور، عن ابن جريج ،عن عطاء ،عن ابن عبّاس في قوله :{قالوا إنّا لضالون} أضللنا مكان جنتنا
وقال ...........). [تغليق التعليق: 4 / 346-347]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال ابن عبّاسٍ: {لضالّون}: أضللنا مكان جنّتنا
أي: قال ابن عبّاس، رضي الله تعالى عنهما، في قوله تعالى: {فلمّا رأوها قالوا إنّا لضالون} أي: أضللنا مكان جنتنا، رواه ابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن عطاء عنه، والضّمير في قوله: {فلمّا رأوها} يرجع إلى الجنّة في قوله: {إنّا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنّة} [القلم: 17] يعني: امتحنا واختبرنا أهل مكّة بالقحط والجوع (كما بلونا) أي: كما ابتلينا أصحاب الجنّة. قال ابن عبّاس: «بستان باليمن يقال له الضروان دون صنعاء بفرسخين وكانوا حلفوا أن لا يصرمن نخلها إلاّ في الظلمة قبل خروج النّاس من المساكن إليها، فأرسل الله عليها نارا من السّماء فأحرقتها وهم نائمون، فلمّا قاموا وأتوا إليها رأوها قالوا: إنّا لضالون وليست هذه جنتنا». قوله: (أضللنا) ، قال بعضهم: زعم بعض الشّرّاح أن الصّواب في هذا أن يقال: ضللنا، غير ألف. تقول: ضللت الشّيء إذا جعلته في مكن ثمّ لم تدر أين هو، وأضللت الشّيء إذا ضيعته. ثمّ قال: والّذي وقع في الرّواية صحيح المعنى. أي: عملنا عمل من ضيع، ويحتمل أن يكون بضم أول أضللنا. انتهى. قلت: أراد ببعض الشّرّاح الحافظ الدمياطي فإنّه قال هكذا والّذي قاله هو الصّواب لأن اللّغة تساعده، ولكن الّذي اختاره هذا القائل من الوجهين اللّذين ذكرهما بعيد جدا. أما الأول: فليس بمطابق لقول أهل الجنّة فإن عملهم لم يكن إلّا رواحهم إلى جنتهم فقط، وليس فيه عمل عمل من ضيع: وأما الثّاني: فبالاحتمال الّذي لا يقطع، ولكن يقال في تصويب الّذي وقع به الرّواية: أضللنا أنفسنا عن مكان جنتنا يعني: هذه ليست بجنتنا بل تهنا في طريقها). [عمدة القاري: 19 / 255-256]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال ابن عباس) فيما وصله ابن أبي حاتم (الضالون) أي (اضللنا مكان جنتنا) فتهنا عنها ثم لما رجعوا عما كانوا فيه وتيقنوا أنها هي قالوا بل نحن محرومون أي بل هي هذه ولكن لا حظ لنا ولا نصيب). [إرشاد الساري: 7 / 398]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فلمّا رأوها قالوا إنّا لضّالّون (26) بل نحن محرومون (27) قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبّحون}.
يقول تعالى ذكره: فلمّا صار هؤلاء القوم إلى جنّتهم، ورأوها محترقًا حرثها، أنكروها وشكّوا فيها، هل هي جنّتهم أم لا؟ فقال بعضهم لأصحابه ظنًّا منه أنّهم قد أغفلوا طريق جنّتهم، وأنّ الّتي رأوا غيرها: إنّا أيّها القوم لضالّون طريق جنّتنا، فقال من علم أنّها جنّتهم، وأنّهم لم يخطئوا الطّريق: بل نحن أيّها القوم محرومون، حرمنا منفعة جنّتنا بذهاب حرثها.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {فلمّا رأوها قالوا إنّا لضالّون} أي ضللنا الطّريق، {بل نحن محرومون}، بل جوزينا فحرمنا.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة {فلمّا رأوها قالوا إنّا لضالّون} يقول قتادة: «يقولون أخطأنا الطّريق ما هذه بجنّتنا»، فقال بعضهم: {بل نحن محرومون}: حرمنا جنّتنا). [جامع البيان: 23 / 179-180]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {قالوا إنا لضالون} قال: «أضللنا مكان جنتنا».
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة في قوله: {إنا لضالون} قال: «أخطأنا الطريق ما هذه جنتنا» وفي قوله: {بل نحن محرومون} قال: «بل حورفنا فحرمناها» وفي قوله: {قال أوسطهم} قال: «أعدل القوم وأحسن القوم فزعا وأحسنهم رجعة»). [الدر المنثور: 14 / 638-639]

تفسير قوله تعالى: {بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (27) }
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وقال أبو صخر عن القرظي أنه كان يقول في المحروم: الرجل صاحب الحرث بين الحروث يزرعون جميعا فيطعم بعضهم نفع زرعه ويحرمه الآخر، فعليهم أن يجبروه بينهم؛ فقال: {أفرأيتم ما تحرثون (63) أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون (64) لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون (65) إنا لمغرمون (66) بل نحن محرومون}، قال: {وغدوا على حردٍ قادرين (25) فلما رأوها قالوا إنا لضالون (26) بل نحن محرومون}، قال: جميع الناس كلهم يقولون: المحارف في التجارة). [الجامع في علوم القرآن: 2/ 75-76] (م)
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني محمد بن مسلم عن أيوب بن موسى عن محمد بن كعب القرظي قال: «المحروم الذي تصيبه الجائحة»؛ قال الله: {وغدوا على حردٍ قادرين (25) فلما رأوها قالوا إنا لضالون (26) بل نحن محرومون}، وقال: {فظلتم تفكهون (65) إنا لمغرمون (66) بل نحن محرومون}، قال: المحروم الذي تصيبه الجائحة). [الجامع في علوم القرآن: 2/ 103-104]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر: وقال قتادة :يقول أخطأنا الطريق ما هذه جنتنا قال بعضهم بل نحن محرومون حورفنا حرمنا حتى راغبون). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 309] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فلمّا رأوها قالوا إنّا لضّالّون (26) بل نحن محرومون (27) قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبّحون}.
يقول تعالى ذكره: فلمّا صار هؤلاء القوم إلى جنّتهم، ورأوها محترقًا حرثها، أنكروها وشكّوا فيها، هل هي جنّتهم أم لا؟ فقال بعضهم لأصحابه ظنًّا منه أنّهم قد أغفلوا طريق جنّتهم، وأنّ الّتي رأوا غيرها: إنّا أيّها القوم لضالّون طريق جنّتنا، فقال من علم أنّها جنّتهم، وأنّهم لم يخطئوا الطّريق: بل نحن أيّها القوم محرومون، حرمنا منفعة جنّتنا بذهاب حرثها.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {فلمّا رأوها قالوا إنّا لضالّون} أي ضللنا الطّريق، {بل نحن محرومون}، بل جوزينا فحرمنا.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة {فلمّا رأوها قالوا إنّا لضالّون} يقول قتادة: «يقولون أخطأنا الطّريق ما هذه بجنّتنا»، فقال بعضهم: {بل نحن محرومون}: حرمنا جنّتنا). [جامع البيان: 23 / 179-180] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة في قوله: {إنا لضالون} قال: «أخطأنا الطريق ما هذه جنتنا» وفي قوله: {بل نحن محرومون} قال:« بل حورفنا فحرمناها» وفي قوله: {قال أوسطهم} قال: «أعدل القوم وأحسن القوم فزعا وأحسنهم رجعة»). [الدر المنثور: 14 / 638-639] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {بل نحن محرومون} قال: «لما تبينوا وعرفوا معالم جنتهم قالوا {بل نحن محرومون} محارفون».
وأخرج ابن المنذر عن معمر قال: «قلنا لقتادة أمن أهل الجنة هم أم من أهل النار» قال: «لقد كلفتني تعبا»). [الدر المنثور: 14 / 639]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ (28) }
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، قال: «أوسطهم» قال: «هو أعدلهم وخيرهم»). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 310]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (وعن سعيدٍ في قوله عزّ وجلّ: {قال أوسطهم ألم أقل لكم} قال: «أعدلهم»). [جزء تفسير يحيى بن اليمان: 36][سعيد: هو ابن جبير]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قوله الله عز وجل: {قال أوسطهم} يقول: «أفضلهم وأعدلهم»). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 122]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {قال أوسطهم} يعني: «أعدلهم».
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال؛ حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {قال أوسطهم}. قال: «أعدلهم»، ويقال: قال «خيرهم»، وقال في البقرة: {وكذلك جعلناكم أمّةً وسطًا} قال: «الوسط: العدل».
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله {قال أوسطهم}. يقول: «أعدلهم».
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا الفرات بن خلاّدٍ، عن سفيان، عن إبراهيم بن مهاجرٍ، عن مجاهدٍ، {قال أوسطهم}: «أعدلهم».
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله {قال أوسطهم}. قال: «أعدلهم».
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن أشعث، عن جعفرٍ، عن سعيدٍ، {قال أوسطهم}. قال: «أعدلهم».
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {قال أوسطهم}. أي: أعدلهم قولاً، وكان أسرع القوم فزعًا، وأحسنهم رجعةً {ألم أقل لكم لولا تسبّحون}.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة {قال أوسطهم}. قال: «أعدلهم».
- حدّثت، عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {قال أوسطهم}. يقول: «أعدلهم».
وقوله: {ألم أقل لكم لولا تسبّحون}. يقول: «هلاّ تستثنون إذ قلتم: لنصرمنّها مصبحين، فتقولوا: إن شاء اللّه».
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن إبراهيم بن المهاجر، عن مجاهدٍ، {لولا تسبّحون}. قال: «بلغني أنّه الاستثناء».
- قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن مجاهدٍ {ألم أقل لكم لولا تسبّحون}. قال: «يقول: تستثنون، فكان التّسبيح فيهم الاستثناء»). [جامع البيان: 23 / 180-182]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة في قوله: {إنا لضالون} قال: «أخطأنا الطريق ما هذه جنتنا» وفي قوله: {بل نحن محرومون} قال: «بل حورفنا فحرمناها» وفي قوله: {قال أوسطهم} قال: «أعدل القوم وأحسن القوم فزعا وأحسنهم رجعة»). [الدر المنثور: 14 / 638-639] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في وقوله: {قال أوسطهم} قال: «أعدلهم».
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله: {قال أوسطهم} يعني أعدلهم وكل شيء في كتاب الله أوسط فهو أعدل.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {قال أوسطهم} قال: «أعدلهم».
وأخرج ابن أبي حاتم عن السري في قوله: {ألم أقل لكم لولا تسبحون} قال: «كان استثناؤهم في ذلك الزمان التسبيح».
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {لولا تسبحون} قال: «لولا تستثنون عند قولهم ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون عند ذلك وكان التسبيح استثناؤهم كما نقول نحن إن شاء الله»). [الدر المنثور: 14 / 639-640]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (29)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قالوا سبحان ربّنا إنّا كنّا ظالمين (29) فأقبل بعضهم على بعضٍ يتلاومون (30) قالوا يا ويلنا إنّا كنّا طاغين}.
يقول تعالى ذكره: قال أصحاب الجنّة: {سبحان ربّنا إنّا كنّا ظالمين} في تركنا الاستثناء في قسمنا وعزمنا على ترك إطعام المساكين من ثمر جنّتنا). [جامع البيان: 23 / 182]

تفسير قوله تعالى: {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ (30) }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {فأقبل بعضهم على بعضٍ يتلاومون}. يقول جلّ ثناؤه: فأقبل بعضهم على بعضٍ يلوم بعضهم بعضًا على تفريطهم فيما فرّطوا فيه من الاستثناء، وعزمهم على ما كانوا عليه من ترك إطعام المساكين من جنّتهم). [جامع البيان: 23 / 182]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ (31) }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {يا ويلنا إنّا كنّا طاغين} يقول: قال أصحاب الجنّة: يا ويلنا إنّا كنّا مبعدين: مخالفين أمر اللّه في تركنا الاستثناء والتّسبيح). [جامع البيان: 23 / 183]

تفسير قوله تعالى: {عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ (32) }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {عسى ربّنا أن يبدلنا خيرًا منها إنّا إلى ربّنا راغبون (32) كذلك العذاب ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون}.
يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل أصحاب الجنّة: عسى ربّنا أن يبدلنا خيرًا منها بتوبتنا من خطأ فعلنا الّذي سبق ما خيرًا من جنّتنا. {إنّا إلى ربّنا راغبون} يقول: إنّا إلى ربّنا راغبون في أن يبدلنا من جنّتنا إذ هلكت خيرًا منها). [جامع البيان: 23 / 183]

تفسير قوله تعالى: {كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (33) }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (قوله تعالى ذكره {كذلك العذاب}. يقول جلّ ثناؤه: كفعلنا بجنّة أصحاب الجنّة، إذ أصبحت كالصّريم بالّذي أرسلنا عليها من البلاء والآفة المفسدة، فعلنا بمن خالف أمرنا وكفر برسلنا في عاجل الدّنيا، {ولعذاب الآخرة أكبر}: يعني عقوبة الآخرة بمن عصى ربّه وكفر به، أكبر يوم القيامة من عقوبة الدّنيا وعذابها.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {كذلك العذاب ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون} يعني بذلك عذاب الدّنيا.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال اللّه: {كذلك العذاب}. أي: عقوبة الدّنيا {ولعذاب الآخرة}. أي: عقوبة الآخرة، {أكبر لو كانوا يعلمون}.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {كذلك العذاب}. قال: «عذاب الدّنيا»: هلاك أموالهم: أي عقوبة الدّنيا.
وقوله: {لو كانوا يعلمون}. يقول: لو كان هؤلاء المشركون يعلمون أنّ عقوبة اللّه لأهل الشّرك به أكبر من عقوبته لهم في الدّنيا، لارتدعوا وتابوا وأنابوا، ولكنّهم بذلك جهّالٌ لا يعلمون). [جامع البيان: 23 / 183-184]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة في قوله: {كذلك العذاب} قال: «عقوبة الدنيا» {ولعذاب الآخرة} قال: «عقوبة الآخرة» وفي قوله: {سلهم أيهم بذلك زعيم} قال: «أيهم كفيل بهذا الأمر»). [الدر المنثور: 14 / 640]


رد مع اقتباس