عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 20 ذو الحجة 1435هـ/14-10-2014م, 02:35 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

النهي عن القراءة بالألحان

حديث حذيفة مرفوعا: (اقرءوا القرآن بلحون العرب وأصواتها، وإياكم ولحون أهل الفسق وأهل الكتابين..)
قالَ أبو عُبيدٍ القاسمُ بن سلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224هـ): (وحدثني نعيم بن حماد، عن بقية بن الوليد، عن حصين بن مالك الفزاري، قال: سمعت شيخا، يكنى أبا محمد يحدث عن حذيفة بن اليمان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرءوا القرآن بلحون العرب وأصواتها، وإياكم ولحون أهل الفسق وأهل الكتابين، وسيجيء قوم من بعدي يرجعون بالقرآن ترجيع الغناء والرهبانية والنوح، لا يجاوز حناجرهم، مفتونة قلوبهم , وقلوب الذين يعجبهم شأنهم)).). [فضائل القرآن: ] (م)

قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت: 643هـ): (قال أبو عبيد: وحدثني نعيم بن حماد، عن بقية بن الوليد عن حصين بن مالك الفزاري، قال: سمعت شيخا يكنى أبا محمد، يحدث عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأوا القرآن بلحون العرب وأصواتها، وإياكم ولحون أهل الفسق وأهل الكتابين، وسيجيء قوم من بعدي يرجعون بالقرآن ترجيع الغناء والرهبانية والنوح، لا يجاوز حناجرهم، مفتونة قلوبهم وقلوب من يعجبهم شأنهم)).). [جمال القراء:1/95] (م)

حديث عابس الغفاري مرفوعا: (..وقوما يتخذون القرآن مزامير، يقدمون أحدهم، ليس بأفقههم ولا أفضلهم، إلا ليغنيهم به غناء)
قالَ أبو عُبيدٍ القاسمُ بن سلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224هـ): (حدثنا يزيد، عن شريك، عن أبي اليقظان عثمان بن عمير، عن زاذان أبي عمر، عن عليم، قال: كنا على سطح، ومعنا رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال يزيد: لا أعلمه إلا قال: عبس الغفاري فرأى الناس يخرجون في الطاعون، فقال: ما لهؤلاء؟
قالوا: يفرون من الطاعون.
فقال: يا طاعون، خذني.
فقالوا: أتتمنى الموت، وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يتمنين أحدكم الموت)) .؟!
فقال: «إني أبادر خصالا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخوفهن على أمته: ((بيع الحكم، والاستخفاف بالدم، وقطيعة الرحم، وقوما يتخذون القرآن مزامير، يقدمون أحدهم، ليس بأفقههم ولا أفضلهم، إلا ليغنيهم به غناء)). وذكر خلتين أخريين.
قال أبو عبيد: حدثنا يعقوب بن إبراهيم، عن ليث بن أبي سليم، عن عثمان بن عمير، عن زاذان، عن عابس الغفاري، عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل ذلك أو نحوه). [فضائل القرآن: ] (م)
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت: 643هـ): (وعن عابس الغفاري -ورأى الناس يفرون من الطاعون- فقال: يا طاعون خذني، فقيل له: تتمنى الموت وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يتمنين أحدكم الموت))! فقال: أبادر خصالا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخوفهن على أمته: ((بيع الحكم، والاستخفاف بالدم، وقطيعة الرحم، وقوما يتخذون القرآن مزامير، يقدمون أحدهم ليس بأفقههم ولا أفضلهم، إلا ليغنيهم به غناء)).). [جمال القراء:1/97] (م)

أثر عمر بن الخطاب قال: (تراجعوا ولا تلحنوا)
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ الخُرَاسَانِيُّ (ت:227هـ): (حدثنا حماد بن زيد , عن يزيد بن حازم , عن سليمان بن يسار قال : خرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه على قوم يقرأون القرآن ويتراجعون فيه , فقال :"ما هذا؟"فقالوا: نقرأ القرآن ونتراجع فيه. فقال: " تراجعوا ولا تلحنوا"). [لا عزو](م)
أثر أنس بن مالك في إنكاره ونهيه عن الألحان المحدثة
قالَ أبو عُبيدٍ القاسمُ بن سلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224هـ): (حدثنا يعقوب بن إبراهيم، عن الأعمش، عن رجل، عن أنس بن مالك: أنه سمع رجلا، يقرأ بهذه الألحان التي أحدث الناس، فأنكر ذلك، ونهى عنه). [فضائل القرآن: ](م)
قالَ أبو عُبيدٍ القاسمُ بن سلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224هـ): (حدثني يحيى بن سعيد، عن شعبة، قال: نهاني أيوب أن أحدث، بهذا الحديث: ((زينوا القرآن بأصواتكم)).
قال أبو عبيد: وإنما كره أيوب فيما نرى أن يتأول الناس بهذا الحديث الرخصة من رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الألحان المبتدعة، ولهذا نهاه أن يحدث به). [فضائل القرآن: ](م)
أثر عبيد بن عمير
قالَ أبو عُبيدٍ القاسمُ بن سلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224هـ): (حدثنا حجاج، عن ابن جريج، قال: قلت لعطاء: ما تقول في القراءة على الألحان؟
قال: «وما بأس ذلك؟ , سمعت عبيد بن عمير يقول: كان داود يفعل كذا وكذا , لشيء ذكره يريد أن يبكي بذلك ويبكي », وذكر شيئا كرهته.
قال أبو عبيد: وعلى هذا المعنى تحمل هذه الأحاديث التي ذكرناها في حسن الصوت، إنما هو طريق الحزن والتخويف والتشويق، يبين ذلك حديث أبي موسى: أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم استمعن قراءته، فأخبر بذلك، فقال: ((لو علمت لشوقت تشويقا، أو حبرت تحبيرا)).
فهذا وجهه, لا الألحان المطربة الملهية، وقد روي في ذلك أحاديث مفسرة مرفوعة وغير مرفوعة). [فضائل القرآن: ] (م)

أثر أبي الحارث المكفوف مع يزيد بن هارون
قالَ أبو عُبيدٍ القاسمُ بن سلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224هـ): (سمعت أبا الحارث المكفوف، يسأل يزيد بن هارون في التعبير، فقال: «بدعة وضلالة».
قال: ما تقول في قراءة الحزن؟.
قال: «فاذهب, فحزن نفسك في بيتك».
قال: ما تقول في قراءة الألحان؟.
قال: «بدعة».
قال: يا أبا خالد، يشتهيه الناس.
قال: «لك غيره» ). [فضائل القرآن: ] (م)
أقوال العلماء:
قال أبو بكر محمد بن الحسين الآجُرِّيُّ (360هـ) : (وأكره القراءة بالألحان والأصوات المعمولة المطرّبة، فإنّها مكروهةٌ عند كثيرٍ من العلماء، مثل: يزيد بن هارون، والأصمعيّ، وأحمد بن حنبل، وأبي عبيدٍ القاسم بن سلامٍ، وسفيان بن عيينة، وغير واحدٍ من العلماء رضى الله عنهم، يأمرون القارئ إذا قرأ أن يتحزّن، ويتباكى، ويخشع بقلبه.).[أخلاق حملة القرآن: --] (م)
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): ( وأما قول عبد الله بن المغفل: (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة الفتح يرجع) فلم يرد ترجيع الغناء. كيف وقد نهى عن ذلك صلى الله عليه وسلم فقال: ((اقرءوا القرآن بألحان العرب، وإياكم وألحان أهل الفسق وأهل الكتابين، فإنه سيجيء قوم من بعدي يرجعون بالقرآن ترجيع الغناء والرهبانية والنوح، لا يجاوز حناجرهم، مفتونة قلوبهم وقلوب من يعجبهم شأنهم)). ويجوز أن يكون الراوي أراد بقوله: (يرجع) أي يكرر الآية أو بعضها).[جمال القراء:2/525- 543] (م)
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت: 643هـ): (وكان عمر رضي الله عنه، إذا رأى أبا موسى قال: ذكرنا ربنا يا أبا موسى، فيقرأ عنده.

قال أبو عثمان النهدي: كان أبو موسى يصلي بنا، فلو قلت: إني لم أسمع صوت صنج ولا صوت بربط أحسن من صوته.
قال أبو عبيد: ومعنى ذلك إنما هو طريق الحزن والتخويف والتشويق، لا الألحان المطربة الملهية). [جمال القراء:1/97] (م)
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت: 643هـ): (قال شعبة: نهاني أيوب أن أحدث بهذا الحديث: ((زينوا القرآن بأصواتكم)) قال أبو عبيد: إنما كره أيوب فيما نرى، أن يتأول الناس بهذا الحديث الرخصة من رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الألحان المبتدعة). [جمال القراء:1/98] (م)
قال أبو زكريَّا يَحْيَى بْنُ شَرَفٍ النَّوَوِيُّ (ت: 676هـ): (وأما القراءة بالألحان فقد قال الشافعي رحمه الله في موضع: أكرهها، وقال في موضع: لا أكرهها.
قال أصحابنا: ليست على قولين بل فيه تفصيل؛ إن أفرط في التمطيط فجاوز الحد فهو الذي كرهه، وإن لم يجاوز فهو الذي لم يكرهه.
وقال أقضى القضاة الماوردي في كتابه "الحاوي": القراءة بالألحان الموضوعة إن أخرجت لفظ القرآن عن صيغته بإدخال حركات فيه أو إخراج حركات منه أو قصر ممدود أو مد مقصور أو تمطيط يخفي به بعض اللفظ، ويتلبس المعنى؛ فهو حرام، يفسق به القارئ، ويأثم به المستمع؛ لأنه عدل به عن نهجه القويم إلى الاعوجاج والله تعالى يقول:
{قرآنا عربيا غير ذي عوج}
، قال: وإن لم يخرجه اللحن عن لفظه وقراءته على ترتيله كان مباحاً؛ لأنه زاد على ألحانه في تحسينه هذا كلام أقضى القضاة.
وهذا القسم الأول من القراءة بالألحان المحرمة مصيبة ابتلي بها بعض الجهلة الطغام الغشمة الذين يقرؤون على الجنائز وبعض المحافل، وهذه بدعة محرمة ظاهرة، يأثم كل مستمع لها كما قاله أقضى القضاة الماوردي، ويأثم كل قادر على إزالتها أو على النهي عنها إذا لم يفعل ذلك، وقد بذلت فيها بعض قدرتي وأرجو من فضل الله الكريم أن يوفق لإزالتها من هو أهل لذلك وأن يجعله في عافية. ).
[التبيان في آداب حملة القرآن:111- 112] (م)
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (
وأما القراءة بالألحان فنص الشافعي في المختصر أنه لا بأس بها وعن رواية الربيع الجيزي أنها مكروهة .
قال الرافعي: قال الجمهور: ليست على قولين بل المكروه أن يفرط في المد وفي إشباع الحركات حتى يتولد من الفتحة ألف ومن الضمة واو ومن الكسرة ياء أو يدغم في غير موضع الإدغام فإن لم ينته إلى هذا الحد فلا كراهة.
قال في زوائد الروضة: والصحيح أن الإفراط على الوجه المذكور حرام يفسق به القارئ ويأثم المستمع لأنه عدل به عن نهجه القويم قال وهذا مراد الشافعي بالكراهة.
قلت: وفيه حديث:
((اقرؤوا القرآن بلحون العرب وأصواتها وإياكم ولحون أهل الكتابين وأهل الفسق فإنه سيجيء أقوام يرجعون بالقرآن ترجيع الغناء والرهبانية لا يجاوز حناجرهم مفتونة قلوبهم وقلوب من يعجبهم شأنهم)) أخرجه الطبراني والبيهقي). [الإتقان في علوم القرآن:2/657-727] (م)
قال محمد بن أحمد بن سالم السفاريني (ت: 1188هـ) : (
22- ................................. = وَمَنْ يَتْلُ آيَاتِ الْكِتَابِ الْمُمَجَّدِ:
23- مُلَحَّنَةً فِي كُرْهِهِ الْقَاضِي اتَّبِعْ = وَفَصَّلَ قَوْمٌ فِيْهِ تَفْصِيْلَ مُرْشِدِ:
24- إِذَا حَرَكَاتُ اللَّفْظِ بُدِّلْنَ أَحْرُفًا = بِاشْبَاعِهِ: حَرِّمْ لِذَاكَ وَشَدِّدِ
25- فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا: فَلاَ بَأْسَ، قَدْ تَلاَ = الرَّسُولُ بِتَرْجِيْعٍ وَصَوْتٍ لَهُ نَدِيْ


مطلب فِي تِلَاوَةِ آيَاتِ الكِتَابِ المَجِيدِ مُلَحَّنَةً
(وَمَنْ يَتْلُ آيَاتِ الكِتَابِ) المَجِيدِ (المُمَجَّدِ) حَالَ كَوْنِهَا مُلَحَّنَةً فِي كُرْهِهِ القَاضِي اتَّبِعْ وَفَصَّلَ قَوْمٌ فِيهِ تَفْصِيلَ مُرْشَدِ (مُلَحَّنَةً) بِأَنْ يُرَاعَى فِيهَا الالحَانُ وَقَانُونُ المُوسِيقَى (فِي كُرْهِهِ) أَيْ فِي كَرَاهَةِ هَذِهِ التِّلَاوَةِ (القَاضِي أَبَا يَعْلَى بْنَ الفَرَّاءِ (اتَّبِعْ) قَالَ فِي الفُرُوعِ: وَكَرِهَ الإِمَامُ أَحْمَدُ قِرَاءَةَ الالحَانِ وَقَالَ بِدْعَةٌ لَا يُسْمَعُ كُلُّ شَيْءٍ مُحْدَثٍ لَا يُعْجِبُنِي إلَّا أَنْ يَكُونَ طَبْعَ الرَّجُلِ كَأَبِي مُوسَى . وَنَقَلَ عَنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ أَوْ يُحْسِنُهُ بِلَا تَكَلُّفٍ(وَفَصَّلَ قَوْمٌ فِيهِ) أَيْ فِي ذَلِكَ يَعْنِي قِرَاءَةَ الالحَانِ (تَفْصِيلَ) شَخْصٍ (مُرْشَدِ) اسْمُ مَفْعُولٍ أَيْ مُوَفَّقٍ لِلرُّشْدِ وَالتَّسْدِيدِ , أَوْ اسْمُ فَاعِلٍ أَيْ مُرْشِدٍ لِغَيْرِهِ فَقَالُوا: إذَا حَرَكَاتُ اللَّفْظِ بُدِّلْنَ أَحْرُفًا بِإِشْبَاعِهِ حَرِّمْ لِذَاكَ وَشَدِّدْ (إذَا حَرَكَاتُ اللَّفْظِ) فِي القِرَاءَةِ (بُدِّلْنَ أَحْرُفًا) بِأَنْ تَوَلَّدَ مِنْ الفَتْحَةِ أَلِفًا وَمِنْ الضَّمَّةِ وَاوًا وَمِنْ الكَسْرَةِ يَاءً (بَ) سَبَبِ (إشْبَاعِهِ) أَيْ إشْبَاعِ اللَّفْظِ القَارِئِ (حَرِّمْ) أَيْ اعْتَقِدْ حُرْمَتَهُ (لِ) أَجْلِ (ذَاكَ) أَيْ إبْدَالِ الحَرَكَاتِ حُرُوفًا (وَشَدِّدْ) فِي النَّهْيِ عَنْهُ وَالتَّحْرِيمِ لِأَنَّهُ زِيَادَةُ أَحْرُفٍ فِي القُرْآنِ العَظِيمِ . قَالَ فِي الفُرُوعِ: قَالَ جَمَاعَةٌ: إنْ غَيَّرْت يَعْنِي قِرَاءَةَ الالحَانِ النَّظْمَ حَرُمَتْ فِي الأَصَحِّ , وَإِلَّا فَوَجْهَانِ فِي الكَرَاهَةِ .
وَفِي الوَسِيلَةِ يَحْرُمُ نَصَّ عَلَيْهِ وَعَنْهُ يُكْرَهُ , وَقِيلَ لَا وَلَمْ يُفَرِّقْ . قَالَ فِي الإِقْنَاعِ: وَكَرِهَ الإِمَامُ أَحْمَدُ قِرَاءَةَ الالحَانِ وَقَالَ هِيَ بِدْعَةٌ , فَإِنْ حَصَلَ مَعَهَا تَغْيِيرُ نَظْمِ القُرْآنِ وَجَعْلُ الحَرَكَاتِ حُرُوفًا حَرُمَ . وَقَالَ الشَّيْخُ: التَّلْحِينُ الَّذِي يُشْبِهُ الغِنَاءَ مَكْرُوهٌ وَلَا يُكْرَهُ التَّرْجِيعُ وَتَحْسِينُ القِرَاءَةِ . قَالَ فِي الشَّرْحِ: بَلْ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه " مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ كَإِذْنِهِ لِنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بِالقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ , وَيَأْتِي فِي آدَابِ قِرَاءَةِ القُرْآنِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا فَلَا بَأْسَ قَدْ تَلَا الرَّسُولُ بِتَرْجِيعٍ وَصَوْتٍ لَهُ ندي(فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا) أَيْ تَغْيِيرُ نَظْمِ القُرْآنِ وَجَعْلُ الحَرَكَاتِ حُرُوفًا بِأَنْ خَلَا عَنْ ذَلِكَ (فَلَا بَأْسَ) أَيْ لَا حَرَجَ وَلَا حُرْمَةَ , وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ كَمَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الإِقْنَاعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ النَّاظِمِ لَا كَرَاهَةَ خِلَافًا لِلْقَاضِي , وَمِنْ ثَمَّ قَالَ (قَدْ تَلَا الرَّسُولُ) الأَمْجَدُ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم (بِتَرْجِيعٍ) أَيْ تَرْدِيدٍ (وَصَوْتٍ لَهُ) أَيْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (ندي) بِكَسْرِ الدَّالِ وَإِسْكَانِ اليَاءِ لِضَرُورَةِ الوَزْنِ أَيْ حَسَنٍ وَرَطْبٍ فَلَا كَرَاهَةَ مَعَ ثُبُوتِ ذَلِكَ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم , وَلِأَنَّهُ سَبَبُ الرِّقَّةِ وَإِثَارَةِ الخَشْيَةِ وَإِقْبَالِ النُّفُوسِ عَلَى اسْتِمَاعِ القُرْآنِ العَظِيمِ .
قَالَ الإِمَامُ ابْنُ القَيِّمِ فِي الفَتَاوَى الطَّرَابُلْسِيَّةِ: وَنُقِلَ عَنْهُ فِي تَسْهِيلِ السَّبِيلِ فِي بَابِ تَحْرِيمِ تَلْحِينِ القُرْآنِ وَالتَّغَنِّي بِهِ: لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الأَحَادِيثِ , يَعْنِي فِي النَّهْيِ عَنْ التَّلْحِينِ وَالتَّغَنِّي بِهِ , بَلْ وَرَدَ خِلَافُ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحِ , وَهُوَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الفَتْحِ وَهُوَ يَقْرَأُ سُورَةَ الفَتْحِ وَيُرْجِعُ فِيهَا قَالَ الرَّاوِي وَالتَّرْجِيعُ (آآآ) قُلْت وَالحَدِيثُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ رضي الله عنه قَالَ . رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ عَلَى نَاقَتِهِ يَقْرَأُ سُورَةَ الفَتْحِ فَرَجَعَ فِي قِرَاءَتِهِ " . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ " لَقَدْ أُوتِيت مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ " وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ " لَقَدْ رَأَيْتنِي وَأَنَا أَسْمَعُ لِقِرَاءَتِك البَارِحَةَ " وَأَقُولُ: أَمَّا تَحْسِينُ الصَّوْتِ بِالقِرَاءَةِ فَقَدْ أَجْمَعَ العُلَمَاءُ رضي الله عنهم مِنْ السَّلَفِ وَالخَلَفِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ عُلَمَاءِ الأَمْصَارِ وَأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ عَلَى اسْتِحْبَابِ تَحْسِينِ الصَّوْتِ بِالقُرْآنِ , وَأَقْوَالُهُمْ وَأَفْعَالُهُمْ مَشْهُورَةٌ بِذَلِكَ فِي غَايَةِ الشُّهْرَةِ , وَدَلَائِلُ هَذَا مِنْ الأَحَادِيثِ كَثِيرَةٌ جِدًّا كَحَدِيثِ " زَيِّنُوا القُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ " وَحَدِيثُ " لَقَدْ أُوتِيَ هَذَا مِزْمَارًا " وَحَدِيثُ " مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ يَتَغَنَّى بِالقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ " رَوَاهُ الشَّيْخَانِ . وَمَعْنَى أَذِنَ اسْتَمَعَ كَمَا يَأْتِي بِأَبْسَطَ مِنْ هَذَا فِي آدَابِ القُرْآنِ , وَحَدِيثِ " لَلَّهُ أَشَدُّ أَذَنًا إلَى الرَّجُلِ الحَسَنِ الصَّوْتِ بِالقُرْآنِ مِنْ صَاحِبِ القَيْنَةِ إلَى قَيْنَتِهِ " رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ , وَحَدِيثِ " مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالقُرْآنِ فَلَيْسَ مِنَّا " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ . قَالَ جُمْهُورُ العُلَمَاءِ: مَعْنَى مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالقُرْآنِ أَيْ مَنْ لَمْ يُحَسِّنْ صَوْتَهُ بِهِ . وَعَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ قَالَ عُبَيْدُ بْنُ أَبِي يَزِيدَ: مَرَّ بِنَا أَبُو لُبَابَةَ فَأَتْبَعْنَاهُ حَتَّى دَخَلَ بَيْتَهُ فَدَخَلْنَاهُ عَلَيْهِ , فَإِذَا رَجُلٌ رَثُّ الهَيْئَةِ يَقُولُ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ " لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالقُرْآنِ " قَالَ فَقُلْت لِابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَرَأَيْت إنْ لَمْ يَكُنْ حَسَنَ الصَّوْتِ؟ قَالَ يُحَسِّنُهُ مَا اسْتَطَاعَ . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ . وَالمَرْفُوعُ مِنْهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ البَرَاءِ رضي الله عنه قَالَ " سَمِعْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ بِالعِشَاءِ بِالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ فَمَا سَمِعْت أَحَدًا أَحْسَنَ صَوْتًا مِنْهُ " . فَالعُلَمَاءُ مُتَّفِقُونَ عَلَى اسْتِحْبَابِ تَحْسِينِ الصَّوْتِ بِالقِرَاءَةِ وَتَرْتِيلِهَا مَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ حَدِّ القِرَاءَةِ بِالتَّمْطِيطِ فَإِنْ أَفْرَطَ حَتَّى زَادَ حَرْفًا أَوْ أَخْفَاهُ حَرُمَ .
وَأَمَّا القِرَاءَةُ بِالالحَانِ فَهِيَ مَحَلُّ الخِلَافِ حَيْثُ خَلَتْ عَنْ التَّمْطِيطِ وَإِبْدَالِ الحَرَكَاتِ حُرُوفًا . فَالمَذْهَبُ الكَرَاهَةُ تَنْزِيهًا . وَظَاهِرُ كَلَامِ النَّاظِمِ عَدَمُ الكَرَاهَةِ . وَقَدْ يُقَالُ التَّمْطِيطُ المُتَكَلَّفُ المُشْتَمِلُ عَلَى التَّعَسُّفِ وَالتَّشَدُّقِ وتلوق الفَمِ مَكْرُوهٌ وَإِنْ لَمْ يَتَوَلَّدْ مِنْهُ حُرُوفٌ لِإِخْرَاجِ القِرَاءَةِ عَنْ العَادَةِ المُسْتَمِرَّةِ وَالقَانُونِ العَرَبِيِّ إلَى التَّعَوُّجِ وَالتَّشَدُّقِ . وَقَدْ قَالَ تَعَالَى (قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ) وَمَتَى خَلَتْ عَنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ فَلَا كَرَاهَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ مِنْ ذَلِكَ وَمَذْهَبُ الحَنَفِيَّةِ عَدَمُ الكَرَاهَةِ . وَظَاهِرُ كَلَامِ النَّوَوِيِّ فِي (التِّبْيَانِ) عَدَمُ الكَرَاهَةِ حَيْثُ لَا تَمْطِيطَ يَتَوَلَّدُ مِنْهُ حُرُوفٌ لِأَنَّهُ قَالَ إنْ لَمْ يُخْرِجْهُ اللَّحْنُ عَنْ لَفْظِهِ وَقَرَأَهُ عَلَى تَرْتِيلِهِ كَانَ أَيْ التَّلْحِينُ مُبَاحًا . وَقَالَ قَبْلَ هَذَا: وَأَمَّا القُرْآنُ بِالالحَانِ فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي مَوَاضِعَ أَكْرَهُهَا , وَقَالَ فِي مَوَاضِعَ لَا أَكْرَهُهَا . قَالَ أَصْحَابُنَا: لَيْسَتْ عَلَى قَوْلَيْنِ بَلْ فِيهِ تَفْصِيلٌ , فَإِنَّ أَفْرَطَ فِي التَّمْطِيطِ فَجَاوَزَ الحَدَّ فَهُوَ الَّذِي كَرِهَهُ وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ فَهُوَ الَّذِي لَمْ يَكْرَهْهُ . ثُمَّ نُقِلَ عَنْ صَاحِبِ الحَاوِي مِنْهُمْ أَنَّهُ قَالَ: القِرَاءَةُ بِالالحَانِ المَوْضُوعَةِ إنْ أَخْرَجَتْ لَفْظَ القُرْآنِ عَنْ صِيغَتِهِ بِإِدْخَالِ حَرَكَاتٍ فِيهِ أَوْ إخْرَاجِ حَرَكَاتٍ عَنْهُ أَوْ قَصَرَ مَمْدُودًا أَوْ مَدَّ مَقْصُورًا , وَتَمْطِيطٍ يَخْفَى بِهِ بَعْضُ اللَّفْظِ وَيَلْتَبِسُ المَعْنَى فَهُوَ حَرَامٌ يَفْسُقُ بِهِ القَارِئُ وَيَأْثَمُ بِهِ المُسْتَمِعُ , لِأَنَّهُ عَدَلَ بِهِ عَنْ نَهْجِهِ القَوِيمِ إلَى الِاعْوِجَاجِ وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ (قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ) قَالَ وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهُ اللَّحْنُ عَنْ لَفْظِهِ وَقَرَأَهُ عَلَى تَرْتِيلِهِ كَانَ مُبَاحًا كَمَا مَرَّ , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ). [غذاء الألباب: 174-180]


رد مع اقتباس