عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 16 جمادى الأولى 1434هـ/27-03-2013م, 09:29 AM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {تنزيل الكتاب من اللّه العزيز الحكيم (1) إنّا أنزلنا إليك الكتاب بالحقّ فاعبد اللّه مخلصا لّه الدّين (2) ألا للّه الدّين الخالص والّذين اتّخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلاّ ليقرّبونا إلى اللّه زلفى إنّ اللّه يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون}.
يقول تعالى ذكره: {تنزيل الكتاب} الّذي نزّلناه عليك يا محمّد {من اللّه العزيز} في انتقامه من أعدائه {الحكيم} في تدبيره خلقه، لا من غيره، فلا تكوننّ في شكٍّ من ذلك؛
ورفع قوله: {تنزيل} بقوله: {من اللّه} وتأويل الكلام: من اللّه العزيز الحكيم تنزيل الكتاب وجائزٌ رفعه بإضمار هذا، كما قيل: {سورةٌ أنزلناها} غير أنّ الرّفع في قوله: {تنزيل الكتاب} بما بعده أحسن من رفع سورةٌ بما بعدها، لأنّ تنزيل وإن كان فعلاً، فإنّه إلى المعرفة أقرب، إذ كان مضافًا إلى معرفةٍ، فحسنٌ رفعه بما بعده، وليس ذلك بالحسن في سورةٌ، لأنّه نكرةٌ). [جامع البيان: 20/154]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (2) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {إنّا أنزلنا إليك الكتاب بالحقّ} يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّا أنزلنا إليك يا محمّد الكتاب، يعني بالكتاب: القرآن {بالحقّ} يعني بالعدل؛ يقول: أنزلنا إليك هذا القرآن يأمر بالحقّ والعدل، ومن ذلك الحقّ والعدل أن تعبد اللّه مخلصًا له الدّين، لأنّ الدّين له لا للأوثان الّتي لا تملك ضرًّا ولا نفعًا.
وبنحو الّذي قلنا في معنى قوله: {الكتاب} قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {إنّا أنزلنا إليك الكتاب بالحقّ} يعني: القرآن.
وقوله: {فاعبد اللّه مخلصًا له الدّين} يقول تعالى ذكره: فاخشع للّه يا محمّد بالطّاعة، وأخلص له الألوهة، وأفرده بالعبادة، ولا تجعل له في عبادتك إيّاه شريكًا، كما فعله عبدة الأوثان.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يعقوب، عن حفصٍ، عن شمرٍ، قال: يؤتى بالرّجل يوم القيامة للحساب وفي صحيفته أمثال الجبال من الحسنات، فيقول ربّ العزّة جلّ وعزّ: صلّيت يوم كذا وكذا، ليقال: صلّى فلانٌ أنا اللّه لا إله إلاّ أنا، لي الدّين الخالص صمت يوم كذا وكذا، ليقال: صام فلانٌ أنا اللّه لا إله إلاّ أنا لي الدّين الخالص، تصدّقت يوم كذا وكذا، ليقال: تصدّق فلانٌ أنا اللّه لا إله إلاّ أنا لي الدّين الخالص؛ فما يزال يمحو شيئًا بعد شيءٍ حتّى تبقى صحيفته ما فيها شيءٌ، فيقول ملكاه: يا فلان، ألغير اللّه كنت تعمل.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، أما قوله: {مخلصًا له الدّين} فالتّوحيد.
و{الدّين} منصوبٌ بوقوع {مخلصًا} عليه). [جامع البيان: 20/154-155]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 1 - 4.
أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق} يعني القرآن {فاعبد الله مخلصا له الدين (2) ألا لله الدين الخالص} قال: شهادة أن لا إله إلا الله {والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} قال: ما نعبد هذه الآلهة إلا ليشفعوا لنا عند الله تعالى). [الدر المنثور: 12/632]

تفسير قوله تعالى: (أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله ألا لله الدين الخالص قال شهادة أن لا إله إلا الله). [تفسير عبد الرزاق: 2/171]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى إلا ليقربونا إلى الله زلفى قال إلا ليشفعوا لنا إلى الله). [تفسير عبد الرزاق: 2/171]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {ألا للّه الدّين الخالص} يقول تعالى ذكره: ألا للّه العبادة والطّاعة وحده لا شريك له، خالصةً لا شرك لأحدٍ معه فيها، فلا ينبغي ذلك لأحدٍ؛ لأنّ كلّها دونه وملكه، وعلى المملوك طاعة مالكه، لا من لا يملك منه شيئًا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {ألا للّه الدّين الخالص} شهادة أنّ لا إله إلاّ اللّه.
وقوله: {والّذين اتّخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلاّ ليقرّبونا إلى اللّه زلفى} يقول تعالى ذكره: والّذين اتّخذوا من دون اللّه أولياء يتولّونهم، ويعبدونهم من دون اللّه، يقولون لهم: ما نعبدكم أيّها الآلهة إلاّ لتقرّبونا إلى اللّه زلفى، قربةً ومنزلةً، وتشفعوا لنا عنده في حاجاتنا.
وهي فيما ذكر في قراءة أبيٍّ: (ما نعبدكم)، وفي قراءة عبد اللّه: (قالوا ما نعبدهم)، وإنّما حسنٌ ذلك لأنّ الحكاية إذا كانت بالقول مضمرًا كان أو ظاهرًا، جعل الغائب أحيانًا كالمخاطب، ويترك أخرى كالغائب، وقد بيّنت ذلك في موضعه فيما مضى.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: هي في قراءة عبد اللّه: قالوا ما نعبدهم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {ما نعبدهم إلاّ ليقرّبونا إلى اللّه زلفى} قال: قريشٌ تقوله للأوثان، ومن قبلهم يقوله للملائكة ولعيسى ابن مريم ولعزيرٍ.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {والّذين اتّخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلاّ ليقرّبونا إلى اللّه زلفى} قالوا: ما نعبد هؤلاء إلاّ ليشفعوا لنا عند اللّه.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في قوله: {ما نعبدهم إلاّ ليقرّبونا إلى اللّه زلفى} قال: هي منزلةٌ.
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثنا معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {والّذين اتّخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلاّ ليقرّبونا إلى اللّه زلفى} وقوله: {ولو شاء اللّه ما أشركوا} يقول سبحانه: لو شئت لجمعتهم على الهدى أجمعين.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {ما نعبدهم إلاّ ليقرّبونا إلى اللّه زلفى} قال: قالوا هم شفعاؤنا عند اللّه، وهم الّذين يقرّبوننا إلى اللّه زلفى يوم القيامة للأوثان، والزّلفى: القرب.
وقوله: {إنّ اللّه يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون} يقول تعالى ذكره: إنّ اللّه يفصل بين هؤلاء الأحزاب الّذين اتّخذوا في الدّنيا من دون اللّه أولياء يوم القيامة، فيما هم فيه يختلفون في الدّنيا من عبادتهم ما كانوا يعبدون فيها، بأن يصليهم جميعًا جهنّم، إلاّ من أخلص الدّين للّه، فوحّده، ولم يشرك به شيئًا). [جامع البيان: 20/156-158]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ اللّه لا يهدي من هو كاذبٌ كفّارٌ (3) لو أراد اللّه أن يتّخذ ولدًا لاصطفى ممّا يخلق ما يشاء سبحانه هو اللّه الواحد القهّار}.
يقول تعالى ذكره: {إنّ اللّه لا يهدي} إلى الحقّ ودينه الإسلام، والإقرار بوحدانيّته، فيوفّقه له {من هو كاذبٌ} مفترٍ على اللّه، يتقوّل عليه الباطل، ويضيف إليه ما ليس من صفته، ويزعم أنّ له ولدًا افتراءً عليه، كفّارٌ لنعمه، جحودٌ لربوبيّته). [جامع البيان: 20/158]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى قال هذا قول قريش تقوله للأوثان ومن قبلهم يقولونه للملائكة ولعيسى ولعزير). [تفسير مجاهد: 555]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 1 - 4.
أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق} يعني القرآن {فاعبد الله مخلصا له الدين (2) ألا لله الدين الخالص} قال: شهادة أن لا إله إلا الله {والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} قال: ما نعبد هذه الآلهة إلا ليشفعوا لنا عند الله تعالى). [الدر المنثور: 12/632]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن يزيد الرقاشي رضي الله عنه، أن رجلا قال: يا رسول الله إنا نعطي أموالنا التماس الذكر فهل لنا في ذلك من أجر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ط. قال: يا رسول الله إنما نعطي أموالنا التماس الأجر والذكر فهل لنا أجر . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن الله لا يقبل إلا من أخلص له، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {ألا لله الدين الخالص} ). [الدر المنثور: 12/632-633]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير من طريق جويبر عن ابن عباس رضي الله عنهما {والذين اتخذوا من دونه أولياء} قال: أنزلت في ثلاثة أحياء، عامر وكنانة وبني سلمة، كانوا يعبدون الأوثان ويقولون الملائكة بناته، فقالوا {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} ). [الدر المنثور: 12/633]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} قال: قريش يقولون للأوثان ومن قبلهم يقولونه للملائكة ولعيسى بن مريم ولعزيز). [الدر المنثور: 12/633]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور عن مجاهد رضي الله عنه قال كان عبد الله رضي الله عنه يقرأ {والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} ). [الدر المنثور: 12/633]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أنه كان يقرأها قالوا ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى). [الدر المنثور: 12/633]

تفسير قوله تعالى: (لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (4) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {لو أراد اللّه أن يتّخذ ولدًا} يقول تعالى ذكره: لو شاء اللّه اتّخاذ ولدٍ - ولا ينبغي له ذلك – {لاصطفى ممّا يخلق ما يشاء} يقول: لاختار من خلقه ما يشاء.
وقوله: {سبحانه هو اللّه الواحد القهّار} يقول: تنزيهًا للّه عن أن يكون له ولدٌ، وعمّا أضاف إليه المشركون به من شركهم {هو اللّه} يقول: هو الّذي يعبده كلّ شيءٍ، ولو كان له ولدٌ لم يكن له عبدًا، يقول: فالأشياء كلّها له ملكٌ، فأنّى يكون له ولدٌ، وهو الواحد الّذي لا شريك له في ملكه وسلطانه، والقهار لخلقه بقدرته، فكلّ شيءٍ له متذلّلٌ، ومن سطوته خاشعٌ). [جامع البيان: 20/159]