عرض مشاركة واحدة
  #24  
قديم 15 محرم 1439هـ/5-10-2017م, 09:37 AM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

كيف كان جمع القرآن في عهد أبي بكر رضي الله عنه؟

قال عبد العزيز بن داخل المطيري: ( كيف كان جمع القرآن في عهد أبي بكر رضي الله عنه؟
دَلَّت الآثار المروية في هذا الباب على أنَّ الذي تولَّى هذا الأمر زيد بن ثابت رضي الله عنه، وأنه كان القائم الأوَّل بأمر الكتابة والجمع بتكليف من أبي بكر رضي الله عنه؛ لكنَّه لم يكن وحده في ذلك الأمر، بل شاركه جماعة من قرّاء الصحابة رضي الله عنهم، فكان تنظيم العمل فيه متقناً، وتعاون قُرَّاءِ الصحابة في جمعه تعاوناً حسناً تحصل الطمأنينة بحجيته وكفايته.

ومن تلك الدلائل:
1- أنَّ الكاتب زيد بن ثابت وهو ممن جمع القرآن حفظاً في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وقد عُرف بذكائه وحفظه وفقهه.
2- وأن أبا بكر كلَّف زيداً وعمر بن الخطاب بالقعود عند باب المسجد، وأمر من كان عنده شيء من القرآن مكتوباً أن يأتي به، وأن يقيم شاهدين على صِحَّةِ ما كتب.
3- وأنَّهم حصّلوا من مجموع ما نَسَخَه الصحابةُ رضي الله عنهم مفرَّقاً نُسْخَةً تامة من القرآن بشهادة رجلين على الأقل في كلِّ آية، مع حفظ الحفاظ منهم للقرآن في صدورهم، وتصديقهم لصحة ما كُتب.
4- وأنَّ أبيَّ بن كعب رضي الله عنه وجماعة من قراء الصحابة كانوا يراجعون المكتوب، ويعرضونه على حفظهم.
5- وأن الصحابة لم يقع بينهم خلاف في جمعهم هذا، وإجماعهم حجّة قاطعة بصواب ما كتبوه.
فهذا الأوجه مما يحصل بها الطمأنينة بصحة ذلك الجمع، وتقوم الحجة به.

ومن الآثار المروية في هذا الباب:
1. ما رواه الزهري عن عبيد بن السباق عن زيد بن ثابت أنه قال: (فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف، وصدور الرجال، حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع أحد غيره، {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم} حتى خاتمة براءة). رواه البخاري في صحيحه.
2. وقال ابن وهب: أخبرني ابن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: لما استحر القتل بالقراء يومئذ فَرَق أبو بكر على القرآن أن يضيعَ فقال لعمر بن الخطاب ولزيد بن ثابت: «اقعدوا على باب المسجد فمن جاءَكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه». رواه ابن أبي داوود في كتاب المصاحف.
3. وقال أبو جعفر الرازي: حدثنا الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب، أنهم جمعوا القرآن في مصاحف في خلافة أبي بكر، فكان رجال يكتبون ويملي عليهم أبي بن كعب، فلما انتهوا إلى هذه الآية من سورة براءة: {ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون}؛ فظنوا أن هذا آخر ما أنزل من القرآن، فقال لهم أبي بن كعب: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأني بعدها آيتين: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم} إلى {وهو رب العرش العظيم}). رواه عبد الله بن الإمام أحمد في مسند أبيه وابن أبي داوود في كتاب المصاحف والضياء في المختارة.
4. وقال ابن شهاب الزهري: (لما أصيب المسلمون باليمامة فزع أبو بكر وخاف أن يهلك من القراء طائفة فأقبل الناس بما كان معهم وعندهم حتى جمع على عهد أبي بكر في الورق فكان أبو بكر أول من جمع القرآن في الصحف). رواه موسى بن عقبة في مغازيه كما ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في فتح الباري.


وهذه الآثار تدلّ دلالة بيّنة على
أنَّ أبا بكر رضي الله عنه قد احتاط في جمع المصحف احتياطاً كبيراً؛ واجتهد في التوثّق من جمعه ومراجعته، وأنَّ زيد بن ثابت رضي الله عنه لم يتفرّد بمراجعة هذا الجمع، بل شاركه فيه بعض قراء الصحابة ومنهم أبيّ بن كعب؛ كما دلّ على ذلك قصة أبي خزيمة الأنصاري رضي الله عنه). [جمع القرآن:73 - 76]


رد مع اقتباس