عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 12 ذو القعدة 1439هـ/24-07-2018م, 06:39 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آَثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ (91)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {قالوا تالله لقد آثرك الله علينا} الآية، هذا منهم استنزال ليوسف، وإقرار بالذنب في ضمنه استغفار منه، و"آثرك" لفظ يعم جميع التفضيل وأنواع العطايا، والأصل فيها همزتان وخففت الثانية، ولا يجوز تحقيقها، والمصدر إيثار.
وخاطئين: من خطئ يخطأ، وهو المتعمد للخطأ، والمخطئ: من أخطأ وهو الذي قصد الصواب فلم يوفق إليه، ومن ذلك قول الشاعر -وهو أمية بن الأسكر -:
وإن مهاجرين تكنفاه ... غداة غد لقد خطئا وخابا). [المحرر الوجيز: 5/145]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: {لا تثريب عليكم} عفو جميل، وقال عكرمة: "أوحى الله إلى يوسف:
[المحرر الوجيز: 5/145]
بعفوك عن إخوتك رفعت لك ذكرك". وفي الحديث أن أبا سفيان بن الحارث، وعبد الله بن أبي أمية لما وردا مهاجرين على رسول الله صلى الله عليه وسلم أعرض عنهما لقبح فعلهما معه قبل، فشق ذلك عليهما وأتيا أبا بكر فكلفاه الشفاعة، فأبى، وأتيا عمر رضي الله عنه فكذلك، فذهب أبو سفيان بن الحارث إلى ابن عمه علي رضي الله عنه، وذهب عبد الله إلى أخته أم سلمة، فقال علي رضي الله عنه: الرأي أن تلقيا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحفل فتصيحان به: "تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين"، فإنه لا يرضى أن يكون دون أحد من الأنبياء، فلا بد لذلك أن يقول: "لا تثريب عليكما"، ففعلا ذلك، فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تثريب عليكم الآية.
والتثريب: اللوم والعقوبة وما جرى معهما من سوء معتقد ونحوه، وقد عبر بعض الناس عن التثريب بالتعيير، ومنه قول النبي عليه الصلاة والسلام: "إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها ولا يثرب"، أي: لا يعير، أخرجه الشيخان في الحدود.
ووقف بعض القرأة: "عليكم"، وابتدأ: اليوم يغفر الله لكم، ووقف أكثرهم: "اليوم"، وابتدأ: يغفر الله لكم على جهة الدعاء، وهو تأويل ابن إسحاق والطبري، وهو الصحيح، و"اليوم" ظرف، وعلى هذا فالعامل فيه ما يتعلق به "عليكم"، تقديره: لا تثريب ثابت أو مستقر عليكم اليوم. وهذا الوقف أرجح في المعنى، لأن الآخر فيه حكم على مغفرة الله، اللهم إلا أن يكون ذلك بوحي). [المحرر الوجيز: 5/146]

تفسير قوله تعالى: {اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (93)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا وأتوني بأهلكم أجمعين ولما فصلت العير قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم}
[المحرر الوجيز: 5/146]
حكمه -بعد الأمر بإلقاء القميص على وجه أبيه- بأن أباه يأتي بصيرا ويزول عماه - دليل على أن هذا كله بوحي وإعلام من الله تبارك وتعالى، قال النقاش: وروي أن هذا القميص كان لإبراهيم كساه الله إياه حين خرج من النار، وكان من ثياب الجنة، وكان بعد لإسحاق، ثم ليعقوب، ثم كان دفعه ليوسف فكان عنده في حفاظ من فضة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا كله يحتاج إلى سند، والظاهر أنه قميص يوسف الذي هو منه بمنزلة قميص كل أحد، وهكذا تبين الغرابة في أن وجد ريحه من بعد، ولو كان من قمص الجنة لما كان في ذلك غرابة ولوجده كل أحد.
وأما "أهلهم" فروي أنهم كانوا ثمانين نسمة، وقيل: ستة وسبعين نفسا بين رجال ونساء، وفي هذا العدد دخلوا مصر ثم خرج منها أعقابهم مع موسى في ستمائة ألف، وذكر الطبري عن السدي أنه لما كشف أمره لإخوته سألهم عن أبيهم: ما حاله؟ فقالوا: ذهب بصره من البكاء، فحينئذ قال لهم: اذهبوا بقميصي الآية). [المحرر الوجيز: 5/147]

رد مع اقتباس