عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 6 محرم 1432هـ/12-12-2010م, 06:30 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 7 إلى 22]

{لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آَيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ (7) إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (8) اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ (9) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (10) قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ (11) أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (12) قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ (13) قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ (14) فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (15) وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ (16) قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ (17) وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (18) وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (19) وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (20) وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (21) وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (22)}

تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آَيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ (7)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {آياتٌ للسّائلين} أي مواعظ لمن سأل). [تفسير غريب القرآن: 212]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسّائلين}
{آيات للسّائلين} وقرئت آية. ومعناه عبرة، وقد رويت في غير هذا المصحف عبرة للسائلين، وهذا معنى الآية.
ويجوز أن تكون " آية " بصيرا للسائلين الذين سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فأنبأهم بقصة يوسف.
وهو عنها غافل لم يقرأ كتابا ولم يأته إلا من جهة الوحي جوابا لهم: حين سألوا). [معاني القرآن: 3/93-92]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين}
قيل بصيرة
وقيل أي عبرة
وروي أنها في بعض المصاحف عبرة للسائلين). [معاني القرآن: 3/399]

تفسير قوله تعالى: {إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (8)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ونحن عصبةٌ...}
والعصبة: عشرة فما زاد). [معاني القرآن: 2/36]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ونحن عصبةٌ} أي جماعة. يقال: العصبة من العشرة إلى الأربعين). [تفسير غريب القرآن: 212]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {إذ قالوا ليوسف وأخوه أحبّ إلى أبينا منّا ونحن عصبة إنّ أبانا لفي ضلال مبين}
أي: إنّ أبانا قدّم اثنين صغيرين في المحبّة علينا، ونحن عصبة، أي جماعة نفعنا أكثر من نفع هذين.
{إنّ أبانا لفي ضلال مبين} هذا موضع ينبغي أن يتفهّم، إنما عنوا أن أباهم ضالّ في محبّة هذين ولو وصفوه بالضلالة في الدين كانوا كفارا.
والعصبة في كلام العرب العشيرة ونحوهم). [معاني القرآن: 3/93]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة} أي جماعة
وقال بعض أهل اللغة العصبة العشرة إلى الأربعين
ثم قال جل وعز: {إن أبانا لفي ضلال مبين} أي ضل في محبة يوسف لا في دينه). [معاني القرآن: 3/399]

تفسير قوله تعالى: {اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ (9)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أو اطرحوه أرضاً يخل لكم وجه أبيكم...}
جواب للأمر ولا يصلح الرفع في (يخل) لأنه لا ضمير فيه. ولو قلت: أعرني ثوباً ألبس لجاز الرفع والجزم لأنك تريد: ألبسه فتكون رفعاً من صلة النكرة.
والجزم على أن تجعله شرطاً). [معاني القرآن: 2/36]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضاً يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوماً صالحين}
وقال: {أو اطرحوه أرضاً يخل لكم} وليس الأرض ههنا بظرف. ولكن حذف منها "في" ثم أعمل فيها الفعل كما تقول "توجّهت مكّة"). [معاني القرآن: 2/50]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {يخل لكم وجه أبيكم} أي يفرغ لكم من الشغل بيوسف.
{وتكونوا من بعده} أي من بعد إهلاكه {قوماً صالحين} أي تائبين). [تفسير غريب القرآن: 212]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين}
{وتكونوا من بعده قوما صالحين} أي تتوبون من بعد قتله.
وقوله: {أو اطرحوه أرضا} معناه - والله أعلم - أرضا يبعد بها عن أبيه لأنّه لن يخلو من أن يكون في أرض.
قوله: {يخل لكم وجه أبيكم} يدل على أنّهم تآمروا في أن يطرحوه في أرض لا يقدر عليه فيها أبوه و(أرضا) منصوب على إسقاط (في) وإفضاء الفعل إليها.
لأن (أرضا) ليست من الظروف المبهمة). [معاني القرآن: 3/93]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا}
فيه حذف والمعنى أو اطرحوه أرضا يبعد فيها عن أبيكم
ودل على هذا الحذف يخل لكم وجه أبيكم أي يفرغ لكم وتكونوا من بعده أي تكونوا من بعد إهلاكه قوما صالحين أي تائبين). [معاني القرآن: 3/400-399]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يخل لكم} أي يفرغ لكم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 111]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (10)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قوله: {وألقوه في غيابة الجبّ...} واحدة.
وقد قرأ أهل الحجاز (غيابات) على الجمع {يلتقطه بعض السّيّارة} قرأه العامّة بالياء لأن (بعض) ذكر وإن أضيف إلى تأنيث.
وقد قرأ الحسن- فيما ذكر عنه -ب: ذكروا (تلتقطه) بالتاء وذلك أنه ذهب إلى السّيارة والعرب إذا أضافت المذكّر إلى المؤنّث وهو فعل له أو هو بعض له قالوا فيه بالتأنيث والتذكير.
وأنشدونا:

على قبضة موجوءة ظهر كفّه = فلا المرء مستحي ولا هو طاعم
ذهب إلى الكفّ وألغى الظهر لأن الكف يجزيء من الظهر فكأنه قال: موجوءة كفّه
وأنشدني العكلي أبو ثروان:
أرى مرّ السنين أخذن مني =كما أخذ السّرار من الهلال
وقال ابن مقبل:
قد صرّح السير عن كتمان وابتذلت = وقع المحاجن بالمهريّة الذقن
أراد: وابتذلت المحاجن وألغى الوقع.
وأنشدني الكسائيّ:
إذا مات منهم سيّد قام سيّد = فدانت له أهل القرى والكنائس
ومنه قول الأعشى:
وتشرق بالقول الذي قد أذعته =كما شرقت صدر القناة من الدّم
وأنشدني يونس البصريّ:
لمّا أتى خبر الزبير تهدّمت =سور المدينة والجبال الخشّع
وإنما جاز هذا كلّه لأن الثاني يكفى من الأوّل؛ ألا ترى أنه لو قال: تلتقطه السيّارة لجاز وكفى من (بعض) ولا يجوز أن يقول: قد ضربتني غلام جاريتك؛ لأنك لو ألقيت الغلام لم تدلّ الجارية على معناه). [معاني القرآن: 2/37-36]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {في غيابة الجبّ} مجازها: أن كل شيء (غيّب عنك شيئاً) فهو غيابة، قال المنخّل بن سبيع العنبريّ:
فإن أنا يوماً غيّبتني غيابتي= فسيروا مسيري في العشيرة والأهل
والجب: الركيّة التي لم تطو،
قال الأعشى:
لئن كنت في جبّ ثمانين قامةً= ورقّيت أسباب السماء بسلّم).
[مجاز القرآن: 1/302]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {غيابت الجب}: الجب الركبة التي لم تطو. وكل شيء غيب عنك شيئا فهو غيابه). [غريب القرآن وتفسيره: 180]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابت الجبّ يلتقطه بعض السّيّارة إن كنتم فاعلين}
الغيابة كل ما غاب أو غيب عنك شيئا،
قال المنخل:
وإن أنا يوما غيبتني منيّتي= فسيري بسيري في العشيرة والأصل
والجب البئر التي ليست بمطويّة، وسمّيت جبّا من أنها قطعت قطعا.
ولم يحدث فيها غير القطع، من طيّ وما أشبهه.
ورووا أن اسم الذي أشار عليهم بألّا يقتلوه يهوذا، وكان من أشدهم.
{يلتقطه بعض السّيّارة}.
هذا أكثر القراءة - بالياء - وقرأ الحسن تلتقطه بالتاء، وأجاز ذلك جميع النحويين، وزعموا أن ذلك إنما جاز لأن بعض السيارة سيّارة، فكأنّه قال: تلتقطه سيّارة بعض السّيّارة.
وأنشدوا:
وتشرق بالقول الذي قد أذعته= كما شرقت صدر القناة من الدم).
[معاني القرآن: 3/94-93]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابة الجب}
الغيابة عند أهل اللغة كل ما غيب عنك والجب البئر التي ليس بمطوية
ويروى أن الجب ههنا بئر بيت المقدس وهي من جبيت أي قطعت كأنها قطعت ولم يحدث فيها شيء بعد القطع
قال الضحاك الذي قال لهم لا تقتلوا يوسف هو الذي قال فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي وهو أكبرهم وقال غيره هو يهوذا وكان أشدهم). [معاني القرآن: 3/400]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {غَيَابَةِ الْجُبِّ}: أسفل ما غاب عنك البئر الذي لا يطوى). [العمدة في غريب القرآن: 159]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ (11)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لا تأمنّا...}
تشير إلى الرفعة، وإن تركت فصواب، كلٌّ قد قرئ به؛ وقد قرأ يحيى بن وثّاب: (تيمنّا) ). [معاني القرآن: 2/38]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {قالوا يا أبانا ما لك لا تأمنّا على يوسف وإنّا له لناصحون}
{ما لك لا تأمنّا على يوسف}.
قرئت على أربعة أوجه، على إشمام الميم الضّمّ - تأمننا، وعلى الإدغام وترك الإشمام، (تأمنّا)، وقرئت (تأمننا) بنونين وضمة بينهما.
وقرأ يحيى ابن وثّاب تيمنّا.
وقراءة يحيى تخالف المصحف، وهي في العربية جائزة بكسر التاء في كل ما ماضيه على فعل نحو أمن - يا هذا - والإدغام لأن الحرفين من جنس واحد
والإشمام يدل على الضّمّة المحذوفة، وترك الإشمام جيّد، لأن الميم مفتوحة فلا تغيّر، والإظهار في " تأمننا " جيّد، لأن النونين من كلمتين). [معاني القرآن: 3/95-94]

تفسير قوله تعالى: {أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (12)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {يرتع ويلعب...}
من سكّن العين أخذه من القيد والرّتعة وهو يفعل حينئذ ومن قال (يرتع ويلعب) فهو يفتعل من رعيت، فأسقط الياء للجزم). [معاني القرآن: 2/38]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {نرتع ونلعب} أي ننعم ونلهو وقال في المثل: (القيد والرّتعة) وقرأها قوم يرتع أي غبلنا، ونرتع نحن إبلنا) [مجاز القرآن: 1/303]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {نرتع}: نلهو). [غريب القرآن وتفسيره: 180]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {يرتع} بتسكين العين: يأكل. يقال: رتعت الإبل، إذا رعت. وأرتعتها: إذا تركتها ترعى.[تفسير غريب القرآن: 212]
ومن قرأ: (نرتع) بكسر العين - أراد: نتحارس ويرعى بعضنا بعضا، أي: يحفظ. ومنه يقال: رعاك اللّه، أي حفظك). [تفسير غريب القرآن: 213]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله - عزّ وجلّ -: {أرسله معنا غدا يرتع ويلعب وإنّا له لحافظون}
{غدا يرتع ويلعب} بالياء، وقرئت (نرتع ونلعب) بالنون، وقرئت يرتع ويلعب - بضم الياء - وقرئت نرتع ونلعب. فجزم هذه القراءات. كلّها على جواب الأمر.
المعنى أرسله إن ترسله يرتع، وكذلك يرتع، وكذلك يرتع ويلعب - بكسر العين -.
وكسر العين من الرعي، المعنى يرتعي ويلعب، كأنهم قالوا يرعى ماشيته ويلعب، فيجتمع النفع والسرور، ويرتع من الرتعة، أي يتسع في الخصب، وكل مخصب فهو راتع). [معاني القرآن: 3/95]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {أرسله معنا غدا نرتع ونلعب}
روى حجاج عن ابن جريج عن مجاهد وورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال أي نتحافظ ونتكالأ
وزاد ابن أبي نجيح في روايته ونتحارس
قال هارون سألت أبا عمرو بن العلاء رحمه الله كيف قالوا ونلعب وهم أنبياء فقال لم يكونوا يومئذ أنبياء
ومن قرأ يرتع ويلعب بالياء فمعناه عندي يرعى الإبل يقال رعى وارتعى بمعنى واحد وهذه قراءة أهل المدينة
وروي عن مجاهد نرتع بالنون وكسر التاء يقال ارتع صاحبه وإبله فرتعت أي أقامت في المرتع والله أعلم بما أراد
وقرأ أهل الكوفة يرتع ويلعب بإسكان العين ومعناه يتسع في الخصب ويأكل ويقال رتعت الإبل إذا رعت كيف شاءت وكذا غيرها وأرعيتها تركتها ترعى ويقال فلان راتع أي مخصب ومنه:
ترتع ما غفلت حتى إذ ادكرت = فإنما هي إقبال وإدبار
وكذا معنى نرتع بفتح النون وإسكان العين وهي قراءة أبي عمرو وأهل مكة
وروى سعيد عن قتادة قال نرتع ننشط ونلهو وهو كمعنى الأول
وأما حجة أبي عمرو أنهم لم يكونوا يومئذ أنبياء فلا يحتاج إلى ذلك لأنه ليس باللعب الصاد عن ذكر الله جل وعز
وقال النبي صلى الله عليه وسلم ألا بكرا تلاعبها وتلاعبك). [معاني القرآن: 3/402-401]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {نرتع} من أسكن العين أراد: نأكل، ومن كسر العين فمعناه يحرس بعضنا بعضا، ومنه رعاك الله: أي حفظك الله).[تفسير المشكل من غريب القرآن: 111]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {نرْتَعْ}: نلهوا). [العمدة في غريب القرآن: 159]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ (13)}

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ (14)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {قالوا لئن أكله الذّئب ونحن عصبةٌ إنّا إذا لّخاسرون}
وقال: {ونحن عصبةٌ} و"العصبة" و"العصابة" جماعة ليس لها واحد كـ"القوم" و"الرّهط"). [معاني القرآن: 2/50]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ونحن عصبة} أي جماعة. ويقال: العصبة: من العشرة إلى الأربعين). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 112]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (15)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( و{الجبّ}: الرّكيّة التي لم تطو بالحجارة. فإذا طويت: فليست بجبّ). [تفسير غريب القرآن: 213]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (و(واو النّسق) قد تزاد حتى يكون الكلام كأنه لا جواب له، كقوله:
{حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا} والمعنى: قال لهم خزنتها.
وقوله: {فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ} ). [تأويل مشكل القرآن: 253-252] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فلمّا ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابت الجبّ وأوحينا إليه لتنبّئنّهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون}
{وأجمعوا أن يجعلوه في غيابت الجبّ}.
وقرئت غيابات الجبّ، وقد فسرنا الجبّ.
وجاء في التفسير أنها بئر بيت المقدس.
{وأوحينا إليه لتنبّئنّهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون}.
هذا جائز أن يكون من صلة لتنبّئنّهم وهم لا يشعرون.
وجائز أن يكون من صلة " وأوحينا " المعنى: وأوحينا إليه وهم لا يشعرون - أي أنبأناه بالوحي وهم لا يشعرون أنه نبيّ قد أوحي إليه). [معاني القرآن: 3/95]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وأوحينا إليه لتنبئهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون}
يجوز أن يكون المعنى وأوحينا إليه في الجب وهم لا يشعرون بذلك الوحي هذا قول قتادة
ويجوز أن يكون المعنى لتخبرنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون). [معاني القرآن: 3/403-402]

تفسير قوله تعالى: {وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ (16)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وجاءوا أباهم عشاء يبكون}
{عشاء} منصوب على الظرف.
{إنا ذهبنا نستبق} وقيل ننتضل). [معاني القرآن: 3/95]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ (17)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وما أنت بمؤمنٍ لنا} أي بمصدق ولا مقرّ لنا أنه صدق). [مجاز القرآن: 1/303]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {وما أنت بمؤمن}: بمصدق). [غريب القرآن وتفسيره: 181]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {إنّا ذهبنا نستبق} أي ننتضل، يسابق بعضنا بعضا في الرمي. يقال: سابقته فسبقته سبقا.
والخطر هو: السّبق بفتح الباء.{وما أنت بمؤمنٍ لنا} أي بمصدّق لنا). [تفسير غريب القرآن: 213]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قالوا يا أبانا إنّا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذّئب وما أنت بمؤمن لنا ولو كنّا صادقين}
{فأكله الذّئب وما أنت بمؤمن لنا} أي بمصدّق لنا.
{ولو كنّا صادقين} ليس يريدون أنّ يعقوب - عليه السلام - لا يصدّق من يعلم أنه صادق، هذا محال، لا يوصف الأنبياء بذلك، ولكن المعنى: لو كنا عندك من أهل الثقة والصدق لاتهمتنا في يوسف لمحبّتك إيّاه، وظننت أنا قد كذبناك). [معاني القرآن: 3/96]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل ذكره: {قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق} أي ننتضل
والمعنى نستبق في الرمي
وقوله جل وعز: {وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين} أي قد اتهمتنا ووقع بقلبك أنا لا نصدق فأنت لا تصدقنا). [معاني القرآن: 3/403]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {بمؤمن لنا} أي بمصدق). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 112]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {بِمُؤْمِنٍ لِّنَا}: بمصدق لنا). [العمدة في غريب القرآن: 159]

تفسير قوله تعالى: {وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (18)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وجاءوا على قميصه بدمٍ كذبٍ...}
معناه: مكذوب: والعرب تقول للكذب. مكذوب وللضعف: مضعوف، وليس له عقد رأى ومعقود رأىٍ؛ فيجعلون المصدر في كثير من الكلام مفعولاً. ويقولون: هذا أمر ليس له معني يريدون معنىً، ويقولون للجلد: مجلود؛
قال الشاعر:
* إن أخا المجلود من صبرا *
وقال الآخر:
حتّى إذا لم يتركوا لعظامه=لحماً ولا لفؤاده معقولا

وقال أبو ثروان: إنّ بني نمير ليس لحدّهم مكذوبة ومعنى قوله {بدمٍ كذبٍ} أنهم قالوا ليعقوب: أكله الذئب. وقد غمسوا قميصه في دم جدي. فقال: لقد كان هذا الذئب رفيقاً بابني، مزّق جلده ولم يمزق ثيابه.
قال: وقالوا: اللصوص قتلوه، قال: فلم تركوا قميصه! وإنما يريدون الثياب. فلذلك قيل (بدمٍ كذبٍ) ويجوز في العربيّة أن تقول: جاءوا على قميصه بدم كذباً؛ كما تقول: جاءوا بأمرٍ باطل وباطلا، وحق وحقاً.
وقوله: {فصبرٌ جميلٌ} مثل قوله: {فصيام ثلاثة أيّامٍ} {فإمساكٌ بمعروفٍ} ولو كان: فصبرا جميلاً يكون كالآمر لنفسه بالصبر لجاز. وهي في قراءة أبيّ (فصبرا جميلاً) كذلك على النصب بالألف). [معاني القرآن: 2/39-38]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {سوّلت لكم أنفسكم} أي زّينت وحسّنت، وتابعتكم على ذلك.
{فصبرٌ جميلٌ} مرفوعان لأن جميل صفة للصبر ولو كان الصبر وحده لنصبوه كقولك: صبراً، لأنه في موضع: اصبر، وغذا وصفوه رفعوه واستغنوا عن موضع: اصبر،
قال الراجز:
يشكو إلىّ جملى طول السّرى= صبرٌ جميلٌ فكلانا مبتلى
[مجاز القرآن: 1/303]
قال أبو الحسن الأثرم: سمعت من ينشد: صبراً جميل أرد نداء يا جميل). [مجاز القرآن: 1/304]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وجاءوا على قميصه بدمٍ كذبٍ قال بل سوّلت لكم أنفسكم أمراً فصبرٌ جميلٌ واللّه المستعان على ما تصفون}
وقال: {بدمٍ كذبٍ} فجعل "الدّم" "كذباً" لأنه كذب فيه كما تقول "الليلة الهلال" فترفع وكما قال: {فما ربحت تّجارتهم} ). [معاني القرآن: 2/50]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {سولت لكم}: زينت). [غريب القرآن وتفسيره: 181]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وجاءوا على قميصه بدمٍ كذبٍ} أي مكذوب به.
{قال بل سوّلت} أي زينت. وكذلك «سور لهم الشيطان أعمالهم» أي زيّنها). [تفسير غريب القرآن: 213]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وجاءوا على قميصه بدم كذب قال بل سوّلت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل واللّه المستعان على ما تصفون}
يروى أنهم - رحمة " اللّه عليهم - لمّا طرحوا يوسف عليه السلام في الجبّ أخذوا قميصه وذبحوا جديا فلطخوا القميص بدم الجدي.
وقيل سخلة.
والمعنى واحد، فلما رأى يعقوب - صلى الله عليه وسلم - القميص قال: كذبتم، لو أكله الذئب لخرق قميصه.
وقيل إنه قال إن كان هذا الذئب لحليما، أشفق على القميص فلم يمزقه، وأكل ابني فالدّم دم كذب، أي ذو كذب، والمعنى دم مكذوب
{قال بل سوّلت لكم أنفسكم أمرا} أي بل زيّنت أنفسكم أمرا في قصة يوسف
{فصبر جميل} معناه صبر لا جزع فيه ولا شكوى إلى النّاس.
وصبر جميل مرفوع على ضربين:
المعنى فشأني صبر جميل، والذي أعتقده صبر جميل، ويجوز أن يكون على " فصبري صبر جميل "
وهذا لفظ قطرب: فصبري صبر جميل.
والأول مذهب الخليل وجميع أصحابه.
ويجوز في غير القرآن فصبرا جميلا.
وأنشدوا في الرفع:
شكا إليّ جملي طول السّرى= يا جملي ليس إليّ المشتكى
صبر جميل فكلانا مبتلى وصبرا جميلا منصوب على مثل {فاصبر صبرا جميلا} ). [معاني القرآن: 3/97-96]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وجاءوا على قميصه بدم كذب}
روى إسرائيل عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال كان دم سخلة
وروى سفيان عن سمأل عن عكرمة عن ابن عباس قال لما نظر إليه قال كذبتم لو أكله الذئب لخرق القميص
وقال الحسن لما نظر إلى الدم ولم ير في القميص شقا ولا خرقا قال ما عهد بالذئب حليما
والمعنى بدم ذي كذب أي مكذوب فيه
ثم قال جل وعز: {بل سولت لكم أنفسكم أمرا} أي زينت
ثم قال جل وعز: {فصبر جميل} ويروى أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الصبر الجميل فقال هو الذي لا شكوى معه
والمعنى عند أهل النظر الذي لا شكوى معه بغير رضى بقضاء الله فإذا كانت الشكوى إلى الله جل وعز كما قال: {إني مسني الضر} و:{إنما أشكو بثي وحزني إلى الله}
أو كانت برضى فصاحبها صابر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في علته بل أنا وارأساه). [معاني القرآن: 3/405-403]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {سَوَّلَتْ}: زينت). [العمدة في غريب القرآن: 159]

تفسير قوله تعالى: {وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (19)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {يا بشرى هذا غلامٌ...}
و{يا بشراي} بنصب الياء، وهي لغة في بعض قيس. وهذيلٌ: يا بشريّ. كل ألف أضافها المتكلم إلى نفسه جعلتها ياء مشدّدة.
أنشدني القاسم بن معن:
تركوا هويّ وأعنقوا لهواهم = ففقدتهم ولكل جنب مصرع
وقال لي بعض بني سليم: آتيك بموليّ فإنه أروى منّي. قال:
أنشدني المفضّل:

يطوّف بي عكبّ في معدّ =ويطعن بالصملّة في قفيّا
فإن لم تثأروا لي من عكبّ =فلا أرويتما أبداً صديّا
ومن قرأ (يا بشرى) بالسكون فهو كقولك: يا بني لا تفعل، يكون مفرداً في معنى الإضافة. والعرب تقول: يا نفس اصبري ويا نفس اصبري وهو يعني نفسه في الوجهين و(يا بشراي) في موضع نصب. ومن قال: يا بشريّ فأضاف وغيّر الألف إلى الياء فإنه طلب الكسرة التي تلزم ما قبل الياء من المتكلّم في كل حال؛ ألا أنك تقول: هذا غلامي فتخفض الميم في كل جهات الإعراب فحطّوها إذا أضيفت إلى المتكلّم ولم يحطّوها عند غير الياء في قولك: هذا غلامك وغلامه؛ لأن (يا بشرى) من البشارة والإعراب يتبيّن عند كل مكنّي إلاّ عند الياء.
وقوله: {وأسرّوه بضاعةً} ذلك أن الساقي الذي التقطه قال للذين كانوا معه: إن سألكم أصحابكم عن هذا الغلام فقولوا: أبضعناه أهل الماء لنبيعه بمصر). [معاني القرآن: 2/39-40]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وجاءت سيّارةٌ فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه قال يا بشرى هذا غلامٌ وأسرّوه بضاعةً واللّه عليمٌ بما يعملون}
وقال: {وجاءت سيّارةٌ فأرسلوا واردهم} فذكّر بعدما أنّث لأنّ "السيّارة" في المعنى للرجال). [معاني القرآن: 2/50]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وجاءت سيّارةٌ}: قوم يسيرون.
{فأرسلوا واردهم} أي وارد الماء ليستقي لهم.
{فأدلى دلوه} أي أرسلها. يقال: أدلى دلوه، إذا أرسلها للاستقاء.
ودلى يدلو: إذا جذبها ليخرجها.
{قال يا بشرى هذا غلامٌ} وذلك: أن يوسف تعلّق بالحبل حين أدلاه، أي أرسله.
{وأسرّوه} أي أسرّوا في أنفسهم أنه بضاعة وتجارة). [تفسير غريب القرآن: 214]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وجاءت سيّارة فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه قال يا بشرى هذا غلام وأسرّوه بضاعة واللّه عليم بما يعملون}
الوارد الذي يرد الماء ليسقي للقوم.
{فأدلى دلوه}.
يقال: أدليت الدلو إذا أرسلتها لتملأها، ودلوتها إذا أخرجتها.
{قال يا بشراي}.
بألف وياء مفتوحة، وقرئت يا بشريّ، وقد فسرناها في قوله: {فمن تبع هداي}، وتفسيرها أن ياء الإضافة تغيّر ما قبلها ولا يبين معها الإعراب،
فإذا كان قبلها ألف فالاختيار ألّا تغير الألف، وبعض العرب يبدل الألف معها ياء، فيكون بدلها بمنزلة تغيير الحروف قبلها.
وقرئت: {يا بشرى هذا غلام}، بغير ياء.
ومعنى النداء في هذه الأشياء التي لا تجيب ولا تعقل إنما هو على تنبيه المخاطبين، وتوكيد القصة.
إذا قلت يا عجباه فكأنك قلت: اعجبوا ويا أيها العجب هذا من حينك.
وكذلك إذا قال يا بشراي فكأنّه قال: أبشروا، وكأنه قال يا أيتها البشرى هذا من إبّانك وأوانك.
وقوله - عزّ وجلّ -: {وأسرّوه بضاعة}.
لمّا وجدوه أحبوا أن لا يعلم بأنه موجود، وأن يوهموا أنه بضاعة دفعها إليهم أهل الماء، وبضاعة منصوب على الحال،
كأنّه قال: وأسروه جاعليه بضاعة). [معاني القرآن: 3/97-98]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وجاءت سيارة} أي قوم يسيرون
{فأرسلوا واردهم} وهو الذي يرد لاستقاء الماء
{فأدلى دلوه}
قال الأصمعي يقال أدليت الدلو إذا أرسلتها ودلوتها إذا استقيت
وقوله جل وعز: {قال يا بشراي هذا غلام}
قال السدي والأعمش كان اسمه بشرى
وقال غيرهما المعنى يا أيتها البشرى
قال أبو جعفر وهذا القول الصحيح لأن أكثر القراء يقرأ يا بشراي هذا غلام
والمعنى في نداء البشرى التنبيه لمن حضر وهو أوكد من قولك تبشرت كما تقول يا عجباه أي يا عجب هذا من أيامك أو من آياتك فاحضر وهذا مذهب سيبويه
وقوله جل وعز: {وأسروه بضاعة}
روى حجاج عن ابن جريج عن مجاهد قال أسروه المدلي ومن معه من التجار الباقين لئلا يستشركوهم فيه إذا عرفوا ثمنه وقالوا إنما استبضعناه
وروى معمر عن قتادة قال أسروا بيعه والمعنى على هذا للأخوة كما روي انه لما وجد أظهر إخوته أنه بضاعة لأصحاب الماء). [معاني القرآن: 3/406-405]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فأدلى دلوه} أي أرسلها، يقال: أدلى إذا أرسل الدلو، ودلا: إذا رفعها.
{وأسروه بضاعة} وأسروا في أنفسهم أنه بضاعة وتجارة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 112]

تفسير قوله تعالى: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (20)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وشروه بثمنٍ بخسٍ دراهم معدودةٍ...}
قيل: عشرين. وإنما قيل معدودة ليستدل به على القلّة؛ لأنهم كانوا لا يزنون الدراهم حتى تبلغ أوقيّة كانت وزن أربعين درهماً.
وقوله: {وكانوا فيه من الزّاهدين} يقول: لم يعلموا منزلته من الله عزّ وجلّ). [معاني القرآن: 2/40]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وشروه بثمن بخسٍ} أي باعوه، فإذا بعته أنت قلت: اشتريته، قال ابن مفرّغ:
وشريت برداً ليتني=من بعد بردٍ كنت هامه
أي بعته؛ بخسٍ: أي نقصان ناقص، منقوص، يقال: بخسني حقي، أي نقصني وهو مصدر بخست فوصفوا به وقد تفعل العرب ذلك.
(بثمنٍ بخسٍ دراهم ممدودةٍ) جررته على التكرير والبدل). [مجاز القرآن: 1/304]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {بثمن بخس}: منقوص). [غريب القرآن وتفسيره: 181]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وشروه بثمنٍ بخسٍ} يكون: اشتروه، يعني: السيارة.
ويكون: باعوه، يعني: الإخوة. وهذا حرف من الأضداد. يقال شريت الشيء، يعني: بعته واشتريته. وقد ذكرت هذا وما أشبهه في كتاب «تأويل المشكل».
و(البخس) الخسيس الذي بخس به البائع.
{دراهم معدودةٍ}: يسيرة سهل عددها لقّلتها، ولو كانت كثيرة:
لثقل عددها). [تفسير غريب القرآن: 214]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (...وللمشتري: شار، وللبائع: شار، لأنّ كلّ واحد منهما اشترى.
وكذلك قولهم لكل واحد منهما: (بائع) لأنه باع وأخذ عوضا مما دفع، فهو (شار) و(بائع).
قال الله عز وجل: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ} أي باعوه. وقال: {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ}.
وقال ابن مفرّغ:
وشريتُ بُرْدًا ليتني = مِن بعد بُرْدٍ كنتُ هامَه
(وبُرْد): غلام كان له فباعه وندم على بيعه). [تأويل مشكل القرآن: 188] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزّاهدين}
قيل بخس: ظلم، لأن الإنسان الموجود لا يحل بيعه، وقيل: بخس نقصان، وأكثر التفسير على أن بخسا ظلما.
وجاء في التفسير أنه بيع بعشرين درهما، وقيل باثنين وعشرين درهما أخذ كل واحد من إخوته درهمين، وقيل بأربعين درهما، وروي كل ذلك.
وقوله {وكانوا فيه من الزّاهدين}
(فيه) ليست بصلة الزاهدين، المعنى: وكانوا من الزاهدين ثم بيّن في أي شيء زهدوا.
فكأنّه قال: زهدوا فيه، وهذا في الظروف جائز.
فأما المفعولات فلا يجوز فيها، لا يجوز كنت زيدا من الضاربين، لأن زيدا من صلة الضاربين فلا يتقدم الموصول صلته). [معاني القرآن: 3/98]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل ثناؤه: {وشروه بثمن بخس} أي ذي بخس والبخس النقصان
وقال الشعبي البخس القليل والمعدودة عشرون درهما
وقال قتادة بخس أي ظلم
وقال الضحاك بخس أي حرام
وروي عن ابن عباس وابن مسعود ونوف أنهم قالوا اشتروه بعشرين درهما
وقال مجاهد وشروه أي باعوه حين أخرجه المدلي وكانوا باعوه باثنين وعشرين درهما وهم أحد عشر
ثم قال جل وعز: {دراهم معدودة}
قال الفراء إنما قال معدودة ليدل على قلتها لأنهم كانوا لا يزنون إلا أوقية والأوقية أربعون درهما
ثم قال جل وعز: {وكانوا فيه من الزاهدين}
قال أبو عبيدة قال بعض المفسرين إنما زهدوا فيه لقلة علمهم بمنزلته من الله جل وعز). [معاني القرآن: 3/407-406]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وشروه بثمن بخس} أي: باعوه، والبخس: النقص، قال مجاهد: كان الثمن عشرين درهما).[ياقوتة الصراط: 273]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وشروه} بمعنى باعوه، يعني: الإخوة، ويكون بمعنى اشتروه، يعني السيارة.
{البخس} الخسيس، وقيل: الحرام، وقيل: القليل، غير موزون.
{دراهم معدودة} أي قليلة، سهلة العدد لقلتها، كانت عشرين درهما). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 112]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {بَخْسٍ}: حقير). [العمدة في غريب القرآن: 159]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (21)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {أكرمي مثواه} أي مقامه الذي ثواه، ومنه قولهم: هي أمّ مثوى وهو أبو مثوى، إذا كنت ضيفاً عليهم). [مجاز القرآن: 1/304]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {مثواه}: مقامة، يقال هي أم مثواي: امرأتي وهو أبو مثواي). [غريب القرآن وتفسيره: 181]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {أكرمي مثواه} أي أكرمي منزله ومقامه عندك. من قولك: ثويت بالمكان، إذا أقمت به.
{أو نتّخذه ولداً} أي نتبنّاه). [تفسير غريب القرآن: 214]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وقال الّذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتّخذه ولدا وكذلك مكّنّا ليوسف في الأرض ولنعلّمه من تأويل الأحاديث واللّه غالب على أمره ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون}
مصر مفتوحة في موضع الجر إلا أنّها لا تنصرف، لأنها اسم والمدينة بعينها، وهي معرفة
{لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا}
{مثواه} مقامه. المعنى أحسني إليه في طول مقامه عندنا.
ويروى أنّ أفرس الناس ثلاثة، وأن أجودهم فراسة العزيز في فراسته في يوسف، وابنة شعيب في فراستها في موسى حين قالت: {يا أبت استأجره إنّ خير من استأجرت القويّ الأمين}
وأبو بكر في توليته عمر الخلافة بعده.
وقوله: {وكذلك مكّنّا ليوسف في الأرض}أي ومثل الذي وصفنا مكنا ليوسف في الأرض.
{ولنعلّمه من تأويل الأحاديث}.جائز أن يكون تأويل الرؤيا، وأن يكون تأويل أحاديث الأنبياء). [معاني القرآن: 3/99-98]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه} أي مقامه والمعنى أكرميه وقت مثواه ومنه ثويت في المكان إذا أقمت فيه كما قال الشاعر:
رب ثاو يمل منه الثواء
ثم قال جل وعز: {عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا} أي نتبناه
وروى سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله قال أفرس الناس ثلاثة العزيز حين قال لامرأته {أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا} وابنة شعيب حين قالت لأبيها:
{إن خير من استأجرت القوي الأمين} وأبو بكر حين ولى عمر). [معاني القرآن: 3/408-407]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أكرمي مثواه} أي منزله ومقامه عندك). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 112]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مَثْوَاهُ}: مقامه). [العمدة في غريب القرآن: 160]

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (22)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ولمّا بلغ أشدّه} مجازه: إذا بلغ منتهى شبابه وحدّه وقوّته من قبل أن يأخذ في النقصان وليس له واحد من لفظه).[مجاز القرآن: 1/305]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {أشده}: انتهى قبل أن يأخذ في النقصان). [غريب القرآن وتفسيره: 181]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {بلغ أشدّه}: إذا انتهى منتهاه قبل أن يأخذ في النقصان. وهو جمع. يقال: لواحده أشدّ.
ويقال: شدّ وأشدّ. مثل: قدّ وأقدّ. وهو الجلد. ولا واحد له.
وقد اختلف في وقت بلوغ الأشدّ، فيقال: هو بلوغ ثلاثين سنة.
ويقال: بلوغ ثمان وثلاثين). [تفسير غريب القرآن: 215]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ولمّا بلغ أشدّه آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين}
الأشدّ من نحو سبع عشرة سنة إلى نحو الأربعين، آتيناه حكما وعلما.
أي جعلناه حكيما عالما، وليس كل عالم حكيما.
الحكيم العالم المستعمل علمه، الممتنع من استعمال ما يجهّل فيه.
وأصل أحكمت في اللغة منعت، ومن هذا حكمة الذائة، لأن الفارس يمنع بها الدائة من إرادتها.
{وكذلك نجزي المحسنين} أي ومثل ما وصفنا من تعليم يوسف نجزي المحسنين). [معاني القرآن: 3/99]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولما بلغ أشده}
قيل الأشد ثلاث وثلاثون سنة
وقيل ثلاثون
والأكثر أنه من تسع عشرة سنة إلى أربعين
وقال ربيعة وزيد بن أسلم ومالك الأشد الحلم
وسيبويه يذهب إلى أنه جمع شدة مثل نعمة وانعم
ثم قال جل وعز: {آتيناه حكما وعلما}
والفرق بين الحكيم والعالم أن الحكيم هو الذي يعمل بعلمه ويمتنع من الأشياء القبيحة ومنه قيل حكمة الدابة). [معاني القرآن: 3/409-408]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {بلغ أشده} قيل: ثلاثون سنة، واحده شدة،
وقيل: هو واحد، وليس في كلام العرب اسم مفرد على '' أفعل '' إلا هذا الاسم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 113-112]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {بَلَغَ أشده}: منتهى قوته). [العمدة في غريب القرآن: 160]


رد مع اقتباس