عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 9 محرم 1440هـ/19-09-2018م, 06:33 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا (111)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {وعنت الوجوه للحيّ القيّوم} قال ابن عبّاسٍ، وغير واحدٍ: خضعت وذلّت واستسلمت الخلائق لجبّارها الحيّ الّذي لا يموت، القيّوم: الّذي لا ينام، وهو قيّمٌ على كلّ شيءٍ، يدبّره ويحفظه، فهو الكامل في نفسه، الّذي كلّ شيءٍ فقيرٌ إليه، لا قوام له إلّا به.
وقوله: {وقد خاب من حمل ظلمًا} أي: يوم القيامة، فإنّ اللّه سيؤدّي كلّ حقٍّ إلى صاحبه، حتّى يقتصّ للشّاة الجمّاء من الشّاة القرناء.
وفي الحديث: "يقول اللّه تعالى: وعزّتي وجلالي، لا يجاوزني اليوم ظلم ظالمٍ".
وفي الصّحيح: "إيّاكم والظّلم؛ فإنّ الظّلم ظلماتٌ يوم القيامة". والخيبة كلّ الخيبة من لقي اللّه وهو مشركٌ به؛ فإنّ اللّه تعالى يقول: {إنّ الشّرك لظلمٌ عظيمٌ} [لقمان: 13]). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 318]

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا (112)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ومن يعمل من الصّالحات وهو مؤمنٌ فلا يخاف ظلمًا ولا هضمًا} لـمّا ذكر الظّالمين ووعيدهم، ثنّى بالمتّقين وحكمهم، وهو أنّهم لا يظلمون ولا يهضمون، أي: لا يزاد في سيّئاتهم ولا ينقص من حسناتهم. قاله ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، والضّحّاك، والحسن، وقتادة، وغير واحدٍ. فالظّلم: الزّيادة بأن يحمل عليه ذنب غيره، والهضم: النّقص). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 318]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا (113)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وكذلك أنزلناه قرآنًا عربيًّا وصرّفنا فيه من الوعيد لعلّهم يتّقون أو يحدث لهم ذكرًا (113) فتعالى اللّه الملك الحقّ ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل ربّ زدني علمًا (114)}
يقول: ولـمّا كان يوم المعاد والجزاء بالخير والشّرّ واقعًا لا محالة، أنزلنا القرآن بشيرًا ونذيرًا، بلسانٍ عربيٍّ مبينٍ فصيحٍ لا لبس فيه ولا عيّ، {وصرّفنا فيه من الوعيد لعلّهم يتّقون} أي: يتركون المآثم والمحارم والفواحش، {أو يحدث لهم ذكرًا} وهو إيجاد الطّاعة وفعل القربات).[تفسير القرآن العظيم: 5/ 318-319]

تفسير قوله تعالى: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآَنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فتعالى اللّه الملك الحقّ} أي: تنزّه وتقدّس الملك الحقّ، الّذي هو حقٌّ، ووعده حقٌّ، ووعيده حقٌّ، ورسله حقٌّ، والجنّة حقٌّ، والنّار حقٌّ، وكلّ شيءٍ منه حقٌّ. وعدله تعالى ألّا يعذّب أحدًا قبل الإنذار وبعثة الرّسل والإعذار إلى خلقه؛ لئلّا يبقى لأحدٍ حجّةٌ ولا شبهةٌ.
وقوله: {ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه} كقوله تعالى في سورة "لا أقسم بيوم القيامة" {لا تحرّك به لسانك لتعجل به * إنّ علينا جمعه وقرآنه * فإذا قرأناه فاتّبع قرآنه ثمّ إنّ علينا بيانه} [القيامة: 16-19]، وثبت في الصّحيح عن ابن عبّاسٍ؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يعالج من الوحي شدّةً، فكان ممّا يحرّك لسانه، فأنزل اللّه هذه الآية يعني: أنّه، عليه السّلام، كان إذا جاءه جبريل بالوحي، كلّما قال جبريل آيةً قالها معه، من شدّة حرصه على حفظ القرآن، فأرشده اللّه تعالى إلى ما هو الأسهل والأخفّ في حقّه؛ لئلّا يشقّ عليه. فقال: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به * إنّ علينا جمعه وقرآنه} أي: أن نجمعه في صدرك، ثمّ تقرأه على النّاس من غير أن تنسى منه شيئًا، {فإذا قرأناه فاتّبع قرآنه * ثمّ إنّ علينا بيانه} وقال في هذه الآية: {ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه} أي: بل أنصت، فإذا فرغ الملك من قراءته عليك فاقرأه بعده، {وقل ربّ زدني علمًا} أي: زدني منك علمًا.
قال ابن عيينة، رحمه اللّه: ولم يزل صلّى اللّه عليه وسلّم في زيادةٍ [من العلم] حتّى توفّاه اللّه عزّ وجلّ.
ولهذا جاء في الحديث: "إنّ اللّه تابع الوحي على رسوله، حتّى كان الوحي أكثر ما كان يوم توفّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وقال ابن ماجه: حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبد اللّه بن نمير، عن موسى بن عبيدة، عن محمّد بن ثابتٍ، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "اللّهمّ انفعني بما علّمتني، وعلّمني ما ينفعني، وزدني علمًا، والحمد للّه على كلّ حالٍ".
وأخرجه التّرمذيّ، عن أبي كريب، عن عبد اللّه بن نمير، به. وقال: غريبٌ من هذا الوجه. ورواه البزّار عن عمرو بن عليٍّ الفلّاس، عن أبي عاصمٍ، عن موسى بن عبيدة، به. وزاد في آخره: "وأعوذ باللّه من حال أهل النار"). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 319]

رد مع اقتباس