عرض مشاركة واحدة
  #24  
قديم 6 ربيع الثاني 1438هـ/4-01-2017م, 02:00 AM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي

(24) من أسباب العقوبة بالحسد التي قد يُغفل عنها
من الأسباب التي قد يعاقب بها المرء بالحسد؛ أن يرى محسوداً مظلوماً من إخوانه المسلمين فلا يقوم بما يستطيع من واجب نصرته، بل ربّما لم ينكر ذلك في نفسه؛ وربما لو قال كلمة في نصرته لنجي من مغبّة خذلانه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «المسلم أخو المسلم، لا يَظلمه ولا يُسْلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته » متفق عليه من حديث ابن عمر.
(لا يُسْلمه) أي: لا يخذله ولا يتركه لمن يظلمه.
قال ابن تيمية: (كثير من الناس الذين عندهم دين لا يعتدون على المحسود؛ فلا يعينون من ظلمه، ولكنهم أيضا لا يقومون بما يجب من حقه، بل إذا ذمه أحد لم يوافقوه على ذمه، ولا يذكرون محامده، وكذلك لو مدحه أحد لسكتوا، وهؤلاء مذنبون في ترك المأمور في حقه مفرطون في ذلك؛ لا معتدون عليه، وجزاؤهم أنهم يُبخسون حقوقهم؛ فلا يُنصفون أيضا في مواضع، ولا ينصرون على من ظلمهم، كما لم يَنصروا هذا المحسود، وأما من اعتدى بقول أو فعل فذلك يعاقب، ومن اتقى الله وصبر؛ فلم يدخل في الظالمين نفعه الله بتقواه).
والمقصود أن من أهمّ مراحل علاج الحسد أن يحاسب المحسود نفسه، ويتفكّر في سبب وقوع الحسد عليه؛ هل هو عقوبة أو ابتلاء؟
وإذا كان عقوبة فما سببها؟
هل حسَد غيره؟ هل ترك نصرة محسود يستطيع نصرته؟ هل اكتسب ماله من غير حلّه؟ هل تفاخر بما آتاه الله من متاع الدنيا على من لم يُعط مثلما أعطي؟
هل أعجبه ما أعطي فغرّه فتباهى به ولم يشكر نعمة الله؟ هل هو معرض عن ذكر الله وطاعة أمره معظّم لشأن دنياه؟
إلى غير ذلك من الأسباب التي قد يُعاقب المرء عليها بالحسد في تلك النعمة أو بوقوع حسد عليه لا يُنصر فيه حتى يتوب إلى الله ويصلح شأنه.
ومعرفة السبب أصل مهمّ في العلاج؛ فإنّ الحسد مصيبة، وقد قال الله تعالى: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير}.
فإذا حاسب المرء نفسه ووجد شيئاً من ذلك فليبادر إلى علاجه، وليصبر حتى يأتيه الله بالفرج.
وإذا كان المرء مستقيما على طاعة الله ظاهراً وباطناً؛قد عوفي من تلك الأسباب؛ فليبشر بخير؛ فإنّ ما أصابه من الحسد رفعة له، وعاقبته فيه حسنة ما دام على ذلك، ويكون هذا الحسد في حقّه ابتلاء.


التوقيع :

رد مع اقتباس